يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ وَاخْشَوْا يَوْمًا لَا يَجْزِي وَالِدٌ عَنْ وَلَدِهِ وَلَا مَوْلُودٌ هُوَ جَازٍ عَنْ وَالِدِهِ شَيْئًا إِنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللهِ الْغَرُورُ إِنَّ اللهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ
يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ وَاخْشَوْا يَوْمًا لَا يَجْزِي وَالِدٌ عَنْ وَلَدِهِ وَلَا مَوْلُودٌ هُوَ جَازٍ عَنْ وَالِدِهِ شَيْئًا إِنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللهِ الْغَرُورُ إِنَّ اللهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ
كلام ثقيل يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا
حينما يأتي الوصف أو التوصيف تنظر أولا ممن يأتي هذا التوصيف أو التقييم، أي من الممكن أن تتكلم مع شخص ما فيقول لك على موضوع ما أو فيلم ما أنه خطير ومميز، فهذا الوصف يكون على قدر عقل الشخص ونظره ورؤيته هو، فإذا كان قليل العقل وذو نظر محدود فلا يكون رأيه ذو بال أو أهمية، أما عندما يصف الله سبحانه وتعالى كلماته ويقول إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا فلا يمكن أن يكون هذا الكلام كلام خفيف أو بسيط. فيأمر نبيه صلى الله عليه وسلم أن يصلي لكي يستطيع تحمل تبعات الكلمات إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا ولذلك العجب كل العجب، العجب كل العجب،ممن يطلب دليلا على إلاهية القرآن.
هل يعقل أن يشتبه صنع الله سبحانه وتعالى بصنع المخلوق؟ يعقل أنه عندما تتأمل في خلق وصنع الله أن تقارنه أو تشابهه بأي شيء صنعه إنسان؟
أَمْ جَعَلُوا للهِ شُرَكَاءَ خَلَقُوا كَخَلْقِهِ فَتَشَابَهَ الْخَلْقُ عَلَيْهِمْ قُلِ اللهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ
إذا، إذا كان صنع الله سبحانه وتعالى لا يشتبه بصنع المخلوق وخلق الله لا يشتبه بكلام المخلوق، فكيف يلتبس عليك كلام الله سبحانه وتعالى بكلام البشر فتتشكك فيه عندما تسمعه أنه من عند الله سبحانه وتعالى؟
ذلك الكتاب لا ريب فيه لا يوجد أدنى درجة من الشك عندما تسمع هذا الكلام أنه كلام الله دون أي شيء آخر، يكفي فقط سماعه لكي تتأكد أنه لا يمكن أن يكون هذا الكلام من عند أحد غير الله، ولذلك الوليد بن المغيرة حينما اخترقته كلمات القرآن وهو على أشد ما يكون من العناد والمكابرة والشرك والجحود، فلا يستطع أن يقاوم سلطان القرآن، قال: إن له لحلاوة وإن عليه لطلاوة وإن أعلاه لمثمر وإن أسفله لمغدق وإنه ليعلو ولا يعلى وإنه ليحطم ما تحته وما يقول هذا بشر.
1 – ” إنه ليعلو ولا يعلى ” قال إن هذا الكلام أعلى من أي كلام آخر ولا يمكن أن يرقى أي كلام آخر لمستواه
2 – ” وإنه ليحطم ما تحته ” عندما تسمعه لا يمكن أن تستمع لكلام أي شخص آخر ولا تستطيع أن تضع بجانبه أي كلام آخر ” وإنه ليحطم ما تحته “
3 – ” وما يقول هذا إلا بشر ” أي ليس من إمكانيات البشر أن يأتوا بمثل هذا الكلام، لا يعقل ولا يقدر شخص أن يقول يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ وَاخْشَوْا يَوْمًا لَا يَجْزِي وَالِدٌ عَنْ وَلَدِهِ وَلَا مَوْلُودٌ هُوَ جَازٍ عَنْ وَالِدِهِ شَيْئًا إِنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللهِ الْغَرُورُ
يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ لم يستثني من الخطاب أحدا، الرب يخاطب عباده المقبل منهم والمدبر، الطائع منهم والعاصي، البر منهم والفاجر، المؤمن منهم والكافر، المقر منهم والجاحد، لم يترك أحدا يَا أَيُّهَا النَّاسُ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ الرب الذي خلق ووهب ورزق وأعطى ومنح وأحيا ودبر وصرف وأصلح وربى، يا أيها الناس عظموا ربكم واتخذو وقاية بينكم وبين سخطه يا أيها الناس اتقوا ربكم واخشوا يوما لا يجزي والد عن ولده ولا مولود هو جاز عن والده شيئا، لا ينجي العبد إلا ما قدّم، لا أحد سينفع أحد، حتى الناس التي هي أحرص الناس على النفع، الأب أعظم شيء حدباً وشفقةً ورحمة، والابن أعظم شيء تعظيماً وتوقيراً حفظاً للحق، لا أحد سيستطيع أن يصنع شيء لأحد، حتى ولو حرص.
بل قال سبحانه وتعالى ما هو أعظم وأشد خطراً من ذلك، قال فَإِذَا جَاءَتِ الصَّاخَّةُ الصوت العظيم الذي يصم الآذان، حينما يكون الصوت قوياً، يذهب سمعك، حينما تسمع جرس السيارة ” كلاكس ” قوي أو شخص يتحدث في أذنك، تقول له ” يا عم ستطرشني ” فَإِذَا جَاءَتِ الصَّاخَّةُ يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ الناس تخاف من التبعات، أنا لا أريد أن أرى أحداً قريب مني لئلا أنه من الممكن أن يتعلق في رقبتي، فأنا لا أضمن، فهؤلاء أصحاب حقوق، كلهم أصحاب حقوق، كل شخص له تبعة من الممكن أن يتعلق في رقبتي لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ
إِنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ، طيب، وعد ربنا سبحانه وتعالى حق؛ فما الذي يصرف الناس؟ عن أن يتقوا ربهم، وأن يعملوا ليوم لقاء ربهم، قال فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللهِ الْغَرُورُ الدنيا والشيطان، الدنيا والشيطان. طيب؛ غرور الدنيا؛ أن الإنسان ينشغل بها عن العمل للقاء الله، فالدنيا تغرني، تسحبني، وهذه الدنيا أشياء كثيرة، كل شخص له دنياه، كل شخص له دنياه، وله مجال تفكيره واهتماماته وأحلامه وطموحاته، من الممكن ألا يوجد شخص مثل شخص، بس كل شخص لديه دنياه، لذلك أحياناً تنظر بجوارك على دنيا شخص آخر فلا تفهمها، فأنت ترى أناس لديهم دنيا، فهؤلاء أنت تراهم، وترى أناس ليس لديهم دنيا، وهؤلاء أنت لا تفهمهم، ولكنهم يرون أن لديهم دنيا، كل شخص على مستواه يرى أن لديه دنيا، ولديه منافسات ولديه صراعات، نحن قلنا مرة زمان أو مرتين، أن شخص يعمل في ” أونكس ” ” شركة جمع قمامة ” يحدث شخص آخر يعمل في ” أونكس ” يقول: ألا ترى إلى فلان يزعم أنه زبالٌ ابن زبال، قد والله بغضوا إلينا هذا العمل. هو يقول له، فلان الفلاني هذا الذي لا يفهم شيئاً يقول أنه زبال أبّاً عن جد،، كيف هذا يعني؟؟
فأنت حينما تنظر إلى هذا الموضوع أنت ترى أنه ليس به شيئاً، ولكنه هو داخل المجال،، فهذا هو مجاله، فهذا مجال أيضاً، يوجد تنافس في المجال ويوجد مستويات، ويوجد تنازع في مستوى الخبرة، فيقول لك: أن هؤلاء الناس أكرهونا في هذا العمل، فلا نريد أن نعمل هذا العمل، لماذا؟ لأن هذا العمل دخل فيه من لا يستحقه ” الشغلانة لمت ” هكذا هو، كل شيء هكذا، كل شخص له دنياه، كل شخص له دنياه، وهي لا تفرّق، ولكن في النهاية كل شخص والمقياس الذي هو به، أو عقله، وهي لا تنتهي.
” لو أن لابن آدم وادٍ من ذهب ” أنت تصل إلى قدر فتقول: فلان خلّص، أو فلان هذا شبع،، هذا خطأ، ” لو أن لابن آدم وادٍ من ذهب ” هل يكفيه هذا؟ وادي، وادي: أي جبل وجبل وبينهم مساحة من الأرض، مليئة، ليست مغطى منها التربة فقط،، لا مليئة ذهب، أليس هذا يكفي الإنسان لمدة ألفين سنة للأمام، ألا يطمئنه يعني،، فهو ماذا يحتاج؟؟ ما هي احتياجات الإنسان؟ ” يقول ابن آدم: مالي مالي، وهل لك يا ابن آدم من مالك إلا ما أكلت فأفنيت أو لبست فأبليت أو تصدقت فأبقيت ” وما سوى ذلك فهو ذاهب وتاركه للناس، ففي النهاية هي هكذا، الذي أأكله والذي ألبسه، هذه هي الدنيا بالنسبة لي، لا يوجد أي شيء آخر، هذه هي حقيقة ما انتفع به من الدنيا، طيب؛ هذا الوادي من الذهب ألا يكفيني، ويكفي كل من أهتم بأمرهم – لن أقول لك من أعول – لا، كل الدائرة التي حولي الذي يعنيني شأنهم، ” لتمنى له ثانٍ ” ولو اثنان ” لتمنى لهما ثالث، ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب ويتوب الله على من تاب ” فكل شخص وله دنيا، وله أشياء تشغله، فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللهِ الْغَرُورُ فما الفرق بين الدنيا وبين الشيطان؟ الدنيا لا تفعل شيئاً، الدنيا نحن الذين نذهب إليها، الشيطان هو الذي يقوم بدور تجميل وتزيين الدنيا، فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُمْ ُ لم يقل ” الغرور ” وَلَا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللهِ الْغَرُورُ فلماذا قال ” لا يغرك بالله “؟ لأن هو الذي سيعطي كل التسهيلات والتسويفات وتبريرات التي نفعلها في الحياة التي تصد عن الله أو تبعد عن باب الله، أو تمنع الإنسان من الإنابة إلى الله، هذا الدور سيفعله الشيطان، الغرور الذي سيقوم بدور المخادعة والمخاتلة للإنسان؛ الشيطان ولذلك ربنا سبحانه وتعالى حذرنا من الشيطان، قال يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا اتَّقُوا رَبَّكُمْ وَاخْشَوْا يَوْمًا إِنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللهِ الْغَرُورُ إِنَّ اللهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ كل غوث وغياث إنما هو من الله، الأصل هنا الكلام عن المطر، هذا هو الحياة، هذا هو الذي يغيث به ربنا سبحانه وتعالى الناس، وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِنْ بَعْدِ مَا قَنَطُوا وَيَنْشُرُ رَحْمَتَهُ وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ قلنا قبل ذلك في خطبة منذ فترة، وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِنْ بَعْدِ مَا قَنَطُوا بعد أن يصيب الناس اليأس، وَيَنْشُرُ رَحْمَتَهُ وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ لكن المعنى العام للغيث، كل ما يغيث الناس من كل كرب ومن كل بلاء ومن كل شدة، وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم
الحمد لله رب العالمين
العلم كله لله تبارك وتعالى وأما الناس فلا علم لهم بأخص ما يشغلهم وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ وهذه من أعظم رحمات ربنا سبحانه وتعالى، غداً غيبٌ محجوب لا أحد يعلم عنه شيئاً، ولذلك من أنكر المنكرات ادّعاء علم الغيب أو الدخول في هذه الدائرة، أو إيهام الناس أن هناك شخص، يوجد شخص يعرف ماذا سيحدث غداً.
فحينما يكون الغيب بيد الله سبحانه وتعالى ماذا من المفترض أن يحدث؟ هذه من أعظم نعم ربنا علينا، حينما يكون، حينما يكون الغيب بيد الله؛ الإنسان يتعلق بالله، حينما يكون غداً ليس في يد أحد وفي يد ربنا سبحانه وتعالى وأنت لا تدري غداً ماذا سيحدث، وتدبير أمرك بيد الله سبحانه وتعالى وتوفير قوتك ورزقك على ربنا سبحانه وتعالى فيكون ضرورةً قلبي لابد أن يتعلق بربنا، فمن رحمة ربنا أنه هيّأ أمورنا على أننا نندفع باتّجاه الإيمان غصب عنّا، لكننا نعاند ” ونغلس ” ربنا سبحانه وتعالى جعل تصميم الإنسان أن يكون متوجه لله، يَاأَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللهِ لكي يكون الموضوع هكذا، ربنا جعلها فطرة، وجعل ضرورات الحياة تدفعك تجاه ربنا غصب عنك، ولكننا ” نغلس ” وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَتَوَكَّلْ عَلَى الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لَا يَمُوتُ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ أنت تجلس في مكان هاهنا، فالطبيعي أن الإنسان تأتيه منيته في المكان الذي يستقر بها ومع ذلك هو لا يدري، فما بالك بالزمان،، وهو لم يذكر الزمن، فالزمن هذا شيء معروف أنه لا أحد يعلم متى سيموت،، كذلك لا يعرف أين سيموت.
طيب، حينما يكون هذا أيضاً غيب محجوب، فالإنسان يحاول أنّ منيّته تأتيه بصورة تجعله مقبول عند ربنا، بصورة لا تسخط ربنا عليه، فربنا سبحانه وتعالى جعل هذا غيب محجوب لكي تكون في دنيتك مرتبط بالله، وحريص على آخرتك لكي ترجع إلى ربنا بصورة تنجيك وترضي ربنا عنك، يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ربنا يقول لك لا تموت إلا وأنت مسلم، وأنت لا تعلم متى ستموت، أي استمسك بالإسلام، استمسك به في كل لحظة، لأجل حينما تأتي المنية التي لا نعرف متى ستأتي؟ تأتي الإنسان وهو على الإسلام، وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ هاتان آيتان، هاتان آيتان، إن لم أسمع غير هاتين الآيتين، أو لم أقرأ إلا هاتين الآيتين، أو لا أحفظ من كلام ربنا إلا هاتين الآيتين، هل ستحتاج شيء آخر، ذرونا نتفكّر فيهما ثواني.
يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ وَاخْشَوْا يَوْمًا لَا يَجْزِي وَالِدٌ عَنْ وَلَدِهِ وَلَا مَوْلُودٌ هُوَ جَازٍ عَنْ وَالِدِهِ شَيْئًا إِنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللهِ الْغَرُورُ إِنَّ اللهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ فأين المشكلة؟
سليمان بن عبد الملك الخليفة خرج للحج، ثم أتى إلى المدينة؛ فطلب من الزهري إمام المحدثين من التابعين أن يأتي إليه بشخص من العلماء لكي ينصحه، فلماذا ينصحه؟ لأن أي إنسان محتاج إلى التذكير، فما الفرق بين شخص وشخص،، أنه يوجد إنسان مدرك أنه محتاج إلى هذا فيبحث عنه، ويوجد إنسان لا يدرك هذا فيعرض عنه، فهل يوجد إنسان يستغني عن التذكير والنصيحة؟ لأن الإنسان حتى لو كان في لحظة ما أو في وقت معيّن هو صالح، لكنه قطعاً يغفل وقطعاً ينسى وقطعاً الدنيا تجذبه مثل أي شخص، وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ لابد أن الإنسان دائماً يتذكر، وقلنا كثيراً أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أن الإيمان يخلق ويبلى ويبهت ويضعف ويحتاج إلى تجديد دائم، ووجهنا وأوصانا أن نسأل ربنا سبحانه وتعالى قال: فاسألوا الله أن يجدد الإيمان في قلوبكم، نحن نحتاج هذا طول الوقت.
فتداول معه ونصحه نصيحة طويلة نأخذ منها جملة، جملة فقط، نحن نحتاج إلى جملة فقط، هو يقول له: يا أبا حازم مالنا نكره الموت؟، لماذا نحن نتشبث بالدنيا بشدة؟ قال: لأنكم أخربتم الآخرة وعمرتم الدنيا فكرهتم – وهذا هو المنطقي الطبيعي – أن تنتقلوا إلى الخراب من العمران، هو يقول له لماذا نحن متعلقون ومتشبثون بالدنيا؟ فيقول لأنك استثمرت كل شيء هنا، وترك الأخرى تخرب، وليس هناك إنسان عاقل سينتقل من المنطقة التي عمرها إلى الخراب، بالطبع لا، حسناً، ماذا يريد أن يقول له؟ يريد أن يقول له يجب عليك أن تعمر هناك إذا آمنت أن وعد الله حق، فحين تعمر هناك فلن يكون هناك أزمة أن تذهب إلى مكان ترى أن حياتك فيه ستصلح، أو ستسعد فيه بفضل الله سبحانه وتعالى ولن تشقى، كلنا نؤمن أن هناك آخرة، ولكنه لكي يكون إيماناً حقيقياً يجب أن يظهر أثره في العمل، لا يصح أن أؤمن بشيء وبرنامج حياتي كله عكسه، ما مقدار استثمارك هنا؟ وما مقدار استثمارك هناك؟، لو كان هناك شخص يجري إجراءات سفره إلى استراليا أو كندا ويستحث نفسه أن يبحث على شقة بنظام التمليك تطل على البحر !، هل هاذان الأمران يسيران معاً؟ أنا سأترك المكان وسأغادر، أنا سأهاجر، فالطبيعي أن هذا لن يكون ممكنا، بل سأحاول أن أبيع سيارتي ولن اشتري سيارة جديدة فارهة، لن أفعل هذا، ولن أبحث على شقة جديدة إذا كنت فعلياً نويت أن أهاجر، هذا ليس من المنطق، والعملات التي أملكها سأحولها إلى فرانكلينات لأنني سأغادر، حسناً، إن فعلت عكس هذا الأمر وكنت عازماً أن أهاجر فسيكون هناك شيء خاطئ ” فيه حاجة مش مظبوطة، يا إما فيه خلل فكري عند الشخص، يا إما هو مش مسافر ولا حاجة، دا حتى لو هو مستقر وبيعمل الجو دا عشان يبقى معاه بس حاجة كده لما يحتاج يطير يطير برضة مش هيعمل الجو دا ” ، فهذه القصة هي نفس الفكرة التي نتكلم عنها ” فيه هنا وفيه هناك، قد إيه هنا وقد إيه هناك؟ السؤال كدا ” ، فهو يقول له لماذا أتعلق بهذه الحياة وأخشى الحياة الأخري؟ فهذه نتيجة طبيعية لما يفعله، حسناً، لماذا نسي الحياة الآخرة؟ لماذا نسي الحياة الآخرة؟ يقول ربنا سبحانه وتعالى الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ لماذا لم يقل يؤمنون؟ هل الإيمان مثلاً شيء بسيط أو قليل؟! هل الإيمان كلمة ضعيفة لا تعبر عن المعنى المراد؟ فلماذا حين ذكر ربنا الآخرة ذكر اليقين؟ لأنه لا يصلح فيها إلا اليقين لأننا نعيش في عالم الشهادة، في عالم الدنيا، مؤمنين بالدنيا لأننا نعيش فيها، حسناً، لكي يكون عندنا إحساس بالآخرة يجب أن يكون عندنا يقين بالآخرة، نراها، ” نكون عند رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكرنا بالجنة والنار فكأنا رأي عين ” ” فكأنا رأي عين ” ” ما هو يا فيه يا مفيش ” ، إِنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ مشكلتنا أن حياتنا كلها بها قدر كبير جداً من التميع، ليس هناك شيء واضح، المفترض أن الذي يؤمن بشيء يتماشى سلوكه معه، الذي يؤمن بشيء من المفترض أن سلوكه يتماشى معه، فأنا أؤمن بشيء يجب أن ترى أنت آثار هذا الكلام في حياتي، وإذا آمنت بشيء آخر سترى أثر هذا الكلام في حياتي، ولكن أؤمن بشيء وأتصرف بشيء آخر عكسه !، ” عندي يقين من دا بس أنا بمشي الناحية التانية ! ” ، ولذلك قلنا أن أبا ذر حين دخل رجل عليه بيته فوجده خالياً من المتاع، فقال له: أين متاعك؟ قال إن لنا داراً أخرى ننقل إليها صالح متاعنا، هذه هي الصورة المقابلة، هذه الصورة المقابلة، أخربتم الآخرة وعمرتم الدنيا، هذه هي الصورة المقابلة، ” بيقوله احنا واخدين فيلا في ألكس ويست والعفش بتعنا كله وديناه هناك ” فقال له: حسناً ولكنك مازلت مقيم هنا، ” إنك تحتاج إلى متاع ما دمت هاهنا ” ، أنت مازلت هنا ولم تذهب بعد إلى هناك، قال: إن صاحب الدار لا يتركنا هاهنا، ” دي شقة إيجار جديدة وأصلاً العقد خلاص هيخلص وصاحب البيت هياخده فعشان لما ننقل منحتجش بقى ننقل عفش تاني، نطلع كده نركب أوبر ونتوكل على الله.. على فكرة هو مش بيهرج هو بيفكر تفكير اليقين ” ، حسناً، والرجل الذي يكلمه؟ هو لا يفهم شيئاً، الرجل الذي يكلمه لا يفهم شيئاً، ظن فعلاً أن عنده منزل ينقل إليه متاعه، هو لا يتخيل أنه يتكلم عن الآخرة، هو لم يذكر له الآخرة، ” خلي بالك ” أبو ذر لم يذكر له الآخرة، لماذا لم يذكر له الآخرة؟، لماذا لم يذكر له الآخرة؟ لأن هناك تبايناً كبيراً في التفكير، فأنت إذا كلمته عن الآخرة سيقول لك أنك مجنون، سيقول لك أنك مجنون، سيقول لك ” الدين مقالش كده يا عم وأنت عندك قدر من الغلو والتنطع وربنا قال أعمل لدنياك..، وهيخش في قصص بقى أنا عندي شقة تانية وبعزّل يا عم، ليه؟ عشان نخلص، عشان نخلص، فيه كلام مش هيبقى ليه لازمة ” إن لم تكن هناك أرضية مشتركة بينك وبين الذي تكلمه لا تكلمه لأنه لن يفهم، لن يفهم ماذا تقول له، لن يفهم، يجب أن تكلم من يستوعب الكلام الذي تقوله، الذي يدرك أن هذا الكلام حقيقة، الذي يحاول حقيقةً أن يعيشه، الذي حقيقةً يؤمن به، الذي يريد حقيقةً أن يعيش به في حياته، والذي لا يفعل ذلك؟ ماذا تقول له؟!!، لن يفهم الكلام الذي تقوله، إِنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللهِ الْغَرُورُ.
اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه.
اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه.
اللهم خذ بأيدينا إليك أخذ الكرام عليك لا تفضحنا بين خلقك ولا بين يديك، لا تفضحنا بين خلقك ولا بين يديك.
اللهم إنّا نسألك فعل الخيرات وترك المنكرات وحب المساكين، وأن تغفر لنا وترحمنا وتتوب علينا وإذا أردت بقوم فتنة فاقبضنا إليك غير مفتونين.
اللهم إنا نسألك حبك وحب من يحبك، وحب كل عملٍ يقربنا إلى حبك، وحب كل عملٍ يقربنا إلى حبك.
اللهم اقسم لنا من خشيتك ما تحول به بيننا وبين معصيتك، ومن طاعتك ما تبلغنا به جنتك، ومن اليقين ما تهون به علينا مصائب الدنيا، متعنا اللهم بأسماعنا، وأبصارنا، وقوتنا، أبداً ما أحييتنا، واجعله الوارث منا واجعل ثأرنا على من ظلمنا، وانصرنا على من عادانا، ولا تجعل مصيبتنا في ديننا، ولا تجعل مصيبتنا في ديننا، ولا تجعل الدنيا أكبر همنا، ولا مبلغ علمنا، ولا تسلط علينا بذنوبنا من لا يخافك ولا يرحمنا، ولا تجعل إلى النار مصيرنا، ولا تجعل إلى النار مصيرنا، واجعل اللهم الجنة هي دارنا.
أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم.