إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه ونستغفره, ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا, إنه من يهده الله فلا مضل له, ومن يضلل فلا هادى له, وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لاشريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم. يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ثم أما بعد…
لا زلنا منذ فترة, ونسأل الله سبحانه وتعالى أن يديم علينا ذكره ونعمته, لازلنا فى ظلال فاتحة الكتاب العظمى, ولا زلنا فى الحديث عن رب العالمين سبحانه وتعالى وعن آثار هذه الكلمة العظمى فى حياة الإنسان, وعن أناس جحدوا ربهم تبارك وتعالى وجحدوا فضله ونعمته وأنكروا مننه على عباده وأنكروا عظمته وقدرته بل أنكروا وجوده أصلا ورأسا, فى مقابل أناس لا يزالون يبحثون عن ربهم ويطلبون رضاه ويبحثون عن السبيل إلى الهداية. كنا عبر أسابيع مضت مع ذكر زيد وذكر ورقه.
ونحن اليوم نستتم الكلام عن هذه القصة. إننا نتحدث عن الفترة التى سبقت مباشرة بعثة رسول الله صلى الله عليه وسلم, إننا نشاهد ما يجرى وما يدور فى مكة بين يدى إشراق هذا النور العظيم, بين يدى هذه الهداية التى إمتن الله علينا بها وعلى العالمين إلى قيام الساعة.
وذكرنا رهطا أربعة خرجوا فى عيد من أعياد قومهم يذكروننا بخروج الفتية الذين ذكرهم الله تبارك وتعالى فى سورة الكهف وقال إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى, فلما اجتمعوا فى هذا العيد تنحوا جانبا حتى لا يراهم القوم,ويتخوف بعضهم من بعض, ثم تكلموا وتصادقوا أى أخرج كل ما يجول فى خاطره وتعاهدوا إن يكتم بعضهم على بعض ولا يفشون السر الذى يجول فى خاطرهم فقال قائلهم تعلمون والله ما قومكم على شىء فقد أخطأوا دين إبراهيم عليه السلام وخالفوا طريقه.. ما وثن يُعبد؟ لا يضر ولا ينفع فالتمسوا لأنفسكم وابحثوا عن سبيل الهداية فإنكم والله لستم على شىء ثم أجمعوا أمرهم على أن يخرجوا من مكة إلى ديار الشام يطلبون الحق ويطلبون الدين.
فنحن إذن نتحدث عن أربعة نفر يمثلون النخبة الفكرية فى هذا المجتمع.أى مجتمع يكون فيه صفوة من أصحاب الفكر والعقل, هذه الصفوة تسلك أحد مسلكين.. مسلك البحث عن الحق والحقيقة.. ومسلك البحث عن المنفعة والمصلحة, يقسمهم أهل السياسة إلى قسمين فئة إسمها دوجماتيين.. وفئة إسمها براجماتيين. الدوجماتى هو الإنسان الذى يبحث عن المبدأ, والبراجماتى هو من يبحث عن المصلحة والمنفعة الدنيوية بغض النظر عن المبدأ. فلأمر هنا هل المبدأ أولا يتبعه المصلحة.. أم المصلحة أولاً يتبعها المبدأ؟ هؤلاء هم صفوة أى مجتمع وفئام كثيرة تتابع الفئة السائدة فى هذا المجتمع.
فهؤلاء النفر الأربعة يمثلون ما يمكن أن نسميه النخبة الفكرية وهى تفكر فى الإطار الثقافى للمجتمع فى الإطار الدينى وفى الإطار الإجتماعى هل هو مقنع أم غير مقنع.هل هذا صحيح أم خطأ؟ هل ما نحن عليه مسلك حق أمغير ذلك. هؤلاء النفر الآرببعة قرروا أن يخرجوا إلى الشام ليبحثوا عن الحقيقة.. ولماذا الشام؟ لأنها مهبط الوحى ومحل التنزيل.
الرحلة من مكة إلى الشام هل هى سهلة بإحداثيات هذا الزمان؟ ما المشقة التى سيتكبدها خاصة وانه لا يلوى على شىء ولا يعلم من سيخاطب ولا يدرى أين سيذهب فهو يتلمس ليذكرنا بقوله تبارك وتعالى وَلَمَّا تَوَجَّهَ تِلْقَاء مَدْيَنَ قَالَ عَسَى رَبِّي أَن يَهْدِيَنِي سَوَاء السَّبِيلِ فهو لا يدرى ولا يعلم له وجهه ويتمنى وير جو من الله تبارك وتعالى أن يهديه سواء السبيل.حينما ذهبوا إلى الشام ماذا حدث؟ نحن نتكلم عن أربعة أشخاص إتخذ كل منهم إتجاها ولذلك كان عنوان الخطبة وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يَوْمَئِذٍ يَتَفَرَّقُونَ
إذن فهم خرجوا مخرجا واحدا ولكنهم إنتهوا إلى مسالك شتى, منشأهم ومصدر فكرتهم واحد ولكن مآل أمرهم فى النهاية متباين ومختلف.. لماذا؟ ذكرنا زيد وورقة وعبيد الله بن جحش وعثمان بن الحويرث.. ثبت أحدهم بالشام وعاد الثلاثة إلى مكة عاد زيد وعاد ورقة وعاد عبيد الله بن جحش.. عادوا إلى دارهم وإلى موطنهم.
تكلمنا عن زيد من قبل وعلمنا أنه عاد لأنهم أخبروه أن ما تبحث عنه خلفك هناك فى مكة, الدين الذى تنتظره بعد دين إبراهيم عليه السلام يكون فى بلدك على يد نبى من رهطك وقومك, فبقى منتظرا إياه وتوفى قبل أن يبعث صلى الله عليه وسلم وقلنا أنه كان قد لقى رسول الله مراراً,بل إنه ربما كان ممن مهد لرسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا من سبيله وشيئا من طريقه.
وأما ورقة فذكرنا فى الجمعة الماضية قصة نزوله صلى الله عليه وسلم من غار حراء وكيف أخذته خديجة رضي الله عنها إلى ورقة. ماذا تذكر السيدة عائشة رضي الله عنها عن ورقة؟ ورقة توفى قبل ميلاد عائشة رضي الله عنها بخمس سنوات فهو بالنسبة إليها تاريخ فهى لا تعرفه شخصيا.. فهى قد ولدت بعد البعثة بخمس سنوات وورقة توفى بعد نزوله صلى الله عليه وسلم من الغار مباشرة ما بين اوائل سورة العلق وسورة المدثر فى هذه الفترة الزمنية الوجيزة..
فورقة بالنسبة لعائشة رضي الله عنها تاريخ ينقل وعلم وتراث يعلم. فهى تصف ورقة وتقول أنه ورقة بن نوفل بن أسد بن عبد العزى إبن عم خديجة رضي الله عنها وكان امرأ قد تنصر فى الجاهلية, فهو حين ذهب إلى الشام عاد بالنصرانية ولكنها نصرانية الحنفاء وليست نصرانية النصارى التى تعتقد بأن المسيح عليه السلام رسول فالانبياء كلهم على التوحيد ولا يجمعهم غيره فليس ثمة إله إلا اله واحد. فعيسى عليه السلام رسول لإلى هؤلاء البشر – بنى إسرائيل – ولما كانت هذه آخر رسالة فقد انتمى ورقة إلى آخر وحى نزل من السماء. ثم تقول عائشة عنه.. وكان يكتب الكتاب العبرانى.. فورقة بن نوفل رضي الله عنه تعلم اللغة العبرية.. لماذا؟ وما الجهد الذى يحتاج أن يبذله لكى يتعلمها خاصة وأنه لم يكن صغير السن.. فلماذا يتعلمها أصلا؟ هو يريد أن يبحث فى أصول الدين الذى انتمى إليه ويريد أن يتلقاه تلقيا مباشراً فربما تفسد الواسطة وتغير وتحرف وتبدل.
كان المسيح عليه السلام رجلاً من بنى إسرائيل فكانت لغته الأصلية لغة بنى إسرائيل. ثم انتقل الإنجيل أو الأناجيل من العبرانية إلى السريانية ثم إلى اليونانية. إذن فى هذا الوقت أصول الإنجيل العبرانية نادرة جدا جدا.. فهو يبحث عن الأصول القديمة قبل الترجمة لأن الترجمة ربما شابها ما شابها فهو يريد أن يبحث عن الأصل الأول ليصل إلى منبع هذا العلم من أصوله دون هذه الوساطات التى قد تحرفه. فكان يكتب من الإنجيل بالعبرانية ما شاء الله له أن يكتب. فورقة هو رجل العلم والبحث والدرس..
أما زيد فرجل الإصلاح الإجتماعى والتأثير فى الناس كما ذكرنا الجمعة الماضية.. ثم مات زيد وبقى رفيقه بعده خمس سنين. فلما مات زيد ماذا قال ورقة يرثى صاحبه؟ قال..
بدينك ربا ليس رب كمثله
رشدت وانعمت بن عمرو وإنما
وقد تدرك الإنسان رحمة ربه
وتركك اوثان الطواغى كما هيا
تجنبت تنورا من النار حاميا
ولو كان تحت الأرض سبعين واديا
فزيد هذا لم يكن هناك من يهديه إلا الله كما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن هناك من يهديه إلا الله تبارك وتعالى وَوَجَدَكَ ضَالّاً فَهَدَى فالبيئة بأكملها لا توجه إلى ذلك بل إلى ضده, ومع ذلك أعطاه الله تبارك وتعالى سبيل الهداية مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِن رَّحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلَا مُرْسِلَ لَهُ مِن بَعْدِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ فول كان الإنسان فى باطن الأرض وأراد الله له الخير أوصله إليه. ثم توفى ورقة كما ذكرنا. وبقى معنا رجلان عثمان بن الحويرس ذهب إلى الشام وبقى هناك ودخل فى النصرانية ثم بدأ يرتبط ببلاط القيصر ويخالطهم ويداخلهم فبدأو يقربونه ويدنونه… هو خرج إلى الشام يبحث عن الدين وعن الحق فدخل فى النصرانية,
ما علاقة هذا ببلاط القيصر؟
إذن فهو سيدخل فى دائرة الحكم فى بلاد الروم ثم أشار على القيصر أن يملّكه على أهل مكة فقال اجعلنى ملكا عليهم أدخلهم فى دينك وطاعتك…لماذا هذا الإنحراف؟ هو خرج باحثا عن الدين لكنه حين دخل البلاط القيصرى فتن به فتحول مساره من البحث عن النور إلى البحث عن الملك فطلب من القيصر أن يجعله ملكا وأختار توقيت ذلك بذكاء.. نحن ننظر للقدماء باعتبارهم راكبى إبل وبدائيين.. ولكن هناك فرق بين البدائية فى وسائل التقنية الموجودة أى تطور مظاهر الحياه والترف وبين تطور العقول والقلوب, فالإنسان هو الإنسان.. مطامحه هى كما هى.. مثالب الإنسان كما هى.. ومصائد الشيطان أيضا كما هى, فالشيطان لم يطور شيئا لأننا أيضا لم نتطور فالأسلوب الذى نتبعه كما هو منذ القدم فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ قَالَ يَا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لَّا يَبْلَى فَأَكَلا مِنْهَا فَبَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا فلم يحدث بنا أى تطور…نحن كما كنا زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاء وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللّهُ عِندَهُ حُسْنُ الْمَآبِ ما الذى تغير؟ لا شىء… من النوق الحمر للسيارات الفارهة لم يتغير إلا الصورة والشكل فقط ولكن الشهوة التى بداخل الإنسان كما هى. إذن فى النهاية هى نفس الشهوات.
قلنا المرة السابقة إن أبرهة لما جاء إلى مكة يريد هدم الكعبة لأجل أن تسيطر النصرانية على الجزيرة.. أبرهة من الحبشة واحتل اليمن وجاء من اليمن إلى مكة لذلك لما إنكسر أبرهة وأذهب الله جيشه ثار أهل اليمن المحتلون على الأحباش واستعانوا بالفرس فأخرجوا الأحباش من اليمن وأعادوهم إلى أثيوبيا وأصبح الفرس هم المسيطرون على جنوب الجزيرة وليس للروم سلطان فيها.. فعثمان يريد أن يعيد قيصر إلى مكة كما كان يريد أبرهة أن يفعل فيصبح للروم نفوذ فى الجزيرة كما للفرس نفوذ بها…فهو يريد أن يحقق موازنة سياسية معينة يجنى من ورائها مصلحته الشخصية. فأعطاه هرقل كتابا مختوما أن يصبح ملكا فرجع لإلى مكة وقال لهم تعلمون أن قيصرا قد أمنكم فى بلادكم وأنكم تتاجرون إلى بلاد الشام فى كنفه – أى أنه يحمى تجارتكم إلى الشام ويحميكم – وقد ملّكنى عليكم وأنا ابن عمكم وواحد منكم, أى أنه ليس هناك غضاضة أن يحكمهم هذا الشخص فهو ليس بغريب عنهم, قال: وإنما آخذ منكم الجراب من القرظ والعكة من السمن – أى أن الضرائب التى سيأخذها قيصر منهم ليست كبيرة – فأجمعها وأذهب بها إليه.. وإنى أخشى إن لم تستجيبوا لأمره أن يقطع متجركم فى الشام فتذهب تجارتكم… وَقَالُوا إِن نَّتَّبِعِ الْهُدَى مَعَكَ نُتَخَطَّفْ مِنْ أَرْضِنَا قلقت قريش وأرادت أن تستجيب فهم لن يستطيعوا مقاومة القيصر.
ثم جاء الأسود بن المطلب ووقف فى الطواف وقال إن قريشا لقاح – أى لا تخضع ولا تلين لملك… لا تملك ولا تُملك.. لا نملك غيرنا ونسيطر عليهم ولا نقبل أن يملكنا غيرنا ويسيطر علينا.. وقام الأسود بن أسد فقال نفس الكلام وقال إن مكة حى لقاح لا تدين لملك, فلما رأت قريش أن هؤلاء الناس فعلوا تلك الخطوة اجتمعت على ذلك فاضطر عثمان أن يأخذ كتابه ويعود إلى الشام مرة أخرى وذهب إلى بنى غسان فوضع له عمرو بن جفنة الغسانى سما فى طعامه فمات.
عثمان كان ذاهباً للبحث عن الدين ثم انتهى إلى البحث عن الدنيا.. وهذا هو خطر الفتنة إن الإنسان يكون فى بداية طريقه ومسلكه يبحث بالفعل عن الحقيقة لكن ذلك إذا دخل فى دائرة الإفتتان… ولذلك كان من عظيم ما أوصى به صلى الله عليه وسلم توصية ضمنية أنه قال من بدا جفا – من يترك المدينة ويذهب إلى البادية تصيبه الجفاء والفظاظة كأخلاق أهل البادية – ومن تتبع الصيد غفل – يصبح منشغلا به عن أموره ومصالحه ومعاشه ومعاده وكل شىء – ومن أتى أبواب السلطان إفتتن.. من الممكن ألا يستطيع مقاومة هذه الفتنة.. فلما تحول من شخص طالب دين إلى شخص طالب ملك وسلطان ففقد مكانته عند قيصر لأنه صور له انه يستطيع إدخال قريش فى النصرانية ولم يستطع..
وأيضا فقد مكانته عند قريش إذ كان يريد أن يجلي الإحتلال الرومى إليهم. لماذا قام عمرو بن جفنه بتسميمه؟ لانه أصبح رجلا خطرا.. فهو رجل طالب ملك يذهب إلى شخص عنده بلاط من الملك – فالغساسنة ملوك من العرب يتبعون قيصر – ولما كلن هو يريد أن يصبح ملكا فما الذى لا يجعله يحاول أن يحل محل الغساسنة فى الشام ويتبع قيصر.. لذلك كان من الأفضل التخلص منه. بدأت خطورة هذا الرجل عندما انحرف. لماذا لم تتبعه قريش؟ قريش فكرت أن قيصرا لو كان يريد مكة حقيقة لأرسل مع عثمان حامية من الجيش.. ولكنه أرسله وحده بكتابه فلو كانت القضية بالنسبة لقيصر قضية سياسية خطيرة كان لا بد أن يرسل معه جيشا وحامية.
الأمر الآخر أن قريشا كانت فى دائرة الحياد ما بين الفرس والروم… هم لهم تجارة فى الشام ولهم تجارة فى اليمن التى تتبع الفرس فلماذا أكسب ود الشام وأخسر اليمن؟ رحلة اليمن لاتقل أهمية عن رحلة الشام بل إن الله تبارك وتعالى جعل رحلة اليمن مقدمة على رحلة الشام قال إيلافهم رحلة الشتاء – الجنوبية إلى اليمن_ والصيف – إلى الشام – قدم الجنوبية على الشمالية… فلو لم تكن رحلة اليمن أهم فعلى الأقل ليست أقل منها أهمية.. وكذلك رأت قريش لماذا أن عثمانا وهو ليس بأشرفهم ولا أحسبهم ولا أنسبهم يعلو عليهم وتكون له هذه المكانة ويسود عليهم.
فلو كان عثمان أصبح ملكا على مكة ثم خرج فيهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ماذا كان يحدث؟ ربما كانوا فعلوا معه مثلما فعلوا بالشام مع عيسى عليه السلام. ولذلك كان من عظمة رحمة الله تبارك وتعالى ومن تهيئته أنه لم يجعل عثمانا ملكا على مكة.. فكان من رحمة الله وتهيئته كما انه أذهب أبرهه وأصحاب الفيل أنه لم يجعل عثمان ملكا على مكة لكى يخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فى مكة فينشر فيها نور الله تبارك وتعالى. ما نريد أن نقوله أنه من الممكن أن يبدأ الإنسان بمسلك صحيح ثم تفتنه الدنيا فينتهى بذلك إلى مسلك مهلك ويكون الدين بدلا من أن يكون غايته ومقصده يصبح مطيّة يصل بها إلى ملكه وسلطانه.
أقول قولى هذا وأستغفر الله لى ولكم.
الحمد لله رب العالمين..
وأما الصورة الأخيرة فهى أصعب وأفظع وأخطر ما يكون.. عبيد الله بن جحش بن رئاب بن أسد خرج مع أصحابه إلى الشام ثم عاد إلى مكة على النصرانية منابذاً لقومه وما هم عليه حتى بعث فيهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسلم عبيد الله بن جحش فى اول من أسلم هو وزوجه رملة بنت أبى سفيان أم حبيبة رضى الله عنها.
ثم لما ضيقت عليهم قريش خرجوا إلى الحبشة وبعدما خرجوا إلى الحبشة بقى زمان ثم عاد عياذا بالله إلى دين النصرانية وهذا هو أخطر ما يكون.. ولذلك كان رسول الله صلى الله عليه وسلم دائما ما يدعو ربه تبارك وتعالى فيقول اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلبى على دينك.. وكان من أكثر ما يقسم به صلى الله عليه وسلم, لا ومقلب القلوب إن قلوب العباد بين إصبعين من أصابع الرحمن يقلبها كيف يشاء. أمر فى غاية الخطورة.. لماذا حدث له ذلك؟الرجل منذ صغره وهو يبحث عن الحقيقة.. خرج إلى الشام بحثا عن الحقيقة.. لما جاء الإسلام كان أول من سارع إلى تلبية هذا النداء..
صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم وجالسه ثم خرج إلى الشام فى أول من خرج.. ثم ماذا؟ وما الذى أدى لحدوث هذا؟ عبيد الله بن جحش حينما ذهب إلى الحبشة كانت البيئة والبلد التى هاجر إليها والمجتمع مختلف والحبشة فى نصرانيتها غير نصرانية الشام لدى القيصر والتى كانت دنيوية جدا والدين امر هامشى.. أما فى الحبشة فالأمر يختلف فالنجاشى نفسه كان رجلا شديد التدين ويظهر هذا فى حديثه مع جعفر رضى الله عنه حينما أرسل إليه لما دعا عمرو بن العاص وحوله القساوسة وتلا عليهم سورة مريم وبدأوا كلهم فى البكاء… فالجو العام به رقة وروحانية وبعض التدين مع وجود الخلل… فهو بدأ يخالط هؤلاء ويصاحبهم.. فكان يترك مخالطة أصحابه الذين جاء معاهم ويخالط هؤلاء الناس ويكثر من مجالستهم فبدأ يتأثر بهذا.
تقول أم حبيبة رضى الله عنها أنها رأت فى المنام زوجها عبيد الله بن جحش بأشوه صورة وأفظعها, كنا نتكلم عن الرحمة التى ملأت زيدا ونريد أن نشير إلى الرحمة التى أولاها الله لأم حبيبة رضي الله عنها. فهى امرأة أبوها أبوسفيان بن حرب سيد من سادات مكة وزعيم من زعمائها صاحبة شرف ومكانة تركت كل هذا ورحلت مع زوجها الحبشة فى دار الغربة التى وصفتها أسماء بنت عميس رضي الله عنها حينما عادت إلى المدينةو قالت كنا فى دار الغرباء البعداء فى الحبشة, فهى غربة شديدة وهم يترابطون بها لكى يحفظهم الله تبارك وتعالى ويحميهم فى المجتمع الذى انتقلوا إليه. فوق مرارة الغربة.. تأتى مرارة الفتنة.. فزوجها الرجل العاقل الذى سارع للدخول فى الدين, تستيقظ يوما وهو يقول يا أم حبيبة قد نظرت فى الدين فرأيت أن النصرانية هى خير الأديان وقد كنمت – ملت – إليها ثم دخلت فى دين محمد صلى الله عليه وسلم ثم رجعت..
تخيل انها تستيقظ صباحا فتجد زوجها يخبرها بذلك.. قطعا هذا كان يعتمل فى نفسه منذ زمن ولكنه الآن اتخذ قراره، من رحمة الله انها قبل أن يخبرها بذلك رأته فى أشوه صورة وأفظعها.. قالت ففزعت وقامت من نومها مذعورة فإذا به يقول لها ما قاله… فمن رحمة الله بها هذا التهيئة لها.. فهى لما رأت ذلك لم تضطرب لأن الصورة التى رأتها منذ قليل بمنامها قد جعلتها تتاكد إن صورته الدينية مشوهة.. وضع شائه وليس بحقيقى ولا صحيح.. قالت فقلت لا والله ما هو بخير لك.. ثم أخبرته الخبر – حكت له الرؤية – فلم يهتم بها وأكب على الخمر يشربها حتى مات.
نحن نتكلم فى دين.. ما علاقة الدين – خاصة وان الخمر لم تكن قد حرمت بعد – ولكن ما الذى يجعله يكب على شرب الخمر حتى يموت؟ فهى شكلة بها جانب أخلاقى وشهوانى لأن من الطبيعى أنه كان يتبتل ويتعبد ويقرأ فى الأناجيل. فهذه المشكلة ترجع والله أعلم لثلاثة عناصر اجتمعت.. الأول هو البيئة التى اختلط بها وتأثره بها وهى ذات رصيد قديم لديه فهو كان يميل للنصرانية من البداية وبالتالى لها داعية بداخله. الثانى.. الخمر… الثالث أنه يقول انه نظر فى الأديان.. فهو رجل يرى نفسه أعظم من الإسلام ويرى أنه الخبير فى مقارنة الأديان ذو تاريخ وذو فلسفة وليس كآحاد الناس يتابع مثلهم هو مختلف وسابق على الإسلام ورجل ذو عقل وبحث عن الحقيقة وتاريخ قبل الإسلام..
ولذلك هو لم يقل أنه دخل الإسلام وإنما قال دخلت فى دين محمد فهو ينظر للأمر من منظور أنا أم محمد؟ محمد أصغر منه فى السن وهو يرى نفسه أعلى من هذا ولذلك أسماه هكذا.. لماذا لم يقل أنه دخل فى دين المسيح وقال دخلت فى النصرانية؟ فهو ينظر ويقارن نفسه مقارنة شخصية مع محمد صلى الله عليه وسلم.. لو نزعنا عنها عظمة وصف النبوة ووصف أن محمدا صلى الله عليه وسلم ليس برسول الله.. ولذلك هو حين ينادى صلى الله عليه وسلم فى القرآن ينادى بيا أيها النبى أو الرسول وليس يا محمد فعاد عبيد الله إلى ما كان عليه..
فالخطر يكمن فى تعظيم الإنسان لنفسه وانتقال الإنسان من بيئة لبيئةفربما لو كان فى الحبشة قريبا من أصحابه ويدنو منهم ويباعد هؤلاء – النصارى – لما كان الأمر جرى كذلك. هو يقول أن هذا دين وهذا دين… وهذا غير منطقى فالإسلام يكمل دين المسيح عليه السلام والدين عند الله الإسلام والأنبياء جميعهم رسل فى منظومة واحدة.. هل يمكن أن أقارن بين جزء وجزء آخر فى منظومة واحدة؟ هذا لا يجوز فهما ليسا دينان البزذية والزرادشتية مثلا.. هو دين واحد, فما يقوله يخالف حتى ما تعلمه من القرآن وما تعلمه من رسول الله صلى الله عليه وسلم فهى أزمة نفسية وليست أزمة عقلية.. ثم بدأ يقول للصحابة الذين كانوا معه فى الحبشة أبصرنا وصأصأتم – أى لم يروا جيدا – يريد أن يقول أنهم لا يرون الحقيقة وهو فقط من رآها – هذا الكلام كيف سيقع فى قلوب الصحابة وهم يعدونه رجل علم وتاريخ ثقافى.. هذا قد يهز نفوسهم.. ولكن التثبيت واليقين من الله تبارك وتعالى.
فأم حبيبة من رحمة الله أن أراها نلك الرؤيا قبل أن يصبح.. وبعد أن أصبح حاولت أن ترده ولكنه ظل كما هو, تخيل الفتنة والأزمة التى تمر بها أن يصبح زوجها كذلك وتدعوه هى صباح مساء إلى أن مات. وبعد أن مات هى أصبحت أيضا فى الغربة ماذا تفعل؟ هل تعود لأبيها أبى سفيان تجر أذيال الخيبة ثم تقع فى ضغط التأثير فى العودة إلى دين قريش أم تمكث فى الحبشة بمفردها؟ أزمة كبيرة وهى امرأة وحيدة.تقول أول ما مات عبيد الله بن جحش رأت فى المنام ابو سفيان – أبيها – يقول لها يا أم المؤمنين فلما أصبحت أوّلوا لها ذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يتزوجها.. قالت فما أن إنقضت عدتى حتى أرسل إلىّ النجاشى جارية اسمها أبرهة وهى المسئولة عن الثياب والعطور عند النجاشى ليقول لها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أرسل إلىّ أن أزوجك إياه. قالت فسررت وقلت بشرك الله بالخير.
ثم قالت أبرهة يقول لك النجاشى وكّلى من يعقد عنك فالنجاشى سيعقد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهى توكّل أحدا عنها فوكلت خالد بن سعيد. تقول فنزعت إسوارين من فضة كانتا فى يدى فأعطيتهما أبرهة فرحا وسرورا وفمتين – خلخالين – فضة من رجليها وخواتم من فضة.. كل الحلى التى كانت ترتديه أعطته أبرهة.
آخر وقفة.. النبى صلى الله عليه وسلم فى المدينة وهم فى الحبشة ورغم بعد المكان فهو يتابع أخبارهم حالا فحالا.. أول ما علم بالأمر أرسل مباشرة يستنقظ هذا المرأة مما وقعت فيه ويستقدمها إلى المدينة. الأمر الآخر العوض الإلهى.. فهى فقدت عبيد الله بن جحش بعدما فقد دينه فماذا عوضها الله تبارك وتعالى؟ عوضها خيرا عظيما بالقدر الذى لا يقدّر قدره ولا تعرف عظمته ولذلك كان طبيعيا أن تستبشر هذا الإستبشار بهذا العوض وهذا الخلف من الله.. خلعت من يديها خواتم فضة ومن معصمها أساور فضة ومن رجليها خلاخيل فضة.. لم تكن تلبس ذهبا وهى بنت أبو سفيان بن حرب… هل الآن فى زماننا توجد امرأة تقبل أن تتزين بالفضة؟ أم حبيبة كانت على أعلى مستوى إجتماعى فى مكة وكانت ترضى بالفضة – كشبكة يعنى – هذه إبنة أبى سفيان ولكن إبنة أبى قردان فى زماننا لن ترضى إلا بالذهب فجزء كبير من مشاكلنا يعود للفكر أو للثوابت التى لا نتراجع عنها فى حين أن الأمر أبسط من ذلك..
الله تبارك وتعالى يقول أَوَمَن يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ أى حلية… ولكننا نصر على أنماط وعادات معينة. فقبل الإسلام حتى كانت الحياة بسيطة ولكننا نحن من يضفى على الحياة التعقيدات. الخلاصة التى نريد أن نصل إليها أن هؤلاء الشركاء الأربعة آلت مآلاتهم فى النهاية إلى نهاية متباينة.. سلكوا فى النهاية مسالك شتى. لكى يحفظنا الله ويجعلنا فى دائرة الحماية ويخرجنا من دائرة الفتنة والإفتتان فالقضية كلها إن الله تبارك وتعالى ينيلنا حسن الخاتمة، قال الله تعالى وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ، يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ
العبرة بإن ربنا سبحانه وتعالى يرزق الإنسان كمال وتمام الهداية إلى أن يتوفاه الله سبحانه وتعالى وهو على الإيمان، تناله رحمة ربنا الكاملة فعشان نسلك مسالك هؤلاء ومانسلكش مسالك هؤلاء لابد أن يكون سبيلنا السبيل دا مش السبيل دا، بعيداً عن الافتتان بمظاهر الدنيا التي تفنى وتزول، بعيداً عن تعظيم النفس، بعيداً عن وضع الإنسان نفسه في وسط أو في…. إحنا شبابنا ربما كان معذوراً كله بيفكر إن هو يهاجر، كندا أستراليا، هو مش عارف بس عايز يهاجر إلى هذه الأماكن، كل حاجة وليها تكلفة، مفيش حاجة ببلاش، عبيد بن جحش لما هاجر إلى هذه البيئة لما ماعرفش يستعصم من آثار هذه البيئة أصابته في مقتل، الموضوع مش سهل، كل حاجة ليها تمن، مفيش حاجة ببلاش، كل حاجة لازم تتحسب كويس لأن كل حاجة وليها تكلفتها، مفيش حد بيحصل على حاجة إلى في مقابلها بيقدم حاجة.. بس إيه الفكرة؟ أنا بدفع إيه في مقابل إيه؟ إيه الأغلى؟ وإيه الأثمن؟ إيه اللي يستحق إنه يبذل في سبيله وإيه اللي ما يستحقش إن هو يبذل في سبيله.
النبي صلى الله عليه وسلم قال: كل الناس يغدو – كل واحد بيصحى الصبح يغدو يعني يتحرك في هذه الحياة – فبائع نفسه – مفيش حد ما بيبعش نفسه – فمعتقها أو موبقها. كل واحد في هذه الحياة بيبيع نفسه لو بيبيعها في سبيل مرضات الله بيعتقها، ولو بيبيعها في سبيل مرضات الشيطان بيوبقها.
يبقى السبيلين هما إيه؟ سبيل الله، سبيل الشيطان وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ إحنا على فكرة عندنا سبيل الدنيا وسبيل الآخرة، لا دا غلط وقلنا الكلام دا كتير دا غلط، مفيش سبيل دنيوي وسبيل آخروي، مفيش تعارض بين السبيلين، سبيل الدين يمر بالإنسان على ما يصلحه من سبيل الدنيا وليس يبيع.. لا هو يأخذ حسنة الدنيا وِمِنْهُم مَّن يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ أُولَـئِكَ لَهُمْ نَصِيبٌ مِّمَّا كَسَبُواْ دا في مقابل مين فَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا وَمَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاَقٍ هى كذلك ليس فى الدنيا بمفردها أو الآخرة بمفردها..
هذه هى القضية.. مسلك الإنسان هو الذى يقوده للسعادة غى الدارين, هو طريق واحد وليس طريقين… لكن النجدين الله تبارك وتعالى والشيطان وليس الدنيا والآخرة..
لذلك معاذ كان يقول فى نصيحته العظيمة الغالية لمن طلب منه النصيحة، قال: أنت محتاج إلى حظك من الدنيا – ليس هناك من يستغنى عن نصيبه من الدنيا فنحن نعيش هنا ولنا مطالب هنا لنا رغائب هنا – أنت محتاج إلى حظك من الدنيا, وأنت إلى حظك من الآخرة أحوج.. فإن بدأت بحظك من الدنيا فاتك حظك من الآخرة – لو أننى بدأت بوضع منظومة الإستقرار الدنيوى إلى أن أنتهى منها ثم ألتفت إلى الآخرة فلن أصل لأن الإستقرار الدنيوى لا يحصل.. الإستقرار النفسى والطمأنينة أنك أخذت حظك من الدنيا لا ينتهى، يقول صلى الله عليه وسلم لو أن لابن آدم واد من ذهب لتمنى له ثان… ما العمل إذن؟ قال وإن أنت بدأت بحظك من الآخرة مر بك على حظك من الدنيا فانتظمه لك انتظاما.. يقول له لو أنك بدأت بالدنيا وأهملت الآخرة فإنك لن تجدها فى طريقك أبدا ولكن إن بدأت بحظك من الآخرة فإنه سوف ينظم لك برنامجك فى الدنيا.. سيضع لك المعيار والقانون والتظام الذى على أساسه تسير فى الدنيا فتنال خيراتها وتتجنب شرورها وآفاتها.. مر بك على حظك من الدنيا فهو يعرض منهاج ورؤية وثقافة تبنى فكر الإنسان فتجعله يتحرك بشكل صحيح..
فليس هناك من يعتزل الدنيا ولكن هناك من يتخبط ومن يتحرك بشكل صحيح هذا يتحرك بوعى وعقل والثانى يتحرك بدون وعى وبشهوة. يقول مر بك على حظك من الدنيا فانتظمه لك انتظاما.. لما يكون لديك حبات من الدر ملقاه على الأرض فإنك تأتى بسلك وتبدأ بلم هذه الحبات فى السلك.. فكأنه يلم عقد دنياه. فالدين هو ما يقوم بذلك فيرشدك بأن تاخذ هذه ثم هذه وأترك هذه فلست بحاجة لها.. هذه مزيفة لا فائدة منها.. هذه لها قيمة وهذه لا.. فنظل نلم حبة حبة حتى ينتظم العقد فيصبح له معنى وصورة متكاملة. فإن لم يكن كذلك وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطاً أى الصورة العكسية.. انفرط العقد.عقد منتظم وعقد مفروط.. ليس هناك عقد ولاعقد.. أنت لا تختار الآخرة فتصبح بهلولا فى الدنيا.. لا ليس كذلك وهذه هى المشكلة التى نقع فيها.. أمر يجعلك تنتظم إحتياجاتك وأمر آخر يجعلك أمرك فرطا لا تعرف ماذا تاخذ فتصبح فى حيرة ويظن انه يستطيع أن يجمع كل شىء ولكنه لن يستطيع فسوف يتعارك مع من حوله وينشغلون بالعراك ولن يفلحوا وتظل هذه الآمور عقدها مفروط.النبى صلى الله عليه وسلم لما ذكر الكنز الذى سيظهر تحت الفرات ويتعارك عليه الناس من كل ألف يفنى 999 يعنى ينجو واحد فى الألف.. بماذا سيستمتع هذا الواحد؟ إذن هل هم اقتسموه واستفادوا منه؟ لا.. بل كل منهم مات وبقى واحد بجانب الجبل. خلاصة الأمر إن مسلك الهداية والحق ينتظم الدنيا والآخرة جميعا.. والمسلك الثانى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى
أمر أساسى لا نريد أن ننساه هذه الدعاء العظيم, دعاء الثبات على الإيمان..
اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلوبنا على دينك، اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلوبنا على دينك
اللهم يا مصرف القلوب صرف قلوبنا على طاعتك، اللهم يا مصرف القلوب صرف قلوبنا على طاعتك
اللهم يا ولى الإسلام وأهله مسكنا الإسلام حتى نلقاك عليه، اللهم يا ولى الإسلام وأهله مسكنا الإسلام حتى نلقاك عليه، اللهم يا ولى الإسلام وأهله مسكنا الإسلام حتى نلقاك عليه
اللهم انك عفو تحب العفو فاعف عنا، اللهم انك عفو تحب العفو فاعف عنا، اللهم انك عفو تحب العفو فاعف عنا
ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين، ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين، ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين.
أقول قولى هذا وأستغفر الله لى ولكم.