إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه ونستغفره و نعوذُ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا إنه من يهده الله فلا مُضل له ومن يُضلل فلا هادِي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلوات الله عليه و سلم.
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)[آل عمران:١٠٢].
(يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَتَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً) [النساء:١].
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً) [الأحزاب: ٧٠،٧١].
ثم أما بعد حديثُنا اليوم عنوانه (وكان له ساحر) ويدور حول محورين
الأول: حول القصص و الثاني: حول مضمون هذه العبارة يقول الله تبارك و تعإلى وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْبُرُوجِ وَإلىوْمِ الْمَوْعُودِ وَشَاهِدٍ وَمَشْهُودٍ قُتِلَ أَصْحَابُ الْأُخْدُودِ النَّارِ ذَاتِ الْوَقُودِ إِذْ هُمْ عَلَيْهَا قُعُودٌ وَهُمْ عَلَى مَا يَفْعَلُونَ بِالْمُؤْمِنِينَ شُهُودٌ وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أن يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ أن الذين فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمْ عَذَابُ الْحَرِيقِ أن الذين آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأنهَارُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْكَبِيرُ
الله سبحانه وتعالى في هذه الآيات يحكى لنا قصة من القصص فيبدأها سبحانه و تعالى بقوله قُتِلَ أَصْحَابُ الْأُخْدُودِ دعاءً على هؤلاء القوم بأن يُقتلوا كل قتل ثم يبين سُبحأنه وتعالى علةَ هذا الحكم و علةَ هذا الوصف و علةَ هذا الدعاء لماذا يستحق هَؤلاء أن يُعاقبوا هذه العقوبة الإليمة لأنهم كما أخبر الله تبارك و تعالى النَّارِ ذَاتِ الْوَقُودِ إِذْ هُمْ عَلَيْهَا قُعُودٌ وَهُمْ عَلَى مَا يَفْعَلُونَ بِالْمُؤْمِنِينَ شُهُودٌ فهو يُخبر سُبحانه وتعالى عن نار أوقدت وعن أن هَؤلاء الناس جلسوا حول هذه النار يتلذذون بمشهد العذاب و هو أمراً يُناقض فطرة الإنسان يُناقض ما جُبل عليه الإنسان من الرحمة، ما الذى يُثير السعادة أو التلذذ من مشهد أناس يحرقون بالنار إِذْ هُمْ عَلَيْهَا قُعُودٌ وَهُمْ عَلَى مَا يَفْعَلُونَ بِالْمُؤْمِنِينَ شُهُودٌ فهو سُبحانه وتعالى ضم هذه الكلمة ضم قولها بالمؤمنين أن هؤلاء الذين حُرقوا أنما حُرقوا من اجل من؟، ثم أكد ذلك سبحأنه و تعالى فقال وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ لم يكن لهؤلاء جريرة إلا الإيمان الذى دفع هؤلاء ليحرقوا هؤلاء المستضعفين إنما كان نقمتهم بأنهم آمنوا بربهم تبارك وتعالى وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أن يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ و هو يُعقب سُبحانه وتعالى بهذين الاسمين العظيمين وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أن يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ العزيزالذى يغلب و لايُغلب كما ذكرنا مراراً القادر على أن ينتقم لهؤلاء المستضعفين من هؤلاء المُجرمين وهو سُبحانه و تعالى مع ذلك هو الحميد الذى سوف يحمد لهؤلاء الذين صبروا على حرقهم سوف يحمد لهم فعلهم و يُجازيهم عليه خير الجزاء، لذلك كان ما يأتى من آيات هو مجاراةٌ و تفسيراً لهاتين الكلمتين العظيمتين الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أن يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ فهم في قبضته تبارك و تعإلى وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ وهو سُبحانه و تعالى لايغيب عليه شيئ يجرى في الكون هو تبارك وتعالى مُطلع على هؤلاء و على أفعالهم وأن كأن سُبحأنه و تعإلى قد أمهلهم زماناً لكن هذا ليس تضيعاً ولا تفريطاً لكنه حلمه تبارك و تعإلى وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ ثم قال سُبحانه وتعالى أن الذين فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ لكنه قال ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمْ عَذَابُ الْحَرِيقِ فهو سُبحأنه وتعالى برحمته التى وسعت كل شىء حتى هؤلاء الذين عذبوا هؤلاء المؤمنين و الذين حرقوهم الله سُبحأنه وتعالى يجعل باب التوبةِ مفتوحةً لهم ثم يذكر وعده للمؤمنين الصابرين أن لهم الأجر فإذا الله سُبحانه و تعالى من خلالِ هذه الآيات سرد لنا مضمون هذه القصة التى تحوى صراعاً بين مؤمنين ثابتين على حقهم و بين قوماً من المجرمين لا يريدون لنور الله تبارك وتعالى أن يُتم لا يريدون لكلمة الله تبارك وتعالى أن تعلوا و يسلكون في سبيل ذلك أقصى المسالك وأكثرها شدةً وعنفاً وأبعدها عن الرقةَ والرحمة ثم يأتى رسول الله صلى الله عليه و سلم ليحكى لنا تفصيلاً هذه القصة و هذا جُزءاً من وظيفة الرسول صلى الله عليه و سلم قال الله تبارك و تعإلى وَأنزَلْنَا إلىكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إلىهِمْ
أن الله تبارك وتعالى أرسل رسوله هادياً ومعلماً ومبيناً للناس طريق الهداية وطريق السعادة في هذه الحياة أن هذه القصة القرأنية التي ذكرنا هي كافية لبيأن مضمونها وبيأن مقاصدها لم تكن في كبير حاجة إلى أن يأتي لها مزيد بيأن وتفصيل لكن رسول الله صلى الله عليه وسلم سرد أحداث هذه القصة بشيء من التفصيل ليعطي ظلالاً واسعة ويعطي امتداداً لهذه القصة يعين المرء على أن ينتفع من هذا الحدث ومن هذه القصة بأعظم العبرة وأعظم الحكمة التي يتعلمها الإنسان وهذا جزءٌ من وظيفة السنة، جزءٌ من وظيفة البيأن النبوي لهذا القرأن العظيم الذي أنزله الله تبارك وتعالى .. فمن وظائف هذه السنة ومن وظائف تعاليم رسول الله صلى الله عليه وسلم هو البيان والشرح والإيضاح والتفسير لمعاني كلام الله تبارك وتعالى وهذه القصة سوف نقف منها على جزءٍ من ملمحها ولكن قبل أن نرد هذا المورد علينا أن نتذكر أهمية هذه القصة قال الله تبارك وتعالى لَقَدْ كَأن فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأولِي الْأَلْبَابِ وقال تعالى وَكُلًّا نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أنبَاءِ الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ فالله سبحأنه وتعالى أنما يقص علينا هذه القصص لأجل العظة ولأجل العبرة ولأجل التدبر والتفهم لكننا ربما نتعامل مع هذا القصص على أنه شيءٌ من السرد الذي لا هدف من وراءه إلا التسلية كما يتعامل كثير من الناس وللأسف مع كتاب الله تبارك وتعالى لقد اختص كثيرٌ من الناس كتاب ربهم تبارك وتعالى بأنه شيءٌ يتلى في المآتم وحين حلول المصائب .. فربما أتيت على القبور في يومٍ من الأيام أو في وقتٍ من الأوقات فوجدت أناساً يجلسون حول هذه القبور يقرأون سورة يس أو سورة الكهف أو غيرها من السور يقرأونها على قبور هؤلاء الأموات بل أن الأمر وصل ببعض الناس إلى أنه إذا سمع قرآناً ينبعث من بيت من البيوت لم يرد على ذهنه إلا أن هناك مصيبةً أو أن هناك شخصاً قد مات في هذا المكان .. بل أن بعض الناس ربما يصل بهم الحال إلى أنه يضطربُ ويجزع إذا سمع قرأناً لأنه عند ذلك يتذكر الموت .. والله سبحانه وتعالى يقول يَا أَيُّهَا الذين آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إذا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ
الله سبحانه وتعالى إنما جعل القرآن هو الذي يبعث الحياة في قلوب العباد الله سبحانه وتعالى يقول في وصف القرأن لِيُنْذِرَ مَنْ كَأن حَيًّا يقول الله تبارك وتعالى وَكَذَلِكَ أوحَيْنَا إلىكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا الروح .. هي التي تعطي الإنسان الحياة لكنه صار عند كثيرِ من الناس قرين الموت لا قرين الحياة بدل أن يكون القرأن هو الذي يعطي الفرد ويعطي المجتمع ويعطي الأمة الحياة أصبح قريناً للموت وذهاب الحياة ..
كذلك القصص أصبح لمجرد تسلية أو أصبح قريناً للنوم .. حدوتة قبل النوم .. قصة حنحكيها لطفل صغير علشان ينام بدل ما القصص بقى العبرة لأجل أن ينتبه الإنسان وأن يتعظ وأن يسلك سبيله على هديٍ وعلى نورٍ وعلى بصيرة أصبح شيئاً نورده لأجل أن ننام ولذلك ينصح ألا تذكر أمنا الغولة أو أبو رجل مسلوخة عند النوم عشان ده يعين على النوم فأصبح ده أخذ المسلك العكسي
ولذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديث الخباب بن الأرت في معجم الطبرأني الكبير يقول صلى الله عليه وسلم في جملة قصيرةٍ بليغةٍ مؤثرة عظيمة المعنى وعظيمة الدلالة يقول (أن بَنِي إِسْرَائِيلَ لَمَّا هَلَكُوا قَصُّوا) هيه العبارة كده بالضبط هما الكلمتين دول الحديث كده بالضبط (أن بَنِي إِسْرَائِيلَ لَمَّا هَلَكُوا قَصُّوا) (لما هلكوا) أي بترك العمل والالتزام بما أمرهم الله تبارك وتعالى به .. زي الإنسان إذا ترك التزام بالقرآن حوله لكتاب يتلى عند الموت فكذلك القصة أو الآيات أو العلم اللي ربنا سبحأنه وتعالى خاطبنا به أنما خاطبنا به لكي نقيم به حياتنا ونلتزم بأوامر ربنا تبارك وتعالى فهم حينما تركوا العمل وتركوا الالتزام بأوامر الله.. مإذا فعلوا..؟ حوّلوا الدين إلى قصّص (أن بَنِي إِسْرَائِيلَ لَمَّا هَلَكُوا قَصُّوا) النبي صلى الله عليه وسلم عبر هنا بالهلاك ليبين أن ترك التزام الإنسان بأوامر الله تبارك وتعالى، ترك إقامة الإنسان نفسه على درب الحق تبارك وتعالى هو ده عين الهلكة .. طيب لما هلك بترك العمل هو مش واخذ باله أن هو بيهلك .. لكنه في الحقيقة كده .. طيب لما هلك بترك العمل .. ولابد أن يكون هناك دين فحيعمل إيه؟ حيحول الدين إلى مجموعة من القصص يبقى في الآخر الدين عبارة عن مجموعة من الحواديت ولذلك مما يَنصح به الخطباء كثيراً أن الخطبة تكون فيها حواديت كثير ليه حواديت كتير؟ أصل الناس بتحب الحواديت هو وظيفة الخطيب ومهمته وواجبه أن يبين للناس الحقائق وأن يرشدهم إلى أرشد أمرهم..هل مهمته أنه يقوم بدور التسلية..؟ أو أنه سيتابع ما يحبه الناس ويميلون إلىه يعني هو حيعمل الصح اللي هو المفروض أن هو يعمله ولا حيتحول أن هو يجاري ما تمليه ميول وأهواء الناس عشأن تبقى خطبة كده كويسة والناس تبقى مبسوطة منها يقول قصص كثير وده برده فرع عن إيه عن أن القصة -زي ما قلنا- تحولت هي مجرد حواديت هل ربنا سبحأنه وتعالى حينما قصّ علينا هذا القصص في القرأن هل كان هذا مجرد للتسلية..ربنا بيقول – كما ذكرنا – وَكُلًّا نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أنبَاءِ الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ طب التثبيت ده حيجي منين..؟ النبي صلى الله عليه وسلم بيعاني معاناة حياتيه في قيامه بالمهمة التي أمره الله تبارك وتعالى بها وفي الصبر على أذى الناس هذه الأشياء وهذه المعاناة تؤثر في قلب الإنسان وربما تضعفه فهو يحتاج إلى أن يتدبر قصص النبيين والمرسلين لتعطيه التسلية وتعطيه العظة وتعطيه العبرة، وهذه هي سنة ربنا سبحانه وتعالى في المرسلين، وأن ربنا سبحانه وتعالى مازال يؤيدهم ومازال ينصرهم وأنه سوف تكون عاقبته من الخير كعاقبة هؤلاء، وأنه يتأسى بهم في الصبر كما قال تعالى فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ وَلَا تَسْتَعْجِلْ لَهُمْ.
إذا كيف يُثبَّت فؤاد النبي صلى الله عليه و سلم؟
هل بمجرد قراءة القصة أو بمجرد سماع القصة؟ أم أن يعيش في مضمون هذه القصة؟ حينئذٍ تكون قصةً مؤثرة ولذلك ربنا سبحانه وتعالى قال لَقَدْ كَأن فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لكن عبرة لمن؟ لِأولِي الأَلْبَابِ أصحاب العقول الذين سينتفعوا بهذا الكلام، ولذلك تجد أحيانا نتيجة لضياع هذه الحقيقة أن الإنسان عندما يقرأ ربما يلتفت أو ينشغل بما لا قيمة له وهذا ما علمنا إياه ربنا سبحأنه وتعالى عندما قال في قصة أصحاب الكهف سَيَقُولُونَ ثَلَاثَةٌ رَّابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ وَيَقُولُونَ خَمْسَةٌ سَادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ رَجْمًا بِالْغَيْبِ وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَثَامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ قُل رَّبِّي أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِم مَّا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا قَلِيلٌ فَلَا تُمَارِ فِيهِمْ إِلَّا مِرَاء ظَاهِرًا وَلَا تَسْتَفْتِ فِيهِم مِّنْهُمْ أَحَدًا إذا في قصة أصحاب الكهف هل العدد أو معرفة العدد شيء مؤثر؟ بمعنى أن لو عرفنا عددهم بالتحديد هل سيؤثر ذلك على أنتفاعنا أو فوائدنا من القصة؟ هم كأنوا ثلاثة أو أربعة أو عشرة أو اثنى عشر! لا يوجد فرق، ولذلك ربنا سبحأنه وتعالى قال فَلَا تُمَارِ فِيهِمْ إِلَّا مِرَاء ظَاهِرًا بحجة أو بدليل أن كأن عندك وَلَا تَسْتَفْتِ فِيهِم مِّنْهُمْ أَحَدًا لست محتاجا لأن تسأل أو تستفسر لمإذا؟ لأنه حقيقةً ليس له قيمة،
لكن ما الذي جعل الناس تنحو هذا المنحى؟ ما الذي جعلهم ينسوا مضمون القصة ويبدأوا أن يلتفتوا إلى كم كأن عددهم؟ وأين مكأنهم؟ وأين كأن مكأن الكهف بالتحديد؟ وفي عهد أي ملك حدثت القصة؟ وما كأن دين هذا الملك؟ وما هي أسمائهم؟ وهناك أقوال كثيرة فهم كأن معهم كلب، فما كأن لون هذا الكلب؟،
مإذا سيفيد معرفة لون الكلب؟ ومن هذه الأسئلة الكثير، مثلا ربنا ذكر قصة سيدنا موسى مع بني إسرائيل وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ أن اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أن تَذْبَحُواْ بَقَرَةً فبدلا من أن يمتثلوا بدأوا يسألوا أسئلة تفصيلية لا فائدة منها وعندما تقرأ في بعض الكتب أسئلة حول فَقُلْنَا اضْرِبُوهُ بِبَعْضِهَا ما كأن هذا بالضبط؟ يعني هم عندما ذبحوها أي جزء منها أخذوه وضربوا به الرجل لكي يقوم؟ فهذا الجزء لو عرفته كيف سيؤثر ذلك؟
فالقضية هنا هي قدرة ربنا سبحأنه وتعالى وعظمة ربنا سبحأنه وتعالى أن هذا الإنسان أنسأن ميت، هذا الإنسان الميت ستُرَدُ فيه الحياة، والمفروض كي تُرَدُ فيه الحياة أن يُضرب بشيء حي بحيث أن الحي يبث هذه الحياة في هذا الميت، يعني مثلا ممكن أن نأتي بالبقرة أو الجاموسة وتركله فالرجل يقوم ويمشي، فهذا شيء حي أعطى الحياة لشيء ميت، لكن لا، قدرة الله سبحأنه وتعالى أن الميت إذا ضربنا به هذا الميت أنتقل إلى الحياة، هذه هي قدرة ربنا سبحأنه وتعالى، فهذا الجزء أي جزء هو؟ مإذا سيفرق معنا؟ لا شيء،
إذا هذا صرف للأذهان عن الغرض وعن المقصد وعن العبرة، وهناك أقوى من ذلك، سنقرأ مثلا أن أبا كعب القاص – عندنا القُصاص الذين يتكلمون عن القصص بعد العصر في المسجد- و من هؤلاء القصاص المشهورين واحد اسمه أبو كعب، فكأن أبو كعب يجلس ويتكلم في قصة سيدنا يوسف فقال: أن الذئب الذي أكل سيدنا يوسف اسمه كذا، وهناك شخص آخر اسمه أبو علقمة وهذا ذكره الجاحظ، هنا في هذه القصة لم يقل ما اسمه لأن هذا الكلام ليس معلوماً، فقال أبو علقمة: اسم الذئب راجحون، فالذئب الذي أكل سيدنا يوسف اسمه راجحون، فقالوا له الذئب لم يأكل سيدنا يوسف، فقال له أن الذئب الذي لم يأكل سيدنا يوسف اسمه راجحون أيضاً،
فالمشكلة عنده أن يحكي قصة راجحون الذئب، أما قضية هل أكله أم لا فهي ليست موضوعه، فأصبح في النهاية القضية الأساسية التي يريد أن يُركز عليها ما هو اسم الذئب، أما موضوع أكله أم لا فهذا موضوع ابحثوا عنه أنتم فلا علاقة له به، فالمهم عنده أن اسم الذئب راجحون، إذا في النهاية وصلنا لموضوع أن القضية أصبحت التسلية، وهذا سيخرج القصص عن غايته والهدف من ورائه، فإذا حولنا القصة وغيرنا اسمها وجلعناه (الحدث التاريخي)، يعني هي نفس القصة، فالقصة عبارة عن حدث تاريخي فنغير اسم القصة وسأقول أنني سأسرد عليكم حدثا تاريخيا، فلو قلت حدثا تاريخيا سيبدأ الناس في التركيز وسيحاول كل شخص أن يفكر ويحاول أن يتفاعل مع الموضوع، فأنا في واقع الأمر لم أفعل شيء، فقط غيرت العنوأن، لأن كلمة القصة أصبحت تُورد أو تُذكر فتعطي منحى أو اتجاه معين، إذا سأغير كلمة (قصة) وأبدلها بـ (حدث تاريخي) حينئذٍ ستصبح ذات قيمة.
القصة التي نتكلم عنها هي تفصيل النبي صلى الله عليه وسلم لقصة أصحاب الأخدود، فيقول صلى الله عليه وسلم ( أن هُنَاك مَلِكٌ وأن هَذَا المَلِكُ كَأن لَهُ سَاحِرُ، فَقَالَ السَاحِرُ يَوْمَاً لِلْمَلِكِ أني قَدْ كَبِرْتُ فَابْعَثْ إلى غُلَامَاً أُعَلِمَهُ السِّحْرَ ) .. هذه الرواية في مسلم، وفي سنن الترمذي ( أن الساحر قد ذكر أنه قد كبر فيريد غلاما فَهِماً أو قال فَطِناً لَقِناً فَأُعَلِمَهُ عِلْمِي هَذَا، فَأني أَخَافُ أن أنا مِتُ أن يَضَيعَ هَذَا العِلْمُ فَلَا يَعْلَمَهُ أَحَدُ، فَنَظَرُوا لَهُ عَلَى مَا وَصَفَ، فَأُمِرَ – أي الغلام – أن يَحْضِرَ إلى هَذَا السَاحْرُ وأن يختلف إليه وكَان فِي طَرِيقِ هَذَا الغُلَامُ – أي وهو ذاهب إلى البيت أو إلى حيث الساحر – رَاهِبُ فِي صَوْمَعَةٍ -كان في طريق الغلام وهو يسير راهب في صومعة – فَجَعَلَ هَذَا الغُلَامُ يَسْألَهُ كُلَمَا مَرَ بِهِ، فَلَمْ يَزَلْ بِهِ حَتَى قَالَ لَهُ أني أعْبُدُ الله تَبَارَكَ وتعالى فَجَعَلَ الغُلَامُ يَمْكُثُ عِنْدَ الرَاهِبِ و يُبْطِىءُ عَلَى هَذَا السَاحِرُ، فَأرَسَلَ إلى أهلهِ أنهُ يُبْطِيءُ عَليَّ ويَتَأخَرُ، اشْتَكَى الغُلَامُ إلى الرَاهِبِ فَقَالَ لَهُ: إذا سَألَكَ السَاحِرُ لِمَإذا تَأخَرْتُ فَقُلْ حَبَسَنِي أهلي وإذا سَألَكَ أهلكَ فَقُلْ حَبَسَنِي السَاحِرُ، حَتَى أتَى الغُلَامُ يَومَاً عَلَى دَابَةٍ عَظِيمَة قَدْ حَبَسَتْ النَاسَ فَقَالَ اليومُ أعْلَمُ أمْرُ السَاحِرُ أحَبُ إلى الله أمْ أمْرُ الرَاهِبُ فَقَالَ: اللَّهُمَ أن كَان أمْرُ الرَاهِبِ أحَبُ إليكَ مِنْ أمْرِ السَاحِرِ فَاقْتُلْ هَذِه الدَابَةُ حَتَّى يَجُوزَ النَّاسُ، فَرَمَاهَا بِحَجَرٍ فَقَتَلَهَا ومَضَى النَّاسُ، ثُمَّ أتَى إلى الرَاهِبِ وقَالَ لَهُ أْي بُنَيَّ أنتَ اليومُ أفْضَلَ مِنِّي وأنكَ سَتُبْتَلَى فَإن ابْتُلِيتَ فَلَا تَدُلَ عَلَيّ.
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم
الحمد لله رب العالمين
هذا جزء من القصة التي اخبرنا بها رسول الله صلي الله عليه و سلم
وعلي الأصل الذي أصّلنا لابد حينما يخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن شيء من الاشياء، لابد أنه لا يلقى الكلام هكذا جزافا لابد أنه صلي الله عليه و سلم يريد أن يعلمنا شيء، يريد لنا أن نتعلم و أن نتعظ و أن نعتبر و أن ننتفع بهذا الحدث و هذه القصة التي يخبرنا عنها رسول الله صلي الله عليه و سلم.
فهو هاهنا يخبر عن رجل ساحر يدير مملكة، ملك من الملوك و أن هذا الساحر قد كبر سنه و حضر أجله فهو يريد تلميذاً له لكي يعلمه و يدربه لكي يخلفه في هذه المهمة ويؤدى نيابة عنه أو بدلا عنه هذه الرسالة، و يريد لهذا الغلام الذى يتحمل هذه الأمانة التى هي أمانة السحر أن يكون علي مواصفات معينة تكفل له أن يكون قادر علي أداء هذا الدور.
ثم يظهر معنا في ثنايا وفي تضاعيف هذه القصة، راهب في صومعة في طريق الغلام فتتحول حياة هذا الغلام من حال إلى حال أو من وضع إلى وضع بعد لقائه بهذا الراهب، هذا هو مضمون أو خلاصة هذا الجزء من هذه القصة التي تكلمنا عنها، و لنا مع هذا المضمون وقفات سريعة:
الأولي: أن هذا الملك طالما أنه لا يقود الناس أو لا يسوسهم بالحق أو بالعدل فلابد أن يبحث كما قلنا مرارا عن وسائل لكي يسيطر علي هذا المجتمع، فكأن لابد له من السحر الذي يظهر الباطل في صورة الحق و الحق في صورة الباطل، والذى يعطي هذا الملك أو يعطي هذا الساحر مظهر من مظاهر القدرة أو السيطرة التي تدع الناس يخضعوا له رغبا و رهبا
هذا أولا لكن الامر غير المفهوم؛ هذا الساحر إنما يصل إلى هذا التأثير عبر كفره بالله -عيإذا بالله-
عقيدة السحر ما هي؟ عقيدة السحر أن يكون كفار من الجن مسخرين لهذا الإنسان فيعطونه من المعرفة أو من الأخبار أو من القدرة ما لا يدركه الإنس ولا يستطيع أن يصل إلى ذلك الا إذا كفر و أشرك بالله تبارك و تعإلى
ولذلك قال الله تبارك و تعإلى وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ
و قال الله تعإلى في نهاية هذه الآية وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ
خطورة السحر هاهنا هذا الشخص حينما يفعل هذه الاشياء التى يتقرب بها إلى هؤلاء الشياطين لكى يعطونه هذه القدرة هو يعلم أنه بذلك يخرج من رحمة الله تبارك و تعإلى و أنه يشتري هذه الفانية و يذر تلك الباقية هي
وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ وَلَوْ أَنَّهُمْ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لو سلكوا سبيل مرضات الله سبحانه وتعالى لكان ذلك مرضاة لهم في الأولى وفي الاخرة وَلَوْ أَنَّهُمْ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَمَثُوبَةٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ خَيْرٌ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ
طيب هذا الشخص الذي يبيع آخرته بدنياه إذا هو لا يريد إلا متاع هذه الحياة الدنيا، ما الذي يحمله علي أن يحمل همّ هذا المجتمع من بعده، ويريد حينئذ أن يورث هذه المهمة لشخص يقوم بهذه الرسالة بعده وفاته، ده شيء مش منطقي و مش طبيعي هو خلاص بيشترى الدنيا ميهموش لما يموت يحصل بعده ايه. حتفرق معاه ايه مافيش فرق، لكن إذ ربما يتحول الباطل أو يتحول الضلال والإفساد إلى رسالة، وحينئذ يكون الخطر المفروض أن الحق هو الرسالة يعني ربنا سبحانه و تعالى أرسل الرسل و أخرج هذه الامة كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ لأجل الرسالة تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ، وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ.
أن أهل الحق ربنا جعل لهم رسالة، كذلك يخبرنا رسول الله صلي الله عليه و سلم أن أهل الباطل أيضاً يتحول باطلهم مع الوقت إلى رسالة، و لذلك هو حريص علي أنه إذا مات لا ينقطع هذا السحر في الأرض و يستمر بقاؤه و يستمر سلطانه، وهذا هو الخطر أن يفقد الحق رسالته أو يفقد الحق حملة الرسالة، ويكون في المقابل أن الباطل له رسالة حريص علي أن يحفظ مضمون هذه الرسالة في الارض.
طيب هذا الرجل حينما استشعر قرب أجله طلب من الملك أن يرسل له غلاما هو واحد بس، يبقي مهمة الإدراة دي كلها و السيطرة على عقول الناس كلها بيقوم بها ساحر واحد بس، واللي هيخلفه برده شخص واحد بس يبقي القضية مالهاش علاقة بالكثرة العددية هي لها علاقة بالفاعلىة والتأثير.. هو عايز واحد، هو واحد بس يركز معاه يحاول يبثه ما عنده، ده هيبقى أكثر تأثير من عدد كبير جداً لا يستطيع أن يعطيه ما لديه ودي أزمة التعليم في مصر أعداد كبيرة لا يمكن لأي مدرس في ظل أي نظام أنه يفهم كل الأولاد دول اللي هم مش لاقيين تُخَت أصلاً، ولذلك هو طلب واحد بس عشان هو حقيقة هو مش عايز يقول كلام و خلاص، هو عايز يوصل الرسالة عايز يؤثر فعلا.
طلب غلام يعني شاب صغير ليه لأن لسه هو عقله لازال في بدايته مستوي تركيزه و استيعابه كبير الهموم الحياتية و المشاكل اللي بيمر بها الإنسان و الهموم اللي الإنسان بيتعرض لها دى لابد أنها تسلب من طاقة استيعابه وتركيزه و حتشتت ذهنه هو عايز غلام صغير ذهنه لازال صافي
طيب الغلام ده له صفات خاصة؟
عايز غلام فهم وفطن يعني ذكي ولقن يعني سريع الحفظ عايز صفتين فهم وإدراك عالي وحفظ جيد، طيب المسابقة هتتعمل علي مستوي المملكة كلها وحيعملوا انترفيوهات كتير عشان يطلعوا ناس فنظروا فيما وصلوا، جابوا الغلام اللي هو على هذه الصفة فأرسلوه إلى هذا الساحر لكى يعلمه وهو في الطريق ربنا سبحانه وتعالى وضع في طريقه هذا الراهب.
الراهب ده شخص بيتعبد لله ناءٍ عن الناس فالغلام بدأ يتواصل مع هذا الراهب وبدأ يسأله كتير والأفكار بتردد على ذهنه فبدأ يقابل هذا الراهب ويتكلم معاه حتى أخبره على الدين وبدأ يكلمه عن ربنا عز وجل، الصورة بتعكس إيه؟ بتعكس صورة الازدواجية أو الصراع الذى يعيشه الإنسان في المجتمع، الآن هو يذهب للساحر الساحر ماذا يعلمه؟ بيعلمه الشرك والكفر وبيعلمه كيف يسيطر على الناس وكيف يؤدى دوره في بلاط الملك بيعلمه الشر والفساد والضرر والإيذاء، ثم هذا الراهب الذى وضع في طريقه بيعلمه الحق والخير وأنه يبقى حريص على الهداية والرحمة، أنه ينفع الناس.
وهذا الصراع الذى يعيشه الشباب في المجتمع الذى نحن فيه صراع مابين إتجاهات فيه إتجاهات شهوات عارمة وفيه اتجاهات شبهات وفي المقابل ربما يكون فيه لازال نداء الفطرة في قلب الإنسان والداعية بتدعوه إلى أنه يقترب من الله عز وجل هذا الصراع كفيل أنه يمزق نفس الإنسان ولكنه في النهاية انتهي مع هذا الغلام إلى أنه يسلك سبيل الحق، أيهما أقوى سلطأناً؟ يعنى الملك وإمكنياته والساحر وكل ماسخر له في مقابل واحد قاعد في صومعة معندوش أى وسيلة من وسائل التوجيه أو التأثير لكن مع ذلك كانت كلمات هذا الراهب أكثر تأثيراً من كل هذا البهرج وكل هذا السلطان وكل هذه القوة التى أعطيها هذا الملك وأعطيها هذا الساحر.
ولذلك في الجزء الأخير الذى ذكرناه أنه حينما وقف على هذة الدابة -وجاء في بعض الروايات أنها أسد منعت الناس أن تتحرك- هنا تحرك عنده الشعور بالرحمة والشفقة على الناس وأنه مش عايز مصالح الناس تتعطل لايريد للناس أن يتضرروا ولذلك هو أراد أن الله عز وجل أن يجعله سبب في إزاله هذا الغم أو في إزاله هذة الكربة عن الناس.
ده تعلمه من أين؟ هل هذا من تعليم الساحر، هل الساحر بيعلمه الرحمة والشفقة والحرص على مصالح الناس؟ هل الساحر يعلمه أنه يغلب عليه الرحمة؟ إذاً هذا كان من تعليم الراهب إذاً تعليم الراهب هي التي انتصرت على تربية الساحر ولذلك حينما أراد أن يدفع هذا الشر عن الناس قال ايه؟ دعا الله عز وجل إن كأن أمر الراهب أحب إليه من أمر الساحر أن يقتل هذة الدابة.
إذا هنا تعلم شيئين تعلم الرقة والرحمة وهذا من تعليم الدين، تعلم الحرص على مصالح الناس وهذا من تعليم الدين تعلم أن يلجأ إلى الله، تعلم أن يستمد من الله، تعلم أنه لما يكون هناك محنة يتوجه إلى الله وهذا من تعليم الدين،
خلاصة ما نريد أن نقوله من خلال هذا الجزء الذى يمثل ثلث أو ربع القصة الذى ذكرها النبى صلى الله عليه وسلم أن الباطل له رسالة ولذلك لا ينبغى أن يكون الحق ليس له رسالة أو ليس له أحد يحمل هذه الرسالة.
الشيء الثاني: أن هذا الباطل الذى له رسالة هو يبحث عن الشخصيات التى تستطيع أن تقوم بحمل هذه الرسالة هو انتقائي في تعامله مع المجتمع ينتقى الشخصيات التى يرى أنه يستطيع أن يستند إلىها وأن هذه الشخصيات تتعرض -كما قلنا- لازدواجية في التعليم وازدواجية في الإعلام تتعرض إلى صراع مابين داعية حق ومابين داعية باطل وأن في النهاية الحق أو الفطرة التى فطر الله عليها الإنسان هي الأقوى وهي الأعظم سنداً حتى وأن لم تكن تملك من الإمكانيات ما يملكه الباطل.
وأن ربنا عز وجل إذا اراد أمراً و أراد الناس أمراً أنه لا بد أن تمضى إرادة الله ولاتمضى إرادة الناس إن خالفت إرادة الله عز وجل
هذا الغلام أٌريد له أن يكون إماماً في الباطل أريد له أن يكون ساحراً مفسداً مضلاً لكن الله عز وجل أراد له أن يكون إماماً في الخير أراد الله عز وجل له أن يكون داعية للرحمة، داعية للخير مصلحاً لامفسداً، فتتغلب إرادة الله على إرادة الناس وَاللَّهُ يَحْكُمُ لَا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ وَهُوَ سَرِيعُ الْحِسَابِ كَذَلِكَ كِدْنَا لِيُوسُفَ مَا كَأن لِيَأْخُذَ أَخَاهُ فِي دِينِ الْمَلِكِ إِلَّا أن يَشَاءَ اللَّهُ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ
كذالك لكى لا تبقى قصة من القصص التى ليس لها فائدة أو من ورائها منفعة ما الذى يمكن أن نترجمه من هذة الكلمات؟
أول شيء: لابد لأي إنسان ينتمى للحق لابد له أن يحمل رسالة الحق.
الشيء الثانى: أنه لابد من علاج أزمة الازدواجية والصراع الذى يعيشه المجتمع، الصراع ما بين الحق والباطل، الصراع مابين طريق النقاء وطريق الشهوة، مابين طريق النقاء وطريق الشبهة.
ونحن لابد أن يكون لنا دور في هذا الإصلاح وأنه من أسس الإصلاح الأولى إصلاح التعليم علاج هذه الإزداوجية في التعليم وأنه في النهاية لو كان الحق امكانياته ضعيفة فأن ربنا عز وجل يعطيه من المدد والتأييد والتسديد مالايعطيه لهذا الباطل لأن هذا هو الفطرة التى فطر الله سبحانه وتعالى الإنسان (كُلُّ مَوْلُودٍ يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ ).
اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه.
اللهم إنّا نسألك فعل الخيرات وترك المنكرات وحب المساكين، وأن تغفر لنا وترحمنا وتتوب علينا وإذا أردت بقوم فتنة فاقبضنا إليك غير مفتونين.
اللهم اقسم لنا من خشيتك ماتحول به بيننا وبين معصيتك، ومن طاعتك ما تبلغنا به جنتك، ومن اليقين ما تهون به علينا مصائب الدنيا.
متعنا اللهم بأسماعنا،وأبصارنا، وقوتنا، أبداً ما أحييتنا، واجعله الوارث منا واجعل ثأرنا على من ظلمنا، وانصرنا على من عادانا، ولا تجعل مصيبتنا في ديننا، ولا تجعل الدنيا أكبر همنا، ولا مبلغ علمنا، ولا تسلط علينا بذنوبنا من لا يخافك فينا ولا يرحمنا، ولا تجعل اللهم إلى النار مصيرنا، واجعل اللهم الجنة هي دارنا، اللهم ارحمنا برحمتك، اللهم ارحمنا برحمتك.
اللهم من أرادنا وأراد الإسلام والمسلمين بخير، ومن أرادنا وأراد الإسلام والمسلمين بسوء فاجعل كيده في نحره واجعل تدبيره في تدميره يا رب العالمين.
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم