الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله ولي المتقين، وأشهد أن محمد عبده ورسوله خاتم الأنبياء وصفوة المرسلين صلى الله عليه وعلى وصحبه الطيبين الطاهرين ومن تبعهم بإحسان الي يوم الدين ثم أما بعد:
وإذا سألك عبادي عني
متى يتوجه العباد الى نبيهم صلى الله عليه وسلم بهذا السؤال؟ أي حال تلك الني تقود العباد الى أن يسألوا عن ربهم تبارك وتعالى؟ وأي سؤال يسألون؟ ” وإذا سألك عبادي عني “
يقول الله تبارك وتعالى: يا أيها الذين آمنوا هذا أول شيء كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ هذا ثاني شيء.
إذا فنقطة البداية هي حصول الإيمان ثم أن يسعى العبد عبر العبادة الى تحصيل التقوى، يخبر سبحانه وتعالى أن الهدف والغاية المنشودة من إقام عبادة الصيام هذه الأيام المتتابعة المتوالية هو تحقيق غاية، هذه الغاية هي حصول التقوى، فجعل الله تبارك وتعالى هذا الأمر أولا أمرا إختياريا على الحث والتشجيع، فقال ……وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ ثم جعله سبحانه وتعالى بعد فرضا وحتما لازما على كل مؤمن إلا من كان غير مطيق لمرض أو سفرو بين سبحانه وتعالى أن هذا منه تيسير لا تعسير فيه ثم أمر بإتمام هذه العدة وشكر الله تبارك وتعالى على أن من عليهم بتتميم النعمة، ثم قال سبحانه وتعالى ” وإذا سألك عبادي عني ” .
أولا وكما ذكرنا مرارا، الرب من حيث هو رب سبحانه وتعالى لا يلزم حينما يأمر عباده بأمر أن يعلله لهم. هل يحتاج الرب حينما يخاطب العبد يأمره أن يكون عبدا أن يعلل له ويبين له حكمته؟ لكن هكذا هو ربنا سبحانه وتعالى، يخاطب أهل الإيمان مذكرا إياهم بعقد الإيمان ثم يخبرهم عن سنة من سننه في عباده ” كما كتب على الذين من قبلكم ” ، له سبحانه في عباده حكم بالغة يستصلحهم بأمره ويحفظهم بنهيه، يستصلحهم بأمره ويحفظهم بنهيه فيقول مخاطبا المؤمنين، وقد تكلمنا في هذه النقطة من فترة أن ربنا سبحانه وتعالى لم يخاطب بأمر ولا نهي إلا عباده المؤمنين فلا يمكن أن تأمر أو تنهى شخصا هو حقيقة غير مؤمن، الله لم يفعل هذا ولم يأمر بهذا بل هو يخاطب المؤمنين لأنهم المستهدفين بهذا الخطاب أما غيرهم فلابد أن يكون مؤمنا أولا،ما معنى أن يؤمن الإنسان؟، يوجد فرق بين الإيمان والمعرفة، حتى أنه نحن في استعمالنا في حياتنا لكلمة ” يعرف ” وكلمة ” يؤمن ” يوجد فرق، فمثلا عندما تنصح شخص ما مرارا وتكرارا بشيء ما ليفعله وأن هذا هو الصواب ولكنه يعاند معاندة عملية وليس نظرية ويعاند حتى تخور قواه وتنهار مقاومته فتقول له ” الآن آمنت؟ ” ، ما معنى ” آمنت ” هنا؟ هي إنما تعني أنه بالممارسة والخبرة والتجربة أيقن أنه ما كنت تخبره به أنه صواب هو الحقيقة فعلا وأن مقاومته أو رفضه أو معاندته ليس لها معنى ولن تفيد بشيء. فالإنسان يعرف أشياء، نحن ورثنا أشياء وتلقنا أشياء، إذا فواجب الإنسان أن يحول هذه الأشياء الى إيمان، ما معنى هذا؟ أي أن يوقن فيها ويتأثر بها وقلبه يتحرك مع هذه المعاني و يتفاعل معها، أي أن قلبه يتجاوب معها، فعندما تحدث هذه الأشياء في شيء فهذا معناه أنه آمن بها، أما الأشياء التي لا يحدث معها هذا هي أشياء يعرفها ولكن لم يؤمن بها حقيقة بعد.
فربنا يخاطب الناس المؤمنين ويوجه لهم الكلمات، لماذا المؤمنين؟ لأنهم هم الذين قلوبهم مليئة بحب ربنا وقلوبهم أدركت عظمة الله سبحانه وتعالى، هم الذين أيقنوا برحمة الله سبحانه وتعالى وحكمته وبره ولطفه وإحسانه وعلمه وخبرته. فلما يكون الرب بهذه المثابة ويوجه العبد التوجيه، كيف سيستقبل العبد هذا التوجيه؟ سيستقبله بالثقة بأن هذا هو الخير، أن هذا صادر من رب رحيم ومحب لهذا العبد وأنه لن يأمره بشيء فيه ضرر قط ولن ينهاه عن شيء في خير له أبدا، إذا من أين يأتى الخلل؟ الخلل يأتي من شيء من إثنين: يا إما أني أحبك ولا أعلم أين مصلحتك، أو أني أعلم أين مصلحتك ولكني لا أحبك فلن أرشدك ولن أنصحك. لو كان الرب رحيم وفي نفس الوقت هو عليم وحكيم، إذا من أين يأتي الخلل؟ لو أنا لس مؤمن بهذا فلن أتأثر به وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ…. لن يجعل الله هذا الأمر إختياريا تابع لهو الإنسان يفعله أو لا يفعله، لأنه كما وصفه الله ” وما كان لمؤمن ولا مؤمنة ” أما لو محونا هذا الوصف ووضعنا أي وصف آخر؟ ممكن أن يفعل أي شيء ويختار أي إختيار آخر أو طريق آخر.
وماذا بعد الصيام؟ ماذا سيحدث؟ هذا الصيام سوف يقوي في النفس جانب التقوى، التوقي مما يسخط الله سبحانه وتعالى. لقد تكلمنا كثيرا في هذا المعنى من قبل، أن سيدنا عمر رضي الله عنه استنطق سيدنا أبي بن كعب رضي الله عنه كي يستخرج منه معنى التقوى، فنتعلم نحن معناها، سيدنا عمر لم يكن محتاجا للدرس ولكن نحن الذين نحتاج أن نسمع ما معنى التقوى. هذه الناس – الصحابة الكرام – كانوا يتعلمون ويحسنون التعلم، إذا كان سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم نفسه سأل أبي بن كعب، قال: ” يا أبا المنذر، أي آية في كتاب الله معك أعظم؟ قال الله ورسوله أعلم، قال يا أبا المنذر، أي آية في كتاب الله معك أعظم؟ ” هو من أعلم الناس وأحفظهم لكتاب الله فهو يسأله، أي آية أعظم في كل الآيات التي يحفظها رضي الله عنه، ولكنه لأدبه قال الله ورسوله أعلم، فهو هنا ليتعلم فأعاد النبي صلى الله عليه وسلم السؤال مرة أخرى ” يا أبا المنذر، أي آية في كتاب الله معك أعظم؟ ” فأدرك أن النبي صلى الله عليه وسلم يريد أن يستخرج ما بداخله فقال الله لا إله إلا هو الحي القيوم فقال: ليهنك العلم أبا المنذر ” أي هنيئا لك ما علمك الله.
العجيب هو من أين له بهذه المعلومة، هو لم يفكر بل جاوب فورا، كيف؟
أول شيء لكي يجيب لابد أن يوجد قانون للإجابة، أول شيء الآيات؛ غاية في العظمة لأنها تنسب إلى الله، لكن من غير هذا الجانب؛ الآيات تتفاوت في العظمة من حيث ما تحمل من المعاني والدلالات؛ إذن هذا القانون موجود عنده – أن الآيات تتفاضل في معانيها – وأمر هذا القانون قبل ذلك ؛ليس الآن، فهو أجاب مباشرةً ولم يفكر ولم يقل له أعطني خمس دقائق؛ وأمر هذا القانون على كل ما مرّ من آيات فلم يجد آية أعظم في دلالتها من هذه الآية؛ كلها تتكلم عن عظمة الله، لا تتكلم عن شيء آخر، كل الآيات فيها بيان لعظمة الله، لكن هذه أفردت لبيان عظمة الله سبحانه وتعالى، وبالتالي يكون طبيعياً أن سيدنا عمر يسأل سيدنا أبي بن كعب ما معنى التقوى، فما الإجابة؟ ” قال: يا أمير المؤمنين أما سرت يوماً في طريق فيه شوك؟ قال: بلى، قال: فما صنعت؟ قال: شمرت واجتهدت. قال: فذلك التقوى ” التوصيف غاية في العمق وغاية في الوضوح، يقول له هل سرت قبل ذلك في مكان فيه شوك؟ قال له: نعم، فقال له ماذا تفعل؟ قال له: أشمّر واجتهد، أي أتحسس مواضع الأقدام، أرفع رجلي لا أضعها قبل أن أتأكد أين سأضعها بالضبط، لأنه لا يصلح أن أضع قدمي في مكان تصيبني فيه شوكة تؤذيني، فعندما نترجم هذا فما معنى التقوى؟ أنني كلما أرفع قدمي وقبل أن أضعها في أي مكان لابد أن أتحسس هذا الموضع، هل هذا الموضع موضع رضى أم موضع سخط؟ موضع يقرّب أم موضع يُبعد؟ موضع يُكتب حسنة أم موضع يُكتب خطيئة؟ في كل خطوة ! في كل خطوة ! نعم في كل خطوة، لأن التقوى أن الشخص يفعل شيئاً يقيه من أن ربنا سبحانه وتعالى يسخط عليه، الصيام سيوصل إلى هذا أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ لن تكون ثقيلة، هل لابد أن نصوم جميعاً؟ الذي سيطيق الصيام لكن بصعوبة يمكن أن يخرج فدية، يطعم عن كل يوم مسكين، فلما اعتدنا هذا،، فالأول لم يكن واجب، ولكن بـ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا وكُتِبَ عَلَيْكُمُ ولَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ و أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ هذه كافية لأن نصوم، ولكن افترض أن بعضنا الموضوع ثقيل عليه، سيصوم قليلاً ويفطر قليلاً، عندما تعتاد النفوس هذا وتستشعر أثره، تحب الصيام وتتمسك به، فوقتها حينما ينقلنا ربنا ويقول لنا لابد أن تصوموا، طالما لا يوجد مشقة زائدة، وقتها سيكون سهلاً أن نصوم لأن قلوبنا تعلّقت بالصيام.
حسناً؛ الصيام وبعد ذلك الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ يوجد صيام، ويوجد قرآن، أنت صائم وتقرأ كلام ربنا وأنت في حالة من الإيمان، ماذا يحدث؟ يحدث ما نتحدث عنه، وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ متى سألوا؟ أو متى سيسألوا، أو متى سينتبهوا أنهم محتاجون أن يسألوا، متى؟ عندما نكون في حال يوجد عبادة ونشعر بأثر العبادة، وبالتالي نستشعر أننا أصفى وأنقى ونريد أن نتقرب من ربنا أكثر ونقرأ كلام ربنا الذي يحببنا في ربنا أكثر، حينئذٍ نسأل نحن نريد أن نتقرب من ربنا أكثر ماذا نفعل؟ فهذا السؤال عبارة عن ماذا؟ عبارة عن توقع، هم متى سيسألوا؟ سيسألوا في الحال الفلاني، وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي ما الإجابة؟ ماذا سيقول؟، هل قال له ” قل ” لا، قال له: لا تقول، قال له: لا تقول، عندما سألوا عن أحكام الله أو عن أوامر الله، قال له: قل لأن هذه هي وظيفته، وبدون أن يقول لن نعرف شيئاً، كل ” يسألونك ” وبها سؤال عن أحكام الله بها ” قل ” لكن حينما انتقل السؤال أنهم يسألوا عن الله، قال فَإِنِّي قَرِيبٌ.
يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْو وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْجِبَالِ فَقُلْ يَنْسِفُهَا رَبِّي نَسْفًا وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ
وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ ما التوجيه؟ ما المطلوب؟ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لأجل ماذا لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ
وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم
الحمد لله رب العالمين
أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ عَلِمَ اللهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتَانُونَ أَنْفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنْكُمْ فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ هم سيقتربون ويصفوا ويعلوا ولكن سيظلون بشراً؛ عندهم نوازع البشر واحتياجات البشر ورغبات البشر وضعف البشر وهذه عظمة كلام ربنا سبحانه وتعالى وعظمة تشريع الله، بعد وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ هم مازالوا بشر أيضاً.
إذاً ربنا سبحانه وتعالى خاطب المؤمنين ووجههم للتقوى، وحثّهم على العبادة، ووجههم للقرآن، ألزمهم بالعبادة وأمرهم بشكرها، وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ وبعد ذلك قادهم لحال القرب وبعد ذلك كلّمهم من منطلق أن لهم نقصاً ولهم ضعفاً ولهم احتياجات، وربنا سبحانه وتعالى برحمته لا يغفل هذا.
هم عم كانوا يسألون؟ قالوا: يا رسول الله أبعيدٌ ربنا فنناديه، أم قريبٌ فنناجيه؟ أي لابد أن نرفع أصواتنا؟ أم هو قريب سبحانه وتعالى، العلاقة في الخطاب مع الله مناداة أم مناجاة، النبي صلى الله عليه وسلم مسافر والناس تذكر ربنا سبحانه وتعالى وترفع أصواتها بالتكبير، وهم سائرون في صحراء فالطبيعي أن يكون الصوت مرتفع، فماذا قال النبي صلى الله عليه وسلم؟ قال ” يا أيها الناس أربعوا على أنفسكم ” رفقاً رفقاً ” إنكم لا تدعون أصماً ولا غائباً إن ما تدعون سميعاً قريباً ” ” إن الذي تدعون أقرب لأحدكم من عنق راحلته “
وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا قَالَ يَاقَوْمِ اعْبُدُوا اللهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا فَاسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُجِيبٌ المرة الثانية؛ القرب والإجابة، فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُجِيبٌ
حسن وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ إلام ترشد؟ عندما يخاطب ربنا الناس الذين آمنوا ويقول لهم ” أنا قريب منكم ” ” قريب ” هذه كيف تترجم، ما معناها، ما الذي حدث، أو ما الذي سيستجد؟ أنت متى تصف أحد أن هذا قريب منك؟ ومتى تصف شخص أنه بعيد عنك؟ فهذا ليس عبد، ربنا سبحانه وتعالى يقول للعبد ” أنا قريب منك ” وبعد ذلك، هذا القرب يترجم في الإجابة، القرب ليس هو الإجابة، القرب معنى أعمق من الإجابة بكثير، لكن من آثار القرب الإجابة، فلماذا الإجابة؟ لأن أصل الإنسان الفقر، أصل الإنسان الفاقة والاحتياج، يَاأَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللهِ وَاللهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ كل الناس هكذا، كل الناس هكذا، فهو يقول للعباد سبحانه وتعالى أنه قريب وهذا أمر وجداني، وبعد ذلك يكلمهم عن الذي يفكروا فيه أو يشغلهم فالإنسان دائماً دائماً عنده احتياجات، دائماً يشعر بالنقص، دائماً يريد أن يبعد عن نفسه أشياء وقلق من أشياء ويخاف من أشياء ويريد أشياء ويتمنى أشياء ويطمح في أشياء، هذا هو الإنسان فَإِنِّي قَرِيبٌ هذه في الحب، وأُجِيبُ هذه في الطلب والشحاتة والتسول، إذاً يوجد حب ويوجد إجابة، يوجد قرب ويوجد تلبية للنداء فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فهو داعي، أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فهو لا يسمى داعياً إلا إذا دعى، لا الدعاء هذا أمرين، يوجد دعاء تزلف وتعبد ويوجد دعاء مسألة ورغب، أي أنني حينما أتقرب إلى الله، أنا أدعو الله سبحانه وتعالى، وحينما أسأل الله أنا أدعو الله سبحانه وتعالى أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ هذا هو العابد، لأنه كان يخاطب أناس تعبد، أناس تصوم وتقرأ قرآن وتصلي، فهؤلاء إذا دعوا أي سألوا – طلبوا – كان الله لهم قريباً مجيباً، فماذا يفعلون؟ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي
أولاً هو وصف نفسه سبحانه وتعالى بأنه مجيب، هو يجيب وبالتالي أولى وأحرى أننا يجيب، فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ وهنا فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي الألف والسين والتاء للطلب، تستخرج شيء تسحب شيء، لماذا؟ لأن استجابتنا محتاجة إلى قدر من الجهد في مقاومة نوازع وشهوات الهوى والنفس والشيطان، فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي نقول ” فلان استخرج المعدن من باطن الأرض ” لماذا؟ لأن هذه عملية فيها قدر من الجهد المبذول وتتعب قليلاً لكي تستخرج هذا، لذلك نحن نقول فلان استخرج شهادة ميلاد،، نفس المستوى من الجهد لتحصل على نفس النتيجة.
فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي فأنت ستبذل جهد في هذا، مع أن هذه فطرة في الإنسان، ولكن يوجد ضعف إنساني ومقاومة، وَلْيُؤْمِنُوا بِي فهي يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هذه في البداية، فنحن قلنا أن الإيمان لا ينفد، الإيمان لا ينفد، نحن نستهلكه فلابد دائماً أن يحاول الإنسان أن يجدده، فأنت تكون سائر جيد، وبعد قليل تجد قلبك تغيّر أو تحجّر أو حدث له أشياء غريبة فلماذا فلماذا، القليل الذين كانوا معي استعملتهم،، فنحن قلنا قبل ذلك كثيراً أن النبي صلى الله عليه وسلم يقول ” إن الإيمان ليخلق – إن الإيمان ليخلق، إن الإيمان ليخلق – ” يستهلك ” في جوف أحدكم كما يخلق الثوب ” استعملته كثيراً وغسلته وأبليته، لابد لابد أن يظهر عليه، هذا الثوب يمكن أن تجلب واحد بدلاً عنه، لكن الإيمان ماذا ستفعل؟ ” فسألوا الله أن يجدد الإيمان في قلوبكم ” يوجد شيء يصنع، النبي صلى الله عليه وسلم يقول أن الإيمان يستعمل، أنت تستخدمه في الحياة فحينما تستعمله يقل ويخبو، فإن لم تعد شحنه دائماً سينفد كما ينفد أي شيء، مثل أي شيء، مثل أي شيء مثل أي وقود يحترق لكي تصنع به أي شيء، ينفد هو ينفد، فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لكي ماذا يحدث في النهاية؟ لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ الرشد والرَّشد أن ربنا يوفّق الإنسان أن يصنع ما فيه مصلحته في الدنيا والآخرة.
إذاً – يستجيبوا – يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا للهِ اسْتَجِيبُوا للهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي إذا استجابوا وآمنوا ماذا يحدث؟ لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ ربنا سبحانه وتعالى يرزقك الرشاد، وعكس الرشد؟ السفه، فمن لم يسير في هذا الطريق ولم يصل إلى هذه الغاية؟ لن يتصف أبداً بالرشد أبداً وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ فإذا كان الشخص ليس في دائرة الرشد، سيفعل ما يضره وهو يظن أنه ينفع نفسه، سيفعل ما يؤذيه وهو يظن أنه يبني مصلحته، لن تسير في طريق صحيح حتى دنيوياً إن لم يرزقك ربنا الرشد والرَّشد، ولا يمكن أن تستهدي بأحد ربنا لم يرزقه الرشد ولا الرَّشد، وطريقه معروف فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ
اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه
اللهم خذ بأيدينا إليك أخذ الكرام عليك لا تفضحنا بين خلقك ولا بين يديك، اللهم خذ بأيدينا إليك أخذ الكرام عليك لا تفضحنا بين خلقك ولا بين يديك
اللهم اقسم لنا من خشيتك ما تحول به بيننا وبين معصيتك، ومن طاعتك ما تبلغنا به جنتك، ومن اليقين ما تهون به علينا مصائب الدنيا، متعنا اللهم بأسماعنا، وأبصارنا، وقوتنا، أبداً ما أحييتنا، واجعله الوارث منا واجعل ثأرنا على من ظلمنا، وانصرنا على من عادانا، ولا تجعل مصيبتنا في ديننا، ولا تجعل الدنيا أكبر همنا، ولا مبلغ علمنا، ولا تسلط علينا بذنوبنا من لا يخافك فينا ولا يرحمنا، ولا تجعل اللهم إلى النار مصيرنا، واجعل اللهم الجنة هي دارنا
اللهم اجعلنا هداة مهتدين، غير ضالين ولا مضلين، اللهم اجعلنا هداة مهتدين، غير ضالين ولا مضلين.
اللهم ارحم في هذه الدنيا غربتنا، وارحم اللهم عند الموت كربتنا، وارحم اللهم في القبور وحشتنا، وارحم اللهم في القيامة ذل مقامنا بين يديك
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم