إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا.
إنه من يهدي الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمد عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ
يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا
ثم أما بعد:
نبدأ أولاً بقوانين الإيمان، كنا نتحدث حول أعقاب الفتن وحول أخلاق المحن، والله سبحانه وتعالى له في خلقه تقديرات وحكم وسنن لا تتخلف، لا يقضي شيئاً بعد تقديره سبحانه وتعالى إلا بحكمة بالغة وإلا برحمة عظيمة وافرة، قال الله تبارك وتعالى وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ ثم أرشد وهدى سبحانه وتعالى فقال وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا للهِ فهو يتصرف فينا بما يشاء ويقضي فينا بما يريد فإنا لله وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ.
يردف رسول الله صلى الله عليه وسلم ابن عمه الغليم المعُلَّم عبد الله بن عباس رضي الله عنه وعن أبيه، ثم يقول له سائلاً يا غليّم ” ألا أعلمك كلمات، قال ابن عباس: بلى يا رسول الله ” لماذا لم يشرع في تعليمه الكلمات ابتداءً، هو يقول له أولاً ” ألا أعلمك كلمات ” و ” كلمات ” هذه معناها أنها شيء ليس كبيراً ولا كثير،، وهذا المعنى خصوصاً تكلمنا عليه كثيراً، الجمل الأساسية للإنسان،، كل إنسان له مجموعة من الجمل الأساسية التي يستند إليها ويعمل على أساسها ويسير فيها في الحياة، فهو صلى الله عليه وسلم يعلم هذا الغلام الصغير هذه الكلمات، حوالي 12 سنة تقريباً وهو يلقي إليه هذه الكلمات.
إذاً في أصل التنشئة؛ ابن عباس نفسه يقول رضي الله عنه ” ما قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى قرأت المفصل ” المفصل ” من سورة ق إلى سورة الناس ” يعني تقريباً أربع أجزاء وشيء بسيط.
فهو يقول أنه حينما قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم عمره كان حوالي 13 سنة، فهو يفتخر أنه قد حفظ هذا القدر من القرآن، إذاً هم لم يكونوا حرصين أن يحفّظوا الأولاد الصغار أكبر قدر ممكن من القرآن أو يختموا بسرعة.
يغرس في قلبه تعظيم القرآن، يدرس شيء من عظمة ومن قدسية القرآن، ويؤسس في قلبه حقائق القرآن، أي شخص هكذا لابد أولاً الأرضية لقلب الإنسان تتشكل معاني معيّنة، بناءً عليها سيستطيع أن يعيش ويستطيع أن يتعامل،، ما هي الكلمات؟
قال ” احفظ الله يحفظك ” هذا أول قانون ” احفظ الله يحفظك ” كلما كان الإنسان حافظاً لحدود الله، حريصاً على تقوى الله، كلما ناله في المقابل حفظٌ ورعاية وحماية من الله، هذه أول جملة تأسيسية يبدأ بها رسول الله صلى الله عليه وسلم في تعليمه ومخاطبته لهذا الغلام الصغير – يؤسس شيئاً – هذه أول جملة ” احفظ الله يحفظك “
الجملة الثانية ” احفظ الله تجده أمامك ” الجملة الثالثة ” تعرّف إلى الله في الرخاء يعرفك في الشدة ” الجملة الرابعة ” إذا سألت فاسئل الله ” الجملة الخامسة ” وإذا استعنت فاستعن بالله ” هذا الكلام إلام يوصل؟ رسول الله صلى الله عليه وسلم يربي هكذا، يعلّم هكذا، يؤسس هكذا، هذه هي الجمل التي ستكون في أرضية قلب هذا الغلام الصغير، سيبني عليها حياته، سيبني عليها مستقبله، كلما كان الإنسان حافظاً لله، كلما عامله الله بحفظه، ونحن بين مقلّ ومستكثر، كلما ازددت حفظاً كلما زادني الله تبارك وتعالى حفظاً وكلما ازددت حفظاً كلما كان الله تبارك وتعالى مستقبلي حينما اتوجّه إليه وأدعوه
” تعرّف إلى الله في الرخاء ” فما معنى ” تعرّف ” لماذا قال ” تعرّف ” ولم يقل تعبّد؟ التعرف هو التقرب المبني على المعرفة،، فإذا تعرّفت إلى الله في حال السعة لم يهملك ولم يتركك ولم ينساك ربك تبارك وتعالى حينما تشتد عليك الأمور.
إذاً الإنسان يؤسس معرفة في وقت الرخاء لأنه سينتفع بهذا إذا قدّر الله تبارك وتعالى عليه ما هو بخلاف هذا الرخاء، فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ
” إذا سألت ” وجهة واحدة، ” وإذا استعنت ” وجهة واحدة، ” قد جفّ القلم بما هو كائن، فلو أن الخلق كلهم أرادوا أن ينفعوك بشيء لم يكتبه الله لك، لم يقدروا عليه، ولو أن الخلق كلهم أرادوا أن يضروك بشيء لم يكتبه الله عليك لم يقدروا عليك ” ثم قال ” واعلم أن في الصبر على ما تكره خيراً كثيراً، واعلم أن النصر مع الصبر وأن الفرج مع الكرب وأن مع العسر يسرا ” هذه الكلمات بكم توزن! وكم تستحق أن يرحل لها الإنسان ويسعى وبأي مقدار.
وهذه الكلمات لو وقعت في قلب ابن عباس وهو حقيق بذلك رضي الله عنه وعن أبيه، إذا وقعت في قلب ابن عباس موقعها، ماذا تنتج وماذا تثمر؟
” احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده أمامك، تعرف إلى الله في الرخاء يعرفك في الشدة، إذا سألت فاسأل الله وإذا استعنت فاستعن بالله قد جفّ القلم بما هو كائن ” ما قدّره ربنا كائن لا محالة، ولن يستطيع أحد أن يعدل في هذا، لا للأفضل ولا للأسوأ.
قد يصيب الإنسان شيء مما لا يحب، لكن وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ لماذا وَاللهُ يَعْلَمُ ونحن لا نعرف، كيف نقيّم وعلى أي أساس وَاللهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ” واعلم أن في الصبر على ما تكره خيراً كثيراً، واعلم أن النصر مع الصبر وأن الفرج مع الكرب وأن مع العسر يسرا ” هذا قانون تأسيسي.
القانون الثاني: ” يا عبادي إنّي حرّمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرماً فلا تظالموا، يا عبادي كلكم ضال إلا من هديته ” هذا هو الاستثناء الوحيد، وبعد ذلك ” فاستهدوني أهدكم ” هذه من الممكن أن نكون فاهمين لها، أو أنها قريبة قليلاً، أما ما بعدها أصعب، ” يا عبادي كلكم جائع إلا من أطعمته ” هذه من الصعب أن نراها ” فاستطعموني أطعمكم، يا عبادي كلكم عارٍ إلا من كسوته فاستكسوني أكسكم، يا عبادي إنكم تخطئون بالليل والنهار وأنا أغفر الذنوب جميعاً ” ” إنكم تخطئون ” مقابل الخطئية؟ ليست العقوبة، المغفرة، الدعاء للتوبة، ” فاستغفروني أغفر لكم، يا عبادي إنكم لن تبلغوا ضرّي فتضروني ولن تبلغوا نفعي فتنفعوني، يا عبادي لو أن أولكم وآخركم إنسكم وجنّكم كانوا على أتقى قلب رجلٍ واحد منكم ” لو كل الناس على قلب محمد صلى الله عليه وسلم ” ما زاد ذلك في ملكي شيئاً، يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أفجر قلب رجلٍ واحد منكم ” لو كانوا على قلب إبليس ” ما نقص ذلك من ملكي شيئاً، يا عبادي إنما هي أعمالكم أحصيها لكم ثم أوفيكم إياها ” فقط هكذا هي، ” إنما هي أعمالكم أحصيها لكم ثم أوفيكم إياها فمن وجد خيراً فليحمد الله ومن وجد غير ذلك فلا يلومنّ إلا نفسه، هذه قوانين التأسيس، ” إني حرّمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرماً فلا تظالموا “
” يا عبادي كلكم ضال إلا من هديته فاستهدوني أهدكم ” مقدمة ونتيجة، لا يخلف الله وعده، إن الله لا يخلف الميعاد.
” يا عبادي كلكم جائع إلا من أطعمته فاستطعموني أطعمكم، يا عبادي كلكم عارٍ إلا من كسوته ” لا يوجد استثناء آخر ” فاستكسوني أكسكم ” فنحن لدينا ” تعرف إلى الله في الرخاء يعرفك في الشدة ” ” وكلكم جائع ” و ” كلكم عارٍ ” إلا من أذن الله له بنعمة وبخير.
تكلمنا عن سيدنا يوسف وكيف عالج العبد المؤمن الأزمة وكيف حاول الملمة، وذكرنا أننا قد تكلمنا منذ فترة ليست بالقصيرة عن نموذج يحاكي هذا النموذج، كيف تعامل عمر رضي الله عنه مع القحط ومع المجاعة، كيف يتعلّم الإنسان المؤمن من القرآن، وكيف يتعلم الإنسان المؤمن من رسول الله صلى الله عليه وسلم وبالتالي كيف يترجم هذا لممارسة واقعية تواجه المشاكل الحياتية، هو ماذا فعل؟ نستطيع أن نجمع ما فعله ونصيغه في صورة برنامج أو في صورة خطوات واضحة وبيّنة، أول شيء هو ماذا فعل؟
الآن؛ انقطع المطر فترة، والمدينة وما حولها – معظم مناطق الحجاز – أصابها الجدب، وبالتالي قلّ الطعام بأيدي الناس، فماذا سيفعل؟
الخطوة الأولى: صعد على المنبر وتكلم بهذه الكلمات قال: أيها الناس اتقوا الله في أنفسكم وفيما غاب عن الناس من أمركم فإني قد ابتليت بكم وقد ابتليتم بي، وإني لا أدري أسّخطة عليّ دونكم أم عليكم دوني أم عمّتني وعمّتكم فهلمّوا أن ندعوا الله تعالى أن يصلح قلوبنا وأن يرحمنا وأن يكشف عنّا المحل.
هؤلاء الناس تعلّموا ممن أوتي جوامع الكلم صلى الله عليه وسلم أنهم لم يكونوا يتكلموا كثيراً، ليست الحكمة أو الفصاحة أو البلاغة بكثرة الكلام وإنما في مضمون الكلامن جمل محددة ومرتبة وواضحة أشد الوضوح.
أول شيء الدعوة إلى التقوى وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللهَ بَالِغُ أَمْرِهِ وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ قلت اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا مَا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ للهِ وَقَارًا فأول شيء ربنا سبحانه وتعالى حينما يقدر شيئاً من ذلك إنما يستعتب عباده لكي يتوبوا إليه ويرجعوا وينيبوا، هذه هي الرسالة الأولى ” اتقوا الله في أنفسكم.
ثم تكلم عن شيء أصعب؛ خصّها من جملة التقوى ” السرائر ” ” وفيما غاب عن الناس من أمركم ” ما ينطوي عليه الإنسان من أخلاق ومن نوايا ومن غايات ومن مقاصد، وما يخفيه عن الناس من مبارزة لله بمعصيةٍ وجناية ” اتقوا الله في أنفسكم وفيما غاب عن الناس من أمركم فإني قد ابتليت بكم ” تحمّل أمانة إدارة حياتهم، ” وقد ابتليتم بي ” هم في النهاية سيخضعوا لسياسته وإدارته، ” وإني لا أدري أسّخطة عليّ دونكم ” أي أن المشكلة لدي أنا وأنتم ستتأثروا بما نزل بسببي من البلاء ” أم عليكم دوني، أم قد عمّتني وعمتكم ” فلابد أن يكون هناك شخص، وشخص يدفع معه الفاتورة،، هو لا يعرف المشكلة عنده أم عندهم أم أننا جميعاً لدينا مشاكل.
قال ” هلم ” دعوة للاجتماع، على ماذا؟ ” لندع الله تعالى ” ففي النهاية تغيير الأمر، حتى تغيير ما بالإنسان إنما يكون من الله ” فاستهدوني أهدكم ” ” كلكم ضال إلا من هديته “
أول شيء ” أن يصلح قلوبنا ” وبالتالي يرحمنا، وبالتالي وأن يرفع عنّا المحل أي الشدة والبلاء،، هذا الأمر الأول، هذا أول توجيه لأنه أخطر شيء.
الأمر الثاني: عبد الله بن عمر يقول – وهذا هو السلوك الشخصي – يقول ” لما كان عام الرمادة أحدث عمر بن الخطاب رضي الله عنه شيئاً لم يكن يفعله ” هو تبنّى شيء جديد لم يكن يفعله قبل ذلك، ما الأمر الجديد.
يقول ” كان يصلي العشاء ثم يخرج من المسجد حتى يأتي بيته فيصلي حتى يكون آخر الليل فيخرج إلى أنقاب المدينة فيطوف عليها ” هو ماذا يفعل؟ ما الجديد؟ ما الجديد الذي أحدثه؟ من وقت العشاء إلى وقت السحر يصلي ويدعو أن ربنا سبحانه وتعالى يكشف البلاء هو يفعل ذلك بشكل يومي، يقول أنه فعل شيء لم يكن يفعلها قبل ذلك،، من الذي يحكي؟ ابنه؛ لأنه أقرب الناس إليه وهو يرى ما يحدث في البيت، يقول ” وسمعته يدعو فيقول ” اللهم لا تجعل هلاك أمة محمد على يدي ” ” فهو ماذا يفعل؟ هو يصلي ويتضرّع ويبتهل إلى الله تبارك وتعالى الذي بيده مقادير كل شيء، وبيده مقاليد السماوات والأرض، ثم ماذا يفعل؟ يخرج ليطوف على أبواب المدينة وأطرافها لكي يتفقد أحوال الناس أهل البادية الذين لجأوا للمدينة لأجل الشدة والقحط والجدب،، هناك أناس نزحوا، أناس لاجئين قادمين إلى المدينة، فهو كل يوم ليلاً يطوف على هذه الأنقاب لكي يتفقد أحوال هؤلاء الناس، فهذا الأمر الثاني.
الثالث: يقول طاووس بن كيسان رحمه الله، يقول ” لما أجدبت المدينة جعل عمر على نفسه ألا يأكل سمناً ولا سميناً حتى يخصب الناس ” لا سمن ولا لحم، إلى إلى أن يأذن ربنا سبحانه وتعالى بكشف هذا البلاء.
يقول أنس بن مالك ” غلا الطعام بالمدينة ” الطعام هو البر – القمح – ” فجعل عمر يأكل الشعير وجعل بطنه يصوت ” يقرقر من أثر الطعام الخشن الغليظ الذي يأكله ” وجعل يضربه ويقول والله إلا ما ترى حتى يوسّع الله تعالى على المسلمين، وكان إذا أمسى أوتي بخبزٍ وزيت وإنهم يوماً نحروا جزوراً ” وجدوا جمل فذبحوه، فأطعموا منه الناس ” فأتوه منه بشيء من طيّب ما فيه ” أوتي عمر بقدر – حلّة – فيها شيء من سنام الجمل ومن كبد هذا الجمل، فقال لهم ما هذا، ” قال: أنى هذا؟ ” أنى: أي كيف، قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَذَا أي كيف؟ ” قالوا: من الجزور الذي نحرناه، قال: بئس الوالي أنا إن أكلت طيّبها وأطعمت الناس كراديسها ” أطعمهم العظم وأأكل أنا هذا، ” قال: ارفعوا هذا القدر، ثم قال: يا يرفأ؛ خذ هذا القدر وانطلق إلى أهل بيتٍ بسمغ ” سمغ هذه مكان كان له به نخل جعله وقف لله، فهو مكان خارج المدينة، ” فإني لم آتيهم منذ ثلاثة أيام، وإني لأحسبهم مقفرين فضع هذا القدر بين أيديهم ” قال له خذ الحلة كما هي هكذا، واذهب إلى الناس الفلانيين في المكان البعيد هذا لأني منذ ثلاث أيام لم أمرّ عليهم وأظن أنهم في حاجة شديدة، فخذ هذه كما هي وأرسلها إلى هناك.
فأولاً نحن محتاجين أن نراجع أنفسنا مع ربنا، ندعو ونبتهل، نتضرّع إلى الله، نتعامل بقدر من التقشّف حتى يأذن الله بفرج، هل هكذا فقط؟ لا، ليست هذه كل مسئوليته.
بدأ حينما بدأ العدد في الكثرة مع الناس الوافدين والطعام بدأ يقلّ أكثر بدأ يصنع لجان، هذه اللجان تتفقد أحوال الناس الذين يتوافدوا على المدينة ومن ينزلون في خيامهم على أطراف المدينة.
ثم بدأ يصنع عشاء يومي يجمّع فيه كل هؤلاء الناس، ثم بدأ يصنع إحصاء لكي يعرف عدد الناس بالضبط، ويكلّف هذه اللجان أن توصل الأكل للناس الذين لا يستطيعوا أن يأتوا إلى العشاء الذي يصنعه، سواء كانوا أناس مسنّين أو أطفال صغار أو نساء لا يخرجوا، فهذا الأحصاء الذي صنعه أبدى أن الناس الذي يعشّيهم سبعة آلاف شخص، وعدد الناس الوافدين على المدينة أربعين ألف شخص، وهذا بمقاييس هذا الزمان وأعداد الناس وحجم المدينة يعد رقم كبير.
وبعد أسبوعين لاحظ أن العدد زاد بشكل بيّن، فصنع إحصائية أخرى فوجد أن عددهم زاد من سبعة آلاف إلى عشرة آلاف خلال أسبوعين فقط، عدد الوافدين على المدينة ازداد ثلاثة آلاف في يومين، لكنّ هؤلاء ليسوا وافدين على المدينة، هؤلاء وافدين على العشاء الذي يصنعه يوميّاً، فهو سيعشّي عشرة آلاف شخص.
ومجموع الوافدين وصلوا من أربعين لستين ألف، فأصبح عليه أن يحاول توفير الطعام لهذا العدد من الناس، فيطوف على أنقاب المدينة، ويصنع لجان لتتفقد الناس، ويصنع إحصائيات، يصنع عشاء وينظّموا ويرتّبه، وطبعاً لكي تعشّي عشرة آلاف شخص هذا أمر ليس سهلاً، وهو في النهاية سيوصل الطعام لمن لا يستطيع أن يأتي، فالرجل يستطيع أن يأتي ولكنه تارك وراءه هناك ذرّيته وزوجته ومن الممكن أبوه وأمه، فهؤلاء الناس لابد أن يصل إليها طعام فهو يتابع هذه المتابعة بحيث يستطيع يوصل للناس ما يستطيع أن يوصله إليهم إلى أن يأذن لهم ربنا سبحانه وتعالى بكشف البلاء، ثم يقول
يقول ” لو لم أجد للناس من المال ما يسعهم إلا أن أدخل على أهل كل بيت عدّتهم فيقاسمونهم على أنصاف بطونهم حتى يأذن الله بحين فعلت ” ” لو لم أجد للناس من المال ما يسعهم إلا أن أدخل على أهل كل بيت ” من أهل المدينة ” عدّتهم ” أي أن هذه الأسرة فيها خمسة أشخاص فيستضيفوا خمسة أشخاص، هذه الأسرة ثلاثة؛ يستضيفوا ثلاثة،، هذه الأسرة سبعة يستضيفوا سبعة، ” لو لم أجد من المال ما يسعهم إلا أن أدخل على أهل كل بيت عدّتهم فيقاسمونهم على أنصاف بطونهم ” بدلاً من أن أأكل وجبة كاملة، سآكل نصف وجبة ” فيقاسمونهم على أنصاف بطونهم حتى يأذن الله بحين – أي بمطر – فعلت فإن الناس لن يهلكوا على أنصاف بطونهم ” هو يقول أنه لو احتاج – فلابد أن يكون لديه سياسات بديلة – إذا تمادى الموضوع وازداد أكثر وأنا لن أستطيع أن أستوعب هذا، لابد أن يكون لدي رؤية ماذا سأفعل، فيقول أنه إذا لم يجد حل إلا أنني أدخل على كل أسرة ” عدتهم فيضيوفونهم حتى يأذن الله بحين فعلت ” هذا بناءً على ماذا، قال ” فإن الناس لن يهلكوا على أنصاف بطونهم ” إذا أقللت استهلاكي للنصف لن يحدث شيء، لن أتأزّم، هذا سيكون دائماً؟ لا، ” حتى يأذن الله بحين ” هو لن يفرض هذا على الناس إلى ما شاء الله، لكنه موجود هنا.
فإذا قلنا أننا نسير في نظام السوق الحر والنظام الرأسمالي، وهو أي فرد يفعل أي شيء، والحكومة ليست لها علاقة بشيء، هذا الكلام يهيّئ لإدارة مشاكل وفي نفس الوقت أنا لن أصادر ممتلكات العباد، فهذا الشيوعي،، هذا يصادر ممتلكات الناس فلا يملك أحد شيئاً، أصبح هو الذي يملك كل شيء ويوزّع هذه الأشياء كما يشاء، يوزّعها أو لا.
هذه أموال الناس فلن أستطيع أن آخذها منهم،، – هو لن يأخذ المال من الناس ويوزّع هو عليهم – هو سيدخل على كل بيت عدتهم فيقاسمونهم.
فهل سيستقبلوهم أم لن يستقبلوهم،، سيرضون باستقبالهم أم لن يرضوا، هذا علام يبنى؟
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم.
الحمد لله رب العالمين …
هذا مبني على أننا نتكلم أننا أصلاً في إطار مجتمع المؤمنين، نحن في إطار مجتمع المؤمنين، فكل ما قلناه في أي إطار؟ في إطار الناس الذي ربّاهم ربنا، هم التكافل خلقهم، والرحمة فطرة فيهم، التواد والتراحم والأخوة فريضة في دينهم وبالتالي إذا أخذ هذا الإجراء، بل ربما لا يحتاج أن يأخذه لأن الناس طواعيةً سيفعلون هذا إذا بقي في قلوبها الإيمان والرحمة، هذا هو صمام الأمان في أي شيء.
فمجتمع النبوة كان به قدر كبير من الشدة، وذكرنا قبل ذلك؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم في الخندق حينما قيل له أن هناك كدية – حجر لا نستطيع أن نكسره – سيدنا جابر يقول وكنا جائعين، يقول ” فقام رسول الله – إلى هذا الحجر – وبطنه معصوب بحجر ” أي هو في حالة من الجوع الشديد ولا يوجد طعام، فيوجد جوع لا يستطيع أن يدفعه، فهو ماذا فعل؟ ربط على بطنه حجر لماذا؟ لكي يقلل إحساسه بالجوع بالضغط على بطنه، وذكرنا قول الشاعر قبل ذلك:
وشدّ من سبغٍ أحشاءه وطوى تحت الحجارة كشحاً مطرف الأدم
وراودته الجبال الشم من ذهب عن نفسه فأراها أيما شمم
وأكّد زهده فيها ضرورته إن الضرورة لا تعدو على العصم
بغض النظر عن أنه مصدق أم غير مصدق.
فالقضية هكذا، فهم في هذا المجتمع لماذا لم يأكل الناس بعضهم،، فهذا هو معيار التفرقة بين مجتمع ومجتمع،، أخلاقيات المجتمع ستجعلهم إذا كانوا مؤمنين يجتازوا كل محنة أو شدة بصبر وبسلام، فإن لم يكونوا، ولذلك القضية هنا، مدى غرس الإيمان والأخلاق في المجتمع.
فسيدنا عمر يقول أنه واضع استراتيجية إذا احتاج أن ينفذها سينفذها.
أما القانون العام،، النبي صلى الله عليه وسلم ماذا يقول، يقول ” طعام الواحد يكفي الاثنين، وطعام الاثنين يكفي الأربعة، وطعام الأربعة يكفي الثمانية ” هذا القانون العام، هذا بدون محن،، الطعام الذي يأكله الفرد من الطبيعي أنه يكفي شخصان، والطعام الذي يأكله شخصان من الطبيعي أنه يكفي أربعة أشخاص، والطعام الذي يأكله أربعة من الطبيعي أنه يكفي ثمانية أشخاص.
فلو أدخلهم على أنصاف بطونهم لن يحدث شيء، لأن هذا الطبيعي الطبيعي للبشر.
سيدنا ابن عمر كما يقول نافع ” كان ابن عمر لا يأكل حتى يؤتى بمسكين يأكل معه ” هذا العادي له، هو لا يأكل حتى يأتوا بشخص مسكين يأكل معه، هذا هو عادته، بدون شدة أو محنة أو كربة،، هذه عادته، عادته.
يقول ” فأتيته يوماً برجلٍ يأكل معه ” عادي مثلما يحدث كل يوم، فماذا فعل الرجل، يقول ” فأكل كثيراً ” هذا الرجل أنهى الأكل، وهذا عادي
فماذا قال ابن عمر بعدما انتهى الرجل وذهب، قال له لا تأتي بهذا الرجل مرة أخرى، فلماذا؟ قال ” فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ” المؤمن يأكل في معن واحد والكافر يأكل في سبعة أمعاء ” ” فهل هو يكفّره؟ هو يريد أن يقول أن هذا الشخص – ولا يأكل طعامك إلا تقي – هذا الشخص ليس أهلاً لأن يجالسه، لماذا؟ لأن سلوكه في الأكل يدل على أنه – بناءً على هذا الوصف – ليس سلوكه سلوك المؤمنين وبالتالي ليس أهلاً لأن يصاحبه أو يجالسه، ” لا تصاحب إلا مؤمناً ولا يأكل طعامك إلا تقي “
إذاً أيضاً مستوى الأكل وسعة المعدة هذا مرتبط بالإيمان، فمن المفترض أن تكون المعدة ضيّقة وطعام الواحد يكفي الاثنين وطعام الاثنين يكفي الأربعة.
يقول أبو سعيد الخدري رضي الله عنه ” خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر، فجعل رجلاً على ناقة له يصرفها يمينا وشمالاً ” شخص معه ناقة، هذه الناقة ضعيفة، فهو يطرق عليها يميناً وشمالاً لكي تتحرك فلا تتحرك، فماذا قال النبي صلى الله عليه وسلم؟ هو يراه، لا يغيب عنه أحد من الناس الذين معه، ولذلك النبي صلى الله عليه وسلم عندما يسافر فأين يسير؟ يسير في النهاية، لماذا يسير في النهاية، من المفترض أنه هو الذي يقود فيسير في الأمام، لكنه يسير في نهاية الصفوف، لماذا؟ لكي يرى كل الناس ويطمئن على كل الناس، وإذا تخلّف أحد في نهاية الركب لأي علّة أو مشكلة يكون هو معه، فيرى أن ناقة الرجل لا تتحرك، وهو يطرق عليها ولا تستجيب.
فالنبي صلى الله عليه وسلم ماذا قال؟ قال ” من كان له فضل ظهرٍ فليعد به على من لا ظهر له ومن كان له فضل زادٍ فليعد به على من زاد له ” قال أبوسعيد رضي الله عنه ” حتى ظننا أن لا حق لأحد منّا في فضل ” النبي صلى الله عليه وسلم ماذا قال؟ من لديه فضل ظهر أي جمل زائد يعطيه للشخص الذي لا يملك جمل، فهذا الرجل الذي يملك الجمل الذي أعيا هذا، يملك أم لا يملك؟ يملك، فالرجل يركب الناقة ويخبطها هكذا وهكذا،، لكن النبي صلى الله عليه وسلم اعتبرها في حكم المعدوم، لماذا؟ لماذا؟ لأنها لن تسعفه، لن تقوم بدورها، الشيء الذي لا يقوم بدوره أو لا تؤدي الوظيفة المطلوبة منها كأنها غير موجودة، من كان عنده فضل ظهرٍ فليعد به على من لا ظهر له، واعتبر أن هذا الرجل لا يملك ظهر، لماذا؟ لأن الظهر الذي يملك لا يقوم بحاجته ” ومن كان عنده فضل زاد – طعام – فليعد به على من زاد له ” فهم في السفر ماذا يحتاجون؟ يحتاجون للناقة ومحتاجين للطعام،، لكي تجتاز المفازة محتاج للظهر ومحتاج للطعام والشراب، فمن لديه فائض يعطي الذي يحتاج أو الذي يفتقر.
فنحن الآن تكلمنا عن مجموعة أشياء ولأن الوقت انتهى لن نستطيع أن نكمل – إن شاء الله الجمعة القادمة سنكمل – سياسات سيدنا عمر، ماذا فعل سيدنا عمر بالضبط، استناناً بما جاء في القرآن وتعلّمناً من سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم، لذلك النبي صلى الله عليه وسلم وصّانا فماذا قال؟ قال ” عليكم بسنّتي وسنّة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي تمسّكوا بها وعضّوا عليها بالنواجذ وإياكم ومحدثات الأمور، هذا الكلام غاية في الخطورة، هو إلام أرشدنا، قال أنني تركت فيكم سنّة؛ أسلوب لإدارة الحياة وسنّة الخلفاء،، وقلنا أن هذه لا يقصد العبادة، النبي صلى الله عليه وسلم هنا لا يتكلم عن العبادة، ولكن يتكلم عن الإدارة، ينسبها للخلفاء، الخلفاء ليس لهم سنة في العبادة، لن يسنّوا شريعة؛؛ أسلوب في إدارة الحياة والتعامل مع المشاكل، ولذلك كان من رحمة ربنا أن أبوبكر وعمر وعثمان وعليّ رضي الله عنهم، من رحمة الله أنهم استوعبوا كل أنواع الأحداث التي في الأعلى والتي في الأسفل – القوة والضعف والاختلاف – لكي يكون لديك قدوة في كل الأحداث والمواقف التي في الأعلى والتي في الأسفل، في وضع الارتداد والمحنة ماذا تفعل؟ في وضع استعادة الاستقرار ماذا تفعل؟ في وضع محاولة نشر الدين وتوسعة المجال له ماذا تفعل؟ عندما يتوسّع الدين وربنا يمنّ عليك كيف تحافظ على هذا؟ عندما يتألم الناس ويحدث مشاكل ماذا تفعل؟ عندما يحدث فتن واختلافات لدرجة الاقتتال والتنازع والإحداث والاختلاف في الدين ماذا تفعل؟ كل شيء موجود، كل شيء موجود هذا من رحمة الله، والنبي صلى الله عليه وسلم قال لنا تمسّك بهذا وعضّ عليه بأسنانك، عضّ عليه بأسنانك هذا أي شيء غاية في الأهمية وغاية في الخطورة لا يمكن أن نتركها.
قال ” عليكم بسنتي.. ” ولذلك نحن حينما نتكلم الآن نحن لا نتكلم لمجرد التكلم، لا لأن النبي صلى الله عليه وسلم أرشدنا وقال لنا أن هؤلاء الناس امتداد لسنّة النبوة ابق في إطار هذا النظر، وهذا الإدراك، هذه النفسية، هذه السياسات، وهذه الإدارة، ولا تخرج عنها، وعبارة وعيد ” وإياكم ومحدثات الأمور “
إذاً بعد رحيل هؤلاء سيأتي أناس آخرون سيتّبعوا وسائل وأساليب أخرى، فهذه لن تجدي ولن تصلح ولن تضبط، لن ترشد، ولذلك نحن لا نريد أن نحكي حدوتة، لا، سيدنا عمر ماذا فعل؟ هذا منهج، هذا أسلوب، ربنا سبحانه وتعالى أنعم علينا به، والنبي صلى الله عليه وسلم حثّنا وأرشدنا أن نتمسّك بهذا، هذا ههو الذي سيمثّل النجاة ويمثّل الشيء الذي يستجلب ويستوجب رحمة ربنا سبحانه وتعالى، ولذلك نحن تكلّمنا قبل ذلك عندما كنّا نتكلم عن سيدنا عمر وكيف ننظر إليه، هل نحن ننظر لسيدنا عمر باعتباره أنه شخصية فذّة ربنا منّ علينا بها فهو أقام الإسلام؟، أم أن هذا شخص من جملة أشخاص الجاهلية ربنا منّ عليه هو بالإسلام فهو استوعب الإسلام وطبّق الإسلام فحدث الخير الذي رأيناه، هذا فارق مهم جداً، لو الإسلام هو الذي يصنع أمثال أبوبكر وعمر فالإسلام مازال باقياً فمن الممكن أن يصنع أمثال هؤلاء، ولو هذه شخصيّات فذّة أحدثت بنفسها أو بفكرها أو بعبقريّتها، ولذلك نحن قلنا أن تعبير العقاد رحمه الله بالعبقرية تعبير يحتاج إلى تأمل لأنه من الممكن أن يكون خطر، لو نسبتها له وليس لله، وليس للدين وليس لتربية رسول الله صلى الله عليه وسلم فأنت ستجعل الدين شيء غير قابل للتطبيق عبر الأجيال المتوالية، لا، هو نفسه ليس فيه عناصر القوة بل ربنا هيّأ أناس في أزمان معيّنة وهذه الناس رحلوا، ورحل معها ما رحل،، لا
فكيف يكون هذا الدين باقي إلى قيام الساعة، كيف يكونون أسوة للأمة إلى لقاء الله، فالقضية هكذا، هو ماذا فعل، وبالتالي نحن ماذا نستطيع أن نفعل.
كل شخص على مقدار وسعه وطاقته، ولكن على الأقل، على الأقل نكون كلنا متفقين على أصول.
الأصل الأول: كل شيء ربنا يقدره، كل شيء ربنا يقدره هو خير حتى لو بدى خلاف ذلك وأننا عباد نستسلم لأمر الله ونكل الأمر إلى الله في كل شيء عجباً لأمر المؤمن إن أمره كله له خير وليس ذلك لأحدٍ إلا للمؤمن.
الأمر الآخر أننا محتاجين أن نلجأ إلى الله ونتضرّع إلى الله.
الأمر الثالث: نحن محتاجين أن نستمد من سنن الله ومن قوانين الله ومن هدي وسيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا يصلح أننا كأناس مؤمنين أو أناس مسلمين نختلف حول هذه الأصول، ولذلك ربنا قال لنا ذلك، قال وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا أعظم محنة نحن نواجهها في الحقيقة محنة التشرزم والفرقة والاختلاف، هذا هو المفسد والمهلك وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا ” اعتصموا ” قوة الاستمساك بالقرآن، ربنا أسماه حبل، هذا ما يوصل الأرض بالسماء، يوصل العباد برب العباد سبحانه وتعالى، ليس لنا غيره ليس لنا غيره، نحن ليس لنا غير ربنا، وليس لنا غير حبل ربنا لكي يوصلنا إلى ربنا ليس لنا شيء آخر، ليس لنا شيء آخر.
وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا يعني لا يصلح أن نعتصم بحبل الله كمجموعات، فمن الممكن أن تعتصم كل مجموعة بالحبل، فهذا لن يصلح، لماذا؟ لأن الاعتصام بالحبل يقتضي أن نقول وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا إذاً الاعتصام الجزئي هو نوع من أنواع عدم الاعتصام، هو ليس اعتصام وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ إذاً، إذاً تجميع القلوب وتأليفها من أين كان، من عند ربنا لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ ربنا سبحانه وتعالى سيعطينا على مقدار ما تنطوي عليه قلوبنا، سيعطينا على مقدار ما يستكنّ في نفوسنا، هذا هو الموضوع، والوقت ربما لا يكون معنا، نحن مدركين لهذا أو لسنا مدركين له، أن ربما يكون الوقت ليس معنا، ولذلك آن الأوان أن نعزم نعزم عزم خير وبرّ وصلاح وتوبة، والتوبة وصف عام، نحن دائماً نظن أن التوبة هذه كلمة يخاطب بها الشخص الموغل في المعصية، ربنا لم يقل هذا، قال وَتُوبُوا إِلَى اللهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ، قال وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ
نحن كلنا لابد أن نتوب لأننا كلنا عندنا قدر من التقصير أكيد، مهما كان حالنا، نحن جميعاً مقصّرين، النبي صلى الله عليه وسلم يقول، النبي نفسه صلى الله عليه وسلم ” إنه ليغان على قلبي وإني لأستغفر الله في اليوم أكثر من سبعين مرة ” يقول ابن عمر ” كنّا نعدّ له في المجلس الواحد – في المجلس الواحد – أكثر من مائة مرة ربي اغفر لي وتب عليّ إنك أنت التواب الغفور “
النبي صلى الله عليه وسلم نفسه في كل جلسة يجلسها يقول نحن كنّا نعُدّ له، يقول هذه الجملة أكثر من مائة مرة في الجلسة الواحدة، فالتوبة وظيفة العبد المؤمن أيّاً كان الوضع وأيّاً كان حاله، نحن جميعاً محتاجين لهذا وهذا لن يتمّ إلا عندما يطبّق كل واحد منّا هذه الآية الكريمة يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ أُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ نعم أن أنسى مصلحتي وأضرّ نفسي وأنا أظنّ أنني أنفعها، أشقيها وأنا أظنّ أنني أسعدها، اتلفها وأنا أظنّ أنني أحسن إليها وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللهَ غفلوا عن الله وعن هداية الله وعن نور الله تبارك وتعالى وعن توجيهه وعن وصاياه، ماذا يحدث؟ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ أُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ الفسق: هو أن الإنسان يخرج عن دائرة الطاعة.
اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه
اللهم ارفع مقتك وغضبك عنا، اللهم ارفع مقتك وغضبك عنا، ولا تؤاخذنا بما فعلنا، ولا تؤاخذنا بما فعلنا، ولا تؤاخذنا بما فعلنا
اللهم ارحمنا فأنت بنا راحم ولا تعذّبنا فأنت علينا قادر والطف بنا يا مولانا فيما جرت به المقادير واختم لنا بخاتمة السعادة أجمعين، واختم لنا بخاتمة السعادة أجمعين، واختم لنا بخاتمة السعادة أجمعين
اللهم يا وليّ الإسلام وأهله مسّكنا الإسلام حتى نلقاك عليه، اللهم يا وليّ الإسلام وأهله مسّكنا الإسلام حتى نلقاك عليه
اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عنا، اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عنا، اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عنا وعلى حسن طاعتك أعنا، وعلى حسن طاعتك أعنا، وعلى حسن طاعتك أعنا.
اللهم أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك، اللهم أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك، اللهم أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك.
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم.