إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا.
إنه من يهدي الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمد عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ
يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا
ثم أما بعد: وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ عَلَى قَوْمِهِ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ كُلًّا هَدَيْنَا وَنُوحًا هَدَيْنَا مِنْ قَبْلُ وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَى وَهَارُونَ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ وَزَكَرِيَّا وَيَحْيَى وَعِيسَى وَإِلْيَاسَ كُلٌّ مِنَ الصَّالِحِينَ وَإِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَيُونُسَ وَلُوطًا وَكُلًّا فَضَّلْنَا عَلَى الْعَالَمِينَ وَمِنْ آبَائِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَإِخْوَانِهِمْ وَاجْتَبَيْنَاهُمْ وَهَدَيْنَاهُمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ أُولَئِكَ الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ فَإِنْ يَكْفُرْ بِهَا هَؤُلَاءِ فَقَدْ وَكَّلْنَا بِهَا قَوْمًا لَيْسُوا بِهَا بِكَافِرِينَ أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرَى لِلْعَالَمِينَ أُولَئِكَ الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ فَإِنْ يَكْفُرْ بِهَا هَؤُلَاءِ فَقَدْ وَكَّلْنَا بِهَا قَوْمًا لَيْسُوا بِهَا بِكَافِرِينَ
فإن يكفر بها: أي بهذه الأمانة وهذه الرسالة التي ائتمنهم الله عز وجل عليها هؤلاء المخاطبين من رجالات قريش وغيرهم الذين خاطبهم رسول اللهصلى الله عليه وسلمبهذه الكلمات يخبر الله تبارك وتعالى أنهم إن كفروا بهذه الرسالة، إن ردوا هذه الأمانة فإنهم لا يضرون إلا أنفسهم ولا يضرون الله شيئا فَإِنْ يَكْفُرْ بِهَا هَؤُلَاءِ فإن الله عز وجل سوف يحمل هذه الأمانة قوماً آخرين يقومون بها ويحفظون حقّها فَقَدْ وَكَّلْنَا بِهَا قَوْمًا لَيْسُوا بِهَا بِكَافِرِينَ
إِنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَإِنْ تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا يُؤْتِكُمْ أُجُورَكُمْ وَلَا يَسْأَلْكُمْ أَمْوَالَكُمْ إِنْ يَسْأَلْكُمُوهَا فَيُحْفِكُمْ يشدد عليكم ويطلب منكم فوق ما تحبون أو فوق ما تسمح به أنفسكم التي جبلت على الشح، وَأُحْضِرَتِ الْأَنْفُسُ الشُّحَّ
وَإِنْ تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا يُؤْتِكُمْ أُجُورَكُمْ وَلَا يَسْأَلْكُمْ أَمْوَالَكُمْ إِنْ يَسْأَلْكُمُوهَا فَيُحْفِكُمْ تَبْخَلُوا وَيُخْرِجْ أَضْغَانَكُمْ هَا أَنْتُمْ هَؤُلَاءِ تُدْعَوْنَ لِتُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَمِنْكُمْ مَنْ يَبْخَلُ وَمَنْ يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَنْ نَفْسِهِ وَاللَّهُ الْغَنِيُّ وَأَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ فَإِنْ يَكْفُرْ بِهَا هَؤُلَاءِ فَقَدْ وَكَّلْنَا بِهَا قَوْمًا لَيْسُوا بِهَا بِكَافِرِينَ وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ-أي في طاعتنا- يَقُولُونَ نَخْشَى أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَة لهم الغلبة ولهم القوة إن لم ندخل في طاعتهم فإنهم يشردوننا فإنهم يستحلون بيضتنا ويبيدوننا.
فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ فَيُصْبِحُوا عَلَى مَا أَسَرُّوا فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ وَيَقُولُ الَّذِينَ آمَنُوا أَهَؤُلَاءِ الَّذِينَ أَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ إِنَّهُمْ لَمَعَكُمْ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَأَصْبَحُوا خَاسِرِينَ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ
إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ وَمَا ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ بِعَزِيزٍ إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ أَيُّهَا النَّاسُ وَيَأْتِ بِآخَرِينَ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى ذَلِكَ قَدِيرًا وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ
فلا عاصم من عذاب الله عز وجل أن يحيط بأمة من الأمم إلا كون الرسول بين ظهرانيهم أو أنهم يؤبون ويتوبون ويستغفرون وَمَا لَهُمْ أَلَّا يُعَذِّبَهُمُ اللَّهُ وَهُمْ يَصُدُّونَ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَمَا كَانُوا أَوْلِيَاءَهُ إِنْ أَوْلِيَاؤُهُ إِلَّا الْمُتَّقُونَ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلَا دُعَاؤُكُمْ فَقَدْ كَذَّبْتُمْ فَسَوْفَ يَكُونُ لِزَامًا
قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لا وزن لكم ولا قيمة ولا قدر عند ربكم تبارك وتعالى لولا إيمانكم ولولا تضرعكم إلى الله عز وجل ودعاؤكم فَقَدْ كَذَّبْتُمْ فَسَوْفَ يَكُونُ لِزَامًا أي العذاب.
كان لنا حديث مع بني إسرائيل وكيف خضع هذا الجيل الإسرائيلي لهذه السنة الإلهية الرعيبة المفزعة،سنة الاستبدال، إن الله عز وجل امتن على هؤلاء ورفع عن كواهلهم أثقالاً وأعباءً لكي يهيئهم لحمل أمانة دينهم ورسالة ربهم تبارك وتعالى وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً هداةً للناس يحملون أمانة الله عز وجل إلى العالمين، وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُمْ مَا كَانُوا يَحْذَرُونَ هكذا كانت إرادة الله تبارك وتعالى فلما أن نجاهم عز وجل جاءتهم الأمانة وأمرهم نبيهم موسىصلى الله عليه وسلم أن يقوموا بأمر الله عز وجل يَا قَوْمِ ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَلَا تَرْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ قَالُوا يَا مُوسَى إِنَّ فِيهَا قَوْمًا جَبَّارِينَ وَإِنَّا لَنْ نَدْخُلَهَا حَتَّى يَخْرُجُوا مِنْهَا فَإِنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا تصبح خالية خاوية ليس بها من هؤلاء الجبارين أحد فإن كان كذلك فَإِنَّا دَاخِلُونَ قَالَ رَجُلَانِ مِنَ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمَا ادْخُلُوا عَلَيْهِمُ الْبَابَ فَإِذَا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غَالِبُونَ وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ وهذا المشهد وهذه الآية تصور لنا شدة الغربة التي كان يعاني منها هؤلاء المؤمنون الصادقون وسط هذه الأمة المسلمة وليست الكافرة، وسط هذه الأمة المسلمة التي ترفض أن تقوم بحق إسلامها قَالَ رَجُلَانِ نزل الله عز وجل هذه المقالة وهذه النصيحة وهذه الوصية إلى رجلين فقط من وسط هذه الأمة الكثيرة عددها الواهنة عزائمها رَجُلَانِ مِنَ الَّذِينَ يَخَافُونَ يخافون ربهم عز وجل ويخافون ألا يقوموا بحقه، يخافون عقوبة الله عز وجل إن لم يأتمروا بأمره، أنعم الله عليهما بنعمة الإيمان والحلم والحكمة والفهم ادْخُلُوا عَلَيْهِمُ الْبَابَ ليس يطلب منكم إلا أن تمتثلوا أمر ربكم فإذا دخلتم عليهم باب المدينة أعطاكم الله عز وجل مقاليدها، وعلى الله توكلوا إن كنتم مؤمنين قَالُوا يَا مُوسَى يقول الله تبارك وتعالى قَالَ رَجُلَانِ هؤلاء هم الذين يخاطبون أمتهم لكنهم لا يلتفتون إليهما ولا يعيرون هذه الكلمات أسماعاً ولا أذاناً ويكأن هذين الرجلين ليسا بنظر هؤلاء موجودين ولا مشاهدين ولا مرئيين ولا مسموعين قَالُوا يَا مُوسَى لا يريدون أن يتكلموا كثيراً خلقهم ضيق فبيتخنقوا بسرعة قَالُوا يَا مُوسَى إِنَّا لَنْ نَدْخُلَهَا أَبَدًا مَا دَامُوا فِيهَا فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ قَالَ رَبِّ إِنِّي لَا أَمْلِكُ إِلَّا نَفْسِي وَأَخِي فَافْرُقْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ هو يقولصلى الله عليه وسلم إنه على أتم استعداد لأن ينفذ أمر الله عز وجل لكنه وسط أمة من الناس تأبى أن تجيب داعي ربها تبارك وتعالى ثم هو يخاطب ربه عز وجل بأنه لا يملك أن يمضي كلمته في هذه الأمة التي تؤمن به رسولاً وتصدق بأنه نبي الله حقا ولكنه وسط أمته ووسط أتباعه من المسلمين لا يملك أن يمضي فيهم كلمته فهو لا يملك إلا نفسه وأخاه هارون عليه السلام لأن هارون كذلك نبيٌ من أنبياء الله لا يتصور منه أن ينكُل أو يتنكب أمر الله عز وجل .
وإذن فهذان الرجلان المؤمنان اللذان أمرا قومهما بطاعة الله، حتى هذين الرجلين المؤمنين فإن موسى عليه السلام لا يضمن أن يبقى امتثالهما وائتمارهما بأمره، قَالَ رَبِّ إِنِّي لَا أَمْلِكُ إِلَّا نَفْسِي وَأَخِي فَافْرُقْ -افصل- بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ قَالَ فَإِنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ هذه الأرض التي أبوا أن يمتثلوا أمر الله عز وجل بدخولها فَإِنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ أي هذا الجيل من بني إسرائيل فَإِنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً يَتِيهُونَ فِي الْأَرْضِ فَلَا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ وإذن فهذه الأمة أو هذا الجيل من المسلمين الذين أمرهم الله عز وجل بأن يحملوا أمانتهم لما أبوا أن يحملوا أمانة الله عز وجل التي ائتمنوا عليها عوقبوا بهذه العقوبة؛ التيه وقد تكلمنا عنه قبل ذلك وهو حالة من الضياع التي تعتري الأمة حتى لا تهتدي لها طريقاً لا تعرف لها سبيلاً، لا تميّز بين حقٍ وبين باطلٍ لا تميّز بين خطأ وبين صواب لا تميّز بين طريق الله وبين طريق الشيطان وإنما عُوقبت بالتيه لما تنكبت طريق ربها، لما أبت أن تمتثل لأمر الله عز وجل وفوق هذا التيه أن الله عز وجل نحاهم من طريق رسالته وطريق أمانته وطريق دعوته وحلّ محل هؤلاء جيلٌ جديد هو جيل أبنائهم حملوا أمانة ربهم عز وجل هم الذين ذكرنا قصّتهم في خطبتنا الماضية حينما ذكرنا حديث أبي هريرة رضي الله عنه في الصحيح وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم غزا نبيٌ من الأنبياء ثم ذكرنا أنه وصل إلى هذه القرية التي أبى آباؤهم أن يدخلوها، وصل هذه القرية إلى قريبٍ من صلاة العصر فقال للشمس: إنك مأمورة وأنا مأمور اللهم أمسكها علينا فأمسكها الله عز وجل حتى فتح عليه.
وإذاً فهذا الجيل أعطاه الله عز وجل مقاليد هذه القرية لأنهم لم يكونوا كأسلافهم وإنما وعوا الدرس الذي يجب عليهم أن يتعلموه ولذلك أعطاهم الله عز وجل ومنحهم ووهبهم.
وهاهنا لابد أن نلتفت إلى أمرٍ عظيمٍ خطير، هذه الأمة التي بقيت في هذا الضياع طيلة أربعين سنة كاملة كانت في تيهها وضياعها لازالت تحت قيادة وتحت إمرة كليم الرحمن موسى عليه السلام، فلم يملك موسى عليه السلام وهو كليم الرحمن أن يخرج هذه الأمة من تيهها أو من الظلمات التي وقعت فيها طالما بقيت ناكثةً لعهدها مع ربها، فالقيادة الصالحة، أو الإمارة الصالحة بل الإمارة النبوية المعصومة والمؤيدة من الذات الإلهية لا تملك لأمة من الأمم إذا كانت على حالٍ من الضعف ومن الوهن، لا تملك لهذه الأمة شيئاً ولا تستطيع أن تخرجها من تيهها التي وقعت فيه إذا لم تغيير ما بداخل نفسها ولم تؤب وتعد إلى ربها إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ الله سبحانه وتعالى هو الذي يغير الأحوال ليس نحن لكن الله سبحانه وتعالى لا يمنّ علينا بإصلاح أو تغيير لأحوال وأوضاع سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية إلا إذا أصلحنا نحن فساد قلوبنا، إصلاح قلوبنا وإصلاح أخلاقنا هو الذي يهيئ لمنّة الله عز وجل لإصلاح أحوالنا،
فموسى عليه السلام – وهو من هو – لا يملك أن يغير من أمر هذه الأمة بل هو نفسه موسى عليه السلام وهارون عليهما السلام كليهما قد ماتا في هذا التيه كما فني هذا الجيل الذي استبدله الله عز وجل، لكن موسى عليه السلام لم يبقى في هذا التيه مكتوف اليد، إن فضل هذا التغيير بعد منّة الله عز وجل وكرمه إنما يعود إلى تنشئة وتربية وتهيئة هذا الجيل الصغير في هذه الصحراء القاحلة على يد النبيين الكريمين موسى وهارون عليهما السلام، وإلا فإن كان هذا الجيل يحمل نفس الجينات التي كان يحملها الجيل السابق لكانوا أيضاً باقين في هذا التيه الذي بقي فيه الجيل الذي سبقهم، لا فرق بين هؤلاء وهؤلاء، ليس بين أحد من الناس وبين الله عز وجل نسب،إنما القضية قضية الإيمان، الالتزام، الامتثال لأمر الله سبحانه وتعالى وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُمْ بِذُنُوبِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بَشَرٌ مِمَّنْ خَلَقَ يَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلَا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ وَلَا يَجِدْ لَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا
وهذا النبي الذي هو يوشع بن نون الذي فتح الله عز وجل على يديه بل أوقف الشمس لأجله لم يكن بالمكانة أو المنزلة التي كان عليها موسى عليه السلام في قربه من الله أو عظم مكانته عنده تبارك وتعالى فقطعاً كانت هذه القيادة أقل وأضعف، وأقل شأناً وقدراً عند ربها تبارك وتعالى من موسى عليه السلام ومن هارون.
لكنه لما كان معه أُناس يعون الدرس ويقومون بالحق فتح الله عز وجل عليهم.
وإذا فهذه السنّة الإلهية الرعيبة الفظيعة سنّة ماضية لا تتبدل ولا تتخلف في كل جيل بل في كل أمة لا تقوم بحق الله عز وجل ولا ترعى أمانته،وأسوأ ما كان في هذا الجيل من أجيال بني إسرائيل الذي حق عليه التيه أنه لم يدرك ولو للحظة واحدة مكمن الخلل ولا محل الفساد، بل هم لم يلتفتوا إلى هذه القضية أصلاً، هم لا يعون قضية الرسالة ولا قضية الأمانة ولا تشغلهم إنما كان يشغلهم طعامهم وشرابهم وفقط، هم لا يريدون من نبيهم إلا أن يوفر لهم معيشتهم الدنيوية وفقط.
لكنهم حينما يخاطبون بخطاب الأمانة يكون ما سمعنا من آيات الله عز وجل التي تلونا لَنْ نَصْبِرَ عَلَى طَعَامٍ وَاحِدٍ فَادْعُ لَنَا رَبَّكَ فَادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُخْرِجْ لَنَا مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ مِنْ بَقْلِهَا وَقِثَّائِهَا وَفُومِهَا وَعَدَسِهَا وَبَصَلِهَا هذه الأمة لا تفكر إلا في هذا، هي لم تعي شيئاً من درس التيه الذي وقعت فيه وَإِذِ اسْتَسْقَى مُوسَى لِقَوْمِهِ فَقُلْنَا اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْحَجَرَ فَانْفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْنًا
لَنْ نَصْبِرَ عَلَى طَعَامٍ وَاحِدٍ هذا الطعام الواحد الذي يستنكرونه إنما هو الذي أخبر الله عز وجل عنه فقال وَأَنْزَلْنَا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى طعامٌ امتن الله عز وجل عليهم به في هذه الصحراء التي هم فيها وهذا شاهد على عظيم رحمته تبارك وتعالى هؤلاء معاقبون، هذه الأمة من الناس أمة معاقبة، هي في هذا التيه معاقبة على أنها تنكبت عن أمر الله عز وجل ومع ذلك الله سبحانه وتعالى لرحمته بعباده لا يهلكهم جوعاً وعطشا بل ينزل الله سبحانه وتعالى عليهم من السماء من غير جهدٍ ومن غير عناءٍ ومن غير مشقة ما يطعمون به بل حلوى مضافة على أصل الطعام الذي يقتاتون به وتقوم أجسادهم عليه، بل قال الله تبارك وتعالى وَظَلَّلْنَا عَلَيْهِمُ الْغَمَامَ الشمس، هما في مكان خالي، فالله سبحانه وتعالى يرحم هؤلاء أيضاً من حرّ الشمس بأن يظلل عليهم الغمام وَظَلَّلْنَا عَلَيْهِمُ الْغَمَامَ وَأَنْزَلْنَا عَلَيْهِمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى فالله سبحانه وتعالى أنعم عليهم بهذه النعم وهم في حال العقوبة على فعلهم، ثم هم يقولون فَادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُخْرِجْ لَنَا مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ مِنْ بَقْلِهَا فول، أول حاجة الفول وقثائها ده الخيار وفومها ده الثوم، وعدسها العدس المعروف وبصلها طبعاً العدس معاه البصل، حتى الطموح عند هؤلاء ليس موجوداً،هم يشتاقون إلى الطعام الذي كانوا يعيشون عليه ويقتاتون في ظل زمان وعهد وحكم فرعون وذلته، هم خرجوا من مصر ونجّاهم الله عز وجل من ذلة فرعون الذي أذلهم بها لكنّهم يشتاقون إلى عهد المهانة والذلة، هم يريدون مرة أخرى يأكلون الفول والعدس والبصل الذي حرموا منه حينما خرجوا من مصر، هم لا يريدون المنّ والسلوى، لا العدس والفول والبصل والثوم، ولذلك قال موسى عليه السلام أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ حتى في الأكل، يوجد خلل حتى في تصورات الأكل، يعني ده أكل من دون تعب وأعلى درجة وقدر ومنزلة، لا لابد لابد الفول والعدس والبصل، طالما لم نتخلص من الفول والعدس والبصل، حتى طموحنا بإتجاه الفول والعدس والبصل لابد أن يتغير، لابد أن نلغي من فكرتنا الفول، الفول هذا لابد يختفي.
أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ اهْبِطُوا مِصْرًا فَإِنَّ لَكُمْ مَا سَأَلْتُمْ إذا أردتم هذا لا تقولون يارب اخرج لنا فول وعدس وبصل، لا اذهبوا أي مكان وازرعوا طالما تريدون أن ترجعوا إلى العهد الأول ازرعوا الفول والعدس والبصل وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ.
إذاً هذه السنّة الإلهية نحن أيضاً كأمة مسلمة كحال هذه الأمة الإسرائيلية، نحن أيضاً تحت خطر الاستبدال إذا نحن سلكنا مسالك هؤلاء الناس،
قال صلى الله عليه وسلم: لتتبعن سنن – أي طريق- من كان قبلكم شبراً بشبر وذراعاً بذراع حتى إذا دخلوا جحر ضبٍّ دخلتموه، قلنا يا رسول الله اليهود والنصارى، قال: فمن؟!
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم.
الحمد لله رب العالمين
لقد استبدل الله عز وجل هذا الجيل من بني إسرائيل بجيل آخر يقوم بأمانة الله عز وجل رباهم موسى عليه السلام على عينه في هذه الصحراء القاحلة، أدرك أول ما أدرك أنه لم يدخل هذا التيه ولم يدخل في هذه الضلالة إلا بعصيانه لأمر الله عز وجل، هذا هو أول درس، نحن لم نصل إلى ما وصلنا إليه إلا بأننا تنكبنا طريق ربنا تبارك وتعالى وبالتالي لا خروج لنا من هذا التيه إلا بأن نعود إلى منهاج ربنا تبارك وتعالى ثم لما وصلت أمة بني إسرائيل أمة كاملة ليس جيلاً،، الأمة كلها لحال من التردي لا يجبر وحال من الفساد الذي لا يعالج نزع الله عز وجل منهم أمانته وأعطاها لأمة محمدصلى الله عليه وسلم وبقيت هذه الأمة تحمل أمانة الله عز وجل كما قال صلى الله عليه وسلم: لَا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي ظَاهِرِينَ عَلَى الْحَقِّ لَا يَضُرُّهُمُ مَنْ خَذَلَهُمْ حَتَّى يَأْتِيَ أَمْرُ اللَّهِ-عز وجل-، وَهُمْ كَذَلِكَ.
فالفرق بين هذه الأمة وبين غيرها من الأمم أنها لا تطبق في كل أجيالها على مخالفة أمر الله عز وجل بل تبقى في كل أمة أو في كل جيل من أجيال هذه الأمة طائفة تحمل رسالة الله عز وجل لكنه إذا كان الفساد هو الغالب على حال جيل من الأجيال فإن هذا الجيل تحت وعيل وتحت خطر الضياع والاستبدال وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً
قالصلى الله عليه وسلم وقد استيقظ يوماً فزعاً كما في البخاري عن زينب رضي الله عنها قال صلى الله عليه وسلم: وَيْلٌ لِلْعَرَبِ مِنْ شَرٍّ قَدِ اقْتَرَبَ، فُتِحَ اليَوْمَ مِنْ رَدْمِ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مِثْلُ هَذِهِ، فقالت يا رسول الله أنهلك وفينا الصالحون، قال: نعم إذا كثر الخبث.
كما ضاعت أمة بني إسرائيل وفيها موسى وفيها هارون وفيها هذين الرجلين المؤمنين، ولذلك تبقى هذه الرسالة محفوظة حتى ينزل عيسى بن مريم عليه السلام وبعد وفاة عيسى تأتي ريحٌ تقبض أرواح المؤمنين فلا يبقى إلا شرار الخلق وعليهم تقوم الساعة، إذا لم يبقى في الأرض أحدٌ يقوم بأمر الله، إذا لم يبقى في الأرض أحدٌ يذكر الله عز وجل حينئذٍ لا يبقى لأهل الأرض فائدةٌ ولا وظيفة، وحينئذٍ تقوم الساعة، قال صلى الله عليه وسلم كما عند ابن ماجة عن حذيفة رضي الله عنه يقول: (يدرس الإسلام) أي تضيع معالمه ويبهت الدين شيئاً فشيئاً يدرس الإسلام ( كما يدرس وشي الثوب ) الألوان والأصباغ التي في الثياب مع كثرة الاستعمال وكثرة الغسل تبهت وتضعف وتزول شيئاً فشيئاً، ( يدرس الإسلام كما يدرس وشي الثوب حتى لا يدرى لا صيام ولا صلاة ولا نسك – أي حج وعمرة – ولا صدقة – أي زكاة -، وتبقى طوائف من الناس الشيخ الكبير والعجوز يقولون أدركنا آباءنا على هذه الكلمة لا إله إلا الله فنحن نقولها ) يخبر صلى الله عليه وسلم أنه لا تزال الأيام والليالي حتى تضيع معالم الدين حتى لا يبقى إلا أُناسٌ كبيرٌ سنّهم:الشيخ الكبير والعجوز يقولون،، لا يعرفون من الدين إلا هذه الكلمة يقولون: أدركنــا آباءنا -الجيل القديم- على هذه الكلمة، كانوا يرددون هذه الكلمة،هم لا يعون معناها لكنهم يرددونها، لم يبقى لهم من الدين إلا هذه الكلمة، تبقى طوائف من الناس -الشيخ الكبير والعجوز- يقولون أدركنا آباءنا على هذه الكلمة لا إله إلا الله فنحن نقولها، فتضيع معالم الدين ويسرى على كتاب الله في ليلة حتى لا تبقى في الأرض منه آية،
الله سبحانه وتعالى يرفع كلماته يرفع قرآنه من بين ظهراني الناس، وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ كتاب الله عز وجل أعزّ من أن يبقى بين ظهراني قوم لا يلتفتون إليه ولا يعيرونه اهتماماً، حينما يعرض الناس جميعاً عن القرآن يجل الله عز وجل كلماته أن تبقى مهجورة هجراناً كليّاً، فيرفع الله كلماته ويعيدها إلى السماء إلى المكان الذي نزلت منه أول مرة.
فإذاً إنما بثّ الله عز وجل الخلائق في الأرض ليقوموا بكلمة الله عز وجل، فإذا ضاعت كلمة الله حينئذٍ لا يكون لبقاء الناس في الحياة معنى وحينئذٍ تقوم الساعة تبقى وطوائف يقولون : أدركنا آباءنا على هذه الكلمة، هم تعلموا من آبائهم أو سمعوا منهم كلمة، حتى هذه الكلمة لم ينقلوها إلى الجيل الذي بعدهم اندرست هذه الكلمة في هذا الجيل (فنحن نقولها)،حتى لم يعلموا الذين بعدهم هذه الكلمة التي استمسكوا بها من دين الله عز وجل .
قال أبو هريرة رضي الله عنه :لا تقوم الساعة حتى تبعث ريحٌ حمراء فيكفت الله عز وجل بها كل نفسٍ تؤمن بالله واليوم الآخر .
فيكفت الله عز وجل : أي يقبض بها كل نفسٍ تؤمن بالله واليوم الآخر ولا ينكرها الناس من قلّة ما تقبض، يعني البقية الباقية التي تقبض فالناس لا يشعرون أنه يوجد حدث كبير أو في نفوس كثيرة تزهق، لا،يقولون: مات شيخاً في بني فلان وماتت عجوزٌ في بني فلان، ثم قال: وليسرى على كتاب الله عز وجل فيرفع فلا تبقى في الأرض منه آية.
وإذاً فإن بقاءنا ووجودنا في هذه الحياة إنما هو لحمل هذه الأمانة والقيام بهذه الرسالة ولا يبقى جيلٌ من الأجيال إلا بمقدار ما يقيم هذه الرسالة ولا يبقى جنس الإنسان في الأرض عموماً إلا بقدر ما يقيم من هذه الأمانة ومن هذه الرسالة إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا لِيُعَذِّبَ اللَّهُ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ وَيَتُوبَ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا