Generic selectors
المطابقات الدقيقة فقط
البحث في العنوان
البحث في المحتوى
Post Type Selectors
البحث حسب التصنيف
أحداث جارية
أسماء الله الحسنى
الأذكار
التلون
السيرة النبوية
القصص في القرآن
الكتب
بني آدم والشيطان
بني إسرائيل
تراجم
تربية
تربية
تفسير
جهد الغلبان في تبيان فضائل القرآن
خطب الجمعة
خطو خاتم الأنبياء ما بين اقرأ وإذا جاء
دروس
رمضان 1436هــ - 2015م
سلم الوصول إلى علم الأصول
عقيدة
غير مصنف
كتابات
كلمة التراويح
مسألة الرزق
من قصص كتاب التوابين
من هدي النبوة
مواسم الخير
هذه أخلاقنا

نقطة مضيئة

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، إنه من يهدي الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمد عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم.

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ

يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا ۝ يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا

ثم أما بعد ،،،

 كنا علي مدى الأسبوعين الماضيين نتحدث عن تربية الله عز وجل لنا في خلال هذه الأيام وكيف أراد الرب سبحانه وتعالي لنا أن ندنو منه وأن تتح لنا فرصة التقرب منه سبحانه وتعالي وكيف كانت تهيئة الله عز وجل لذلك عبر وسائل وفرص تعطى للإنسان لكي يقيم نفسه علي وفق ما يرضي ربه تبارك وتعالي وقد ذكرنا قبل أن كل هذا الذي نتحدث فيه إنما هو في الإطار العام لهذا الاسم الإلهي العظيم رب العالمين فنحن ما زلنا مع تربية الله عز وجل لعباده التي هي أعظم تربية واليوم نتحدث عن الغاية التي تنتهي إليها هذه التربية بمعني أن الإنسان إذا سلك السبيل أو الدرب التي تقوده إليه التربية الربانية إذا كان الإنسان سوف ينعم بالفعل بظلال هذه التربية الإهية الس أين ستوصله أو ما الغاية التي لابد أن ينتهي إليها الغاية التي لابد أن يرتقي إليها الإنسان أو يطمح أن يرتقي إليها أو يسأل الله سبحانه وتعالي ان ينيله إيها وأن يقبضه عليها هي ما سماه ربنا تبارك وتعالي بالربانية قال تعالي مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُؤْتِيَهُ اللّهُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُواْ عِبَاداً لِّي مِن دُونِ اللّهِ وَلَـكِن كُونُواْ رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنتُمْ تَدْرُسُونَ.

الإنسان إذا كان مطيعًا لله سبحانه وتعالي قانتًا لله عز وجل مخلصًا لله استحق أن ينسب إلي الله فيسمي ربيًا هذه نسبة ” زي متقول ده محلاوي وده طنطاوي وده هندي ” فربي هذه نسبة إلي الله هذا لا ينسب لا إلي مكان ولا للمنطقة ولا لقبيلة نسبه إلي الله مباشرة طيب وهذا الربي، إذا ارتقى في هذه المراقي سمي ربانيًا، فإذًا نحن نتكلما عن مرتبتين وَكَأَيِّن مِّن نَّبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ جماعات من المؤمنين إنما استحقوا أن ينسبوا إلى ربهم ربهم لأنهم رأوا أنهم حقيقين بأن يبذلوا نفسهم في طاعة ربهم، فهل بعد ذلك شيء؟ يصير ربانيًا، وهذه مبالغة في النسبة، ” فإحنا لو عندنا مثلًا بدقن كده، يبقى ده ذو لحية، طب لو دقنه كبيرة أوي يبقى لحياني، أو واحد جسمه مليان شعر يبقى اسمه شعراني، أو إحنا لو نحب نتكلم عن النسبة للروح نقول روحي، لما نحب نعليها نقول روحاني ” ولذلك لما أراد الذين يريدون أن يجعلوا نور الله سبحانه وتعالى بعيدًا عن الحياة، نسبوا أنفسهم إلى العلم بهذه النسبة قالوا علماني، وليس علمي، علماني، فإذًا هذه الصيغة ” رباني ” التي هي تمام الانتساب إلى الله، كيف تأتي؟ يعني بأي شيء نكون ربانيين؟ وَلَـكِن كُونُواْ رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنتُمْ تَدْرُسُونَ فإذًا هؤلاء الربانيين الذين أخلصوا لله سبحانه وتعالى، وصلوا إلى هذا عبر العلم والتعليم والدراسة، طيب سمي الرباني ربانيًا نسبة إلى الرب سبحانه وتعالى لأنه يقوم بجرء من هذه المهمة التي هي التربية.

نحن قلنا أن الرب هو الذي يربي العباد بالنعم ويربي العباد بالإيمان، ويهذب أخلاقهم ويربيهم ويصفيهم، فهذا الرباني الذي خلص لله يقوم بوظيفته أو دوره في تربية الناس على وفق هذه المعاني ولذلك هذه كانت مهمة الرسل، ربنا سبحانه وتعالى يتكلم في هذه الآية عن المرسلين، أنه لا يمكن أن تدعو الرسل الناس إلى شرك عياذًا بالله، لأنهم أصلًا أهل خلوص وإخلاص لله، لا يمكن أن يدعوا الناس إلى غيره سبحانه وتعالى، كيف وصلوا إلى هذا؟ بِمَا كُنتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنتُمْ تَدْرُسُونَ طيب ما الفرق بين العلم والدراسة؟ إذا قلت أنني درست كتابًا، أعني أنني أبليته من كثرة التأمل فيه والتدبر وإعادة النظر فيه المرة تلو المرة، إذا قلنا أن هذه الدار قد درست، يعني زالت معالمها، هذا الطريق طريق دارس يعني معالم الطريق ذهبت، هذا الثوب ثوبًا دارسًا يعني أصابه البلى من كثرة الاستعمال والغسل، فلما أقول أنني أدرس كتاب، الذي كنا نفعله هذا في التعليم ليس له علاقة بالدراسة، لأن هذه الكلمة معناها المبالغة والاستمرار والتكرار على النظر والبحث والتأمل والدرس حتى يؤدي بالإنسان أنه يتشرب هذا العلم وينضح على قلبه وعلى جوارحه.

فإذًا الطريق إلى الربانية هو التعلم والتعليم والدراسة، طيب إذا كان؟ صار بذلك ربانيًا، له وظيفة وله رسالة وله دور، الله سبحانه وتعالى يقول: إِنَّا أَنزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُواْ ما َذِينَ هَادُواْ وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُواْ مِن كِتَابِ اللّهِ وَكَانُواْ عَلَيْهِ شُهَدَاء فالله سبحانه وتعالى يتكلم هنا عن ثلاث مراتب، أنبياء ثم ربانيين، ثم الأحبار الذين هم العلماء، ما الفرق بين الحبر وبين الرباني؟ الحبر هذا العالم الذي يقوم بدور الإفتاء أو التوجيه أو تعليم الأحكام، أما هذا الرباني الذين يقوم بالدور التربوي، فما معنى التربية؟ التربية أن يكون الإنسان لديه صورة منشودة يريد أن يصل إليها وهناك صورة واقعية هو موجود فيها، فيسلك سبيل يوصله إلى الصورة التي ينشدها أو يتمناها، فإذًا لو أردنا أن نقول أن هناك تربية لابد أن يكون هناك عندي نموذج ذهني متخيل، أنا على علم إلى أين أريد أن أصل، وبعد ذلك أتبع خطوات ستوصلني إلى هذه الصورة المتخيلة، فإذًا الرباني أو المربي أو التربية، شخص سيأخذ بيد شخص يسير به ويرقيه لكي يوصله إلى الغاية التي ينشدها، لذلك فهذا شيء فوق التعليم، فالتعليم أن أعطي أحد رؤية بصورة ممنهجة وواضحة، لكن التربية سلوك، طبيعة وتركيبة ستعدل وتتغير على وفق جهد مبني على وفق رؤية واضحة مسبقة.

لذلك حينما نقول أن الله سبحانه وتعالى هو الرب أي المربي، فإذًا هناك منهاج واضح، وغاية عليا وواضحة بالنسبة لنا، علمنا الله سبحانه وتعالى إياها، وهناك طريق رسمه الله سبحانه وتعالى لنا، صراط نسلكه لكي نصل إلى هذه النتيجة، وهناك قدوة نصبها لنا الله سبحانه وتعالى؛ وهي النبي صلى الله عليه وسلم الذي هو النموذج العملي لهذه الصورة المنشودة، وإلا إذا لم تكن هذه الأركان موجودة لم يكن ليحدث شيء، ولن نستطيع أن نصل إلى شيء لَوْلاَ يَنْهَاهُمُ الرَّبَّانِيُّونَ وَالأَحْبَارُ عَن قَوْلِهِمُ الإِثْمَ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ فإذًا ما نريد أن نقوله أن هذه التربية التي من المفترض أن نعرض أنفسنا لها في هذا الوقت وفي كل وقت، تؤدي بنا في النهاية إلى هذا المعنى العظيم، أن نكون أهل خلوص وإخلاص لله تبارك وتعالى، وهذا التعبير نحن أحيانًا نستخدمه، يعني مثلًا، نقول فلان ده راجل بتاع ربنا، على من نطلقها؟ نطلقها على شخص ليس له كبير طمع، ولذلك نحن لا نراه في دائرة التنافس والصراع اليومي التي تدور فيما بيننا على اقتناص دنايا الدنيا ونقائصها وشهواتها، هذا الرجل منزه عن هذا، لأنه مشغول بعالم آخر مع الله، ” ولذلك لما يكون في عركة في شركة ما بين موظفين يقولك لا لا أصل فلان ده بتاع ربنا، يعني الراجل ده لا بيدي أسافين ولا القصص دي “.

الفكرة أن هذا التعبير نحن نستخدمه، ونعني به معنى أحيانًا في دنيوياتنا يكون أحيانًا مدحًا وأحيانًا أخرى ذمًا، لكن في النهاية الصورة واضحة في أذهاننا، هذا التعبير يدل على أن هذا المعنى مدرك لدينا، طيب في الطريق إلى الوصول إلى هذه المرتبة، هناك نقاط ومدارج، يعني درجات سنصعدها، سنجمع هذه الدرجات كلها في معنى النور، ولذلك نحن عنونا الخطبة بنقطة مضيئة، هذا ما أردنا أن نقوله من هذا الموضوع أن التربية التي يولينا الله سبحانه وتعالى إياها، تريد أن توصلنا إلى أن نكون أناس الله سبحانه وتعالى من علينا بالنور، ” يقولك إن فلان ده وشه منور، هي ساعات بتكون اشتغالة ” لكن الفكرة أن هذا يبدو عليه أثر الإيمان والطاعة مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً لماذا؟ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً ما أثر هذا؟ سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ استنارت هذه الوجوه لأجل هذه العبادة، النور الذي رزقهم الله سبحانه وتعالى به وحباهم إياه، الله سبحانه وتعالى يقول: أَوَ مَن كَانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَن مَّثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِّنْهَا هذا ما نريد أن نتكلم عليه.

الله سبحانه وتعالى يقول، أن الإنسان حينما يضع الله في قلبه الإيمان، حينئذٍ يكون قد رزقه الله سبحانه وتعالى الحياة، طب قبل ذلك؟ لم يكن، من الممكن أن يكون الإنسان يتحرك ويحيا الحياة الحسية، لكن في جانب الإيمان والقلب والروح؟!، لكن عند الله سبحانه وتعالى هو في حكم الأموات، متى يرزق الحياة أو نعمة الحياة؟ حينما يبث الله سبحانه وتعالى في قلبه الإيمان أَوَ مَن كَانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُوراً فإذًا الحياة تقترن بالنور، إذا وضع الله سبحانه وتعالى في قلب الإنسان بذرة الإيمان والبحث عن الله والطلب لله والسعي لمرضاة الله، حينئذٍ يكون قد رزق حياة ورزق نورًا، يقول تعالى: وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحاً مِّنْ أَمْرِنَا القرآن مَا كُنتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَكِن جَعَلْنَاهُ نُوراً نَّهْدِي بِهِ مَنْ نَّشَاء مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ فإذًا الله سبحانه وتعالى وصف كتابه أنه الروح والنور، الذي يعطي الحياة ويعطي النور، لماذا هذا النور؟ لكي أستطيع أن أستمر في الحياة، وأستطيع أن أتحرك وأمشي وَجَعَلْنَا لَهُ نُوراً ماذا سيفعل به؟ يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ لماذا في لماذا لم تكن ” بين “؟ ” في ” هذه تدل على الانغماس لأنه ليس بعيدًا عن الناس، هذا النور الذي آتاه هذه الشخص كان عبر الإيمان والاتصال بالله، ماذا يفعل بهذا النور؟ يمشي به في الناس، طيب من أين يأتي بهذا النور؟ هذا نور تلقائي، الله سبحانه وتعالى رزقه إياه على مقتضى الإيمان، فهو أثناء مشيه لابد أن يؤثر هذا النور في الدائرة المحيطة به، وهذا الذي نبحث عنه؟ أناس يكونون هكذا أو نحن نكون هكذا.

الله سبحانه وتعالى يقول: كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ ” إحنا دلوقتي بليل والكهربا راحت ومفيش لمبات في الشارع منورة، هنبقى في ظلمة حالكة، واقفين مش قدرين نتحرك، لإن إحنا مش شايفين حاجة، طب لو عدى واحد معاه موبايله ومنوره، بنبقى شايفين شوية بمقدار الكشاف بتاع الموبايل قوته أد إيه، طب لو واحد معاه موبايل أجمد شوية، طب لو واحد معاه كشاف، طب نور عربية على العالي جاي من ورانا، هنشوف أحسن كتير، طب لو لمبات الشارع اشتغلت، هنشوف أحسن، طب لو الشمس طلعت، يبقى انزالت الظلمة بالكلية ” فإذًا هذا حالنا فعلًا، نحن في ظلمة، فكيف تنكشف هذه الظلمة؟ بأن يرزقنا الله النور، أو يمر بجوارنا أحد رزقه الله سبحانه وتعالى نورًا، فمن خلال سيري بجانبه، سيستنير لي الطريق فأستطيع السير، فهذه هي فائدة النور، فإذًا وَجَعَلْنَا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ النعمة التي آتاه الله إياها التي هي نعمة الإيمان، هو يستضيء بها ويضيء بها لمن حوله، قال الله تبارك وتعالى: اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ في قلوب عباده المؤمنين اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فتحة في حائط، كالنافذة، هذه المشكاة في داخلها مصباح الذي هو الفتيل المضيء، هذا المصباح في زجاجة، لكي تحفظه وتحميه فيها مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ الزجاجة نفسها مضيئة الذي هو قلب الإنسان نفسه، لأن فيه إيمان فيستضيء القلب بهذا الإيمان يُوقَدُ مِن شَجَرَةٍ مُّبَارَكَةٍ زَيْتُونِةٍ لَّا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُّورٌ عَلَى نُورٍ الله سبحانه وتعالى يصف أن القلب المؤمن استنار بالإيمان ثم رزقه الله نور القرآن فصار نورًا على نور، فمن أين ينبعث هذا النور إذًا؟ ينبعث من القلب، ويُرى، كما أن النور الحسي تراه الأبصار، فالنور المعنوي تراه البصائر، وبالتالي نهتدي نحن بهذا النور الذي يوجد بداخلنا أو يوجد حولنا.

 إذًا ما نريد أن نقوله أن الإنسان سيرتقي في تربية الله سبحانه وتعالى له فيكون ربيًا ثم ربانيًا، هذه الدرجات تُرتقي على حسب مستوى النور الذي أعطاه الله للإنسان، وهذا النور على مقدار تقوية الإيمان وعلى مقدار الأعمال والطاعات التي يتقرب بها الإنسان إلى الله، وهذا النور موجود معنويًا، ثم حينما ينتقل الإنسان إلى لقاء الله يصير نورًا حسيًا.

 الله سبحانه وتعالى ذكر لنا صفة القيامة، والنبي صلى الله عليه وسلم فصل ذلك، فذكر لنا أمرًا مفزعًا، سماه صراطًا، هذا الصراط عبارة عن خيط وصفه صلى الله عليه وسلم بأنه أدق من الشعرة، رفيع جدًا، وأحد من السيف، حادًا جدًا، ودحض مزلة، يعني يزحلق، هذا منصوب على ظهراني جهنم، طيب ما هو حجم جهنم هذه؟ لكي يمن الله سبحانه وتعالى على الإنسان ويدخل الجنة قال تعالى: وَإِن مِّنكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْماً مَّقْضِيّاً ۝ ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوا وَّنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيّاً فأي إنسان يمن الله سبحانه وتعالى عليه، لكي ينال الجنة لابد أن يمر على هذا الصراط بطول جهنم، والصراط هذا في ظلمة، ليس فيه نور، فكيف سأرى أو أمر؟ سأرى على مقدار النور الذي يعطيني الله إياه، من أين سآتي بهذا النور؟ سأناله على قدر الإيمان والطاعة التي كانت معي في الدنيا، التي أنالني الله سبحانه وتعالى إياها، فهذا النور سيتفاوت ويرتقي على حسب تقويتي للإيمان وعلى حسب ضخ الإيمان في قلبي وعلى حسب مراقبتي لله، وعلى حسب طاعتي لله سبحانه وتعالى وإخلاصي له وحيائي منه وكلما قويت هذا، كل ما يكون هذا الأمر مسار نجاة لي غدًا بين يدي الله سبحانه وتعالى، لا يوجد حل آخر.

 فإذًا هذا النور شيء حقيقي موجود، ليس بشيء وهمي، سيتحول إلى شيء حسي يُرى، يحكي ابن مسعود عن وصف هذا الوضع في المستدرك فيقول: فيعطيهم أي الله سبحانه وتعالى، نورًا على قدر أعمالهم، فمنهم من يعطى نوره مثل الجبل العظيم يسعى بين يديه، ومنهم من يعطى نوره أصغر من ذلك، ومنهم من يعطى نوره مثل النخلة في يده، ومنهم من يعطى نوره أصغر من ذلك، حتى يكون آخرهم رجلًا، يعطى نوره على إبهام قدميه، فإذًا الله سبحانه وتعالى لا يظلم مثقال ذرة سيعطي كل إنسان على مقدار ما قدم، قال تعالى: وَإِن تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِن لَّدُنْهُ أَجْراً عَظِيماً درجة من ضعف الإيمان الشديد، لكن كان هناك قليلًا من الإيمان، على قدر ما لديه، ينير الله له طريقه، على قدر إبهام قدميه، ينير مرة ويطفئ مرة، فإذا أضاء قدم قدمًا، فإذا أطفئ قام، يعني وقف، لأنه لا يستطيع التحرك، قال تعالى: مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَاراً فَلَمَّا أَضَاءتْ مَا حَوْلَهُ ذَهَبَ اللّهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لاَّ يُبْصِرُونَ فيقول ابن مسعود: فيمرون على قدر أعمالهم.

 فإذًا هذا النور سيكون من السعة ومن القوة على قدر ما قدمت في الدنيا على قدر ما آتاني الله من النور في الدنيا، وسرعة المرور على قدر هذا النور أيضًا، فيقول: فمنهم من يمر كطرفة العين، ومنهم من يمر كالبرق، ومنهم من يمر كالسحاب، ومنهم من يمر كانقضاض الكوكب، – النيزك الواقع – ومنهم من يمر كالريح، ومنهم من يمر كشد الفرس – فرس يجري على أقصى طاقته – ، ومنهم من يمر كشد الرجل – إنسان يجري على قدمه بأقصى طاقته – والذي أعطي نوره على ظهر قدميه، يقول ابن مسعود، يحبو على وجهه ويديه ورجليه، تخر يد وتعلق يد، وتخر رجل وتعلق رجل، وتصيب جوانبه النار، فلا يزال كذلك حتى يخلصه الله منها، فإذا خلص منها، قام عليها – نظر إلى النار وراءه – فقال الحمد لله الذي أعطاني ما لم يعطِ أحدًا، إذ نجاني منها بعد أن رأيتها، هو يعتبر أن الله قد من عليه منة، لم يعطها لأحد آخر،فإذًا على مقدار هذا النور الذي يتعاطاه في هذه الحياة على مقدار ما يعطيه الله من النور.

 وذكر الله سبحانه وتعالى أهل النفاق، أهل النفاق هؤلاء لا يوجد في داخلهم نور، كانوا يستضيئون بالنور الخارجي في إطار المجتمع مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَاراً فَلَمَّا أَضَاءتْ مَا حَوْلَهُ لم تنر عندهم في داخلهم، هي أنارت في الخارج فهم انتفعوا بهذا النور دنيويًا وليس أخرويًا ذَهَبَ اللّهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لاَّ يُبْصِرُونَ حتى إذا مر أهل الإيمان على الصراط أعطي هؤلاء المنافقون نورًا ثم طفئ، لأنه كان في الحقيقة غير موجود، فحينئذٍ ينادون المؤمنين، الذين آتاهم الله نورًا انظُرُونَا انتظروا قليلًا لكي نستطيع السير فنحن لا نرى شيئًا، نَقْتَبِسْ مِن نُّورِكُم كما كانوا يفعلون في الدنيا قِيلَ ارْجِعُوا وَرَاءكُمْ فَالْتَمِسُوا نُوراً فهنا لا يوجد، هذا النور نحن قادمين به من الدنيا، هنا لا يوجد مصدر للنور إلا النور الذي دخل به الإنسان إلى قبره، فَضُرِبَ بَيْنَهُم بِسُورٍ لَّهُ بَابٌ فاصل بين هؤلاء وهؤلاء بَاطِنُهُ في ناحية أهل الإيمان، قريب من الجنة فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِن قِبَلِهِ الْعَذَابُ ۝ يُنَادُونَهُمْ أَلَمْ نَكُن مَّعَكُمْ قَالُوا بَلَى وَلَكِنَّكُمْ فَتَنتُمْ أَنفُسَكُمْ وَتَرَبَّصْتُمْ وَارْتَبْتُمْ وَغَرَّتْكُمُ الْأَمَانِيُّ حَتَّى جَاء أَمْرُ اللَّهِ وَغَرَّكُم بِاللَّهِ الْغَرُورُ ۝ فَالْيَوْمَ لَا يُؤْخَذُ مِنكُمْ فِدْيَةٌ وَلَا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا ليس هناك فرصة للتراجع مَأْوَاكُمُ النَّارُ هِيَ مَوْلَاكُمْ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ ولذلك قال الله تبارك وتعالى في سورة التحريم يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَّصُوحاً عَسَى رَبُّكُمْ أَن يُكَفِّرَ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ يَوْمَ لَا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا حينما يرون المنافقين قد طفئ نورهم، يخافون على أنفسهم يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا لكي نمر وَاغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ.

 الحمد لله رب العالمين.

فإذًا الذي نتكلم عنه، أن تربية الله سبحانه وتعالى لنا تقودنا إلى الله على مراتب ودرجات، مرتبتين كبيرتين؛ ربِّي ثم رباني، أما النور فهو على مدارج ومراقي كثيرة لا نستطيع حصره، مستوى الإضاءة هذا مستوى دقيق جدًا سيتفاوت فيه الناس، كلما ارتقى الإنسان درجة، كلما علا في مراقي النور دنيويًا وأخرويًا، وبالتالي كلما انتفع به الناس، فهذا الذي نريد أن نتكلم عنه، لكي ينتقل مجتمعنا من الظلمة إلى النور لابد أن يكون وسطنا أناس كثير لديهم من هذا النور، على حسب كثرة هؤلاء على حسب ما يستضيء المجتمع ويستنير، لكن إذا لم يكن ذلك سنكون دائمًا في ظلمة، نكتسب نور شخصي أو نستضيء على الأقل بنور غيرنا إلى أن نستوقد منه، فنحن كل ما نحتاجه، وكل الذي نحتاج أن نركز عليه، وكل الذي لابد أن نسعى إليه، اكتساب النور، لكي نستضيء نحن ولكي يمن الله علينا فيستضيء غيرنا بنا.

 نحن نتكلم عن مصباح الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ هذا المصباح ينير ويرتقي حتى يصير شمسًا مضيئة، الله سبحانه وتعالى قال: تَبَارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّمَاء بُرُوجاً وَجَعَلَ فِيهَا سِرَاجاً وَقَمَراً مُّنِيراً فلما وصف نبيه صلى الله عليه وسلم قال: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِداً وَمُبَشِّراً َنَذِيراً ۝ وَدَاعِياً إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجاً مُّنِيراً جمع له النيرين، الله سبحانه وتعالى قال: وَجَعَلَ فِيهَا سِرَاجاً هذه الشمس وقَمَراً مُّنِيراً هذا القمر، فلما وصف نبيه صلى الله عليه وسلم جمع له النيرين جميعًا، قال: وَسِرَاجاً مُّنِيراً فهذا هو منتهى النور، مقام النبي صلى الله عليه وسلم هذا هو منتهى النور، أنار النبي صلى الله عليه وسلم للعالمين، من حين مبعثه إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، فهذا النور ليس له حد، يصل في النهاية أن يكون الشخص كالشمس، يقول صلى الله عليه وسلم: أول زمرة يدخلون الجنة، على صورة القمر ليلة البدر، ثم الذين يلونهم كأحسن كوكب دري في السماء إضاءة، قلوبهم على قلب رجل واحد لا تباغض بينهم ولا تحاسد، وفي رواية لا اختلاف بينهم ولا تباغض، النبي صلى الله عليه وسلم يصف أول أناس يدخلون الجنة من أهل الإيمان، أول من مر على الصراط، أول زمرة وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَراً ليسوا آحادًا، وإنما جماعات، ما شكل أول زمرة؟ على صورة القمر ليلة البدر.

والمرحلة التالية، كأحسن كوكب دري في السماء إضاءة، فما صفاتهم القلبية، ما الذي أوصلهم إلى ذلك؟ قلوبهم على قلب رجل واحد، المحبة والود والإخاء والإخلاص، لا اختلاف بينهم ولا تباغض، وقال: لا تباغض بينهم ولا تحاسد، قلوب طاهرة ونقية، ولذلك استحقت أن تكون على هذا المستوى من الإضاءة وعلى هذا المستوى من الإنعام، ومن ليس كذلك؟ في اقتضاء العلم العمل عن أبي برزة الأسلمي قال صلى الله عليه وسلم: مثل الذي يعلم الناس الخير وينسى نفسه مثل الفتيلة تضيء الطريق للناس وتحرق نفسها، فهناك نور ينفع ونور يحرق ولا ينفع، يعني من الممكن أن يضيء الشخص لكنه ليس مصباح، هذا شيء والشمعة شيء آخر، الشمعة هذه تنير لغيرها لكنها لا تستضيء فهي في النهاية تحترق، وهذا هو الخطر، أن الإنسان يشع النور من قلبه على ظاهره، من داخله على الخارج، فإذا كان يحمل الشمعة في يده وفي داخله مظلم!! لذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله ينصر هذا الدين بالرجل الكافر، هو سوف ينير، لكن هذا شمعة، سينير وهو سوف يحترق.

قال صلى الله عليه وسلم: يجاء بالرجل يوم القيامة، فيلقى في النار، فتندلق أقتابه ” أمعاؤه تخرج من معدته ” فيدور بها كما يدور الحمار بالرحى، فيجتمع عليه أهل النار، فيقولون يا فلان ألم تكن تأمرنا بالمعروف وتنهانا عن المنكر، فيقول بلى كنت آمر بالمعروف ولا آتيه، وأنهى عن المنكر وآتيه. فهذا نموذج الشمعة، الناس سوف ينتفعون به، لكن ليس انتفاعًا كبيرًا لأن الشمعة نورها أيضًا محدود، لكن في النهاية يحترق، فالنور الذي نتكلم عنه ليس هذا، إنما نتكلم عن نور الإيمان الذي يشرق من القلب على الظاهر من الداخل على الخارج، فيضيء لنفسه ويستضيء به الناس، وهذا النور قرين الإيمان، أي درجة من الإيمان لابد أن يقارنها درجة من النور، وعلى حسب ما نكتسب من النور على حسب ما يمن الله علينا، ونمر على الصراط، الأمر ليس سهلًا أو بسيطًا، نحن مقدمون على أمر عظيم، ولذلك كان سليمان الدارني يقول: إذا رأيت الرجل يقول للرجل موعدنا عند الصراط فاعلم أنه لا يعلم ما هو الصراط. يعني إذا كان شخص بينه وبين غيره خصومة، ويريد أن يقول أني سأقابلك عند الله يوم القيامة، فقال موعدنا الصراط، فهذا لا يعلم شيئًا، قال: لأنه لو علم ما الصراط، لتمنى ألا يتعلق بأحد ولا يتعلق به أحد. الصحابة كانوا أحيانًا يتمنون أنهم إذا ماتوا ألا يبعثوا، لكننا غير مدركين لهذا الأمر، هذا شيء بعيد، ونحن هنا في محل اكتساب النور، لا نريد أن نضيعه، ولذلك القضية لابد أن يكون الشخص مشرق داخليًا ثم يخرج منه النور، نحن عندنا مثلاً شيء اسمه ” شيك بدون رصيد ” يعني إذا كتبت شيك إما أن يكون عندي حساب في البنك مسبقًا وهذا هو الطبيعي، عندي حساب مسبق في البنك يغطي الشيك وزيادة، أو على الأقل إذا كتبت الشيك ولم يكن معي المال، أني سأجتهد وأسارع، أن أضع رصيد، فعندما يأتي الميعاد المؤرخ به الشيك، يكون فيه فلوس، طيب إذا كنت ليس عندي رصيد سابق ولن أضع أموالًا؟ فإذًا أنا في النهاية مجرد ” نصاب ” فأنا الآن أتكلم، لابد أن يكون هذا الكلام ” متغطي ” عمليًا ومسبقًا، فإذا لم يكن؟ فأنا على الأقل أجاهد وأسعى أن أطبق هذا، ولذلك قال سفيان الثوري ليوسف بن أسباط: إذا رأيت القارئ ” العالم، قارئ القرآن ” يلوذ بالسلطان، فاعلم أنه لص، وإذا رأيته يلوذ بالأغنياء فاعلم أنه مرائي. صورة فقط، من الممكن أن ينتفع به الناس، لكن انتفاع محدود، هو في النهاية انتفاع الشمعة.

 خلاصة ما نريد أن نقوله، لكي نخرج من رمضان بخير لابد أن نضع أنفسنا على بداية الطريق، لا يجب أن نتأخر أكثر من ذلك، طيب كيف نضع أنفسنا على بداية الطريق؟ نخضع لقواعد التربية الربانية، نستمد من النور الإلهي، نحن نحتاج إلى النور دنيويًا وأخرويًا، وعلى حسب هذه الاستثمارات على حسب ما يمكن أن نحصل من نور في المستقبل، مثل أي شيء إذا لم أستثمر لن أجني الثمرة، نحن تكلمنا في خطبة سابقة عن الإنسان ما بين الفاعلية والمفعولية، هو يكون فاعلًا في هذه الحياة، فاعلًا بصورة محدودة وليست فاعلية مطلقة، الفاعلية المطلقة لله، فالإنسان له فاعلية وله إرادة وله حركة ولكنها محدودة، أما حينما تبلغ الروح الحلقوم، ينتقل من الفاعلية المقيدة، إلى المفعولية المطلقة، لا يصنع شيئًا، أنا أخرج من التأثير في مسرح الحياة تمامًا، سأتحول إلى شخص مفعول به مطلقًا دائمًا، ماذا فعلت لهذا؟ أنا الآن في إطار الفاعلية، سأفعل أشياء لكي أجني ثمرتها في المفعولية، فإذا لم أفعل قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ ۝ لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحاً فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا انتهى، وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيهَا رَبَّنَا أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَالِحاً غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُم مَّا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَن تَذَكَّرَ وَجَاءكُمُ النَّذِيرُ فَذُوقُوا فَمَا لِلظَّالِمِينَ مِن نَّصِيرٍ نحن نحتاج إلى النور الذي يكتسب من الإيمان والطاعة والإخلاص والقرب من الله سبحانه وتعالى، نحتاج استثمار كبير إذا كنا لا نريد أن نقف هناك كثيرًا، إذا كنا لا نريد في الآخرة أن نعاني من الكروبات، فلابد أن نعد لهذا من الآن، من اليوم، لأننا إذا لم نفعل شيئًا، فالإنسان سيكون في دائرة الحسرة، ولذلك قال الله تعالى: وَأَنذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ لماذا الحسرة؟

لأنني لا أستطيع أن أفعل شيئًا، لن أستطيع أن أعالج المشكلة، لن أستطيع استدراك ما فات، وَأَنذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الْأَمْرُ طب نحن الآن؟ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ وَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ ۝ إِنَّا نَحْنُ نَرِثُ الْأَرْضَ وَمَنْ عَلَيْهَا وَإِلَيْنَا يُرْجَعُونَ قال تعالى: وَلَوْ تَرَى إِذْ فَزِعُوا فَلَا فَوْتَ عند الموت وَأُخِذُوا مِن مَّكَانٍ قَرِيبٍ ۝ وَقَالُوا آمَنَّا بِهِ وَأَنَّى لَهُمُ التَّنَاوُشُ مِن مَكَانٍ بَعِيدٍ يريد أن يتناول الإيمان لكنه لا يستطيع أن يصل إليه وَقَدْ كَفَرُوا بِهِ مِن قَبْلُ وَيَقْذِفُونَ بِالْغَيْبِ مِن مَّكَانٍ بَعِيدٍ ۝ وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ كَمَا فُعِلَ بِأَشْيَاعِهِم مِّن قَبْلُ إِنَّهُمْ كَانُوا فِي شَكٍّ مُّرِيبٍ أَفَرَأَيْتَ إِن مَّتَّعْنَاهُمْ سِنِينَ ۝ ثُمَّ جَاءهُم مَّا كَانُوا يُوعَدُونَ ۝ مَا أَغْنَى عَنْهُم مَّا كَانُوا يُمَتَّعُونَ فنحن لا نريد أن نضيع الفرصة، فرصة النور والاستضاءة، هذا هو الخير دنيويًا وأخرويًا، نحن لن نخسر، أنا لا أتكلم عن شيء نخسر فيه لكي نكسب، هذا ليس موجودًا، نحن لا نخسر في الدنيا وسنضحي لكي نكسب، أنا أتكلم أن الله سبحانه وتعالى يدعونا إلى النور، في الدنيا والآخرة، وهذا طريق واحد هذا امتداد لذاك، النور هنا سينير هناك، هو هو ليس شيء آخر، وعلى مقدار النور هنا على مقدار النور هناك، لن تظلم معنا هنا لكي تنير هناك، نحن لن نضحي بشيء، نحن سنضع فقط أنفسنا على طريق السعادة الحقيقي، الذي لا نستطيع أن نصل إليه، أو الذي غفلنا عنه، أو الذي انصرفنا عنه، السعادة تساوي القرب من الله، فقط، السعادة الدنيوية والأخروية هي شيء واحد تساوي مقدار قرب الإنسان من الله، أنا ماذا أريد؟ أنا أريد أن أعيش في الدنيا بشكل جيد، فمن الذي يملك الدنيا؟ أريد أن أطمئن في الدنيا غدًا؟ فمن الذ يملك الغد، لا أريد أن أوذى من أحد؟ من الذي يملك أفئدة الناس وقلوبهم وجوارحهم، أنا أريد الدنيا، من أين تأتي؟ الذي يملك الدنيا والآخرة هو الله، أنا لو أريد الدنيا سأطلبها من الله سبحانه وتعالى، وإذا كنت اريد الآخرة أيضًا من الله، لأن الله مالك كل شيء، فإذا كان كل طموحي دنيوي سوف أكون واهمًا إذا كنت أتخيل أنني أستطيع أن أصل إليه بدون أن أستمده من الله، مَّن كَانَ يُرِيدُ ثَوَابَ الدُّنْيَا فَعِندَ اللّهِ ثَوَابُ الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَكَانَ اللّهُ سَمِيعاً بَصِيراً إلى أين أذهب؟! أياً كانت اتجاهاتي أيًا كانت مطالبي، أيًا كانت مطامحي، إذا لم يؤتني إياه الله سبحانه وتعالى، لن أتحصل عليها، قال تعالى: فَأَيْنَ تَذْهَبُونَ؟ لا يوجد مكان آخر، فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ لا يوجد مكان آخر نذهب إليه، إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَن تَنفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ فَانفُذُوا لَا تَنفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطَانٍ لابد أن يكون بقدرة من الله، فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ۝ يُرْسَلُ عَلَيْكُمَا شُوَاظٌ مِّن نَّارٍ وَنُحَاسٌ فَلَا تَنتَصِرَانِ هذا خطاب لنا وللجن معًا، فكل فريق لابد أن يمر على الله، لكننا نسلك السبل، قال الله: وَعَلَى اللّهِ قَصْدُ السَّبِيلِ وَمِنْهَا جَآئِرٌ طرق ظالمة ومنحرفة وَلَوْ شَاء لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ قصد السبيل، اهدِنَــــا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ وَأَنَّ هَـذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ,

الخلاصة، لا سعادة إلا في جوار الله، لا طمأنينة إلى مع الله، لا دنيا ولا آخرة إلا بيد الل، خزائن كل شيء بيد الله سبحانه وتعالى، ونحن الآن في المهلة والفرصة، ولابد أن نكتسب من النور، لكي لا نندم بعد ذلك، لأن أصعب شيء أن هناك أشياء لا يمكن استدراكها، أي شيء يفوتنا في الدنيا من الممكن تحصيلها، حتى إذا فاتتنا ولم نستطع تحصيلها لن تكون خسارة كبيرة، لكن هناك أشياء خسارتها لا تعوض.

ولا نبالي إذا أرواحنا سلمت بما فقدناه من مال ومن نشب ” المال والمنصب والجاه، هذه الأشياء سهلة تعوض “

المال مكتسب والعز مرتجع إذا النفوس وقاها الله من عطب ” كل شيء يستدرك في الدنيا، لكن إذا فاتت الفرصة في الدنيا، لن نستطيع أن نستدرك “

 أين المشكلة؟ أننا سوف ننسى سوف نخرج من المسجد وننسى، لأننا دائرين في دوائر معينة، مستغرقين فيها بالكلية، لابد أن نفتح مسار صغير للتذكرة، وللعظة وللعبرة وللاتصال بالله، ” افتح أنبوبة صغيرة وهي هاتوسع لنفسها ” لماذا هذا الكلام لا يفعل؟ لأننا مستغرقين في الحياة بالكلية، ” أول ما لاقي بتاع البطيخ برة بنسى كل حاجة، بركز في البطيخة، بعد كده خلاص ” وهذه هي المشكلة، الكلام غير مؤثر لأنني لا أتابعها، ” أنبوبة صغيرة أبث فيها خير ولو حاجة بسيطة؛ قرآن، أشياء بسيطة من الذكر، دي هاتوسع لنفسها هي بتتصرف ” عمليًا لابد أن نفع شيئًا ” هانفضل نمصص والله ينور وكلام جميل يا مولانا!! طب وبعدين بقى؟ لازم يحصل حاجة، إحنا نعملها وحاجة أنا أعملها، أنا بقى أنيل وأطين لأن أنا اللي بتكلم، دي مشكلة أصعب، لأن اللي بيتكلم مسؤوليته أكبر من اللي بيسمع، لأن اللي بيتكلم المفروض عنده من الإدراك أكثر من الي بيسمع، بدليل أن هو بيلقي، الحاجة التانية، أنه مسؤول عن امتثاله عن اللي هو بيقوله، لأن هو لو لم يمتثله يضيع كل حاجة ” ولذلك كان يقول ابن القيم: علماء السوء قعدوا على باب الجنة، يدعون إليخا الناس بأقوالهم وتقول أفعالهم لا تسمعوا منهم، فلو كان ما يقولونه حقًا، لكان أعمل الناس به، فهو تناقض أنا أقول للناس اسلكوا هذا الاتجاه، لكنني أسير في الاتجاه المقابل، فالأقوال تدعو لهذا والأعمال تخالفها، لذلك كان يسميهم قطاع الطريق إلى الله، لأنهم جالسين في الطريق يردون الناس عنه، مع أنه يصف لك لفظيًا وصفًا صحيحًا، لكنه في الحقيقة لا يلتزم بما يقوله.

فالمهم، لابد أن نفعل شيئًا، لأننا مقدمين على أمر عظيم، لا نضيع الفرص، نفتح مسار صغير يمن الله بها علينا.

اللهم كن لنا ولاتكن علينا، وأعنا ولا تعن علينا، وانصرنا ولا تنصر علينا، وامكر لنا ولا تمكر علينا، واهدنا ويسر الهدى إلينا، وانصرنا على من بغى علينا.

اللهم اجعلنا لك ذكارين، لك شكارين، لك رهابين، لك مطواعين، إليك أواهين منيبين.

اللهم تقبل توبتنا، واغسل حوبتنا، وامحو خطيئتنا، وثبت قلوبنا، وسدد ألسنتنا، واسلل سخيمة صدورنا.

اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عنا، اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عنا.

اللهم ارحم في هذه الدنيا غربتنا، وارحم اللهم عند الموت كربتنا، وارحم اللهم في القبور وحشتنا، وارحم اللهم في القيامة ذل مقامنا بين يديك.

اللهم اجعلنا هداة مهتدين، غير ضالين ولا مضلين، اللهم توفنا مسلمين، وألحقنا بالصالحين، غير خزايا ولا مفتونين.

اللهم يا مقلّب القلوب ثبت قلوبنا على دينك.

اللهم يا مصرّف القلوب صرّف قلوبنا على طاعتك.

اللهم يا وليّ الإسلام وأهله مسّكنا الإسلام حتى نلقاك عليه.

اللهم يا وليّ الإسلام وأهله مسّكنا الإسلام حتى نلقاك عليه.

اللهم يا وليّ الإسلام وأهله مسّكنا الإسلام حتى نلقاك عليه.

أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم.

ففروا إلى الله · نقطة مضيئة
https://soundcloud.com/gluwoeogvuvy

أضف تعليق