Generic selectors
المطابقات الدقيقة فقط
البحث في العنوان
البحث في المحتوى
Post Type Selectors
البحث حسب التصنيف
أحداث جارية
أسماء الله الحسنى
الأذكار
التلون
السيرة النبوية
القصص في القرآن
الكتب
بني آدم والشيطان
بني إسرائيل
تراجم
تربية
تربية
تفسير
جهد الغلبان في تبيان فضائل القرآن
خطب الجمعة
خطو خاتم الأنبياء ما بين اقرأ وإذا جاء
دروس
رمضان 1436هــ - 2015م
سلم الوصول إلى علم الأصول
عقيدة
غير مصنف
كتابات
كلمة التراويح
مسألة الرزق
من قصص كتاب التوابين
من هدي النبوة
مواسم الخير
هذه أخلاقنا

وقفة مع كلمة السماء

بسم الله والحمد لله وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم قال الله تبارك وتعالى: إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِلْعَالَمِينَ ۝ فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَقَامُ إِبْرَاهِيمَ وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وقال تعالى ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ۝ رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ.

فبين سبحانه وتعالى في كتابه عظمة بيت الله الحرام وعظيم قدره في دين الله سبحانه وتعالى وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي مستقبلاً الكعبة بيت الله الحرام ثم أمره الله عز وجل أن يتوجه بصلاته صوب بيت المقدس صوب المسجد الأقصى ثم بد فترة رده الله عز وجل إلى قبلته الأولى.. قال عز وجل فيما استمعنا إليه من آيات الله عز وجل وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْهَا إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ يَنْقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ وَإِنْ كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلَّا عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ ۝ قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ يقول الله عز وجل مبيناً الحكمة من هذا التحول من الكعبة إلى المسجد الأقصى وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْهَا قبل ذلك إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ يَنْقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ.

كانت من طقوس العرب تعظيم الكعبة بيت الله الحرام وهذا كام قلنا من دين الله سبحانه وتعالى لكن حقيقة الإسلام هي أن يستسلم العبد لربه تبارك وتعالى ويأتمر بأمره سبحانه وتعالى فالمسلم هو من يسلم نفسه ووجهه لله عز وجل فأراد سبحانه وتعالى أن يختبر إيمان هؤلاء المؤمنين ويختبر تسليمهم له سبحانه وتعالى وأنهم لا يشترطون على ربهم عز وجل شرطاً ولا يقيدون أمره سبحانه وتعالى بقيد فإذا وجههم إلى الكعبة توجهوا وإذا وجههم إلى المسجد الأقصى توجهوا وإذا ردهم إلى الكعبة توجهوا التزاماً بأمر الله عز وجل فالإنسان قد يتعلق قلبه بشيء من الأشياء أو بعادة من العادات فيقدم هذا الشيء ويقدم هذا الارتباط ويقدم هذه العادة على ما يحبه الله عز وجل ويرضاه ولذلك كان هذا التحول اختباراً لمقدار الإخلاص والتسليم لله تبارك وتعالى إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ في كل ما يأمر به مِمَّنْ يَنْقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ وَإِنْ كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلَّا عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ هذا التسليم لله سبحانه وتعالى والاستسلام التام لأوامره عز وجل أمر كبير عظيم لا تطيقه كثير من النفوس إلا النفوس التي أورثت الهداية منه سبحانه وتعالى ثم قال تعالى: وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ تكلم بعض الناس في من مات من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يصلي إلى بيت المقدس قبل أن يحول رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الكعبة قالوا هؤلاء بطلت صلاتهم وحبطت أعمالهم لأن هذه القبلة قد بطلت قال الله عز وجل: وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ ليضيع عبادتكم وصلاتكم وائتماركم بأمر الله عز وجل لأنه حينما كانوا موجهين إلى بيت المقدس إنما كانوا يفعلون هذا بأمره سبحانه وتعالى وامتثالاً لما أمرهم به ولما الزمهم به فالله عز وجل أكرم وأرحم من أن يضيع عباده الذين يلتزمون بأمره ويمتثلون أوامره ثم يقول تبارك وتعالى قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا.

رسول الله صلى الله عليه وسلم عظيم الأدب مع ربه عز وجل هو يحب ويتمنى من قرارة نفسه ومن دخيلة قلبه أن يوجه إلى قبلة أبيه إبراهيم عليه السلام لكنه لتمام عبوديته لله سبحانه وتعالى والتزامه بأوامره عز وجل وعدم تقديمه بين يدي أوامر ربه سبحانه وتعالى ليستحي أن يسأل ربه سبحانه وتعالى أو يطلب منه هذا المطلب لكنه في ظلمة ليله ينظر إلى جهة السماء يقلب وجهه فيها يرجو من ربه عز وجل أن يوجهه إلى حيث يحب فأجابه الله عز وجل إلى ما لم يسأل وإلى ما لم يطلب فقال: فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وهاهنا نتوقف وقفه يسيرة مع قوله سبحانه وتعالى قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ هذه الكلمة كلمة السماء ارتباط العبد بالسماء ارتباط الإنسان المؤمن بربه عز وجل من أسماءه سبحانه وتعالى أنه العلي وأنه الأعلى قال سبحانه وتعالى وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى وقال سبحانه وتعالى في وصف نفسه الْكَبِيرُ الْمُتَعَالِ فمن أسماءه سبحانه وتعالى أنه العلي والأعلى والمتعال سبحانه وتعالى له سبحانه وتعالى العلو المطلق والعظمة المطلقة التي لا يساميها ولا يدانيها علو ولا عظمة ولا عزة ولا كبرياء

قال الله عز وجل أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ ۝ أَمْ أَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِبًا فَسَتَعْلَمُونَ كَيْفَ نَذِيرِ فربنا عز وجل فوق هذه السماوات على عرشه بائن من خلقه له سبحانه وتعالى العلو والعظمة ولكل عبد من العلو ومن الرقي ومن الارتفاع على مقدار ارتباطه وعلى مقدار تعلقه بالعلي الأعلى سبحانه وتعالى وأن هذا الدين الذي أنزله الله عز وجل هو الذي يملك وحده أن يرتقي بالإنسان في مراقي الصعود إلى درجات السماء ولذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما رواه الإمام أحمد وأبو داود والترمذي عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: يُقَالُ لِصَاحِبِ الْقُرْآنِ: – أي يوم القيامة – اقْرَأْ، وَارْتَقِ، وَرَتِّلْ كَمَا كُنْتَ تُرَتِّلُ فِي الدُّنْيَا، فَإِنَّ مَنْزِلَتَكَ عِنْدَ آخِرِ آيَةٍ تَقْرَؤُهَا.

 ” يُقَالُ لِصَاحِبِ الْقُرْآنِ ” وصاحبه أي الذي يرافقه ويلازمه في حلّه وترحاله، ” يُقَالُ لِصَاحِبِ الْقُرْآنِ: – أي يوم القيامة – اقْرَأْ، وَارْتَقِ ” اصعد في درجات الجنة ” وَرَتِّلْ ” أي أقرأ كتاب الله عز وجل بتمهل وتريث ” كَمَا كُنْتَ تُرَتِّلُ فِي الدُّنْيَا، فَإِنَّ مَنْزِلَتَكَ ” في الجنة ” عِنْدَ آخِرِ آيَةٍ تَقْرَؤُهَا ” فهذا العبد الذي صاحب كتاب الله عز وجل كان في الدنيا يقرأ ويرتق يقرأ ويرتق ويرتل كلما قرأ ارتق في مراقي الصعود إلى الله عز وجل كلما ازداد اتصالاً بالقرآن كلما ازداد امتثالاً للقرآن ارتقى بإيمانه ارتقى بخلقه ارتقى في عبادته ارتقى في سلوكه فهو في رقي على مقدار ما يستوعب وعلى مقدار ما يمتثل من أوامر الله عز وجل ولذلك على مقدار ما يرتقي في إيمانه وفي أخلاقه وفي التزامه بأوامر الله وفي سلوكه على مقدار ما يرتقي في جناة ربنا عز وجل في الآخرة فبحسب ما تقف به درجته في الدنيا تقف به درجته في الجنة كذلك..

إذن ارتباطك الإنسان بالقرآن هو الذي يكفل للإنسان الرقي، فالإسلام هو الذي يربط الأرض بالسماء هو الذي يربط العباد بربهم تبارك وتعالى هو الذي يكفل وهو الذي يكفل وحده العلو والارتفاع والرقي الأخلاقي السلوكي والإيماني والتعبدي للإنسان ولذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: بَشِّرْ هَذِهِ الْأُمَّةَ بِالسَّنَاءِ وَالرِّفْعَةِ، وَالدِّينِ، وَالنَّصْرِ، وَالتَّمْكِينِ فِي الْأَرْضِ، فَمَنْ عَمِلَ مِنْهُمْ عَمَلَ الْآخِرَةِ لِلدُّنْيَا، لَمْ يَكُنْ لَهُ فِي الْآخِرَةِ نَصِيبٌ ” فبشر صلى الله عليه وسلم من يقيموا هذا الدين من يتبعوا أوامر الله عز وجل بالسناء وبالرفعة.

وقد ذكرنا في خطبتنا اليوم أنه رأى نفسه وأصحابه في دار عقبة بن رافع وقد أولها رسول الله صلى الله عليه وسلم بأنها الرفعة في الدنيا والعاقبة الحسنة في الآخرة ولذلك كلما ارتبط العبد بربه عز وجل كلما ارتقى في مراقي الصعود إلى الله كلما امتثل العبد أوامر الله عز وجل كلما صعد في درجات نحو السماء كلما امتثل العبد ما أخبر الله عز وجل به وما بينه في كتابه كلما ارتقى العبد في درجات الجنة نسأل الله عز وجل أن يكتب لنا الرفعة ويكتب لنا العاقبة الحسنة في الأولى والآخرة. 

أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم