إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا. إنه من يهدي الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمد عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ
يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا
ثم أما بعد:
لازلنا في إطار معنى الخالقية العظيم لله تبارك وتعالى ونتحدث اليوم عن كلمتين ومعنيين ذكرهم الله تبارك وتعالى، أما المعنى الأول فهو التسخير ومعنى التسخير التمكين من الانتفاع، التسخير هو التمكين من الانتفاع أن شخص يمكّن شخص أو يملّك شخص أو يعطي أحد قدرة على الانتفاع بشيء لولا هذا التمكين ولولا هذا التزليل ولولا هذا التسخير ما كان يمكن لهذا الممكن أن ينتفع من هذا الشيء الذي وُهب وولي إياه، قال الله تبارك وتعالى اللهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْفُلْكَ لِتَجْرِيَ فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْأَنْهَارَ وَسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دَائِبَيْنِ وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَآتَاكُمْ مِنْ كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ
اللهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ قال الله تبارك وتعالى إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنْفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنْزَلَ اللهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ مَاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ وقال الله تبارك وتعالى أَتَى أَمْرُ اللهِ فَلَا تَسْتَعْجِلُوهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ يُنَزِّلُ الْمَلَائِكَةَ بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ أَنْ أَنْذِرُوا أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاتَّقُونِ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ تَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ يجادل في ربه في نعمته وفي آلائه وفي عظمته وفي حقوقه عليه، وَالْأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ وَتَحْمِلُ أَثْقَالَكُمْ إِلَى بَلَدٍ لَمْ تَكُونُوا بَالِغِيهِ إِلَّا بِشِقِّ الْأَنْفُسِ إِنَّ رَبَّكُمْ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً وَيَخْلُقُ مَا لَا تَعْلَمُونَ وَعَلَى اللهِ قَصْدُ السَّبِيلِ وَمِنْهَا جَائِرٌ وَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لَكُمْ مِنْهُ شَرَابٌ وَمِنْهُ شَجَرٌ فِيهِ تُسِيمُونَ يُنْبِتُ لَكُمْ بِهِ الزَّرْعَ وَالزَّيْتُونَ وَالنَّخِيلَ وَالْأَعْنَابَ وَمِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومُ مُسَخَّرَاتٌ بِأَمْرِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ وَمَا ذَرَأَ لَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُخْتَلِفًا أَلْوَانُهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَذَّكَّرُونَ وَهُوَ الَّذِي سَخَّرَ الْبَحْرَ لِتَأْكُلُوا مِنْهُ لَحْمًا طَرِيًّا وَتَسْتَخْرِجُوا مِنْهُ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا وَتَرَى الْفُلْكَ مَوَاخِرَ فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ وَأَلْقَى فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ وَأَنْهَارًا وَسُبُلًا لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ وَعَلَامَاتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ أَفَمَنْ يَخْلُقُ كَمَنْ لَا يَخْلُقُ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ اللهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ فهو سبحانه وتعالى يذكر عباده بآلائه ونعمه، نعمة التسخير من جملة هذه النعم، كل هذه الأشياء التي ذكرها الله تبارك وتعالى لولا تهيئته وتذليله وتطويعه وتسخيره لها لما تمكن الإنسان ان ينتفع منها بنفع أو بفائدة، قال الله تبارك وتعالى أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ سَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ وَالْفُلْكَ تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَيُمْسِكُ السَّمَاءَ أَنْ تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ إِلَّا بِإِذْنِهِ إِنَّ اللهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ وَهُوَ الَّذِي أَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ إِنَّ الْإِنْسَانَ لَكَفُورٌ وقال تعالى أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللهَ سَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلَا هُدًى وَلَا كِتَابٍ مُنِيرٍ ثم قال تعالى أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى وَأَنَّ اللهَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ ذَلِكَ بِأَنَّ اللهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ أَلَمْ تَرَ أَنَّ الْفُلْكَ تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِنِعْمَتِ اللهِ لِيُرِيَكُمْ مِنْ آيَاتِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ وَإِذَا غَشِيَهُمْ مَوْجٌ كَالظُّلَلِ دَعَوُا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ فَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلَّا كُلُّ خَتَّارٍ كَفُورٍ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ
وقال الله تبارك وتعالى وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْفُلْكِ وَالْأَنْعَامِ مَا تَرْكَبُونَ لِتَسْتَوُوا عَلَى ظُهُورِهِ ثُمَّ تَذْكُرُوا نِعْمَةَ رَبِّكُمْ إِذَا اسْتَوَيْتُمْ عَلَيْهِ وَتَقُولُوا سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ لا نستطيع أن نطوّعه أو نخضعه أو ننتفع به إلا بإذنه وبأمره سبحانه وتعالى وَإِنَّا إِلَى رَبِّنَا لَمُنْقَلِبُونَ
وذكر سبحانه وتعالى النوق والجمال التي جعلها الله تبارك وتعالى هدياً ونسكاً في الحج والقصد إلى بيته تعالى، قال وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِنْ شَعَائِرِ اللهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ فَاذْكُرُوا اسْمَ اللهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ كَذَلِكَ سَخَّرْنَاهَا لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ لَنْ يَنَالَ اللهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ كَذَلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ لِتُكَبِّرُوا اللهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَبَشِّرِ الْمُحْسِنِينَ أَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ مُسَخَّرَاتٍ فِي جَوِّ السَّمَاءِ مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلَّا اللهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ اللهُ الَّذِي سَخَّرَ لَكُمُ الْبَحْرَ لِتَجْرِيَ الْفُلْكُ فِيهِ بِأَمْرِهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِنْهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ قُلْ لِلَّذِينَ آمَنُوا يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ لَا يَرْجُونَ أَيَّامَ اللهِ لِيَجْزِيَ قَوْمًا بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَيَقُولُنَّ اللهُ فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ اللهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ إِنَّ اللهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ نَزَّلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِ مَوْتِهَا لَيَقُولُنَّ اللهُ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُون وَمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَهْوٌ وَلَعِبٌ وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ
إذاً كل شيء نتعامل معه في هذه الحياة هذه فرع عن نعمة عظيمة هي نعمة التسخير، هي نعمة التذليل والتهيئة حتى في بني البشر، وَقَالُوا لَوْلَا نُزِّلَ هَذَا الْقُرْآنُ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا سُخْرِيًّا وَرَحْمَتُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ حتى تهيئة بعض الناس لقضاء مصالح ومنافع بعض الناس إنما كان تسخيراً وتطويعاً منه تبارك وتعالى، وهذه نعم أتاحها ربنا سبحانه وتعالى لنا كلنا، هذا هو العام،، فما المراد منه؟ الشكر أولاً، ثم صب هذه الخيرات التي أولانا الله تبارك وتعالى إياها في الجهة التي ترضيه تبارك وتعالى، لكن يوجد بعد ذلك جزء آخر من المنّ الخاص.
فربنا سبحانه وتعالى في كل هذه الأشياء التي ذكرناها هذه ربنا أتاحها لجميع بني الإنسان، ولم يجعلها حكراً على أحدٍ دون أحد، يشترك فيها البر والفاجر والمؤمن والكافر ولكن المؤمن يأخذها حلالاً وغير المؤمن يأخذها حراماً، – وقلنا هذا قبل ذلك – قال الله تبارك وتعالى قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وقلنا أن هذه تسمى لام الإباحة، ما معنى ذلك؟ أي أن الزينة والرزق متاح للجميع، لكن ربنا سبحانه وتعالى أحلّه بشرط الإيمان والحمد والشكر، قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ثم قال خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ إذاً في الدنيا فيها شراكة، بما أنها في الآخرة أو في يوم القيامة خالصة للمؤمنين، فهي في الدنيا لم تكن خالصة، إذاً لماذا هذه اللام؟ أن ربنا سبحانه وتعالى أتاحها للإنسان بشرط الإيمان، بعقد الاستخلاف وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً لكن يوجد عطاءات أخرى، وتسخيرات أخرى ربنا سبحانه وتعالى يضعها في دائرة الإيمان يختص بها أهل الإيمان، قال الله تبارك وتعالى وَدَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ إِذْ يَحْكُمَانِ فِي الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شَاهِدِينَ فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ وَكُلًّا آتَيْنَا حُكْمًا وَعِلْمًا وَسَخَّرْنَا مَعَ دَاوُودَ الْجِبَالَ يُسَبِّحْنَ وَالطَّيْرَ وَكُنَّا فَاعِلِينَ فهذا التسخير غير الأول وَسَخَّرْنَا مَعَ دَاوُودَ الْجِبَالَ يُسَبِّحْنَ وَالطَّيْرَ نحن قلنا قبل ذلك في عديد من المرات تكلمنا عن أن الكون كله يسبح مع ربنا سبحانه وتعالى، فما فائدة التسخير الزائد؟ هي تشاركه وتتجاوب معه حينما يسبح ربه تبارك وتعالى وَسَخَّرْنَا مَعَ دَاوُودَ الْجِبَالَ يُسَبِّحْنَ وَالطَّيْرَ وَكُنَّا فَاعِلِينَ وَعَلَّمْنَاهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَكُمْ الدروع لِتُحْصِنَكُمْ مِنْ بَأْسِكُمْ فَهَلْ أَنْتُمْ شَاكِرُونَ وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ عَاصِفَةً تَجْرِي بِأَمْرِهِ إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا وَكُنَّا بِكُلِّ شَيْءٍ عَالِمِينَ وَمِنَ الشَّيَاطِينِ مَنْ يَغُوصُونَ لَهُ وَيَعْمَلُونَ عَمَلًا دُونَ ذَلِكَ وَكُنَّا لَهُمْ حَافِظِينَ وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ مِنَّا فَضْلًا يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ أوبي: أي تردد التسبيح الذي يسبحه، يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ أَنِ اعْمَلْ سَابِغَاتٍ وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ غُدُوُّهَا شَهْرٌ وَرَوَاحُهَا شَهْرٌ هو يريد أن يوجّه سفنه إلى وجهة، فالريح تدفعها بقوة إلى شهر، وبعد ذلك تعيدها في شهر وَأَسَلْنَا لَهُ عَيْنَ الْقِطْرِ النحاس ربنا جعله لسيدنا سليمان مثل الماء، مثل أنهار الماء، هو لا يحتاج أن يذيبه، هو مذاب ويجري بحيث أنه أول ما يحتاج أن يستخدمه في أي شيء، فهو متاح دائماً لا يحتاج أن تجري عليه عمليات أو تحويلات ولا صهر ولا إذابة، وَأَسَلْنَا لَهُ عَيْنَ الْقِطْرِ وَمِنَ الْجِنِّ مَنْ يَعْمَلُ بَيْنَ يَدَيْهِ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَمَنْ يَزِغْ مِنْهُمْ عَنْ أَمْرِنَا نُذِقْهُ مِنْ عَذَابِ السَّعِيرِ يَعْمَلُونَ لَهُ مَا يَشَاءُ مِنْ مَحَارِيبَ – حصون – وَتَمَاثِيلَ وَجِفَانٍ – القصاع التي يضعون فيها الأكل – كَالْجَوَابِ – مثل الأحواض الكبيرة – وَقُدُورٍ – التي يطبخون فيها – رَاسِيَاتٍ اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرًا وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ فَلَمَّا قَضَيْنَا عَلَيْهِ الْمَوْتَ مَا دَلَّهُمْ عَلَى مَوْتِهِ إِلَّا دَابَّةُ الْأَرْضِ تَأْكُلُ مِنْسَأَتَهُ فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ أَنْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ مَا لَبِثُوا فِي الْعَذَابِ الْمُهِينِ اصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاذْكُرْ عَبْدَنَا دَاوُودَ ذَا الْأَيْدِ إِنَّهُ أَوَّابٌ إِنَّا سَخَّرْنَا الْجِبَالَ مَعَهُ يُسَبِّحْنَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِشْرَاقِ يذكر ربنا بعد العصر وعند شروق الشمس وَالطَّيْرَ مَحْشُورَةً مجموعة له لكي تشاركه في التسبيح والحمد كُلٌّ لَهُ أَوَّابٌ وَشَدَدْنَا مُلْكَهُ وَآتَيْنَاهُ الْحِكْمَةَ وَفَصْلَ الْخِطَابِ ثم قال تعالى وَلَقَدْ فَتَنَّا سُلَيْمَانَ وَأَلْقَيْنَا عَلَى كُرْسِيِّهِ جَسَدًا ثُمَّ أَنَابَ قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ فَسَخَّرْنَا لَهُ الرِّيحَ تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخَاءً قلنا في الأنبياء عاصفة وهنا رخاء،، فالريح كما يريد، يريدها عاصفة يجعلها الله كذلك، يريدها ليّنة جعلها الله كذلك، رُخَاءً حَيْثُ أَصَابَ وَالشَّيَاطِينَ كُلَّ بَنَّاءٍ وَغَوَّاصٍ وَآخَرِينَ مُقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفَادِ هَذَا عَطَاؤُنَا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ افعل ما تريد بِغَيْرِ حِسَابٍ وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنَا لَزُلْفَى وَحُسْنَ مَآبٍ إذاً ربنا سبحانه وتعالى أعطى عطاء عام لبني آدم وقيّده بالشكر، وأعطى عطاءً خاصّاً لأهل الإيمان ليس له حد، وقيده أيضاً بالشكر اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرًا وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ إذاً ما الذي من المفترض أن نخرج به من هذا؟ أول شيء: نتذكر أننا مغمورين بنعمة ربنا سبحانه وتعالى، ثانياً: أننا لا يمكننا أن نفعل أي شيء، أي شيء إلا بتسخير ربنا سبحانه وتعالى وبنعمته وبتهيئته وأن الإنسان بدون المدد الإلهي لا يستطيع أن يفعل شيء، الشيء الثالث: أن الإنسان المؤمن إذا كان مؤمناً حقاً فسأل ربه تبارك وتعالى واستغاث به وطلب مدده فإنّ مدد الله تبارك وتعالى وعطاءه للإنسان المؤمن ليس له حد بشرط الإيمان أولاً وبشرط الشكر ثانياً، والشكر: الحمد وزيادة؛ لأن الشكر يتضمن الثناء ويتضمن التوظيف فيما يرضي الله تبارك وتعالى، ولذلك قال تعالى اعْمَلُوا اعْمَلُوا اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرًا وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم
الحمد لله رب العالمين
ولكنه سبحانه وتعالى ذكر تسخيراً من نوع آخر قال كَذَّبَتْ ثَمُودُ وَعَادٌ بِالْقَارِعَةِ فَأَمَّا ثَمُودُ فَأُهْلِكُوا بِالطَّاغِيَةِ وَأَمَّا عَادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُومًا فَتَرَى الْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَى كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ فَهَلْ تَرَى لَهُمْ مِنْ بَاقِيَةٍ إذاً يوجد تسخير، وهو تسخير الأصل، تسخير النعمة،وتسخير المنّة، ويوجد عياذاً بالله، تسخير آخر حينما تكفر النعمة، وحينما يحال الشكر إلى كفر أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللهِ كُفْرًا وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَهَا وَبِئْسَ الْقَرَارُ وَجَعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِهِ قُلْ تَمَتَّعُوا فَإِنَّ مَصِيرَكُمْ إِلَى النَّارِ وهذا هو الذي يعبّر عنه ربنا سبحانه وتعالى بالتسليط.
فنحن عندنا نعمتين نعمة التسخير وتكلمنا عنها، ونعمة التسليط، فهل يصلح أن يكون نعمة؟ أحياناً الإفاقة والتوبة والأوبة والعود إلى الله سبحانه وتعالى لا تكون إلا بمثل هذا التسخير وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيرًا فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولَاهُمَا لَتُفْسِدُنَّ وَلَتَعْلُنَّ الإفساد في الأرض والاستكبار فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولَاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُوا خِلَالَ الدِّيَارِ وَكَانَ وَعْدًا مَفْعُولًا ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَاكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيرًا قانون إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا عَسَى رَبُّكُمْ بهذا، وهذا الكلام تكلمنا عليه قبل ذلك مرة في خطبة مستقلة عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يَرْحَمَكُمْ وهذا كان عنوانها عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يَرْحَمَكُمْ بهذا؟ نعم، وَإِنْ عُدْتُمْ عُدْنَا وَجَعَلْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ حَصِيرًا وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكَ لَيَبْعَثَنَّ عَلَيْهِمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ يَسُومُهُمْ سُوءَ الْعَذَابِ إِنَّ رَبَّكَ لَسَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ فَمَا لَكُمْ فِي الْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ وَاللهُ أَرْكَسَهُمْ بِمَا كَسَبُوا أَتُرِيدُونَ أَنْ تَهْدُوا مَنْ أَضَلَّ اللهُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلًا وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَوَاءً فَلَا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ أَوْلِيَاءَ حَتَّى يُهَاجِرُوا فِي سَبِيلِ اللهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَلَا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا إِلَّا الَّذِينَ يَصِلُونَ إِلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ أَوْ جَاءُوكُمْ حَصِرَتْ – ضاقت – صُدُورُهُمْ أَنْ يُقَاتِلُوكُمْ أَوْ يُقَاتِلُوا قَوْمَهُمْ أناس أعداء لأهل الإيمان، أعداء لرسول الله صلى الله عليه وسلم وينتمي إليهم أناس، هؤلاء الناس لم يستطيعوا أن يخرجوا من دائرة قومهم فيقاتلوهم ولا يريدوا أن يوافقوا قومهم في حرب رسول الله صلى الله عليه وسلم حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ أَنْ يُقَاتِلُوكُمْ أَوْ يُقَاتِلُوا قَوْمَهُمْ وَلَوْ شَاءَ اللهُ لَسَلَّطَهُمْ عَلَيْكُمْ فَلَقَاتَلُوكُمْ فَإِنِ اعْتَزَلُوكُمْ فَلَمْ يُقَاتِلُوكُمْ وَأَلْقَوْا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ فَمَا جَعَلَ اللهُ لَكُمْ عَلَيْهِمْ سَبِيلًا وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ مِنْ بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا ربنا سبحانه وتعالى هنا صرفهم وأخبر في آية أخرى عن مثل ذلك، قال تعالى إِذْ هَمَّ قَوْمٌ أَنْ يَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ فَكَفَّ فَكَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَاتَّقُوا اللهَ وَعَلَى اللهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلَا رِكَابٍ وَلَكِنَّ اللهَ يُسَلِّطُ رُسُلَهُ عَلَى مَنْ يَشَاءُ وَاللهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ
إذاً الإنسان عندما لا يشكر نعمة ربنا سبحانه وتعالى، عندما لا يلتزم بأوامر ربنا سبحانه وتعالى، عندما يعرض عن طاعة ربنا سبحانه وتعالى أحياناً يدخل في دائرة التسليط، فهل هذا التسليط حركة الإنسان؟ لا.
ربنا سبحانه وتعالى يقول وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللهِ إذاً هناك أناس نفوسها منطوية على الشر، ربنا سبحانه وتعالى يكفّهم عن العباد، يكفّهم عن أهل الإيمان فإذا خرجوا من هذه الدائرة يتركهم أَلَمْ تَرَ أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّيَاطِينَ عَلَى الْكَافِرِينَ تَؤُزُّهُمْ أَزًّا فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّاءَ وَكَانَ وَعْدُ رَبِّي حَقًّا حَتَّى إِذَا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ هؤلاء أناس محجوزة، أناس يتمنون الخروج والقتل وتنتقم، من الذي يوقفهم؟ فلو تركهم؟
إذاً التسخير من الله، والتسليط لا يكون إلا بإذن الله، فأنا عندما أكون في نعمة لابد أن أتذكر فضل ربنا سبحانه وتعالى، وعندما أجد خلاف ذلك، لابد أن أفكّر ما الذي جعل هذا يترك عليّ، هو كان محجوز، ما الذي جعل المربوط ينفلت؟ فالدنيا لا تسير هكذا، الدنيا لا تسير هكذا، يوجد ما يسمى ” القيوم ” الدنيا لا تسير هكذا، ليس اعتباطاً، لا يوجد شيء يسكن ولا يتحرك إلا بإذن الله، إذاً لماذا؟ محتاج أن أتفكر، ماذا يحدث لماذا؟، ماذا يحدث لماذا؟ فأنا كنت هكذا ثم أصبحت هكذا، فما الذي نقلني من هذا لهذا؟ ذَلِكَ بِأَنَّ اللهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَأَنَّ اللهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ إذاً هناك تسخير أصل ويوجد تسخير استثناء، تسخير الأصل نعمة تستوجب الشكر، وتسخير الاستثناء نعمة تستوجب الأوبة والإنابة والتوبة والرجوع إلى باب الله سبحانه وتعالى، هذه نعمة وهذه نعمة ربنا سبحانه وتعالى لا يقضي إلا خيراً، قال صلى الله عليه وسلم (الخير كله بيديك والشر ليس إليك) (الخير كله بيديك والشر ليس إليك)
قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ الشر منسوب إلى الخلق الذي تنطوي نفوسهم على الشر، قال الله تبارك وتعالى – وهذه قلناها كثيراً – قُلِ اللهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ هذا الملك بيد من؟ من الذي يوزّعه؟ من الذي يعطي؟ ومن الذي يمنع؟ من الذي يقبض ومن الذي يبسط؟ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ الإيتاء بنظر الإنسان نعمة وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ النزع نقمة، وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ هذه نعمة وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ هذه نقمة، ثم قال تعالى بِيَدِكَ الْخَيْرُ فقط، كل هذه الأشياء الأربعة هذه ربنا ساوى بينهم في الحكم، هذا هو الخير، قال بِيَدِكَ الْخَيْرُإذاً كل هذا، كل هذا في دائرة الخير، لا يقضي الله تبارك وتعالى للمؤمن إذا كان في دائرة مؤمناً حقاً، لا يقضي له قضاءً إلا خيراً له، المقبل يزداد إقبالاً (من تقرّب إليّ شبراً تقرّبت إليه ذراعاً) والمدبر يعود ويتوب وينيب وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذَابِ الْأَدْنَى دُونَ الْعَذَابِ الْأَكْبَرِ لماذا؟ لماذا؟ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ فَأَخَذْنَاهُمْ بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ فَلَوْلَا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا وَلَكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ نحن نرى الدنيا هكذا، ولكن الدنيا ليست هكذا، كل شيء في الدنيا هكذا، وليس شيء هكذا.
أي علاقة هي علاقة بين ثلاث أطراف، نحن دائماً نراها علاقة ما بين طرفين، لا يوجد علاقة بين طرفين، نحن دائماً نراها علاقة بين طرفين علاقة أرضية، لا يوجد فيها فوق، لا يوجد سماء، صلتنا منقطعة بالسماء، علاقة أرضية ما بيني وبين فلان، نحن متحابين أو متباغضين، هو فعل معي وأنا فعلت معه، لا الدنيا لا تسير هكذا، يوجد علاقة للسماء تعود علي، وعلاقة عنده للسماء تعود عليه في الأرض،فإذا حدث شيء في الأرض فأنا سأنظر إلى الأرض أم أنظر إلى السماء؟ إذا نظرت إلى الأرض فأنا لم أقرأ قرآن، لم أقرأ قرآن، فمن المفترض علي ماذا أفعل؟ أن أنظر لعلاقتي بالسماء، الذي نزل هذا من أين نزل؟ نزل من فوق، فأحمد الله سبحانه وتعالى، والذي لم يعجبني هذا من أين نزل؟ نزل من فوق أيضاً فماذا فعلت لكي ينزل هذا من فوق، هذه هي الفكرة الأساسية، ماذا فعلت لكي ينزل هذا من فوق.
نحن نستغرق في النعمة وننسى المنعم، ونستغرق في الأزمة وننسى الحكيم المدبر المقدر، هذا خطأ، وهذا خطأ
أول شيء حينما يحدث أي شيء، هذه علاقة بيني وبين ربنا سبحانه وتعالى، التقديرات الإلهية والأقدار علاقة ما بين العبد وما بين الرب، لايوجد بها طرف آخر، كل ما يحدث حولك هذه أسباب، ولا يوجد أحد يتحرك لا أحد يتحرك إلا بالتحريك الإلهي، ماذا ولماذا؟ ماذا ولماذا؟ فماذا أفعل لكي أصلح
الفضيل بن عياض كان يقول (إني لأعصي الله تعالى فأعرف ذلك في خلق دابتي وامرأتي) وقال مرة (ذلك في خلق دابتي وخادمي) هو يقول أنا أعصي فالمعصية أراها مباشرةً في تغيّر، تغيّر أخلاق الدابة والزوجة، أو الدابة والخادم، هو ماذا يريد أن يقول؟ هو يريد أن يقول أن ربنا هو الذي يسخّر الشخص وقلبه فيعاملني المعاملة التي شاء الله تبارك وتعالى أن يعاملني إياها، فلما أبدّل يبدّل عليّ، فلما أبدّل يبدّل عليّ، ولكن هؤلاء الناس كانوا يفهموا ويترجموا وكانت المعاصي لديها في دائرة محدودة محصورة، فهو ينتبه أنه حينما يفعل ماذا ما الذي يترتب عليه، هي القضية كلها هذا، أنه يستطيع الترجمة، يعرف من أين تأتي الرسائل ويتفكر فيها، يتفكر في حاله هو.
محمد بن سرين إمام التابعين كان يتاجر في ” زيت ” وأفلس، هو أصلا أفلس لأنه رجل ورع،، ” فنطاز ” زيت كبير وقع فيه فأر، فأر وقع في ” فنطاز ” بأربعين ألف درهم، فهو تورّعاً أراقه، أراقه كله، نحن الآن نأكل الفئران في اللحم المفروم
فهو الفأر لما وقع في الفنطاز الكبير من الزيت، وهو كل رأس ماله، فماذا قال؟ قال (إني لأعرف الذنب الذي حمل عليّ به الدين) أعرف الذنب الذي أذنبته الذي بسببه أنا مدين الآن، (قلت لرجل منذ أربعين سنة يا مفلس)
أولا: ” يا مفلس ” هذه ليست شيئاً، ففي قانوننا هذه ليست شيئاً، فهل يمكن أن يتذكر شخص جملة مثل هذه ليست لها معنى من أربعين سنة !!!
فحكيت هذه القصة لشخص من نفس الناس القديمة، – ونحن لسنا من هذه الدائرة – قال (قلت ذنوبهم فعلموا من أين يؤتون، وكثرت ذنوبي وذنوبك فلم ندري من أين نؤتى) يريد يقول أن هؤلاء الناس يحسبون كلماتهم وأفعالهم فهو يتذكر ماذا قال من أربعين سنة.
فهو أول شيء ترجمه أن مؤكد هذا حدث بسبب شيء أنا فعلته محتاج أن أراجع نفسي فيه، هذا هو القانون، عندما يحدث شيء تحت نحن ننظر إلى السماء، لا ننظر إلى الأرض، لا ننظر إلى الأرض، ننظر إلى السماء،وعندما ننظر إلى السماء سنفهم ما الذي يحدث ونعرف كيف نتعامل معه.
فنحن قلنا أن العلاقة ما بين الناس في الأرض هي علاقة ذات أبعاد أو جوانب أو أطراف ثلاثة وليست اثنان، الجزئية الثانية: العلاقة القدرية هي علاقة ثنائية ما بين ربنا وبيني، فربنا أرسل إليّ شيء، هذا الشيء له حكمة، لا تخرج إطار الحكمة واللطف والرحمة الإلهية، فأنا محتاج أن أترجم لكي أفهم، وبعدما أفهم أستطيع أن أستدرك وأراجع.
فخلاصة ما قلنا أن النعم والتسخيرات تحفظ بالشكر وأن مدد ربنا للمؤمنين بقيد الشكر ليس له حد وأن تسخير التسليط لا يكون إلا لتبديل أحدثناه، ولا يرتفع إلا بأوبة وتوبة صادقة نصوح
اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه
اللهم ارحمنا فأنت بنا راحم ولا تعذّبنا فأنت علينا قادر والطف بنا يا مولانا فيما جرت به المقادير واختم لنا منك بخاتمة السعادة أجمعين
اللهم يا مقلّب القلوب ثبت قلوبنا على دينك
اللهم إنا نسألك من كل خيرٍ سألك منه عبدك ونبيك محمد صلى الله عليه وسلم وعبادك الصالحون، ونعوذ بك اللهم من كل شرٍ استعاذك منه عبدك ونبيك محمد صلى الله عليه وسلم وعبادك الصالحون
اللهم إنا نسألك حبك، اللهم إنا نسألك حبك، اللهم إنا نسألك حبك وحب من يحبك وحب كل عملٍ يقربنا إلى حبك
اللهم اقسم لنا من خشيتك ماتحول به بيننا وبين معصيتك، ومن طاعتك ما تبلغنا به جنتك، ومن اليقين ما تهون به علينا مصائب الدنيا، متعنا اللهم بأسماعنا، وأبصارنا، وقوتنا، أبداً ما أحييتنا، واجعله الوارث منا واجعل ثأرنا على من ظلمنا، وانصرنا على من عادانا، ولا تجعل مصيبتنا في ديننا، ولا تجعل الدنيا أكبر همنا، ولا مبلغ علمنا، ولا تسلط علينا بذنوبنا من لا يخافك فينا ولا يرحمنا، ولا تجعل اللهم إلى النار مصيرنا، واجعل اللهم الجنة هي دارنا
اللهم بعلمك الغيب وقدرتك على الخلق، أحينا ما علمت الحياة خيراً لنا وتوفنا إذا كانت الوفاة خيراً لنا
اللهم إنا نسألك خشيتك في الغيب والشهادة، ونسألك كلمة الحق في الغضب والرضا، ونسألك القصد في الفقر والغنى ونسألك الرضاء بعد القضاء، ونسألك برد العيش بعد الموت، ونسألك نعيماً لا ينفد وقرة عين لا تنقطع، ونسألك اللهم لذّة النظر إلى وجهك الكريم، والشوق إلى لقائك في غير ضراء مضرّة ولا فتنة مضلّة.
اللهم زيّنا بزينة الإيمان واجعلنا هداة مهتدين، اللهم زيّنا بزينة الإيمان واجعلنا هداة مهتدين
اللهم اجعلنا هداة مهتدين، غير ضالين ولا مضليين، سلماً لأوليائك، حرباً لأعدائك، نحب بحبك، ونعادي بعداوتك من خالفك
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم