Generic selectors
المطابقات الدقيقة فقط
البحث في العنوان
البحث في المحتوى
Post Type Selectors
البحث حسب التصنيف
أحداث جارية
أسماء الله الحسنى
الأذكار
التلون
السيرة النبوية
القصص في القرآن
الكتب
بني آدم والشيطان
بني إسرائيل
تراجم
تربية
تربية
تفسير
جهد الغلبان في تبيان فضائل القرآن
خطب الجمعة
خطو خاتم الأنبياء ما بين اقرأ وإذا جاء
دروس
رمضان 1436هــ - 2015م
سلم الوصول إلى علم الأصول
عقيدة
غير مصنف
كتابات
كلمة التراويح
مسألة الرزق
من قصص كتاب التوابين
من هدي النبوة
مواسم الخير
هذه أخلاقنا

وآتينا داود زبورا

الحمد لله رب العالمين وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ولي المتقين وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه الطيبين الطاهرين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين ثم أما بعد.

 كانت جماعة من طلبة الحديث يعقدون مجلساً لتدارس العلم ما بين صلاة العصر إلى صلاة المغرب، ثم كانوا يلاحظون أن واحداً منهم وربما كان من أعلمهم ومن أبرزهم لا يجالسهم بمجرد أن تنقضي صلاة العصر يسرع يدخل البيت، وهذا يتكرر بشكل دائم، فاستغربوا من ذلك، لماذا يسرع الإنسان المشتغل بنفس الفن ونفس العلم ونفس التخصص إلي المنزل ليجلس فيه ولا يحضر مجلس العلم بالرغم من فضل مجلس العلم؟ فسألوه، قالوا: ” أنت إذا صليت العصر لم تجلس معنا ” فقال: ” أدخل إلى بيتي فأجالس الصحابة والتابعين ” ، ما بينه وبينهم مائة وقليل من الأعوام، هولاء قد ماتوا منذ زمن وهو في مكان في جهة المشرق، فلم يكن هناك أحد من الصحابة، إذا فعلى تنائي الزمان والمكان لا ينفع أن يدخل الرجل البيت ويجد أحداً من الصحابة، فقالوا: ” وأنى لك بالصحابة والتابعين ” ، من أين تأتي بهم؟،قال: ” أنظر في كتبي فأطالع سيرهم وأحوالهم، ماذا أصنع معكم؟،إنكم تجلسون تغتابون الناس ” .

 من المهم أن نفهم ماذا قال. لماذا يجلس هؤلاء الناس في المسجد؟ لقد تكلمنا منذ فترة على علم الحديث وأهمية علم الحديث ونعمة الله سبحانه وتعالى على هذه الامة بوجود هذا العلم. ماذا يعني علم الحديث؟، كم من السنوات بيننا وبين سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم؟ وكم مر علينا من الأجيال لكي ندرك زمان النبوة؟، أزمنة طويلة وأجيال كثيرة مرت، إذاً عندما يقول أحد اليوم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كيف نعرف أنه يقول صواباً أم خطأ؟، كيف نعرف أنه يصدق أو يكذب؟ في زمان الصحابة لم تكن هناك أزمة، لأن كلهم أهل دين وأهل أمانة، لن يقول أحد شيء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا وهو متأكد تماماً من مصداقية ما يقول، يكفي أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقول: ” من كذب علي متعمداً فليتبؤا مقعده من النار ” وهذا من أكثر الاشياء التي نقلوها، لماذا من أكثر الأشياء التي نقلوها؟ دلالة على إحساسهم بخطر هذه الكلمات والمسؤولية والأمانة إزاء هذه الكلمات، أما بعد ذلك فتغيرت الأحوال وقل مستوى التدين والاهتمام ومستوى الحفظ والاستيعاب فكان لزاماً أن تكون هناك قواعد.

 عندما أقول أنني سمعت من فلان، فلان هذا يجب أن تتوافر فيه صفات معينة لكي نقبل منه هذا الكلام، هذه الصفات ركنان، الأول هو مستوى الايمان والخشية لله، والثاني هو مستوى جودة وقوة حفظه، إذا توافرت هاتان الصفتان يكون هذا الشخص أهل أن يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهم يجلسون يدرسون الأسانيد، والأسانيد هي سلاسل الرواة الذين يروون الأحاديث. هل هذا شيء سيء أم جيد؟ هذا شيء ضروري، لأنه بدونه لا نستطيع التمييز بين الصواب والخطأ.

 ماذا تمثل السنة؟ هي تمثل الوحي الذي أوحاه الله سبحانه وتعالى للرسول صلى الله عليه وسلم لكي يبين القران ولكي يهدي الناس، فلا يوجد شيء أهم من النور الذي أوحاه الله إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا أهم من أن يحفظ، ولذلك تكفل الله بحفظه، قال تعالى إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ.

 إذا هم يفعلون شيئاً في غاية الأهمية، لماذا لا يجلس معهم؟. هو يقول أنا سوف أدخل البيت لكي أقرأ عن نفس الناس الذين يقرءون هم عنهم ولكن بشكل آخر، هو يقول أنا أنظر إلى السير والأحوال.

 نحن الآن عندنا الإسناد، نقول فلان ضعيف وفلان حفظه فيه مشكله أو أمانته فيها ضعف مثلاً، هذه ضرورة نقوم بها لكي نحفظ السنة، لكن هل سنقوم بذلك يومياً؟ أي هل سنأتي كل يوم بنفس الأحاديث ونعيد نفس الكلام؟ لا، لأن الكلام عن الناس ضرورة والضرورة تقدر بقدرها، أنا أتكلم عن فلان بالقدر الذي أحفظ به الدين، أقوم به بعمل سياج واقي للسنة وللدين لكي يحفظ، أما أن أكثر من قدر الحاجة فهو داخل في إطار الغيبة والنميمة وانتقاص عباد الله.

 لماذا أريد حفظ الإسناد؟ من أجل الحديث نفسه، الآن لدينا الحديث الذي هو كلمات النبي صلى الله عليه وسلم، حسناً، نحن بحثنا في الإسناد وتأكدنا أن هذا حديث، فما المفترض أن نفعله؟ ننشغل بالحديث فهماً وعملاً وتطبيقاً، وأأتي غداً وبعد غد أتكلم في الأسانيد، فمتى نصل إلى السنة؟ متى نصل إلى المتن؟ حسناً، عمن يتكلمون؟ يتكلمون على الضعفاء لأنه لابد من تبيين حالهم لكي نحفظ السنة، وهو.. عمن يتكلم أو يقرأ؟ يقرأ عن الثقات، لماذا الثقات؟ لأنهم الأئمة الذين يقتدى بهم، فتقرأ مثلاً في حديث أن به محمد بن سيرين أو سعيد بن المسيب من أئمة التابعين، هؤلاءعلماء لا نحتاج أن نتكلم عنهم بمجرد أن تذكر اسمه فمعلوم أن هذا عَلم وإمام لا تحتاج أن تقول أنه ثقة، حسناً، وبالنسبة لك من يكون سعيد بن المسيب؟ مجرد اسم مر عليك، حسناً، هذا العَلم والإمام الكبير.. لماذا أصبح عالماً وإماماً؟ لماذا رفع الله سبحانه وتعالى من قدره؟ ما هي الأخلاق والصفات التي كان يتصف بها؟ فهو كان مشغولاً بهذا، أن يتلمس في حياته قدوات يقتدي بهم، ولكن هؤلاء ليسوا موجودون في الشارع ولا في المسجد ماذا يفعل؟ كيف يحل المشكلة؟ يرجع للكتاب، ” بس هو لما يرجع للكتاب قال ايه؟ ” قال: أجالس الصحابة والتابعين، ما معنى ذلك؟ لن يقرأ فقط، ما المقصود من أجالس؟ أنه سيحضرهم كأنهم أحياء ويتعامل معهم، ويسمع لهم، ويتعلم منهم كأنه قد دخل المسجد ووجدهم يجلسون، يقول لهم أنني أترك مجلسكم لكي أفعل ذلك، وماذا تفعلون أنتم؟ أنتم تفعلون شيئاً هو في ظاهره دين لكنه في الحقيقة ليس ديناً، في الشكل دين نريح به ضمائرنا، لكنه في الحقيقة ليس كذلك، لماذا؟ لأنهم سيفنون حياتهم كلها في الإسناد ولن يصلوا طيلة حياتهم أبداً للمتن، المتن هذا هو الدين، ولذلك اليوم كل هؤلاء ممن كانوا في هذا المجلس لم يذكر منهم أحد بل ولا نعرف أسمائهم، لا نعرف أسمائهم، عدا هذا الرجل حين تقرأ في الكتب ستجد عبد الله بن المبارك مازال موجوداً، لماذا مازال موجوداً؟ لأنه كان تلميذاً في هذه المدرسة فعلاً وهم لم يكونوا كذلك.

 فماذا كان يفعل إذاً؟ كان يبحث عن القدوة المفقودة التى لا توجد في الحياة، وهذا ما نعاني منه، نحن لا نملك قدوات مشهودة نتعلم منها، نقدي بها، لذلك سيضطرب الأمر، وما الحل؟ يجب أن نفعل كما كان يفعل، نبحث عن القدوة كي نقتدي بها، نحن نتكلم عن النبي لأنه القدوة التي من المفترض أن نقتدي بها، فاختارنا نبي نتكلم عنه، وذكرنا في الجمعة الماضية أن ربنا حين بين فضله على النبي أو نعمته على النبي أو أراد أن يثني على النبي ما أول شيء قاله؟ التسبيح، أعظم نعمة أعطاها الله للنبي الذي نتكلم عنه أن ربنا رزقه نعمة التسبيح، حسناً، هل هو الذي يسبح فقط؟ لا إِنَّا سَخَّرْنَا الْجِبَالَ مَعَهُ يُسَبِّحْنَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِشْرَاقِ ۝ وَالطَّيْرَ مَحْشُورَةً كُلٌّ لَهُ أَوَّابٌ دعونا نفكر ما هو شكل التسبيح أو حال التسبيح أو وجدان التسبيح الذي من أجله جعل الله سبحانه وتعالى هذا التجاوب يحدث من الكون ومن الجمادات ومن الطيور، إذا أحببت أن أتكلم عن تسبيح سيدنا داوود، شيء يخيف، تقلق وتهاب أن تتكلم عنها، هذا المستوى من النعمة، ولذلك ربنا سبحانه وتعالى قال ذلك وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ مِنَّا فَضْلًا أول فضل يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ ثم بعد ذلك وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ هذه أولاً وبعد ذلك الثانية، يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ هذه أول نعمة، ثم وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ ۝ أَنِ اعْمَلْ سَابِغَاتٍ وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ وما الواجب علينا بعد ذلك؟ نشكر النعمة وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ربنا سبحانه وتعالى يقول إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَوْحَيْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَعِيسَى وَأَيُّوبَ وَيُونُسَ وَهَارُونَ وَسُلَيْمَانَ وبعد ذلك وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا لماذا؟ قد ذكر النبيين هنا، ونعم ربنا عليهم وإيحاء ربنا لهم، حين ذكر داوود ذكر الكتاب وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا قال تعالى وَرَبُّكَ أَعْلَمُ بِمَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَقَدْ فَضَّلْنَا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلَى بَعْضٍ وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا مرة أخرى، فلماذا ربنا سبحانه وتعالى وهو يذكر النبيين ونعمه عليهم يقارن بين داوود عليه السلام وبين الزبور؟، سنجد في القرآن ربنا سبحانه وتعالى يتكلم عن التوراة إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا، يتكلم عن الإنجيل وَآتَيْنَاهُ الْإِنْجِيلَ فِيهِ هُدًى وَنُورٌ وَمُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ، يتكلم عن صحف إبراهيم وعن صحف موسى قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى ۝ وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى ۝ بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا ۝ وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى ۝ إِنَّ هَذَا لَفِي الصُّحُفِ الْأُولَى ۝ صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى أَمْ لَمْ يُنَبَّأْ بِمَا فِي صُحُفِ مُوسَى ۝ وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى ۝ أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ۝ وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى ۝ وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى ۝ ثُمَّ يُجْزَاهُ الْجَزَاءَ الْأَوْفَى ۝ وَأَنَّ إِلَى رَبِّكَ الْمُنْتَهَى ربنا قال لنا الأشياء التي في صحف إبراهيم والأشياء التي في صحف موسى، أشار إلى ما في التوراة وما في الإنجيل، لم يقل الأشياء التى في الزبور، لم يقل الأشياء التي في الزبور ولكنه قال وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا لماذا؟ لماذا؟ لماذا ذكر نعمة ربنا سبحانه وتعالى على داوود بالكتاب؟.

 سنتكلم عن كيف بين ربنا سبحانه وتعالى عظمة التلاوة، النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ما أذن الله لشيء ما أذن لنبي حسن الصوت بالقرآن يجهر به، ما أذن الله لشيء ما أذن لنبي حسن الصوت بالقرآن يجهر به، ما معنى أذن؟ معناها أصغى، الآن عن من يتكلم النبي صلى الله عليه وسلم؟ يتكلم عن ربنا سبحانه وتعالى أن ربنا سبحانه وتعالى يحب، يحب ويرضى، حتى أنه سبحانه وتعالى في عليائه يصغي وينصت إلى هذا النبي الذي يتلو آيات الله، الأذن هو الإصغاء والإنصات، نحن نعرف أذن يأذن إذناً، أي أعطى إذن لشخص ليفعل شيئاً، أجاز له أو أباح له، أذن يأذن أذناً أصغى وأنصت، ماذا يقول النبي صلى الله عليه وسلم؟ يقول أن ربنا سبحانه وتعالى لا يصغي إلى شيء كما يصغي إلى النبي الذي يتلو كلمات الله، فإذاً تلاوة كلمات الله لها معنى أكبر بكثير من مجرد أن تأخذ ثواباً، أو تعمل بهذا الكلام وتلتزم به، ربنا سبحانه وتعالى في عليائه يحب ويرضى ويصغي وينصت إلى هذه الكلمات، ولكن من من؟ لماذا النبي؟ لماذا النبي؟ لأنه لا يوجد أحد أكثر إيماناً أو يقيناً أو إحساناً أو إحساساً أو تجاوباً أو تأثراً بهذه الكلمات، ولا خشية لله سبحانه وتعالى من جراء هذه الكلمات كما يكون النبيون، وآتاهم الله سبحانه وتعالى صوتاً حسناً يجهرون به بكلمات الله، فحين يفعلون يأذن الله تبارك وتعالى لهم، لذلك حينما نقول أن سيدنا داوود يسبح وربنا سبحانه وتعالى يجعل الجبال والطير تتجاوب معه فسندرك أن مآل هذا أن ربنا سبحانه وتعالى فوق عرشه فوق السماوات سبحانه وتعالى يصغي إلى هذه العبادة، إلى هذه القراءة إلى هذا التسبيح.

النبي صلى الله عليه وسلم قابل سيدنا أبو موسى الأشعري في الصباح فماذا قال له؟ قال: لو رأيتني وأنا أستمع إلى قرائتك البارحة، لقد أوتيت مزماراً من مزامير آل داوود.

هو كان يصلي في المسجد والنبي صلى الله عليه وسلم ليلاً جلس يصغي ويستمع للقراءة، وهو لم ينتبه، فهو كان يصلي والنبي صلى الله عليه وسلم في حجرته، ولم ينتبه إلى أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصغي أو يسمع، لكن النبي صلى الله عليه وسلم قال له اليوم التالي، قال له لو رأيتني البارحة كنت ستجدني جالس أصغي وانصت لتلاوتك للقرآن، فلماذا يقول له هذا الكلام، وما أثر أن يقول له هذا؟ ” لو رأيتني وأنا أستمع لقرائتك البارحة، لقد أوتيت مزماراً ” أي صوتاً طيباً حسناً ” لقد أوتيت مزماراً من مزامير آل داوود ” فهو ربط بين هذه القراءة وبين ماذا؟ وبين وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا بين قراءة سيدنا داوود عليه السلام لكلمات الله التي أنزلت إليه، لذلك حينما يقول ربنا في موضعين في الكتاب احتفاءً بداوود لاحتفاء داوود بالكتاب، لماذا وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا ؟ ولماذا هو؟ لاحتفاء داوود بالكتاب ومع الكتاب.

أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم

الحمد لله رب العالمين

قَدْ سَمِعَ اللهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللهِ وَاللهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا تكلمنا عنها منذ فترة، هنا ربنا سبحانه وتعالى يخبر أنه سمع هذه المناجاة وأجاب المرأة التي تشتكي إلى ربها، السيدة عائشة قالت ” سبحان الذي قد وسع علمه الأصوات، لقد كانت المجادلة تجادل رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا في طرف الحجرة ” فالحجرة صغيرة، هما يتكلمان هنا وهي هنا – أي قريبة منهم – قالت: ويخفى عليّ بعض ما تقول،، أي يوجد كلمات تسمعها مما تقوله وكلام لا تسمع، وربنا سبحانه وتعالى في عليائه سمع مناجاتها وأجابها.

لَقَدْ سَمِعَ اللهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ سَنَكْتُبُ مَا قَالُوا وَقَتْلَهُمُ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لَا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ بَلَى وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ قَالَا رَبَّنَا إِنَّنَا نَخَافُ أَنْ يَفْرُطَ عَلَيْنَا أَوْ أَنْ يَطْغَى ۝ قَالَ لَا تَخَافَا إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى لكن حينما ذكر القرآن وذكر التلاوة لم يذكر السماع، ذكر الاستماع والاصغاء والانصات.

سيدنا ابن مسعود يقول أن النبي صلى الله عليه وسلم مرّ بين أبي بكر وعمر، وعبد الله يقرأ سورة النساء. عبد الله بن مسعود واقف في المسجد يصلي فقرأ سورة النساء، قال ” فسحلها ” والسحل هو القراءة المتتابعة المتواصلة، يريد أن يقول أنه قرأها كلها، أي قرأ سورة النساء كلها، التي هي بعد أن اكتملت تكون 30 صفحة،، ” مرّ بين أبي بكر وعمر وعبد الله يقرأ فقرأ سورة النساء فسحلها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم من أحب أن يقرأ القرآن غضّاً كما أنزل فليقرأه على قراءة ابن أم عبد ” أي يقرأ مثلما يقرأ هذا، ثم قعد ” أي استتم صلاته وقعد للتشهد ” فجعل يدعو ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول سل تعط، سل تعط، فكان مما قال أللهم إني أسأل إيماناً لا يرتدد ونعيماً لا ينفد ومرافقة نبيناً محمد صلى الله عليه وسلم في أعلى جنات الخلد ” اليوم التالي صباحاً – الساعة التاسعة صباحاً طرق عليه الباب – فخرج الرجل فزعاً، فحكى له، فهو لم يكن منتبهاً، فهو كان يصلي والنبي صلى الله عليه وسلم وقف، وهو يقرأ سورة النساء، والنبي صلى الله عليه وسلم ظل واقفاً إلى متى؟ إلى أن أنهى الصلاة أي وقف إلى أن انتهى من السورة كلها وركع وسجد وجلس بعد التشهد يدعو وبعد ذلك سلّم، وهو يدعو النبي صلى الله عليه وسلم قال ” سل تعط ” اسأل ربنا وربنا سيجيبك، فسيدنا عمر ذهب لكي يبشره ويقول له أن هذا حدث البارحة، فقال له نعم نعم نعم أبوبكر جاء وأخبرني!!! هو جاء التاسعة صباحاً وطرق عليه ليبشره، فيقول له أبوبكر جاء وقا لي، فمتى جاء؟؟!! قال: أما وإن فعل إنه لسابق بالخيرات، هو دائماً هكذا.

فهنا النبي صلى الله عليه وسلم كم وقف، كم من الوقت وقف لكي يسمع هذه القراءة؟ كم وقف يصغي إلى هذه التلاوة، النبي صلى الله عليه وسلم وقف يصلي، السيدة عائشة تقول وقف يصلي التهجد، فسمع صوت عباد – عباد بن بشر – رضي الله عنه، يصلي في المسجد، فقال للسيدة عائشة: أصوت عباد هذا؟ قالت: نعم يا رسول الله، أللهم ارحم عباداً، أصوت عباد هذا؟ قالت: نعم يا رسول الله، أللهم ارحم عبادا.

جاءت يوماً متأخرة بعد العشاء قال: يا عائشة أين كنت؟ أي لماذا تأخرت هكذا؟ قالت: مررت برجل من أصحابك يقرأ القرآن لم أسمع أحسن صوتاً ولا قراءة منه، فالنبي صلى الله عليه وسلم خرج وذهب عند المسجد وقعد يسمع ويصغي وهي بجانبه تسمع، ثم قال إنه سالم مولى أبي حذيفة، وبعد ذلك ماذا قال؟ قال: الحمد لله، الحمد لله الذي جعل في أمتي مثل ذلك، الحمد لله الذي جعل في أمتي مثل ذلك.

أسيد بن حضير جاء للنبي صلى الله عليه وسلم صباحا، يقول أنه البارحة كنت في مربدي – والمربد هو المكان الذي يجمعون فيه التمر، وأقرأ القرآن، وفرسي مربوط، فبدأت تجول، أي أتاها حالة اضطراب، فقلقت فسكت، فالنبي صلى الله عليه وسلم قال ” اقرأ ابن حضير – لا تسكت – قال: ثم قرأت يا رسول الله، فجالت الفرس فسكت فسكنت، قال: اقرأ ابن حضير، قال: ثم قرأت يا رسول الله وكان يحيى – ابنه الصغير نائم – قريباً منها فخشيت أن تطأه فسكت فسكنت، فنظرت ” أي إلى الخارج ” فرأيت مثل الظلة – سحابة – فيها أمثال السرج – مصابيح – تصعد في السماء حتى ما أراها ” وجد سحابة قريبة وهذه السحابة بها مصابيح وبدأت ترتفع شيئاً فشيئاً إلى أن اختفت،، ” قال: تلك الملائكة تنزلت لسماع القرآن – تلك الملائكة تنزلت لسماع القرآن “

النبي صلى الله عليه وسلم يقول ” إني لأعرف أصوات رفقة الأشعريين بالقرآن، وأعرف منازلهم بالليل من قرائتهم للقرآن وإن كنت لم أعرف أين نزلوا بالنهار ” وفد من أهل اليمن جاؤوا والنبي صلى الله عليه وسلم لا يعرف أين مكانهم، بالنهار لم ينتبه إليهم، يقول كيف عرفهم بالليل، من جملة الوفود..، يوجد ما يسمى بعام الوفود، بعد فتح مكة أناس وأفواج شتى تأتي إلى المدينة، يقول من جملة هؤلاء الناس كلهم هو يعرف هؤلاء الناس، لماذا؟ يعرفهم من أصواتهم ليلاً وهم يقرأون القرآن.

أين نحن وهذه الحياة؟ فالمشكلة أن هذا لم نعشه ولم نره، فنحن لم نعشه ولم نره، فما الحل؟ فهنا النبي صلى الله عليه وسلم عم يتكلم يتكلم عن قراءة محبوبة من الله، يتكلم عن ملائكة السماء تنزل من السماء خصيصاً لكي تصغي لكلمات الله، يتكلم عن أصوات أهل الإيمان وأهل الخشية من أصحابه وكم كان يحب هذه الأصوات ويصغي لهذه الأصوات ويتجاوب مع هذه الأصوات ويدعو لأصحابها ويسأل الله سبحانه وتعالى أن يرزقهم المغفرة وأن يرزقهم الرحمة، ويحمد الله سبحانه وتعالى أن جعل في هذه الأمة أمثال هؤلاء، أين نحن من هذا؟

ولذلك نحن إذا قرأنا وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا لا يصلح أن نقرأها كما كنا نقرأها، ربنا يتكلم عن نعمة أعطاها لأحد فحفظ النعمة، منّة أعطاها لأحد فقام بهذه المنة حق القيام، ربنا أعطاها لشخص فشكر النعمة، اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرًا وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ

اللهم اجعل القرآن العظيم ربيع قلوبنا ونور صدورنا، ذهاب همومنا وجلاء أحزاننا، اللهم ذكرنا منه ما نسينا، وعلمنا منه ما جهلنا وارزقنا تلاوته آناء الليل وأطراف النهار على الوجه الذي يرضيك عنا

اللهم إنّا نسألك فعل الخيرات وترك المنكرات وحب المساكين، وأن تغفر لنا وترحمنا وتتوب علينا وإذا أردت بقوم فتنة فاقبضنا إليك غير مفتونين

اللهم إنا نسألك حبك وحب من يحبك وحب كل عملٍ يقربنا إلى حبك

أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم.