الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ولي المتقين، وأشهد أن محمد عبده ورسوله؛ صلى الله عليه وعلى وصحبه الطيبين الطاهرين ومن تبعهم بإحسان الي يوم الدين ثم أما بعد،،،
قال رجل: لأتصدقن الليلة بصدقة، فخرج بصدقته فجعلها في يد سارق فأصبح الناس يتحدثون: تصدق الليلة على سارق،فقال: اللهم لك الحمد على سارق لأتصدقن الليلة بصدقة، فخرج بصدقته فجعلها في يد زانية فأصبح الناس يتحدثون: تصدق الليلة على زانية، فقال: اللهم لك الحمد على سارق وعلى زانية لأتصدقن الليلة بصدقة، فخرج بصدقته فجعلها في يدغني فأصبح الناس يتحدثون: تصدق الليلة على غني، فقال: اللهم لك الحمد على سارق وعلى زانية وعلى غني.
ولنا مع هذه الكلمات وقفات، أولا قبل أن نبدأ هذه الخطبة، معنا خطبة من الكويت تتحدث عن استقبال العام الجديد، تحدث فيها الخطيب عن محاسبة النفس، أن ينظر الإنسان نظرة الى ما أسلف، الى ما فرط منه في أيامه ويراجع كل عبد نفسه لينظر في عمله وهل استعد للقاء ربه أم لا. ثم خطبة من ” الدوحة “، تحدث فيها الخطيب عن الذكر وعظيم فضله وعن أن الله سبحانه وتعالى إنما ينصر هذه الأمة بالذكر وبالدعاء وتحدث عن قوله تبارك وتعالى ” اذكروا الله ذكرا كثيرا ” وعن ضرورة الإكثار من الذكر وفضل الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم في يوم الجمعة. وكلمت أحدا في ” جدة ” ولكنه يا إما كان نذلا أو لم ينتهي من صلاة الجمعة بعد.
وأما نحن ها هنا فحديثنا عن هذه الكلمات. أول شيء، رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقص علينا هذه القصة، من أين أتى إليه علمها؟، إنما هو من تعليم ربه تبارك وتعالى له، وقد تكلمنا كثيرا عن عظمة نعمة الوحي، أن الله سبحانه وتعالى يوحي إلى عبده وإلى رسوله صلى الله عليه وسلم وحيا يعلمنا به أمورا ما كنا لنعلمها لولا تعليمه سبحانه وتعالى، فإذا فنحن أمام حادثة أو قصة إنتقاها وإصطفاها وإختارها ربنا تبارك وتعالى ليلقيها إلى عبده ونبيه محمد صلى الله عليه وسلم بواسطة جبريل عليه السلام لكي ينقل إلينا رسالة ومعنى. هذا هو أول شيء، أن هذه الكمات مصدرها من الله، هذا التوجيه إنما كان منه سبحانه وتعالى.
ثم نقلها إلينا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي تحوي قصة، ما قيمة وما فائدة القصة؟ ولماذا احتفى ربنا تبارك وتعالى بالقصص؟ ولماذا سرد علينا في القرآن عديدا من قصص النبيين ومن قصص الصالحين؟
يقو الله سبحانه وتعالى: لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ ولكنه قيدها فقال لِأُولِي الْأَلْبَابِ وقال تعالى وَكُلًّا نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ وَجَاءَكَ فِي هَذِهِ الْحَقُّ وَمَوْعِظَةٌ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ،لها حكمة بالغة من الله تبارك وتعالى.
ما الفرق بين القصة وبين التوجيه المجرد أو الأمر المجرد؟ القصة هي حدث إنساني تتجاوب معه النفس الإنسانية أكثر من تجاوبها مع التوجيه المجرد الذي هو في صيغة أوامر أو قوانين ولذلك تحدثنا سابقا منذ زمان عن طبيعة البيان في كلام ربنا تبارك وتعالى وعن أن الإنسان إذا تأمل القرآن يكاد يرى الأحداث أو الكلمات أو الوقائع كأنها تجري أمامه وهذا يؤثر في نفس الإنسان وقلنا أنه اذا سلبنا الخطاب هذا التأثير ووضعنا في المقابل الدراما أو التمثيل به أيضا هذا الجانب بشكل كبير، من سيكون له الأثر الأكبر؟ خطاب الإيمان والخير أم الخطاب المقابل الذي وضع في صورة درامية؟ أيهما أكثر تأثيرا؟
في التمثيل، يوجد شخص يتحرك بتعبيرات ومشاعر، فلا تملك أنت إلا أن تتأثر به ولذلك فهذه الأشياء تصيغ الكثير من تفكير ونفسيات الناس ورؤيتهم وتوجيههم. وبالمقابل، القرآن إذا سلبناه هذا الأثر فلن يكون مؤثرا، ولذا إذا لم نحسن قراءة القرآن ستبقى موازيننا مختلة. إذا القصة لها قيمة ولكن الفكرة هي كيف نتناول القصة، هل هي مجرد رواية أم هي كما قال الله عنها أنها عبرة نعتبر بها؟ لأن في المقابل، قال رسول الله صلى الله عليو وسلم: ” إن بني إسرائيل لما هلكوا قصوا ” ، هنا أيضا يوجد قصص ولكنها سليبة، فالقصص إما أن يكو بناءا وإيجابي إذا أحسنت التعامل معه ويمكن أن يكون هدام وسلبي. ماذا يعني ” لما هلكوا قصوا “؟ يعني لنا تركوا إلتزام أوامر الله سبحانه وتعالى جعلوا الدين مجموعة قصص وروايات يتسلوا بها ولا يتجاوبون معها، فهم يصنعون نظاما دينينا خاصا بهم عبارة عن مجموعة قصص وروايات ليس لها أي أثرو لكن فقط لراحة الضمير.
النبي صلى الله عليه وسلم يحكي عن شخص أراد أن يتصدق بصدقة عظيمة خالصة، يريد أن يضع قدر كبير من المال في ظلمة من الليل بحيث لا يراه أحد فتقع هذه الصدقة خالصة مقبولة عند الله تبارك وتعالى، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذكر الأناس الذين إصطفاهم الله تبارك وتعالى في يوم الهول الأعظم لكي يقيهم من حر الشمس التي تدنو من الرؤوس حتى تكون على قدر الميل فيغرق الناس في عرقهم: ” سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله ” لا يوجد ظل غيره ولا حل بديل، لا يوجد مظلات واقية من الشمس، ” ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه ” .
” لأتصدقن الليلة بصدقة ” وفي رواية الإمام أحمد ” لأتصدقن الليلة بمالي “، أي أنه سيتصدق بمال كثير ويتمنى أن يتقبلها الله منه، فوضع الصدقة في يد شخص، فلما أصبح إذا بالناس يتحدثون أنه تصدق شخص ما أمس على سارق، من أين علموا وقد كانت صدقته في خفية؟ إذا فالشخص نفسه الذي جائته الصدقة أخبر الناس بما حدث، فالناس تتعجب، كيف يتصدق شخص على سارق وقد ترك كل الفقراء المستحقين لها، ومن الواضح أيضا أن المكان الذي يعيشون فيه ليس بكبير فلا يوجد غيره أي لم يتصدق أحد في هذه الليلة إلا هو.
فقال الرجل اللهم لك الحمد. الإنسان المؤمن يحمد ربه تبارك وتعالى على كل أمر قدره وعلى كل حال إختاره، كان محبوبا لي أو غير محبوب، كان على وفق ما أريد أو ما لا أريد، جاء على وفق هواى أو على عكسه. فقال الرجل اللهم لك الحمد على سارق، وماذا بعد ذلك؟ لأتصدقن الليلة بصدقة، سيحاول أن يجرب مرة ثانية ويأمل أن يضع الصدقة في محل القبول ويتقبلها ربنا سبحانه وتعالى منه فأعطى الصدقة لامرأة فأصبح الناس يتحدثون تُصدق الليلة على زانية، ” واضح إن الدنيا مش جاية معاه ” ، وعلى نفس المنوال هي من حكت القصة فتعجب الناس وتكلموا على هذه النادرة، بالأمس واليوم، فقال: اللهم لك الحمد على سارق وعلى زانية لأتصدقن الليلة بصدقة فأخذ صدقته فوضعها في يدي غني فأصبح الناس يتحدثون تُصدق الليلة على غني فقال: اللهم لك الحمد على سارق وعلى زانية وعلى غني، وفي رواية الإمام أحمد: ورجع إلى نفسه، أي أنه لو كان صادقاً أو مخلصاً أو محسناً كان يجب أن يوفقه الله ويوجهه إلى الوجهة الصحيحة، فإذا فشلت ثلاث محاولات متتالية فإذاً هو شخص ليس مخلصاً لذلك لم يوفقه ربنا سبحانه وتعالى ولم ييسره والأمور تسير معه بالشكل الخاطئ، دائماً يضع الصدقة في غير موضعها، حسناً، أراه ربنا سبحانه وتعالى رؤيا، لأنه الآن لا يعلم كيف يتقبل ربه تبارك وتعالى ما يفعل، فقيل له في الرؤيا: أما صدتك فقد تقبلت، وأما السارق فلعله أن يستعف عن سرقته، وأما الزانية فلعها أن تستعف عن زناها، وأما الغني فلعله أن يعتبر فينفق مما أتاه الله.
أقول قولي هذا واستغفر الله.
الحمد لله رب العالمين، فإذاً إلى أي شيء يوجهنا ربنا سبحانه وتعالى؟ أولاً لمعنى الإخلاص والحرص عليه، وهذا شيء صعب لأن الإنسان بطبيعيته يحب أن تمدحه الناس وتثني عليه وهذه في طبيعة الإنسان، فإذا رؤي يتصدق كان هذا سبيلاً لأن يثني الناس على العبد بإحسانه وبره، فإن لم يكن متعمداً لذلك فقد قال الله تبارك وتعالى إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِنْ تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَيُكَفِّرُ عَنْكُمْ مِنْ سَيِّئَاتِكُمْ الإنسان إذا كان حريصاً وبذل وسعه في تحري مرضاة الله تبارك وتعالى أن يتقبل ربنا سبحانه وتعالى منه وإن لم يوفق في وضع الإحسان في موضعه الأمثل، ربنا سبحانه وتعالى لا يضيع أجر من أحسن عملاً.
النقطة الثانية وهذه غاية في الأهمية، مدى رحمة ربنا سبحانه وتعالى بالناس، فقد تضايق الرجل وعاد باللوم على نفسه وشعر أن ربنا لا يتقبل منه فربنا سبحانه وتعالى من رحمته أراد أن يطمئنه، وهذه من ثمرات ومن حكم الرؤى، النبي صلى الله عليه وسلم قال أن الرؤيا الصالحة جزء من ستة وأربعون جزء من النبوة لأن فيها قدر من الوحي، فيها قدر من الإخبار عن الغيب، لأن ربنا سبحانه وتعالى يخبر هذا الإنسان عن أمر مغيب عنه لا يمكنه أن يدركه، هل تقبل ربنا منه أم لا، هذا الكلام وقع أي موقع من ربنا سبحانه وتعالى، وقع في أي محل، فهو حين بدأ يلوم نفسه ويبكتها وأنها ليست محل للقبول وأن ربنا سبحانه وتعالى لا ييسر له الخير، ربنا سبحانه وتعالى لطفاً به ورحمة أراه ما يطمئن قلبه، أما صدقتك فقد تقبلت.
ثم يدخل في منحنيً آخر، حكمة ربنا سبحانه وتعالى في تقديراته وتوزيعه للرزق، يقول له أنت لا تعلم ما فعلته لعله يأتي بخير أنت لا تدركه، أن هذا سيوصل رسائل لم تكن لتصل لولا هذا التدبير ولولا هذا التيسير، لأن هؤلاء الناس لا يقعون في العادة في دائرته الوعظ والتذكير، السارق والبغي، لا يقعون في دائرة الوعظ والتذكير أو ما نسميه خطاب ديني، هذا شيء، الشيء الثاني أن الكلام النظري عادة لا يأتي بفائدة، هم يعلمون أن ما يفعلونه هو خطأ، هم مدركين هذا لكن الإحسان الذي قام به هذا الرجل والإنفاق الذي أنفقه ومحاولة إيصال الخير الذي فعلها، ربنا سبحانه وتعالى يوصل له ويوصل لنا أن هذه الأشياء قد تحرك شيء في نفس الإنسان، هذا الشخص الذي يسرق يمكن أن يكون أصل الموضوع كان شيئاً عارضاً، فأحياناً يكون أول الموضوع شيء عارض ثم يتحول إلى إدمان، فاقة تتحول إلى صنعة، ظروف تتحول إلى وظيفة، ففي بادئ الأمر يكون ” متنغص ” ومضطرب ثم يستقر وصوت الضمير يخبو مع الوقت، إذا كانت البيئة ليس فيها تربية على الإيمان والأخلاق والنفوس ضعيفة والظلم الاجتماعي كبير، ووجدت الحاجة فطبيعي أن يسير في هذا المسلك، وحين يأتي له هذا الرجل وتلك الأموال، ” أصل الراجل تصدق بصدقة، الصدقة دي مبلغ كبير من الفلوس وحطه في ايدين واحد، مش كلكع عشرين جنية واداها لواحد، لا ” فهذا المبلغ يمكن أن يغني الشخص ولو جزئياً، فالإغناء مع تأثير الإحسان، أنا الآن أحاول أن أكسر أحراز وآخذ أموال من الناس، وأن هذا الشخص طواعية قد جاء بمبالغ كبيرة قد تكون أكبر من المال الذي أسرقه، وأكبر من إيرادي الشهري، جاء به طواعية وإرادة منه ووضعهم في حجري لكي يرضي ربنا سبحانه وتعالى دون أن أعلم من ذلك الرجل، فربنا يوجهها أن هذا يمكن أن يهز ويحرك أشياء في نفس الإنسان، وأن أي إنسان مهما كان قدر الشر والسوء الذي به يمكن أن يكون فيه قدر من الخير لأن أصل الفطرة الإنسان الخير وليس الشر، الأصل في فطرة الإنسان الخير وليس الشر، ولكن الشر هذا كما قال ربنا كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ طبقات من المخالفة والمعصية تتراكم على القلب يظلم ويسود، إن وجد شيء قوي قد ينفذ إلى القلب، قد تهزه، قد تغير ما بداخله.
والمرأة؟ هذا عملها، هذا عملها، فيقول ربنا؟ إنها ربما أن تستعف عن زناها، فهذا الأمر يمكن أن يؤثر في هذه النفسية، فإذاً النفسيات المنحرفة عمل الخير والإحسان والإخلاص يمكن أن يهزهم ويغيرهم ويؤثر فيهم، كلمة لعل هذه مهمة جداً، حدث هذا الكلام أم لو يحدث أجره وثوابه عن ربنا سبحانه وتعالى وَإِذْ قَالَتْ أُمَّةٌ مِنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا اللهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا قَالُوا مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ ماذا أقول حين أقف أمام ربنا؟ ولكنه عذر أنا فعلت شيئاً، حاولت أن أنصح، حاولت أن أوجه حاولت أن أأخذ بيد شخص إلى أفضل وأبعده عن السوء، قَالُوا مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ في الآية هم لم يتقوا، في الآية هم لم يتقوا فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ أَنْجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ في النهاية هم لم يضيعوا، مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ هذه لا تذهب سداً، حين تحدث مشاكل نتيجة غلبة المعاصي وإصرار المجتمع عليها، ربنا لا يترك الناس التي حاولت أن تفعل الخير، لا، أَنْجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ استخلصهم الله ونجاهم، ولذلك ذكر صلى الله عليه وسلم في قصة مقاربة أن ثلاثة أشخاص علقوا في مغارة في جبل، وحاول أن يدعوا ربنا سبحانه وتعالى بالعمل الخالص الصالح لكي ينجيهم ربنا، الرصيد من الخير والبر لا يضيعه ربنا سبحانه وتعالى، تعرف إلى الله في الرخاء يعرفك في الشدة، فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ الخير لا يضيع عند ربنا، فالرجل وهو يحكي يقول أنه استغل أن ابنة عمه، ابنة عمه، ألمت بها سنة من السنين، وجاءت تريد أن تأخذ قرضاً منه، فقال لها انه سيعطيها مائة وعشرين ديناراً مقابل أن تمكنه من نفسها، مع ضغط الشدة وافقت، وحين اقترب الموعد، لم تقدر، قالت: يا عبد الله اتق الله، اتق الله هذه بها عصمه ربنا وعصمها، ولكن هنا ها رجل وابنة عمه، ابنة عمة، ألم يملك شيئاً من القرابة أوالرحم أو النخوة أو المروءة أو أي شيء، فلا يمكن أن يستغل ابنة عمة وهي في حاجة، وهو يستثمر هذه الحاجة في هذا الأمر، شخص غريب، لكن رغم كل هذا فيه خير أعمق من ذلك، فإن لم يوجد خير لم تكن لكلمة مثل اتق الله تفعل شيئاً، يقول: حينما قالت لي اتق الله، قمت وتركت المال، مائة وعشرون ديناراً يعادلون نصف كيلو ذهب، ليست مائتين وخمسين جنيهاً، المائة وعشرون ديناراً يعادلون نصف كليا من الذهب، بسبب كلمة اتقي الله، كان بإمكانه أن يأخذ المال ويذهب أو يترك لها خمسة دنانير مثلاً، فإذاً رغم أن ظاهرة سيء جداً ولكن وراء هذا الشكل السيئ، مازالت كلمة اتق الله مترجمة بداخله، قالت اتق الله، وهو كف نفسه في موقف من الصعب جداً أن يكف فيه نفسه، شيء كان ينتظره منذ فترة، يقول أنه كان يحبها جداً كأشد ما يحب الرجال النساء وحاول هذه المحاولة قبل ذلك كثيراً، ولكنا لم تكن ترضي لأنها كانت عفيفة، ثم استثمر الحاجة الشديدة والضغط، وحين قالت له اتقي الله ترك المال، يقول: وقمت وهي أحب الناس إلى، لم يتغير أي شيء، ولكن الذي تغير فقط اتق الله.
وآخر شيء، شخص غني ولكنه لا يفعل خيراً، ووضع ماله في يد شخص غني، مثل ما نراه في الأرياف تجده يرتدي عباءة رديئة مقطعة لكنك تكتشف أن نصف أراضي القرية يملكها، فهو حسبه فقيراً فأعطاه مالاً كثيراً، والناس تدرك قيمة المال وحرص الناس عليها وشح الإنسان بالمال، فحين يروا أحداً يخرج مالاً كثيراً وهو لم يتصدق قبل ذلك فتستغرب، النبي صلى الله عليه وسلم يقول: لعله أن يعتبر، فينفق مما أتاه الله، تحيي قلبه، الإحسان والبر والتكافل والرحمة.
فإذا ماذا يقول لنا ربنا سبحانه وتعالى؟ يقول لنا أن الحرص على الخير يضع الإنسان في دائرة القبول، وبالتالي يدخل في دائرة التقوى إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ والإنسان إذا حرص على الخير سيكتب ربنا سبحانه وتعالى له أجره وثوابه حتى إن لم يوضع في الموضع الذي كان يرجوه ويتمناه، وأن الخير يمكن أن يؤثر في أي نفس، ربنا سبحانه وتعالى حين تكلم عن العداوة التي توغل الصدور، وتفسد بين العباد وتفتح مجال للشيطان، قال ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ ولكنها ليست سهلة وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ، مقابلة الإساءة بالإحسان ستزيل الشر الذي في قلب الإنسان مع الوقت، الخير حتماً سيجعل ربنا سبحانه وتعالى له عاقبة، هذا هو القانون، هذا هو القانون، قال تعالى فَاحْتَمَلَ السَّيْلُ زَبَدًا رَابِيًا وَمِمَّا يُوقِدُونَ عَلَيْهِ فِي النَّارِ ابْتِغَاءَ حِلْيَةٍ أَوْ مَتَاعٍ زَبَدٌ مِثْلُهُ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللهُ الْحَقَّ وَالْبَاطِلَ فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ هذا هو القانون، َأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ هذا هو القانون، كل هذه الشوائب ستزول ويجرفها التيار، فَيَذْهَبُ جُفَاءً سيجرفها التيار، وماذا سيبقى؟ وماذا سيبقى؟ الحق والخير فقط وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللهُ الْأَمْثَالَ.
اللهم إنا نعوذ بك من جهد البلاء، ومن درك الشقاء، ومن سوء القضاء، ومن شماتة الأعداء، ومن عضال الداء، ومن خيبة الرجاء.
اللهم إنا نعوذ بك من زوال نعمتك، ومن تحول عافيتك ومن فجأة نقمتك، ومن جميع سخطك.
اللهم إنا نعوذ بك من علمٍ لا ينفع، ومن قلبٍ لا يخشع، ومن نفسٍ لا تشبع، ومن دعاءٍ لا يسمع
اللهم إنا نسألك علماً نافعا، وقلباً خاشعا، ولساناً ذاكرا، ويقيناً صادقا، ورزقاً طيباً وعملاً صالحاً متقبلا.
اللهم يا مقلّب القلوب ثبت قلوبنا على دينك
اللهم يا مصرّف القلوب صرّف قلوبنا على طاعتك
اللهم يا ولي الإسلام وأهله مسكنا الإسلام حتى نلقاك عليه.