إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا.
إنه من يهدي الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمد عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ
يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا
ثم أما بعد:
قَالَتْ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ هذه الكلمة تمثل التحرر الكامل للعبد من كل قيد، قَالَتْ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ ومن أعظم ما يوقفك عند هذه الكلمة ما فيها من بساطة وتلقائية، هو في الحقيقة مشهد وحدث خارق للعادة، أمر غير مألوف ولا معهود، ربما يقام في مثله ضريح أو مقام، كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِنْدَهَا رِزْقًا طعام رزقها الله إياه في غير وقته وفي غير أوآنة، فهو يتعجب فيقول يَا مَرْيَمُ أَنَّى كيف أتى هذا الشيء هنا؟ ولم يقل من الذي أتى به لأن المشكلة ليست في هذا الأمر، لأنه من الممكن أن يأتي به أي حد رغم أنه لا يدخل إليها أحد إلا زكريا، لكنه لم يقل من الذي أتى به؟ قال أنى كيف؟ أنى لكِ بهذا، قالت هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ قَالَ رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ.
ونعني بالتحرر أن الإنسان تقيده قيود المادة وقيود السبب، تشعره دائماً بالعجز، فقدرات الإنسان محدودة وإمكاناته محصورة، وإحساناً تلاحقه مطالب وتثقل عليه الأمور وتعجز طاقاته وقدراته بل ربما وقدرات البشر الذين يحيطون به بل وإمكانيات العلم وقدرات الطب تأتي في لحظة ما فتقف عاجزة، وهنا وهنا فقط يتميز الإنسان الذي تستقر في قلبه حقيقة الإيمان، في الحقيقة ليس هناك قيد على قدرة الله، لا يلحقه ضعف ولا عجز بوجه وحاشاه سبحانه وتعالى وجل شانه وهو مع عباده على الإحسان والإكرام والبر والعطاء بلا حد وبلا قيد، فهي تقولهُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ ثم تعقب قائلاً إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ بلا عد ولا حصر ولا نهاية.
في تاريخ الإسلام كثير من ردود الأفعال التي وقعت مخالفة للجادة ومتنكبة للصراط المستقيم، قال تعالى وكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا فظهر في لحظة ما صورة من صور الغلو في محبة آل البيت، فستتبع ذلك وقابله صورة من صور التفريط في حقهم والتعدي عليهم، فظهر هذا التعصب فقابله ما سمي بالنصب أي أنهم يواجهون أو يقابلون هؤلاء بالعداء بدلاً من إعطائهم حقهم في الإكرام.
ظهرت الخوارج فجعلت من ينتقص من واجب عليه أو يرتكب محرماً خارجاً من ملة الإسلام ناقضاً لعقده مع الله وإيمانه، فجاء آخرون وجعلوا الإيمان لا عمل معه ولا طاعة فيه، وإنما هو مجرد كلمات، غلو يقابله تفريط. وهكذا في عديد من الصور.
وجاء التصوف، وتطور على مدى قرون وقرون، وشابه في قرونه المتأخره تواكل وانسحاب من الحياة وتشويه لصورة الاعتماد على الله فقابله عبادة للأسباب وإغراق في المادية اقترنت بسيادة حضارة الغرب التي لا مكان فيها للجوء إلى الرب، إذا خاصمت ربها حينما خاصمت كنيستها.
ونحن اليوم نبحث عن هذا الاتزان، ماذا يعطيه الإيمان للإنسان، هو يعلمنا سبحانه وتعالى في هذه الكلمات، أن العبد ما كان حسن الصلة بالله، فإن الله تبارك وتعالى معه يعطيه ويرزقه ويجيبه ويتولاه، بلا قيد وبلا حد، إذا رفعت يدك إلى السماء فلا تذكر حساباً لأن الله تعالى يرزق من يشاء بغير حساب، احسب كيفما شئت في قوانين حركتك أما حين ترفع يديك إلى ربك فلا تذكر حساباً ولا تسئ الظن بالخالق الرزاق المحسن الوهاب، إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ إِذْ قَالَتِ امْرَأَتُ عِمْرَانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا فَتَقَبَّلْ مِنِّي إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ رزقها الله بعد طول انتظار لسنوات طويلة، رزقها الله بجنين يتحرك، فأرادت لكي تشكر أن تجعل لهذا الولد خادماً لبيت الله ومصاحباً لأهل العلم ومتعلماً لكلمات الله، وهكذا هي تشكر نعمة الله عليها، إنما يريد الإنسان الولد للأنس وللرعاية وللخدمة وللاستناد والاعتماد وقد جاءها هذا المولود في وقت تحتاج فيه إلى كل ذلك لكنها لكي تشكر نعمة الله عليها أرادت أن تنذره لعبادة الله فسمته محرراً، نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا محرراً من حقي عليه فلا قيد عليه، ومحرراً من أعباء ومشقات هذه الحياه ومطالبها ومشاغلها إذا أفردته لعبادة الله وتعلم دينه، ومصاحبة الأحبار والعلماء، فهو محرر من كل قيد.
فلَمَّا وَضَعَتْهَا قَالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنْثَى فهي أضعف على الخدمة لا تخالط الرجال ويأتي عليها وقت لا يمكنها أن تقيم فيه في بيت الله فتحتاج إلى أن تخرج، ظنته ولداً قَالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنْثَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثَى لكنها لا ترجع في شيء نذرته لله وَإِنِّي سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ تقبل هذا النذر وهذه الهدية وَأَنْبَتَهَا نَبَاتًا حَسَنًا يتولى الله رعاية العبد، يتولى الله تربيته وحياطته، إذا أوكلت تربية أولادك إلى نفسك ربما ضعفت وعجزت أما إذا كان الرب هو الذي يتولى التربية فما أعظمها وما أجلها وما أعلاها من تربية ومن تهذيبفَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنْبَتَهَا نَبَاتًا حَسَنًا وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا تنازع العلماء أيهم ينال هذا لشرف وأيهم يكفل هذه الصبية التي هي أبنة إمامهم الذي قد مات، فاقترعوا وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلَامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُونَ لم يرونه عبء وإنما رأوه شرفاً وفضلاً فاختصموا عليه، فجعل كل يلقى قلمه الذي يكتب به كتاب الله يلقيه في اليم، فجرت الأقلام، وبقى قلم زكريا واقفاً فقال تعالى وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا هيأ سبحانه وتعالى لزكريا واختاره أن يكون كافلاً لمريم، فهو خير أهل عصره، فهو سبحانه وتعالى الذي هيأ لها هذه الرعاية وهذه الكفالة، وهل كانت هذه الكفالة عبء عليه؟ كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِنْدَهَا رِزْقًا فهو حينما أوكل كفالتها إليه لم يجعل عبئها عليه وإنما جعلها هي سبباً في رزق يسوقه الله إليه، كان بلا ولد ورضي بقسم الله له، وعاش على هذا زماناً طويلاً قَالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا.
كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ أي مرة تلو مرة تلو مرة وكل مرة يتساءل ويعجب وتجيبه بنفس الإجابة، مرة تلو مرة، حينئذٍ توقف ليفكر هنالك في هذه اللحظة، لم تكن تلك أول مرة، مرة تلو المرة قَالَ رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ إذاً فتح الله بمريم لكافلها وراعيها باباً للرغب والطلب واللجوء إلى الله تبارك وتعالى.
وهل كان كريا يحتاج إلى من يخبره بعظمة قدرة الله؟ فَنَادَتْهُ الْمَلَائِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَى ماذا يعلمنا الله من هذه الكلمات؟ أما التعليم الإلهي فكثير، وأما ما نريد أن ننوه عليه إنما هو اسمه تعالى الرزاق وعظمة عطائات هذا الاسم العظيم في صلة الله تتبارك وتعالى بعباده، ليس لعطائه حد ولا على قدرته قيد وما بين العبد وبين الرب إلا أن يرفع إليه يديه سائلاً راغباً طالباً حسن الظن بربه واثق في أنه لا يرد يد سائل، (إن الله تعالى حيي كريم يستحي من العبد إذا رفع إليه يديه أن يردهما صفرًا خائبتين لا يضع فيهما خيرًا) إن الله تعالى حيي كريم يستحيي ممن لجأ إليه، وممن أحسن الظن به، وممن قصد بابه، يستحيي من العبد، إذا رفع إليه يديه ألا يضع خيرًا في هاتين اليدين، (أن يردهما صفرًا خائبتين لا يضع فيهما خيرًا)
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم
الحمد لله رب العالمين
وراء ألواح من زجاج تستقر جواهر نفسية وأحجار كريمة، وإزاء هذه الجواهر الناس أصناف، منهم ويالا الأسف من لا يراها إلا صخور لا قيمة لها وأثقالًا وأوزارًا وأعباءً، فهم يستثقلونها وربما يبغضونها، ومنهم من لا يلتفت إليها؛ لأنه مشغولٌ عنها فلا يعبأ بها، ومنهم وهم أحسن الخلق حظًّا: من يدركون قيمة هذه الجواهر التي توجد وراء هذه الألواح الزجاجية؛ يدركون قيمتها وعظمتها، ولكنهم لا يمدون أيديهم ليزيحوا هذه الألواح ويتناولوا من هذه الجواهر؛ وهذا هو حالنا مع ديننا.
جواهر ثمينة ونعم عظيمة أولانا الله إياها، فمن الناس من لا يراها كذلك، بل ربما رأها بضد ذلك، ورأى دينه عبئًا وثقلًا عليه، إذا نظر المرء إلى دينه على أنه مجموعة من نصوص القانون التي تقول له افعل ولا تفعل، لم يرها في الحقيقة إلا قيدًا عليه، وعبئًا وثقلًا، يؤديه إن أداه، خوفًا من عقوبة قد تناله غدًا بين يدي ربه سبحانه وتعالى، فهو يسقط الصلاة عن كاهلة لئلا يعذب عليها، يترك محرمًا حُرّم عليه، لئلا يعاقب عليه، لكنه لا يرى ذلك إلا سجنًا وقيدًا وعبئًا، يرى ربه عياذًا بالله أراد أن يعذب عباده الطائعين في الدنيا لكي يعوضهم عن العذاب نعيمًا في الآخرة، هكذا هو يراها؛ فيرى الناس قسمين: منعمون في الدنيا بمخالفة الله، ومعذبون في الآخرة في مقابلة ذلك، ومعذبون في الدنيا بطاعة الله، ومنعمون في الآخرة في مقابل ذلك؛ هكذا يرونه.
ومنهم من استغرق في همه وشأنه فلا يلتفت إلى هذه الألواح ولا إلى ما وراءها، ومنهم من منّ الله عليه فأدرك قيمة وعظمة هذه النعمة لكنه لا يتعاطى معها ولا يتفاعل،فهو في الحقيقة يتنعم بالنظر إليها لكنه لا يستفيد منها حقيقة الاستفادة، وحقيقة الانتفاع فقد أتاحها الله تعالى لعباده لكي ينتفعوا بها، حين يرفع العبد يديه إلى الله، حين يثق العبد بالله، حين يقيم العبد بين قلبه وبين ربه صلة حقيقية حينئذٍ يزيح هذه الألواح الزجاجية ليتناول بيده ما وراءها من حجر كريم، وما وراءها من معدن نفيس، وما وراءها من جوهر ثمين.
لقد آن لنا أن نزيح هذه الحواجز وأن نقيم الصلة مع الله سبحانه وتعالى كما ينبغي أن تقام، فإذا فعلت فماذا يهبك ربك حين تقف بين يديه، حين تثق فيه، حين ترجوه، وحين تسأله وحين تعلق قلبك به، لقد آن لنا أن نسأم من طبيعة القسوة التي نعاني منها في حياتنا، ومن طبيعة الفظاظة والغلظة التي غلّفت حياتنا، ومن تحجر ربما اعترى القلوب، فحين يتصل الإنسان بربه تبارك وتعالى حينئذٍ وحينئذٍ فقط يشعر بحقيقة الحرية، هو الآن فوق كل قانون، وفوق كل قيد، وفوق كل سماء، هو الآن يتعامل مع من إذا أراد شيئًا أي شيء، أيًا كان، أن يقول له كن فيكون، ليس بين وقوعه إلا أن يأمره خالقه تبارك وتعالى بأن يكون.
فما نرجوه وما نأمله أن نزيح هذه الحواجز التي أقمناها بين قلوبنا وبين ربنا تبارك وتعالى، وحينئذٍ نذوق حقيقة التعيم، قال تعالى إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ جعل الله تبارك وتعالى النعيم هو عطاء الله للأبرار، ليس عطاء العاقبة فقط، قال تعالى إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ وصفهم تعالى بأنهم مغمورون بهذا النعيم، منغمسون فيه، ممتلئون منه، ثم يرزقهم تبارك وتعالى في الآخرة النعيم الكامل والنعيم التام، فنعيم الدنيا لابد أن يعتريه قدر من التنغيص، إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحًا لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي كَبَدٍ لأنه لولا ذلك، لم يشتق العبد إلى الجنة، ولم يرغب إلى لقاء ربه،، الدنيا وهي منغصة قد ركنت قلوبنا إليها فكيف لو لم تكن كذلك، ماذا كان يكون حالنا؟ فلكي يطمح العبد في نعيم الله في الآخرة، ولا يركن إلى نعيم الدنيا جعل الله هذه الدنيا مشوبة بما شيبت به، لكن جعل فيها ما يدلك على نعيم الآخرة، ما يدلك على عطاء الآخرة، ولذلك من أجمل ما أنت سامع حينما يقول لك أحد علماء هذه الملة (إن في الدنيا جنة من لم يدخلها لا يدخل جنة الآخرة) جنة الصلة بالله، الإيمان به، القرب منه، الثقة فيه، السجود له، دعاؤه، الرغب إليه، الطلب منه، من ذاق هذه الجنة، فهو الذي يذوق غدًا بإذن الله نعيم الله في جنة الخلد، ومن كان محرومًا هاهنا فهو في الأخرى أشد حرمانًا وَمَنْ كَانَ فِي هَذِهِ أَعْمَى فَهُوَ فِي الْآخِرَةِ أَعْمَى وَأَضَلُّ سَبِيلًا
اللهم خذ بأيدينا إليك أخذ الكرام عليك لا تفضحنا بين خلقك ولا بين يديك
اللهم إنّا نسألك فعل الخيرات وترك المنكرات وحب المساكين، وأن تغفر لنا وترحمنا وتتوب علينا وإذا أردت بقوم فتنة فاقبضنا إليك غير مفتونين
اللهم إنا نسألك حبك وحب من يحبك وحب كل عملٍ يقربنا إلى حبك
اللهم اقسم لنا من خشيتك ما تحول به بيننا وبين معصيتك، ومن طاعتك ما تبلغنا به جنتك، ومن اليقين ما تهون به علينا مصائب الدنيا، متعنا اللهم بأسماعنا، وأبصارنا، وقوتنا، أبداً ما أحييتنا، واجعله الوارث منا واجعل ثأرنا على من ظلمنا، وانصرنا على من عادانا، ولا تجعل مصيبتنا في ديننا، ولا تجعل الدنيا أكبر همنا، ولا مبلغ علمنا، ولا تسلط علينا بذنوبنا من لا يخافك فينا ولا يرحمنا، ولا تجعل إلى النار مصيرنا، واجعل اللهم الجنة هي دارنا
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم.