قال الله تبارك وتعالى فَكَيْفَ تَتَّقُونَ إِنْ كَفَرْتُمْ يَوْمًا يَجْعَلُ الْوِلْدَانَ شِيبًا إِنَّا أَرْسَلْنَا إِلَيْكُمْ رَسُولًا شَاهِدًا عَلَيْكُمْ كَمَا أَرْسَلْنَا إِلَى فِرْعَوْنَ رَسُولًا فَعَصَى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ فَأَخَذْنَاهُ أَخْذًا وَبِيلًا فَكَيْفَ تَتَّقُونَ إِنْ كَفَرْتُمْ يَوْمًا يَجْعَلُ الْوِلْدَانَ شِيبًا السَّمَاءُ مُنْفَطِرٌ بِهِ كَانَ وَعْدُهُ مَفْعُولًا إِنَّ هَذِهِ تَذْكِرَةٌ فَمَنْ شَاءَ اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلًا قال صلى الله عليه وسلم يقول الله تبارك وتعالى: يا آدم فيقول: لبيك وسعديك والخير في يديك – يجيب ربه تبارك وتعالى – فيقول: أخرج بعث النار، فيقول: وما بعث النار، فيقول: من كل ألف تسعمائة وتسعة وتسعين، يقول صلى الله عليه وسلم فعندها يشيب الوليد وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ
محصلة الاختبار في هذه الحياة الدنيا تأتي بهذا الرقم الفظيع، معدّل النجاح ومعدّل النجاة لا يتجاوز الواحد في الألف، فيعقّب صلى الله عليه وسلم فيقول فعندها يشيب الوليد وتضع كل ذات حملٍ حملها وترى الناس سكارى وما هم بسكارى ولكن عذاب الله شديد.
فهو يخبر صلى الله عليه وسلم عن أهوال ووقائع تصيب الإنسان فتحيل الصغير إلى هرمٍ كبير هذه الهموم وهذه الأثقال التي تثقل كاهل الإنسان ربما تجعل الصغير كبيراً
يقول أبو نواس: وما شبت من كبرٍ ولكن لقيت من الحوادث ما أشاب
ويقول أبو الطيب: والهمّ يخترم الجسيم نحافةً – الشخص السمين الهموم تحيله إلى شخص نحيف – وتشيب ناصية الصبي وتهرمه
ذو العقل يشقى في النعيم بعقله وأخو الجهالة في الشقاوة ينعم
أن العقل والتفكير والنظر في عواقب الأمور، التدبّر لأحوال الحياة تجعل الشخص ذو العقل وهو في إحداثيات من النعيم والدعة والسعة؛ تحيله إلى شخص يستشعر الشقاء والهمّ.
وفي المقابل ” وأخو الجهالة في الشقاوة ” هو في وضع مأسوي وبائس لكنه بسبب غفلته يستشعر النعيم في هذا الشقاء الذي يعيش فيه، ولكن يبقى العقل نعمة من الله تبارك وتعالى على الإنسان.
في سنن الترمذي من حديث ابن عبّاس رضي الله عنه وعن أبيه يقول: قال أبوبكر رضي الله عنه يا رسول الله قد شبت، شعرات بيض في مفرقه صلى الله عليه وسلم، – ليس أن شعره كله أصبح أبيض لا، مفرق الرأس فيه 20 شعرة بيضاء – فقال صلى الله عليه وسلم مبادراً قال: شيّبتني هود والواقعة والمرسلات وعم يتساءلون وإذا الشمس كورت.
وهنا سنتكلم عن نقطتين، الأولى: مبادرته صلى الله عليه وسلم للإجابة، وهذا المعنى تكلمنا عليه قبل ذلك أكثر من مرّة في موقفين من المواقف العظيمة التي تحتاج إلى التأمل، وهذا الموقف الثالث.
الأول: تكلمنا قبل ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حينما سأل أُبي بن كعب رضي الله عنه وقال: يا أبا المنذر أي آية في كتاب الله معك أعظم، فقال أُبي رضي الله عنه قال: الله ورسوله أعلم، ثم كرر عليه السؤال، قال: يا أبا المنذر أي آية في كتاب الله معك أعظم قال: اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ فضرب في صدره وقال ليهنك العلم أبا المنذر، وقلنا أن أُبي بن كعب هنا لم يتلبّث مفكّراً، الإجابة عنده حاضرة وموجودة؛ فبادر بالإجابة حينما سُل، النبي صلى الله عليه وسلم قال: أي آية في كتاب الله معك أعظم،، وقلنا لماذا سأل النبي صلى الله عليه وسلم أُبي بن كعب؟ لأنه أكثر الصحابة قراءة واعتناءً بالقرآن، فهو أحرى الناس بأن يكون لديه إجابة هذا السؤال فهو يسأله أي آية في كتاب الله معك أعظم، فهو ردّ العلم إلى الله ورسوله، لأنه في مقام التعلّم، هو موجود هنا لكي يتعلّم من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: الله ورسوله أعلم، لكي يعلّمه النبي صلى الله عليه وسلم، فالنبي صلى الله عليه وسلم كرر عليه السؤال فأدرك أن النبي صلى الله عليه وسلم يريد أن يستخرج ما لديه، فسيجيب، فقال اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُوقلنا كيف عرف؟ لأن هذا الكلام معناه أنه تفكّر مسبقاً وبهذا التفكّر المسبق كان عنده نتيجة فعندما سُئل جاوب مباشرةً، يعني أن ذهنه كان يعمل في هذا قبل أن يُسأل، هذه هي الفكرة هو ليس عنده الكسل الذهني الذي نتمتّع به،، هو يفكّر.
قلنا هل يفكّر فقط أم يفكّر على معايير؟ لابد أن يكون لديه معايير؟ وإلا فكيف علم أن هناك أعظم، وإلا فأعظم بناءً على ماذا؟ فإذاً آيات القرآن هي سواء باعتبار أن المتكلم بها هو الرب سبحانه وتعالى، في هذا القدر من العظمة كلها تتساوى، أما من حيث المضامين والمعاني تتفاوت، فأعظم آيات القرآن التي تتكلم عن عظمة الله سبحانه وتعالى – هو يدرك ذلك – كيف أدركه؟ تدبّراً وتفكراً أيضاً، وبناءً على هذا لما تدبّر في كل ما مرّ به وجد أن هذه الآية قدر أخلصت لبيان عظمة الله، فهذه أعظم شيء مرّ عليه في القرآن اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ.
فالنبي صلى الله عليه وسلم هنأه على ما حباه الله به من علم، إذاً المعنى نفسه حاضر مسبقاً، يستخرج عندما يسأل.
والموقف الآخر الذي ذكرناه قبل هذا أيضاً، موقف عمرو بن العاص رضي الله عنه حينما قال المستورد القرشي رضي الله عنه ” تقوم الساعة والروم أكثر الناس ” فقال عمرو بن العاص رضي الله عنه قال: انظر ما تقول.
هم جالسون في مجلس فالمستورد القرشي قال جملة قال ” تقوم الساعة ” عندما يأتي يوم القيامة ستكون الأمة السائدة في الأرض هي أمة الروم – الغربيين – فستكون لهم السيادة في النهاية، فلماذا لهم السيادة في النهاية.
فسيدنا عمرو قال انظر ما تقول – ركّز في الذي تقوله – فلماذا انظر ما تقول؟ لأن إذا كانت الروم أكثر الناس أي أهل السيادة والرفعة، والإسلام والمسلمين أين سيكونون؟ فأكيد هذا ليس منطقيّاً.
فسيدنا عمرو علام يبني؟ أن في النهاية العلو لابد أن يكون للإيمان وأهل الإيمان فكيف أن القيامة تقوم والروم أكثر الناس، فالمستورد القرشي قال ” أقول ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم “
إذاً هو في البداية لم يعزو هذا الكلام إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم هو قال ” تقوم الساعة والروم أكثر الناس ” فالكلام يتضح أنه من عنده، فهو لماذا لم يعزوه إلى رسول الله ابتداءً؟، لأن الصحابة كانوا يعظّمون هذا القدر العظيم، هو يكون قلق عندما يقول _قال رسول الله_ فهو يكون خائفاً من ألا يكون ضبط الكلام، أو يكون قد توهّم قليلاً، أو أنه بدّل حرف، فهذه مسئولية كبيرة فهو لا يقول، ولكن عندما استنكر عليه مستنكر، فقال: لا هذا الكلام لم آتي به من عندي، وإنما أقول ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فسيدنا عمرو عندما سمع الجملة الثانية هل تغيّر موقفه أم لم يتغيّر؟ هذا هو مقتضى الإيمان، هو كان يرى أن هذه العبارة عبارة مستنكرة، ولا تأتي هكذا، فعندما قال له المستورد أن هذا الكلام أتيت به من رسول الله، إذاً هذا الكلام تحوّل إلى حقّ فماذا قال له؟
قال: أما إذا قلت ذلك، فإن فيهم لخصالاً أربعاً، هنا نفس الكلام، سيدنا عمرو ماذا قال له؟ عندما قال له هذا الكلام قال هم عندهم أربع مقوّمات تكفل لهم هذا، إذاً هذا أيضاً فكر مسبق، هو محلل لواقع هذه المجتمعات، ويعلم أن لهم خصائص، وأن الرفعة الدنيوية لها خصائص، فالدنيا ليست عشوائية هكذا، فالارتفاع والانخفاض الدنيوي ليس مبنيّاً بشكل عشوائي، لابد أن يكون هناك مقوّمات تتوافر، فهذه المقومات موجودة عند هؤلاء الناس، قال: أما إن قلت ذلك فإن فيهم لخصالاً أربعاً، إنهم أحلم الناس عند فتنة، أسرعهم إفاقة بعد مصيبة، أوشكهم كرة بعد فرّة، خيرهم لمسكين ويتيم وضعيف، ثم قال وخامسةٌ حسنة جميلة – هذه حضرت وهو يتحدث – وأمنعهم من ظلم الملوك.
إذاً هنا يوجد أمران، أيضاً سيدنا عمرو هذا الموضوع هو كان مفكّراً فيه، وحلل هنا خصائص مجتمعات وطبائع أمم وأن هناك معايير للرفعة وللضعف، وأن هؤلاء الناس لديهم هذه المقومات، ثم قالها
أحلم الناس عند فتنة، أسرعهم إفاقة بعد مصيبة، أوشكهم كرة بعد فرّة، خيرهم لمسكين ويتيم وضعيف، هذه خصائص من؟ هذه خصائص الروم، الروم هؤلاء هم النصارى؟ ليس شرطاً، ولذلك النبي صلى الله عليه وسلم قال ” تقوم الساعة والروم أكثر الناس ” معنى أن الروم أكثر الناس ما معناها؟ لأن في نهاية الزمان يرتفع الدين، فستصبح دنيا فقط، يعني بعد وفاة المسيح عليه السلام تأتي ريح تقبض أرواح المؤمنين فلا يبقى إلا شرار الخلق وعليهم تقوم الساعة، هذا المجتمع الذي ستقوم عليه الساعة، مجتمع دنيوي محض، فإذا كنّا في المعايير الدنيوية المحضة فهؤلاء، ولذلك لم يصفهم بالنصرانية، الروم هذه جنس، فهذا الجنس باقي ويسود على أهل الأرض، لماذا؟ لأن هذه الأشياء موجودة لديهم.
إذاً هناك خصائص شعوب، فتأتي الأديان تقوي الخصائص القوية وتذهب أو تعالج أو تداوي الخلال السيئة، هذا هو المفترض.
ولذلك ربنا سبحانه وتعالى اختار أمة العرب، فلماذا اختار أمة العرب لكي يحمّلها أمانة الإسلام، هل اختارها كما هي هكذا؟ أم سيرقّي بها أشياء؟ ويهذّب بها أشياء، ويدعّم فيها أشياء، ويصلح بها أشياء؟
نرجع لما كنّا عليه، النبي صلى الله عليه وسلم عندما سُئل، سيدنا أبوبكر يقول له قد شبت – يوجد بعض الشعرات البيضاء – فالنبي صلى الله عليه وسلم أجابه مباشرة، قال شيبتني وذكر سوراً، وضعهم متتابعين – خمسة – قال: شيّبتني هود والواقعة والمرسلات وعم يتساءلون وإذا الشمس كورت.
إذاً وقع هذه السور على قلبه صلى الله عليه وسلم واضح ومعلوم، النبي صلى الله عليه وسلم كان من الممكن أن يقول شيبتني عظات القرآن، أو قوارع التنزيل، في النهاية ما الذي يؤثّر؟ الآيات القوية التي تهز الإنسان أو تخيفه من لقاء الله صلى الله عليه وسلم والدار الآخرة، هذه السورالآيات معظمها تدور حول يوم القيامة، إذاً محور الموضوع هنا، فلماذا خصّ هذه السور بالذكر، إذاً هذه أقواها تأثيراً في هذا الباب وأكثرها وقعاً على قلبه – تجربة شخصية – أكثرها وقعاً على قلبه صلى الله عليه وسلم، لذلك الإجابة كانت حاضرة.
القرآن كيف يصل بالإنسان إلى هذا المستوى، الآن القراءة قد تكون مشتركة، يعني ربما نحن نسمع، وربما نقرأ، لكن لا تبلغ بنا القراءة، لن أقول هذا المبلغ ولا عشر معشاره – لا يوجد مقارنة بين ما نقرأه – كلنا – أو تأثير ما نقرأه علينا وما بين ما يصفه النبي صلى الله عليه وسلم هنا، لأنه يتحدث هنا عن شعر أصابه الشيب، أصابه الشيب نتيجة لهذا التناول لهذه القراءة لهذا التفاعل، لهذا التأثر بكتاب الله سبحانه وتعالى، ولذلك روي أن امرأة مرّت على رجل وهو يقرأ سورة هود، فقالت له: أهكذا تقرأ سورة هود!، إنني أقرأ هذه السورة منذ ستة أشهر ولم أختمها بعد.
هي تقرأ سورة هود ولا تستطيع أن تنتهي منها، فهي تنكر عليه ما يفعله، فهذا بناءً على أي شيء؟ أن النبي صلى الله عليه وسلم وضعها في موضع عظيم خطره وعظيم وقعه وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآيَاتِنَا وَسُلْطَانٍ مُبِينٍ إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ فَاتَّبَعُوا أَمْرَ فِرْعَوْنَ وَمَا أَمْرُ فِرْعَوْنَ بِرَشِيدٍ يَقْدُمُ قَوْمَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَأَوْرَدَهُمُ النَّارَ وَبِئْسَ الْوِرْدُ الْمَوْرُودُ وَأُتْبِعُوا فِي هَذِهِ لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ بِئْسَ الرِّفْدُ الْمَرْفُودُ ذَلِكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْقُرَى نَقُصُّهُ عَلَيْكَ مِنْهَا قَائِمٌ وَحَصِيدٌ وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِنْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ فَمَا أَغْنَتْ عَنْهُمْ آلِهَتُهُمُ الَّتِي يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ لَمَّا جَاءَ أَمْرُ رَبِّكَ وَمَا زَادُوهُمْ غَيْرَ تَتْبِيبٍ وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِمَنْ خَافَ عَذَابَ الْآخِرَةِ ذَلِكَ يَوْمٌ مَجْمُوعٌ لَهُ النَّاسُ وَذَلِكَ يَوْمٌ مَشْهُودٌ وَمَا نُؤَخِّرُهُ إِلَّا لِأَجَلٍ مَعْدُودٍ يَوْمَ يَأْتِ لَا تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلَّا بِإِذْنِهِ فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا فَفِي النَّارِ لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ عَطَاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ فَلَا تَكُ فِي مِرْيَةٍ مِمَّا يَعْبُدُ هَؤُلَاءِ مَا يَعْبُدُونَ إِلَّا كَمَا يَعْبُدُ آبَاؤُهُمْ مِنْ قَبْلُ وَإِنَّا لَمُوَفُّوهُمْ نَصِيبَهُمْ غَيْرَ مَنْقُوصٍ وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ فَاخْتُلِفَ فِيهِ وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مُرِيبٍ وَإِنَّ كُلًّا لَمَّا لَيُوَفِّيَنَّهُمْ رَبُّكَ أَعْمَالَهُمْ إِنَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ خَبِيرٌ فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَنْ تَابَ مَعَكَ وَلَا تَطْغَوْا إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَوَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ وَاصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ فَلَوْلَا كَانَ مِنَ الْقُرُونِ مِنْ قَبْلِكُمْ أُولُو بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنِ الْفَسَادِ فِي الْأَرْضِ إِلَّا قَلِيلًا مِمَّنْ أَنْجَيْنَا مِنْهُمْ وَاتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا مَا أُتْرِفُوا فِيهِ وَكَانُوا مُجْرِمِينَ
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم
الحمد لله رب العالمين
قال الترمذي رحمه الله قال حدثنا علي بن حجر قال حدثنا محمد بن يزيد الواسطي، عن المستلم بن سعيد الجذامي عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال ” إِذَا اتُّخِذَ الفَيْءُ دُوَلاً، وَالأَمَانَةُ مَغْنَمًا، وَالزَّكَاةُ مَغْرَمًا، وَتُعُلِّمَ لِغَيْرِ الدِّينِ، وَأَطَاعَ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ، وَعَقَّ أُمَّهُ، وَأَدْنَى صَدِيقَهُ، وَأَقْصَى أَبَاهُ، وَظَهَرَتِ الأَصْوَاتُ فِي الْمَسَاجِدِ، وَسَادَ القَبِيلَةَ فَاسِقُهُمْ، وَكَانَ زَعِيمُ القَوْمِ أَرْذَلَهُمْ، وَأُكْرِمَ الرَّجُلُ مَخَافَةَ شَرِّهِ، وَظَهَرَتِ القَيْنَاتُ وَالمَعَازِفُ، وَشُرِبَتِ الخُمُورُ، وَلَعَنَ آخِرُ هَذِهِ الأُمَّةِ أَوَّلَهَا، فَلْيَرْتَقِبُوا عِنْدَ ذَلِكَ رِيحًا حَمْرَاءَ، وَزَلْزَلَةً وَخَسْفًا وَمَسْخًا وَقَذْفًا وَآيَاتٍ تَتَابَعُ كَنِظَامٍ بَالٍ قُطِعَ سِلْكُهُ فَتَتَابَعَ ” هنا الكلام عن خصال تكون ووقائع تقع تحيل أمر هذه الأمة من الصلاح إلى الفساد، ومن العافية إلى الهلكة، بدأها بأن يتخذ الفيء دولاً، الفيء:هو ما نسمّيه الأموال العامة، دول: أي يتداولها الناس فيما بينهم، ويمنع منها مستحقّوها من عباد الله.
والأمانة مغنماً: تكثر الخيانة، الإنسان مؤتمن على شيء فيعتبر هذه الأمانة مكسب شخصي له، ” والزكاة مغرما ” شيء سينقص من دخل الإنسان ومما يحصّله أو يدّخره من أموال ” وتعلّم لغير دين ” من المفترض أن الإنسان لماذا يتعلّم الدين؟ لكي يتقرب إلى الله سبحانه وتعالى لكي ينال رضوان الله وجنّة الله سبحانه وتعالى للآخرة، فلماذا سيتعلّم لغير الدين؟ فالدين الشخص يتعلّمه من أجل هذا؟ فلماذا سيتعلّم الدين لغير الدين؟ لعلّة من اثنين إما لطلب الدنيا – الوظائف والمناصب – يتحول الدين لوظيفة، أنا أعمل هذا – بشتغل شيخ – إمام، قاضي. أو لاكتساب الوجاهة الذي يكتسبها الأشخاص المنسوبين للعلم، فالأشخاص المنسوبين للعلم لماذا يكتسبون الوجاهة؟ هل بمجرّد أنهم لديهم معلومات، أم لأنهم مقيمين للدين في سلوكهم وحياتهم، فالناس تعظّمهم لامتثالهم للدين، وليس لأنهم لديهم معلومات، فهناك أناس تريد أن تدخل في دائرة التقدير، فماذا تفعل؟ ستأخذ هذا السربال أو الصورة أو الشكل، فماذا يحدث بعد ذلك؟ الآن الناس كانت تقدّر هؤلاء لأنهم يقيمون الدين، فإذا غلب من دخلوا يتعلمون لغير الدين؟ صورة الدين في المجتمع تنزل وتنقص.
لماذا نعظّمهم؟ لأنهم ممتثلين، فإذا أصبحوا مظهر فقط، فسيكون طبيعياً أن الأمور تبدأ في التناقص ثم الانهيار، وبعد ذلك.
الرجل يطيع امرأته – وهذا يحدث وطبيعي – ولكن ليست هذه المشكلة، لكن النبي صلى الله عليه وسلم بماذا قرنها ” وعقّ أمه ” أي أنه لكي يطيع امرأته فهو يعصي أمه ويؤذيها لكي ترضى زوجته، ” وأدنى صديقه وأقصى أباه ” العلاقات القريبة، هذه صورتها، الذين هم محلهم البر
وذكر هنا عقوق الأم هو الإيذاء،، أما الإدناء والإقصاء: أن الأب لنصحه ولسنّه ولخبرته.
هو تكلم عن الأم والزوجة فيما يتعلّق بالعلاقات النسائية، لكن أدنى وأقصى، أن الصديق هو محلّ الثقة، وأن الأب – نحن مثل أبي فوق الشجرة كده، بابا وماما دقة قديمة يعني هذا جيل متآكل كبّر دماغك منه – وبعد ذلك نتساءل ما الذي حدث، – سؤال ما الذي طلّع الأب فوق الشجرة؟ – هما دقة قديمة وطلعوا فوق الشجرة، الشجرة بعيدة، وليس أنا الذي أقصيته، هو الأب أقصى نفسه وطلع فوق الشجرة، فماذا سأفعل؟ سأدني إليّ الأدنين، وهم الأصدقاء، وبعد ذلك
” وظهرت الأصوات في المساجد ” ما المقصود؟ لماذا ترتفع الأصوات في المساجد؟ إما لكثرة الخلافات، فالخلافات ستدخل في دائرة المسجد وفي دائرة الدين، الدين الذي من المفترض أن يحُل خلافات الناس تحوّل إلى مادة للخلافات والتنازعات، أو أننا تقديرنا للمسجد يقلّ فنحن نتشاجر ونتعارك داخل الجامع.
فارتفاع الأصوات في المساجد تدل على أمرين، إما أنه أمر متعلّق بالدين نفسه، وهذه أزمة، وإما عدم تقدير بيت ربنا سبحانه وتعالى وهذه أزمة أخرى.
” وساد القبيلة فاسقهم وكان زعيم القوم أرذلهم، وأكرم الرجل ” إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ أنت لا تكرم الشخص لأنه مستحقّ للإكرام، ولكن لكي تتقي شرّه.
” وظهرت القينات والمعازف ” القينات طوال الأزمان موجودات، معنى الظهور؛ الانتشار، القينات: هم المغنّيات، الظهور: معناه أن هذه ظاهرة اجتماعية، شائعة.
” وشربت الخمور ” شرب الخمر، أيضاً الخمر طوال الأزمان تُشرب! ولكن معناها أن هذه الأشياء تظهر في المجتمع، تكون أشياء سائدة وظاهرة ونحن نتقبّلها، والخمور أنواع، أي كل أنواع المسكّرات والمفتّرات، وبعد ذلك ” ولعن آخر هذه الأمة أولها ” لماذا ختم الموضوع بهذا؟ أن هذا أخطر شيء سيحدث، وهذا هو الذي سيستوجب أن كل ما كان متأخراً يأتي، لماذا؟ لأننا طالما أننا نضع الناس في مقاديرهم.
لأن هناك فرق بين أن الإنسان يعصي أو يخطئ وبين أن يقنن أو يصوّب المعصية والخطأ، يعني طالما أن الإنسان مدرك أنه على خطأ وأحياناً ضميره يؤنّبه وربما يراجع نفسه، ويتمنى أن ربنا يصلح حاله، طالما هو كذلك فهو قريب من دائرة الأمن والسلامة، ولكن متى يكون هناك مشكلة كبيرة، عندما نبدأ أن نعدّل القانون ونحوّل الخطأ لصواب والصواب لخطأ، حينئذٍ لماذا أتراجع؟
ولذلك العلماء كانوا يكلمون دائماً على أن البدع – التي هي المفاهيم الخطأ – في الدين أسوأ من المعاصي، لماذا؟ لأن المعصية أنا أعلم أنها معصية فمن الممكن أن أتوب، لكن الآخرى؟ لا أنا أعتقد أنني على صواب، ولذلك كلما ازددت فيها تعمّقاً ازددت من الله بُعداً نسأل الله. السلامة والعافية
” لعن آخر الأمة أولها ” أول الأمة هذا، هل كان هو الأصلح أم كان هو الأفسد، كانوا هم القدوة التي رضي ربنا سبحانه وتعالى عنهم أم هم كانوا نماذج سيئة، فإذا الآخر لعن الأول؟!
إذاً هو يرى أن هذا نموذج سيئ وأن هو يريد أن يتبرّأ منه ويتخلّص من دربه ومن سبيله، وبما أن النموذج الأول هذا هو الذي يمثّل الدين الذي نصّ ربنا سبحانه وتعالى على أنه رضي عن هؤلاء، إذا نحن أدخلناهم في دائرة اللعن، فنحن نتجرّأ ونتخلّص من الدين نفسه، وهذا هو على الأقل، هذه 15 خصلة، فلكي نتخلّص منهم، لابد أن نأتي من الآخر للأول، فلن نأتي من الأول للآخر، فهذه آخر حاجة، – فنحن الآن مصرّون على هذه فبلاش ديه يا جماعة – .
الطبيعي أن الإنسان يجلّ كبار قومه وأمّته حتى لو كان هو لا يتأسى بهم، حتى لو لم يقتدي بهم لكي تبقى الموازين صحيحة والأمور في نصابها.
يحيى بن معين، وهذا كان في زمانه إمام ما يُسمى بعلم الجرح والتعديل، ما معنى الجرح والتعديل؟ نحن لدينا يوجد شيء تسمى رواية في الحديث – طبعاً هذا الكلام أصبح مشهوراً وكلنا نشاهده الآن – رواية أي: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال كلام، هذا الكلام سمعه الصحابة رضي الله عنهم، فكيف سيصل إلينا؟ ربنا سبحانه وتعالى يقول لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ هل هذا كلام للصحابة أم لأمة الإسلام كلها؟ يعني الأمر بنفسه في القرآن بالتأسي والاقتداء عام لجموع المسلمين أم لجيل الصحابة فقط؟ المفترض أنه لجموع المسلمين، فهذا هو الطبيعي، أن هذا قدوتنا جميعاً، فهو الآن هو كان للصحابة بالمباشرة، ومن بعد ذلك؟ كيف سينتصب لهم قدوة؟ إلا بأن تنقل لنا أخباره كأننا نراها، فلابد يكون هذا لكي نكون في نفس المستوى ومسئولين نفس المسئولية، أليس ربنا عدل لا يظلم أحد، لكي نكون كلنا في تجاه مسئوليتنا تجاه الدين مسئولية واحدة، فلابد أن تكون الفرص لنا كلنا فرص متكافئة، كيف تكون الفرص متكافئة؟ ستتم عبر أن ينقل لنا الدين مثلما هم كانوا مدركين له وعالمين بهكيف سيتمّ هذا؟ عبر آليات – ذكرنا بعض منها قبل ذلك – .
هؤلاء النقلة منهم من هو في الغاية من الصدق ومنهم من هو دون ذلك، منهم من هو غاية في الحفظ ومنهم من هو دون ذلك.
هؤلاء النقلة ليست المشكلة كلها أن يكذبوا، لا فمعظم النقلة لم يكونوا كذّابين، كان هذا الزمن يكثر فيه الورع، وما الذي سيجعل الشخص يكذب على رسول الله، هذا شيء غير منطقي، لكنّ الفكرة أن الشخص من الممكن أن يكون حفظه ودرجة إدراكه واستيعابه محدودة، فيهم أو ينسى أو يخلط.
فالعلماء يتكلمون فيقولون أن فلان هذا كثيرالوهم أو يكثر خطؤه، فلان هذه الأحاديث الفلانية لا يضبطها جيداً مع أنه يحفظ جيّداً، ولكن هذه الأحاديث الفلانية أخذها في ظروف معيّنة ولذلك لم يكن حافظ لها جيّداً،،، فالموضوع لا مجال لتفصيله الآن.
فيحيى بن معين من أئمة هؤلاء الذين تكلمون في الرجال، هذا يفعل شيء عظيم في حفظ الدين لكنه يقول مع ذلك ” إنّا لنطعن على أقوام لعلّهم قد حطّوا رحالهم في الجنّة منذ أكثر من مائة سنة ” هو يذكّر نفسه بأمر، – أنك تفعل هذا الكلام احتساباً لله ولكن تذكّر أن هؤلاء الناس معظمهم أناس صالحين ومتدينين – وإن كانوا أخطأوا فهم أخطأوا لأن عقولهم وقدرتهم على الحفظ أو الذاكرة ليست بذاك.
فلماذا يقول هذا الكلام؟ لكي يذكّر نفسه بهذا ” إنّا لنطعن على أقوام ” من الممكن أن نتكلم فيهم لأن هذه أمانة هم مأمورون بها ” لعلّهم قد حطّوا رحالهم في الجنّة منذ أكثر من مائة سنة ” فيقول ابن مهراويه عندما سمعت هذا الكلام دخلت على عبدالرحمن بن أبي حاتم – رجل من أئمة العلماء المتكلمين في هذه الأبواب – وهو يقرأ في كتاب الجرح والتعديل – كتاب هو ألّفه ويقرأ فيه – أسماء الرجال وأحكامهم والأحاديث التي رووها.
يقول: فحدّثته في ذلك، يقول: فارتعدت يداه، حتى سقط الكتاب من يديه وجعل يبكي ويستعيدني الحكاية، ولم يقرأ في هذا المجلس شيئاً – لم يستطع – .
فهم يتكلمون عن أناس ذوو قدر وهم مضطرون للكلام فيهم ولكن يذكّروا أنفسهم أننا ربما نطعن على أقوام قد حطّوا رحالهم في الجنّة منذ سنين طويلة.
والآن مثل ذلك يحدث، هم يطعنون على أناسٍ ما ينبغي أن يطعن عليهم، يتكلمون في أناسٍ ربما قد حطّوا رحالهم في الجنّة، ثم هم يذمّون من حيث ينبغي أن يمدحون.
النبي صلى الله عليه وسلم يقول وقد مرّت عليه جنازة فأثنوا عليها خيراً، فقال صلى الله عليه وسلم: وجبت وجبت، ثم سكت، ثم مرّت جنازة فأثنوا عليها شرّاً، فقال: وجبت وجبت، فقالوا: يا رسول الله مرّت جنازة فأثنينا عليها خيراً فقلت: وجبت، ومرّت جنازة فأثنينا عليها شرّاً فقلت: وجبت؟ فالنبي صلى الله عليه وسلم فسّر.
قال: لما مرّت الجنازة فأثنيتم عليها خيراً فقلت وجبت أي وجبت لها الجنة، ثم مرّت جنازة فأثنيتم عليها شراً فقلت وجبت أي وجبت لها النار، قال: أنتم شهداء الله في الأرض، حينما يجمع أهل الخير أو أهل الصلاح أو أهل البرّ أو أهل التقى على الثناء على شخص يكون هذا علامة على رضا الله سبحانه وتعالى عنه، وإذا أجمعوا على ذم شخص كان هذا علامة على أن الله سبحانه وتعالى قد سخط عليه، فإذا أجمع أهل الخير والبر من هذه الأمة على صلاح أناس ما ينبغي لأحد أن يطعن عليهم،، النبي صلى الله عليه وسلم قال وجبت، ما معنى وجبت؟ يعني حقّت هذه الكلمة.
وعموماً ليس المسلم بالطعّان ولا اللعان ولا الفاحش ولا البذيء، يوجد أمر اسمه أخلاقيات الإسلام، حتى عموماً في إدارة أي موضوع، إدارة أي خلاف أو شيء تنظر له الآن يوجد أمران
الأمر الأول: الشخص الذي يتكلم أياً كان المتكلم هل هو ملتزم بآداب وأخلاق الحوار، عنده رقي وهو يتكلم، يلتزم بالآداب التي يلتزم بها أهل العلم حينما ينتقدون أي موضوع.
الشيء الآخر: الغاية، الكلام الذي نسمع، أو ما يُقال، أو ما نقرأه؛ أياً كان إلام يؤول، يعني في النهاية يغرس خيراً أم يغرس شرّاً يضع في قلوبنا خيراً، أي سيجعلنا أقرب لربنا سبحانه وتعالى، أكثر إيماناً ويقيناً أم العكس.
يعني في النهاية أفهم الكلام أو لا؛ ما مآل هذا الكلام؟ المآل؛ هذا الكلام إلام سيؤول في النهاية، يعني الآن أنا جلست وشاهدت شيء أو سمعت شيء، هذا الشيء زادتني إيماناً وتقىً، زادتني علماً وبصيرة أم لا؟ لأن كل إنسان في الآخر هو مسئول عن نفسه، فالإنسان إذا أدخل على نفسه خير فهو خير، وإذا أدخل على نفسه الشر فهو مسئول، زمان صفوت الشريف كان يقول: التليفزيون له زرار، وهو صدق، هو على صواب، هو مسئول، هو كوزير ربنا سيسأله، هذا صحيح.
لكن هو يتكلم عننا كمواطنين يقول التليفزيون له زرار، ما معنى هذا؟ أنك إذا رأيت أن هذا الكلام ليس حسناً وغير راضي عنه أغلق الزرار.
هذا صحيح، هذا الكلام لا يصحّ أن يقوله في مقام التنصّل من مسئوليته هو، لأن ربنا سيسأله عمّا يبثّه للناس طبعاً، علام سيسأل إذن؟ كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيّته، مؤتمن على هذه الأمانة، فهو يقول أن كل إنسان مسئول عن نفسه، هو على صواب في هذا.
هل سأقف أمام ربنا وأقول هو الذي أتى بهذه الأشياء في التليفزيون، سأقول لربنا صفوت الشريف هو الذي أذاع هذا الفيلم في التليفزيون، فأنا بناءً على هذا لابد أن أشاهده؟!
هذا من باب عدم شعور الإنسان بالمسئولية، ونحن قلنا – شيبتني هود – أن الموقف أمام ربنا ليس بسيطاً، الموقف أمام ربنا ليس بسيطاً ليس سهلاً، لابد على الإنسان أن يُعدّ للسؤال جواباً، يُعدّ للسؤال جواباً
فنحن الآن تكلمنا عن نقطتين، كيف نصل مع القرآن لن أقل مثل، لكن سنضع أنفسنا على بداية الدرب أو الطريق الذي يصل برسول الله صلى الله عليه وسلم لهذا المستوى من التأثر والتفاعل مع آيات القرآن، لكي تكون شيئاً مؤثّراً فعلاً لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُتَصَدِّعًا مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ ومثلما قلت قبل هذا كثيراً هذا المتكلم لا يقرأ قرآن، أنا لا أتكلم لكي – أدكتر – بس في النهاية كلنا لابد أن ننقذ أنفسنا.
الأمر الثاني معرفة أقدار الناس ووضع الناس في المحال التي تستحقّها، لا يصلح أن عظماء هذه الأمة يكونوا عرضة للمهانة والإهانة، لأننا مثلما قلنا ” إذا لعن آخر هذه الأمة أولها ” ستكون كل هذه الأمور السوداء. هذا لا يصلح، هذا لا يصلح
أقل شيء أن نضع كل شخص في المحل الذي يستحقّه، ونشكر لمن أحسن إلينا إحسانه وبرّه، هؤلاء الناس لهم في أعناقنا منن كبيرة، لولاهم لم يبق هذا الدين إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ بماذا؟ أليس حفظ ربنا سبحانه وتعالى هذا الدين هذا الذكر هو الوحي القرآني وتفسيره وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ – السنة – لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ كيف كان هذا؟ بأن هناك أناس أفنت أعمارها في هذا وفي الآخر نحن الملومين، عندما يطعن أحد على أحد، فهذا الشخص مزيد في ثوابه وأجره عند ربنا سبحانه وتعالى لأنه سيأتي يوم القيامة سيأخد حقّه ممن أساء إليه، النقيصة عندنا وليست عنده.
يوسف زيدان يقول: أنا صعبان عليّ البخاري،، لا هو لا يصعب عليك، نحن الذي نصعب عليك وليس البخاري، البخاري لا تحزن عليه، لأنه في النهاية هو إن شاء الله له عند ربه ما يستحقّ، وفي النهاية كل من طعن عليه فله في عنقه حسنات يقتصّها منه يوم القيامة، إذاً أين المشكلة؟ المشكلة عندنا نحن، أن معاييرنا تختل ونبدأ نفقد الثقة فيما لا ينبغي أن نفقد.
ونحن الآن نسمع أي كلام، أليس هناك معايير؟ فلنقرأ، لماذا نكتفي بهذا الاستماع، فلنقرأ فالكتب موجودة، والنت عليه كل شيء.
أنت تريد أن تعرف فلان هذا صالح أم فاسد، فلنقرأ، أليس هذا العلم هو الذي نحفظ به ديننا، نحفظ به ديننا.
الآن أنت تقول: قال رسول الله، هل قال رسول الله هذه أنت متأكد أنها قالها أم لا؟ يوجد معايير تعرف بها، الدنيا ليست دجل، ونحن لسنا في موقف سوأة.
وأنت ترى أشياء عجيبة في المناظرات التي تراها، أمور غريبة جدّاً، مواقف غاية في الضعف.
فأنت لا تفهم حينما ترى مناظرة بين شخصين، لا تجد هنا كلام علمي مؤصّل، ولا هنا كلام علمي مؤصّل، فتجد مشاهد غريبة فعلاً.
يعني هل الدين وصل إلى من الانحدار في مجتمعنا أن المناقشة أو المناظرة يكون هذه صورتنا، شيء غريب، أين العلم الذي هو العلم؟؟؟ أين القواعد وأين المعايير؟؟؟ هذه قواعد ثابتة راسخة، أعمدة لا تقبل،، هذا دين يا جماعة دين دين، مرّ عليه ألف وأربعمائة سنة، يبقى بإبقاء الله له، لم يعد هيّناً لهذه الدرجة، لا، ليس الموضوع بسيطاً هذه قواعد علميّة مؤصلة راسخة، ويمكن الكلام عليها في محاضرات ومحاضرات، ولكننا لأننا بعيد عن هذا لسنا مدركين لهذا، فلابد أن نكون مدركين، نحن نقف على أرض راسخة وثابتة، وهؤلاء كلهم كانوا أناس ثقات، لم يكونوا متّهمين في أمانتهم، لا يريدون أن يلبّسوا علينا، فأي شخص يفعل شيء لابد أن يكون له هدف، فهم لماذا هم خرّبوا لنا الدين، هؤلاء القدامى لماذا؟ لابد أن يكون هناك سبب، لماذا؟ ما الذي ينتفعوا به من هذا؟ فما كان بحياتهم من وسائل الانتفاع الدنيوي أو المتع التي سيتمتعون بها عبر هذا؟
فكل واحد يفعل شيء لابد أن يكون له هدف، الذي يطعن لابد أن يكون له هدف في الطعن، الذي يلبّس في الدين لابد أن يكون لديه هدف للتلبيس، فكل شيء هكذا.
عتبة بن ربيعة قال هكذا – لأنه كان رجلاً فاهماً – قال: إن كنت تريد الملك ملّكناك علينا، وإن كنت تريد مالاً جمعنا لك مالاً حتى تكون أكثرنا مالاً، وإن كنت تريد النساء زوّجناك علينا، نجمع لك عشر نسوة، يقول هذا الكلام للنبي صلى الله عليه وسلم لماذا؟
لأن أنت الآن تدعو دعوة إما أن تكون صاحب حق إما أن تكون صاحب دنيا، فإن كنت صاحب دنيا فهذه هي الأشياء التي تريدها، فطالما هؤلاء الناس كانوا لا يريدون هذه الأشياء فهذا دين، ده كده يا جماعة بالتبصيم.
اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه
اللهم إنّا نسألك فعل الخيرات وترك المنكرات وحب المساكين، وأن تغفر لنا وترحمنا وتتوب علينا وإذا أردت بقوم فتنة فاقبضنا إليك غير مفتونين
اللهم يا وليّ الإسلام وأهله مسّكنا الإسلام حتى نلقاك عليه
اللهم يا وليّ الإسلام وأهله مسّكنا الإسلام حتى نلقاك عليه
اللهم يا وليّ الإسلام وأهله مسّكنا الإسلام حتى نلقاك عليه
اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلوبنا على دينك
اللهم يا مصرف القلوب صرف قلوبنا إلى طاعتك
اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلوبنا على دينك
اللهم يا مصرف القلوب صرف قلوبنا إلى طاعتك
اللهم ارحم في هذه الدنيا غربتنا، وارحم اللهم عند الموت كربتنا، وارحم اللهم في القبور وحشتنا، وارحم اللهم في القيامة ذل مقامنا بين يديكاللهم اجعل القرآن العظيم ربيع قلوبنا ونور صدورنا، ذهاب همومنا وجلاء أحزاننا، اللهم ذكرنا منه ما نسينا، وعلمنا منه ما جهلنا وارزقنا تلاوته آناء الليل وأطراف النهار على الوجه الذي يرضيك عنا
اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عنا
اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عنا
اللهم ارحمنا فأنت بنا راحم ولا تعذّبنا فأنت علينا قادر والطف بنا يا مولانا فيما جرت به المقادير واختم بلنا بخاتمة السعادة أجمعين