Generic selectors
المطابقات الدقيقة فقط
البحث في العنوان
البحث في المحتوى
Post Type Selectors
البحث حسب التصنيف
أحداث جارية
أسماء الله الحسنى
الأذكار
التلون
السيرة النبوية
القصص في القرآن
الكتب
بني آدم والشيطان
بني إسرائيل
تراجم
تربية
تربية
تفسير
جهد الغلبان في تبيان فضائل القرآن
خطب الجمعة
خطو خاتم الأنبياء ما بين اقرأ وإذا جاء
دروس
رمضان 1436هــ - 2015م
سلم الوصول إلى علم الأصول
عقيدة
غير مصنف
كتابات
كلمة التراويح
مسألة الرزق
من قصص كتاب التوابين
من هدي النبوة
مواسم الخير
هذه أخلاقنا

ذلك الإنسان هل يقوم وحده ؟

إن الحمد لله نحمده ونستعينه، ونستهديه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، إنه من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم.

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ، يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً، يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً ۝ يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً

ثم أما بعد،،،

ذلك الأنسان هل يقوم وحده؟

فقد صنف في هذا المعنى رجل منذ أمد، صنف كتاباً سماه ” الإنسان يقوم وحده ” . يقوم وحده يعني بها أنه لا يفتقر في إيجاده إلى خالق. فهو يرمي من وراء ذلك إلى أن ينكر أن للكون إلهاً، ثم أجابه آخر، ينتمي إلى ذات عرقه وثقافته فأجابه بمصنف مقابل وسماه ” الإنسان لا يقوم وحده ” .

ودون في هذا المصنف دلائل كثيرة سردها، ليبين بها أن هناك قدراً لا يمكن إدراكه من الحكمة ومن الدقة في كل تقدير ليتنافى معه كلية أن يكون الإنسان قائماً وحده. فتكلم عن هذه المجرات، وقارن بين خصائصها وصفاتها ليستدل بذلك على أن الحياة لهذا الكائن البشري بطبيعته وصفاته وخصائصه تستحيل في أي نقطة غير هذه الأرض التي ذرأنا الله تبارك وتعالى عليها.

ثم انتقل من هذه الدائرة الكبرى إلى الدائرة الأصغر، تكلم عن الشمس وحجمها، قربها من الأرض، مقارنة بين دا وبين كواكب أخرى في هذه المجرة تستخيل عليها الحياة، سواء كانت أقرب أم أبعد، ذكرها واحدة تلو واحدة، ثم انتقل إلى دائرة أقرب فذكر هذا الغلاف الجوي، وذكر درجة كثافته، وأنه لو كان أقل من ذلك بقليل أو أكثر من ذلك بقليل لاستحالة الحياة أيضاً.

ثم تكلم عن تركيب الهواء نسبة الأوكسجين، نسبة الكربون، النيتروجين، ثم انتقل إلى ما يسميه ربنا تبارك وتعالى بالهداية، الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَىسَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى ۝ الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى ۝ وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى وذكر في ذلك أشياء كثيرة، لا نريد أن نعرض للكتاب أو تفاصيل ما قد ذكر، ثم انتهى إلى ذكر أمر آخر هو وراء هذه المادية التي لا يعيي هؤلاء إلا إيها، يتكلم عن الروح.

فتكلم عن التصور والتخيل، أن الله سبحانه وتعالى وضع في نفس الإنسان قدرة على التخيل لما لا تدركه الحواس. وجعل يتكلم عن الروح وعن تطلب الكمال، ثم انتهى إلى إيراد نصوص من سفر التكوين. وذكر في تضعيف كلامه مقطعاً من مزامير داود، يتكلم عن سفر التكوين، وما ورد فيه من ذكر الخلق ويحاول أن يقارن أو يوافق أو يقارب بين ذلك وبين ما أثبتته هذه الحقائق.

ونحن نريد أن نقف وقفة مع هذه الجملة ” الإنسان يقوم وحده ” .

فأولاً: لا تملك حينما تقرأ هذا الكتاب إلا أن ترسى لحال هذا العالم. لماذا؟ أولاً لأنه – للأسف – لم يهتدي إلى القرآن ولو اهتدى للقرآن لوجد فيه حاجته وبغيته، لكن هو آخر حاجة عرفها ممن ينسب إلى الله هو العهد القديم والعهد الجديد، فلا سبيل له إلا أن يلجأ إلى هذه الأسفار وللأسف يعاني مما فيها من اضطراب أو من تناقض. لندرك نحن أولاً كيف امتن الله عز وجل علينا بهذه الهداية، ثانياً أنه بعد أن ينتهي إلى وجود خالق تبقى علامات الاستفهام موجودة حول الحكمة من خلق هذا المخلوق، تجد في هذه النقطة هو يتخبط.

طيب الإنسان إيه حكمة وجوده؟ فلسفة حياته؟ طيب هو المفروض يعمل إيه؟ هو لا يستطيع من خلال هذه الأبحاث أن يصل لهذه النقطة، لأنها تفتقر إلى الوحي محضاً وصرفاً.

فنحن نملك من الإجابات ما لا يملكه هذا الرجل المسكين. لكننا نريد أن نزلف إلى ما وراء ذلك، هم عبروا بتعبير ” القيام ” ، أصل هو ممكن يعبر عن الإلحاد بأي معنى، والآخر كان يعبر عن الخالقية بأي معنى، لكن ” القيام ” !! إيه معنى إن الإنسان ” بيقوم ” وحده؟؟؟ أنه لا يفتقر ولا يحتاج إلى الله.

يعني الإنسان غتي عن الله – عياذاً بالله – والآخر يجيبه بأن الإنسان لا يمكن أن يستغنى عن خالقه. طيب إحنا عندنا،إحنا المفروض نعرف نترجم الجملة دي أكتر منهم بكتير..ليه؟ لأن إحنا عندنا القيوم زز هما معندهومش القيوم.. هما ميعرفوش القيوم.. لا يدركون معنى القيومية أصلاً ولا معنى القيام.

ربنا سبحانه وتعالى عندما أمرنا بالعبادة العظمى أمرنا بإقام الصلاة .. طيب إيه معنى القيام أو الإقامة؟؟ وضع الشيء في حد الإعتدال والكمال والتمام والاستقامة. يبقى إذن قيام الإنسان سواءاً وحده أو بخالقه معناه إيه؟ وصوله لحال الإعتدال والكمال والتمام والاستقامة.

طيب كيف يقوم الإنسان إذا ردت إلينا نحن معشر المسلمين هذه الجملة فنحن نجير بقوله تعالى اللّهُ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ

الإنسان لا يقوم إلا بإقامة الله تبارك وتعالى له، لا قيام له وهنا القيام يشمل من أول الوجود، استمرا الحياة، إقامة البنيان المادي للإنسان، ثم ما يتعلق بجانب القيم، جانب المبادئ، جانب الموازين، جانب الاكتمال النفسي، جانب الاستقامة الروحية، جانب السلام الوجحداني والسلام الاجتماعي، لا يقوم إلا بإقامة الله تبارك وتعالى لنا، ولذلك نحن نؤمن بقيومية الله.

وقلنا القيويمة قبل كده، إيه معنى القيومية؟ أن الله تبارك وتعالى هو الغني قائم بنفسه، لا يفتقر إلى غيره وأنه سبحانه وتعالى هو المقيم لخلقه، فهو سبحانه وتعالى المتفرد بالغنى وكل من عاداه فقير مفتقر إليه يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنتُمُ الْفُقَرَاء إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُإِن يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ ۝ وَمَا ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ بِعَزِيزٍ

هذه الإقامة إنما هي فرع عن رحمة الله تبارك وتعالى، كنا في جمعتنا الماضية نتكلم عن الرحمن الرحيم، نتكلم عن الرحمة، وذكرنا أن من أعظم نعم الله علينا أنه سبحانه وتعالى هو الذي عرفنا بنفسه وأرشدنا إليه، وذكرنا أن هذه الرحمة التي تسري في هذا الكون إنما هي رحمة منزلة من الله، ليس للإنسان فيها فضل ولا منة وإنما هي محض فضل من الله كما قال صلى الله عليه وسلم: إن الله جعل الرحمة مائة جزء، فأنزل في الأرض جزءاً واحداً، فبه يتراحم الخلق. يبقى إذن الرحمة دي رحمة موهوبة من الله، قال تعالى فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ يبقى هذا اللين للجانب والرفق والرحمة منه صلى الله عليه وسلم إنما كانت بهذه الرحمة التي وهبت له من الله تبارك وتعالى حتى اتسعت وفاضت فوسعت العالمين وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ صلى الله عليه وسلم.

فإذن قيام الإنسان في هذه الحياة الدنيا إنما يكون برحمة الله تبارك وتعالى وهو سبحانه وتعالى حينما عرفنا برحمته عرفنا بهذه الرحمة عبر اسمين متعاطفين، يعني كان يكفي في بيان الرحمة أن يعبر بالرحمن أو يعبر بالرحيم، سبحانه وتعالى فهو كافي في بيان هذه الرحمة العظيمة، ولكنها لأنها كما أخبر تبارك وتعالى قد وسعت كل شيء فكان لابد لبيان سعتها من هذا التعبير بالاسمين العظيمين.

طيب الرحمن.. الرحمن بذاته اسم يدل على أوسع ما يكون من الرحمة، لما تستخدم التعبير دا لغة بتستخدم تعبير فعلان يساوي ملآن، لو أنا حبيت أعبر عن إننا جعان، بقول أنا جائع، طيب اللي ميت من الجوع.. جوعان. طيب حيتقطع من العطش.. عطشان، طيب آكل لحد ما اتبشم.. شبعان، شرب لحد ما لا يجد مكاناً لغيره.. ريان. فيه خربان وخرمان الحاجات دي يإما الامتلاء يا إما من اللسعان، يإما إن دماغه خلاص…

فإحنا بنستخدم، إحنا يمكن ما يكونش عندنا ترجمة واضحة بس خلاص عرفنا إن خربان دي تدل على معنى معين فلما نحب نستخدمها بنبقى عارفين بنستخدمها فين، لأننا لو مش قصدي إنه بيكون بهذا المستوى ما قلش خربان بقا.

فإذن هذا التعبير ” الرحمن ” هو سبحانه وتعالى واسع الرحمة الذي وسعت رحمته كل شيء، ولذك قال سبحانه وتعالى الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى، لما بين سبحانه وتعالى عظمة ملكه واتساعه، قرنها بعظمة رحمته واتساعها، لذلك بعد الرَّحْمـنِ الرَّحِيمِ على طول مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ اقتران الرحمة بالملك، فملك الله سبحانه وتعالى يسع كل شيء وهذا الملك هو ملك رحمة لا ملك جبروت كما هو ملك غيره، فهو سبحانه وتعالى حينما عرفنا أنه قد أحاط بخلقه وبكونه عرفنا ذلك عبر هذا الاسم العظيمالرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى ۝ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَمَا تَحْتَ الثَّرَى ولذلك إذا قرأن أن عمر رضي الله عنه قرأها ثم قام فأسلم ربما أدركنا شيئاً من وجه هذه العظمة، لأننا ربما نقراها عادي يعني، فين الحاجة اللي بتحول قلب شخص من هذا العداء الشديد وهذه النفرة الشديدة ورجل قبل لحظات كان يسعى لقتل رسول الله رضي الله عنه ثم لا يلبث أن يقرأ هذه الآيات – تمانية أو تسعة فقط – أن يشرح الله صدره للإسلام. فين؟ إحنا بنقرأها، بس ما بنبقاش عارفين الترجمة، مدركين إن هنا فيه حاجة بس إيه الحاجة؟ فين؟ فين الحاجة اللي بتعمل التحول؟

إحنا مش مدركين دا زي ما هما أدركوه ولما يقترب إدراكنا لإدراكهم يقترب تعظيمنا لتعظيمهم وتبجيلنا لتبجيلهم وإجلالنا لما أنعم الله علينا يكون قريباً أيضاً من إجلالهم وتوقيرهم وتقديرهم.

هو سبحانه وتعالى يقول وَمِن رَّحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِن فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ فأسند هذا سبحانه إلى الرحمة، قال تعالى وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ وقال تعالى فَانظُرْ إِلَى آثَارِ رَحْمَتِ اللَّهِ كَيْفَ يُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ ذَلِكَ لَمُحْيِي الْمَوْتَى وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، فهو سبحانه وتعالى يسند هذا إلى رحمته أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ فَوْقَهُمْ صَافَّاتٍ وَيَقْبِضْنَ مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلَّا الرَّحْمَنُ إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ بَصِيرٌ، فهو سبحانه وتعالى يسند هذه القيومية، يسندها إلى رحمته تبارك وتعالى، فالإنسان إذن لا يقوم وحده وإنما يقوم بربه الرحمن سبحانه وتعالى، وهو سبحانه وتعالى حينما ينسب نعمته وفضله على عباده المؤمنين فننتقل من اسمه الرحمن إلى اسمه الرحيم، فالرحمن سبحانه وتعالى هو عام الرحمة التي شملت رحمته كل مخلوق، أما الرحيم فهي الرحمة الزائدة التي اختصها بعباده المؤمنين في أولاهم وفي أخراهم.

يبقى إحنا لما بنقول الرحمن يحضر لدينا سعة رحمة ربنا سبحانه وتعالى التي شملت كل مخلوق بشراً أو غير بشر، براً أو غير بر، مؤمناً أو غير مؤمن، لكن حينما نذكر الرحيم تذكروا قوله تعالى وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيماً فأهل الإيمان لهم من الله تبارك وتعالى رحمة فوق رحمة وفضل فوق فضل ومنة فوق منة.

فنحن حينما نقول الرحمن الرحيم ننتقل من هذه الرحمة الواسعة لنحتمي برحمة خص الله عز وجل بها أهل الإيمان من عباده، وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ لمن ستؤول هذه الرحمة فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَـاةَ وَالَّذِينَ هُم بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ ۝ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُم بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَآئِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلاَلَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ وَلَمَّا جَاء أَمْرُنَا نَجَّيْنَا هُوداً وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِّنَّا هذه الرحمة هي رحمة الرحيم سبحانه وتعالى الذي يفيضها على عباده المؤمنين في الأولى وفي الآخرة. ثم يكون مآل هذه الرحمة إلى الجنة نسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعلنا من أهلها.

قال صلى الله عليه وسلم: لن يدخل أحدكم الجنة بعمله. طيب قال تعالى وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ فهو ها هنا صلى الله عليه وسلم ينفي أن يدخل عبد الجنة بعمله، وهو سبحانه وتعالى قد أثبتها ألا تكون إلا بالعمل، فهو سبحانه وتعالى يبين أنه لا حظ ولا نصيب في الجنة إلا لأهل السعي والاجتهاد في تطلب مرضاة الله إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ ۝ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ لكنه صلى الله عليه وسلم يبين أن هذه العمال ليست أبداً على وزان الجنة، هذا الثمن لا يوزن بهذا المثمن العظيم يَا أَيُّهَا الْعَزِيزُ مَسَّنَا وَأَهْلَنَا الضُّرُّ وَجِئْنَا بِبِضَاعَةٍ مُّزْجَاةٍ فَأَوْفِ لَنَا الْكَيْلَ وَتَصَدَّقْ عَلَيْنَا إحنا مش جايبين حاجة، اللي معانا دا ما يساويش حاجة، ما نستحقش بيه حاجة، لكن ربنا سبحانه وتعالى حينما يمن على عباده، حينما يتغمدهم برحمته، حينئذ يأذن لهم في دخول الجنة.

فإذن إذا أعرض العبد عن الله، إذا ترك العبد الإلتزام بأمر الله فهو يحرم نفسه من هذه المنة العظمة لكنه حينما يقبل بقلبه إلى الله، حينما يجتهد في تطلب مرضاة الله، حينئذ يمن الله عز وجل ويتقبل عنه هذه البضاعة المزجاة، ولذلك قالوا: ولا أنت يا رسول الله؟ طيب إحنا ناس مقصرين، طيب صاحب المقام العظيم الذي غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر؟ قال: ولا أنا إلا أن يتغمدني الله برحمة منه وخير.

برحمة يغمره في هذه الرحمة، فحينئذ يستحق أن ينال هذه المنة من الرب الرحيم سبحانه وتعالى فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَيُدْخِلُهُمْ رَبُّهُمْ فِي رَحْمَتِهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْمُبِينُ،فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُواْ بِاللّهِ وَاعْتَصَمُواْ بِهِ فَسَيُدْخِلُهُمْ فِي رَحْمَةٍ مِّنْهُ وَفَضْلٍ وَيَهْدِيهِمْ إِلَيْهِ صِرَاطاً مُّسْتَقِيماً.

أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم.

الحمد لله رب العالمين

وإذن فلا قيام إلا برحمة الله، ولا هداية إلا برحمة الله، ولا رزق إلا برحمة الله ولا أمن إلا برحمة الله، ولا سعادة إلا برحمة الله ولا نجاة في الدنيا وفي الآخرة إلا برحمته سبحانه وتعالى.

وأخيراً رحمة الله ودولاب الحياة، نقصد بدولاب الحياة الصندوق اللي إحنا بنعيش جواه. إحنا دلوقتي بنستمع ما بين الحين والحين، سواء في الجمعة أو يعني.. أساساً في الجمعة إلى كلمات توجه إلى تطلب رحمة الله، لكن هذه الكلمات تتبخر لأنها تقع دائماً خارج صندوق الحياة.

يعني إيه صندوق الحياة؟ القالب الخشبي أو الحديدي اللي إحنا بنعيش جواه، يعني زي ما قلنا قبل كده، الحياة ليها نسق معين، فيه قدر كبير من الشواغل بيشغل كل إنسان، وفيه برنامج يومي للحياة بيمشي بشكل تلقائي من أول ما الشخص يصحى لحد ما ينام، برنامج مستمر بيستهلك عقل الإنسان وروحه وأعصابه ووجدانه، تمام. طيب أين تقع هذه الكلمات؟ تقع خارج الدولاب. ولذلك لا تكون هذه الكلمات إلا مجرد لحظات ربما يستشعر فيها الإنسان أحيانا شيء من معاني معينة يتفاعل معها لكن إذا عاد فدخل أو أدخل نفسه أو أُدخل إلى دولاب الحياة تبخرت هذه الكلمات.

إزاي ندخل الكلمات دي جوا دولاب الحياة اليومي بتاعنا؟ هي دي المشكلة.

المركب الكيميائي بتاعنا اللي بيثير نفسيتنا لو إحنا بقيت هذه الكلمات عالقة بالسطح الخارجي، الإزازة اللي فيها المركب دا تلزق عليه من بره زي أي ستيكر عمرها ما حتأثر، لابد أن يفرغ هذا المضمون داخل المركب نفسه بحيث يعيد تشكيل المركب فتتغير الكيمياء الداخلية بتاعتنا، لازم ولازم نبحث عن سبيل دا، المفروض وظيفة الفاتحة الأساس إن هي بتعيد صيااغة وتشكيل الدولاب.. ليه؟

لأن الفاتحة بتساوي الكلمات الأساسية اللي المفروض يتشكل عليها هذا الدولاب ويدور على وفقها ومن خلالها، ولذلك من رحمة الله إنه حصر في هذه الكلمات البسيطة، حصر فيها كل المعاني الأساسية اللي المفروض يتشكل على أساسها الدولاب، وألزمنا سبحانه وتعالى في كل ركعة أن نكرر هذه الجمل لنعيد التذكر ونعيد التشكيل لهذا الدولاب مرة أخرى، بدءاً من بسم الله ودورها اللي اتكلمنا عليها إلى الحمد لله اللي هي بتحط نصب عين الإنسان نعم ربنا سبحانه وتعالى اللي هو مغمور فيها وعلاقته الدائمة مع الله سبحانه وتعالى إلى ذكر لفظ الجلالة العظيم، إلى ذكر الربوبية التي تمثل تدبير الله سبحانه وتعالى ورحمة الله سبحانه وتعالى في تصريفه لهذه الحياة، وإن كل العالمين كلهم داخلين في إطار هذه الربوبية، ذكر الرحمة العظيمة التي تغمرنا من الله، ذكر أن الملك لله، التذكير بالدين وبيوم الدين، وذكر ميثاق الإنسان مع الله، ميثاق العبادة والاستعانة، وظيفة الإنسان في الحياة، وظيفة الإنسان العبادة وحق العبد على الله إذا تمثل العبادة أن يعطيه الإعانة. وإن النعمة العظمى التي يبتغيها الجميع هي الهداية إلى طريق مستقيم واضخ بين وله معالم واضحة وله أشخاص بيمثلوه ناس ربنا سماهم منعم عليهم، أشخاص بأعيانهم إحنا عارفينهم بيمثلوا دا، وأشخاص آخرين بيمثلوا منهجين تانين، منهج غضب ومنهج ضلال.

فهذه كلمات كل كلمة منها بتمثل ركن في هذا الدولاب اللي على أساسه المفروض نعيد تشكيل البنية الداخلية، الكيميا بتاعتنا، اللي على أساسها حنتعامل مع الحياة، فمن خلال الفاتحة يستطيع الإنسان أن يشكل دولابه ليستطيع أن يتعامل مع هذه الحياة.

الكلمات دي موجودة عشان تتحرك بره مش عشان تبقى محصورة جوا، هي معمولة لبرا، بس هي جوا دي إيه وظيفتها؟ إن هي بتعيد التشكيل وإعادة الترتيب للذرات عشان لما نطلع بره نجد أثر واقعي لهذه الكلمات، التحدي اللي إحنا بنواجهه إن إحنا نعيد هذه الكلمات، إزاي ندخل هذه الكلمات دي جوا الدولاب الحياتي، إذاي نعيش واقعيا من خلال هذه الكلمات، لأن إحنا زي ما قلنا وإحنا بنتكلم على رمضان إن النعم لنا أو علينا، العلم لنا أو علينا، المعرفة لنا أو علينا، إتاحة الفرص لنا أو علينا طالما إن هي جت في سكتنا فإحنا مسئولين عنها إذا انتفعنا ارتفعنا. طيب وإذا تركنا أو أعرضنا؟ حنسئل.. طيب لابد أن نعد للسؤال جواباً إن كنا موقنين أننا يوما ما موقوفون بين يدي الله.

فَلَنَسْأَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْأَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ ۝ فَلَنَقُصَّنَّ عَلَيْهِم بِعِلْمٍ وَمَا كُنَّا غَآئِبِينَوَقِفُوهُمْ إِنَّهُم مَّسْئُولُونَ

آخر كلمة ربنا سبحانه وتعالى خاطبنا بيها في القرآن، آخر موعظة، أخر جملة ربنا ختم بها كل هذه المواعظ العظيمة هذه الآية في خواتيم البقرة، هذا آخر ما خاطب الله عز وجل به الإنسان في هذا الكتاب الخاتم، الكتاب الخاتم دا آخر خطاب ربنا خاطب بيه الإنسان، فآخر جملة في هذا الخطاب الذي خاطب الله عز وجل به الإنسان وَاتَّقُواْ يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ، ما ينفعش تعدي كده، ربنا سبحانه وتعالى أختارا لجملة دي عشان تبقى آخر حاجة يلقيها إلينا، آخر حاجة يخاطبنا بيها، آخر حاجة يقرع بيها قلوبنا، ما ينفعش تعدي كده وَاتَّقُواْ يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ

اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وارنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه.

اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وارنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه.

اللهم بعلمك الغيب وقدرتك على الخلق أحيينا ما علمت الحياة خيراً لنا، وتوفنا إذا كانت الوفاة خير لنا.

اللهم إنا نسألك خشية في الغيب والشهادة، ونسألك كلمة الحق في الغضب والرضا، ونسألك القصد في الفقر والغنى، ونسألك الرضى بعد القضا، ونسألك برد العيش بعد الموت، ونسألك نعيما لا ينفد وقرة عين لا تنقطع ونسألك لذة النظر لوجهك الكريم، والشوق إلى لقائك في غير ضراء مضرة ولا فتنة مضلة.

اللهم زيينا بزينة الإيمان، اللهم زيينا بزينة الإيمان، واجعلنا هداة مهتدين.

اللهم كن لنا ولا تكن علينا، وأعنا ولا تعن علينا، وانصرنا ولا تنصر علينا، وامكر لنا ولا تمكر علينا، واهدنا ويسر الهدى إلينا، وانصرنا على من بغى علينا

اللهم اجعلنا لك ذكارين واجعلنا لك شكارين، واجعلنا لك رهابين واجعلنا لك مطواعين، إليك أواهين منيبين.

اللهم تقبل توبتنا، اللهم تقبل توبتنا، واغسل حوبتنا وامح خطيئتنا، وثبت قلوبنا وسدد ألسنتنا، واسلل سخيمة قولبنا.

اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلوبنا على دينك، اللهم يا ولي الإسلام مسكنا الإسلام حتى نلقاك عليه.

أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم.