Generic selectors
المطابقات الدقيقة فقط
البحث في العنوان
البحث في المحتوى
Post Type Selectors
البحث حسب التصنيف
أحداث جارية
أسماء الله الحسنى
الأذكار
التلون
السيرة النبوية
القصص في القرآن
الكتب
بني آدم والشيطان
بني إسرائيل
تراجم
تربية
تربية
تفسير
جهد الغلبان في تبيان فضائل القرآن
خطب الجمعة
خطو خاتم الأنبياء ما بين اقرأ وإذا جاء
دروس
رمضان 1436هــ - 2015م
سلم الوصول إلى علم الأصول
عقيدة
غير مصنف
كتابات
كلمة التراويح
مسألة الرزق
من قصص كتاب التوابين
من هدي النبوة
مواسم الخير
هذه أخلاقنا

و عباد الرحمن

الحمد لله الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله وكفى بالله شهيدا، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له إقراراً به وتوحيدا، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً مزيدا

ثم أما بعد:

لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ

يأمر سبحانه وتعالى نبيه أن يخاطب قوما بأنه ليس منهم في شيء وليسوا منه في شيء وإن كان بينه وبينهم أمور يشتركون فيها أو قواسم يجتمعون فيها.

لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ له رؤيته للحياة وعقيدته التي يؤمن بها ومنهجه الذي يتبعه وقد قلنا قبل أن حقيقة الدين إنما هي الخضوع والطاعة، فهم لهم عبادتهم ولهم خضوعهم ولهم طاعتهم، وله صلى الله عليه وسلم عبادته وخضوعه وطاعته، فإذا لم يوجد ثم خضوع أو طاعة فلا يوجد ثم دين. لكي نقول كلمة دين، فيجب أن نفهم ما معنى الدين. الدين حالة من الخضوع والطاعة والاستسلام والانقياد، لو كانت لله كان دينا حقا، ولو كانت لغيره أو لله ولغيره كانت دينا باطلا، لكن إذا لم يوجد استسلام وخضوع وطاعة فلا يكون دينا.

حينما يقول الله تبارك وتعالى إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللهِ الْإِسْلَامُ… معناها أن هذا الاسلام هو الذي يستحق أن يكون دينا.

و لكن من الممكن أن يكون اسلاما بدون دين، كيف؟، مثل ما قد تكلمناه فيه سابقا أن نجعل مثلا الاسلام عبارة عن أيدولوجية، ما معنى أيدولوجية؟ أي رؤية للحياة، منهج للإدارة، منهج للتغيير. هذا ليس دينا، هكذا نجعل الاسلام مثل الرأسمالية والاشتراكية، أي أيدولوجيات وليس دين. فأبجديات كلمة دين أن يكون هناك عبادة – وليس فكرا – والتزام وتطامن وخضوع وطاعة.

لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ إذا الأديان من الممكن أن تتباين حتى لو بينها قواسم مشتركة، فالقواسم المشتركة لا تكفي أن تسمي هذا الشيء دينا حقا إلا إذا كان هذا الشيء يحتوي ويتناول الدين بكماله وبتمامه.

السؤال، ما هو الدين الذي ندين به؟ وكيف تدرك أو تجزم أو تقطع أنك تقف على أرض صلبة وأنك حقيقة تدين بالإسلام الذي أنزله الله وليس الاسلام الذي تراءى لك أو لي؟ كم إسلام يوجد اليوم؟ ليس واحدا قطعا، والدين الذي أنزله الله؟ هو واحد، والامة التى ارتضاها الله سبحانه وتعالى من لدن آدم عليه السلام مرورا بنوح وهود وصالح أيضا واحدة يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ ۝ وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِليس فقط الدين بل الأمة أيضا، فعندما كان الدين واحدا كانت الأمة التي اجتمعت عليه أيضا واحدة وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا…إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ..كَمَا أَنْزَلْنَا عَلَى الْمُقْتَسِمِينَ۝الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ ۝ فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ ۝ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ.

ما هو الدين وما هو حقيقته؟ قال الله تبارك وتعالىاللهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ… هُوَ اللهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ… الملك سبحانه وتعالى قال وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ إذا يوجد ملك خالق عظيم سبحانه وتعالى ويوجد عبيد، هم عبيد بخلقه إياهم، وظيفتهم التقرب والتحبب والطاعة والعبادة والاستسلام لمليكهم سبحانه وتعالى، هذه هي وظيفة العبيد. إذا ما موقفهم من العبادة؟ عبد طائع وعبد آبق، لا يوجد اختيار ثالث.

فالملك سبحانه وتعالى تعرف الى عباده، هو سبحانه وتعالى الذي تعرف الى عباده وتحبب بنعمه وآلائه الي عباده ودعاهم الى قربه وطاعته وأخبرهم أن سعادتهم وهدايتهم ونجاتهم ورزقهم وأمنهم إنما هو في قربه وعبادته، وأن ما يصبون إليه من خير الدنيا والآخرة إنما هو في قربه وفي يده وفي بره وفي إحسانه.

هذا التقرب هو حقيقة شرف العبد، من الذي يستحق أن يدنو من الملك العظيم، من الذي يستحق أن يدخل في دائرة الطاعة والعبادة والقرب من الله، ما الذي نفعله نحن لنستحق القرب من الله؟ للأسف نحن نستهين بهذه الحضرة العظيمة وبهذا القدر الكريم.

لكي أدخل ابني مدرسة، تستهلك ما لدي من مال وتفسد عليه دينه، كم أحتاج من التزلف والوسائط والمقابلات معي ومع الزوجة ومع الولد لكي ينال حظوة الانتماء لهذا الوسط ويدخل في إطار هذا الشهادة!!.

لكي ينال حظوة أن ينتمي إلى هذا الوسط، يدخل في إطار هذه الشهادة، لأجل أن يستحق شخص أن يكون من خاصة أو من صفوة أو من المقربين لملك حقير من ملوك الدنيا، كم يبذل من جهد؟ وكم يريق من ماء وجه، وكم يذل نفسه، وكم يكون سعيدًا إذا حظي بدقائق معدودة من مجالسة هذا الملك الذي يعظمه !

فما المواصفات التي من المفترض أن تكون موجودة لكي يستحق الشخص أن يكون خادمًا – خادمًا – للأمير أو الملك الفلاني؟ إذا كان الشخص لكي يعمل في شركة ما، يعدوا له أكثر من مقابلة،، أو من يريد أن يعمل في شركة عالمية؟ كم يسعى – يحفى – ويظل في عمل السيفهات، لأجل ماذا؟ لأجل ماذا؟ لكي يكون ماذا في النهاية؟ لكي يكون في النهاية موظف في شركة الملتي ناشونال، أليس كذلك؟

الإنسان لكي يستحق أن ينتمي أو ينتسب لله، يكون عبد من عباد الله، هذه هي الفكرة، ” عبد لله ” أي ينتسب لله، هذا هو خادم ربنا، ماذا يفعل الإنسان لكي يستحق أن يرقى إلى هذه المنزلة؟

أبواب الملوك كم يزدحم عليها الناس؟ وباب الملك الحق كم تجد عليه من ازدحامٍ؟

إذًا، إذًا، حقيقة الدين أن يسعى الإنسان لينال شرف الخدمة، شرف الخدمة والانتساب لله رب العالمين، مواقف العباد من هذه الخدمة ومن هذه العبادة، لماذا نعرض عن هذا الباب العظيم؟ظظظ

أولًا لأننا ليسوا مقدرين المقام الإلهي العظيم، والأمر الثاني: أننا ليسوا فارغين، نحن مشغولون عن ربنا سبحانه وتعالى بما هو في ملكه وفي قبضته، ولا وصول لنا إليه إلا من بابه، فالذي ننشغل به وَللهِ خَزَائِنُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْض ليس عند أحد آخر، وحين نتفرغ سنقبل على الله في يد من؟ وهل نحن مؤمنين أن ربنا سبحانه وتعالى هو الذي له ملك السماوات والأرض؟ وأنه لا تتحرك ذرة فما فوقها إلا بإذنه وإلا بعلمه وأنه هو القيوم سبحانه وتعالى الذي يقيم أمر الكون ولا قيام للحياة من دون الله .. هل نحن مؤمنين بهذا الكلام أم لا؟ الواقع لا يقول نعم، الواقع يقول لا، لأن الممارسة تقول لا، والسلوك يقول لا، والإشغالات تقول لا، والإلتفاتات والإعراضات تقول لا، فإذاً الدين أن يسعى الإنسان بكل جهده وطاقته وقلبه أن يحظى بان ينال عظمة مقام القرب من الله رب العالمين، أن يرضى الله عن العبد وأن يحب الله عبده، ” ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل ” يجهد ويجهد ويجهد ” حتى أحبه ” ” حتى أحبه ” ، فإذاً أولاً هو أدرك عظمة ربنا سبحانه وتعالى وأدرك كرم ربنا سبحانه وتعالى وبره وإحسانه فأحب ربه وأحب أن يتقرب إليه وأحب أن ينتسب إليه، استمع إلى قوله تبارك وتعالى وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا كم من شرف وكم من قدر عظيم في هذا الانتساب، تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللهِ يَدْعُوهُ كَادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَدًا وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ بَلْ عِبَادٌ مُكْرَمُونَ ۝ لَا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ ۝ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى وَهُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ ثم من منه وكرمه جعل هذا الباب وهذا الانتساب وهذا الكرم مفتوحاً لغير النبيين والملائكة فقال وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا ۝ وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا ۝ وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَامًا ۝ إِنَّهَا سَاءَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا ۝ وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا ۝ وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا ۝يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا ۝ إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللهُ غَفُورًا رَحِيمًا ۝ وَمَنْ تَابَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللهِ مَتَابًا ۝ وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا ۝ وَالَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْهَا صُمًّا وَعُمْيَانًا ۝ وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ ۝ أُولَئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِمَا صَبَرُوا وَيُلَقَّوْنَ فِيهَا تَحِيَّةً وَسَلَامًا ۝ خَالِدِينَ فِيهَا حَسُنَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا ۝ قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلَا دُعَاؤُكُمْ لولا الإيمان لا قيمة لإنسان، ليس له عند ربنا وزن ولا قيمة فَقَدْ كَذَّبْتُمْ فَسَوْفَ يَكُونُ لِزَامًا أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ أدخلوا نفسهم في هذه الدائرة، الكون كله يسجد ويخضع لينال شرف العبادة لله، والذين وفقهم الله أدخلوا أنفسهم في هذه الزمرة الطيبة الصالحة، وللأسف وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ، ثم قال تعالى وَمَنْ يُهِنِ اللهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ الذي ينال شرف الدخول في دائرة العبادة والانتساب هذا الذي أكرمه ومنّ عليه واختاره واصطفاه، والآخر؟ مهين وَمَنْ يُهِنِ اللهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ الذي سيهان بالبعد عن باب الله لن يكرمه أحد، ولا يقدر أحد أن يرفع من قدره أو أن يعلي من شأنه إِنَّ اللهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ.

أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم، الحمد لله رب العالمين، فإذاً لكي يكون للإنسان دين لابد أن يسعى للتقرب لرب العالمين، حسناً، وماذا يفعل؟ أول شيء لكي يتقرب الإنسان إلى الله يجب أن يعلم لمن يتقرب، يجب أن يعلم عظمة من يسعى للتقرب إليه، ولهذا يقول النبي صلى الله عليه وسلم: إن لله تسعة وتسعين اسماً، مائة إلا واحداً من أحصاها دخل الجنة، الذي سيعرف ربنا هذه المعرفة الواسعة العظيمة يجب أن تقوده للجنة، من أحصاها دخل الجنة، حسناً هذه الأسماء من أين أتينا بها؟ ربنا سبحانه وتعالى هو الذي أخبرنا بها، أول شيء ربنا سبحانه وتعالى يقول وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ ۝ أَوْ تَقُولُوا إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِنْ بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ فأول نعم ربنا علينا قبل خروجنا إلى هذه الحياة أنه فطرنا على معرفة ربنا سبحانه وتعالى وعلى التوجه لله وعلى البحث عن الله، ثم تمم النعمة سبحانه وتعالى بأنه وسع جداً دائرة التعرف على الله، فإذاً هو وضع بداخلنا التوجه إليه وأن لنا رباً نحبه ونطلبه، ثم بدأ يعرّفنا قدر عظمته وكرمه وإحسانه وبره ورحمته، عبر مساحة كبيرة جداً من التعرف، تسعة وتسعون اسماً، تسعة وتسعون صفة إلهية عظمى وأوسع من دائرة الأسماء، هناك صفات لله سبحانه وتعالى وهناك أفعال لله، لا تشتمل دائرة المعرفة على الأسماء فقط وإنما أوصاف وأفعال وأحكام وأقضية، دائرة واسعة جداً، لماذا هذه الدائرة الواسعة؟ حتى يعرف الإنسان ربه، وإذا عرف الله؟ أحبه وعظمه وأجله، حسناً، الإنسان حين يحب بالطبيعة يسعى للتقرب والتحبب لمن يحب، هذا قانون بني آدم، ربنا سبحانه وتعالى لم يجعل الدين خلاف فطرة الإنسان وقوانينه، فهي قوانين الإنسان الطبيعية، الإنسان حين يحب يسعى للتحبب والتقرب لمن يحب، ويفعل الأشياء التي يرضى عنها محبوبه ويتجنب الأشياء التي لا يحبها محبوبه حتى لا تكون هناك نفرة بين العبد وربه، وهذا ما يفعله الإنسان مع بني الإنسان ليس شيئاً جديداً، لكن المشكلة في أي مكان أضعه وكيف أوجًهه؟، لذلك قلنا قبل ذلك أن الإنسان إن لم يفعل ذلك مع الله سيفعله مع أحد آخر أو مع شيء آخر ولا بد، إن لم يكن عبداً لله كان عبداً لغيره، من شخص أو من شيء أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ ” تعس عبد الدينار، تعس عبد الدرهم، تعس عبد القطيفة، تعس عبد الخميصة ” عبد المال وعبد الوضع والمظهر الاجتماعي، عبودية، هكذا سماها رسول الله صلى الله عليه وسلم، هو عبد، ولكن الإنسان يختار، إما أن يكون عبداً للجهة العليا فيصعد أو عبد لما هو أقل منه فيهبط، هو أما يصعد أو يهبط لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَتَقَدَّمَ أَوْ يَتَأَخَّرَ.

فأول شيء يجب أن يدرك الإنسان من الإله الذي من المفترض أن يعبده، ومقدار عظمة وقدر من يعبد، وأنه شرف عظيم جداً لا يعلى عليه شرف، أن ينسب العبد إلى ربه، ماذا تفعل كي تستحق أن تنسب إلى الله؟ ماذا نفعل نحن لكي نستحق أن يكون اسمناً وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ ؟، حسناً، والإنسان إذا نسب إلى الله هل هناك شيء أعلى قدراً من هذا؟ هل هناك لقب أرقى من ذلك اللقب؟، نعم نحن لدينا ألقاب كثيرة أرقى منه من وجهة نظرنا، ولذلك النبي صلى الله عليه وسلم يقول: أحب الأسماء إلى الله عبد الله وعبد الرحمن، لا يوجد شيء أفضل وأرقى وأعظم أن تنادى بها من أن تنسب إلى الله، أحب الأسماء إلى الله، عبد الله وعبد الرحمن، عبد الله، الله أي الإله المعبود المعظم، والرحمن؟ صاحب الكرم والبر والإحسان والرحمة، ذكر اسمين، اسم الألوهية والتوجه وهذا ما يتوجه به العبد إلى الله، واسم الرحمة الاسم الدال على كيف يعامل الله عباده، إنما يعامل الله عباده برحمته، ” لما خلق الله الخلق كتب كتاباً فهو عنده فوق العرش، أن رحمتي تسبق غضبي ” ، الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا الرحمة أولاً، ورحمة مبنية على علم وليست مبنية على جهل عياذاً بالله، يرحم وهو يعلم حقيقة من يرحم، ويعلم أننا لا نستحق الرحمة في الحقيقة لكنه هو الرحمن الرحيم، وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا، اللهم لك الحمد على حلمك بعد علمك ولك الحمد على عفوك بعد قدرتك، حلم عن علم، رحمة عن علم، وهذه عظمة الرحمة، أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ نحن مقدمين على زمان اسمه زمان الخدمة، وهذه هي وظيفة رمضان، زمان الخدمة، زمان مصنوع وموضوع للتقرب، موضوع للتحبب، هذه وظيفته، نحن نريد أن نستثمره، في ماذا؟ في أن ندخل نفسنا في دائرة الانتساب، أن نكون عباداً لله، عباداً لله، حسناً هذا اللقب هل ستعطيه لنفسك أم سيعطيه ربنا لك؟ لن تعطيه لنفسك، ولكن ماذا سنفعل كي ينظر ربنا لنا نظر الرحمة فيرانا أهل بأن يدخلنا في زمرة العباد، يخرجنا من عبادة الهوى، والمال والدنيا والشهوة والمظاهر والسلطة والشيطان، ويكون اسمنا الجديد وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ هذا هو الموضوع، وهي فرصة، نسأل ربنا سبحانه وتعالى أن يوفقنا في أن نغتنم الفرصة.

فنحن ماذا نحتاج؟ نحتاج أن نعرف من نعبد، ونحتاج أنه إذا منّ علينا الله وعرفناه أن لا نبخل على أنفسنا بالخير، لأنني إذا عرفت ثم بعد ذلك اخترت عكس ما عرفته، لا يوجد أكثر من ذلك كراهية من الإنسان على نفسه، والإنسان بطبيعته يحب نفسه ويحب لها الخير والمتعة واللذة والسعادة، حسناً، وإذا عرف طريق ربنا وتنكبه؟ إذا أدرك عظمة ربنا وقرر أن يسجد لشيء آخر، بماذا تسمي هذا الفعل؟ ماذا تصفه؟ تَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُو نَخْشَى أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ فَعَسَى اللهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ فَيُصْبِحُوا عَلَى مَا أَسَرُّوا فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ فَعَسَى اللهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ فَيُصْبِحُوا عَلَى مَا أَسَرُّوا فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ.

اللّهُمَّ، إِنًّا نعُوذُ بِكَ مِنْ زَوَالِ نِعْمَتِكً، وَتَحَوُّلِ عَافِيَتَكَ، وَفُجَاءَةِ نَقْمَتِكَ، وَجَمِيعِ سَخَطِكَ يا رب العالمين.

اللهم إنا نعوذ بك من جهد البلاء ودرك الشقاء وسوء القضاء وشماتة الأعداء وعضال الداء وخيبة الرجاء.

اللهُمَّ اقْسِمْ لَنَا مِنْ خَشْيَتِكَ مَا تَحُولُ بِهِ بَيْنَنَا وَبَيْنَ مَعَاصِيكَ، وَمِنْ طَاعَتِكَ مَا تُبَلِّغُنَا بِهِ جَنَّتَكَ، وَمِنَ الْيَقِينِ مَا تُهَوِّنُ بِهِ عَلَيْنَا مَصَائِبَ الدُّنْيَا، اللهُمَّ مَتِّعْنَا بِأَسْمَاعِنَا، وَأَبْصَارِنَا، وَقُوَّاتِنَا مَا أَحْيَيْتَنَا، وَاجْعَلْهُ الْوَارِثَ مِنَّا، وَاجْعَلْ ثَأْرَنَا عَلَى مَنْ ظَلَمَنَا، وَانْصُرْنَا عَلَى مَنْ عَادَانَا، وَلَا تَجْعَلْ مُصِيبَتَنَا فِي دِينِنَا، وَلَا تَجْعَلِ الدُّنْيَا أَكْبَرَ هَمِّنَا، وَلَا مَبْلَغَ عِلْمِنَا، وَلَا تُسَلِّطْ عَلَيْنَا مَنْ لَا يَرْحَمُنَا.

أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم.