Generic selectors
المطابقات الدقيقة فقط
البحث في العنوان
البحث في المحتوى
Post Type Selectors
البحث حسب التصنيف
أحداث جارية
أسماء الله الحسنى
الأذكار
التلون
السيرة النبوية
القصص في القرآن
الكتب
بني آدم والشيطان
بني إسرائيل
تراجم
تربية
تربية
تفسير
جهد الغلبان في تبيان فضائل القرآن
خطب الجمعة
خطو خاتم الأنبياء ما بين اقرأ وإذا جاء
دروس
رمضان 1436هــ - 2015م
سلم الوصول إلى علم الأصول
عقيدة
غير مصنف
كتابات
كلمة التراويح
مسألة الرزق
من قصص كتاب التوابين
من هدي النبوة
مواسم الخير
هذه أخلاقنا

أثار حكمة الله فى خلق الإنسان

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا. إنه من يهدي الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمد عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ

يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا ۝يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا

(إنما أتقبل الصلاة ممن تواضع بها لعظمتي ولم يستطل على خلقي ولم يبت مصرا على معصيته وقطع النهار في ذكري ورحم المسكين وابن السبيل والأرملة ورحم المصاب)

الملائكة تعرب عن قلقها وتخوفها، نعم إنه كذلك، الملائكة تعرب لربها عن قلقها وعن تخوفها من هذا التكوين الجديد، قالوا …أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ… …قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ… يقول الله تبارك وتعالى معلما عباده عن هذا المشهد العظيم الذي أتى في حين من الدهر لم يكن الانسان فيه شيئا مذكورا، قال تعالى وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً.. إذا الأرض كانت مكانا معلوما للملائكة في هذا الكون العظيم الفسيح الذي خلقه الله تبارك وتعالى والذي تزداد معرفة الانسان به يوما يوم بعد ويزداد إدراك الانسان لعظمة خلق الله يوما بعد يوم والذي يدرك الانسان كل يوم أنه لا يستطيع أن يحيط علما بخلق الله العظيم ولا بكون الله الفسيح، فهو يحدد سبحانه بقعة صغيرة في هذا الكون المترامي الأطراف ويخاطب ملائكته فيقول سبحانه وتعالى ..إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً..، وإذا فالأرض ليس فقط كانت موجودة ولكنها كانت أيضا معدة لاستقبال هذا الخلق، قال الله تبارك وتعالى قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَنْدَادًا ذَلِكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ۝ وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِنْ فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاءً لِلسَّائِلِينَ …وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا…. هذاحال خلق الأرض قبل أن يخاطب الله ملائكته بهذه الكلمات ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ۝فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاءٍ أَمْرَهَا وَزَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظًا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ

وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ.. الأرض التي قد هيأها سبحانه سلفا … إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً.. أجيال يخلف بعضها بعضا تتوالى وتتابع وتتلاحق الى أجل مسمي قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ… ونحن نعرف حقك ونعرف عظمتك …وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَك قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلَائِكَةِ فَقَالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلَاءِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ۝قَالُوا سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ قَالَ يَا آدَمُ أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ فَلَمَّا أَنْبَأَهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ

و إذا فالملائكة أبدتتخوفها من أم يحيل الانسان هذه الأرض الى مكان للشر والفساد وإذا فغاية ما يشغل الملائكة هو أن تكون الأرض مكانا للصلاح وللإصلاح وهم يرون أن هذا المخلوق قد يعدل عن سنن الله ويتوجه بدل الصلاح والخير والبر للفساد والإفساد، لكنهم ولأن غايتهم النصح والإصلاح إستسلموا لحكمة الله تبارك وتعالى وقالوا قَالُوا سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا.. فالذي يخاطبهم هو الذي خلقهم وهو الذي أعطاهم العلم وأعطاهم المعايير التي بها يعربون عن رأيهم وعن وجهة نظرهم إزاء خلق هذا المخلوق الجديد الذي أراد الله أن يذرأه في هذه الأرض، فلما ردهم تعالى الى علمه وحكته إستسلموا لحكمة ربهم تبارك وتعالى، ثم كان دورهم إعانة هذا العبد على أن يعبد ربه وأن يكون في طريق الخير والإصلاح وهذه طبيعة المخلوق حيننما يكون مريدا للخير، فهو لا يألوا جهدا في الإعانة على الخير الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ۝رَبَّنَا وَأَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدْتَهُمْ وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ۝وَقِهِمُ السَّيِّئَاتِ وَمَنْ تَقِ السَّيِّئَاتِ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمْتَهُ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ

وخلق الله تبارك وتعالى هذا العبد وحينئذٍ نرى موقفًا آخر، فإذا كانت الملائكة قد أعربت عن قلقها وعن تخوفها فإبليس يشجب ويستنكر قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ ماذا بين موقف الملائكة وموقف الشيطان، أما موقف الملائكة فموقف المتحسس من الشر والسوء، المحب للخير والصلاح والذي يبدي رأيه لكي يكون سبيلًا لتثبيت هذا الخير وهذا الصلاح، فإذا تبيّن له من حكمة الله ما يتبين، ومن علم الله ما أدرك أو ما لم يدرك استسلم لأمر الله وسخر طاقته في تدعيم هذا الخير وهذا الصلاح، أما الشيطان، فهو ينبع في موقفه من ذاتيته، وتقديسه وتعظيمه لنفسه، هو لا يعنيه ماذا سيحدث هذا الإنسان في هذه الأرض وإنما يعنيه أنه قد فضّل أو كرّم عليه بظنه وبنظره، إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ.

وإذن فالشيطان لا يعبر عن إرادة الخير ولا يهمه ولا يعنيه، إنما الذي يعنيه هو ذاته وعظمته وتكبره والأنا التي قد تضخمت فيه، ولذلك حين سخر الله طاقات الملائكة لإعانة هذا المخلوق أين كان إبليس؟ قَالَ رَبِّ فَأَنْظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ ۝ قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ ۝ إِلَى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ ثم استثنى من لا قبل له بهم قال إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ، فهو يطلب المهلة للفساد وللإفساد، لكي يحط من قدر هذا المخلوق الذي أراد الله أن يكرمه، وأن يستخلفه، وهو يصف نعم الله وعطاءه وإحسانه له فيقول قَالَ رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي ما معنى الغواية؟ الغواية هو: أن يسير العبد في طريق الهوى والشهوة ومعصية أمر الله، بماذا يسير في هذا الطريق؟ يسير بالنعم والعطايا والهبات التي وهبه الله إياها، هذه العطايا والمنن والهبات أكانت صالحة لأن تنصب في طريق الخير وفي طريق الطاعة وفي طريق البر أم لم تكن صالحة؟ قال تعالى في حق الإنسان وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ يسر له الطريقين، قال تعالى فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى ۝ وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى ۝ فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى ۝ وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى ۝ وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى ۝ فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى فهو يصف النعم التي أراد أن يضعها في طريق الغواية وأن يكفر بفضل الله عليه، نسب هذا لمن؟ لم ينسب هذا لفعله وإرادته واختياره وإنما أراد أن ينسب ذلك لله، وَإِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً قَالُوا وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءَنَا وَاللَّهُ أَمَرَنَا بِهَا قُلْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ ۝ قُلْ أَمَرَ رَبِّي بِالْقِسْطِ وَأَقِيمُوا وُجُوهَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ فهو يجعل نعمة الله عليه أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللَّهِ كُفْرًا أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللَّهِ كُفْرًا وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ ۝ جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَهَا وَبِئْسَ الْقَرَارُ فهو ينظر إلى منن الله عليه التي يريد أن يجعلها في طريق الغواية يسميها هي نفسها غواية وضلالًا، فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ

ثم يطلب المهلة والإنظار، قال تعالى قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ ۝ إِلَى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ هو يدرك أن الأمر بيد الله وأن القدرة له سبحانه وتعالى، وأن الملك كله لله، وأن الأمر كله إليه، فهو حينما يريد أن يغوي هذا المخلوق لا يملك ذلك إلا بأن يطلب من الله أن ينظره، وأن يحفظ عليه نعمه، لأنه لا يستطيع أن يغوي هذا الإنسان إلا إذا استخدم طافاته وقدراته التي أولاه الله إياها في ذلك فهو يحتاج إلى أن يحفظ الله عليه ما أمده به من النعم، وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ وَأَجْلِبْ عَلَيْهِمْ بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ وَشَارِكْهُمْ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ وَعِدْهُمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا وهي وقفة مخيفة، قانون الإنظار، أن العبد قد يتغالى في شركه وكفره وضلاله وإفساده، ويبقى منظرًا من قبل ربه تبارك وتعالى لا يأخذه بذنبه ولا يعاقبه به، فيظن أو يُظن فيه أن ربه – عياذًا بالله – لا يقدر عليه أو لا يستطيع أن يأخذه، فيكون مستدرجًا بإمهال الله وبعطاء الله، قال صلى الله عليه وسلم (إذا رأيت الله يعطي العبد من الدنيا وهو مقيم – وهو مقيم – ) لا يحول عنها ولا يزول (إذا رأيت الله يعطي العبد من الدنيا وهو مقيم على معصيته فاعلم أن ذلك منه استدراج ثم تلا صلى الله عليه وسلم فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ ۝ فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.

فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ۝فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ يقول صلى الله عليه وسلم إن الله ليملي للظالم حتى إا أخه لم يفلته، ولذلك قال الله تبارك وتعالى وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ وَقَالَ لَا غَالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ وَإِنِّي جَارٌ لَكُمْ فَلَمَّا تَرَاءَتِ الْفِئَتَانِ نَكَصَ عَلَى عَقِبَيْهِ وَقَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكُمْ إِنِّي أَرَى مَا لَا تَرَوْنَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ وَاللَّهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ وقد ذكرنا قبل أن الشيطان قد برز بشخصه ونفسه في حرب رسول الله صلى الله عليه وسلم مرتين، يتدخل بنفسه في لحظات يراها لحظات خطيرة لابد فيها من أن يدير الأمر بنفسه ولا يكتفي بوسوته ولا بجنوده وإنما يدير الأمر بنفسه،فيأتي للملأ من قريش وهم يأتمرون على رسول الله صلى الله عليه وسلم وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ فهو يجلس بنفسه لكي يفاضل بين الآرارء ويختار أيها أشد نكاية وأشد خطراً لأنه يرى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لو انتقل إلى المدينة انتقل نور الإيمان نقله لا يستطيع هو بعد أن يقضي عليه، ثم برز مرة أخرى في يوم بدر، يوم الفرقان يوم التقى الجمعان، يوم فصل الله بين الحق والباطل، فهو يرى أن هذا يوم له ما وراءه، ولذلك لا تعجب حين ترى رسولك صلى الله عليه وسلم يرفع يديه إلى ربه ويناجيه فيقول: اللهم إن تهلك هذه العصابة فلن تعبد في اأرض بعد اليوم، وكان إبليس يدرك ذلك، فأتى إلى الملأ من قريش وهم على بئر بدر في صورة سراقة بن مال، لماذا؟ لأنه كان بين سراقة وبين قريش نوع من خصومة وعداء، فكان قريش تخشى إن خرجت من مكة وخلت مكة من رجالها أن يستثمر سراقة الفرصة فيغزو مكة، فأتاهم الشيطان في صورة سراقة داعماً لهم مؤكداً أنه معهم بل هو مدعم ومؤيد ومقاتل معهم، وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ وَقَالَ لَا غَالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ وَإِنِّي جَارٌ لَكُمْ فلما رأى الملائكة نزع منهم يده وفر وألقى بنفسه في البحر ورفع يديه إلى ربه تبارك وتعالى وقال: اللهم وعدك الذي وعدتني، لقد خشي أن يؤخ مع هؤلاء، فهو يجدد مع الله تبارك وتعالى عهد الانظار، أنه منظر إلى يوم يبعثون.

وإذاً فنحن أمام موقفين: موقف مالا يرى لنفسه ذاتية ولا عظمة، وإنما لا يفكر إلا في الخير وإمضائه وحينما يقلق وحينما يتوتر وحينما يخاف إنما يخاف على الحق وعلى الخير، فإذا أراد الله أمراً سخر طاقته في تأييد وتدعيم الحق والخير، وفي مقابل ذلك مالا يرى إلا نفسه، من لا يرى إلا ذاتيته، وفي سبيل اتيته هو يفعل أي شيء، ى لو كان في ذلك هلاكه، هو نفسه، فالشبطان يسير في طريق يعرف هو نهايته، ولذلك لا عجب أن يخبر الله تبارك وتعالى قائلاً وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ يخاطب أوليائه الذين استجرهم إلى عذاب ربهم تبارك وتعالى عياذاً بالله من ذلك، إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلَا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ مَا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْلُ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ۝وَأُدْخِلَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ

أقةل قولي هذا واستغفر الله لي ولكم..

الحمد لله رب العالمين، والآن فما هو الإنسان؟ هذا الخلق الجديد الذي خلقه الله تبارك وتعالى، الملائكة هم من يعرفون ربهم بالالهام، الملائكة يرفون ربهم ويعرفون عظمته بالفطرة والإلهام، أما الإنسان هو العبد الذي يععرف ربه تبارك وتعالى بالتعريف والاكتساب، ولذلك فإيمان الملائكة لا تعرض له الزيادة ولا تتصور فيه أما إيمان الإنسان فيزداد كل يوم بزيادة معرفته بالله ويقينه به، فهو يكتسب من أخبار الله ومن آلاء الله ومن آيات الله ومن علم الله الذي علمه إياه وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا يستزيدكل يومٍ علماً يقربه من الله، فالله تبارك وتعالى بحكمته قد خلق مخلوقاً يسعى لمعرفة الله، يزداد كل يوم إيماناً ويزاداد كل يوم يقيناً، هذا أولاً، الأمر الثاني: هذه المخلوقات ألتي خلقها الله من نور لا يتصور من النور إلا النقتء والصفاء، وأما هذا المخلوق فيظهر الله في خلقه من آلائه ومن رحمته ما لم يكن يظهر لولا خلق هذا المخلوق، فقد خلق الله تبارك وتعالى قوة تصترع مع ضعف، خلق قدرة تصترع مع عجز، خلق خلقاً فيه الضعف وفيه النقص وفيه قبول الغواية وقبول الاضلال، فلما خلق هذا الخلق تبين من عظمة خلقه ما لم يكن يتبين، ترى الملائكة من عظمة ربها: علمه وحكمته ترى قدرته ترى عظمة خلقه وترى من رحمته، ولما خلق هذا المخلوق علمنا نحن عن حلم الله تبارك وتعالى ما لم يكن لنا أن نعلمه لولا هذه التجربة، علمنا عن ستر الله تبارك وتعالى ما لم نكن نعلمه لولا هذا الخلق، علمنا عن مغفرة الله تبارك وتعالى وعن سعة هذه المغفرة، علمنا عن توبة الله تبارك وتعالى، علمنا عن عفو الله تبراك وتعالى وعلمنا عن بره ورأفته وإحسانه وعطائه، وعلمنا عن قهره وعن جبروته وعن إنتقامه وغضبه تبارك وتعالى.

وإذاً فخلق هذا المخلوق مبني على أمرين: أنه يكتسب إيمانه بالله ويجهد في هذا الإيمان، قال الله تبارك وتعالى وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ وظهرت في هذا الخلق من آثار عظمة الله تبارك وتعالى وعظمة صفاته وعظمة أسمائه وعظمة أفعاله مالم يكن يظهر لخلقه ومالم تكن تظهر تجالياته لولا هذا الخلق ولولا هذا لتقدير ولذلك ظهرنا قبل أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يخبر أنه يتوسل إلى الله تبارك وتعالى ويتضرع إليه في يوم القيامة ويحمده سبحانه وتعالى بمحامد، يقول صلى الله عليه وسلم وهو يخبرنا بذلك: لم تفتح عليا اليوم، أي أنني الآن وأنا أكلمكم لم يرتقي علمي ولا معرفتي به سبحانه وتعالى لهذا الحد الذس يجري الله به على لساني هذه المحامد لماذا؟ لأنه تظهر من آثار عظمته سبحانه وتعالى في هذا اليوم الموعود ما لم يكن يظهر في هذا العالم الضيق المحدود، وإذاً فالمؤمنون يعرفون من عظمة ربهم في يوم لقائه ويعرفون من عظمة ربهم حينما يورثهم جنته نسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعلنا من أهل الجنة ما لم يكن يعرفونه في هذه الدار الدنيا.

وإذاً فنحن أمام تجربة واختبار، يقوم على السعي لاكتساب الإيمان وعلى الادراك والمعرفة لآثار عظمة الله تبارك وتعالى ورحمته في هذا الخلق وفي هذه الحياة، وفي أنفسنا نحن وفي علاقتنا نحن بالله، في تاريخ كل عبد منا مع الله كثير من آثار المعرفة بالله، كلنا ندرك من رحمة الله به ومن استجابة الله له ومن كشف الله لكربته ومن ستر الله لعيبه ومن مغفرة الله له ومن توبة الله عليه ومن حلم الله به ومن رأفة الله به ما يعرفه من نفسه يقيناً بتجربة العبد الشخصية مع الله، هذا العلم وهذه المعرفة وهذه المشاعؤ وهذا الإيمان لا يتسنى إلا لهذا المخلوق الذي خلقه الله على هذه الطبيعة وعلى هذه الصفة ووضعه في هذه التجربة وفي هذا الاختبار، أذن الله للشيطان بالإنذار ثم أمر عباده أن يلتجأوا إليه ويعتصموا به ويحتموا لكي يحميهم من كيد الشيطان، وأخبرهم قائلاً إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا أمرهم أن يعوذوا بربهم ويلجأو إليه وحينئذٍ يستشعرون حماية الله لهم.

قلنا قبل ذلك ما الفرق من أن تقول أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ومن أن تقول أستعيذ بالله من الشيطان الرجيم، استعيذ أطلب من الله تعالى أن يعيذني أي يحميني وأن يعصمني، فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ كيف تستعيذ؟ تقول أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، أعوذ أي ألتجأ وأعتصم، فكأني حين أقول أستعيذ كأني أطلب من العياذ الإلهي أن يحيط بي فيحميني أما أعوذ فأنا الذي أسعى وألوذ واحتمي، إذا تعرض شخص لطفل صغير بما يؤذيه فرأى أباه إذا استعاذ به قال له: يا أبت أدركني، أما إذا عاذ به فهو يجري ويقف وراء ظهره محمتمياً، هذا شأن وهذا شأن، أمرنا الله تبارك وتعالى أن نلجأ إليه وأن نعتصم وأن نحتمي، ” نجري ” لكي نحتمي، ولا نقف، انظر إلى الفرق في هذا الحد الضيق، لا نقف ونقول يا رب أغثنا، لا، الفعل الفطري للطفل أنه سيهرول إلى أبيه، بمجرد أن يريى أباه سيحتمي به، وحين يحتمي به يشعر بالأمان، مثل هذا أيوجد في خلق الله للملائكة؟ على عظمة خلقها وعلى عبادتها الدائمة الازمة لربها تبارك وتعالى.

وإذاً تظهر من رحمات الله ومن عطف الله على خلقه ومن شفقة الله عليهم ومن إحسانه وبره بهم ما لم يكن يظهر لولا خلق هذا المخلوق الذي خلقه الله بهذه الصفة ولذلك عقب تعالى فقال إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ.

وإذاً كما قلنا أن الموضوع يتلخص في نقطين، أن الله خلقنا لاكتساب الإيمان إضافة إلى خلق خلقه الله قد ألهم الإيمان، فإذا اكتسب العبد الإيمان أو سعى لاكتسابه فهو يسعى لمسامات ملائكة الرحمن، الأمر الثاني أنه لا تظهر آثار هذه العظمة وآثار هذه الرحمات إلا بأن يخلق الله هذا المخلوق فيدرك كل يوم ما يقربه من الله تبارك وتعالى، ما يشعره بوجود الله في حياته، ما يشعره بقرب الله منه ولذلك قال تعالى ملخصاً حقيقة العلاقة بين العبد وبين الرب يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ لا يمكن للعبد أن يستغني عن ربه، لأنه فقير في غاية الاحتياج، إلي القوة يحتاج؟ إلى السند يحتاج؟ إلى الولد يجتاج؟ يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ إذا افتقر العبد إلى ربه صار غنياً، وإذا افتقر إلى غيره ازداد فقراً، هذا المخلوق الفقير إلى الله أي الذي يحتاج إليه في كل طرفة عين وفي كل تنفس نفس إنما خلق ليسد فقره باستناده إلى الغني، فإذا استند إليه صار غنياً وإلا بقي فقيراً.

لا يمكن للإنسان مهما أدعى أنه يملك الاستغناء أن يستغني عن الله كَلَّا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى ۝ أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى وهي ليست الحقيقة، الناس كلهم في غاية الفقر والاحتياج إلى الله، منهم من يتواضع فيظهر فقره ومنهم من يستكبر فيخفي فقره، أهل التواضع لهم الجنة وأهل الاستكبار عياذاً بالله لهم النار، (لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر) ولذلك كان العبد أقرب ما يكون من الرب حينما يتواضع لربه فيسجد له، فإذا سجد لله أسجد الله له ملائكته.

اللهم خذ بأيدينا إليك أخذ الكرام عليك لا تفضحنا بين خلقك ولا بين يديك

اللهم ارحمنا فأنت بنا راحم ولا تعذّبنا فأنت علينا قادر والطف بنا يا مولانا فيما جرت به المقادير واختم لنا بخاتمة السعادة أجمعين

اللهم ارحم في هذه الدنيا غربتنا، وارحم اللهم عند الموت كربتنا، وارحم اللهم في القبور وحشتنا، وارحم اللهم في القيامة ذل مقامنا بين يديك

اللهم إنّا نسألك فعل الخيرات وترك المنكرات وحب المساكين، وأن تغفر لنا وترحمنا وتتوب علينا وإذا أردت بقوم فتنة فاقبضنا إليك غير مفتونين

اللهم إنا نعوذ بك من جهد البلاء، ومن درك الشقاء، ومن سوء القضاء، ومن شماتة الأعداء، ومن عضال الداء، ومن خيبة الرجاء.

اللهم إنا نعوذ بك أن نقول زوراً أو نخشى فجوراً

اللهم اكفنا بحلالك عن حرامك وأغننا بفضلك عن من سواك

أقول قولي هذا واستغفر الله.