Generic selectors
المطابقات الدقيقة فقط
البحث في العنوان
البحث في المحتوى
Post Type Selectors
البحث حسب التصنيف
أحداث جارية
أسماء الله الحسنى
الأذكار
التلون
السيرة النبوية
القصص في القرآن
الكتب
بني آدم والشيطان
بني إسرائيل
تراجم
تربية
تربية
تفسير
جهد الغلبان في تبيان فضائل القرآن
خطب الجمعة
خطو خاتم الأنبياء ما بين اقرأ وإذا جاء
دروس
رمضان 1436هــ - 2015م
سلم الوصول إلى علم الأصول
عقيدة
غير مصنف
كتابات
كلمة التراويح
مسألة الرزق
من قصص كتاب التوابين
من هدي النبوة
مواسم الخير
هذه أخلاقنا

وما كان الله ليضيع إيمانكم

بسم
الله والحمد لله وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده
ورسوله صلى الله عليه وسلم.

قال
الله تبارك وتعالى وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ إِنَّ اللَّهَ
بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ
ربنا سبحانه وتعالى أمر نبيه صلى الله عليه
وسلم أن يستقبل الكعبة وكان النبى صلى الله عليه وسلم بعد ما هاجر إلى المدينة
يستقبل بيت المقدس فى صلاته. فتساءل بعض الصحابة رضى الله عنهم عمّن مات منهم وهو
يصلى إلى بيت المقدس كيف حال صلاتهم ,هل صحت أم لم تصح؟ هل قُبلت أم لم تُقبل؟
فأنزل الله تبارك وتعالى قوله وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ
إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ
.

وماكان
الله ليضيع إيمانكم .. أول أمر أن الله سبحانه وتعالى أطلق هذه الكلمات بإسلوب
الإستبعاد والإستنكار إن هؤلاء الذين ماتوا من الصحابة رضى الله عنهم إنما فعلوا
ما أمرهم الله سبحانه وتعالى به, فهم حال الفعل كانوا مطيعين لله سبحانه وتعالى
ممتثلين لأمره فلا يُتصور فى حقه سبحانه وتعالى أن يضيع أجرهم وثوابهم وعبادتهم
لله تبارك وتعالى ولذلك عقّب وقال إن الله بالناس لرؤوف رحيم. الأمر الثانى أن
الله سبحانه وتعالى سمى الصلاة إيماناً .. لماذا؟ الله سبحانه وتعالى أسماها
إيمانا لأنها تحقيق الإيمان, فالإنسان إيمانه بالله وعبادته له سبحانه وتعالى
والخضوع والإستسلام له ولأمره إنما يتمثل بصورة عملية فى تحقيق حقيقة الصلاة.

والصلاة
بما فيها من ذكر وقرآن ودعاء هى تحقيق لعبادة الإنسان لله سبحانه وتعالى .. فكما
ذكرنا من قبل أن الدعاء هو العبادة, فحقيقة الإيمان تتمثل فى الدعاء الذى يتمثل فى
حقيقة تضرعه وافتقاره إلى الله سبحانه وتعالى.والصلاة كما ذكر العلماء هى العبادة
التى لاتسقط بحال عن الإنسان طالما بقى معه عقله .. فأى عبادة أخرى ربما تتوقف عند
عدم الإستطاعة إلا الصلاة طالما كان معه عقله فمهما كانت حالته فحتى إن لم يكن
يستطيع الحركة نهائيا فهو يصلى بالإيماء بعينيه,فإن لم يستطع فهو يمرر المعانى على
قلبه, فطالما كان قلبه حاضرا فهذه العبادة لاتسقط بحال عن العبد.

سنتكلم
عن الصلاة التى أسماها الله سبحانه وتعالى إيمانا ومحاولة تحقيق العبد لهذا المعنى
وكما إتفقنا من قبل أن ما نقوله من كلام لا يعنى أننا قد حققنا هذا المعنى فعليا
أو حتى قريبا منه ولكن الإنسان عليه أن يؤدى أمانة العلم التى إمتن بها الله عليه
وفى نفس الوقت عليه أن يدعو الله سبحانه وتعالى أن يجعله أقرب خاصة أننا نقول
كلاما قد ينتفع به البعض مما قد يجعله الله تعالى بركة لنا. وقد تكلمنا عن الوضوء,
ولأن هذه العبادة – الصلاة – عبادة عظيمة جعل لها مقدمات .. أى مهيئات المفروض أن
يتهيأ الإنسان بها للمثول بين يدى الله سبحانه وتعالى.

وذكرنا
قبل ذلك أن الوضوء يمثل طهارة ظاهرة وطهارة باطنة, الطهارة الظاهرة أن يطهر
الإنسان جوارحه وأعضاءه التى يكتسب بها المعاصى والسيئات, وفيها الطهارة الباطنة
بأن يجعل الله هذا تطهيرا للجوارح وتكفيرا لسيئات الإنسان وبالتالى التخفيف من
الأوزار أو الأثقال التى يتحملها الإنسان وَوَضَعْنَا عَنْكَ وِزْرَكَ ۝
الَّذِي أَنْقَضَ ظَهْرَكَ
فالأثقال أوالأوزار الناتجة عن المعاصى التى
يرتكبها الإنسان تثقل كاهله وتعوقه عن المسير إلى الله سبحانه وتعالى فالمقصود بهذا
الوضوء تخفيف وإزاحة وإزالة هذه الأثقال وبالتالى تهيئة الإنسان لأن يمضى فى طريقه
إلى الله سبحانه وتعالى ولذلك أمرنا النبى صلى الله عليه وسلم أن ندعو بعد الوضوء
فنقول أشهد أن لا إله إلا الله وحده لاشريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله اللهم
اجعلنى من التوابين واجعلنى من المتطهرين فالإنسان يدعو الله بأن يجعل هذا الطهور
طهورا للظاهر والباطن.

الأمر
الآخر من المهيئات هو القبلة .. الله سبحانه وتعالى يقول وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ
هُوَ مُوَلِّيهَا
فاستقبال القبلة هو أن يتوجه الإنسان إلى جهة الكعبة .. بيت
الله سبحانه وتعالى .. فإن صلى الإنسان فإنه يوجه نفسه ويوجه قلبه إلى حيث القبلة
التى ارتضاها اللهه سبحانه وتعالى له ولذلك يقول عز وجل وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ
هُوَ مُوَلِّيهَا
أى أن كل إنسان له فى هذه الحياة قبلة حسب أولوياته أوحسب
الشىء الذى يحيا من أجله أو الشىء الذى يستهدفه, فمن الممكن أن نجد شخصا المال
بالنسبة له قبلة .. أو شهوة معينة بالنسبة له قبلة .. مطامح أو مطامع معينة أو
مناصب أو وضع إجتماعى معين بالنسبة له قبلة, الشىء الذى يستقبله قلبه ويحيا من
أجله ويسعى خلفه لأجل تحصيله. والنبى صلى الله عليه وسلم حين قال تعس عبد الدرهم
تعس عبد الدينار تعس عبد القطيفة تعس عبد الخميصة, أخبرنا أن هذه الأشياء المادية
من الممكن أن تتحول إلى آلهة, وأن الإنسان إذا كان عبدا للدينار والدرهم فهذا يعنى
أنه عبد للمال .. وليس معنى ذلك أنه سيضعها أمامه ويركع ويسجد لها وإنما عبودية
الإنسان للمال أن يكون هذا المال غاية حياته فكل سعيه فى الحياة لتحصيل المال ولا
يبالى بمعصية الله تبارك وتعالى أو بالخروج عن أوامر الله فى سبيل تحصيل المال,
فهو لا يبالى أرضى الله سبحانه وتعالى أم سخط فى سبيل تحصيل المال, وكذلك القطيفة
والخميصة أى الوضع الإجتماعى فهو من الممكن أن يتخلى عن دينه أويضحى برضا الله
سبحانه وتعالى فى سبيله, فهذه كلها صور من صور العبودية.

إذن
فكل إنسان له فى هذه الدنيا وجهة .. فوجهة الإنسان المؤمن تكون الله سبحانه وتعالى
.. وجهة ظاهرة فى الصلاة .. ووجهة أخرى باطنة أن تسير حياتى أثناء حركتها فى اتجاه
نفس القبلة, فلا يصح أن أكون فى صلاتى متجها لله ثم بعدها أتجه إلى جهة أخرى.
فاستقبال القبلة يعين الإنسان ويوجهه أن يتوجه لله سبحانه وتعالى فى كل أمره. ومع
هذا كله فالإنسان يتزين للصلاة يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ
كُلِّ مَسْجِدٍ
ومن أسباب نزول هذه الآيات أن العرب كان من الأشياء الغريبة
التى يفعلونها أنهم كانوا يطوفون عراة فى الحج ولهم فلسفتهم فى ذلك فيقولون لا
نطوف فى ثياب قد عصينا الله بها, ولماذا لا تشترى ثيابا جديدة للحج؟ وكانت قريش
تستعلى على الناس فى الحج ولذلك أمر الله عز وجل ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ
أَفَاضَ النَّاسُ
فكان أمامهم إما أن يشترى ثيابا جديدة وإن لم يستطع يتسول
من ثياب القرشيين, فكانوا يطوفون عراة حتى لا يفعلوا واحدا من هذين الأمرين
ولزعمهم أنه لا يصح الحج فى الثياب التى عصوا الله بها. لذلك خاطبهم الله عز وقال
بقوله يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وكان
أولى بهم ما داموا قد فكروا أنه لا يصح الحج بثياب المعصية أن يفكروا أيضا فى
جلودهم التى مارست المعاصى ولكنها مداخل الشيطان إلى الإنسان. ولذلك قبل هذه الآية
ببضعة آيات ذكر الله تعالى قولهفَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمَا
سَوْآتُهُمَا
فآدم وزوجه باختيارهما المعصية كُشفت العورة التى كانت مستورة
فهناك علاقة ما بين الطاعة والسترمن ناحية والمعصية والسفورمن ناحية أخرى, فستر
الإنسان للمعصية الظاهرة أو تزينه الظاهرى للعبادة لابد أن يستلزم تزينه الباطنى
وستره لعورات باطنه. والعورات الباطنة قد تكون دخنا فى نفس الإنسان أى نوع من
أنواع الرياء أو السمعة أو صورة من صور الشرك الخفى بالله, أو نوع من أنواع الحسد
والحقد والضغائن الموجودة فى نفس الإنسان,تلك العورات ينبغى أن يهتم الإنسان
بسترها أكثر مما يهتم بستر عورات الظاهر. إذن فكل مقدمة من هذه المقدمات وكل هيئة
من هذه الهيئات وكل شرط من هذه الشروط التى يهيئنا بها الله سبحانه وتعالى للعبادة
ظاهرا وباطنا ..

لا
بد للإنسان مع أدائه وامتثاله لهذه الأمور الظاهرة أن يستصحب المعانى الباطنة التى
هى أصعب. فأداء الإنسان للصلاة بشكل ظاهرى أسهل بكثير من استصحاب الخشوع لأن
الخشوع يحتاج مجاهدة فقلب الإنسان يغفل .. لكن ضبط الإنسان لحركة ظاهره أو أركان
الصلاة أمر سهل, ولكن الفكرة أن يستصحب الإنسان قلبه معه فى كل حركة من الحركات.
فنحن نؤدى الحركات الظاهرية بشكل عادى, نتوضأ مثلا ونستقبل القبلة ونرتدى ملابس
لائقة وهذا لا يحتاج أن أظل أذكّر نفسى به, لكن الأمر الصعب الذى أحتاج أن أذكّر
نفسى به الإنعكاسات القلبية لكل حركة من هذه الحركات .. عندما أستقبل القبلة بماذا
أفكر؟ حين أتوضأ أى المعانى أستصحبه؟ وأنا أتهيأ للصلاة وأتزين لهذه العبادة فى
الظاهر لابد أن أجمع مع هذه الزينة الظاهرة الزينة الباطنة. ولذلك قال الله سبحانه
وتعالى وَذَرُوا ظَاهِرَ الْإِثْمِ وَبَاطِنَهُ إِنَّ الَّذِينَ يَكْسِبُونَ
الْإِثْمَ سَيُجْزَوْنَ بِمَا كَانُوا يَقْتَرِفُونَ
.

أقول
قولى هذا وأستغفر الله لى ولكم.