الحمد لله الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله وكفى بالله شهيدا، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له إقراراً به وتوحيدا، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً مزيداً
ثم أما بعد:
كنا مع خطاب الله تبارك وتعالى للإنسان، وقلنا أن ربنا سبحانه وتعالى يكلم الإنسان من منطلق حديث الخالق سبحانه وتعالى للمخلوق بقطع النظر عن أن هذا الإنسان ” ما حيثياته؟ ” هو مؤمن أم كافر، موحد أم مشرك، طائع أم عاصي، جنسه، عرقه، نسبه، ربنا سبحانه وتعالى يكلم الإنسان من حيث هو إنسان، فقلنا أن ربنا سبحانه وتعالى بيّن أصل الإنسان، خلق الإنسان، الطبيعة النفسية للإنسان، وبعد ذلك توجيه ربنا سبحانه وتعالى للإنسان.
تكلمنا الجمعة الماضية عن قول ربنا سبحانه وتعالى عن قوله كَلَّا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى أول كلمات ربنا سبحانه وتعالى كلّمنا بها اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ انطلق بها رسول الله صلى الله عليه وسلم نازلاً من غار حراء، يرجف بها فؤاده ولم يزل كذلك حتى منّ الله عليه سبحانه وتعالى بالسكينة والهدوء ثم خاطبه تبارك وتعالى بعد أن سكن وهدأ فقال يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ قُمْ فَأَنْذِرْ واستجاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لكلمات ربه عز وجل وحقّ له ذلك، ثم سار بهذه الكلمات زماناً طويلاً – سنوات – يسعى في هداية العباد، وإذا بأكثر هؤلاء العباد يعرضون، وعن هداية ربهم يتنكبون، فوقع ذلك في قلبه صلى الله عليه وسلم موقعاً مؤلماً، كان يتصور صلى الله عليه وسلم أن الناس جميعاً يستقبلون الهداية كما استقبلها هو، يقبلون عليها كما أقبل عليها هو، يحسون بقيمتها كما أحس بها هو صلى الله عليه وسلم، لكنّ الأمر لم يكن كذلك، ولذلك تنزّلت الآيات بعد ذلك لتهدّئ من روعه لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ أَلَّا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ يهلك نفسه أسفاً وحزناً إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّمَاءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْنَاقُهُمْ لَهَا خَاضِعِينَ لكن ربنا سبحانه وتعالى لا يريد للعباد ذلك، يريد للعباد أن يقبلوا على الله محبةً وطوعاً وليس كرهاً وقهراً، ينزل الآية العظيمة من آيات الله التي تجعل العباد يخضعون ويذلون خوفاً لكنه لم يرد ذلك، قال الله تبارك وتعالى فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ عَلَى آثَارِهِمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيثِ أَسَفًا فلعلك باخعٌ نفسك أسفاً على آثارهم، ” على آثارهم ” ما معناها؟ أي يجري وراءهم فَلَا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ.
قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لَا يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللهِ يَجْحَدُونَ فبعد أن مرّت سنوات من هذه الآيات أنزل الله تبارك وتعالى كَلَّا المشكلة ليست منك،، هو يظن أن التقصير من جهته، أنه لو اجتهد وأخلص لابد النتائج تكون غير هذا، فربنا يقول له لا،، يطمئنه؛ لا، هي ليست كذلك،، ليس لديك مشكلة، المشكلة لدينا نحن في تركيبنا نحن وفي بنيتنا،، كَلَّا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى ما هذا الكلام؟ ربنا سبحانه وتعالى يذكر ما الحقيقة التي تحدث وما العلة التي وراءها، المشكلة أننا لا نستطيع أن نصل أن نقدر القرآن – الكلام الإلهي – حق قدره، ذرونا نركّز مع هذه، هذه كلمات بسيطة.
ربنا يقول كَلَّا المشكلة ليست لديك، فأين المشكلة؟ أن الإنسان بأصله،، ” الإنسان ” ماله؟ ” يطغى ” يستكبر، يستكبر عن أن يخضع لله، يستكبر عن أن يعبد الله سبحانه وتعالى، هذه هي الحقيقة،، فهذه الحقيقة ما وراءها؟ يوجد باعث داخلي وراء هذا، ربنا سبحانه وتعالى يوجّه وبالتالي النبي صلى الله عليه وسلم حينما يسمع هذه الكلمات سيعالج أصل الداء،، أين المشكلة؟ ربنا يقول سبحانه وتعالى أن الإنسان يطغى لأنه مستغني،، فما المشكلة التي نريد أن نعالجها؟ أننا نشعر أننا مستغنيين عن ربنا، لا نحتاجه في شيء لأن لدينا أشياء تغنينا، فأنت إذا أردت أن تعالج المشكلة أين ستبحث؟ الطغيان لا يُعالج،، الاستغناء هو ما يحتاج إلى المعالجة،،، فهذا علة وهذا عرض.
فشخص لديه أعراض مرض معيّن، هذه الأعراض نتيجة لوجود مرض موجود لديه، يوجد داء يوجد فيروس معيّن، ستعالج الأعراض فلن تفعل شيئاً،، فإذا كان لديه سخونية وبقيت تعطي له مخفّض حرارة،، نعم سيستطيع أن يتعايش لأن الحرارة تنخفض،، ولكن بعد قليل عندما يزول أثر المسكن؟؟ سترتفع مرة أخرى،،، أين المشكلة، هذا عرض وهذا مرض، الطغيان عرض والاستغناء هو مرض.
إذاً ما العلاج؟ بنينا الخطبة الماضية كلها عن هذا، أن ربنا قال بمنتهى البساطة يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللهِ
إذاً مفهوم الإنسان أنه يستطيع أن يستغني عن ربنا هذا مفهوم خاطئ، الناس كلهم فقراء محتاجون إلى الله، ولا يوجد غني إلا هو سبحانه وتعالى، يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللهِ وَاللهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ إذاً ربنا سبحانه وتعالى يبيّن أين المشكلة، وما سببها، الدواء علام سنركّز، كَلَّا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى إِنَّ إِلَى رَبِّكَ الرُّجْعَى تذكر الإنسان للقاء الله، هذا هو الدواء الذي يعالج به الإنسان، لذلك نحن اليوم سنتكلم عن صورتين ربنا سبحانه وتعالى قرنهم ببعض، وركّزوا جداً على الإنسان هاتين السورتين ” القيامة ” و ” الإنسان ” لذلك نحن عنونا الخطبة ” يوم يقوم الناس لرب العالمين ” .
فربنا سبحانه وتعالى ماذا يقول، وسنجد أن من نعمة ربنا ورحمته سبحانه وتعالى؛ أن معظم الأشياء التي خاطب ربنا بها الإنسان كانت في قصار السور، الأشياء التي مررنا عليها جميعاً، الأشياء التي هي سهلة على الجميع، الأشياء التي يحفظها الأولاد الصغار يحفظونها – حينما كان يوجد حفظ – يحفظوا جزء تبارك وجزء عم، هذان الجزاءان فيهم معظم الخطاب الإلهي للإنسان لكي يصل لكل إنسان، لن تقرأ البقرة والمائدة،، لا لا لا، هو هنا في هذا القريب، ربنا يقول سبحانه وتعالى لَا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ وَلَا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ أَيَحْسَبُ الْإِنْسَانُ أَلَّنْ نَجْمَعَ عِظَامَهُ بَلَى قَادِرِينَ عَلَى أَنْ نُسَوِّيَ بَنَانَهُ بَلْ يُرِيدُ الْإِنْسَانُ لِيَفْجُرَ أَمَامَهُ يَسْأَلُ أَيَّانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ فَإِذَا بَرِقَ الْبَصَرُ وَخَسَفَ الْقَمَرُ وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ يَقُولُ الْإِنْسَانُ يَوْمَئِذٍ أَيْنَ الْمَفَرُّ كَلَّا لَا وَزَرَ إِلَى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمُسْتَقَرُّ يُنَبَّأُ الْإِنْسَانُ يَوْمَئِذٍ بِمَا قَدَّمَ وَأَخَّرَ بَلِ الْإِنْسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ وَلَوْ أَلْقَى مَعَاذِيرَهُ كم إنساناً مرّ معنا؟ فربنا سبحانه وتعالى صدّر بالقيامة وموقف الإنسان منها وانطلق منه لعلاج طبيعة ونفسية الإنسان، نحن قلنا أن ربنا سبحانه وتعالى وصف الإنسان بأن بنيته النفسية الداخلية هشّة، لأجل ذلك هو لابد أن يرتكن على شيء، لابد أن يرتكن على شيء، أين الشيء الذي سيركن عليه؟ أي شيء سترتكن عليه غير ربنا سبحانه وتعالى هي الحيطة المايلة التي ستأخذنا وتقع، الشيء الوحيد الصالح لكس ترتكن عليه هو الركن الركين، ولذلك النبي صلى الله عليه وسلم ماذا يقول، يقول سيدنا لوط عليه السلام عندما اشتدّ عليه الكرب ماذا قال؟ قال قَالَ لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ يريد حماية تحميه، ليس لديه عزوة أو قوة، ضيوفه الذين في بيته هو لا يستطيع أن يحميهم، هو لديه ابنتان، لا يوجد شخص آخر، هو ماذا يريد؟ يريد شيء يرتكن عليه، فماذا قال النبي صلى الله عليه وسلم في التعقيب، قال ” رحم الله أخي لوطاً لقد كان يأوي إلى ركن شديد، فما بعث الله بعده نبيّاً إلا في منعة من قومه ” انظر كم رحمة ربنا سبحانه وتعالى، النبي صلى الله عليه وسلم ماذا يقول، يقول أنه في هذه اللحظات يتمنى أن يوجد ركن، فالنبي صلى الله عليه وسلم يقول أنه وهو يقول هذا وهو يقول هذا هو كان يرتكن ولكن مع شدة الضغط، ولذلك هو بعدما قال هذا، الملائكة الموجودون لديه الذي يظن أنهم بشر ضيوف، قَالُوا يَا لُوطُ إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ لَنْ يَصِلُوا إِلَيْكَ ليس ” إلينا ” فهو مشكلته هو يريد، يريد أن يحميهم هم، ” هم لن يصلوا إليك ” نحن موضوعنا نحن منتهي، هذا غير موجود إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ لَنْ يَصِلُوا إِلَيْكَ فالنبي صلى الله عليه وسلم يقول وهو يقول هذا هو كان مرتكن على الركن الشديد، وبعد ذلك يقول أن ربنا سبحانه وتعالى لم يرسل رسول بعد ذلك إلا في عزوة ومنعة، لماذا؟ لعظيم رحمة ربنا سبحانه وتعالى، لن يكرر هذا الموقف على نبي آخر، ولذلك بعد ذلك تقرأ في كتاب الله سيدنا شعيب ماذا يقولون له وَلَوْلَا رَهْطُكَ لَرَجَمْنَاكَ وَمَا أَنْتَ عَلَيْنَا بِعَزِيزٍ لا يستطيعون أن يصلوا إليه.
فهذا هو الركن الذي يركن الإنسان عليه، فإن لم يكن كذلك، لا يوجد شيء آخر تستطيع أن تستند إليها وتكون واثقاً فيها، ربنا سبحانه وتعالى يقول فَتَوَلَّى بِرُكْنِهِ ربنا يتكلم عن فرعونن ماذا فعل؟ يوجد ركن يرتكن عليه، هذا الركن هو القوة المادية والمال، السلطان، الجند،، فَتَوَلَّى بِرُكْنِهِ وَقَالَ سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ وَهُوَ مُلِيمٌ هذا هو، يرتكن على الركن، ماذا يقول ربنا؟ ما هو الركن،، الذي ذكره ربنا فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ أليس هذا هو الركن!! هاهو،، و” النبذ ” هذا أن ترمي شيء ليس له وزن ولا قيمة،، شيء محقّر، أي ليس شيئاً، ليس شيئاً تماماً، هذا ركن، وهذا ركن، يوجد ركن هو ركن فعلاً، ويوجد ركن هو في الحقيقة وهم لا يوجد شيء، فالإنسان في النهاية يرتكن على ماذا؟ فربنا سبحانه وتعالى يخاطب الإنسان الذي وصفه بأنه ماذا؟ قال إِنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا يُرِيدُ اللهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا خُلِقَ الْإِنْسَانُ مِنْ عَجَلٍ فالطبيعة الإنسانية، الطبيعة الإنسانية من الداخل هي طبيعة هشة، فهذه الطبيعة الهشة لابد لابد ترتكن على قوة، لكي تطمئن، هذا هو الموضوع ببساطة، الموضوع كله هنا، على مدى ما نحن واثقين في هذه القوة وعلى مدى ارتباطنا بها هذا هو الدواء وهذا هو العلاج.
فربنا سبحانه وتعالى يذكّر بيوم القيامة وينوه بالنفس اللوامة، فلماذا اللوامة؟ نحن قلنا قبل ذلك أكثر من مرة أن ربنا سبحانه وتعالى ذكر ثلاث طبائع للنفس، النفس اللوامة هذه هي طبيعة النفس الإنسانية لماذا؟ لأن طبيعة الإنسان هو دائماً يعيش الصراع ما بين الطاعة والمعصية، ما بين الخير والشر، ما بين أنه يضعف وما بين أنه يريد أن يصعد، فيقصّر في حق ربنا عليه ويلوم نفسه ويقع في المعصية ويلوم نفسه فيظل في البعد والقرب، البعد والقرب،، هذه النفس اللوامة إذا استمرّت في المجاهدة ربنا سبحانه وتعالى بمنّه ينقلها للطمأنينة، ولو تركت المجاهدة وسلّمت نفسها للشيطان تنتقل للنفس الأمّارة بالسوء يغلب عليها الشيطان، والأخرى نحن قلنا ما معنى مطمئنة؟ مطمئنة أي مستقرة، استقرت في الإيمان، استقرت في الطاعة، سكنت هنا، اطمأنت أي سكنت واستقرت وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا هل الإنسان يظن أن ربنا سبحانه وتعالى ليس قادر عليه؟ ليس تحت سلطان الله، ليس تحت هيمنة الله، يفعل سبحانه وتعالى ما يشاء برحمته وقدرته وعلمه وحكمته، أَيَحْسَبُ الْإِنْسَانُ أَلَّنْ نَجْمَعَ عِظَامَهُ بَلَى قَادِرِينَ عَلَى أَنْ نُسَوِّيَ بَنَانَهُ وماذا بعد؟ بَلْ يُرِيدُ الْإِنْسَانُ لِيَفْجُرَ أَمَامَهُ ربنا سبحانه وتعالى يتكلم عن الإنسان من الداخل، هو الآن يدفع فكرة الآخرة، يدفع فكرة لقاء الله، يريد أن يصرف عن ذهنه فكرة يوم القيامة، لماذا؟ ربنا سبحانه وتعالى يجيب، لماذا، بَلْ يُرِيدُ الْإِنْسَانُ لِيَفْجُرَ أَمَامَهُ يَسْأَلُ أَيَّانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ إذاً هو يستنكر لقاء ربنا، يستهزء بفكرة لقاء الله والبعث لماذا؟ لأنه يريد أن يسير في الفجور إلى المنتهى، ففكرة القيامة فكرة لقاء ربنا سبحانه وتعالى فكرة البعث والنشور ستنغّص عليه عيشته، ستؤرقه، ستتعبه، فماذا يفعل ليحل المشكلة، أتوقف عن الفجور؟ لا، أنا لا أريد، فماذا أفعل؟ أميت الضمير، ألغي الفكرة التي تضايقني، أشكك في الحقيقة التي تنغص عليّ، ماذا أفعل؟ يَسْأَلُ أَيَّانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ فهذه الثانية، نحن قلنا أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى واحد، بَلْ يُرِيدُ الْإِنْسَانُ لِيَفْجُرَ أَمَامَهُ اثنان.
شيء ظاهر نراه أنه يشكك في القيامة أو غير مؤمن بها، أو يدفعها عن عقله، لماذا يفعل ذلك؟ هذه عظمة البيان القرآني، ربنا سبحانه وتعالى يتكلم عن الحقائق، يتكلم عن البواطن، يتكلم عن العلل الخفية لكي تعالج، أليس يقول ربنا وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ ما معنى شفاء؟ أي نحن لدينا أمراض، هذه الأمراض ربنا سيداويها بالقرآن، لو لم نتعامل معه على أنه شفاء لن نستشفى، هذا الشفاء له قانون، أنت لكي تعالج إنسان، لابد أولاً مثلما قلنا تعرف أين المشكلة الحقيقية فمحتاج أن تصنع تحاليل وأشعة وكشف، لكي تصل في النهاية ما هي المشكلة الأساسية، ما هي؟ هذه المشكلة الأساسية ما الدواء الذي يناسبها؟ هذا الدواء الذي يناسبها هذا له أعراض جانبية في حق الشخص هذا سلبية أكثر أم لا؟ هذا الدواء إيجابي سيكون مناسب بالنسبة له، جميل؟ كم سيستمر في هذا الدواء، وما الجرعة المناسبة له وكم مرة ستؤخذ في اليوم؟ وهذا الكورس لابد أن يصل لآخرة،، فمثلاً إذا كان دواء من المفترض أن تأخذه لمدة خمسة عشر يوماً وأنت أخذته ثلاثة أيام فأنت تفعل تدعيم للفيرس، فأنت هكذا لا تعالج، بالعكس أنت تزيد المشكلة، فربنا يقول أن القرآن شفاء، فلنتعامل معه على إنه شفاء، هو لابد من هذا، أين المشكلة؟ أنا أين مشكلتي، ربنا سيقول لي أين المشكلة، يشرحني، فماذا أفعل؟ إذا كان الداء هو الاستغناء، فالدواء هو الافتقار، إذا كان الداء هو إرادة الفجور فالدواء هو تزكية النفس بَلْ يُرِيدُ الْإِنْسَانُ لِيَفْجُرَ أَمَامَهُ إلى الآخر، لا يريد أن يقف في مكان يَسْأَلُ أَيَّانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ إذاً هذا الشخص أنا سأثبت له القيامة، أم أحاول أن أعالج مشكلة الفجور التي انطوت عليها نفسه، ماذا سأفعل؟ على ماذا سأعمل، ماذا سأعالج؟
عظمة القرآن بأنه يتعامل بمفرده،، فالفرق بين القرآن وبين علاج الأطباء للأبدان أن القرآن أنت تتركه يعمل هو يدخل للداخل هو يعلم أين المشكلة ويلمسها ويعالجها، أنت تقرأ والآيات التي تحتاجها هي ستخرج لك، لن تدخل لها، لا هي ستبرز لك، ما الذي أحتاجه؟ أنني أحاول أن أشعر قلبي هذه المعاني.
فالقرآن في علاجه أقرب للانتي فيروس منه لعلاج الأطباء، أنت تنزل ” السيستم ” وتقل له ” سكان ” هو يعمل، لا تقل له ادخل هنا وحل المشكلة الفلانية، لا تفعل ذلك،، أنت تنزله وتقل له اعمل فقط.
فماذا أفعل؟ أنا أتصل بالقرآن وأتركه يعمل، أترك نفسي لله وهو سبحانه وتعالى الذي يداوي قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ قُلْ بِفَضْلِ اللهِ قُلْ بِفَضْلِ اللهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم
الحمد لله رب العالمين
يَسْأَلُ أَيَّانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ هذا الكلام إلام سيستمر؟ هذه التساؤلات الاستنكارية الاستهزائية إلام ستستمر؟ فَإِذَا بَرِقَ الْبَصَرُ وَخَسَفَ الْقَمَرُ وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ يَقُولُ الْإِنْسَانُ يَوْمَئِذٍ أَيْنَ الْمَفَرُّ إذاً هو سيظهر التماسك، سيمتد في فجوره، سيشكك في حقائق الإيمان إلى متى؟ إلى أن تأتي اللحظة التي سينهار فيها، فهذا هو الإنسان،، بَرِقَ الْبَصَرُ ذهل، من شدة الخوف والفزع لا يستطيع أن يجمع عقله ولا يستطيع فعل شيء انتهى،، وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ كَمَا فُعِلَ بِأَشْيَاعِهِمْ مِنْ قَبْلُ إِنَّهُمْ كَانُوا فِي شَكٍّ مُرِيبٍ آلْآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَالْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيهَا رَبَّنَا أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ فَذُوقُوا فَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ نَصِيرٍ إِنَّ اللهَ عَالِمُ غَيْبِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ
فَإِذَا بَرِقَ الْبَصَرُ وَخَسَفَ الْقَمَرُ وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ يَقُولُ الْإِنْسَانُ يَوْمَئِذٍ أَيْنَ الْمَفَرُّ كَلَّا لَا وَزَرَ لا يوجد مهرب إِلَى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمُسْتَقَرُّ الدنيا ليس فيها استقرار، الدنيا ليس فيها استقرار، الدنيا بعيداً عن الله ليس بها استقرار، المستقر عند الله، والمنتهى إلى الله، وَأَنَّ إِلَى رَبِّكَ الْمُنْتَهَى هذا هو الموضوع
فَإِذَا جَاءَتِ الطَّامَّةُ الْكُبْرَى يَوْمَ يَتَذَكَّرُ الْإِنْسَانُ مَا سَعَى وَبُرِّزَتِ الْجَحِيمُ لِمَنْ يَرَى فَأَمَّا مَنْ طَغَى وَآثَرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوَى وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى فَأَمَّا الْإِنْسَانُ إِذَا مَا ابْتَلَاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلَاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ – ضُيّق – فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِ كَلَّا هي ليست هكذا بَلْ لَا تُكْرِمُونَ الْيَتِيمَ وَلَا تَحَاضُّونَ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ وَتَأْكُلُونَ التُّرَاثَ أَكْلًا لَمًّا وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبًّا جَمًّا كَلَّا إِذَا دُكَّتِ الْأَرْضُ دَكًّا دَكًّا وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ الْإِنْسَانُ وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرَى يَقُولُ يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي فأين نحن؟؟؟ يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي هي لم تأت بعد، نحن من المفترض نعد للحياة وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ هي الحياة الحقيقية يَقُولُ يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي
إذاً الإنسان يظل يدفع في حقائق الإيمان، يصرفها عن نفسه لكي يظل مسترسل مع شهواته وأهواؤه ونوازع نفسه إلى أن يأتي اللقاء الإلهي، حينئذٍ يبحث عن المفر لا مفر، يتذكر، يتمنى أن يستدرك، وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الْأَمْرُ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ وَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ وصف عام وشامل وجامع، كلنا سنتحسّر، من كان بعيد يتحسر أنه لم يكن قريباً، ومن حاول أن يقترب يتحسر أنه لم يقترب أكثر، ومن عمل خير قليل كان يتمنى أن يفعل خيراً كثيراً، عندما يرى تفاوت الناس في القرب من الله وتفاوت الناس في المراتب والدرجات، ومن كان بعيداً ندمان لماذا كان هكذا؟ لماذا كان بعيداً؟ يُنَبَّأُ الْإِنْسَانُ يَوْمَئِذٍ بِمَا قَدَّمَ وَأَخَّرَ آخر جملة بَلِ الْإِنْسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ وَلَوْ أَلْقَى مَعَاذِيرَهُ تشريح آخر أعمق لنفسيتنا، الإنسان بصير بنفسه وبصير بالحق وبالحقيقة والكلام الذي يجريه على لسانه من اعتذارات هو حقيقةً غير مقتنع به بَلِ الْإِنْسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ هو يعتذر أنه يوجد أسباب كثيرة تُبعده، أسباب كثيرة تنأى به عن الله، ضغوط كثيرة تصرفه عن ربنا، هو مشغول، هو مضغوط، لكن في النهاية ماذا يقول ربنا؟ أن ما بالداخل ليس هكذا بَلِ الْإِنْسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ وَلَوْ أَلْقَى وَلَوْ أَلْقَى مَعَاذِيرَهُ جمل الإنسان يقولها، ربما هو حينما يقولها هو يهدئ بها نفسه، أو يسكّن بها خاطره، يريح بها ضميره، ولكنها لن تنفع، هي لن تنفع، ومثلما قلنا قبل ذلك، أنني بهذا الكلام سنأنى عن ربنا سبحانه وتعالى لكي أشتري سعادة الدنيا في مقابل سعادة الآخرة.
قلنا أنها لا تحسب هكذا، ربنا لم يقل هذا، ربنا قال أن السعادة، سعادة واحدة في الدنيا وفي الآخرة، هي شيء واحد وليس شيئان، للأسف كثير مننا تخيّل أن هناك صراع ما بين عالمين عالم الدنيا وعالم الآخرة، الدنيا التي نعيش فيها ولنا فيها رغبات، وهذه طبيعة الإنسان، قال هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لَا يَبْلَى من هنا دخل الشيطان للإنسان، هو لا يريد أن يخرج، مع أن ربنا لم يقل له في الجنة أنه سيخرج، من الذي قال له أنه سيخرج، لم يقل أحد له أنه سيخرج ولم يقل له أحد أنه سيموت، ولكن الشيطان جاء وضغط على هذه الأشياء، فأنا أريد أريد أن أتوسع وأريد أن أخلد، هذه طبيعة الإنسان، فربنا سبحانه وتعالى لأن هذه طبيعته وضع له الجنة التي فيها الخلود الحقيقي وفيها المتعة التي لا تنقطع ولا تحول ولا تزول، ” أعددت لعبادي الصالحين مالا عين رأت ولا أذنٌ سمعت ولا خطر على قلب بشر اقرأوا إن شئتم فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ “
فأنا أعيش هنا وأنظر بعين هنا وعين هناك، لكن بما أنني أعيش هنا لن أبقى هناك،فربنا يقول لنا أن المسألة ليست هكذا، أنت لكي تعيش هنا ستعيش بالطريقة التي تجعلك تعيش هناك، هي شيء واحد.
الإنسان له احتياجات، صحيح؟ نحن جميعاً لدينا احتياجات، ولدينا رغبات ولدينا طموحات، ولدينا مخاوف وقلق، كلنا قلقين من الغد،، نحن جميعاً كمجتمع بقينا متعبين اليوم، وقلنا أن أمس كأفضل من اليوم، ونطلم على ما سيحدث غداً، فهذا نحن جميعاً،، وبعد؟؟
الذي يملك أمس واليوم وغداً هو ربنا سبحانه وتعالى، الذي بيده خزائن كل شيء هو ربنا سبحانه وتعالى، محل الثقة والأمن هو ربنا سبحانه وتعالى، ربنا هو السلام وهو المؤمن، الذي يعطي السلام والسلامة والأمن هو الله، الرازق والرزاق هو الله الغني والمغني هو الله، الباسط والقابض هو الله، المعطي والمحسن والرحيم هو الله.
أنا أريد أشياء،، ذرونا في الدنيا، هذه الدنيا بيد من؟ خزائنها في يد من،، أنا أطلبها، أيضاً هو طريق واحد، هو طريق واحد، من عظمة ربنا ومن رحمة ربنا قال لك عندما تطلب الدنيا من مالكها وتعبده يعطيك الدنيا والآخرة إِنَّ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ لَا يَمْلِكُونَ لَكُمْ رِزْقًا لكننا محتاجين للرزق فَابْتَغُوا عِنْدَ اللهِ الرِّزْقَ وَاعْبُدُوهُ وَاشْكُرُوا لَهُ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ
ربنا سبحانه وتعالى لا يتغاضى عن أننا محتاجين الرزق، كلنا محتاجينه فَابْتَغُوا عِنْدَ اللهِ الرِّزْقَ وبعد ذلك وَاعْبُدُوهُ وَاشْكُرُوا لَهُ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ وَاعْبُدُوهُ وَاشْكُرُوا لَهُ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ في النهاية كلنا وَأَنَّ مَرَدَّنَا إِلَى اللهِ وَأَنَّ الْمُسْرِفِينَ هُمْ أَصْحَابُ النَّارِ فَسَتَذْكُرُونَ مَا أَقُولُ لَكُمْ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللهِ إِنَّ اللهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ فمن يريد الدنيا عند ربنا، ومن يريد الآخرة عند ربنا.
مَنْ كَانَ يُرِيدُ ثَوَابَ الدُّنْيَا ربنا الذي يقول لست أنا من يقول مَنْ كَانَ يُرِيدُ ثَوَابَ الدُّنْيَا فَعِنْدَ اللهِ ثَوَابُ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ هذا ما قاله ربنا.
شخص يذهب للحج بعدما حجّ يدعو ربنا ماذا يقول فَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ أما الآخر، قال ربنا آتنا في الآخرة؟ لا لا لا لم يقل ذلك وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ أُولَئِكَ لَهُمْ نَصِيبٌ مِمَّا كَسَبُوا وَاللهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ إذاً ربنا سبحانه وتعالى يقارن بين من، بين شخصين شخص يريد الدنيا فقط، وشخص يريد ما عند الله من خير الدنيا والآخرة، هكذا توزن، لكن لو قلت شخص يريد الدنيا فقط، وشخص يريد الآخرة فقط، هذا ليس الإنسان، نحن نعيش في الدنيا ولا نستطيع أن نخرج منها، ولكن الفكرة كيف تسير فيها وممن تطبها، في نفس الوقت إذا كانت الدنيا معنا، حتى لو معنا لن نطمئن، هذه هي المشكلة، لو أنا معي أسباب مادية مهما كانت سأكون قلق أيضاً، لأن القلق في طبيعة الإنسان خُلِقَ هَلُوعًا هذا شيء في طبيعة الإنسان، ولذلك النبي صلى الله عليه وسلم قال الإنسان الذي ” الدنيا أكبر همه ” ربنا سبحانه وتعالى يجعل فقره بين عينيه، هو معه أشياء كثيرة جداً لكنه يشعر أنه قلق، فلابد أن يستحث الخطى لكي يطمئن، فحينما يطمئن بما لديه يهدأ، لا يطمئن، لا يطمئن ” لو أن لبن آدم وادٍ من ذهب ” وادي، أي مساحة ما بين جبلين، أي لو هو، هو وأولاده وأحفاده والمحلة التي فيها والمدينة التي يعيش فيها على مدى قرن ونصف يصرفون في هذا الذهب لن يفنوه،، لكنه مازال قلق ” لتمنى له ثان، ولو كان له واديان من ذهب لتمنى لهما ثالث، ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب ” هو نفسيّاً قلق، لا يطمئنه إلا الله، غير ذلك لن يعرف، لن يعرف، فنحن في النهاية لكي نعيش الدنيا، ولكي نطمح للآخرة أمامنا سكة واحدة فقط، ربنا سبحانه وتعالى ماذا قال؟ قال فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى لا يضل،، ربنا سبحانه وتعالى سيمن عليه بالهداية، سيرى الدنيا بشكل صحيح وَلَا يَشْقَى نفسياً لا يكون تعبان،،، نفسياً لا يكون تعبان، معه مال أم لا؟ ليس لنا شأن،، فالآن ربنا سبحانه وتعالى بماذا تكفل له؟ الغاية، الغاية من الأموال ما هي؟ السعادة، فربنا يكفل لك السعادة، تقول له لا أنا أريد المال، فالآن هذا هو الهدف، هذا هو الهدف.
شخص تعبان وربنا كفل له الشفاء، فيقول لا أنا أريد أن أذهب للدكتور الفلاني وآخذ الدواء الفلاني، هل تريد أن تشفى أم تريد أخذ السبب كسبب، فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى هل نريد شيء آخر وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا معيشة أي لديه أسباب مادية، ليس لا يملك، عنده أسباب المعيشة، يستطيع أن يأكل العيش، ولكن ماذا يوجد؟ يوجد ضنك، صدره مطبق عليه ومخنوق ومتضايق وتعبان وقلقان، يملك معيشة هاهو،، لكن هذه المعيشة منغصة عليه، هذا ضنك وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى
وأما المؤمنين مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً هنا يوجد معيشة، وهنا يوجد حياة،، المعيشة: مادية فقط، والحياة: مادية ومعنوية، روح، الروح تسعد وبالتالي البدن يرتاح.
والصورة الأخرى يوجد معيشة لكن يوجد ضنك لا يستطيع أن يخرج منه، لن يستطيع أن يخرج منه، لابد أن يؤوب ويرجع إلى الله هذه خلاصة الموضوع، هذا خطاب ربنا سبحانه وتعالى للإنسان.
من عظمة رحمة ربنا أنه يقول لنا ما نحن، لماذا جئنا إلى هنا، طبيعتنا وصفاتنا، مشاكلنا التي نعاني منها، ما هي مخاوفنا؟ وبعد ذلك يعطي لنا الدواء والعلاج.
رب عظيم يرحم عباده، كل ما نحتاجه قال لنا عليه، بمنتهى السهولة واليسر والبساطة، كل المطلوب أننا نقبل نقبل نعمة ربنا، هذا القرآن نعمة ربنا، هل سنتقبلها أم سنرفضها؟
إذا تقبّلنا نعمة ربنا نحن هكذا في إطار الرعاية الإلهية الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللهِ أَلَا بِذِكْرِ اللهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ طُوبَى لَهُمْ وَحُسْنُ مَآبٍ
يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً فَادْخُلِي فِي عِبَادِي وَادْخُلِي جَنَّتِي
اللهم يا مقلّب القلوب ثبت قلوبنا على دينك
اللهم يا مقلّب القلوب ثبت قلوبنا على دينك
اللهم يا مصرّف القلوب صرّف قلوبنا على طاعتك وطاعة رسولك صلى الله عليه وسلم
اللهم إنا نسألك علماً نافعا، وقلباً خاشعا، ولساناً ذاكرا، ويقيناً صادقا، ورزقاً طيباً وعملاً صالحاً متقبلا.
اللهم إنا نسألك علماً نافعا، وقلباً خاشعا، ولساناً ذاكرا، ويقيناً صادقا، ورزقاً طيباً وعملاً صالحاً متقبلا.
اللهم إنا نعوذ بك من علمٍ لا ينفع، ومن قلبٍ لا يخشع، ومن نفسٍ لا تشبع، ومن دعاءٍ لا يسمع
اللهم إنّا نسألك فعل الخيرات وترك المنكرات وحب المساكين، وأن تغفر لنا وترحمنا وتتوب علينا وإذا أردت بقوم فتنة فاقبضنا إليك غير مفتونين
اللهم إنا نسألك حبك وحب من يحبك وحب كل عملٍ يقربنا إلى حبك
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم