إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا. إنه من يهدي الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمد عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ
يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا
ثم أما بعد:
أَمْ لَمْ يُنَبَّأْ بِمَا فِي صُحُفِ مُوسَى وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى ثُمَّ يُجْزَاهُ الْجَزَاءَ الْأَوْفَى وَأَنَّ إِلَى رَبِّكَ الْمُنْتَهَى وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَى وَأَنَّهُ هُوَ أَمَاتَ وَأَحْيَا وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى مِنْ نُطْفَةٍ إِذَا تُمْنَى وَأَنَّ عَلَيْهِ النَّشْأَةَ الْأُخْرَى
يقول الله تبارك وتعالى مذكّراً بعظمته، داعياً عباده إلى رحمته، قال معرّفاً وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَى فما الضحك؟ وما البكاء؟ ولماذا يذكر الله تبارك وتعالى عبده بأنه هو سبحانه وتعالى الذي يملك الضحك ويملك البكاء، أما الضحك والبكاء فيعكسان طبيعة النفس الإنسانية، الطبيعة الانفعالية لنفس الإنسان؛ تنفعل وتتفاعل مع المثيرات والأحداث والوقائع التي تجري من حولها، وهو سبحانه وتعالى الذي يخلق في نفوسنا هذه الانفعالات، لا أحد عندما يريد الضحك يتخذ قرار بأنه سيضحك أو العكس، فالإنسان يجد نفسه مدفوعاً للتجاوب مع حدث ما عبر الفرح والسرور والانشراح والضحك ومدفوعاً بالتجاوب مع حدث ما أو مع كلمة ما عبر الحزن والشجا والبكاء.
فهو سبحانه وتعالى الذي يخلق الأحداث وهو الذي يخلق الانفعالات وأما الإنسان فهو كائن منفعل متفاعل.
وأنه أضحك وأبكى وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَى هل هناك فرق؟
قَالَ أَفَرَأَيْتُمْ مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمُ الْأَقْدَمُونَ فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي إِلَّا رَبَّ الْعَالَمِينَ الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ ليس – الذي هو خلقني – الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ وَالَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ لم يقل هنا هو، الَّذِي خَلَقَنِي لا أحد ينازع هنا، الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ وَالَّذِي هُوَ لأن المنازعة كثيراً ما تقع هنا، من الذي يطعم ومن الذي يسقي، من الذي يمدّ، ومن الذي ينعم، من الذي يحسن ومن الذي يرزق، وَالَّذِي هُوَ قصرٌ وحصر؛ هو وحده سبحانه وتعالى هو الذي يعطي ذلك ويملكه، وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ وَإِذَا مَرِضْتُ يوجد أسباب أنا آخذ بها لكن في النهاية وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ هو سبحانه وتعالى الذي يملك إيقاع التأثير؛ الذي يملك إذهاب الآلام والأدواء وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَى
إذاً هو سبحانه وتعالى الذي يخلق كل المجريات التي نتفاعل معها أو نتأثر بها، إما فرحاً وسروراً وإما حزناً وهمّاً وغمّاً، وربما الإنسان يضحك اليوم من أمر ثم يبكي منه غداً، هو هو والعكس، ربما يبكي اليوم من أمرٍ ثم يضحك منه غداً هو هو لماذا؟ لأن مآلات الأمور لا يعلمها إلا الله، قال الله تبارك وتعالى وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ربما يمرّ بالإنسان حدث يظنّه نعمة ثم تتوالى الأيام فيراه غير ما كان يراه وربما يمرّ به حدث يظنّه الإنسان شرّاً وبلاءً ونقمة ثم لا تلبث الأيام إلا أن تسفر عن رحمة عظيمة من رحمات الله عز وجل كانت مكنونة في هذا الفعل أو في هذا الحدث الذي كان لا يبدو إلا شرّاً ومقتاً وسخطاً.
الضحك: هو اتجاه النعمة وكل ما يجلب الفرح والسرور، والبكاء: هو ما نراه نقمة أو ألماً أو نقصاً أو ضرراً، فهو سبحانه وتعالى خالق كل شيء؛ الأمور المضحكة والأمور المبكية.
يعقوب عليه السلام، قال الله تبارك وتعالى وَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقَالَ يَا أَسَفَى عَلَى يُوسُفَ وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ قَالُوا تَاللهِ تَفْتَأُ تَذْكُرُ يُوسُفَ حَتَّى تَكُونَ حَرَضًا أَوْ تَكُونَ مِنَ الْهَالِكِينَ قَالَ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللهِ وَأَعْلَمُ مِنَ اللهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ يَا بَنِيَّ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلَا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللهِ إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ فماذا أعقبه الله تبارك وتعالى، وماذا أعقب سبحانه وتعالى يوسف وأخاه بل إخوته جميعاً حتى الذين كانوا من قبل من الآثمين الخاطئين، بدّل الله سبحانه وتعالى أحوالهم إلى خيرٍ وإلى برّ، قَالُوا يَا أَبَانَا اسْتَغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا إِنَّا كُنَّا خَاطِئِينَ قَالَ سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.
المثيرات التي نتجاوب معها نوعان وكلها من أمر الله تبارك وتعالى إما الأقدار التي يجريها ربنا سبحانه وتعالى، أشياء مشتركة، فالآلام حينما نراها والمآسي حينما نشاهدها، طبيعي أنها تؤثّر في مشاعرنا جميعاً، طالما بقيت لدينا مشاعر.
لكن أحياناً الرؤية تجعل النظر يختلف من شخص لشخص؛ أي: الإنسان إذا تعرض إلى ظلم شديد، أو أمّة تعرضت لظلم أمّة واستباحت منها ما حرّم الله تبارك وتعالى ثم أراد الله سبحانه وتعالى بعدله ورحمته وفضله وقسطه أن يرسل عقوبة وانتقاماً على من ظلم وتجبّر، الموقف الطبيعي يثير مشاعر الحزن، لكن لو أنك في هذا الموقف أنت من وقع عليك الظلم كفرد أو كأمّة وكان ظلماً شديداً لن تشعر بهذه المشاعر.
فما الذي يعدّل الرؤية الموقف الذي أقف فيه والنظر الذي أنظر إليه.
نحن لدينا أول شيء؛ أحداث ومواقف تجري في هذه الحياة إما إلى ضحكٍ وإما إلى بكاء؛ لكن الذي علّمنا ربنا سبحانه وتعالى إياه أنه لا يقدر إلا الخير وأن في باطن كل أمر مما نراه شرّاً أو بلاءً، عاقبة حسنة تظهر ثمراتها وأثرها في الأولى وفي الآخرة، أقلّ درجات الابتلاء التي تصيب المؤمن أي إنسان مؤمن أن الله سبحانه وتعالى يحطّ بها من خطيئاته، يكفّر بها من سيئاته، يخفف عنه من حسابه يوم يلقى ربه تبارك وتعالى، هل هكذا فقط؟ يدفع القلب باتجاه الرب سبحانه وتعالى؛ إذا كان في القلب قسوة أو كان فيه إعراضاً، أو كان فيه إدباراً يحيله سبحانه وتعالى رقةً وإقبالاً بماذا؟ بأن ربنا سبحانه وتعالى ما يزال يذكّر الإنسان بضرورة التوجّه إلى الله، والنبي صلى الله عليه وسلم قال أن هذه صفة الإنسان المؤمن، أن ربنا سبحانه وتعالى ما يزال يبتليه حبّاً لا بغضاً، وما يزال البلاء بالمؤمن حتى يتركه يمشي على الأرض وما عليه خطيئة، ” وما يزال البلاء بالمؤمن حتى يتركه يمشي على الأرض وما عليه خطيئة ” ، ” مثل المؤمن كمثل الخامة من الزرع تفيّئه الريح مرة وتعدلها مرة ” هذه سنّة ربنا مع الإنسان المؤمن؛ تتوالى عليه البلايا، لكن من رحمة ربنا لا تكون مستديمة لأنها تقسم ظهر أي إنسان، ولكن شبّهها الله تبارك وتعالى وشبّهها رسول الله صلى الله عليه وسلم في كلماته بأن المؤمن كالخامة – النبتة الضعيفة – تفيّئها الريح مرة، وتعدلها مرة، تفيّئها مرة، وتعدلها مرة، هكذا قليلاً ثم يعافيه الله، هكذا قليلاً يطهره وينقيه، ثم يعافيه، يطهره وينقيه، ثم يعافيه، يطهره وينقيه، ثم يعافيه. فهذا هو الأول،، أما الثاني؟ التوجيه الإلهي.
كيف يترجم المؤمن الأحداث المحيطة به، كيف يتعامل مع المجريات، كيف ينظر إلى الأمور، يقول الله تبارك وتعالى فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا وَيَنْقَلِبُ إِلَى أَهْلِهِ مَسْرُورًا وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ وَرَاءَ ظَهْرِهِ فَسَوْفَ يَدْعُو ثُبُورًا وَيَصْلَى سَعِيرًا إِنَّهُ كَانَ فِي أَهْلِهِ مَسْرُورًا إِنَّهُ ظَنَّ أَنْ لَنْ يَحُورَ لن يرجع إلى الله بَلَى إِنَّ رَبَّهُ كَانَ بِهِ بَصِيرًا وَيَنْقَلِبُ إِلَى أَهْلِهِ مَسْرُورًا إِنَّهُ كَانَ فِي أَهْلِهِ مَسْرُورًا هذه هي هذه، فما الفرق ما بين هذه وهذه، ما الفرق ما بين السرور الذي هنا في اليمين والسرور الذي هنا في الشمال، المشاعر واحدة والتعبير واحد، فهذه كانت متى وأين؟ وهذه كانت متى وأين؟ لماذا هذه؟ ولماذا هذه؟ وتوجّهات الإنسان ستقوده إما إلى هنا وإما إلى هنا، فما الفرق ما بين هذا وهذا؟
فنحن قلنا أنه يوجد أمور قدرية عامة ربنا سبحانه وتعالى يقدّرها على جميع الخلائق وكلهم يشتركوا فيها، لكن ترجمتهم لها ستختلف نتيجة لماذا؟ نتيجة للمنّة الإلهية التي أصابت البشر والتوجيهات الإلهية والتوجيهات الربانية التي منّ ربنا علينا بها، بناءً على هذه الكلمات نظرتنا ورؤيتنا لموجبات الانفعال، لموجبات الضحك والسرور تختلف من شخص لشخص، ترسم مسار للحياة، وترسم مسار آخر للحياة، هذا وصف أصحاب اليمين، وهذا وصف أصحاب الشمال.
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم.
الحمد لله رب العالمين
يحكي صلى الله عليه وسلم عن يومه الأعظم في هذه الأرض؛ يوم عرج به إلى سدرة المنتهى ليتلقى الأمر الإلهي العظيم بالصلاة، فهو يحكي كيف عرج الله تبارك وتعالى به بصحبة جبريل عليه السلام وكيف انتقل من سماءٍ إلى سماء، فهو يحكي أنه حينما حلّ مع جبريل عليه السلام في السماء الدنيا رأى رجلاً عن يمينه أسودة وعن شماله أسودة، فإذا نظر إلى يمينه ضحك، وإذا نظر إلى شماله بكى، فلما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: مرحباً بالنبي الصالح والابن الصالح، ثم لما تركه صلى الله عليه وسلم سأل رفيقه المبجّل جبريل عليه السلام – من هذا؟ – قال: هذا آدم، وعن يمينه أسودة وعن شماله أسودة، وهذه الأسودة التي عن يمينه وعن شماله نسم بنيه.
نحن قلنا قبل ذلك كثيراً وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ أخرجهم، أو أخرجنا من ظهر أبينا آدم أمثال الذر – مثل النمل الصغير – وأخذ علينا العهد جميعاً – ألست بربكم – قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا هذه الذرية التي أخذت على هذه الصفة من ظهر أبينا آدم قسمها الله سبحانه وتعالى إلى أصحاب يمين وإلى أصحاب شمال فهم عن يمينه وعن شماله، إذا نظر هكذا ضحك وإذا نظر هكذا بكى، فسيدنا جبريل يصف ويشرح،، قال: الذين هم على اليمين هؤلاء في الجنة، فإذا نظر إليهم ضحك والذين على الشمال – عياذاً بالله – هؤلاء أهل النار فإذا نظر إليهم بكى، هذه هي الخلاصة النهائية، المآل النهائي للضحك وللبكاء وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَى إذا نظر إلى أهل الفوز والسعادة والرحمة – نسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعلنا منهم – حينئذٍ يفرح ويسرّ بأن الله قد نجّا هؤلاء من ذريّته، فعندما ينظر إلى الناحية الأخرى يحزن ويغمّ لأنه قد هلك هؤلاء من ذرّيته، فما النسبة؟ يقول له الله تبارك وتعالى يوم القيامة: يا آدم أخرج بعث النار من ذرّيتك، فيقول: يا ربِ كم؟ فيقول: من كل ألف تسعمائة وتسع وتسعون، أي أن معدل النجاة واحد في الألف.
الإنسان الذي يسأل ربنا سبحانه وتعالى أو يرتجي من الله سبحانه وتعالى أن يجعله ممن يضحك منه آدم ويضحك له ويسرّ، إذا كانت النسبة هكذا فيكون حاله في الدنيا مبني على الطمأنينة ومبني على الفرح أم مبني على الوجل إِنَّ الَّذِينَ هُمْ مِنْ خَشْيَةِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ وَالَّذِينَ هُمْ بِرَبِّهِمْ لَا يُشْرِكُونَ وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ أُولَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ وَلَا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا وَلَدَيْنَا كِتَابٌ يَنْطِقُ بِالْحَقِّ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ قَالُوا إِنَّا كُنَّا قَبْلُ فِي أَهْلِنَا مُشْفِقِينَ قلقان، لا يعرف غداً ما سيكون الحال، القلب ربنا سبحانه وتعالى من يقلّبه، فهل ربنا تقبّل منّا أم لا إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ ابن عمر يقول ” لو علمت أن الله تقبّل مني سجدة – ركعة واحدة – لأن الله تعالى يقول إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ إِنَّا كُنَّا قَبْلُ فِي أَهْلِنَا مُشْفِقِينَ فَمَنَّ اللهُ عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُومِ إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلُ نَدْعُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلُ نَدْعُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ فهل لا يفرحوا؟ وَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَفْرَحُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ قُلْ بِفَضْلِ اللهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ وفي المقابل وَفَرِحُوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا مَتَاعٌ إِنَّ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا وَرَضُوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاطْمَأَنُّوا بِهَا وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ آيَاتِنَا غَافِلُونَ أُولَئِكَ مَأْوَاهُمُ النَّارُ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمَانِهِمْ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ دَعْوَاهُمْ فِيهَا سُبْحَانَكَ اللهُمَّ وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلَامٌ وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ إذاً الفرح والضحك والسرور للمؤمن بكل ما منّ الله عليه من خير يرجو بحسن ظنّه بالله أن ربنا سبحانه وتعالى لا يقطع عنه خيراً أمدّه به، قال الله تبارك وتعالى وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى ثم قال أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآوَى وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَى وَوَجَدَكَ عَائِلًا فَأَغْنَى فأشار سبحانه وتعالى بأنه بما سبق، بما سبق من نعمته وفضله ومنّته على نبيّه صلى الله عليه وسلم لا يقطع عنه برّه وفضله وإحسانه ما بقي طالما أنه لم يغيّر ولم يبدّل، ذَلِكَ بِأَنَّ اللهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْوَأَنَّ اللهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ فالإنسان المؤمن يفرح بما أمدّه الله من أسباب الخير والبر والرحمة والطاعة والعبادة ويتمنى من الله ويرجو من الله أن يديم الله عليه ذلك فإذا أخذ كتابه بيمينه حينئذٍ استقرّ به الفرح والسرور وزال ما كان يخشاه وما كان يجد قلبه منه في الدنيا أن ربنا يقطع عنه هذا، قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا وَبَدَا لَهُمْ مِنَ اللهِ مَا لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ وَبَدَا لَهُمْ سَيِّئَاتُ مَا كَسَبُوا وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ
أما الصورة المقابلة إِنَّهُ كَانَ فِي أَهْلِهِ مَسْرُورًا إِذْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ لَا تَفْرَحْ إِنَّ اللهَ لَا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللهُ إِلَيْكَ إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كَانُوا مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ هذا الضحك في مقام المدح أم في مقام الذم؟ وَإِذَا مَرُّوا بِهِمْ يَتَغَامَزُونَ وَإِذَا انْقَلَبُوا إِلَى أَهْلِهِمُ انْقَلَبُوا فَكِهِينَ وَإِذَا رَأَوْهُمْ قَالُوا إِنَّ هَؤُلَاءِ لَضَالُّونَ وَمَا أُرْسِلُوا عَلَيْهِمْ حَافِظِينَ فَالْيَوْمَ الَّذِينَ آمَنُوا مِنَ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ عَلَى الْأَرَائِكِ يَنْظُرُونَ هَلْ ثُوِّبَ الْكُفَّارُ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَنْ يَحْضُرُونِ حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلَا أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلَا يَتَسَاءَلُونَ فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ ليسي مالاً أو تجارة أو صفقة لا فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فِي جَهَنَّمَ خَالِدُونَ تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النَّارُ وَهُمْ فِيهَا كَالِحُونَ أَلَمْ تَكُنْ آيَاتِي تُتْلَى عَلَيْكُمْ فَكُنْتُمْ بِهَا تُكَذِّبُونَ قَالُوا رَبَّنَا غَلَبَتْ عَلَيْنَا شِقْوَتُنَا وَكُنَّا قَوْمًا ضَالِّينَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْهَا فَإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظَالِمُونَ قَالَ اخْسَئُوا فِيهَا وَلَا تُكَلِّمُونِ إِنَّهُ كَانَ فَرِيقٌ مِنْ عِبَادِي يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ فَاتَّخَذْتُمُوهُمْ سِخْرِيًّا حَتَّى أَنْسَوْكُمْ ذِكْرِي وَكُنْتُمْ مِنْهُمْ تَضْحَكُونَ مدح أم ذم؟ إِنِّي جَزَيْتُهُمُ الْيَوْمَ بِمَا صَبَرُوا أَنَّهُمْ هُمُ الْفَائِزُونَ قَالَ كَمْ لَبِثْتُمْ فِي الْأَرْضِ عَدَدَ سِنِينَ قَالُوا لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ فَاسْأَلِ الْعَادِّينَ قَالَ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا قَلِيلًا لَوْ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ فَتَعَالَى اللهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ قال صلى الله عليه وسلم لعبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال ” اقرأ عليّ القرآن ” فقال يا رسول الله أأقرأ عليك وعليك أنزل، قال: ” إني أحب أن أسمعه من غيري ” قال: فاستفتحت النساء فقرأت حتى أتيت على قول الله تبارك وتعالى فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا يَوْمَئِذٍ يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَعَصَوُا الرَّسُولَ لَوْ تُسَوَّى بِهِمُ الْأَرْضُ وَلَا يَكْتُمُونَ اللهَ حَدِيثًا قال: حسبك – كفاية، لن يستطيع أن يسمع أكثر من هذا – قال: فنظرت إليه فإذا عيناه تذرفان.
هذا بكاء الرسول الذي هو ليس مسئولاً الذي قال ” ألا هل بلغت؛ اللهم فاشهد، ألا هل بلغت؛ اللهم فاشهد، ألا هل بلغت؛ اللهم فاشهد ” لكنه يبكي على حال المسئولين فَلَنَسْأَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْأَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ فَلَنَقُصَّنَّ عَلَيْهِمْ بِعِلْمٍ وَمَا كُنَّا غَائِبِينَ
اللهم اغفر لنا ذنوبنا، اللهم اغفر لنا ذنوبنا،واسرافنا في أمرنا، وثبت أقدامنا، وانصرنا على القوم الكافرين.
اللهم فقهنا في ديننا، اللهم فقهنا في ديننا، اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علّمتنا، اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علّمتنا، وزدنا علما
اللهم اقسم لنا من خشيتك ماتحول به بيننا وبين معصيتك، اللهم اقسم لنا من خشيتك ماتحول به بيننا وبين معصيتك، ومن طاعتك ما تبلغنا به جنتك، ومن اليقين ما تهون به علينا مصائب الدنيا، ومن اليقين ما تهون به علينا مصائب الدنيا، متعنا اللهم بأسماعنا، وأبصارنا، وقوتنا، أبداً ما أحييتنا، واجعله الوارث منا واجعل ثأرنا على من ظلمنا، وانصرنا على من عادانا، ولا تجعل مصيبتنا في ديننا، ولا تجعل مصيبتنا في ديننا، ولا تجعل الدنيا أكبر همنا، ولا مبلغ علمنا، ولا تسلط علينا بذنوبنا من لا يخافك فينا ولا يرحمنا، ولا تجعل اللهم إلى النار مصيرنا، واجعل اللهم الجنة هي دارنا
اللهم إنّا نسألك فعل الخيرات وترك المنكرات وحب المساكين، وأن تغفر لنا وترحمنا وتتوب علينا وإذا أردت بقوم فتنة فاقبضنا إليك غير مفتونين
اللهم إنا نسألك حبك وحب من يحبك وحب كل عملٍ يقربنا إلى حبك
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم