Generic selectors
المطابقات الدقيقة فقط
البحث في العنوان
البحث في المحتوى
Post Type Selectors
البحث حسب التصنيف
أحداث جارية
أسماء الله الحسنى
الأذكار
التلون
السيرة النبوية
القصص في القرآن
الكتب
بني آدم والشيطان
بني إسرائيل
تراجم
تربية
تربية
تفسير
جهد الغلبان في تبيان فضائل القرآن
خطب الجمعة
خطو خاتم الأنبياء ما بين اقرأ وإذا جاء
دروس
رمضان 1436هــ - 2015م
سلم الوصول إلى علم الأصول
عقيدة
غير مصنف
كتابات
كلمة التراويح
مسألة الرزق
من قصص كتاب التوابين
من هدي النبوة
مواسم الخير
هذه أخلاقنا

نعمة الإيمان و لمن كان له قلب

الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله ولي المتقين، وأشهد أن محمد عبده ورسوله خاتم الأنبياء وصفوة المرسلين؛ صلى الله عليه وعلى وصحبه الطيبين الطاهرين ثم أما بعد:

تحدثنا في جمعتنا الماضية عن نعمة التعرف، كيف أن رب العالمين تبارك وتعالى تولى بنفسه أن يتعرف الى عباده ولولا أن الله تبارك وتعالى قد عرفنا بنفسه ما كان لنا أن نطلع على شئ من عظمته ولا من جلاله سبحانه وتعالى وذكرنا أن هذه النعمة هي أعظم نعم الله تبارك وتعالى على عباده وأن حق النعم أن تشكر ولا تكفر، فينبغي على كل عبد أدرك هذه النعمة أن يسعى في شكرها، وشكر نعمة التعرف من الله أن نتقبل هذه النعمة فنتعرف بقلوبنا على ربنا تبارك وتعالى، فإذا عرف العبد ربه، ناله كل خير من هذه المعرفة في الدنيا وفي الآخرة. وذكرنا أن هذا التعرف يعقبه تعرف آخر من العبد الى الرب، إذا هناك تعرف نازل وتعرف صاعد، التعرف النازل هو أن الله سبحانه وتعالى في عليائه يتعرف لى عباده حتى يعرفوه فإذا عرفه العباد وجب عليهم أن يتعرفوا ويتقربوا ويتحببوا الى ربهم، ولذلك قلنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أوصى ابن عمه عبد الله ابن عباس وهو غلام صغير يردفه وراءه على دابته فقال له: ( تعرف الى الله في الرخاء…) ان فعلت(… يعرفك في الشدة)، (تعرف الى الله في الرخاء) أي تقرب اليه حتى يعرفك، هل يحتاج الله سبحانه وتعالى الى أن يعرف عباده؟ هذه ليست المعرفة بكونك وبماذا تفعل، لكنها أن يعرفك بالايمان وبالطاعة وبفعل الخير، فإذا عرفك تبارك وتعالى في حال الرخاء بالخير فدعوته حين تكون مفتقرا الى اجابته، عرفك الله تبارك وتعالى في الشدة بالاجابة وتلبية النداء وتحقيق الرجاء. هذه المعرفة الثانية هي نتيجة وثمرة للمعرفة الأولى، لن يتعرف أحد الى الله أو يتقرب الى الله إلا إذا كان يسبق ذلك أن يعرف ربه ويعرف رحمته ويعرف حكمته ويعرف عظمته. سؤال، هذه المعرفة، ما مقامها في الدين؟ ما مكانتها وما وزنها في الايمان؟ للأسف نحن أكثرنا أصبح يعيش في حال غفلة عن الله، وما نمارسه من ممارسات العبادة يكون غالبا في حالة من حالات غفلة القلب عن الله، أي ممكن أن أؤدي الصلاة لكن هذا شئ وأن أقيم الصلاة فهذا شئ آخر، ما الفارق؟ آداء الصلاة هذا يغلب عليه الجانب الصوري، فأنا أسدد خانات الاوامر، أؤديها كي أكون مسددا لكل الخانات في دفاتري، صليت الصلوات في مواقيتها بصورتها، حال القلب في الصلاة؟؟ هذا هو حقيقة إقامة الصلاة، ما الفارق بين الاثنين؟ أين القلب، في الحالة الأولى هو مفقود وفي الحالة الثانية هو المفترض أنه موجود، هذا الكلام نظريا سهل لكن عمليا صعب، لماذا؟ لأن الانسان قلبه مشغول بأشياء كثيرة في الدنيا ولي من الشهل عليه أي يحضر قلبه مع الله فهذا محتاج أولا أن يترجم ما معنى الله، وما معنى أن أقف بين يدي الله وبعد هذا أجاهد نفسي أن أحاول أن أجعل قلبي يأتي معي وأن أصلي.

الله سبحانه وتعالى في الحقيقة وهذا هو الذي ينبغي أن يكون موجودا داخلنا، الله سبحانه وتعالى هو كل شئ في الحياة وبالتالي المفترض أن مشاعري وحبي وتعلقات قلبي تكون أساسا مرتبطة بالله، سعيي في هذه الدنيا يكون متهدفا لمرضات الله،إحتياجاتي في هذه الدنيا أكون متعلق فيها بكرم ربنا سبحانه وتعالى وعطائه، القلق الذي ينتابني في هذه الحياة والتوتر الذي يصيبني فيها المفترض أن يكون الأمن والأمان عندي متعلقا بمدى ارتباطي بالله، فالله سبحانه وتعالى هو كل حاجة، فإذا كان الله سبحانه وتعالى هو كل شئ تكون معرفتك بالله وتعرفك عليه هو كل شئ، هذه هو حقيقة الدين وهذا هو حقيقة الايمان، وعلى قدر ما يكون في قلبي من هذا على قدر ما يكون في قلبي من الايمان، هذا هو الميزان المفترض أن أوزن به نفسي، الميزان الذي المفترض أن أحتكم إليه، لو نظرنا في حقيقة الذي نعيشه سوف نجد أننا بعيد عن هذا بنسبة كبير.

كيف نقترب من هذا؟ نحن حاولنا أن نلخص الموضوع في مفردات بسيطة، لماذا مفردات بسيطة؟ الهدف من الذينحاول أن نقوله هو بالأساس ليس خطاب لكل أحد، هذا الكلام ليس خطاب لكل أحد بل هو خطاب لشخص محدد بدقة أو موصوف بدقة، من هو؟ الشخص الذي يريد أن يذهب الى الله سبحانه وتعالى، الذي يريد أن يقترب من الله، الذي يشغله علاقته بربنا، الذي يشغله قيامه غداً بين يدي الله، الذي يشغله رضى الله سبحانه وتعالى عنه، فنحن نحاول أن نقرب لهذا الشخص ما الذي تريد أن تفعله لكي تقترب من الله سبحانه وتعالى، وقلنا أن الموضوع كله عبارة عن منظومة بسيطة.

القلب هو ما يخاطبنا به الله بداخلنا، هذا هو المكان الذي يكلمه الله سبحانه وتعالى وينظر إليه، قال صلى الله عليه وسلم: إن الله لا ينظر إلى أجسامكم ولا إلى صوركم، مظهر الإنسان الذي يشغلنا كلنا وهو معيار تقيمنا لنفسنا وللأخرين، الشكل والهيئة، ما نوع سيارته.\؟ وشكل ملابسه؟ ومكان مسكنه؟ وإلى أين يذهب؟، هذا هو المعيار الذي تقيم به الناس، يقول صلى الله عليه وسلم أن هذا ليس له وزن ولا قيمة عند الله وإن كان له وزن وقيمة كبيرة جداً عند الناس، ولذلك الفرق بين الإنسان المؤمن بالله والذي لا يؤمن بالله أن المؤمن بالله يزن بميزان الله أو سيقيّم الناس كما أراد الله يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا الفوارق المجتمعية والقبلية ليست وزناً أو مقياساً بل أن الله جعلها سبباً من أسباب تقارب البشر وليس العكس، ليس لتنافروا بل لتعارفوا، ثم قال تعالى إِنَّ أَكْرَمَكُمْ من الذي سينظر إليه الله سبحانه وتعالى نظر التكريم إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ، وأين محل التقوى؟ قال صلى الله عليه وسلم: التقوى هاهنا، التقوى هاهنا، التقوى هاهنا، وأشار إلى صدره ثلاث مرات، إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ التقوى في القلب، إن الله لا ينظر إلى أجسامكم وإلى إلى صوركم ولكن ينظر إلى قلوبكم وإلي أعمالكم، محل نظر الرب هو القلب ومنتجات القلب، لأن القلب هو المكان الذي يخاطبه الله، والأعمال؟ منتجات القلب التي يصلحها الله سبحانه وتعالى، فإذاً هما شيئين: ربنا يخاطب القلب وينظر إلى القلب،ومكان الإنسان عنده على حسب ما يدور في هذا القلب وعلى حسب ما يجري في هذا القلب وعلى حسب ما ينطوي عليه هذا القلب، ثم ما الذي ينتجه القلب؟ قال صلى الله عليه وسلم: ( الحلال بيّن والحرام بيّن وبينهما أمور مشتبهات لا يعلمهن كثير من الناس، فمن اتقى الشبهات فقد استبرء لدينه وعرضه ومن وقع في الشبهات فقد وقع في الحرام، كراعي يرعى حول الحمى يوشك أن يرتع فيه، ألا وإن لك ملك حمى وإلا وإن حمى الله محارمه ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب )،صلح الجسد كله وإذا فسد عياذاً بالله فسد الجسد كله، كل حركات الجوارح هي موقوفة على حال القلب من الصلاح أو الفساد، إذا صلحت استقامت الأعمال وإذا فسدت عياذاً بالله فسدت الأعمال، فإذاً محل نظر الرب إلى القلب وما ينتجه القلب، وإذاً – كي لا نتوه – يكون سعي الإنسان ومراده هو إصلاح ما في قلبه وحين يصلح ما في قلبه تنصلح أحواله وتستقيم، فإذاً الخطاب للذي يرجو أن يرضى الله عنه ولكي يرضى عنه الله يجب أن يصلح قلبه، وكيف يصلح قلبه؟ يستقبل ما قاله الله له ويحاول أن يتفاعل معه وبالتالي ينتج ما يرضى عنه الله، فإذاَ الموضوع غاية في البساطة فما علينا فعله هو تجهيز القلب ليستقبل كلام ربنا كي ينتج ما يرضي ربنا، هذا العمل يتم بالتدريج والتوالي والصبر لا يأتي مرة واحدة، تدخل جملة وتحاول أن تتفاعل معها أو تعيش بها أو تؤمن بها بمعنى الإيمان أو بمعنى الذي عبر عنه سبحانه وتعالى، وهذا التفاعل هو الإيمان، أن يحس القلب ويتأثر بهذا الكلام ويوقن به، يستقبل القلب ثم ينتج بعد ذلك تلقائياً أنت لن تفعل شيئاً، المخرج هذا أنت لا تفعل فيه شيئاً أنت فقط تستقبل، والإنسان عليه فقط أن يحسن استقبال الرسالة القادمة من الله عزوجل فإذا أحسن استقبالها ستنتج نتاجها وتحدث آثارها وتخرج مفعولها، أنت لن تفعل شيئاً.

نحن كما قلنا لدينا وعاء الإيمان وهو القلب، ولذلك جزء مهم جداً في كلامنا أن نرى ما حالة القلب وماذا قال ربنا سبحانه وتعالى حين تكلم عن القلب؟، أنواع القلوب وأوصافها وأحوالها؟، وهذا شيء مهم أن ندرس وضع جهاز الاستقبال، والشيء الثاني لدينا الحقائق التي من عند الله، حقائق الإيمان، وكما قلنا أن الإيمان سينتج بعد ذلك، أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً والكملة الطيبة هي كلمة الإيمان، لا إله إلا الله، لا يوجد أحد أقصدة وأتوجه إليه وألجأ إليه وأعلق قلبي به إلا الله، حسناً ما شكل هذه الكلمة التي وصفها الله بأنها طيبة؟ قال: أَصْلُهَا ثَابِتٌ راسخة في القلب وعميقة الجذور في القلب ” متأسس لها كويس في القلب ” ، حسناً وإلي أين تصل؟ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ، حسناً الشجرة الطيبة عميقة الجذور في القلب والباسقة إلى عنان السماء ماذا تفعل؟ تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ تنتج كلمات طيبة وتنتج أعمال صالحة، تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ دائماً نتاجها لا يتوقف طالما أن جذورها ثابتة وطالما أنت ترويها وإن لم تعتني بها تموت، فطالما أعتني بها وأرويها تنتج كلمات طيبة وأعمال صالحة منْ كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ لذلك قلنا أن العمل الصالح هو رافع الكلم الطيب، أي أن الكلام الحسن الذي أقوله يجب أن يكون في أعمالي ما يصدقه ويتوافق معه، ممارسارتي وسلوكياتي متناسبة مع الكلمات التي أقولها، فإن قلت كلاماً طيباً وهذا الكلام الطيب صدقه عمل صالح حينئذ العمل الصالح يرفعه الكلم الطيب لماذا؟ لأن الكلم الطيب من الممكن أن يخرج من اللسان ولا يخرج من القلب، حين تجد أن الكلم الطيب يصدقه عمل صالح هذه دلالة على أن الكلم الطيب خرج من القلب الطيب، فالأعمال أصدق تعبيراً عني من الكلام، فحين تريد معرفتي لا تعرفني بكلامي الذي أقوله بل بالذي أمارسه وأفعله إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا بتوفيق من الله بهداية من الله، بإكرام من الله ولذلك لا تستقيم أحوال الإنسان إلا إذا لجأ إلى الله، ولذلك أكثر ما كان يردد صلى الله عليه وسلم اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك، ما معنى مقلب؟ قلنا أنه من الضروري جداً معرفة طبيعة القلب، وقلنا منذ فترة أن أصل كلمة القلب أنه يتقلب أي لا يستقر على حال، يتقلب من وضع لآخر، ” تحس أن إنت كنت كويس وبعدين تقلب خالص ” وهذه هي طبيعة القلب أنه يتقلب، ولذلك مؤشر رسم القلب إذا كان مستقيماً ولم يكن متقلباً فإن ذلك قلب ميت، فالقلب متقلب ( إن قلوب لعباد بين إصباعين من أصابع الرحمن إن شاء أن يقيمها ) يثبتها ويحفظها ( أقامها ) سبحانه وتعالى ( وإن شاء أن يزيغها أزاغها ) قال تعالى فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قلوبهم حين انحرفوا جعل الله سبحانه وتعالى قلوبهم تستقبل الانحراف وتسير معه، فالنبي صلى الله عليه وسلم كان يكثر من يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك، حسناً من يدعو؟ النبي صلى الله عليه وسلم، فمابالك بنا، وهذا أكثر ما يخاف منه صلى الله عليه وسلم ويقلق ولذلك يتكلم فيه كثيراً ويحلف به، كان ما أكثر ما يقسم به رسول الله صلى الله عليه وسلم ( لا ومقلب القلوب ).

فإذاً القلب يتقلب، ولكي يحدث له قدر من الاستقرار يحتاج إلى ربنا سبحانه وتعالى، والقلب إذا رُزق الاستقرار تتبعه النفس وتلحق به فتستقر أيضاً.

أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم.

الحمد لله رب العالمين، قلنا أن النفس تمر بثلاث مراحل، الحالة الأولى هي حالة غلبة المخالفة على النفس وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّي إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ النفس أمارة بالسوء أي أنها غالباً تدعو الإنسان لاتباع ما تشتهيه وما تهواه مما لا يرضي الله، وهذه صيغة مبالغة، هي فعّالة لهذا الأمر الغالب عليها، ومع وجود قدر من تحقيق الإيمان وقدر من تعظيم الله سبحانه وتعالى وقدر من المجاهدة تتغير طبيعة النفس وتتحول لمرحلة الصراع وهي الحالة الغالبة وهو الحال الأطول والمساحة الأكبر من حياة الإنسان الذي يريد أن يصل إلى الإيمان، الصراع، لَا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ ۝ وَلَا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ هناك حالة من حالات الصراع، الإنسان يبعد ويذنب ويخطئ ويتلاوم مع نفسه أو يلوم نفسه أو تلمه نفسه، لماذا يفعل ذلك؟، يقصّر ويلوم نفسه، فهنا حالة صراع، وحالة الصراع هذه هي الأقراب لحالة التقلب ما بين صعود وهبوط، ثم يتكلم ربنا سبحانه وتعالى عن حالة الاستقرار، الحالة التي تستقبل فيها النفس المؤمنة من الله حين تنتهي من رحلة الصراع في الحياة يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ۝ ارْجِعِي متى خوطبت بالاطمئنان؟ وهي راحلة، في آخر الرحلة، في آخر المشوار الطويل، يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ المطمئنة المستقرة الساكنة والخاضعة، الاطمئنان هو الانخفاض، المطمئنة شيئين: المستقرة في حال التواضع والعبادة لله، استقرار وسكون، ومتى تسكن النفس وتطمئن؟ حين يستقر القلب ويكون في دائرة الاستقرار لفترة طويلة، وهذا الاستقرار هو الاستقرار العام، فهو مستقر استقرار القلب الذي أساسه التقلب فهو طبيعياً في حالة تذبذبولكنه الآن محدود وآثارة محدودة وقل خطرة يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ التي استقرت ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً عن الله وعما قسم الله لها من الإيمان مَرْضِيَّةً يرضى عنها ربنا سبحانه وتعالى وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ.

فإذاً القلب هو المكان الذي ينظر إليه سبحانه وتعالى، المكان الذي يستقيم منه الإنسان، المكان الذي يصلح سلوك الإنسان، المكان الذي يضبط جوارح الإنسان، وما المطلوب؟ أن يجهز الإنسان قلبه لاستقبال الإيمان، وهذا ما اسماه ربنا سبحنه تعالى الشهود إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لأناس محددون إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى هذه الكلمات الإلهية التي جاءت في سورة ق على سبيل الخصوص والكلمات القرآنية على سبيل العموم فيها التذكرة والموعظة والتأثير من حيث القابيلة ومن حيث الصالحية فهو يصلح لأي إنسان ويؤثر فيه، لكن المنتفع هو من يقوم بعملية الاستقبال الحسن إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ ولكن لا يوجد إنسان لا يملك قلباً، نعم حسياً ولكن ليس معنوياً، فيلزم وجود هذه المضغة ودورها التي تقوم به وعملها حتي يستمر الإنسان في هذه الحياة، لكن لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أي قلب مؤمن حي بالإيمان، ولذلك ربنا سبحانه وتعالى يجعل الكفار في الحقيقة في عداد الأموات، ليسوا موجودين أصلاً لماذا؟ لأنهم أغلقوا قلوبهم التي هي محل نظر الله ومحل استقبال نور الله، أغلقوا قلوبهم، سواءً بالقسوة أو بالموت، ولذلك قلنا أن من أهم ما تحسن به إلى نفسك أيها المسلم أن تطالع في كتاب الله كيف يصف الله القلب، من أهم وأعظم ما يحسن به العبد المسلم إلى نفسه وليس لأحد آخر أن يطالع في كلمات الله عن ماهية القلب وحالته.

إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ كان الذي يضبطأَوْ أَلْقَى السَّمْعَ حالة الإصغاء لكلمات الله والإنصات لها، أو أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ وعلى ماذا يشهد؟ على قلبه، قلبه الذي يمسع، وهو محل الخطاب، والأذن هي الأداء التي توصل الخطاب الإلهي للجهة المخاطبة التي هي القلب، لن يصل الكلام إلا بمروره على أداة التوصيل، أو أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ متى تحصل الذكرى؟ في حالتين: حالة القلب الحي الذي تأثر بالإيمان وأصبح يستقبل الخطاب بمجرد أن يخاطب ويكأنه لا يحتاج إلى الأذن لأن الخطاب يصل إلى قلبه مباشرة، والذي ليس في هذه المرحلة؟ يمكن أن يصل إليها.. كيف؟ أن يحضر قلبه ويصغي فإذا أحضر قلبه حينئذٍ يتأثر القلب وحين يتأثر يصير قلباً حياً يتفاعل، يصف ربنا القرآن فيقول وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا فإذا طمست الروح فهو الموات، مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ لم نكن في حال الحياة، طالما لم نعرف ما هو القرآن وبالتالي لا نعرف الإيمان مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ.

حسناً ما الذي نريده؟ أن نحاول سوياً التعرف على الله كما عرفنا الله بنفسه، ولكي نفعل ذلك بشكل له أدنى درجة من التأثير يجب على كل منا ان يحضر قلبه لأنه إن لم يحضر قلبه لن يصغي ولن يستوعب وبالتالي لن يتأثر وإن لم يتأثر لن ينصلح ولن يتغير فيكون نظر الرب سبحانه وتعالى إلى القلب ليس النظر الذي نتمناه ونحبه ونرجو أثره وثمرته هنا أو هناك.

فأول شيء هو أن يحاول الإنسان أن يحضر قلبه، وذلك هو الشهود أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ فإذا شهد العبد بقلبه وهذا القلب مفطور على معرفة الله، فنحن لن نقول له شيئاً لا يعرفه فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا هكذا خلق الله الناس، خلقهم على الإيمان والإنابة ( كل مولود يولد على الفطرة ) فأنت حينما تخاطب القلب لا تقول له شيئاً جديداً أو تعرّفه على أمر جديد لا يعرفه، لا، هذه المعرفة موجودة بداخلة ولكنك تريد أن تحيها وتوقظها وترسخها وتنميها، قلنا أن هناك معرفة فطرة قد وهبنا الله إياها وقد خلقنا بها، فقد رزقنا الله قدراً من معرفته وقدراً من الرغبة والحرص على القرب أو الإحساس بالخوف والقلق حين نبتعد، هذا أولاً، ثانياً: أن ربنا سبحانه وتعالى في هذا الخلق العظيم وَفِي الْأَرْضِ آيَاتٌ لِلْمُوقِنِينَ ۝ وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ ۝ وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ ۝ فَوَرَبِّ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ ربنا سبحانه وتعالى بث في هذا الخلق أِشياء كثية تعرّفنا بربنا وهذا يتم عبر المشاهدة.

فإذاً هناك معرفة قد خلقت بها، ومعرفة أوسع قليلاً ستتمعن فيها لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ ما وصفهم؟ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ وهذا المستوي الثاني.

المستوى الثالث، الأوسع والأعمق: المعرفة عبر السماع، وهذا الذي خاطبنا به ربنا الذي هو القرآن.

فنحن لدينا الآن ثلاث مستويات من مراحل معرفة ربنا، الجزء الفطرى الموجود في القلب وأنت تحاول جاهداً أن تخاطبه، وهناك جزء عبر النظر والتفكر، وجزء عبر الإصغاء والإستماع، ثلاث مراتب، الأولى هي الأعمق ولكنها معرفة مساحتها محدودة، ثم دائرة أوسع بالمشاهدة، ثم دائرة أوسع وأوسع بالإصغاء، ولكي يكون الاصغاء مثمراً يجب أن يكون القلب شاهد أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ.

فالمطلوب منا أمران يصبان في نقطة واحدة، الأول: أن يحاول الإنسان أن يحضر قلبه حتى يستطيع قلبه التعرف على الله، وثانياً أن أدعو الله أن يرزق قلبي الهداية، أن يعرفني به، أن يقربني منه، أن يضغ قلبي في محل الإيمان، ولا يجعل قلبي ينقلب أو يتقلب بعيداً عن الإيمان، فإذا فعلت ذلك أصبحت مؤهلاً لأن استقبل معرفة الله، فإذا استقبل معرفة الله فاستقرت في القلب فأن وظيفتك ودورك قد انتهى والمطلوب منك أن تحافظ على هذا وتنميه، أما الجزء الخارجي سيحدث بشكل تلقائي ولكن يجب أن تعلم صورة هذا الشكل، فمثلاً قلبك يريد الصلاة فتحتاج فقط إلى أن تعرف كيفية الصلاة، لسانك يريد أن يستقيم تحتاج أن تعرف آداب هذا اللسان الذي علمنا آياه رسول الله، الجوارح تريد أن تستقيم تحتاج أن تعرف شكل الاستقامة ولا تحتاج أن تدفع نفسك إليها، لا، أنت تحتاج إلى أن ترى صورتها فقط.

 اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلوبنا على دينك، اللهم يا مصرق القلوب صرف قلوبنا إلى طاعتك وطاعة رسولك.

اللهم يا ولي الإسلام وأهله مسكنا الإسلام حتى نلقاك عليه، اللهم يا ولي الإسلام وأهله مسكنا الإسلام حتى نلقاك عليه، اللهم يا ولي الإسلام وأهله مسكنا الإسلام حتى نلقاك عليه.

اللهم يا ولي الإسلام وأهله مسكنا الإسلام حتى نلقاك عليه، اللهم يا ولي الإسلام وأهله مسكنا الإسلام حتى نلقاك عليه، اللهم يا ولي الإسلام وأهله مسكنا الإسلام حتى نلقاك عليه.

اللهم اقسم لنا من خشيتك ما تحول به بيننا وبين معاصيك، ومن طاعتك ما تبلغنا به جنتك، ومن اليقين ما تُـهون به علينا مصيبات الدنيا، ومتّعنا بأسماعنا وأبصارنا وقوتنا ما أحييتنا واجعله الوارث مِـنّـا، واجعل ثأرنا على من ظلمنا، وانصرنا على من عادانا، ولا تجعل مصيبتنا في ديننا، ولا تجعل الدنيا أكبر همّنا، ولا مبلغ علمنا، ولا تسلط علينا من لا يرحمنا.

اللهم اجعلنا لك شكارين لك ذكارين إليك أواهين منيبين.

اللهم إنا نعوذ بك من جهد البلاء ومن درك الشقاء ومن سوء القضاء ومن شماتة الأعداء ومن خيبة الرجاء ومن عضال الداء.

اللهم إنا نعوذ بك من زوال نعمتك وتحول عافيتك ومن فجائة نقمتك ومن جميع سخطك يا رب العالمين.

اللهم إنا نسألك من كل ما سألك منه عبدك ونبيك محمد صلى الله عليه وسلم وعبادك الصالحون، ونعوذ بك اللهم من كل شر استعاذك منه عبدك ونبيك محمد صلى الله عليه وسلم وعبادك الصالحون.

اللهم إنا نسألك الجنة ونعيمها وما قرب إليها من قول او علم، ونعوذ بك من النار وعذابها ومن قرب إليها من قول أو عمل.

اللهم إنا نسألك حبك وحب من يحبك وحب عمل يقربنا إلى حبك.

أقول قولي هذا واستغفر الله.