إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا. إنه من يهدي الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمد عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ
يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا
ثم أما بعد:
نتحدث في كلماتٍ في صلاة التراويح عن كلماتٍ من كتاب الله عز وجل، ونحن اليوم نسلك نفس المسلك وننهج نفس النهج.
نتحدث عن قول الله تبارك وتعالى وَيَنْشُرُ رَحْمَتَهُ ما الهدف أو ما الغاية من هذا الحديث؛ الهدف أن نحاول أن نحرك قلوبنا أو نتفاعل أو نعايش آيات الله تبارك وتعالى، نقف وقفة مع الكلمة ونرى ما من المفترض أن يكون أثر هذه الكلمة في أحاسيس أو في وجدان الإنسان المؤمن الذي يؤمن بالله وكلماته وما أثر هذا في تفكيره وبالتالي ما أثر هذا في الحياة.
ربنا سبحانه وتعالى يقول وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ
وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ أنه المتفضل سبحانه وتعالى على العبد الذي أوغل في طريق الغواية والمعصية ثمّ منّ الله عليه بأن قذف في قلبه إحساساً بندم، أو رغبة في استدراك ما فات، أنه سبحانه وتعالى يقبل منه رجوعه وإنابته وإن كان جرمه عظيماً، وإن كان زلله جسيماً.
وقلنا قبل؛ أنه سبحانه وتعالى اختار في التعبير عن قبول التوبة أن يقول سبحانه وتعالى وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ وليس ” من ” ، قبول التوبة من العبد، فلماذا ربنا سبحانه وتعالى يقول وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ هي أوزارٌ وأثقالٌ تحملتها كواهل العباد، فهو سبحانه وتعالى من منّه ومن فضله ومن رحمته يرفع عن كواهلهم هذه الآصار وهذه الأغلال وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ يمحو أثرها، فما أثر السيئات؟ نحن قلنا في أول الخطبة كلمات رسول الله صلى الله عليه وسلم ” ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا ” السيئات: الآثار السلبية والمصائب والبلايا والنكبات التي تصيب الإنسان من جراء معصيته لربه تبارك وتعالى أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ
وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ ليس عفوه عياذاً بالله جهلاً منه بقدر الجرم الذي اقترفه العبد، وإنما يعفو سبحانه وتعالى ويصفح مع علمه تبارك وتعالى بما اجترح العبد وبما اكتسبته يداه وبما انطوى عليه صدره وبما استكنّ في فؤاده.
وَيَسْتَجِيبُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَالْكَافِرُونَ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَلَوْ بَسَطَ اللهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ وَلَكِنْ يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ بِعِبَادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ الرب ربٌ والعبد عبد، هل يحتاج الرب إلى أن يفسّر أو يعلل أفعاله أو اختياراته لعباده، وهل يتهم الرب في حسن اختياره لعبده؟! لكنه من جماله وعظمته وكرمه ورحمته يشرح لعباده، يبيّن لهم يفسّر لهم أقداره واختياراته وأفعاله، فهو يقول وَلَوْ بَسَطَ اللهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ ماذا يحدث؟ أيكون حسن أيكون أفضل أيكون أحسن؟
قال صلى الله عليه وسلم يوماً ” إذا فتح الله عليكم خزائن فارس والروم أيُ قومٌ أنتم؟ ” ماذا ستفعلون؟ ” فقال عبد الرحمن بن عوف: نكون كما أمر الله تبارك وتعالى، قال: أو غير ذلك؛ تتحاسدون ثم تتدابرون، ثم تتباغضون ” وَلَوْ بَسَطَ اللهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ ماذا يحدث؟ نحن قلنا قبل ذلك أن من عظمة العلم الإلهي أن ربنا سبحانه وتعالى يعلم ” ما كان وما يكون ” الذي حدث، والذي حدث هذا في امتداد التاريخ منذ أول نقطة، نحن قلنا الجمعة الماضية هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ يعلم ما كان وما يكون – الذي يحدث الظاهر منه والخفي، الذي بدا وما استتر – ويعلم ما سيكون، وأعظم من ذلك، ويعلم ما لم يكن، الأشياء التي لم يقدر أن تحدث أصلاً، ” لو كان كيف كان يكون؟ ” كيف كان سيكون شكله، الشيء الذي لم يحدث ولن يحدث لو كانت تحصل على أي صفة وعلى أي صورة وعلى أي وضع؟ وذكرنا قول ربنا سبحانه وتعالى وَلَوْ تَرَى إِذْ وُقِفُوا عَلَى النَّارِ فَقَالُوا يَا لَيْتَنَا نُرَدُّ فرصة فقط وَلَا نُكَذِّبَ بِآيَاتِ رَبِّنَا وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ بَلْ بَدَا لَهُمْ مَا كَانُوا يُخْفُونَ مِنْ قَبْلُ حقائق كانت معروفة، ولكنهم كانوا يحاولوا أن يتغافلوا عنها أو يحجبوها، وماذا بعد؟ وَلَوْ رُدُّوا ماذا سيفعلوا، هم لن يرجعوا، ولكن لو رجعوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ لن يحدث شيء، هي هي بالضبط؛ كل التصرفات التي تصرفتها، كل الكلمات التي قلتها سأعود لأفعلها هي هي بالضبط، وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ فهو يبيّن حكمته ورحمته، وَلَوْ بَسَطَ اللهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ نحن نراه نعمة، لا هو من الممكن أن يكون فتنة، والفتنة ليست اسماً للشيء السيء، الفتنة: هي الامتحان الصعب، الذي ليس يتجاوزه الإنسان بسهولة، ولذلك حينما يقال أن فلان فتن ما معناها؟ معناها أنه سقط في الامتحان، إذاً الفتنة في كتاب الله: الاختبار الصعب الذي يحتاج الإنسان أن يعد له العدة، محتاج أن ينتبه له الإنسان، فإذا رسب في الاختبار؟ صار أو كان مفتوناً وَلَوْ بَسَطَ اللهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ الظلم والتعدي والتجبر، وَلَكِن من حكمته ورحمته يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ كل شيء بمقدار دقيق ومحدد ومعلوم إليه سبحانه وتعالى يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ مَا يَشَاءُلماذا إِنَّهُ بِعِبَادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ ثم يقول تبارك وتعالى وهذا ما نريد أن نتكلم عليه
وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِنْ بَعْدِ مَا قَنَطُوا وَيَنْشُرُ رَحْمَتَهُ وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِنْ بَعْدِ مَا قَنَطُوا وَيَنْشُرُ رَحْمَتَهُ وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ المفترض هذه الكلمات أين تذهب بنا؟ هذا هو السؤال، هذه الكلمات من المفترض أن تذهب بالإنسان المؤمن في علاقته مع ربنا سبحانه وتعالى إلى أين؟ هذا هو السؤال، ربنا سبحانه وتعالى يذكّر بعظيم رحمته بالعباد سبحانه وتعالى، فهو يقول وَهُوَ ليس أحد آخر، ليس أحد آخر، ليس أحد آخر وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ فما المقصود بالغيث؟ الغيث: اسم للمطر الكثير الغزير، ولكن متى يسمي المطر غيثاً؟ كلما كان كثيرا؟؟ لا، عندما يكون بعد جدب وطول انتظار، بعد ضيق واضطرار ولذلك سمي غيثاً لأنه يغيث الناس، ينجدهم وينقذهم، وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ ولذلك في سورة يوسف عليه السلام ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ عَامٌ فِيهِ يُغَاثُ النَّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرُونَ
وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ هذا ينزل من فوق وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِنْ بَعْدِ مَا قَنَطُوا سرعة شعور الإنسان بالإياس مع أي ضيق لطبيعة الإنسان المبنية على الضعف سرعان ما تذهب قوته تنهار مقاومته، يحل القنوط واليأس من تحول الحال في قلبه.
ليس ” بعد ما قنطوا ” أي مرّ طويلاً، لا، نحن بالنسبة إلينا القليل كثير،في الضيق القليل يكون كثيراً، اللحظة تكون طويلة، الدقيقة تكون دهراً، فهو ليس من طول الزمن، وإنما من سرعة القنوط عند الإنسان، وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِنْ بَعْدِ مَا قَنَطُوا وبعد ذلك وَيَنْشُرُ رَحْمَتَهُ وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيد الولي: الذي يتولى أمور العباد، هو القائم بمصالحهم هو الذي يحافظ عليهم، هو الذي يدبّر لهم ما يصلحهم، الحميد: لا يفعل شيئاً إلا ويستحق عليها الحمد والشكر واللهج بالثناء.
اللهُ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَابًا فَيَبْسُطُهُ فِي السَّمَاءِ كَيْفَ يَشَاءُ وَيَجْعَلُهُ كِسَفًا فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلَالِهِ فَإِذَا أَصَابَ بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمُبْلِسِينَ فَانْظُرْ إِلَى آثَارِ رَحْمَتِ اللهِ كَيْفَ يُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ ذَلِكَ لَمُحْيِ الْمَوْتَى وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ فماذا يقول ربنا سبحانه وتعالى؟ يقول أنه الذي ينزّل الغيث هو الذي يغيث عباده سبحانه وتعالى وهو الذي ينشر الرحمة، من المفترض يستقر في قلبي عندما أسمع هذا الكلام، الحب والثقة والتعظيم وحسن الظن، هذا الشيء الأول
الشيء الثاني: لا ينقطع أمل الإنسان في رحمة الله تبارك وتعالى أبداً، وأن الأمر كله لله قُلْ إِنَّ الْأَمْرَ كُلَّهُ للهِ
وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلَا رَادَّ لِفَضْلِهِ يُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ولذلك نحن قلنا قبل ذلك من فترة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يوصي عبد الله بن عباس رضي الله عنه غلام صغير 10، 11 سنة، بكلمات كبيرة، وقلنا نحن لابد أن نتفكّر في هذا 10 سنوات هذه أو 11 سنة، الرابعة أو الخامسة الابتدائية، لا يصلح لهذه الكلمات – بموازيننا نحن – لا يصلح لهذه الكلمات أن تقال لشخص في هذا السن ويستوعبها، ” يا غلام إني أعملك كلمات؛ احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك، تعرّف إلى الله في الرخاء؛ يعرفك في الشدة، إذا سألت فاسأل الله وإذا استعنت فاستعن بالله، قد جفّ القلم بما هو كائن فلو أن الخلق جميعاً أرادوا أن ينفعوك بشيء لم يكتبه الله لك لم يقدروا عليه، ولو أرادوا الخلق جميعاً أن يضروك بشيء لم يكتبه الله عليك لم يقدروا عليه، واعلم أن في الصبر على ما تكره خيراً كثيراً واعلم أن النصر مع الصبر وأن الفرج مع الكرب وأن مع العسر يسرا ” ماذا نفهم من هذا الكلام، أنك لو أحببت أن ترقيني أرتقي معك، الصغير نحن نراه صغيراً فنعامله على أنه صغير فيبقى صغيراً، إذاً أحببت أن تجعله كبيراً وستعامله على أنه هكذا، سيكون هكذا، سيكون في المكان الذي ستضعه فيه، وسيتعامل بالطريقة التي ترسّخها وتبنيها بداخله، هكذا يكون.
” واعلم أن النصر مع الصبر وأن الفرج مع – مع – الكرب وأن مع العسر يسرا ” قال تعالى فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا ونحن قلنا أن العلماء وهم يتناولون هذه الآيات قالوا أن العسر أو الشدة؛ هذه حدث نزل بالإنسان، لكن التيسيرات الإلهية سيلٌ يتتابع، قالوا؛ العسر هذا بالألف واللام فهذا شيء ” معرف ” هو واحد، أما اليسر فجاء منكّراً فهذا غير هذا، هذا غير هذا.
إذاً فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا أي شدة تأتي ينزل معها ما يعالجها أو ما يذهبها أو ما يخفف من أثرها، هل واحد؟؟ لا لا، جرعة وراء جرعة، إذاً اليسر الثاني ليس هو الأول، لكن العسر؟ هو واحد.
إذاً الإحسان الإلهي، الرحمات الإلهية التي تتنزل مع الكرب كثيرة ومتتابعة، إشراقات، تقبل على قلب الإنسان تترا، تتوالى، تتوالى
لذلك عبد الله بن مسعود يقول ” لو أن العسر دخل جحراً – يستتر فيه – لدخل اليسر وراءه حتى يدركه لأن الله تبارك وتعالى يقول فَإِنَّ مَعَ – ليس بعد، لم يقل بعد، لا يليه، بل يصاحبه – فإن الله تبارك وتعالى يقول فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا
قُلْ مَنْ يُنَجِّيكُمْ مِنْ ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ تَدْعُونَهُ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً لَئِنْ أَنْجَانَا مِنْ هَذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ قُلِ اللهُ يُنَجِّيكُمْ مِنْهَا هذه فقط؟ لا لا لا، وَمِنْ كُلِّ كَرْبٍ – وبعد ذلك – ثُمَّ أَنْتُمْ تُشْرِكُونَ قُلِ اللهُ يُنَجِّيكُمْ مِنْهَا وَمِنْ كُلِّ كَرْبٍ ثُمَّ أَنْتُمْ تُشْرِكُونَ إذاً نحن محتاجون أن نحتفظ بهذه الكلمة فقط، ما الكلمة؟ وَيَنْشُرُ رَحْمَتَهُ اجعلونا نتذكرها، لكي تفعل ماذا؟ لكي تعمّر في قلوبنا الثقة في الله، حبنا لربنا، حسن ظننا بربنا، وبالتالي تسليمنا لربنا سبحانه وتعالى والثقة أن ربنا سبحانه وتعالى أنه لا يترك عباده لا يهملهم، لن يسيبهم، ربنا معهم إِنَّ اللهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ إِنَّ اللهَ مَعَ الصَّابِرِينَ وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم
الحمد لله رب العالمين
بقي أن نتكلم عن شيء من آداب الشدة، آداب الشدة.
أول شيء ما قلنا، أنني أعرف أترجم، أعرف اترجم، هذا الحدث من أين جاء؟ جاء من عند ربنا سبحانه وتعالى، الذي هو اللهُ لَطِيفٌ بِعِبَادِهِ الذي هو يُرِيدُ اللهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ مَا يُرِيدُ اللهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ هذا أول أمر، وبالتالي ربنا ينجي الإنسان من أن يتسخط، وهذا أهم شيء، فأنا إن لم أستطع أن أترجم سأخلط، إن لم أستطع أن أترجم سأخلط، يكون أمر خير جاء، وأنا أراه شراً، أمر ذاهب إلى الخير وأنا أراه إلى الشر، فتفسد الدنيا، هذا أول أمر وأهم أمر.
الأمر الثاني: محتاج أن أراجع أمرين؛ لابد أن يكون شيئاً في ملفاتي به مشاكل مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللهِ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ فإما شيء في التاريخ، وإما شيء تغيّر بالداخل، فأنا لم أفعل شيئاً ولكن أمر تغيّر بالداخل، ما معنى أن شيء تغيّر،؟ أنا هممت بما لم يحب وبما لا يرضى، عزمت على أن أتحول إلى حيث لا يرضيه، تغيّرت أشياء بداخلي، كنت أشعر بالنعمة وأصبحت ناس للمنعم، كنت أرى أن هذا فضل ثم رأيت أنني قادر، كنت أرى نفسي غلبان، ثم أصبحت أرى نفسي كبير، أنا تضخمت قليلاً، فيكون من رحمة ربنا – مصيبة – لماذا لأرجع مرة أخرى إلى وضعي الطبيعي، لئلا يوجد إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي قُلْ بِفَضْلِ اللهِ وَبِرَحْمَتِهِ هذا هو الأمر الثاني.
الأمر الثالث: طرق الباب؛ الاستغفار، الاستغفار، أرجع لربنا سبحانه وتعالى، فبما أنني قصّرت أو أخطأت أو انطوى قلبي على ما لا يحب فأنا لابد أن أمسح هذا لَوْلَا تَسْتَغْفِرُونَ اللهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ وَيَنْشُرُ رَحْمَتَهُ لَوْلَا تَسْتَغْفِرُونَ اللهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُمْ مَتَاعًا حَسَنًا إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى إلى الأجل؛ إلى الموت وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ كَبِيرٍ إِلَى اللهِ مَرْجِعُكُمْ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ فَلَوْلَا كَانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَهَا إِيمَانُهَا إِلَّا قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا آمَنُوا كَشَفْنَا عَنْهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِينٍ هؤلاء هم الوحيدين الذين وفّقهم ربنا للاستدراك في اللحظات الحرجة والأخيرة، هم أدركوا، ورجعوا، لا يوجد قرية فعلت هذا، ربنا ذكر أن هؤلاء الناس ربنا وفقهم ففعلوا هذا، إِلَّا قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا آمَنُوا كَشَفْنَا عَنْهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِينٍ
آخر أمر: الدعاء، الدعـاء، الاستغاثة، الاستغاثة بالله، سيدنا ابن عباس يقول أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول عند الكرب، ” كان يقول عند الكرب ” هو أيضاً؟! نحن نعم، ” كان يقول عند الكرب ” وهو أيضاً؟! ” أشد الناس بلاءً الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل ” ليست علامة على شيء سيئ، ليست علامة على شيء سيئ، أصلاً ليست علامة على شيء سيئ، علامة على أنني مازال يوجد بي أمل، لأنني لو لم يبقى بي أمل فانتهى الأمر، فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ بالعكس، فهي مشكلة ترجمة، ” من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين ” فقط يفهم، لابد أن يفهم، فكيف سأفهم، الرسائل موجودة ولكنني أترجمها، أستوعبها لكي أترجمها.
فهذا حسن أم سيئ، من الذي سيحكم؟ بأي موازين؟ من الذي سيقول أن هذا حسن أم لا؟ حسن أم غير حسن؟
ماذا يقول عند الكرب ” لا إله إلا الله العظيم الحليم، لا إله إلا الله رب العرش العظيم، لا إله إلا الله رب السماوات ورب الأرض ورب العرش الكريم ” ليس بها أي شيء متعلق بالكرب، هو لم يطلب شيء، هو لم يطلب ولم يسأل، لم يقل شيء، هذا فقط ما قال، هذا فقط ما قال، ” لا إله إلا الله العظيم الحليم، لا إله إلا الله رب العرش العظيم، لا إله إلا الله رب السماوات ورب الأرض ورب العرش الكريم ” فأين دعاء الكرب؟
تقول أسماء بنت عميس رضي الله عنها: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم ” ألا أعلمك كلمات تقوليهنّ عند الكرب: الله ربي لا أشرك به شيئاً ” أيضاً ما علاقة هذا بالكرب، ما علاقة الكلمات بالكرب، هذا هو الشق الأول، الشق الثاني: يوجد أشياء تطلب أو يدعى بها، إذاً لدينا أدعية الكرب قسمان هذا هو الأول.
يقول سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه: دعوة ذي النون التي قال في بطن الحوت ” لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين لم يدع بها مسلمٌ في كربة قط إلا فرّج الله عنه بها “
إذاً نحن لدينا أولاً، أولاً ” لا إله إلا الله ” ليس لنا وجهة إلا هو، لا نشرك به شيئاً؛ الرجوع إلى الله سبحانه وتعالى والتعظيم والثقة وأن الأمر كله بيد الله، هذا أمر
الأمر الثاني: الدعاء المنطوي على الاستغفار؛ ” لا إله إلا أنت سبحانك ” ربنا منزّه سبحانه وتعالى عن أن يفعل ما ينافي حكمته ورحمته، فأين المشكلة؟ عندي أنا، عندي أنا، ” إني كنت من الظالمين ” فأنا حينما أقول أن ” لا إله إلا الله ” وأن ” سبحان الله ” وأن المشكلة عندي فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ هذا قانون عام.
أبوبكر رضي الله عنه يقول أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ” دعوات المكروب ” ماذا يقول ” اللهم رحمتك أرجو، فلا تكلني إلى نفسي طرفة عين وأصلح لي شأني كله لا إله إلا أنت “
سيدنا أنس يقول أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول إذا كربه أمر واشتدّ عليه حاجة ماذا يقول ” يا حيّ يا قيوم برحمتك أستغيث “
إذاً ما المخارج، المخارج: عبارة عن استعادة للتعظيم، إدراك لخلل وخطأ الإنسان، استجلاب لرحمة ربنا سبحانه وتعالى، إذاً هذا كله كان شيء حسن أم شيء غير حسن؟
محمد بن علي بن الحسين؛ مرّ على محمد بن المنكدر؛ الاثنان من كبار أئمة التابعين علماً وعبادة، فقال له: مالي أراك مغموماً، فهو يظهر عليه أنه متضايق جداً، فهو لم يرد، من كثرة الضغط، لا يستطيع أن يتكلم لا يقدر أن يتكلم، إذاً لا يوجد علاقة بين أن تكون إنسان صالح أو إنسان لديك خير أو لديك دين أو لديك صلاح وبين أن الضغط يضغط عليك فأنت من بني آدم، الضغط يضغط عليك مثل أي إنسان، فلن نطير، فنحن بني آدميين، فنحن أحياناً نضع صور خيالية ليست طبيعية ونحاكم أنفسنا والناس عليها، ليس موجودة، لابد أولاً أن نضع الصورة المثال؛ ” الأيزو ” عبارة عن ماذا بالضبط لكي نستطيع أن نتعامل على أساسه، فهذا هو الإنسان، ليس من الملائكة وليس من الشياطين. الإنسان
لذلك نحن من كذا خطبة جلسنا نتكلم عن ربنا سبحانه وتعالى ماذا يقول عن الإنسان تعريفاً وتوجيهاً، لماذا؟ فأنا لابد أن أفهم نفسي جيداً لكي أستطيع أن أتعامل معها وأستوعبها، وأدرك حقيقتها، أدرك طبيعتها.
” فقال: مالي أراك مغموماً؟ فقال أبو حازم: ذاك لدين قد فدحه ” . دين كبير جداً فادح ضاغط عليه، فلا يستطيع أن يتكلم، فهو ماذا قال؟ قال ” أفتح له في الدعاء؟ ” يتكلم في شيء آخر تماماً، ليس له علاقة بالموضوع، يقول ” أفتح له في الدعاء؟ ” أي هل ربنا سبحانه وتعالى يسّر له أن يقبل على ربنا سبحانه وتعالى يدعوه ويسأله ويرجوه، فقال له أبو حازم: نعم.
فما ردّ فعله؟ قال أن الشيء أو الحدث كائناً من كان، أيّاً كان وضعه، الذي ييسر به ربنا سبحانه وتعالى للإنسان أن يلجأ به إلى الله هذه نعمة من نعم ربنا سبحانه وتعالى على الإنسان.
فهو فيم يفكّر؟ أن هذا أين سيودي به، أي أن هذا الحدث أخذه تجاه ربنا أكثر، قرّبه من ربنا أكثر، جعله يلجأ لربنا أكثر، يسجد لربنا أكثر، قلبه يتعلق بربنا أكثر، ربنا سبحانه وتعالى أراد به الخير، هذا هو ترجمة الموضوع.
آخر شيء: جعفر الصادق يقول لسفيان الثوري؛ – كبير يحدث كبيراً – جليلٌ يخاطب ويوصي جليلاً – ، يقول له: يا سفيان إذا أنعم الله عليك بنعمة فأحببت دوامها وبقاءها – ماذا يفعل – فأكثر من الحمد والشكر عليها فإن الله تعالى يقول لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ يا سفيان إذا استبطأت الرزق فأكثر من الاستغفار فإن الله تعالى يقول اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا يا سفيان إذا حزبك أمرٌ من سلطان أو غيره – كربة أو ضيق أو خوف – فأكثر من ” لا حول ولا قوة إلا بالله ” فإنها مفتاح الفرج وكنزٌ من كنوز الجنة ” فسفيان بقي يعد ويحفظهم هو لا يريد أن يفوّتهم، لا يريد أن يضيّعهم، فماذا قال جعفر الصادق؟ قال: وعاهنّ والله أبوعبد الله ولينفعنّه الله بهن.
طالما هو استوعبهم وأدرك قيمتهم ووضعهم في مكانهم، ربنا إن شاء الله سينفعه بهم، ثلاث كلمات؛ أنا في نعمة وأريد أن أحافظ عليها – فهذا أسهل شيء – أنا لا أبدّل حالي، أنا أشكر فأستمر في الشكر، نسبت النعمة لموليها لا أجحد فضله عليّ فتبقى مستمرة.
فأنا أحتاج لأن يمنّ الله عليّ بسعته؛ أستغفر ربنا، فأنا مضغوط؟ أقول ” لا حول ولا قوة إلا بالله ” أمور سهلة وبسيطة.
إذاً خلاصة الموضوع لابد أن نتذكر هذه الكلمة ” وينشر رحمته ” الإنسان يحسن ظنه بالله ويراجع نفسه ويستغفر ربنا سبحانه وتعالى ويلجأ إليه ويدعوه ويدرك أنه إذا ربنا سبحانه وتعالى فتح بهذا باب الولوج على الله فقد أحسن إليه أيما إحسان، فهذا أكبر من أي شيء آخر، أكبر من أي شيء آخر.
إذا اشتملت على اليأس القلوب وضاق لما به الصدر الرحيب
وأوطأت المكاره واطمأنت وأرست في أماكنها الخطوب
ولم تر لانكشاف الضر وجها ولا أغنى بحيلته الأريب
أتاك على قنوط منك غوث يمن به القريب المستجيب
وكل الحادثات وإن تناهت فموصول به الفرج القريب
اللهم اغفر لنا ذنوبنا واسرافنا في أمرنا، وثبت أقدامنا، وانصرنا على القوم الكافرين.
اللهم خذ بأيدينا إليك أخذ الكرام عليك لا تفضحنا بين خلقك ولا بين يديك
اللهم فقهنا في ديننا، اللهم فقهنا في ديننا.
اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عنا، اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عنا
اللهم برحمتك الواسعة عمّنا، اللهم برحمتك الواسعة عمّنا.
اللهم رحمتك نرجو فلا تكلنا إلى أنفسنا طرفة عين، أصلح لنا شأننا كله، أصلح لنا شأننا كله
يا حي يا قيوم برحمتك نستغيث لا تكلنا إلى أنفسنا طرفة عين، يا حي يا قيوم برحمتك نستغيث لا تكلنا إلى أنفسنا طرفة عين.
اللهم يا وليّ الإسلام وأهله مسّكنا الإسلام حتى نلقاك عليه، اللهم يا وليّ الإسلام وأهله مسّكنا الإسلام حتى نلقاك عليه، اللهم يا وليّ الإسلام وأهله مسّكنا الإسلام حتى نلقاك عليه
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم