Generic selectors
المطابقات الدقيقة فقط
البحث في العنوان
البحث في المحتوى
Post Type Selectors
البحث حسب التصنيف
أحداث جارية
أسماء الله الحسنى
الأذكار
التلون
السيرة النبوية
القصص في القرآن
الكتب
بني آدم والشيطان
بني إسرائيل
تراجم
تربية
تربية
تفسير
جهد الغلبان في تبيان فضائل القرآن
خطب الجمعة
خطو خاتم الأنبياء ما بين اقرأ وإذا جاء
دروس
رمضان 1436هــ - 2015م
سلم الوصول إلى علم الأصول
عقيدة
غير مصنف
كتابات
كلمة التراويح
مسألة الرزق
من قصص كتاب التوابين
من هدي النبوة
مواسم الخير
هذه أخلاقنا

نعمة الإيمان بين الشكر والكفر

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا.

إنه من يهدي الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمد عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ

يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا ۝يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا

ثم أما بعد:

لهذه النعمة التي امتن الله علينا بها ثمنا وتكلفة وضريبة. نحن من فضل الله سبحانه وتعالى في بيت من بيوت الله، وهذه نعمة ينبغي على العبد المؤمن أن يعرف لها قدرها. ما معنى أن يكون الانسان في بيت من بيوت الله؟ إنه المكان الذي المفترض الانسان يشع عليه فيه نور الله تبارك وتعالى، والانسان إزاء هذا النور وإزاء هذه النعمة ينفتل بحال من حالين، إما شاكرا وإما كفورا، إما يشكر نعمة الله عليه أو العياذ بالله أن يجحدها. الله سبحانه وتعالى جعل أهل الايمان هم أهل المقامات العالية وجعل أهل النفاق هم أهل الدرك الاسفل من النار، لماذا؟ لأن هؤلاء هم الناس الذين إمتن الله عليهم بأن وضعهم في بيئة من بيئات الايمان لكنهم لم يشكروا نعمة الله عليه ولذلك قال الله تبارك وتعالى بَرَاءَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ، بدأ خطابه تبارك وتعالى بأن تبرأمن هؤلاء وتبرأ من عهودهم ومن مواثيقهم فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللَّهِ وَأَنَّ اللَّهَ مُخْزِي الْكَافِرِينَ۝وَأَذَانٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ فَإِنْ تُبْتُمْ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللَّهِ وَبَشِّرِ الَّذِينَ كَفَرُوا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ وبعد قليل يقول الله تبارك وتعالى بعد أن ذكر هذا الخطاب بهذه القوة، قال وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْلَمُونَ أي إذا طلب أحد منهم منك الحماية فأعطه إياها، ومن الطبيعي أن تحميه حتى تبلغه مأمنه لكن الله يقول حتى يسمع كلام الله ثم أبلغه مأمنه، فأجره حتى يسمع كلام الله لأن هذه الناس لا تعلم ولم تسمع ولم تعرف ولم تشاهد إسلاما ولا إيمانا ولذلك كان هؤلاء على كفرهم أحسن حالا ممن عاشوا في بيئة الايمان ثم لم ينتفعوا من الايمان بشيء.

ما الغاية التي من المفترض أن ننتفعها من الايمان؟ ما أريد أن أقوله أننا هنا في نعمة، هل نحن نشكر هذه النعمة أم لا؟ هل ننتفع منها أم لا؟ لأن الانسان المعرض للنعمة إذا لم يشكر النعمة سيعاقب على ذلك أكثر بكثير من الشخص الذي لم يعرض لهذه النعمة وهذه المنة. هذه المنة، ماذا يراد منها؟ أي أن ما المفروض أن يحدث إذا من الله علينا وانتفعنا من ديننا؟؟؟ وظيفة الايمان والدين أن يغير بنية الشخص. يوجد ما نطلق عليه كلمة شخصية، كلمة معروفة، عندما تحادث أحدا يقول لك أن له شخصيته الخاصة به، فما هي الشخصية أصلا؟ ما معنى هذه الكلمة؟ هي البنيان الداخلي للإنسان، الذي هو عبارة عن تركيبته وأفكاره وطبيعته النفسية، طبيعته النفسية وليس حالته النفسية، بالاضافة الى الأخلاق والصفات الثابتة فيه، ولذلك بيتميز كل شخص عن غيره لأن هذه التركيبة وهذا التفاغل يظهر في كل شخصية بصورة مستقلة عن ذاتها، أفكارك، طبيعتك النفسية وبالتالي طريقة تفكيرك وإتخاذك للقرارات والمشاعر العميقة المتأصلة داخلك وبالتالي ممارساتك وسلوكك، جاء الدين لكي يعيد صياغة الشخصية بالصورة المثالية التي ترضي الله تبارك وتعالى عن العبد. ليس أن الانسان سيتغير تغيرات سطحية أو شكلية أو يمارس بعض الشعائر التعبدية ويعد نفسه بعد ذلك قد شكر نعمة الايمان وقد تجاوب مع هداية الرحمن سبحانه له، الموضوع أعمق من هذا بكثير، ولذلك سنتكلم اليوم عن حصاد السنين وحديث الخيابة.

ما هو حصاد السنين؟ أي كم من الوقت كان الانسان فيه في دائرة النعمة؟ وهذا العمر الذي مر ما الذي تغير بداخله نتيجة لمرور الزمان وهو في دائرة التأثر أو الانتفاع بالايمان؟ وما معنى الخيابة؟ قد قلناه مرارا، ما المانع للإنسان من التغيير على وفق ما يرضي الله؟ تدسية النفس، قال تعالى وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا ۝فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا النفس فيها الصالحية والقابلية للفجور والتقوى، لكن هي بطبيعة فطرتها هي أقرب للتقوى فلما قدم الله الفجور؟ لأن النفس بضعفها يمكن أن تنقاد لهذا بسهولة إذا لم يحرص الانسان على المحافظة على نفسه أو تهذيبها فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا۝قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا قلنا أن التزكية فعل إيجابي أي أن الانسان بيحاول أن يفعل شيئا وَقَدْ خابَ مَنْ دَسَّاهَا لماذا التعبير بالخيابة وليس الخسران؟ متى نصف الشخص بأنه خاسر ومتى نصفه بأنه خائب؟، الخائب نصف به الإنسان حين يكون عاجزاً عن شيء كان من الممكن بسهولة أن يحصّله لو بذل أدنى قدر من الجهد، لم يقل خسر وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا ما معنى دساها. أي أنه يخبئ نفسه ولا يعرضها لمواطن التزكية ومواطن التجاوب ومواطن الإيمان.

يقول مالك بن دينار: ( يا حملة القرآن ) يخاطب من يقرأ كلام ربنا، ( ماذا زرع القرآن في قلوبكم؟ )، ماذا فعل وماذا غيّر في قلب الإنسان؟ يقول: فإن القرآن ربيع المؤمن كما أن الغيث ربيع الأرض، المطر الذي يغيثنا به ربنا سبحانه وتعالى يحيي الأرض بعد موتها وَمِنْ آيَاتِهِ أَنَّكَ تَرَى الْأَرْضَ خَاشِعَةً فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ إِنَّ الَّذِي أَحْيَاهَا لَمُحْيِ الْمَوْتَى إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ فيقول أن المطر وظيفته أن يغيث الناس عبر إحياء الأرض وإخراج ما فيها من الخير ومن البركات فيقول أن القرآن بالنسبة لقلب الإنسان المؤمن هو تماماً وظيفة الغيث بالنسبة للأرض يهبها الحياة ويهبها الخير ويهبها البركة أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ ربنا سبحانه وتعالى وصف الإيمان أنه يحيي إنسان كان في الحقيقة إنسان ميت، هو لا يصلح بعض التعديلات فيه، لا، يحوله من ميت لحي، فيقول أن هذه وظيفة القرآن ( كما أن الغيث ربيع الأرض، فإن الله تعالى ينزل الغيث من السماء إلى الأرض فيصيب الحُش )، الحُش المكان الذي تتجمع به النجاسات، يريد أن يقول أنه يصيب بيئة أو طبيعة فاسدة، ( فيصيب الحُش فتكون فيه الحبة فلا يمنعها نتن موضعها أن تهتز وتخضر وتحسن )، يريد أن يقول أن القرآن يؤثر في أي طبيعة ويغير من أي حالة ويقاوم تأثير أي بيئة فيصيب الحش، فأسفل هذا المكان المملوء بالنجاسات حبة مستبطنة بالأرض وهذا الوضع لا يمنعها حين يأتيها المطر أن تستجيب مثل أي حبة في أي مكان، (فيا حملة القرآن ماذا زرع القرآن في قلوبكم؟ ) يقول: ( أين أصحاب سورة؟ أين أصحاب سورتين؟ ) ليس القرآن كاملاً، سورة واحدة أياً كانت ( ماذا عملتم فيهما؟ ).

 لذلك قلنا قبل ذلك أن الإمام الشافعي قال: ( لو تدبر الناس هذه السورة لكفتهم )، لا يحتاجون أكثر من ذلك وَالْعَصْرِ ۝ إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ ۝ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ هذه السورة نعلمها كلنا، يقول الشافعي لو تدبر الناس فقط هذه السورة تكفيهم لا يحتاجون شيئاً آخر ولا معلومات كثيرة القضية هي تأثر وتجاوب الإنسان.

ذكر وكيع بن الجراح أن سفيان الثوري وهو غلام صغير يتيم قالت له أمه: يابني اطلب العلم فإني أكفيك بمغزلي، تعلم الدين وأنا أكفلك وأنفق عليك، سأغزل وأبيع غزلي وأنفق على تعليمك ودراستك، ثم قالت له: ( فإذا كتبت عشرة أحرف ) عشرة أحاديث، ( انظر هل ترى في نفسك زيادة، في خشيتك وحلمك ووقارك، فإن لم تجد ذلك فاعلم أنه يضرك ولا ينفعك )، الأصل أن المرأة بسيطة في المعرفة والتعلم، هي الآن ستقوم بالمسئولية تجاه غلام يتيم، تجهد لكي تنفق عليه، ماذا تقول له؟ تقول له تعلم الدين واكتب عشرة أحاديث واحفظها، هذه لأحاديث إذا أثرت فيك وغيرت ما بداخلك وشعرت أنها تبني شيئاً فواصل، قالت: ( وإلا فلا تتعنى ) لا تتعب نفسك، تقول أنه إذا رأيت زيادة في نفسك، ارتقيت في الخشية والحلم والوقار، فهي تتكلم في أمرين، في تعظيمه لربنا سبحانه وتعالى، وفي أخلاقه ومعاملاته يكتسب حلماً ووقاراً.

ولذلك الأعمش كان يقول أن الشخص ربما يتعلم الحديث الواحد فيعرفه أي يعرف أثره في عمله وفي قوله، يقول الحسن: ( كان الرجل يطلب الباب من العلم )، أي علم شيئاً، ( فلا يلبث أن يُرى ذلك في تخشعه وهديه ولسانه وبصره ويده )، الخشوع والهدي أي طريقته تعامله وسمته،ولسانه أثر عليه، كيف كان يتكلم قبل ذلك والآن كيف يتكلم، وبصره، ضبطه لنظره ويده، هذه الأشياء ستتغير وتتأثر بمجرد أن يسلك هذا الباب ويسير في هذا الطريق، ويقول أيضاً: ( ليس الإيمان بالتحلي )، أي ان الإيمان ليس حلية أو ملبس، يريد أن يقول أنه ليس مظهراً خارجياً ” أتمنظر بيه ” ، أو هيئة أتعامل عليها أو رسمة أرسمها، ( ولا بالتمني ) أن يمني الإنسان نفسه أنه سيعمل ويتغير، ( ولكنه ما وقر في القلوب ) معاني تستقر ( وصدقته الأعمال )، من قال حسناً وعمل غير صالح رد الله عمله على قوله، ومن قال حسناً وعمل صالحاً رفعه العمل لأن الله تعالى يقول إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ.

يقول إبراهيم الحربي: يقول الناس أحمد بن حنبل بالتوهم، ماذا يريد أن يقول؟ أحمد بن حنبل في زمانه جعل الله له سيطاً واسعاً وثنائاً حسناً لأنه قد تحمل محنة وضغطاً وثبت على ما علم أنه الحق فرفع الله من قدره ومن شأنه، فالناس تثني عليه وتذكره بالخير الكثير، فهو يقول أن الناس تقول أحمد بن حنبل بالتوهم، ماذا يقصد بالتوهم؟ هم يثنون على شخص ولكنهم لا يعرفونه، يريد أن يقول أن هذا الرجل يستحق هذه المكانة بالحقيقة، يقولون أنه إنسان صالح ولكن ذلك بالتوهم لأنهم لا يعرفونه حقاً، فماذا يقول؟ يقول: ( لقد صحبت أحمد بن حنبل عشرون سنة، صيفاً وشتاءاً وبرداً وحراً وليلاً ونهاراً فما رأيته أو قال، فما لقيته في يوم إلا وهو زائد عليه بالأمس ) باليوم !، يقول أنه صحب هذا الشخص عشرون سنة، كل يوم – وليس كل ستة أشهر – يرى أنه قد تحسن، باليوم، ( فما لقيته في يوم إلا وهو زائد عليه بالأمس ) اليوم أفضل من الأمس والأمس أفضل من أول أمس، وهذا يعني أن ذلك ظاهر حيث أن الناس التي تتعامل معه تلمسه، ليس مجرد تغيير، فلكي يرصده شخص آخر لابد أن يكون ظاهرًا.

فلماذا قال هذه الجمل، قال أنه على اختلاف الأحوال والظروف هو لا يتراجع ولا يضعف ولا يعيش تحت الأعذار، فهو يقول في كل الظروف، في الحر في البر هو يحافظ على الأشياء التي يفعلها ويحاول أن يتجاوب مع كل شيء ربنا يعلمه إياها، تكلم عن شخص بصحبة عشرين سنة، هو كل يوم – كل يوم – يزداد شكرًا لنعم الله عليه، فيعلو ويرتقي.

فالقضية: نحن الآن في إطار النعمة، فلكي نشكر النعمة ولا نكون من الناس – عياذًا بالله – التي تجحد أو تكفر النعمة لابد أن يكون التغيير يبلغ لصلب الشخصية، أنت تقابل أناس تعرفهم من سنين، فتجد غالبًا الأحمق كما هو، المتكبر كما هو، المزهو كما هو، العاشق للدنيا كما هو، الفظّ الغليظ القلب كما هو، الشخصيات الكرتونية،، يوجد شخصيات كرتونية تشعر أنه مثل ” سبونش بوب ” كما هو أيضًا، ف ” سبونش بوب ” حينما يصلي، سيصلي، ويحفظ بعض من القرآن، أنت إن لم تشعر أنه تحول إلى بني آدم،، أنه تحول من كائن كرتوني إلى إنسان، فهو لم يتغير، إذن كل هذه الأشياء لم تؤثر فيه، لم تؤثر فيه،، الفكرة أن شخصيتي – شخصيتي – يوجد أشياء ربنا منّ عليّ بها، أشياء إيجابية وهبني الله إياها، بدون شيء.

النبي صلى الله عليه وسلم قال لأشج عبد القيس: ( إن فيك لخصلتين يحبهما الله؛ الحلم والأناة ) وفد عبد القيس أتوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ليسلموا ويبايعوه ويتعلموا منه أمور دينهم، فهؤلاء الناس مشتاقون جدًا، فأول ما وصلوا كما هم بملابسهم المتغبرة من السفر وشعرهم وهيئتهم المرهقة من السفر جروا على النبي صلى الله عليه وسلم وهذا شيء جميل ويحمد، هم لن يصبروا، فماذا فعل الأشج.

كل شخص ترك جمله، فمن الممكن ألا يجدوا جمالهم، فقعد الأشج يربط جمل كل شخص، ثم دخل غيّر ملابسه وارتدى لباس يصلح – يصلح – أن يقابل به النبي صلى الله عليه وسلم، فالنبي صلى الله عليه وسلم كان يتجمل – يتجمل – للوفود، فالطبيعي أن المؤمنين يتجملوا لنبيهم، على الأقل كما يتجمل نبيهم لهم،، فهم جاؤوا وجلسوا وهو جاء متأخرًا، فالنبي صلى الله عليه وسلم يراه، وحينما دخل النبي صلى الله عليه وسلم قال ( إن فيك لخصلتين يحبهما الله الحلم والأناة، قال يا رسول الله: أشيء تخلقت به أم شيءٌ جبلني الله عليه ) ربنا سبحانه وتعالى وهبه لي؟ ( قال: بل شيء جبلك الله عليه، قال: الحمد لله الذي جبلني على ما يحب الله ورسوله ).

إذن ربنا سبحانه وتعالى يهب الإنسان أشياء، ما المطلوب منه؟ مطلوب منه أن يحافظ عليها، اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرًا أنه يوظف كل خير ربنا أعطاه له فيما يرضي الله، لكي يكون شاكرًا، والشكر ميزان الحفظ، وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ ميزان الحفظ والزيادة أن يقبل الإنسان ويشكر نعمة الله عليه.

ويوجد أشياء من الممكن أن تكون صفات سلبية أو أخلاق عند الله سبحانه وتعالى غير مرضية، أنا من المفترض أنني أحاول أن أغير هذا، وأعدّله لكي أكون في الصورة المرضية عند الله تبارك وتعالى، من المفترض أن هذه وظيفة الدين، إن لم يفعل هذا، نحن لا نستطيع أن نترجمه، لا نعرف كم نعمة ربنا سبحانه وتعالى بهذا.

فإذا كنا سنسأل ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ ربنا سبحانه وتعالى سيسأل الإنسان عن كل شيء أنعم عليه بها ( لن تزول قدم عبدٍ يوم القيامة حتى يسأل عن عمره فيما أفناه) أين ذهب ( وعن شبابه فيما أبلاه، وعن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه، وعن علمه ماذا عمل فيه ) السيدة عائشة كان يأتيها شاب يتعلم منها علمًا، فيأتي يسأل ويذهب، يسأل ويذهب، فسألته مرة، قالت: ( يا بُني أكل شيء سألتني عنه قد عملت به؟ قال: لا والله يا أم ) أنا أسأل أتعلم لكي أعرف، فقالت ( يا بني فلم تستكثر من حجج الله علينا وعليك؟ ) فالمعرفة سيترتب عليها شيء، فأنا عرفت، فربنا سبحانه وتعالى سيسأل الإنسان عن نعمة المعرفة هل شكرها أم لا، يقول أبو الدرداء: ( إن أخوف ما أخاف أن يُقال لي يوم القيامة يا عويمر أعلمت؟ أم جهلت؟ يقول: فإن قلت علمت – وهذه نعمة من ربنا – لم تبق آية من كتاب الله إلا أخذت بفريضتها ) كل آية ستسألني هل شكرت النعمة التي أعطاها لك ربنا بي؟ ( لا تبقى آية ي كتاب الله إلا أخذت بفريضتها ) حقها عليّ، (فتقول الآمرة هل ائتمرت، وتقول الزاجرة هل انزجرت ) يقول: ما أخاف منه أن ربنا منّ عليّ ووهبني وأنا علمت، ثما ما أخاف منه السؤال، والمسئولية فَلَنَسْأَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْأَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ ۝ فَلَنَقُصَّنَّ عَلَيْهِمْ بِعِلْمٍ فهذا ليس سؤال أحد لا يعلم، ربنا الذي يسأل سبحانه وتعالى فَلَنَسْأَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْأَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ كيف استقبل هؤلاء الرسالة،وهل بلغ هؤلاء ما أمرهم ربنا به أم لا، فَلَنَقُصَّنَّ عَلَيْهِمْ بِعِلْمٍ وَمَا كُنَّا غَائِبِينَ.

أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم

الحمد لله رب العالمين

سنتكلم عن لحظية التغيير، رسول الله صلى الله عليه وسلم حينما استجاب له من أراد الله بهم الخير من أهل المدينة فبايعوه على الإيمان وكانوا عددًا قليلًا؛ أرسل إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم مصعبًا ليعلمهم الإسلام ويعلمهم القرآن، ثم أردفه بعبد الله بن أم مكتوم رضي الله عنه ليقرأهم كتاب الله تبارك وتعالى، فهو أرسل مصعب أولًا داعيًا وهاديًا ومعلمًا، ثم أتبعه بابن أم مكتوم رضي الله عنه قارئًا – قارئًا – ومعلمًا

فأتى مصعب رضي الله عنه مع أسعد بن زرارة رضي الله عنه – سيد من سادات الأنصار – أتوا إلى دار بني عبد الأشهل، وهذا بطن آخر غير البطن الذي ينتمي إليه أسعد بن زرارة، وجلسوا في حديقة واجتمع إليهم ناسًا من المسلمين، وجعل يدعوا الناس للإيمان، فأثار هذا حفيظة سعد بن معاذ رضي الله عنه، كان سيد بني عبد الأشهل، فاعتبر هذا نوع من أنواع التعدي والتجاوز، فهؤلاء الناس أتوا إلى ديارنا بدون أن يستأذنوننا، ويدعون الناس لدين قد كفرنا به ورددناه، فهو يريد أن يطردهم من هنا، فدعا أسيد بن حضير رضي الله عنه – ابن عمه – فقال له اذهب أنت وأخرجهم من هنا ولا يفسدوا علينا ضعفاءنا،، الناس ضعفاء العقول هم الذين من الممكن أن يتأثروا بهم لأن عقولهم ضعيفة، وقال له: لولا أن أسعد هو الذي مع مصعب لكنت كفيتك أنا ذلك، ولكن أسعد هذا ابن خالتي، فلا يصلح أن أضع نفسي في موقف أن أصطدم أنا معهم، فاذهب أنت بدلًا عني وأخرجهم.

فذهب أسيد بن حضير، وهو قادم عليهم فأسعد يعرفه طبعًا، فقال لمصعب رضي الله عنه: إن هذا سيّدٌ في قومه، أي رجل له مكانة ويكون إسلامه إسلامًا مؤثّرًا، باعتبار السيادة، وماذا بعد؟ ماذا تريد، قال: فاصدق الله فيه، هو ماذا يريد، ولماذا يقول هذا الكلام، ما معنى ” فاصدق الله فيه “؟ أي حاول وأنت تكلمه تكون في حالة من حالات الإخلاص والرغب إلى الله سبحانه وتعالى أن يفتح قفل القلب على يدك، ليس قضية الأسلوب وتزوير المقالة، لا، بالأساس، بالأساس ما يوجد ما الموجود بالقلب، قال: فاصدق الله فيه،، قال: إن يجلس أكلمه، فأنا لا أعلم ماذا سيفعل، إذا جلس فسأعرف أكلمه.

فأتى ووقف وركز الحربة ووضعها أمامهم، وجعل يهاجمهم، يكلمهم بعنف وشدة، أنهم اقتحموا دارهم لكي يضلوا سفهاءهم، قال: إن كان لكما بأنفسكما حاجة،، أي إذا أردتم أن تستمروا في الحياة فلتذهبوا من هنا، فمصعب قال له: أوتجلس فتسمع،، أي يوجد عندي اقتراح آخر، اجلس واسمع ما أقول لك، فإن كان شيئًا ترضاه، أي إذا أعجبك الكلام قبلته، وإن كان شيئًا تكرهه كففنا عنك ما تكره، أي لن نسمعك شيئًا يضايقك، فقال: قد أنصفت، أي أنك تتكلم بكلام صواب، فجلس، فلما جلس، كلمه سيدنا مصعب عن الإسلام وقرأ عليه من القرآن، أين الشاهد؟

أسعد بن زرارة ومصعب بن عمير رضي الله عنه، هما يحكيان الموقف، فيقولان والله لقد عرفنا في وجهه الإسلام قبل أن يُسلم بإشراقه وتسهله، هذا ما أريد أن أتكلم عنه، التغيير اللحظي، هذا الشخص كان منذ قليل يتعارك معهم، فقعد فهو قال له ماهية الإسلام وقرأ عليه قرآن، فهم يقولون له: قبل أن يقول أي شيء نحن كنا على يقين أن هذا الرجل سيسلم، لماذا؟ لإشراق وجهه وتسهله، ما معنى إشراقه؟ أنار وجهه، أي بمجرد أن سمع وأصغى،، و ” التسهل ” أي أن وجهه المغلق انفتح، ذهبت الظلمة واستنار الوجه، والعبوس ذهب وتسهل الوجه، صار سمحًا.

لم يحدث شيئًا، هم قالوا له الآن كلمتين، ولم يحدث أكثر من هذا، ” في إشراقه وتسهله ” إذن الدين الذي يفعل تغيير لحظي بهذه الصورة يشاهد، فمع طول الأمد من المفترض ماذا أن يفعل؟ قال تعالى أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ هذا هو حصاد السنين، الوقت ماذا يفعل؟ الوقت، الوقت يعلي،، فإن لم يعلي سيؤدي في النهاية إلى حالة من حالات القسوة والجمود القلبي، أن يسمع الشخص ولا يتأثر.

ولذلك سيدنا أبوبكر حينما جاء وفد أهل اليمن، فقرئ عليهم القرآن فظلوا يبكوا، فماذا قال سيدنا أبوبكر، يقول ( كذلك كنا ) زمان، أول ما سمعنا القرآن، ( ثم قست القلوب ) قطعًا ليس وصف لشخصه، لأن وصفه لم يكن هكذا، ” كان رجلًا أسيفًا ” كلما سمع القرآن بكى، لكنه يتكلم عن الحالة العامة، أو التي أصابت جمعًا من الناس، لم تعد تتأثّر بما تتأثر به زمان، مثلما كنت تتأثر به، لم يعد الشيء الذي يهزك، يهزك كما كان زمان، لم تعد الجمل التي تسمعها أو الأشياء التي تقرأها وكنت تستشعر أن لها ثمرة أن لها ثمرة مثل زمان،،، فمع الوقت؟ يزداد الأمر صعوبة، فهم يقولون أن وجهه، وجهه تغيّر، نحن علمنا ماذا سيقول.

قال ( ما أحسن هذا الكلام وأجمله ) القرآن الذي سمعه، ( فما تصنعون حينما تريدون أن تدخلوا في هذا الدين ) أنا أريد أن أكون معكم فماذا أفعل؟ قالوا له ( تغتسل وتتطهر وتطهر ثوبيك وتشهد شهادة الحق وتصلي ) ففعل ذلك، فعلموه وصلى ركعتين، ورجع، وهو راجع قال لهم أنا سأجلب لكم سعد بن معاذ، هذا الرجل إذا أسلم فسيسلم كل من حوله من الناس، فأنا سأذهب وأحاول أن أبعثه لكم.

سعد بن معاذ يراه وهو قادم من بعيد، قال: ( أقسم بالله لقد جاءكم أسيد بغير الوجه الذي ذهب به ) القادم هذا ليس هو الشخص الذي ذهب،، هو ذهب عشر دقائق ورجع، هو يقول أن الشخص الذي حضر من بعيد هذا ليس هو الشخص الذي ذهب، هذا شخص آخر،، شخص آخر في خلال كم من الوقت؟ فقال: ما وراءك؟ فقال: أنا سمعت كلام حسن وهم قالوا له ما يغضبك نحن لن نفعله، ولكنني سمعت أن بني حارثة، آتين لكي يقتلوا أسعد بن زرارة لأنه ابن خالتك، فهم يريدون أن يعيروك، فهم آتين ليقتلوه هنا.

فأول ما سمع هذا الكلام فأخذ الحربة وذهب، فهو يقول وأنا ذاهب، سعد بن معاذ يقول: وأنا ذاهب، واقتربت وجدتهم جالسين هادئين فعلمت أن هذه خديعة فهو يريد مني أن أسمع شيئًا، هو فهم،، لو أن هذا الكلام صحيح فكنت سأجد اضطراب،، فوجدتهم جالسين هادئين وطبيعيين جدًا، فهو فهم ماذا يريد، فذهب، ودخل بنفس الأسلوب، ثم كلّم ابن خالته، وقال له أنت تتجرأ عليّ لأننا أقارب، أنت تعلم أنني لن أصنع لك شيئًا، فأنت أتيت هنا تتكلم ومن المفترض ألا تأتي إلا بعد أن تستأذنني.

فمصعب قال له نفس الكلام، قال له أنت من الممكن أن تجلس وتسمع، فلو أعجبك الكلام اقبله، ولو لم يعجبك عزلنا عنك ما تكره، فقال له نعم، وجلس ونفس الموقف بالضبط ونفس الكلمات بالضبط، نحن رأينا وجهه – بنفس التعبير – ” إشراقه وتسهله ” والصمت، ثم بعدما انتهى قال أنا أريد أن أكون معكم ماذا أفعل، قالوا له تفعل كذا،، وهو راجع، نفس الموقف بالضبط، هو راجع وأسيد وراءه، أسيد سار خلفه، فهم يقولون أن وجه سعد ليس هو الوجه الذي ذهب.

فجاء قال لهم: يا بني عبد الأشهل كيف أنا فيكم؟ قالوا: أنت سيدنا وأفضلنا رأيًا وأيمننا نقيبة – نقيبة: أي شخصية – أي شخصية بها عقل وحكمة وشخص به بركة، ” أيمننا نقيبة ” أي اختياراتك وتصراتك دائمًا ترتب الخير، قال: ( فإن كلام رجالكم ونسائكم عليّ حرام حتى تدخلوا في الإسلام، فما أسلم إلا ورجال ونساء بني عبد الأشهل على ملة الإيمان ).

ماذا نريد أن نقول؟ أن هذا هو الشخص الذي بمجرد ما يسمع كلمات الله، فهو أول مرة يسمعها، تستطيع أن ترى مباشرة أو تلمس مباشرة أنه تغيّر، والناس ترى هذا بسهولة، يستطيع أن يرصد هذا من وجهه بسهولة، فمن المفترض نحن على تاريخ طويل في الإيمان فيكون كل من حولك يرصدوا بسهولة أن هناك أشياء كثيرة تغيّرت، أشياء كثيرة أصلحت، من المفترض، قال الله تبارك وتعالى ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا من المفترض أن الإيمان يجعل هذا الإنسان إنسانًا آخر تمامًا، إذا لم يفعل ذلك فنحن لم نفقه بعد ما هو الإيمان، ولم ندرك حجم النعمة، وبالتالي لا نشكر ربنا سبحانه وتعالى على الخير الذي منّ علينا به.

إذن خلاصة ما نريد أن نقوله أن وظيفة الإيمان أن يحيل الإنسان إلى إنسان آخر، ولأجل أن يحدث هذا لابد أن أقوم بالتزكية وأتخلى عن التدسية، أنا سأحاول سأحاول أن أصلح نفسي بالإيمان، ولذلك السيدة عائشة رضي الله عنها وسعد بن هشام بن عامر يسألها عن أخلاق النبوة، قالت له كلمة واحدة فقط؛ قالت له: أنت تقرأ قرآن؟ قال لها: نعم، قالت له: إن خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم كان هو القرآن. القرآن نفسه يتمثل في شخص، كلام، كلام أنت تسمعه وتقرأه، هذا الكلام يتحول إلى شخص تراه، فسعد هم ما سمعه، فقال: فلقد هممت أن أقوم ولا أسأل عن شيء، أنا لا أحتاج بعد هذه الكلمات أن أسأل عن شيء آخر، ولكن قلت أسألها عن الوتر لأنه لن أجده في القرآن – أي كيف كان يصلي النبي الوتر – فهو يقول أنا حينما سمعت هذه الكلمات اكتفيت، فهي ماذا تقول؟ تقول أن القرآن؛ القرآن يتجسد في صورة شخصية، هذه هي النبوة، هذه المعاني تتحول إلى إنسان، هذه هي حقيقة تزكية النفس، أنني أن يعيد القرآن صياغتي وصناعتي وتشكيلي فأكون إنسان فعلًا شكرت نعمة ربنا بالإيمان والقرآن، ما الحسن الذي أعطاه لي ربنا؟ وهذا كثير، أحاول أن أشكر نعمة ربنا فيه وأزكيه، وما السيء الذي فيّ؟ وهذا قليل، وهذا قسمين – قلنا هذا قبل ذلك كثيرًا – السيء الموجود عندي، عندي أنا شخصيًّا، أي في الإنسان وهذا قليل، قليل، وهذا قسمان؛ قسم منه – الأغلب سطحي – ، وقسم منه أقل – عميق قليلًا – ، كل شخص فيه خصلة أو اثنين بالكثير صعبين، وهما في الجدر قليلًا ويحتاجوا لمعالجة، يوجد أشياء كثيرة تطير وتذهب بمفردها، تذهب وبمفردها، مثلما قلنا الجمعة الماضية ( سينهاه ما تقول ) الإيمان، الإيمان سيوفر الوازع والصلاة ستوفر الوازع الذي ينهى الإنسان عن كثير من السلوكيات الفاسدة حتى السارف الذي احترف السرقة اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ أشياء كثيرة جدًا سيجرفها تيار الإيمان، ربنا يقول أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا فَاحْتَمَلَ السَّيْلُ زَبَدًا رَابِيًا تكلمنا عن هذا، أن غيث الإيمان ماذا سيفعل؟ سيستقر في القلب، يوجد شوائب موجودة في القلب ستخرج إلى الخارج، فَاحْتَمَلَ السَّيْلُ زَبَدًا رَابِيًا هذا الزبد سيجرفه تيار الإيمان، هو سيذهب، هو سيذهب، فأولًا يخرج إلى الخارج، أولًا يخرج من تحت إلى فوق، فنراه وبعدما نراه نستطيع أن نعالجه ونتخلص منه، وتبقى المجاهدة، أن لدي شيء أو اثنين سأمكث فيه وقت، ولذلك ماذا قال النبي صلى الله عليه وسلم قال ( ما من مؤمن إلا وله ذنب يعتاده الفنية بعد الفنية، أو ذنب هو مقيم عليه لا يفارقه، (إن المؤمن خلق مفتنًا توابًا نسيًّا إذا ذُّكر ذكر ) لديه مشكلة، هذه المشكلة على تاريخ طويل من المجاهدة معها، يصعد ويهبط وينجح ويفشل، لكن في النهاية سيأتيه قطعًا المدد من الله، لابد، (إن المؤمن خلق مفتنًا توابًا) ليس لا يتن، ولكن حينما تصيبه الفتنة يسارع بالتوبة، (نسيًّا) يغفل، لكن ( إذا ذُّكر ذكر) فما الفرق بين المؤمن وغيره، ليس أنه لا يفتن، أنه تواب وذكّار، ليس أنه لا يفتن ولا أنه ينسى (خلق مفتنًا توابًا نسيًّا) ولكن ( إذا ذُّكر ذكر ).

ويبقى الإنسان في المجاهدة حتى يأتيه مدده من الله تبارك وتعالى، فحينئذٍ تصير نفسه نفسًا مطمئنة بعد أن كانت نفسًا لوامة تصارع، كحال الرسل تبتلى ثم تكون لهم العاقبة.

هرقل سأل أبو سفيان رضي الله عنه قال له: كيف يسير الصراع بينكم وبينه؟ قال: الحرب بيننا وبينه سجال ينال منا وننال منه، هذه حرب المؤمن مع الشيطان هي هكذا بالضبط، هي هكذا بالضبط ” ينال منا وننال منه ” قال: كذلك الرسل تبتلى؛ هذا هو الاختبار، الحيا كلها ابتلاء وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ تبتلى، ثم في النهاية؛ ” ثم تكون لهم العاقبة ” النصر في النهاية للمرسلين والمؤمنين، إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ وكان حقا علينا نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ في النهاية، وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى في النهاية يناديها الله سبحانه وتعالى فيقول يَاأَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ استقرت، استقرت في الإيمان، سكنت إليه ورضيت به، هذا بعد يوم؟ بعد يومين؟ هذا تاريخ ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً ۝ فَادْخُلِي فِي عِبَادِي ۝ وَادْخُلِي جَنَّتِي

اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه،اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه

اللهم خذ بأيدينا إليك، اللهم خذ بأيدينا إليك، اللهم خذ بأيدينا إليك؛ أخذ الكرام عليك لا تفضحنا بين خلقك ولا بين يديك

اللهم ارحم في هذه الدنيا غربتنا، وارحم اللهم عند الموت كربتنا، وارحم اللهم في القبور وحشتنا، وارحم اللهم في القيامة ذل مقامنا بين يديك

اللهم اجعلنا لك ذكّارين، واجعلنا لك شكّارين، واجعلنا لك رهّابين، واجعلنا لك مطواعين، إليك أوّاهين منيبين

اللهم تقبّل توبتنا، واغسل حوبتنا، وامح خطيئتنا، وثبّت قلوبنا، وسدد ألسنتنا، واسلل سخيمة صدورنا

اللهم إنا نسألك حبك وحب من يحبك وحب كل عملٍ يقربنا إلى حبك

أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم.