إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، إنه من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك لهن وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا الله حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا الله الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ الله كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا الله وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ الله وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ثم أما بعد:
يعود فيعيد، إنما سُمي العيد عيداً لأنه يعود في مواقيت مقدّرة ومواعيد محددة لكي يحدث حدثاً ويعيد أمراً.
العيد ما وظيفته؟ ولماذا يأتي؟ ربنا سبحانه وتعالى جعل دورات على دوائر مختلفة من القرب والبعد لكي تعيد للإنسان مشاعر وأحاسيس ومعاني معيّنة هو محتاج لها، فالإنسان المعاني والأحاسيس الذي يشعر بها بالطبيعة مثلما قلنا قبل ذلك كثيراً ستضمر وتضعف وتستهلك، يقول صلى الله عليه وسلم ” الصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان مكفّرات لما بينهنّ إذا اجتنبت الكبائر “
إذاً نحن لدينا أول شيء أن هناك دورة يومية؛ خمس صلوات ربنا سبحانه وتعالى قدّرهم في مواقيت محددة بدقّة في اليوم فما وظيفتهم؟ ” أرأيتم لو أن نهراً بباب أحدكم يغتسل منه في اليوم خمس مرات هل يبقى من درنه شيء؟ قالوا: لا يا رسول الله، قل: كذلك الصلوات الخمس، يمحو الله بهنّ الخطايا والذنوب ” إذاً بماذا مثّل النبي صلى الله عليه وسلم هذا؟ بعملية إعادة وتطهير لقلب الإنسان، الصلاة تفعل ذلك، ولذلك إذا فقدت قيمتها تفقد حقيقتها، قال الله تبارك وتعالى مبيّناً وظيفة العبادة قال اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لماذا؟ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ الله أَكْبَرُ إذاً ما وظيفة الصلاة؟ ستبعد الإنسان وتجعله ينأى عن الفحشاء وعن المنكر وتجعل قلبه ذاكراً لله تبارك وتعالى، وما في الصلاة من ذكر الله وتعظيمه كمقصد وغاية أعظم مما في الصلاة من النهي عن الفحشاء والمنكر، فهذا مقصد أساس ومقصد تابع، مقصد أساس ومقصد تابع،، المقصد الأساس أن تقيم وتعلي وتعظم ذكر الله تبارك وتعالى وتعظيمه في قلب العبد وبالتالي هذا يجعل الإنسان ينأى عن أن يقع فيما لا يرضي ربنا سبحانه وتعالى الذي يجلّه ويعظّمه وقلبه دائم الذكر له، ولذلك نحن محتاجين أن نعرف الصلاة لكي تكون كذلك كيف تؤدّى، ما صفة الصلاة التي تحقق هذا، فنحن للأسف حينما نذكر صفة الصلاة النبوية ما الذي يقع في أذهاننا؟ مجرّد الصورة الشكلية، لا ينصبّ فكرنا إلا على الأداء، وصورة الأداء للأفعال، كيف ستكون حركة الجسم،،، أما الروح؟ ما الكلمات التي سنقولها ” هذا ما نفكر فيه ” فما المضامين التي بداخلها؟
إذاً الصلاة كشيء يكرر في اليوم مقصودها تطهير الإنسان، وبعد ذلك سيحتاج لتدعيم أسبوعي، على مستوى أعلى قليلاً من ضخّ الإيمان، وهذه من المفترض وظيفة الجمعة، ولذلك هي إن لم تؤدي هذه الوظيفة فهي لا تفعل شيئاً، هذه صورة من صور التدعيم الأسبوعي للعمل اليومي المتكرر خمس مرات، وبعد ذلك حوليّاً يوجد شيء أعظم على مساحة أكبر – شهر كامل في السنة – لماذا؟ لكي يصنع مزيد من التدعييم ومزيد من التطهير والغسل للذنوب والمحو للخطيئات، فلماذا يعود العيد؟
يعود لأجل التكبير، يعود لكي يجدد التكبير، فربنا سبحانه وتعالى يتكلم عن الصيام قال يُرِيدُ الله بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ الأيام التي أمرنا بصيامها، وبعد ذلك وَلِتُكَبِّرُوا الله عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ بعدما تكمل العدة ستكبّر الله سبحانه وتعالى ولذلك ما شعار الصلاة؟ ” الله أكبر ” وليس شيئاً آخر، ليست كلمة أخرى، شعار الصلاة الذي تنشئ به الصلاة وتتحرك به من حركة لحركة داخل الصلاة، إنما كان التكبير، وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِنْ شَعَائِرِ الله لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ فَاذْكُرُوا اسْمَ الله عَلَيْهَا صَوَافَّ فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ لَنْ يَنَالَ الله لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ كَذَلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ لِتُكَبِّرُوا الله عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَبَشِّرِ الْمُحْسِنِينَ فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا الله كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا فَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ أُولَئِكَ لَهُمْ نَصِيبٌ مِمَّا كَسَبُوا وَالله سَرِيعُ الْحِسَابِ
إذاً ما الحكمة التي نتلمّسها من هذه التقديرات الإلهية؟ أن الإنسان محتاج إلى إعادة ضخ وشحن وإعادة تطهير وغسل وتنقية بشكل متتابع مثلما قلنا في دورات ودوائر منها القريب ومنها الأبعد قليلاً والأبعد قليلاً والأوسع قليلاً بحسب حكمته تبارك وتعالى، وكل شيء مقصود يأتي في الميعاد الذي يقدّره ربنا لكي تؤدي وظيفتها إذا أدركناها، فالعيد عاد لكي يعيد، فإن لم يعد، فكأنه لم يأتي.
إذاً الإعادة والمتابعة والتكرار ما وظيفتها؟ أن تجدد المعاني الإيمانية وتعيد بناء الروح وتملأ الوجدان بالمشاعر التي تخبو تنضب مع الوقت، لابد أن تتجدد، كذلك في الخطاب الإلهي للإنسان، القرآن، القرآن مبني في المعاني الأساسية على التكرار أيضاً فهو يعيد.
فماذا يعيد، فنحن عندنا كمنظور علمي، أنت تحتاج إلى ذكر المعلومة مرة لكي تعرفها، والمرجع موجود إذا أحببت أن تسترجعها، لكن المرجع نفسه لماذا يعيد المعلومة مرات كثيرة؟ فهي موجودة؟ فنحن نتكلم عن الخلق وعظمة الخلق الإلهي وارتباط المخلوق بالخالق، وقيمة معنى الخالقية، كم مرة في القرآن؟ كثيرة جداً، فلماذا كثيرة جداً؟،، ذكر لقاء ربنا سبحانه وتعالى، ذكر يوم القيامة، ذكر الجنة وذكر النار يتكرر كثيراً فلماذا؟ فمن الممكن أن يذكر ويحال إليه، فلماذا يتكرر، ذكر آلاء ربنا سبحانه وتعالى ونعمائه التي تغمر الإنسان، إذا يوجد مقاصد أساسية ومعاني إيمانية لابد أن تكون مستقرّة عندنا لأجل ذلك لابد أن يكررها علينا ربنا سبحانه وتعالى كثيراً،لأنها ليس مطلوب فقط أنها تستقر بل أن تستيقظ، هي تنام فلابد أن تصحو، وتغيب فلابد أن تعود،، مثلما تعود الصلاة وتعود الجمعة ويعود رمضان ويعود العيد، كذلك المعاني القرآنية تعود لكي تعيد، لكي تعيد ماذا؟ لكي تعيد معاني إيمانية وأحاسيس، ولذلك نحن ذكرنا في الجمعة الماضية وأشرنا في الجمعة التي قبلها إلى أن ربنا سبحانه وتعالى ذكر مراراً في القرآن بأنه في الحقيقة يخاطب أناس مؤمنين بالخالق، فهم ليسوا جاحدين لهذا، المخاطبين ليسوا ملحدين، وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَيَقُولُنَّ الله وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ خَلَقَهُنَّ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ الله فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ هذا موجود في القرآن في أربع مواضع.
إذاً ربنا يقول أن الناس الذين يخاطبهم الله هم مؤمنين بهذا، فما المطلوب؟ إذاً ليس هذا هو المطلوب، هم مقرون بهذه الحقيقة نظريّاً، فالمعلومة عندنا موجودة لا نكذّب بها، لكن الإحساس عندنا هو المفقود، هذا ما يريد ربنا سبحانه وتعالى أن ينشأه في قلب الإنسان، فأنا إحساسي بهذه المعاني إلى أي مدى، إلى أي مدى قلبي ينبض بها؟ إلى أي مدى تعطي آثارها الوجدانية عندي؟
أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ الله مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً هذه كلمة الإيمان ” لا إله إلا الله ” كلمة،، بماذا يصفها ربنا، أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ الله مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ شيء عميق جداً في الأرض في الجذور، وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ وبعد ذلك تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا إذاً هذه الكلمة الإيمانية هل هي مجرّد كلمة؟ لا، هذه أمر عميق الجذور في قلب الإنسان وأثرها يظهر بأنها قامة سامقة إلى السماء وثمراتها من الكلام الطيب والأعمال الصالحة الزكية يتتابع طوال الوقت، مثل النخلة التي تؤتي أكلها كل حين،، إذاً كلمة الإيمان ليست مجرّد كلمة، ولذلك ربنا سبحانه وتعالى عندما وصف الكلمة المقابلة، التي هي كلمة الشرك – والعياذ بالله – قال كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الْأَرْضِ مَا لَهَا مِنْ قَرَارٍ فلا هي لها استقرار وليس لها أثر طيب في الحياة، لا عمل زاكي ولا كلام طيّب، مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ هما أمران، الأشياء التي تصعد للسماء والتي يتقبّلها ربها أمران، كلمات طيّبة وأعمال صلحة، فلأجل هذا عندما تصعد الروح التي كانت مصدر الكلم الطيب والعمل الصالح تفتح لها أبواب السماء، أما الروح التي كانت مصدر الكلام الخبيث والعمل الطالح لَا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَلَا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ ولذلك الروح الطيّبة ترفع وتشيّعها الملائكة، أما الخبيثة – عياذاً بالله – تطرح إلى الأرض.
فهذه التي صعدت، لماذا صعدت؟ لماذا فتحت لها أبواب السماء؟ لأنها قدّمت قبل ذلك مقدمات تعريفيّة زاكية جعلت طريقها ممهّد أما الأخرى لا، فقط، هذا هو الفرق، هذا هو الفرق بين هذه وهذه، ولذلك قلنا قبل ذلك كذا مرة، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ” إن مما تذكرون من إجلال الله تعالى التسبيح والتحميد والتهليل والتكبير ” ” إن مما تذكرون من إجلال الله ” فلماذا نقول هذا الكلام؟ لكي نجلّ بها ونعظم ربنا تبارك وتعالى ” سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر ” هؤلاء أين يذهبون؟ النبي صلى الله عليه وسلم يقول ” ينعطفن حول العرش ” يطفن، يصعدوا إلى فوق السماء، ” ينعطفن حول العرش، لهنّ دويٌّ كدويّ النحل يذكّر بصاحبهنّ، أولا يحب أحدكم أن يكون له عند الله تبارك وتعالى ما يذكّر به، إذاً هذه الكلمات أين تذهب؟ تصعد للسماء، تطوف حول عرش ربنا سبحانه وتعالى فتذكّر بصاحب هذه الكلمات الطيّبة، إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ فعندما تصعد الروح مصدر الكلم الطيّب، وهي ليست مصدر بنفسها، لكن برحمة ربنا وبتيسير ربنا وبهداية الله وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ الله وَلَوْلَا فَضْلُ الله عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَى مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَدًا وَلَكِنَّ الله يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ فَلَا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى ولكن قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا إذاً الإنسان يوجّه نفسه، ويستعين بالله ويأخذ بالأسباب وربنا سبحانه وتعالى هو الذي يحمله، وهو الذي يرفعه، فلا حول ولا قوة إلا بالله، فلن يتحول الشخص من الوضع الذي لا يعجبه، ولا يقوى على الوضع الذي يحبه إلا بأن يأتيه المدد من الله فيحمله، يأتيه المدد من الله فيحمله ويرفعه، إذا لماذا نحن محتاجين لهذه المعاني دائماً؟ وهذه من حكمة ربنا، فنحن على المنهجية العلمية المعاصرة يصبح القرآن كتاب عجيب لأنه لم يقسّم تقاسيم وأبواب ومسائل وكتب وفروع مثلما تعوّدنا،، هذه التقاسيم التي وضعناها هل هي الأرقى علميّاً أم القرآن؟ ولذلك الإنسان لا يستطيع أن يدرك حكمة عظمة الكلام الإلهي المنزّل، فهذا هو الشيء المناسب للإنسان، هو يجدد ويحيي أشياء بداخله، وقلنا قبل ذلك كثيراً أن النبي صلى الله عليه وسلم يقول أن ” الإيمان يخلق ” قلنا أن الإيمان يخلق، فما معنى يخلق؟ قلناها مرات كثيرة، فلماذا قلناها مرات كثيرة؟ على نفس المنهجية، فالقرآن يعلّمنا هذا، القرآن يعلّمنا ذلك، أن الإنسان من المفترض يكرر على نفسه الأشياء المهمّة جدّاً كثيراً جداً لأنك محتاج إلى تدعيم ومحتاج إلى تثبيت ومحتاج لى تقوية ومحتاج إلى تجديد، فنحن كل ركعة نقول اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ لأننا على أصل الهداية ولسنا على تفاصيل الهداية، على سطح الهداية ولسنا على عمق الهداية، ومحتاجين كل يوم تثبيت على الهداية، ومحتاجين كل يوم زيادة في الهداية، ولذلك نحن في كل ركعة، ليس كل يوم،، كل ركعة نكرر نفس الجملة، لماذا؟ لأننا لسنا محتاجين شيء أكثر من هذه الكلمة، فالإيمان يخلق في جوف الإنسان، ويبلى بماذا؟ بالاستعمال كما يخلق الثوب – الملابس – تستعمل فتستهلك، فالإيمان أيضاً يستعمل فيستهلك، فلابد أن يجدد، ” فاسألوا الله أن يجدد الإيمان في قلوبكم ” ولذلك ربنا سبحانه وتعالى علّمنا هذا، يكرر علينا المعاني، كرر قصة سيدنا موسى وقصّة سيدنا إبراهيم أو قصة سيدنا لوط، أو قصة سيدنا نوح، كررت في مواضع كثيرة، لماذا؟ هذا تكرار تكميلي وتتميمي وتكرار تثبيتي، وَكُلًّا نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ لا يبني به فكره، لا هو يقوّي ويثبّت به قلبه، فهو محتاج دائماً يعيد هذا الكلام، ولذلك ربنا سبحانه وتعالى ذكر قصة سيدنا موسى في سورة القصص وذكر خروجه من أرض مصر وعوده إليها وبعد ذلك ختم السورة بـإِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرَادُّكَ إِلَى مَعَادٍ هو مهاجر، تارك مكة وذاهب مضطرّاً للخروج، فربنا يقول له وهو خارج ” كما ردّ موسى إلى أرضه فهو يردك إلى أرضك ” إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرَادُّكَ إِلَى مَعَادٍ فلماذا أتت هذه الآية هنا؟ جاءت بعد هذه القصة التي مهّدت لهذا.
أما الذي ليس هكذا، قال الله تبارك وتعالى وَعَلَى الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ وَمِنَ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ شُحُومَهُمَا إِلَّا مَا حَمَلَتْ ظُهُورُهُمَا أَوِ الْحَوَايَا أَوْ مَا اخْتَلَطَ بِعَظْمٍ ذَلِكَ جَزَيْنَاهُمْ بِبَغْيِهِمْ وَإِنَّا لَصَادِقُونَ فَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقُلْ رَبُّكُمْ ذُو رَحْمَةٍ وَاسِعَةٍ وَلَا يُرَدُّ بَأْسُهُ عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ وَعَلَى الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ وَمِنَ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ شُحُومَهُمَا إِلَّا مَا حَمَلَتْ ظُهُورُهُمَا أَوِ الْحَوَايَا أَوْ مَا اخْتَلَطَ بِعَظْمٍ وبعد ذلك، يريد سبحانه وتعالى أن يذكّر ويشير قال وَعَلَى الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا مَا قَصَصْنَا عَلَيْكَ مِنْ قَبْلُ ولم يعيده مرة أخرى، فلماذا لم يعيد هذا مرة أخرى، فهذا لا يقال هكذا، أن هناك أشياء لابد أن تقال كثيراً لأنها لابد أن تعاد، لأنه شحن إيماني، أما هذا فهذا هو الجزء المعرفي، فهو لا يحتاج أن يكرر، هذه معلومة لا تتكرر مرتان، المعلومة طالما هي معلومة فقط لا تتكرر مرتان، لكن المعنى الإيماني الذي يحيي القلب ويجدده يتكرر دائماً حَرَّمْنَا مَا قَصَصْنَا عَلَيْكَ مِنْ قَبْلُ وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ
إذاً عندنا معاني إيمانية، مقاصد عيمة إيمانية ربنا سبحانه وتعالى يكررها كثيراً لأننا محتاجين أن يكررها علينا كثيراً، فنحن ليس مطلوب منّا أن نعرف فنحن نعرف، ولكن المطلوب أن نؤمن ونتحلّى باليقين، وهناك أشياء هي معلوماتية معرفيّة فهذه لا تكرر، تذكر ويذكّر بها، ويحال إليها، فهي لا تكرر، ويوجد شيء ثالث: اسمها معرفة ابتنائية، فيوجد مقاصد أساسية، وعندنا معارف معلوماتية، ومعارف ابتنائية، فما معنى ابتنائية؟
اقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم
الحمد لله رب العالمين
يقول الله تبارك وتعالى وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلَا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ إلى متى؟ إلى أن يعودوا إلى كلام يمكنني أن أسمعه ويمكنني أن أتجاوب معه، فإذا لم أنتبه أو غفلت وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فمن رحمة ربنا أنه لا يؤاخذ الإنسان بما يجهله ولا بما ينساه، ولا بما يغفل عنه، لكن أول ما تتذكر فَلَا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ وبعد ذلك، بعد قليل وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ الله يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ إِنَّ الله جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا فهذا ابتناء، أصل أصّله ربنا سبحانه وتعالى وتوجيه ربنا وجّهه، وبعد ذلك حال إليه، وسنلاحظ أن الإحالة فيها قدر كبير من التشديد، لماذا؟ لأن الإنسان لا يكون فاهم أولاً، فالذي لا يفهم يكون في دائرة السعة والرحمة، لكن بعدما يفهم الإنسان ويعي، فإصراره على المخالفة فيه نوع من أنواع المعاندة، أو نوع من أنواع اللابمبالاة يحتاج إلى شيء من التشديد وشيء من التقريع وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ فهذا هو الابتناء شيء مبني على آخر أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ الله يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ فإذا فعلنا هذا ولم نبالي، فهذا الكلام نحن متقبلينه إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ ولذلك قال تعالى أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نُهُوا عَنِ النَّجْوَى ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا نُهُوا فالتعامل هنا أمر أخطر، إذاً الذي يوجّهنا إليه ربنا سبحانه وتعالى في القرآن هو عبارة عن ثلاث أشياء أساسية، جزء إيماني مبني على التكرار، جزء معرفي لا يعاد ولا يكرر، وجزء ابتنائي وهو التدرّج، أمر يأتي على أمر، وأمر ينبني على أمر، فنحن قلنا قضية الخالقية العظيمة ما مدى مساحتها في القرآن وما مدى تكرارها في القرآن، ذكرنا قبل ذلك قول ربنا سبحانه وتعالى الله الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لم كل هذا؟ لِتَعْلَمُوا أَنَّ الله عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ الله قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا هذا معنى في غاية العظمة، ربنا سبحانه وتعالى يقول أن أصل الخلق الذي نتكلّم عليه، الخلق الإلهي العظيم لكل هذا الكون الذي لا ندركه ولا ندرك أبعاده ولا يمكننا ذلك وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ لا نستطيع أن نصل إلى نهايته الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ فهذا هو الخلق، وبعد ذلك يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ فهذا هو الأمر أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ وهذا الأمر نوعان؛ أمر قرآني وهو التوجيهات الإلهية، ربنا خلق، وبعدما خلق سبحانه وتعالى أنزل التوجيه للإدارة الصالحة، هذا المخلوق لماذا خُلق وكيف سيسير في هذه الحياة، وما البرنامج الذي يصلحه، وما الآفات التي تصلحه؟ فهذا هو التنزيل، هذا هو الأمر الأول؛ الأمر القرآني، ويوجد الأوامر الكونية التي يدبّر بها ربنا سبحانه وتعالى بها الكون، قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدًا لذلك أوصانا صلى الله عليه وسلم أن نقول كلما نمسي، ماذا نقول؟ ” أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق ” فأنا أعتصم بهذه الكلمات أدخل بداخلها وأحتمي بها من أي شيء من المخلوقات التي خلقها ربنا، أتحصّن بالكلمات الإلهية الكونية، قدر الحفظ الإلهي، أدخل بداخله واحتمي وأتحصّن به، يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لم كل هذا؟ لكي نصل نحن للعلم واليقين بأمرين، هما أمران لِتَعْلَمُوا أَنَّ الله عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ الله قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا هذا هو المقصد والغاية، في النهاية هذا هو المقصد والغاية، وهذه من أكبر الدلائل القرآنية على تكريم ربنا للإنسان؛ أن ربنا خلق كل هذا، – هنا لا يتكلّم عن التسخير – لكي نوقن نحن ونؤمن، لكي نوقن ونؤمن، أمران لِتَعْلَمُوا أَنَّ الله عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ الله قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا هذا هو مقصد الوجود، مقصد الوجود، وغاية الخلق، وغاية الحياة أن نؤمن فقط، لا شيء آخر، ويظهر محدد واضح، إحاطة العلم الإلهي العظيم وإحاطة القدرة الإلهية البالغة فقط.
فإذا آمنت بعلم ربنا سبحانه وتعالى المحيط، وبقدرة ربنا سبحانه وتعالى البالغة ماذا يحدث؟ إذا كان الكون كله لكي يصل بداخلي هذين المعنيين إذاً هذان المعنيان أكبر بكثير مما نظنّ، وأوسع بكثير مما نقدّر، هما اثنين فقط؛ نؤمن بالعلم ونؤمن بالقدرة، وهذين الشيئين مرتبطين بالخلق، فما هو الخلق؟ الخلق عبارة عن قدرة تعكس علماً، ليس أمر آخر، فالخلق عبارة عن هذا، فالخالقية هذه هكذا، القدرة المنبنية على العلم، ولذلك نحن قلنا في الجمعة الماضية، أن ربنا يقول هُوَ الله الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ وقلنا أن هذا تعليم من ربنا سبحانه وتعالى، بيان لتفصيل الخلق، بداية الخلق تقدير الذي نسمّيه نحن تصميم، فبدايةً أنت تضع تصميم لما تريد أن تصنعه، ما هو بالتحديد، ما هو وما وظيفته؟ وبالتالي كيف يكون تصميمه بدقّة، فهذا هو التصوّر المسبق قبل الإيجاد، ثم برء الشيء إيجاده من عدم، ثم تصويره أي تتميمه بالصورة التي تناسب وظيفته، وإعطاؤه الشكل الحسن والصورة الجميلة الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنْسَانِ مِنْ طِينٍ وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ فَتَبَارَكَ الله أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنْسَانِ مِنْ طِينٍ وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَةِ الله يَكْفُرُونَ ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ فَتَبَارَكَ الله أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ فربنا سبحانه وتعالى يريد منّا أن نؤمن بهذه الخالقية العظيمة التي هي العلم العظيم المحيط، والقدرة العظيمة البالغة التي لا يعجزها شيء لَا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ وَلَا أَصْغَرُ مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْبَرُ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ هذا هو العلم، يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ
والقدرة وَمَا كَانَ الله لِيُعْجِزَهُ مِنْ شَيْءٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ عَلِيمًا قَدِيرًا هذا هو المطلوب منّا، ليس فقط أن هذا هو المطلوب، بل إن ربنا يقول أن هذا هو الغاية العظمى من كل شيء أن نؤمن بهذا، نؤمن إيمان حقيقي، ولذلك محتاجين ضخ قرآني متتابع عظيم لماذا؟ لكي يثبّت ولكي يحيي ولكي يرسّخ هذه المعاني الإيمانية العظيمة، هذه هي الغاية وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ هذه العبادة أن نتوجّه إلى الله، نتعلّق بالله، نرتبط بربنا سبحانه وتعالى، نفتقر إلى الله، كل هذا علام يبنى؟ يبنى على هذا، مبني على يقيننا التام بأن ربنا سبحانه وتعالى هو العليم القدير، هو الحي وهو القيوم، هو الأحد وهو الصمد، نحن شرحناهم قبل ذلك.
قلنا ” الحي ” كل صفات العظمة الإلهية المتعلقة بذات الله، و ” القيوم ” كل صفات العظمة الإلهية المتعلقة بإقامة الله وتدبيره لهذه الحياة، و ” الأحدية ” تفرّد ربنا سبحانه وتعالى بالكمال المطلق، و ” الصمدية ” توجّهنا إلى الله لأنه وحده هو المتفرّد والجلال، لأجل ذلك عندما نقول أن آية الكرسي أعظم آية في كتاب الله يكون هذا مفهوم، سورة الإخلاص تعدل ثلث القرآن يكون مفهوم،،، لماذا هذه الآية أعظم آية في كتاب الله، ولذلك ورد أن اسم الله الأعظم،، وقلنا أن اسم الله الأعظم هذا ليس اسم معيّن، الاسم الأعظم هو الاسمم الذي يحوي كمالات العظمة الإلهية، ورد أنه الحي القيوم، وورد أنه الأحد الصمد، هذا الاقتران، هذان الاسمان معاً، وهذان الاسمان معاً، ” الحي القيوم ” يحوي أكبر قدر من العظمة الإلهية، وكذلك ” الأحد الصمد ” هذا هو المطلوب هذه هي غاية الوجود الإنساني، هذه غاية خلق الكون، هذه هي غاية تنزيل القرآن، هذه هي غاية التقديرات الإلهية أن نصل إلى الإيمان.
فهل هذا الإيمان لله أم لنا؟ أي هل ربنا عز وجل يدعونا للإيمان لأن ربنا سبحانه وتعالى سينتفع بالإيمان – عياذا بالله – أم أننا نحن الذين سننتفع، فكم محبة ربنا بالإنسان، كم هي رحمة ربنا بالإنسان، كم هي نعمة ربنا على الإنسان وَمَنْ تَزَكَّى فَإِنَّمَا يَتَزَكَّى لِنَفْسِهِ ” يا عبادي إنكم لن تبلغوا ضرّي فتضرّوني، ولن تبلغوا نفعي فتنفعوني، لو أن أولكم وآخركم إنسكم وجنّكم كانوا على أتقى قلب رجلٌ واحد منكم ” على قلب محمد صلى الله عليه وسلم ” ما زاد ذلك في ملكي شيئاً ” ” لو أن أولكم وآخركم إنسكم وجنكم كانوا على أفجر قلب رجلٌ واحد منكم ” لو كانوا على قلب إبليس ” ما نقص ذلك من ملكي شيئاً، إنما هي أعمالكم أحصيها لكم ثم أوفيكم إياها فمن وجد خيراً فليحمد الله ومن وجد غير ذلك فلا يلومنّ إلا نفسه “
محبة ربنا سبحانه وتعالى سبقت، محبتنا لله هذا هو الأصل فَسَوْفَ يَأْتِي الله بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ هذا أولاً وَيُحِبُّونَهُ فهذا بعد، وليس العكس، ليس العكس، المحبة الإلهية جاءت أولاً، الإحسان الإلهي جاء أولاً، الرحمة الإلهية أصابتنا أولاً، وبعد ذلك من المفترض أن نشكرها ونستشعرها ونحسّ بها، فنتوجّه لربنا سبحانه وتعالى لكي نسعد نحن في الأولى والآخرة وليس من أجل ربنا أيضاً، لكي نحن الذين نسعد ونرتاح ونطمئن نفسيّاً في الأولى والآخرة، وقلنا أن الإطمئنان النفسي والسكينة هذه مبرمجة، فالآن أَلَا بِذِكْرِ الله تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ قلنا قبل ذلك أكثر من مرة أَلَا بِذِكْرِ الله تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ أي تسكن وتهدأ، فهذا الكلام يمكننا تعليله أم أن هذه ليست مفهومة، لا،، يمكن تعليله، إيمان الإنسان بالله ماذا يرتّب؟ تستطيع أن تقول، إيمان الإنسان بالآخرة ماذا يفعل؟ تستطيع أن تقول، إيمان الإنسان بالقرآن ماذا يفعل؟ تستطيع ان تقول، إيمان الإنسان بالقدر ماذا يفعل؟ تستطيع ان تقول، هذه المعاني الإيمانية هذه تستطيع أن تقول أنها تفعل واحد اثنان ثلاثة،،، إيمان الإنسان بالقدر سيفعل شيء في قلبه، فهو سيجعله هادئ، إيمان الإنسان بالله سيجعله في دائرة حفظ حماية ورعاية، فهو ليس قلق، ليس قلق لأنه راكن قَالَ لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ هو مقيم مع أناس عقلهم خربان، قال أَلَيْسَ مِنْكُمْ رَجُلٌ رَشِيدٌ لا يوجد، وهو لا يعرف ماذا يفعل، فتمنى أن يمدّه ربنا بالقوة أو يكون لديه ركن، ركن شيء يركن عليه، ويحتمي به، النبي صلى الله عليه وسلم ماذا قال وهو يعقّب، قال ” رحم الله أخي لوطاً لقد كان يأوي إلى ركنٍ شديد ” وهو يقول هذا الكلام، هو كان راكن، ولكن اللحظة كانت صعبة فمن قوة الضغط، فهو لا يدري ماذا يفعل، فالنبي صلى الله عليه وسلم يقول أنه وهو يقول هذا أنه كان راكنٌ بالفعل، هو راكن على الركن الإلهي، هو كان راكنٌ على الركن الإلهي، ” لقد كان يأوي إلى ركن شديد ” ثم قال صلى الله عليه وسلم ” فما بعث الله بعده نبيّاً إلا في منعة من قومه ” اجعلونا ننظر كم مدى الرحمة، ربنا سبحانه وتعالى لم يرد أن يتكرر هذا الموقف مرة أخرى، لن يكرره على أحد مرة أخرى، فبعد ذلك لم يرسل نبيّ إلا ووضعه في منعة من قومه، أي في حماية لكي لا تأتي عليه هذه اللحظة مرة أخرى، انظر مدى رحمة ربنا، ربنا لم يرد أن تتكرر هذه الجملة على عبد من عباده مرة أخرى، هذه هي أَوْ آوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ تقال مرة واحدة، ولذلك سيدنا شعيب قومه قالوا له وَلَوْلَا رَهْطُكَ لَرَجَمْنَاكَ النبي صلى الله عليه وسلم ربنا جعله في حماية من بني هاشم وبني المطلب، وحماية ربنا أعظم وأعظم، لأنه لما وصل للغار ومكنش في حماية ومكنش في حاجة إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ الله مَعَنَا ” لقد كان يأوي إلى ركن شديد “
فهل يوجد ركن آخر ينفع؟ فَتَوَلَّى بِرُكْنِهِ وَقَالَ سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ وَهُوَ مُلِيمٌ هذا ركن، وهذا ركن، ” لقد كان يأوي إلى ركن شديد ” هذا فقط هو الركن، فَتَوَلَّى بِرُكْنِهِ هل هذا كان ركن؟ لم يكن ركن، هو راكن على الهواء، ولكنه لم يكن يرى ذلك، لكنه كان راكن على الهواء، هذا هو الفرق بين الإيمان وعكسه، الإيمان أنت تؤمن بالله وأنت لا تراه، لكنك ترى نعمه، وترى رحمته، وواثق فيه.
وشخص يؤمن بالمادة، يؤمن بالركن المادي، هذا هو الفرق بين شخص وشخص، الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ الإيمان أنك راكن وواثق على شخص أنت مطمئن له فعلاً، أما الآخر لا فهو يريد شيء محسوس يركن لها، فهل الشيء الذي كان يركن عليه هذا هل كان راكن فعلاً عليه؟ لا، كان وهم، فنحن علام سنركن، – على فكرة احنا كلنا بنركن، مفيش حد فينا ما بيركنش – لكنك علام تنوي الركون؟ هل ستركن على هذا الركن – ركن الله – أم ستركن على هذا الركن – المادي الوهمي – هذا الركن – المادي – ليس متاح لكل الناس، ولكننا سنفترض أنه موجود، هل ستركن على هذا الركن – ركن الله – وهذا هو المتاح للكافة؛ الوجيه والمحقّر والغني والفقير والشريف والوضيع، كلهم متاح لهم هذا الركن، فما المطلوب منهم؟ أن يركنوا فقط هنا،، أما هذا هل متاح لكل الناس؟ لا ليس متاح لكل الناس،،، هل ينفع كل الناس؟ لا ينفع أي شخص، ولذلك أنت ماذا ستعلم؟ أن القدرة لله وأن العلم من الله، وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لَا يَمُوتُ وَتَوَكَّلْ عَلَى الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ فَتَوَكَّلْ عَلَى الله إِنَّكَ عَلَى الْحَقِّ الْمُبِينِ عندما تتوكل فعلى من ستعتمد؟ وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لَا يَمُوتُ، الحي هذه ليست مجرد الحياة، نحن قلنا أن حياة ربنا سبحانه وتعالى هي التي تحوي كمال القدرة والعظمة لأن حياة المخلوق حياة ضعف ويعتريها المرض والوهن، ويعتريها ضعف ويعتريها عجز وقلّة وزلّة، هذه حياة الإنسان مهما كان، أما ربنا سبحانه وتعالى
حياة ربنا سبحانه وتعالى حياة مؤقّتة؟ كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ وَتَوَكَّلْ عندما تريد أن تتوكل وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لَا يَمُوتُ وَتَوَكَّلْ عَلَى الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ العزيز: الذي لا يستطيع أحد أن يمتنع منه، والرحيم من يلجأ له يحفظه ويرحمه فَتَوَكَّلْ عَلَى الله أصبحت معرّفة إن الله الْحَيِّ الَّذِي لَا يَمُوتُ وأن الله هو الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ
فمتى تتوكل على الله؟ ضع نفسك في دائرة استحقاق التوكل، فَتَوَكَّلْ عَلَى الله إِنَّكَ عَلَى الْحَقِّ الْمُبِينِ
اللهم إنا نسألك بأنك أنت الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد، أن تغفر لنا وترحمنا وتتوب علينا
اللهم اغفر لنا الذنوب وامحو منّا العيوب، وامحو منّا العيوب، وتب علينا لكي نتوب، وتب علينا لكي نتوب.
اللهم إنا نسألك إيماناً لا يرتد ونعيماً لا ينفد، اللهم إنا نسألك إيماناً لا يرتد ونعيماً لا ينفد، وصحبة نبيّك صلى الله عليه وسلم في أعلى درجات الخلد.
اللهم إنا نسألك إيماناً لا يرتد ونعيماً لا ينفد، وصحبة نبيّك صلى الله عليه وسلم في أعلى درجات الخلد.
اللهم اغفر لنا وارحمنا، اللهم اغفر لنا وارحمنا، اللهم اغفر لنا وارحمنا، اللهم أحسن خلاصنا، اللهم أحسن خلاصنا، وتول أمرنا، وتول أمرنا، وبلّغنا مما يرضيك آمالنا، واختم بالباقيات الصالحات أعمالنا.
اللهم أحسن خلاصنا، وتول أمرنا، وتول أمرنا، وبلّغنا مما يرضيك آمالنا، وبلّغنا مما يرضيك آمالنا، واختم بالباقيات الصالحات أعمالنا.
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم