Generic selectors
المطابقات الدقيقة فقط
البحث في العنوان
البحث في المحتوى
Post Type Selectors
البحث حسب التصنيف
أحداث جارية
أسماء الله الحسنى
الأذكار
التلون
السيرة النبوية
القصص في القرآن
الكتب
بني آدم والشيطان
بني إسرائيل
تراجم
تربية
تربية
تفسير
جهد الغلبان في تبيان فضائل القرآن
خطب الجمعة
خطو خاتم الأنبياء ما بين اقرأ وإذا جاء
دروس
رمضان 1436هــ - 2015م
سلم الوصول إلى علم الأصول
عقيدة
غير مصنف
كتابات
كلمة التراويح
مسألة الرزق
من قصص كتاب التوابين
من هدي النبوة
مواسم الخير
هذه أخلاقنا

إرادة الإنسان هي المنجاة

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا.

إنه من يهدي الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمد عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ

يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا ۝يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا

ثم أما بعد: قال الله تعالى الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا

الرجال قوّامون على النساء – أي قائمون بأمر النساء مسؤلون عنهنّ أمام الله تبارك وتعالى بخصيصتين، الأولى: بتفضيل الله عز وجل لهم لأنهم أكمل عقلاً وأوفر حلما، وأنهم أجلد على مكابدة مشاق الحياة، وهذا من عظيم حكمة الله عز وجل في خلقه أنه يخلق كل خلق على حسْب وظيفته، وعلى حسب مهمته التي أنشأه الله عز وجل من أجلها، قال تعالى فَقُلْنَا يَا آدَمُ إِنَّ هَذَا أي الشيطان عَدُوٌّ لَكَ وَلِزَوْجِكَ فَلَا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَى لم يقل سبحانه وتعالى فتشقيا، وقصد بالشقاء هاهنا ليس الشقاء القلبي الذي هو التعاسة والضنك، وإنما الشقاء الحسيّ الذي هو مكابدة مشاقّ الحياة وتوفير احتياجاتها الأساسية فهم قائمون على أمر النساء، والمقوّم الثاني وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ فالله عز وجل إنما خلق كل خلقٍ بما يناسب وظيفته ومهمته ولذلك كان نقصان العقل الذي أخبر عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم في حقّهنّ إذا قورن بوظيفتهنّ لا يعدّ في حقيقته نقصا، فأنت إذا أُكل إليك رعاية ابنك الرضيع فبكى بين يديك لم تطق أن تصبر عليه ولو خمس دقائق فربما سجّرت به التنّور أو ألقيته من النافذة إلى حيث الهاوية فهذا الخلق إنما كان لحكمة بالغة منه سبحانه وتعالى فَالصَّالِحَاتُ المستقيمات على أمر الله تبارك وتعالى فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ فالله سبحانه وتعالى لما ذكر النساء الصالحات وصفهنّ بوصفين الأول: القنوت وهو الملازمة والمداومة لطاعة الله تبارك وتعالى فهذا هو الأصل، هذا الصلاح هو الذي سوف يقودها إلى القيام بما أوجب الله عز وجل عليها تجاه زوجها وتجاه بيتها، فهذا إنما هو فرع عن أصلٍ وهو القنوت والطاعة والسعي لنيل رضوان الله تبارك وتعالى.

قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ يحفظن أزواجهنّ في حال غياب الأزواج،، فإذا كنّ كذلك فهنّ في حال الحضور أكثر حفظا، وإنما ذكر الغيب، لأنها إنما تفعل ذلك طالما أن الزوج غائب إنما تفعل ذلك مراقبة للذي لا يغيب وهو الرب سبحانه وتعالى وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ والنشوز:هو الارتفاع والاستعلاء والاستكبار، فَعِظُوهُنَّ وهذا أصلٌ من أصول الشرع وهو الدفع بالأسهل، يعني الإنسان إذا أراد أن يدرء شرّاً أو يدفع سوءاً فهو يدفعه بالأقل فالأقل، ثم يتدرج في درجاته شيئاً فشيئاً فَعِظُوهُنَّ فإن لم يؤتي هذا ثمرته ولم تنزجر بتذكيرها بالله تبارك وتعالى انتقل إلى درجة أُخرى أنه يهجر في البيت فإن لم يأتي هذا بثمرة انتقل إلى درجة أُخرى وهو الضرب، لكنه الضرب غير المبرح كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديث مسلم، ليس الضرب الذي يرتب تقريراً طبيّاً أو يودي بالمرأة إلى أن تذهب إلى النريمان في نهاية النهار ليس هذا هو الضرب الذي أمر به الله تبارك وتعالى أو أباحه أو أخبر عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا لأن هذا إنما المقصود منه الإصلاح، فإن تحقق الإصلاح وعادت إلى الطاعة كان هذا بغيّاً وعدواناً والله سبحانه وتعالى يحذّر منه فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا الله سبحانه وتعالى الذي أمر بهذا هو العليّ وهو الكبير الذي يملك ويقدر أن يعاقب هذا الإنسان الذي يتجاوز حدّه والذي يظلم ولا يتقي الله تبارك وتعالى، ثم قال تعالى إذا لم يجدي كل هذا، وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا الأمر تفاقم وتجاوز هذا الحد، فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا هذه الجملة هي الشاهد الذي نبحث عنه منذ يومين، تكلمنا في أسبوعنا الماضي عن التوفيق من الله تبارك وتعالى وعما يستجلب به العبد توفيق الله تبارك وتعالى فذكرنا أن التوفيق أن يسدد الله عز وجل الإنسان، أن يوفقه لكل خير، أن يجعل خطواته في طريق صلاحه وسعادته في الدنيا والآخرة وهذه أعظم منّة يمنّ الله عز وجل بها على عبدٍ من عباده، وأن الإنسان يحصّل هذا التوفيق بأن يستعين بالله تبارك وتعالى ويدعوه ويتوكل عليه ومعنا الآن في هذه الجملة الأمرالثاني، من الذي يستحق أن يوفقه الله، لمن يعطي الله عز وجل توفيقه ورحمته إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا الإرادة شيء انطوي عليه قلب الإنسان وصدره، هو يريد الخير، كل من كان مريداً للخير وفقه الله عز وجل له،كل إنسان مريد للإصلاح لابد أن يوفقه الله عز وجل للإصلاح والبر وللتوفيق لكل خيرٍ في الأولى والآخرة إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا.

إذاً هناك فعل للعبد وهناك فعل للرب سبحانه وتعالى فعل العبد هو إرادته القلبية الداخلية التي لا يطلع عليها إلا الله، فإن فعل هذا جاءه التوفيق ولكن التوفيق يكون ممن، من الله تبارك وتعالى. إذاً المطلوب من الإنسان إن هو يريد الخير وأن يحرص على فعل الخير، فإذا فعل ذلك وفّقه الله عز وجل للخير وأنزل عليه رحماته وبركته وكرمه وكرمه ومننه ونعمه تبارك وتعالى إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا

في مصنف عبدالرزاق عن ابن أبي مليكة، قال تزوّج عقيل بن أبي طالب بفاطمة بنت عتبة بن ربيعة فقالت: تصبر لي وأنفق عليك، تصبر لي – أي تحمّلني – هما الاثنين كبار في السن، تصبر لي أي هي ستتعبه، وهي تعلم ذلك، وهي غنيّة وهو فقير شديد الفقر، فأنت تحمّلني وأنا أنفق، فقبل

فكان إذا دخل عليها قالت – كل ما يدخل البيت – قالت: أين عتبة بن ربيعة، أين شيبة بن ربيعة،، عتبة بن ربيعة هذا أبوها وشيبة بن ربيعة عمها، والوليد بن عتبةبن ربيعة، هؤلاء الثلاثة هم الذين خرجوا في أول يوم بدر في مقاتلة بين المسلمين وبين المشركين فطلبوا المبارزة، خرجوا يطلبون المقاتلة، فلما خرجوا خرج إليهم ثلاثة من الأنصار، قالوا: لا، نحن نريد أن نقاتل أقاربنا من بني هاشم، هم يريدون أن يقاتلوا هؤلاء، لا يريدوا أن يقاتلوا هؤلاء الأنصار، فخرج إليهم حمزة رضي الله عنه وعليّ بن أبي طالب ابن أخيه، وعبيدة بن الحارث بن عبد المطلب ابن أخيه الآخر.

فعتبة وشيبة والوليد، وفي الطرف المقابل حمزة وعليّ وعبيدة، فلما وقعت المبارزة قتل عتبة وشيبة والوليد وأصيب عبيدة بن الحارث رضي الله عنه ثم مات متأثرّاً بجراحه بعد ذلك، ولذلك كان عليّاً رضي الله عنه يقول:لا تدعو إلى المبارزة – لا تدعو إلى المقاتلة – فإذا دعيت فأجب تُنصر لأن الداعي الباغي، فهؤلاء لما بغوا وتعدوا قهرهم الله عز وجل وهزمهم.

فهي تقول له: أين عتبة بن ربيعة وأين شيبة بن ربيعة، لأن أبوها وعمها وأخوها، إنما قتلوا بيد أخيه عليّ بن أبي طالب وعمه حمزة، وابن عمّه عبيدة بن الحارث، يعني أنتم الذين قتلتم أبي وعمي وأخي، كلما ذهب ورجع تقول هذا الكلام، وهو يتحمّل، هي قالت: تصبر، وهو صابر، حتى جاء يوماً وهو برم، هو داخل من خارج الدار متضايق، فاستقبلته بكلمتها: أين عتبة بن ربيعة، أين شيبة بن ربيعة، فقال: على يسارك في النار إذا أنت دخلت،، أول ما تدخلي النار ستلقيهم على يسارك في النار، فلما سمعت ذلك جمعت عليها ثيابها، وذهبت إلى عثمان رضي الله عنه تشتكي إليه زوجها.

عثمان رضي الله عنه هو أمير المؤمنين؛ الذي يحمل هموم هذه الأمة جميعاً على هذه الرقعة الشاسعة من الأرض، فهو الذي يجيش الجيوش ويحمي الثغور ويجمع أموال الخراج، ويحمل أموال الزكاة ويوزع هذه الأموال ويراعي فروقات الناس، ويراعي احتياجاهتم، في وسط هذا الزخم العظيم من المشاغل والاهتمامات، تأتيه هذه المرأة لتخبره أن زوجها قال لها ذلك، فلما سمع عثمان لذلك رضي الله عنه ضحك، ثم أرسل ابن عباس ومعاوية رضي الله عنهما إليهما كحكمين فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا ابن عباس ابن عم عقيل بن أبي طالب، ومعاوية ابن أخت فاطمة وأبوه ابن عمّها، فقال ابن عبّاس: والله لأفرّقنّ بينهما، أصل مش كل شوية مشاكل مشاكل، فأفضل حاجة، وهذا يكون أحياناً الإصلاح ربما يكون في بعض الأحيان القليلة يكون في التفريق.

وقال معاوية وكان سيدّاً حليما قال: والله لا أفرّق بين شيخين من بني عبد مناف، أما أنا فلا أفعل، فذهبا إليهما فوجدوهما قد أصلحا ما بينهما وأغلقا عليهما بابهما فرجعا، وهذا أصلٌ في علاج المشاكل أن المشاكل طالما بقيت في إطار البيت لم تخرج من هذا الإطار لم يتم تدويّها إلى الآباء والأمهات والإخوان والأخوات، فإن من السهولة واليسر أن تحلّ وأن تدرء هذه المشكلات، أما إذا اتّسع إطارها، كان من الصعوبة بدخول الناس خاصةً في زماننا هذا الذي لا يدخل فيه الناس غالباً لإرادة الإصلاح، فإنه يكون من الخير ألا يتّم توسيع هذه الدائرة.

إذاً ما نريد أن نقول أنه إذا وقعت إرادة الإصلاح، ومن عظيم بلاغة كلام الله تبارك وتعالى أنه قال إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يريدا من هم، الحكمين أم الزوجين، هذان وهذان، الحكمان يريدا الإصلاح، والزوجين راغبين أيضاً في الإصلاح وإنما عرض لهما عارضٌ من غضبٍ أو من حميّة، فإن أرادوا إصلاحاً أي هؤلاء جميعاً أحدث الله عز وجل لهم حينئذٍ توفيقاً وإصلاحاً.

إذاً ما نريد أن نقول أنه إذا كانت الإرادة للإصلاح وللخير في قلب العبد فإن الله عز وجل يوفّقه لكل خير.

قال الله تبارك وتعالى في ذكر قصّة شعيب عليه السلام وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ وَلَا تَنْقُصُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ إِنِّي أَرَاكُمْ بِخَيْرٍ أنتم في نعمة من الله عز وجل فاشكروها ولا تكفروها إِنِّي أَرَاكُمْ بِخَيْرٍ وَإِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ مُحِيطٍ ۝وَيَا قَوْمِ أَوْفُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ بَقِيَّتُ اللَّهِ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ما يبقيه الله عز وجل لكم من خير في الدنيا، وما يدّخره لكم من ثواب في جنّته في الآخرة هو خيرٌ لكم من معصيته ومخالفة أمره، بَقِيَّتُ اللَّهِ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ وَمَا أَنَا عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ ۝قَالُوا يَا شُعَيْبُ أَصَلَاتُكَ تَأْمُرُكَ أَنْ نَتْرُكَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا أَوْ أَنْ نَفْعَلَ فِي أَمْوَالِنَا مَا نَشَاءُ إِنَّكَ لَأَنْتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ هم يقولون هل هذه الصلاة التي تصلي تدعوك أن تصدّنا عن هذه العبادة التي نعبد، أو أن تلزمنا ألا نتصرف في أموالنا بما نحب وبما نشاء إِنَّكَ لَأَنْتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ نحن كنا نقول عليك أنك رجل عاقل ما الذي تقوله هذا، فهؤلاء هم أول من سطّر الله عز وجل عنهم في كتابه أنهم قالوا أن عبادة الإنسان لله وأن دين المرء ليس له علاقة بشئون هذه الحياة، هذه الصلاة شيء وهذه العبادة شيء وأما مجريات الحياة وتصرفات الناس في هذه الحياة فلا شأن للرب تبارك وتعالى بها رغم أن الله تبارك وتعالى لما ذكر لصلاة خاصة قال إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ فالصلاة إذاً في الحقيقة فعلاً هي تأمر وتنهى، تأمر بكل خير وبرّ وتنهى عن كل شرٍّ وسوء، فالإنسان إذا أقام الصلاة حقّ إقامتها دفعته لكل خير ونهته عن كل شر، ولذلك تقدّم معنا سابقاً، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كما في المسند وصحيح ابن حبّان من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قيل له: يا رسول الله ن فلاناً يصلي بالليل فإذا أصبح سرق. هم يعجّبون من شأن إنسان، هو يصلي النافلة، يصلي القيام ليس الفريضة هذا أمر مفروغ منه، هو يصلي قيام الليل، لكنه إذا أصبح غلبته نفسه فسرق، النبي صلى الله عليه وسلم ماذا قال، قال سينهاه ما تقول، هذه الصلاة التي تخبر عنها إنها سوف تعظّم أمر الله في قلبه، سوف تعظّم خشية الله في قلبه، فسوف يحمله هذا على أن ينكفّ عن هذا الفعل الذي يغضب الله تبارك وتعالى، قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَرَزَقَنِي مِنْهُ رِزْقًا حَسَنًا وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ أنا لا آمركم بهذه الأشياء ولا أنهاكم عن هذه الأشياء ولا أنهاكم عن هذه المنهيات طلباً للمخالفة، ولا أنهاكم عن أشياء فاءتي مثلها، أو آمركم بأشياء فلا أفعلها، هو يقول: إن ما آمركم به هو ما أمرني الله عز وجل به وهو ما ألزمت به نفسي أولاً قبل أن أدعوكم إليه، وهكذا كل شخص مريد للإصلاح لابد أن يلتزم هو أولاً بما يأمر به لكي يكون لكلامه أثراً في الناس الذين يخاطب، أما إذا كان يأمر بشيء ولا يفعله، أو ينهى عن شيء وهو يأتيه، كان هذا صادّاً للناس عن التزام قوله أو اتباع أمره، لأنه لو كان هذا حقّاً وصواباً لكان هو أول الناس الذين يلتزمون به.

وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ وهذا هو شاهدنا الثاني أما الأول إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا وهذا هو الثاني إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ هو يقول هو يريد الإصلاح قدر استطاعته، لا يكلف الله نفساً إلا وسعها فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ هو يبذل وسعه والأمر بيد الله، ثم هو لما كان مريداً للإصلاح ينتظر التوفيق له من الله تبارك وتعالى إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ هو يعتمد على الله تبارك وتعالى ويذكّر نفسه وإياهم أنه راجع إلى الله تبارك وتعالى يعطيه ثواب عمله وثواب إصلاحه فمهمة النبيين، ومهمة كل أتباع النبيين إنما هي تحقيق الصلاح والإصلاح لمجتمعاتهم فضلاً عن خواصّ أنفسهم.

قال الله تبارك وتعالى في سورة الأنفال يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِمَنْ فِي أَيْدِيكُمْ مِنَ الْأَسْرَى إِنْ يَعْلَمِ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْرًا يُؤْتِكُمْ خَيْرًا مِمَّا أُخِذَ مِنْكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ۝ وَإِنْ يُرِيدُوا خِيَانَتَكَ فَقَدْ خَانُوا اللَّهَ مِنْ قَبْلُ فَأَمْكَنَ مِنْهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ الله سبحانه وتعالى يأمر رسوله صلى الله عليه وسلم أن يقول للمشركين، للمشركين الذين أسرهم المسلمون في يوم بدر، وكانوا زهاء سبعين نفساً أن يقول لهم إن الله عز وجل إذا علم في قلوبهم خيراً أي إرادة للخير، إرادة للإيمان، إرادةً للعودة إلى الله تبارك وتعالى، إرادةً لإصلاح ما في أنفسهم، فإن الله سبحانه وتعالى سوف يؤتيهم خيراً مما أخذ منهم، أخذ منهم أي المال، هم أُسروا ففدوا أنفسهم بأموال ربما كثرة أو قلّت على حسب أحوالهم، فالله سبحانه وتعالى يقول لنبيه وهو يودّعهم وهم عائدون إلى مكّة بعدما دفعوا الأموال وتعاهدوا بألا يحاربوا رسول الله صلى الله عليه وسلم في يومٍ بعد هذا اليوم، أن يقول لهم: إن كانوا وهم عائدون إلى ديارهم، وهم لازالوا على الشرك عائدون إلى ديار الشرك، إنكم إن علم الله عز وجل في قلوبكم خيراً أنكم مريدون للخير فعلاً، أنكم تبحثون عن الحق وعن الحقيقة، تبحثون عن الهداية وعن الإيمان، فإن الله سبحانه وتعالى سوف يوفّقكم لأمرين أولاً ذكر المال أولاً لأنه له وقع في النفوس وَأُحْضِرَتِ الْأَنْفُسُ الشُّحَّ الإنسان بطبيعته شحيح حريص على المال، فأول حاجة ربنا وعدهم بها بأنه يرد لهم أفضل من المال الذي ذهب منهم، والأمر الثاني: أن يغفر لهم ويوفّقهم للهداية والإيمان.

فهذه النفوس لمّا كانت لم تدخل في الإيمان بعد كان المال عندها لازال أعظم من الدين، الدنيا أعظم من الآخرة، الله سبحانه وتعالى قدّم لهم هذه الدنيا ثمّ عقّب عليها بذكر الآخرة لذلك روي في الدر المنثور: أن المشركين كان يهجوهم من الصحابة ثلاثة رجال، يعني المشركين كانوا فيهم شعراء بيسبوا النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة والمؤمنين، فكان الصحابة يجيبونهم، يردّون ويذبّون عن عرض رسول الله وعن المؤمنين؛ حسّان بن ثابت، كعب بن مالك، وعبدالله بن رواحة، فكان حسّان بن ثابت وكعب بن مالك يعيّرونهم بأمور من أمور الجاهلية في التاريخ عندهم وبالأنساب وبغيرها، وكان عبد الله بن رواحة بيعيرهم بالشرك، يعني أكبر شيء بيعيرهم به أنهم مشركين، أصل لا يوجد سب أكبر من هذا، ما المشكلة أنهم مشركين، لكن ما الذي يضايقهم، كلام حسّان بن ثابت وكعب بن مالكظن فلما أسلموا كان أشدّ الكلام عليهم كلام عبدالله بن رواحة، أي لما بدأوا يترجموا ويفهموا الدين، أن أكثر الثلاثة في السب لا حسّان بن ثابت ولا كعب بن مالك، ولكنه عبد الله بن رواحة لأنه كان يقول لهم أنكم مشركين، لا يوجد أكبر من هذه نقيصة، ولذلك الله سبحانه وتعالى لما كانوا في حال الشرك بشّرهم أولاً بأنهم إذا كان في قلوبهم خير فإن الله سبحانه وتعالى سوف يعوّضهم عن هذا المال الذي فقدوا وسوف يغفر لهم ذنوبهم.

العباس بن عبدالمطلب رضي الله عنه لما أُسر في يوم بدر أمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يفدي نفسه وأن يفدي عقيل بن أبي طالب الذي كان معنا منذ قليل زوج فاطمة بنت عقبة وأن يفدي نوفل بن الحارث وهذين الاثنين أولاد أخوته، هو غنيّ وهؤلاء فقراء، فيفدي نفسه ويفديهم فقال أنا ليس معي مال.

فالنبي صلى الله عليه وسلم قال: فمال بال المال الذي دفنته في دارك قبل أن تخرج وقلت لأم فضل – زوجته – إن أُصبت – أنا خارج الآن – إن أُصبت فمالي لأولادي الفضل وعبدالله وخثم، – أين المال الذي تخبئها. فقال: يا رسول الله إني أعلم أنك رسول الله وإن هذا الأمر لا يعلمه إلا أنا وأم الفضل فإن الله سبحانه وتعالى قد أخبرك بها – فعندما كان الأمر هكذا اضطر أن يبعث المال وينفق.

فقال للنبي صلى الله عليه وسلم أنت حينما أسرتموني أخذتم مني عشرين أوقية أعطوها لي وأنا أعطيكم منها، يعني الفلوس التي أخذت منه، الغنيمة يريد أن يأخذها مرة أخرى ويدفع بها الفدية ويذهب.

قال: لا، إن هذا مال رزقه الله عز وجل للمؤمنين، فلما كان في أواخر أيام رسول الله صلى الله عليه وسلم جاءه مالٌ من البحرين كثير، فالنبي صلى الله عليه وسلم أمر بها فنثرت في المسجد، – كوموا الفلوس في الأرض – فالنبي صلى الله عليه وسلم خرج للصلاة ولم يلتفت إلى هذا المال، فلما قضيت الصلاة جلس أمام المال فما رأى أحداً إلا أعطى له، كلما رأى أحد ينادي عليه ويعطيه من المال.

يقول حميد بن هلال: لم يكن يومئذٍ عدد ولا وزن وإنما كان قبضاً، يعني لا يقول خذ كذا من المال،، لا من يأخذ شيء لا يعده، الفلوس موجودة لا يعد وارء أحد شيئا، فجاء العباس فقال: يا رسول الله إني فاديت نفسي وعقيلا.

أنا زمان منذ سبع، أو ثمان سنوات فديت، فالنبي صلى الله عليه وسلم قال: أمامك فخذ، إذا أردت فالمال أمامك، فجعل يحثو في ثوبه – فرد العباية بتاعته وقعد يلم فيها المال – فأراد أن يقوم فما أطاق – مش عارف يشيل الفلوس – ، فقال يا رسول الله: مر أحدهم فليحمل عليّ، – قل لأي أحد من القاعدين يحملني الفلوس على كتفي – ، قال: لا، قال: فاحمل أنت علي، قال: لا، فنثر منها – أنزل منها قليلاً – ثم أراد أن يقوم فما استطاع، – مرة أخرى – قال يا رسول الله: مر أحدهم فليحمل علي، قال:لا، قال: فاحمل أنت عليّ، قال: لا، فنثر منها، ثم احتمله فوضعه على كاهله وذهب، ورسول الله ينظر إليه حتى غاب عن ناظريه، يتعجب من حاله وحرصه على المال، فما قام رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي الأرض منها درهم.

النبي صلى الله عليه وسلم لم يقم إلى أن انتهى من كل الفلوس وأنفقها.

فالعباس رضي الله عنه يقول، وهذا مصداق لقوله تعالى إِنْ يَعْلَمِ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْرًا يُؤْتِكُمْ خَيْرًا مِمَّا أُخِذَ مِنْكُمْ هاهو، أخذ من المال أكثر بكثير مما الذي دفع، الفلوس لا يطيق أن يحملها.

فيقول العباس: ما أحب أن هذه الآية لم تنزل وأن لي بها الدنيا وما فيها إِنْ يَعْلَمِ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْرًا يُؤْتِكُمْ خَيْرًا مِمَّا أُخِذَ مِنْكُمْ

يقول: إن الله سبحانه وتعالى عوّضني مائة ضعف عن المال الذي بذلته يوم بدر، يعني الفلوس التي حصّلها بعد إسلامه أعطاها له النبي صلى الله عليه وسلم من الأموال التي جاءته؛ مائة ضعف الفلوس التي دفعها في فداء نفسه وابني أخيه.

يقول: وإني أرجو أن تكون الثانية إِنْ يَعْلَمِ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْرًا يُؤْتِكُمْ خَيْرًا مِمَّا أُخِذَ مِنْكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ

إذاً في محصّلة هذه الآيات الثلاث هناك معنى واحد: أن الإنسان إذا كان مريداً للخير، هو يحب الخير، يعلم الله عز وجل العليم ببواطن الناس وما انطوت عليه سرائرهم،إذا الله سبحانه وتعالى اطّلع على قلب العبد فعلم أنه مريد للخير فإن الله عز وجل يوفّقه لكل خير إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ وأن الله إذا علم في قلبه خير آتاه خيري الدنيا والآخرة قُلْ لِمَنْ فِي أَيْدِيكُمْ مِنَ الْأَسْرَى إِنْ يَعْلَمِ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْرًا يُؤْتِكُمْ خَيْرًا مِمَّا أُخِذَ مِنْكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ

وأما الثانية وَإِنْ يُرِيدُوا خِيَانَتَكَ هينقضوا عهدهم معك الذي عاقدوك عليه ألا يحاربوك مرة ثانية وَإِنْ يُرِيدُوا خِيَانَتَكَ فَقَدْ خَانُوا اللَّهَ مِنْ قَبْلُ فَأَمْكَنَ مِنْهُمْ الله سبحانه وتعالى سوف يمكّن منهم مرة ثانية.

فإذاً الذي ينقض عهد الله تبارك وتعالى فإن الله عز وجل سوف يخذله وسوف يخزيه وَإِنْ يُرِيدُوا خِيَانَتَكَ فَقَدْ خَانُوا اللَّهَ مِنْ قَبْلُ فَأَمْكَنَ مِنْهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ

أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم.

الحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

إذاً خلاصة الأمر ومحصلة ما نريد أن نقول أن سعادة الإنسان وخيره هي في أمرٍ واحد أن يكون موفّقاً من الله والتوفيق كما ذكرنا أن الله سبحانه وتعالى يتولى أمر الإنسان ويسدد خطوه، وأن هذا إنما يتحقق بأمرين اثنين لا ثالث لهما

الأول: أن ينطوي قلب الإنسان على الخير، هو يريد الخير، يريد الصلاح والإصلاح، يريد أن يكون قريباً من الله.

الأمر الثاني: أن يستعين بالله تبارك وتعالى وأن يطلب من الله عز وجل أن يوفّقه وأن يسدده في كل خير، فالإنسان إذا استعان بالله تبارك وتعالى يسّر الله عز وجل له كل خير كما ذكرنا في خطبتنا السابقة أن الله تبارك وتعالى أمرنا أن نقول إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ۝ اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ فنحن نعاهد ربنا أو نخاطب ربنا تبارك وتعالى أن عبادته حقّ علينا وأننا نحب ذلك ونريده ونطلب منه أن يعننا وحينئذٍ يستجيب الله عز وجل لنا ويهدينا الصراط المستقيم، وهذه الإستعانة بالله تدف عن العبد كل شرٍّ وسوء.

في سير أعلام النبلاء: أن رجلاً جاء إلى الحجاج بن يوسف وكان الحجاج ممن يسارع في سفك الدماء، فقال له: إن ربعي بن حراش زعموا أنه لا يكذب وقد قدم ابناه عاصيين – هو بيقول له ربعي بن حراش هذا رجل من العباد ومن الزهاد ومن الورعين من التابعين أياً ما كانت العلّة والسبب – ، وقد قدم ابناه عاصيين، له ولدان خرجا مع الذين يقاتلون الحجاج، فهزموا ففروا فجاؤا إلى أبيهم يختبئون، فالرجل جاء ليقول – الله يكرمه – له إن الرجل هذا لا يكذب وأولاده أن تأكدت أنهم في البيت يعني ابعث له.

فأتى به، فقال: ماذا صنع ولداك – ايه أخبار عيالك -؟، قال: هما في البيت والله المستعان،، هو فعلاً لا يكذب أيّاً ما كانت عاقبة ذلك،قال: هما في البيت والله المستعان.

فقال الحجاج: هما لك وأعجبه صدقه، لما رأه صادق لا يكذب، ولما استعان بالله تبارك وتعالى وأوكل الأمر إليه صرف الله قلب هذا الرجل من إرادة الضرر به وبولديه إلى إرادة الإصلاح والإحسان لهما، فقلوب العباد كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أصبعين من أصابع الرحمن يقلبها كيف يشاء، فقلب الحجاج إنما هو بيد الله، صرف الله قلبه عن إرادة السوء إلى إرادة الخير بعاقبة الصدق، وبهذه الكلمة ” الله المستعان “

فالإنسان إذا كان مريداً للخير آتاه الله كل خير، قال الله تبارك وتعالى مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَنْ نُرِيدُ هو يريد العاجلة، الله سبحانه وتعالى سوف يؤتيه من الدنيا ما شاء، لكن الله سبحانه وتعالى يعجل ما يشاء أي بالمقدار الذي يريد لمن يريد سبحانه وتعالى وبعد ذلك ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلَاهَا مَذْمُومًا مَدْحُورًا ۝وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُورًا الله سبحانه وتعالى يقول أن المريد للآخرة لمريد لرضوان الله ويقرن إلى هذه الإرادة السعي أي فعل الخيرات التزام أوامر الله، اجتناب النواهي التي نهى الله عز وجل عنها، الله سبحانه وتعالى سوف يشكر سعيه فيعطيه سعادة الدارين مَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ وَمَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لَا يُبْخَسُونَ هو عاوز الدنيا أُولَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ إِلَّا النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ

عند ابن ماجة والحارث عن ابن مسعود أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من جعل الهموم همّاً واحداً همّ المعاد – يعني تفكيره في رضوان ربنا والآخرة – كفاه الله سائر همومه. هذا وعدٌ من الله والله لا يخلف الميعاد.

 ” من جعل الهموم همّاً واحداً همّ المعاد كفاه الله سائر همومه، ومن تشعّبت به الهموم في أودية الدنيا لم يبال الله في أي أوديتها هلك “

وقال صلى الله عليه وسلم فيما رواه الترمذي عن أنس بن مالك: من كانت الآخرة همّه جعل الله غناه في قلبه وجمع له شمله وأتته الدنيا وهي راغبة. ما قدّر الله عز وجل له سوف يأتيه لا محالة

 ” ومن كانت الدنيا همه جعل الله فقره بين عينيه وفرّق عليه شمله ولم يأتيه من الدنيا إلا ما قدّر ” فهنا النبي صلى الله عليه وسلم ميز ما بين أمرين الهم والإرادة، عدنا مرة أخرى إلى الهم والإرادة، إذاً مدار الأمر كله على ما في القلب ما ينطوي عليه قلب العبد، القلب الذي هو محلّ نظر الرب تبارك وتعالى: إن الله لا ينظر إلى صوركم ولا إلى أجسامكم ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم.

هذا القلب الذي هو محل نظر الرب إذا انطوى على إرادة الخير، على إرادة الإصلاح وعلم الله عز وجل منه ذلك آتاه خيري الدنيا والآخرة

وإذا كان بخلاف ذلك،إذا كان خائن لله عز وجل ورسوله عياذاً بالله أمكن الله عز وجل منه ولم يأته إلا الخزي والحرمان.

إذاً إذا أردنا التوفيق فعلينا بإصلاح ما هاهنا، إرادة الخير وإرادة الإصلاح، إرداة القرب من الله وأن نستعين بالله عز وجل ونتوكل عليه ونسأله أن يعيننا على كل خير.

اللهم كن لنا ولا تكن علينا، اللهم كن لنا ولا تكن علينا، وأعنا ولا تعن علينا، واهدنا ويسر الهدى إلينا، وانصرنا على من بغى علينا.

الله إنا نسألك فعل الخيرات، وترك المنكرات وحب المساكين. وأن تغفر لنا وترحمنا وتتوب علينا وإذا أردت بقوم فتنة فاقبضنا إليك غير مفتونين.

اللهم إنا نسألك حبك وحب من يحبك وحب عمل يقربنا إلى حبك.

اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه.

اللهم اصلح قلوبنا، اللهم وفقنا لكل خير، اللهم ادرأ عنا كل شر وسوء

اللهم وفقنا للصلاح والإصلاح يارب العالمين.

اللهم أبرم لأمتنا أمر رشد يعز فيه أهل الطاعة ويذل فيه أهل المعصية ويحكم فيه بالقرآن ويؤمر فيه بالمعروف وينهي فيه عن المنكر.

أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم.