إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهدي ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا.
إنه من يهدي الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له, وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمد عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم,
يَا أيها الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ، وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ.
يَا أيها الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا.
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ أُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ.
ثم أما بعد ،،،
حديثنا اليوم عنوانه وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا
كنا نتكلم عن أصحاب الكهف، وتكلمنا في جمعتنا الماضية عن هذه القصة وعن وجه من أوجه الحكمة التي يعلمنا الله تبارك وتعالى أياها في هذا الحدث العظيم، ألا وهو كيف يحرر الله تبارك وتعالى عباده من أن يكونوا أسرى لأعمارهم المحدودة، فقلنا إن الإنسان إذا بقي أسيراً لعمره المحدود فلم يستطع أن يتحرر منه ويتجاوز ذلك إلى رؤية ما يمتد بعده وما كان قبله من أزمنة، بل إلى رؤية ما وراء ذلك من تذكر الدار الآخرة وتذكر لقاء الله سبحانه وتعالى وأن وراء هذه الحياة القصيرة المحدودة هناك حياة سرمدية لا انقطاع لها هُنَالِكَ تَبْلُو كُلُّ نَفْسٍ مَا أَسْلَفَتْ وَرُدُّوا إِلَى اللَّهِ مَوْلَاهُمُ الْحَقِّ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ هنالك في هذا اليوم العظيم حين يلقى العباد ربهم سبحانه وتعالى تَبْلُو كُلُّ نَفْسٍ مَا أَسْلَفَتْ سوف يبدو لكل إنسان ما قدم من عمل لهذا اليوم، حيث يرد إلى الله تبارك وتعالى الذي هو مولانا الحق وتضيع حينئذٍ كل الضلالات وكل الغشاوات التي كانت تغطي نظر الإنسان وبصره وبصيرته لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ يَوْمَ يَأْتُونَنَا لَكِنِ الظَّالِمُونَ الْيَوْمَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ أي ما أبصرهم وما أسمعهم وما أفهمهم وما أعلمهم في يوم يلقون ربهم تبارك وتعالى، لكنهم اليوم ليسوا كذلك فتكون منة الله تبارك وتعالى على عباده الذين هم عباده حقاً أن يرزقهم في هذه الدار هذا البصر وهذه البصيرة التي تجعلهم ينظرون إلى ما وراء هذه الفجوة، ويدركون الحقائق التي يغفل عنها كثير من الناس، يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا قُلِ انْتَظِرُوا إِنَّا مُنْتَظِرُونَ فذكرنا كيف أن الله سبحانه وتعالى قد أمات هؤلاء الفتية وأنامهم هذه السنين المتطاولة، ثم بعثهم سبحانه وتعالى مرة أخرى ليريهم عظمته وليشعرهم قدرته، فجعلهم الله سبحانه وتعالى آية من آيات الله على قدرة الله وأن البعث ولقاء الله حق لا ريب فيه وَكَذَلِكَ أَعْثَرْنَا عَلَيْهِمْ لِيَعْلَمُوا أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَأَنَّ السَّاعَةَ لَا رَيْبَ فِيهَا وأشهدهم الله سبحانه وتعالى قبل أن يموتوا موتتهم التي لا يبعثون منها حتى يأتي يوم البعث، أشهدهم بأعينهم كيف أن الله سبحانه وتعالى نصر حقه وأظهر دينه وأهلك هذا الملك الظالم الذي كانوا يخشون جوره وبطشه إِنَّهُمْ إِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ يَرْجُمُوكُمْ أَوْ يُعِيدُوكُمْ فِي مِلَّتِهِمْ وَلَنْ تُفْلِحُوا إِذًا أَبَدًا فالله سبحانه وتعالى أشهدهم كيف أن الأمر بيده وكيف أنه يقلب الليل والنهار وكيف أنه يغير ويصلح ويبدل الأحوال، فلا يأس من أن يشرق نور الله سبحانه وتعالى وإن كان الواقع الذي يعيشه العبد في لحظات عمره المحدود لا يرى فيه ذلك، فعلمنا الله سبحانه وتعالى من ذلك أن نتجاوز هذا المدى القصير وهذه اللحظات الآنية التي نعيشها.
ثم نقلنا سبحانه وتعالى نقلة أخرى فقال: وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلًا رَجُلَيْنِ جَعَلْنَا لِأَحَدِهِمَا جَنَّتَيْنِ مِنْ أَعْنَابٍ وَحَفَفْنَاهُمَا بِنَخْلٍ وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمَا زَرْعًا كِلْتَا الْجَنَّتَيْنِ آتَتْ أُكُلَهَا وَلَمْ تَظْلِمْ مِنْهُ شَيْئًا وَفَجَّرْنَا خِلَالَهُمَا نَهَرًا وَكَانَ لَهُ ثَمَرٌ فَقَالَ لِصَاحِبِهِ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مَالًا وَأَعَزُّ نَفَرًا وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ قَالَ مَا أَظُنُّ أَنْ تَبِيدَ هَذِهِ أَبَدًا وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِنْ رُدِدْتُ إِلَى رَبِّي لَأَجِدَنَّ خَيْرًا مِنْهَا مُنْقَلَبًا لقد أراد الله سبحانه وتعالى أن يحررنا من أسر العمر المحدود والنظر الضيق للزمان، فأراد أن يحررنا من أسر الأشياء ومن أسر المتاع ومن أسر الزينة ومن أسر الأماكن التي نستعبد لها، والتي تغفلنا عن نعم الله سبحانه وتعالى وعن قدرته وعن إحسانه وعن بره، فيذكر سبحانه وتعالى مثلاً لرجلين، نفهم من القصة أنهم كانا صاحبين وكانا على إسلام وإيمان، ثم منح الله تبارك وتعالى لأحد الصاحبين نعماً ومتاعاً دنيوياً عظيماً فتعلق قلبه بهذه النعمة وبهذا المتاع ونسي المنعم سبحانه وتعالى والمحسن المتفضل، وحمله ذلك التعلق على أن ينكر لقاء الله، لماذا؟ لأنه يريد أن يصرف عن ذهنه أنه يغادر هذه النعمة أو تغادره، ركن إليها ونسي الله سبحانه وتعالى، فهذا نوع آخر من الأسر الذي يأسر الإنسان، فهو يتعلق بهذا المتاع حتى يحمله هذا التعلق على أن ينكر ما كان بالأمس يؤمن به، فهل هو إذا أنكر لقاء الله سبحانه وتعالى والبعث هل هذا الأمر يبطل الحقيقة فعلاً؟ هل هذا لا يجعل الحق حقاً؟ لكنه يريد أن يسكن نفسه وقلبه وفؤاده، هو لا يريد أن يتذكر أنه ربما ترك هذه النعمة أو تركته لأن هذا يؤلم قلبه، إذاً فما الحل الذي يتخذه؟ أنه ينكر لقاء الله وبالتالي ينكر زوال النعمة، فهل هذا سيعالج الموضوع؟ هناك فعلاً علاج وهناك حلاً، فالإنسان إذا شكر الله تعالى على النعمة ما سيحدث؟ قال تعالى: وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ لو حمد الله تبارك وتعالى وأحسن كما أحسن الله إليه، لحفظ نعمة الدنيا ولأضاف نعمة الجنة والآخرة إلى نعمة الدنيا لكنه الإنسان حينما يضل عن الله سبحانه وتعالى حينما يستهويه الشيطان، فهو يفسد وهو يظن نفسه يصلح، فهو يسيء وهو يظن أنه يحسن.
جَنَّتَيْنِ مِنْ أَعْنَابٍ وَحَفَفْنَاهُمَا بِنَخْلٍ فإذاً هناك زرع وحول هذا الزرع عنب وحول هذا العنب السور الخارجي نخل وما بين هاتين الجنتين العظيمتين نهر في الوسط يسقي منه كيفما شاء، هل هذا فقط؟ لا, وَكَانَ لَهُ ثَمَرٌ ثمر للنخل وللعنب والزرع، ليس هذا فحسب ولكن فوق ذلك كان له مال يثمر أي لديه نقد لديه ذهب وفضة فوق ما لديه من من هذا النخيل والأعناب والزرع، كِلْتَا الْجَنَّتَيْنِ آتَتْ أُكُلَهَا وَلَمْ تَظْلِمْ مِنْهُ شَيْئًا لا يوجد نقص، على أكمل ما يكون العطاء، فماذا سيفعل؟ فَقَالَ لِصَاحِبِهِ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مَالًا وَأَعَزُّ نَفَرًا ثم وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظَالِمٌ لمن؟ لصاحبه؟ لله والعياذ بالله؟ وإنما هو يظلم نفسه، فإذاً الله سبحانه وتعالى يصفه حال دخوله الجنة بدلاً من أن يدخل يدخل محسناً لنفسه بالشكر والحمد لله على آتى وعلى ما أعطى، دخلها وهو ظالم لنفسه، بماذا؟ بهذه الكلمات التي سوف يقول وبهذا الفعل الذي فعل، فإذاً هو في البداية تكبر وتجبر على صاحبه بما آتاه الله من الدنيا، فهو بدلاً من أن يحسن إلى الناس بما آتاه الله، جعل هذا الإحسان من الله سبحانه وتعالى ليستعلي به على الناس، حتى على صاحبه وبئست الخلة َقالَ مَا أَظُنُّ أَنْ تَبِيدَ هَذِهِ أَبَدًا فإذاً لا توجد قيامة لذلك قال وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وإن افترضنا جدلاً وَلَئِنْ رُدِدْتُ إِلَى رَبِّي إن حصل، لَأَجِدَنَّ خَيْرًا مِنْهَا مُنْقَلَبًا لماذا وهو ينكر لقاء الله وهو يجحد فضل الله؟ هذا خلل آخر، فهو يظن أن إعطاء الله له في الدنيا علامة على الحب، لا، إنما هو اختبار، يبقى كويس لو شكرت، ويبقى مش كويس لو كفرت إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً ليس لنا لَهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَإِنَّا لَجَاعِلُونَ مَا عَلَيْهَا صَعِيدًا جُرُزًا هذا في أوائل الكهف التي نتكلم فيها الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا فهو يظن أن هذا الإتاء علامة على الحب، وإن الله سبحانه وتعالى يحبني وأعطني هذا في الدنيا، فمن المؤكد أن يعطني في الآخرة أكثر، وأكثر بكثير وَلَئِنْ رُدِدْتُ إِلَى رَبِّي لَأَجِدَنَّ خَيْرًا مِنْهَا مُنْقَلَبًا قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِنْ تُرَابٍ خلق آدم فهو يذكره بالإنسان الأول ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ هذا خلقه هو ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلًا ففوق هذه النعم تجميل وتحسين وإعطاء الإنسان القوة والعقل والقدرة التي يستطيع بها أن يستثمر لَكِنَّا هُوَ اللَّهُ رَبِّي وَلَا أُشْرِكُ بِرَبِّي أَحَدًا، هذا هو واجب النصيحة من الصاحب لصاحبه، فهو يحيد, هل يتركه؟ وَلَوْلَا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ لكي لا يكون ظالماً لنفسه ماذا يصنع؟ وَلَوْلَا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ مَا شَاءَ اللَّهُ إنما هذا بمشيئة الله وفضله لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ ليس بقوتي أنا، فأنا لا أستطيع أن أفعل شيئاً، لولا فضل الله سبحانه وتعالى وكرمه وإحسانه ورحمته لا نعطى شيء ونحن لا نستحق وَلَوْلَا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ بماذا تذكر نفسك؟ بدلاً من قولك ما أظن أن تبيد هذه أبداً، إذا قلت ما شاء الله لا قوة إلا بالله لكان خيراً وأفضل إِنْ تَرَنِ أَنَا أَقَلَّ مِنْكَ مَالًا وَوَلَدًا أنت قلت أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مَالًا وَأَعَزُّ نَفَرًا لديه قوة وعشيرة وخدم ومال، إذاً بماذا يستعز الإنسان في الدنيا؟ بقوة المال وقوة النفوذ وقوة السلطان وكثرة الأتباع، هذه هي الأشياء التي يركن إليها الإنسان في الدنيا لكنها لا تعصمه من الله إِنْ تَرَنِ أَنَا أَقَلَّ مِنْكَ مَالًا وَوَلَدًا فَعَسَى رَبِّي أَنْ يُؤْتِيَنِ خَيْرًا مِنْ جَنَّتِكَ ده قدام في الجنة، الجنة اللي هي الجنة فعلاً وَيُرْسِلَ عَلَيْهَا حُسْبَانًا مِنَ السَّمَاءِ فَتُصْبِحَ صَعِيدًا زَلَقًا ممكن تاني يوم تصحى متلقيهاش أَوْ يُصْبِحَ مَاؤُهَا غَوْرًا يذهب هذا المجرى فَلَنْ تَسْتَطِيعَ لَهُ طَلَبًا وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ عَلَى مَا أَنْفَقَ فِيهَا وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا وَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُشْرِكْ بِرَبِّي أَحَدًا وَلَمْ تَكُنْ لَهُ فِئَةٌ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ النفر الذين كان يعتمد عليهم وَمَا كَانَ مُنْتَصِرًا بنفسه ولا بملكه هُنَالِكَ الْوَلَايَةُ لِلَّهِ الْحَقِّ حينئذٍ يخضع الخلق كل الخلق ويدرك كل إنسان أن في قبضة الله سبحانه وتعالى وفي سلطانه هُنَالِكَ الْوَلَايَةُ لِلَّهِ الْحَقِّ هُوَ خَيْرٌ ثَوَابًا وَخَيْرٌ عُقْبًا هو الذي يعطي الثواب الجزيل في الدنيا وهو الذي يعطي العاقبة الحسنة في الآخرة.
فإذاً هاهنا ينقلنا الله نقلة أخرى، أن الإنسان لا يظل أسير الشيء أو أسير العطاء نفسه فيغفل بنعمة الله عن المنعم سبحانه وتعالى أو أنه عياذاً بالله تحمله النعمة نفسها على أن يجحد فضل المنعم وينكر لقائه وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِيمًا تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ بهذه السرعة وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ بسرعة والفاء للتعقيب والسرعة فَأَصْبَحَ هَشِيمًا تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقْتَدِرًا الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلًا.
أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم.
الحمد لله رب العالمين.
ثم ينقلنا الله تبارك وتعالى نقلة ثالثة في قصة موسى عليه السلام والخضر، وقبل أن نشير إليها، نذكر بما روي في المستدرك من حديث أبي سعيد وهو من كلامه رضي الله عنه يقول: من قرأ سورة الكهف في يوم الجمعة أضاء له من النور ما بين الجمعتين، فماذا تفعل سورة الكهف؟ فهناك حث على أن تقرأها في كل جمعة، لماذا؟ لأنها سوف تنير لي ما بين هذه الجمعة إلى الجمعة التي بعدها أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ الدنيا ضلمة وإحنا ملخبطين وربنا سبحانه وتعالى بيعطينا النور عشان نمشي به في وسط الناس يبقى إحنا شايفين واللي حولينا بيشوف من خلال اللي إحنا شايفينه قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ لم تكت تعلم شيئاً وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ صِرَاطِ اللَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ أَلَا إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ الْأُمُورُ.
فإذاً أنا سوف أقرأ سورة الكهف لأنها سوف تنير لي إلى الجمعة القادمة، كيف ستنير لي؟ من خلال ما نقول، فإذاً أنا إذا أحسنت التعامل مع هذه السورة إذا فهمت شيء من مراد الله سبحانه وتعالى فيها سوف تنير لي من الجمعة إلى الجمعة وفي رواية البيهقي: أضاء له من النور ما بينه وبين البيت العتيق من هنا إلى الكعبة، فإذاً هنا هناك امتداد زماني وهناك امتداد مكاني، زماني تمشيني أسبوع لأني هنسى، يعني أنا شخصياً قبل العصر ببقى نسيت أنا قلت أيه فما بالك باللي بيسمع، ما طبيعي الواحد بيسقط وينسى، فإذاً هذه السورة إذا أحسن الإنسان تدبرها ستعطيه أسبوع وماذا بعد أسبوع؟ تحتاج تجديد، هذا من حيث الزمان، أما من حيث المكان ستزيل الحجب بيني وبين الكعبة ماذا تمثل الكعبة؟ تمثل محل التسليم, والتوجه لله تبارك وتعالى القبلة التي نستقبلها وتمثل محل النور الذي أنزل الله سبحانه وتعالى فيه وحيه أول ما أنزل, فإذاً هي سوف تزيل العوائق التي تمنعني من رؤية نور الله سبحانه وتعالى وسوف تعطيني هذا النور الذي سوف يصل بي إلى الأسبوع القادم, في الدعاء للطبراني: من قرأ سورة الكهف كما أنزلت – إحنا القراءة بتاعتنا ماتجبش ليه لأنها مش كما أنزلت أي كما ينبغي أن تقرأ كلمة كما أنزل دي يعني على الصورة الصحيحة – وأدرك الدجال لم يسلط عليه, ورفع بينه من النور ما بينه وبين الكعبة, فهنا هناك إضافة أخرى أنه يعصم من الدجال, فماذا يمثل الدجال؟ يمثل أعظم سور الفتنة، فإذاً الفتنة والالتباس والاختلاط كيف أتخلص منها؟ لذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم في حديث أبي الدرداء في سنن أبي داود: ” من حفظ عشر آيات من سورة الكهف عصم من فتنة الدجال ” فإذاً النور الذي سوف يعطيني الله سبحانه وتعالى إياه من هذه السورة سيجلي لي الحقائق ويعصمني من الفتن وينير لي السبيل, فهذا إذا ضعف أو ذهب؟ فمن الممكن أن أقع أسير هذه الفتن، طيب متى يخرج الدجال؟ في حديث أبي هريرة في صحيح ابن حبان أن النبي صلى الله عليه وسلم يقول في الدجال: ” يخرج في زمان اختلاف بين الناس وفرقة ” متى يظهر الدجال؟ ومتى تكثر الفتن؟ إذا وجد الاختلاف والفرقة، ولذلك أبو الطفيل رحمه الله يحكي أنهم صحيوا يوم في الكوفة, فقيل خرج الدجال – الدجال طلع في الكوفة وماشي في الشارع – فيقول أبو الطفيل: فأتينا على حذيفة بن أسيد رضي الله عنه وهو جالس يحدث, فقلت: إن الدجال قد خرج، فقال :اجلس، قال: فجلست, ثم أتى العريف – واحد من المسئولين – فقال: إن الدجال قد خرج وإن أهل الكوفة يجتمعون عليه فيطعنونه – ده مش بس خرج ده الناس ملموه عليه وفي عركة والناس بيضربوه – فقال: اجلس، قال: فجلس, ثم نودي إنها كذبة سباغ – ده طلع واحد كده بينخع, واحد ضرب جملة إن الدجال ظهر والكوفة تناقلت الأخبار, فابن الطفيل بيسألوه أنت قعدتنا أكيد الكلام ده لأمر فقال: إن الدجال لو خرج بينكم لرمته الصبيان بالخزف – بالعصى الصغير – إنه لا يخرج في زمان نقص من الدنيا وبغض في الناس وخفة في الدين وسوء ذات بين.
فهو يخرج في هذه الظروف، شدة تكالب وحرص على الدنيا بغض في الناس، فالناس لا تحب بعضها البعض، خفة في الدين وقلة ورع وقلة خوف من الله تبارك وتعالى وخوف من التعدي على عباد الله، لأنه لا يوجد الوازع الديني, وسوء ذات بين، المجموعات من الناس الموجودة العلاقات بينهم سيئة، فإذاً هو لا يظهر إلا إذا وجدت مقدمات معينة أو وسط معين, ينتشر فيه الدجاجلة، فإذاً هذه المقومات إذا كانت موجودة فتكون هذه بيئة خصبة للدجل, فإذا أردنا ألا توجد بيئة خصبة للدجل ماذا نفعل؟ يكون عكس هذه الأشياء موجوداً, وأقل هذا النور الذي سوف يضيء للإنسان طريقه وسبيله، فيستطيع أن يمشي بهذا النور في الناس، فإذاً هذا القصص أو هذه السورة التي جعلها الله نوراً آتانا إياه, فما الواجب علينا تجاه هذه السورة؟ هو تجاه السورة أم تجاه أنفسنا؟ يعني إذا قرأنا السورة كما أنزلت السورة سوف تنتفع أم نحن من سينتفع؟ هذا النور سوف يعود علينا نحن أم سيعود على القرآن نفسه؟ القرآن هو النور, فإذاً الله سبحانه وتعالى يعطينا ما ينعم علينا به, يؤتينا ما يرفع عنا الالتباس والضلال يؤتينا ما يذهب عنا هذه القيود وهذه الأغلال التي أحكمت خناقها حول أعناقنا, الزمن المحدود ونسيان الآخرة، أسر الأشياء ونسيان فضل الله سبحانه وتعالى, النظر الذاتي المحدود وعدم رؤية ما وراء هذا الأفق المحدود, هذه السورة تجلي لنا الحقائق, الله سبحانه وتعالى في وسط السورة يقول: وَلَقَدْ صَرَّفْنَا فِي هَذَا الْقُرْآنِ لِلنَّاسِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ وَكَانَ الْإِنْسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلًا وَتِلْكَ الْقُرَى أَهْلَكْنَاهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَجَعَلْنَا لِمَهْلِكِهِمْ مَوْعِدًا كل هذا في تضاعيف وفي ثنايا هذه السورة التي تمثل نوراً يضيء ما بيننا وبين بيت الله ويضيء ما بيننا وما بين جمعة قابلة, كيف يستقبل الإنسان هذه الأمثال وَلَقَدْ صَرَّفْنَا فِي هَذَا الْقُرْآنِ لِلنَّاسِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ مثل واضح لكل قضية تجلية لكل بلية فماذا نفعل نحن وَكَانَ الْإِنْسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلًا فالإنسان يجادل ويدفع في صدر الحقائق, فماذا يحدث إذا فعل الإنسان هذا الأمر وأصر علىه وَتِلْكَ الْقُرَى أَهْلَكْنَاهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَجَعَلْنَا لِمَهْلِكِهِمْ مَوْعِدًا اللهم اغفر لنا ذنوبنا واسرافنا في أمرنا وثبت أقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين ,
اللهم إنا نسألك رحمة من عندك تجمع بها شتات أمرنا وترد بها غائبنا وتيسر بها أمورنا
اللهم ارحمنا برحمة تغنينا بها عن رحمة من سواك, اللهم ارحمنا برحمة تغنينا بها عن رحمة من سواك, اللهم ارحمنا برحمة تغنينا بها عن رحمة من سواك ,
اللهم ألف بين قلوبنا, اللهم ألف بين قلوبنا, اللهم أصلح ذات بيننا, اللهم أصلح ذات بيننا,
اللهم من أرادنا وأراد الإسلام والمسلمين بخير فوفقه الله لكل خير ومن أرادنا وأراد الإسلام والمسلمين بسوء فاجعل كيده في نحره واجعل تدميره في تدبيره واجعل الدائرة تدور عليه يا أرحم الراحمين,
اللهم إنا نسألك فعل الخيرات, وترك المنكرات, وحب المساكين, وأن تغفر لنا وترحمنا وتتوب علينا, وإذا أردت بقوم فتنة فاقبضنا إليك غير مفتونين,
اللهم إنا نسألك حبك وحب من يحبك وحب عمل يقربنا إلى حبك.