بسم الله والحمد لله وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لاشريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم.
لنا يومان نتكلم عن نعمة الإستجابة, لبيك .. كلمة لبيك اللهم لبيك .. أن يلبى الإنسان نداء الله سبحانه وتعالى والإقبال على طاعة أو عباده.
اليوم نريد أن نتكلم على نعمة رمضان, رمضان تحديداً. ماذا يمثل رمضان للمجتمع المسلم. نحن فى ظل الوضع السىء المتردى الذى نعيشه, هل من الممكن أن يقدم لنا رمضان شيئا؟ هل من الممكن أن نخرج من رمضان بحاجة؟ هل ممكن أن ننتفع من رمضان بحاجة؟ ماذا يمثل لنا الصيام كقيمة؟
النبى صلى الله عليه وسلم يقول الصيام جنّة – وقاية تحمى الإنسان من سخط الله سبحانه وتعالى – فإذا كان صوم يوم أحدكم فلا يرفث ولا يجهل – وفى رواية فلا يصخب – وإن أمرؤ سابّه أو قاتله فليقل إنى أمرؤ صائم إنى امرؤ صائم.
إحنا كنا نظام يومنا العادي الطبيعى في رمضان زمان – في النظام القديم مش دلوقتي، دلوقتي إحنا على طول بنتعارك – كنا زمان في الشهور العادية بنبقى عاديين وفي رمضان بالذات قبل الفطار بساعة تقريبا كنت ترى العجب فى الشارع كل شوية الناس تشبط في بعض وينزلوا يتعاركوا وبعد كده يقول لك ” اللهم إنى صائم ” , هو أصلاً الصيام دا الباعث له على الإنفعال والعصبية.
دلوقتي الحمد لله احنا إيه؟ الأيام دي كل ما حد يشوف حد !!! يعني يكاد يكون مفيش حد محافظ على علاقاته مع صحابه !!! جو غاية فى السوء. طيب هل رمضان ممكن يخرجنا من الجو دا؟ ما المفروض أن يفعله الصيام والنبى صلى الله عليه وسلم نبهنا أن نقول إنى امرؤ صائم؟ الصيام يجلب نوعا من السكون والتهذيب للنفس والإخبات والسكينة. يستجلب أن يكون رد فعل الإنسان إزاء ما يواجهه من أمور أهدأ وأرق. هى فرصة لو أستثمرناها لأصبحنا أفضل. لكن لو لم نفعل فلربما لا تتكرر ويتحقق لنا الإنضباط. يعني لو رمضان عدا علينا بالمنظر بتاعنا دا، ووصلنا للكحك بالشكل بتاعنا دا ما اعتقدش إنا إحنا حتظبط معانا.
فمهم جدا جدا إن إحنا نشيع جو من السلام نحن نحتاجه, والسلام أمر هام جدا فالمجتمع الذى يفتقد السلام الداخلى, دائما ما نسمع مصطلح السلام الإجتماعى وفى الحقيقة هو معنى هام فالإقتتال يمكن تصوره بين الأمم لكن فى المجتمع الواحد لا يجوز أن يكون هناك إحتراباً داخلياً أو انقسام حاد بهذه الصورة .. هذا لايمكن.
ولكن من أين يأتى السلام؟ ما الذى يجلب السلام؟ المفروض اننا بعد كل صلاة نقول اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت يا ذا الجلال والإكرام .. بل إننا ننهى صلاتنا بالسلام .. وهناك من يسلم على من يجاوره بعد إنتهائه من الصلاة. فالسلام رسالة. وهب بن عمير لما راح للنبي صلى الله عليه وسلم وقال: أنعم صباحا يا محمد – اللي هي صباح الفل يعني – فقال له النبى صلى الله عليه وسلم لقد أبدلنا له هذه التحيه بأفضل منها والتى هى السلام عليكم .. ما الفارق بين صباح الفل والسلام عليكم؟ هى تعنى أن من تسلم عليه لن يناله منك إلا السلام .. لن يناله منك شيئا يكرهه .. وفوق السلام الدعاء له بأن الله سبحانه وتعالى يرزقه الرحمة ويرزقه البركة، وفعلا دي حاجة أكبر من أي حاجة تانية أحنا بنقولها، عمت صباحاً يا أبا الحكم، فعلا مش عارف إحنا تبع إيه؟ دي ربنا جعلها تحية أهل الجنة وَالْمَلَائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلَامٌ.
عبد الله بن سلام رضى الله عنه أول ما وطأت قدما النبى صلى الله عليه وسلم المدينة – وهو عالم وحبر من أحبار اليهود, حبر بن حبر .. عالم بن عالم .. وإمام بن إمام, فذهب ليتبصر بالنبى صلى الله عليه وسلم هل هو رسول فعلا أم لا. قال فما أن رأيته حتى علمت أن وجهه ليس بوجه كذاب، وجهه سمح هادىء منير. بينما الوجوه التى نقابل بعضنا البعض بها كلها عكس ذلك تماما. ذكرنا قبل ذلك أن زيدا بن سعنة لما ذهب يتعرف على النبى صلى الله عليه وسلم ويتعرف على صفاته كان النبى صلى الله عليه وسلم يحتاج مالا فأعطاه قرضا وجاء قبل ميعاد بفترة, أسبوع, وأراد أن يأخذ ماله من النبى صلى الله عليه وسلم. هو ماذا يقصد؟ هو عنده فى صفة النبى صلى الله عليه وسلم أنه واسع الحلم ولا يزداد على سفه الناس إلا حلما – كلما إشتد عليه الناس إزداد حلما. قال فنظرت إليه بوجه غليظ وطلب منه أن يرد المال وقال فإنى علمتكم يا بنى عبد المطلب قوم مطل – هو يقول على بنى عبد المطلب..بنى هاشم أنهم قوم مطل وهم أجود الناس وأكرمهم. فعمر بن الخطاب قام له فالنبى صلى الله عليه وسلم تبسم وقال كنا أنا وهو أولى بغير ذلك..أن تطالبه بحسن الطلب وأن تطالبنى بحسن الأداء. الأجل لسه ما جاش. .. وقال لعمر أعطه ماله وزده مقابل ما روعته أى تعويضا عن إخافتك له. إحنا بقا فين؟
فدي أول حاجة، هو بيقول إنه هو فرأيت وجهه فعلمت أن وجهه ليس بوجه كذاب وسمعته يقول: أيها الناس أفشوا السلام، وأطعموا الطعام، وصلوا الأرحام وصلوا والناس نيام تدخلوا الجنة بسلام. دا اول خطاب أول حاجة النبي صلى الله عليه وسلم وجهها لأهل المدينة إيه؟ قال لهم الكلمات دي .. دا أول ما وصل أول حاجة قال لهم أفشوا السلام .. تاني حاجة قال لهم أطعموا الطعام – الإحسان للناس – .. تالت حاجة صلوا الأرحام، رابع حاجة صلوا والناس نيام، فإذا فعلتم؟؟ تدخلوا الجنة بسلام.
ولذلك النبي صلى الله عليه وسلم قال: والذي نفسي بيده لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابوا أولا أدلكم على شيء إذا فعلتموا تحاببتم .. أفشوا السلام بينكم.
أفشوا دي يعني أنشروا والسلام سلام بجد .. السلام الحقيقي .. السلام اللي هو بيخرج من قلب الإنسان فعلاً. السلام الحقيقي .. طيب زي ما قلنا السلام حيجي منين؟ إحنا بنقول بعد كل صلاة .. اللهم أنت السلام .. السلام دا ربنا سبحانه وتعالى .. ولذلك جاء في القرآن وَاللّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلاَمِ فربنا سبحانه وتعالى هو السلام، والسلام لا يكون إلا من الله ” ومنك السلام ” ، ولذلك بدون علاقة حقيقية مع الله، بدون الرجوع إلى الله، بدون فيئة إلى الله .. مفيش سلام، مش حيحصل، مش حيحصل.
ولذلك هي دي فرصتنا لأن رمضان دا بيقرب الإنسان من ربنا طبيعي بيدي له فرصة حقيقية من أنه هو يدنو من كلام ربنا سبحانه وتعالى، فيناله شيء من السلام لأن أثر السلام من الله سبحانه وتعالى بينعكس عليه.
فإذن المجتمع أو أكثرية المجتمع ناله شيء من السلام لابد إن السلام دا حينعكس علاقات الإجتماعية، إحنا بتناقش في أي قضية؟؟
ولذلك روي في دعاء العمرة اللهم أنت السلام ومنك السلام فحيينا ربنا بالسلام، وأدخلنا الجنة بسلام، اللهم أنت السلام ومنك السلام فحيينا ربنا بالسلام، وأدخلنا الجنة بسلام.
يبقى إذن رمضان فرضة لنيل السلام، يحصل دا إزاي؟ لا يكون إلا بإن السلام سبحانه وتعالى ينزل السلام على المجتمع، حيجي إزاي، لازم الناس تدعي ربنا، لازم نطلب من الله، لكن ما ينفعش نضيع الفرصة دي لأنها مش حتتعوض، في الوقت اللي إحنا فيه دا إحنا ما قدمناش إلا الفرصة دي .. أبواب الجنة مفتحة .. أبواب الجنة مغلقة .. والشياطين مصفدة .. فرصة. .. الشيطان متسلسل ليه؟ عشان هو مكلبشني طول السنة .. فأنا اقدر أفك منه شوية اقدر اتحرك .. طيب لما يتفك؟ إذا كنا إحنا الشيطان متسلسل وإحنا عاملين كده .. امال لما يتفك حنعمل إيه؟
فإحنا علشان نخرج لازم فعلاً ندنوا من السلام سبحانه وتعالى، لازم ندعي بشيء من الاضطرار أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ يعني إيه مضطر؟ دعوة المضطر ودعوة المظلوم .. الله سبحانه وتعالى لا يردهما .. كان الداعي مسلم أو كافراً
طب يعني إيه مضطر؟ المضطر دا اللي هو معلق قلبه بربنا بس .. اللي حاسس إن ربنا لو ما استجابلوش هو حيهلك، ولذلك حذيفة رضي الله عنه كان بيقول إيه؟ .. ” يأتي على الناس زمان لا ينجو فيه إلا من يدعو دعاء الغريق “
وربما نحن كنا في مثل هذه الأوضاع .. لا ينجوا إلا من يدعو بدعاء الغريق. .. ليه دعاء الغريق؟ الله عز وجل دائماً يذكر الاضطرار في البحر لأنه لحظة اضطراب شديد وفي النهاية الإنسان بيحس فعلا إن هو حيهلك .. اهو جبل تلج أهو .. إحنا لابسين خلاص .. راحت خلاص .. لحظات اللي هي الإنسان فعلا بيحس إنه مفتقر أشد اللحظات إلى الله.
طيب إحنا مفتقرين إلى الله في اللحظات دي؟ إحنا عارفين يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنتُمُ الْفُقَرَاء إحنا على طول .. بس بنحس بيها في لحظات الغرق .. فلا ينجوا إلا من دعا بدعاء الغريق .. اللي هو فيه فعلا الإخلاص .. فيه فعلاً الإلحاح على الله سبحانه وتعالى.
قلنا قبل كده من أعظم ما روينا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله تعالى حيي كريم .. حيي كريم يستحيي من العبد إذا رفع إليه يديه أن يردهما صفراً خائبتين.
طيب ليه النبي صلى الله عليه وسلم ذكر الحياء؟ إن دا تمام الكرم، إن ربنا سبحانه وتعالى طالما لجأ إلى الله، طالما علق قلبه بربنا، جعل رجاءه في الله، لازم ربنا يديله حاجة .. ” يستحي من العبد إذا رفع إليه يديه أن يردهما صفراً ” .. يعني مفيهمش حاجة ” أن يردهما صفراً ” بل لابد أي حد حيرفع إيده لربنا، لابد ربنا سبحانه وتعالى يضع في يديه خيراً، دي نعمة من ربنا سبحانه وتعالى، أيا كان شكل العبد، أي عبد، ما قالش عبد معين، ماقالش ليه مواصفات معينة .. حتى ما ذكرش طاعته، ما ذكرش بر. .. هو بني آدم وخلاص .. هو لجأ لربنا ووثق في ربنا إن ربنا حيديله، لازم حيديله.
فإحنا عشان نستمد السلام مش محتاجين أكتر من إننا نرفع إيدينا لربنا بصدق وإخلاص نطلب منه إن هو يغير الحال، وربنا سبحانه وتعالى لا يرد طالب سبحانه وتعالى.
أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم.