Generic selectors
المطابقات الدقيقة فقط
البحث في العنوان
البحث في المحتوى
Post Type Selectors
البحث حسب التصنيف
أحداث جارية
أسماء الله الحسنى
الأذكار
التلون
السيرة النبوية
القصص في القرآن
الكتب
بني آدم والشيطان
بني إسرائيل
تراجم
تربية
تربية
تفسير
جهد الغلبان في تبيان فضائل القرآن
خطب الجمعة
خطو خاتم الأنبياء ما بين اقرأ وإذا جاء
دروس
رمضان 1436هــ - 2015م
سلم الوصول إلى علم الأصول
عقيدة
غير مصنف
كتابات
كلمة التراويح
مسألة الرزق
من قصص كتاب التوابين
من هدي النبوة
مواسم الخير
هذه أخلاقنا

قصة الإنسان فى هذه الحياة (2)

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ،ونستهديه، ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا ، من يهده الله ، فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ

يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا ، يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا 

ثم أما بعد……

فلازلنا مع قصة الانسان قصة الآدمية والإبليسية ونحن مع مشهد سبق ان تناولناه لكننا نعيد تسليط الضوء عليه لنتأمله ونتملاه فهو جدير بنا أن نتأمله حق التأمل, الملائكة عباد الله المكرمون يمتثلون أمر الله عز وجل فيسجدون جميعا امتثالا للأمر الالهي لم يستثني الله عز وجل منهم أحدا وهذا هو المشهد كما بينه ربنا تبارك وتعالى فَسَجَدَ الْمَلَائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ.

أكد الله عز وجل أنهم لم ينكف أحد منهم ولم يأبى أحد منهم عن طاعة أمر الله عز وجل, وعبر سبحانه بالفاء الدالة على التعقيب والسرعة أنهم لم يتراخوا ولم يتوانوا ولو للحظة واحده في تنفيذ أمر الله عز وجل إلا ابليس أبى أن يكون مع الساجدين, فهم كلهم ساجدون وهو وحده يقف قبالة ربه عز وجل لا يأبهه برفضه أو استنكافه أو استكباره عن امتثال أمر ربه تبارك وتعالى, فيوجه الله عز وجل له سؤاله عن علة امتناعه وعلة إبائه وهو سبحانه وتعالى الحكيم العليم يعلم حقيقة ما في نفسه وحقيقة ما في قلبه لكنه سبحانه وتعالى سأله لينقطع منه العذر وليبين ما في نفسه وما في قلبه, وكان هذا أصلا عظيما من أصول الدين, قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:  إني لم أومَرْ أن أُنَقِّبَ قلوبَ الناسِ ولا أشُقَّ بطونَهم.  

فنحن نتعامل مع الناس بما يظهر لنا, والسرائر أمرها الى الله عز وجل, فالله عز وجل هو الذي يعلم بواطن العباد وما تنطوي عليه قلوبهم وما تسره انفسهم وما تخبئه صدورهم, فالله عز وجل يوجه له سؤالا, مَا مَنَعَكَ أَن تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنتَ مِنَ الْعَالِينَ. قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ, فهنا كما سبق أن ذكرنا تتمثل لنا هذه الطبيعة الابليسية ظاهرة واضحة جلية, هذا شئ يجب علينا أن ندركه لأنه أمر له ما وراءه كما يتبين لن بعد هو هنا يخالف ملائكة الله عز وجل جميعا الذين هم أكمل منه خلقاً وصفة وحالاً ويواجه ربه عز وجل بإبائه أن ينفذ أو يطيع أمر الله عز وجل بل كما قلنا هو يصور ويصحح ويعدل عياذاً بالله على ربه تبارك وتعالى ليبين للحكيم العليم سبحانه وتعالى ما ينبغي أن يفعل وما لا ينبغي أن يفعل, ثم يضيف إلى هذا أنه يطلب من الله عز وجل أن ينظره إلى يوم البعث لأنه كما قلنا هو في النهايه عبداً مربوب مخلوق لا يملك لنفسه نفعاً ولا ضراُ ولا موت ولا حياة ولا نشورا, هو لا يستطيع أن يبقى لحظة واحدة إلا بابقاء الله عز وجل, فيطلب من الله عز وجل المهله والانظار لا ليتب ولا لينيب ولا لينفذ أمر الله عز وجل, بل ليجترر هؤلاء العباد جميعاً آدم وذريته فيسوقهم أمامه سوقا إلى نار الجحيم والعياذ بالله.

هو لا يفكر في أن يتوب أو ينيب بل هو يريد أن يذهب الناس جميعا إلى الجحيم كما اختار هو لنفسه عياذاً بالله عز وجل من ذلك, فالشيطان إذا هو التمرد والرفض والاستكبار ثم هو الغواية والاضلال, فإذا وجد التمرد وضمت إليه الغوايه فهذا هو الشيطان بعينه, ولذلك بين الله عز وجل لنا أن هذا الوصف, وصف الشيطانية. وصف قد ينسحب على اناس من بني أدام كما ينسحب على الشياطين ففي خاتمة كتاب الله عز وجل وخاتمة الوصايا الإلهية لعباد الله عز وجل قال ربنا تبارك وتعالى  قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ ۝ مَلِكِ النَّاسِ ۝ إِلَهِ النَّاسِ ۝ مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ ۝ الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ ۝ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ هذا الوسواس وكلمة وسواس تدل على تكرار هذا الفعل منه ومداومته عليه هو لا ييأس ولا يكل ولا يمل في أداء وظيفته ومهمته التي نذر نفسه وذريته لها لكنه خناس أي هو يخنس ويفر ويهرب إذا اعتصم العبد بالله إذا لجأ العبد إلى الله إذا استعاذ العبد بالله عز وجل ولذلك يعلمنا ربنا تبارك وتعالى أن نستعيذ بالله رب الناس وملك الناس وإله الناس فهو القادر سبحانه أن يعصم الانسان من وسوسة وكيد الشيطان هو يوسوس ويوقع وسوسته في صدرالإنسان ثم بين سبحانه أن هذا الوسواس وهذا الشيطان قد يكون إنسياً وقد يكون جنيا ربما وقع في سمعك يوما من الدهر جمله يلقيها شخص هو المفترض أنه في عداد المسلمين المؤمنين الموحدين يصف مثلا حكما لله – عز وجل – وليكن مثلاً أمر الله – عز وجل – السارق والسارقة أن تقطع يديهم فيقول هذه وحشيه هـكذا يقول هذا الأمر أو هذه الجملة  وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ 

هذا كلام؟ من وأين وضعت هذه الجملة؟ هذا كلام رب العالمين سبحانه وتعالى خالق العباد وخالق هذه الأيدي الرحيم بعباده العليم بهم الحكيم في احكامه فلمن يوجه هذا المتكلم هذا الخطاب؟

من الذي يصفه بهذا الوصف؟  .. ما الفرق بين هذه الكلمات والفرق بين  أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ ؟

بل ان ابليس نفسه كان أحسن حالاً وأخف وطأه إذ لم يستطع أن يتلفظ مثل هذا اللفظ في أحكام الله تبارك وتعالى فإذا في هذا بالحقيقة هو الحق بجنس الأبالسة من جنس الآدميين لأن الآدميين كما ذكرنا في الأسبوع الماضي لما قال الله لآدم  اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلَا مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ  آدم قبل أمر الله وسلم له تسليماً ولم يعارض أمر الله عز وجل بل لم يرد على ذهنه أن مثل هذا يكون وحينما أغواه الشيطان وأكلا من الشجره ولم يستمر على معارضته إنه  قَالَا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ  هذا هو وصف الآدمي ويسلم بأمر الله عز وجل فإذا وقع في خطر أو مخالفه أو معصية بسبب غوايه شيطانية سارع بالتوبه والأوبه إلى الله ولم يصروا على مافعلوا وهم يعلمون ولذلك قال الله عز وجل لنا مبينا ومنبه ومحذراً  وَكَذٰلِكَ جَعَلنا لِكُلِّ نَبِىٍّ عَدُوًّا شَيٰطينَ الإِنسِ وَالجِنِّ يوحى بَعضُهُم إِلىٰ بَعضٍ زُخرُفَ القَولِ غُرورًا وَلَو شاءَ رَبُّكَ ما فَعَلوهُ فَذَرهُم وَما يَفتَرونَ ۝ وَلِتَصغىٰ إِلَيهِ أَفـِٔدَةُ الَّذينَ لا يُؤمِنونَ بِالآخِرَةِ وَلِيَرضَوهُ وَلِيَقتَرِفوا ما هُم مُقتَرِفونَ ۝ أَفَغَيرَ اللَّهِ أَبتَغى حَكَمًا وَهُوَ الَّذى أَنزَلَ إِلَيكُمُ الكِتٰبَ مُفَصَّلًا وَالَّذينَ ءاتَينٰهُمُ الكِتٰبَ يَعلَمونَ أَنَّهُ مُنَزَّلٌ مِن رَبِّكَ بِالحَقِّ فَلا تَكونَنَّ مِنَ المُمتَرينَ ۝ وَتَمَّت كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدقًا وَعَدلًا لا مُبَدِّلَ لِكَلِمٰتِهِ وَهُوَ السَّميعُ العَليمُ ۝ وَإِن تُطِع أَكثَرَ مَن فِى الأَرضِ يُضِلّوكَ عَن سَبيلِ اللَّهِ إِن يَتَّبِعونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِن هُم إِلّا يَخرُصونَ ۝ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعلَمُ مَن يَضِلُّ عَن سَبيلِهِ وَهُوَ أَعلَمُ بِالمُهتَدينَ 

 الله عز وجل قال أنه ما من نبي يدعو الناس إلى الحق إلا كان له أعداء، هؤلاء الأعداء وصفهم الله عز وجل أنهم الشياطين وقد سبق معنا أن الشيطان هو المتمرد على أمر الله الرافض للامتثال له وهو القائم بغواية العباد لأخذهم في طريقه وسبيله، فهؤلاء قال تعالى  شَيٰطينَ الإِنسِ وَالجِنِّ  وقدم شياطين الإنس على شياطين الجن لأننا ربما وإن كان شيطان الجن أكثر وسوسة إلا أننا عندما نعامل شياطين الإنس نعاملهم بأمان وإصغاء وإنصات ولا نجعلهم محل الشك والريبة بخلاف شياطين الجن.

ولذلك تقدم معانا قبل ذلك فى خطبة سابقة أن حذيفة رضى الله عنه حينما كان يسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الخير وعن الشر فقال هل بعد هذا الخير من شر فقال النبى صل الله عليه وسلم: نعم. ثم فسره فقال دعاة إلى أبواب جنهم هم أناس يدعون الناس إلى النار طبعاً لايدعونهم إلى النار مباشرة لا يقول هلم إلى النار هكذا بلفظه وإنما يطلق دعوة أو يطلق جملة أو يلقى شبهة من اتبعها وسار وراءها أودت بها الى النار دعاة إلى أبواب جنهم من أجابهم قال يفوق فيها قلت يا رسول الله صلى الله عليه وسلم صفهم لنا قال: هم من جلدتنا ويتكلمون بألستنا. فهم فى محل الأمن فهم من قومنا ومن أهلنا ويتكلمون بلساننا ولغتنا وحجتنا وبراهيننا وربما أوردوا معانا ولنا آيات من كتاب الله وأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

ولذلك هم عندنا فى محل الأمن وجاء فى راوية مسلم أو فى إحدى روايات مسلم لنفس الحديث أن النبى صلى الله عليه وسلم حين ذكر هذا الشر الذى بعد الخير قال حذيفة: كيف يكون هذا الشر وما صفته قال: يكون بعدى أئمة لا يهتدون لهداى ولا يستنون بسنتى وسيقوم فيهم رجال قلوبهم قلوب الشياطين فى جثمانهم قلبه باطنه قلبه شيطان وجثمانه وظاهره ومسلكه الذى نراه بأعيننا هو جثمان الإنس هكذا بين رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الصفة وهذا الحال هو فى الحقيقة شيطان وإن كان فى الظاهر لنا انسان ولكنه فى الحقيقة شيطان.

 شياطين الإنس والجن يوحى بعضهم الى بعض والله عز وجل استعمل لفظ الوحى فكما أن الله عز وجل يوحى إلى نبيه صلى الله عليه وسلم بواسطة جبريل عليه السلام فهؤلاء ايضا عندهم وحى يلقونه ويأخذونه عن شياطينهم  هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلَى مَنْ تَنَزَّلُ الشَّيَاطِينُ ۝ تَنَزَّلُ عَلَى كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ ۝ يُلْقُونَ السَّمْعَ وَأَكْثَرُهُمْ كَاذِبُونَ ۝ وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ ۝ أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وَادٍ يَهِيمُونَ ۝ وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لَا يَفْعَلُونَ ۝ إِلَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَذَكَرُوا اللَّهَ كَثِيرًا وَانْتَصَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ  فالله عزوجل بين أنه وحى والوحى هو الخبر أو الشئ الذى تلقبه فى خفية بحيث لايراه احد ولا يطلع عليه أحد فالوحى إعلام سريع بخفاء الإعلام السرعة الخفاء هذا هو الوحى يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا الزخرف وهو الشئ الذى يبدو ظاهره مزين مجمل تتسحنه العين لكنه فى حقيقته فاسد وباطل وبال مبين ولكن لايبدو هذا بادئ الرأى يحتاج الى تأمل وتفكير لكى تدرك كيف تميز بين حقه وباطله وبين صوابه وبين خطئه.

يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا هذا الزخرف يوحى بعضهم إلى بعض لماذا لأجل أن يغر الناس وان يستزلهم عن وجه الحق والصواب  وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ  ولاتشغل ذهنك لا تبالى بهؤلاء ولكن أين الخطر  وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ ۝ وَلِتَصْغَى إِلَيْهِ أَفْئِدَةُ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآَخِرَةِ وَلِيَرْضَوْهُ وَلِيَقْتَرِفُوا مَا هُمْ مُقْتَرِفُونَ  هم ضحايا الشياطين وهذا ما يعنينا بالأساس، الناس الذين تستدرجهم الشياطين وتجتالهم عن دينهم وتصرفهم عن قضية ربهم عز وجل بالجمل المزخرفة ويوحى الشياطين  وَلِتَصْغَى إِلَيْهِ أَفْئِدَةُ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآَخِرَةِ  الله عز وجل بين أن هذا الوحى المزخرف إنما يفتتن به ويصغى إليه ويميل بقلبه إليه من فى إيمانه خلل وضعف يحتاج أن يجبر ويحتاج أن يقوى إيمانه لكى يقوى على مواجهة هذا الزخرف الذى يدفع به فى قلبه ولتصغى اليه اى تميل  وَلِتَصْغَى إِلَيْهِ أَفْئِدَةُ  والإصغاء يكون بالأذن هو يصغى بإذنه ويميل لكى يسمع ولكن الله سبحانه وتعالى يخبر هنا أن هؤلاء الذين يستجيبون لهذه الجمل الباطلة فى قلوبهم مرض وضعف فالقلب هو الذى يصغى وينصت فقلبه يميل إذا فالقلب نفسه فيه ميل  إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا  أي مالت عن وجه الحق تحتاج إلى توبة تحتاج الى أوبة  وَلِتَصْغَى إِلَيْهِ  أى تميل إليه  وَلِتَصْغَى إِلَيْهِ أَفْئِدَةُ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآَخِرَةِ وَلِيَرْضَوْهُ  يعجبهم هذا الكلام  وَلِيَقْتَرِفُوا مَا هُمْ مُقْتَرِفُونَ  إذا هم فيهم ميل للباطل فيستحسنون هذا الكلام الذى يزين لهم هذا الباطل ويرضى ضمائرهم بأنهم على شى من الحق ولكنهم ليسوا على شى من الحق.

قَالُوا إِنَّكُمْ كُنتُمْ تَأْتُونَنَا عَنِ الْيَمِينِ، اليمين هو الطريق الذي يقود الى الجنة والشمال هو الطريق الذي يقود الى النار وَأَصْحَابُ الْيَمِينِ مَا أَصْحَابُ الْيَمِين- وَأَصْحَابُ الشِّمَالِ مَا أَصْحَابُ الشِّمَالِ انكم كنتم تأتوننا عن اليمين هو لا يكتفي فقط بان يحاول ان يغويه فينقلب الى النار…لأ يسد عليه المنافذ التي ينطلق منها الى رضوان الله. هو طريق واحد هكذا يسد عليه طريق الحق بأن يحاول ان يلبسه ويشوشه عليه او يضيق عليه سبل الطاعة والتقرب الى الله (قَالُوا إِنَّكُمْ كُنتُمْ تَأْتُونَنَا عَنِ الْيَمِينِ – قَالُوا بَل لَّمْ تَكُونُوا مُؤْمِنِينَ لم تكن المشكلة فقط في انهم كانوا يضيقوا عليهم السبيل او يحاولوا ان يحريفونهم عنها. الاخرين ايضا كان عندهم الخلل وكانوا عندهم الميل كما قال تعالى وَلِتَصْغَى إِلَيْهِ أَفْئِدَةُ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ وَلِيَرْضَوْهُ وَلِيَقْتَرِفُواْ مَا هُم مُّقْتَرِفُونَ 

ولذلك كان اهل الايمان يتعرضون لنفس الغاوية ويتعرضون لنفس الاضلال ويتعرضون لنفس السد لطريق الجنة لكنهم ابو الا الصرار على طريقه وسبيلهم  إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كَانُواْ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ – وَإِذَا مَرُّواْ بِهِمْ يَتَغَامَزُونَ – وَإِذَا انقَلَبُواْ إِلَى أَهْلِهِمُ انقَلَبُواْ فَكِهِينَ – وَإِذَا رَأَوْهُمْ قَالُوا إِنَّ هَؤُلَاء لَضَالُّونَ – وَمَا أُرْسِلُوا عَلَيْهِمْ حَافِظِينَ لكن هذا لم يفت في عضض المؤمنين ولذلك ثبتوا على دينهم وامر ربهم فَالْيَوْمَ الَّذِينَ آمَنُواْ مِنَ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ – عَلَى الْأَرَائِكِ يَنظُرُونَ – هَلْ ثُوِّبَ الْكُفَّارُ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ… قَالُوا بَل لَّمْ تَكُونُوا مُؤْمِنِينَ – وَمَا كَانَ لَنَا عَلَيْكُم مِّن سُلْطَانٍ بَلْ كُنتُمْ قَوْمًا طَاغِينَ….نحن لم نقهركم على المخالفة قهرا  وَمَا كَانَ لَنَا عَلَيْكُم مِّن سُلْطَانٍ بَلْ كُنتُمْ قَوْمًا طَاغِينَ ، فَحَقَّ عَلَيْنَا قَوْلُ رَبِّنَا إِنَّا لَذَائِقُونَ  نحن في طريقنا سوف نرد موارد الهلكة فماذا فعلنا (فأغويناكم انا كنا غاوين) فَإِنَّهُمْ يَوْمَئِذٍ فِي الْعَذَابِ مُشْتَرِكُونَ – إِنَّا كَذَلِكَ نَفْعَلُ بِالْمُجْرِمِينَ

هكذا شياطين الانس يغوون هؤلاء. قالوا نحن لم تكن لنا مهمة الا الغواية فقط … انا زينت لك هذا الطريق فأنت سلكت .. فَإِنَّهُمْ يَوْمَئِذٍ فِي الْعَذَابِ مُشْتَرِكُونَ – إِنَّا كَذَلِكَ نَفْعَلُ بِالْمُجْرِمِينَ – إِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ – وَيَقُولُونَ أَئِنَّا لَتَارِكُوا آلِهَتِنَا لِشَاعِرٍ مَّجْنُونٍ – بَلْ جَاء بِالْحَقِّ وَصَدَّقَ الْمُرْسَلِينَ – إِنَّكُمْ لَذَائِقُو الْعَذَابِ الْأَلِيمِ – وَمَا تُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ .. وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا رَبَّنَا أَرِنَا الَّذَيْنِ أَضَلَّانَا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ نَجْعَلْهُمَا تَحْتَ أَقْدَامِنَا لِيَكُونَا مِنَ الْأَسْفَلِينَ جعلهم تحت أقدامهم لا يفيدهم شيئا وهم في النار لكنهم يريدون ان يخرجوا شيئا من حنق صدورهم على هؤلاء الذين اغويهم واضلوهم ثم قالو لهم بعد ذلك فَأَغْوَيْنَاكُمْ إِنَّا كُنَّا غَاوِينَ  وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا رَبَّنَا أَرِنَا الَّذَيْنِ أَضَلَّانَا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ نَجْعَلْهُمَا تَحْتَ أَقْدَامِنَا لِيَكُونَا مِنَ الْأَسْفَلِينَ 

إِنَّ اللَّهَ لَعَنَ الْكَافِرِينَ وَأَعَدَّ لَهُمْ سَعِيرًا – خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا لَّا يَجِدُونَ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا – يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ يَقُولُونَ يَا لَيْتَنَا أَطَعْنَا اللَّهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولَا -وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا – رَبَّنَا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذَابِ وَالْعَنْهُمْ لَعْنًا كَبِيرًا  وَإِذْ يَتَحَاجُّونَ فِي النَّارِ فَيَقُولُ الضُّعَفَاء لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعًا فَهَلْ أَنتُم مُّغْنُونَ عَنَّا نَصِيبًا مِّنَ النَّارِ – قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُلٌّ فِيهَا إِنَّ اللَّهَ قَدْ حَكَمَ بَيْنَ الْعِبَادِ – وَقَالَ الَّذِينَ فِي النَّارِ لِخَزَنَةِ جَهَنَّمَ ادْعُوا رَبَّكُمْ يُخَفِّفْ عَنَّا يَوْمًا مِّنَ الْعَذَابِ – قَالُوا أَوَلَمْ تَكُ تَأْتِيكُمْ رُسُلُكُم بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا بَلَى قَالُوا فَادْعُوا وَمَا دُعَاء الْكَافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلَالٍ 

فالله عز وجل حذرنا من هذا السبيل وبين لنا ان الشيطان له طريق وله سبيل وله صفات تتمحور حول محورين محور التمرد ومحور الغواية وبين لنا سبحانه وتعالى انه سوف يأخذ من عباد الله عز وجل حظا ونصيبا.

 إِنْ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا إِنَاثًا وَإِنْ يَدْعُونَ إِلَّا شَيْطَانًا مَرِيدًا ۝ لَعَنَهُ اللَّهُ وَقَالَ لَأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبَادِكَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا ۝ وَلَأُضِلَّنَّهُمْ وَلَأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلَآَمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آَذَانَ الْأَنْعَامِ وَلَآَمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ وَمَنْ يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيًّا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا مُبِينًا ۝ يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا  والله عز وجل بين ذلك وبين لنا أن من الإنس شياطين يجب علينا أن نحذرهم وبين لنا كيف تقع غواية هؤلاء الشياطين الإنسيين وكيف يوفون إلى الناس بزخارف القول وبين لنا كيف المخرج من هذا وأن الذين يصغون إلى هذا في قلوبهم وبر وفي إيمانهم ضعف عليهم أن يجبروه وأن يقووه إذا أردوا أن يقووا على مواجهة كيد الشياطين وأخبر لنا سبحانه وتعالى انهم يأتوننا عن اليمين يريدو أن يحرفوا علينا طريق الحق ويشوهوا صورته وأن هؤلاء الذين يسلكون مسالكهم ويتبعون طريقهم أن هؤلاء لا عذر لهم عند الله بل هم في العذاب مشتركون.

ولذلك عقب سبحانه وتعالى بعد ذلك في ذكر وصف أهل الجنة قال  فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ  كما تساءل الأولون من أهل النار، هؤلاء أهل الجنة أيضاً يتسائلون  فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ ۝ قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ إِنِّي كَانَ لِي قَرِينٌ ۝ يَقُولُ أَئِنَّكَ لَمِنَ الْمُصَدِّقِينَ ۝ أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَئِنَّا لَمَدِينُونَ  محاسبون موقوفون امام الله عز وجل  قَالَ هَلْ أَنْتُمْ مُطَّلِعُونَ  أي في النار  قَالَ هَلْ أَنْتُمْ مُطَّلِعُونَ ۝ فَاطَّلَعَ فَرَآَهُ فِي سَوَاءِ الْجَحِيمِ ۝ قَالَ تَاللَّهِ إِنْ كِدْتَ لَتُرْدِينِ ۝ وَلَوْلَا نِعْمَةُ رَبِّي لَكُنْتُ مِنَ الْمُحْضَرِينَ ۝ أَفَمَا نَحْنُ بِمَيِّتِينَ ۝ إِلَّا مَوْتَتَنَا الْأُولَى وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ ۝ إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ۝ لِمِثْلِ هَذَا فَلْيَعْمَلِ الْعَامِلُونَ ۝ أَذَلِكَ خَيْرٌ نُزُلًا أَمْ شَجَرَةُ الزَّقُّومِ ۝ إِنَّا جَعَلْنَاهَا فِتْنَةً لِلظَّالِمِينَ ۝ إِنَّهَا شَجَرَةٌ تَخْرُجُ فِي أَصْلِ الْجَحِيمِ ۝ طَلْعُهَا كَأَنَّهُ رُءُوسُ الشَّيَاطِينِ ۝ فَإِنَّهُمْ لَآَكِلُونَ مِنْهَا فَمَالِئُونَ مِنْهَا الْبُطُونَ ۝ ثُمَّ إِنَّ لَهُمْ عَلَيْهَا لَشَوْبًا مِنْ حَمِيمٍ ۝ ثُمَّ إِنَّ مَرْجِعَهُمْ لَإِلَى الْجَحِيمِ ۝ إِنَّهُمْ أَلْفَوْا آَبَاءَهُمْ ضَالِّينَ ۝ فَهُمْ عَلَى آَثَارِهِمْ يُهْرَعُونَ  فالله عز وجل بين لنا أن هؤلاء إنما ينجحون في الإضلال والغواية إذا كان قلب العبد ضعيفاً وإذا كان فيه مرض يتمكن هؤلاء من السيطرة عليه من خلاله، فإذا كان الإنسان معتصماً بالله ملتجئاً إلى الله مستمسكاً بكتاب الله فإن الله عز وجل يحفظه وينجيه ويعافيه من غواية شياطين الإنس والجن.

ولذلك قال الله عز وجل  وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِذْ قَالُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى بَشَرٍ مِنْ شَيْءٍ قُلْ مَنْ أَنْزَلَ الْكِتَابَ الَّذِي جَاءَ بِهِ مُوسَى نُورًا وَهُدًى لِلنَّاسِ تَجْعَلُونَهُ قَرَاطِيسَ تُبْدُونَهَا وَتُخْفُونَ كَثِيرًا وَعُلِّمْتُمْ مَا لَمْ تَعْلَمُوا أَنْتُمْ وَلَا آَبَاؤُكُمْ قُلِ اللَّهُ ثُمَّ ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ ۝ وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ مُصَدِّقُ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَلِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْآَخِرَةِ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَهُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ  الله سبحانه وتعالى أمرنا أن نذر هؤلاء وما يفترون وما يتقولون وأن نستمسك بكتاب الله عز وجل الذي أنزله الله عز وجل كتابا مباركاً كثير الخير كثير بركته إذا اعتصم به العبد وإذا التجأ إليه فإن الله عز وجل يحفظه وينجيه فهو  يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا  ..  وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ مُصَدِّقُ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَلِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْآَخِرَةِ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَهُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ  .. فهو عبرة ولكن لمن يخشى  إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِمَنْ يَخْشَى   فَذَكِّرْ بِالْقُرْآَنِ مَنْ يَخَافُ وَعِيدِ  فالاعتصام بكتاب الله الاستمساك بنور الله عز وجل الذي أنزله على عباده هو العصمة والنجاة من كل زيغ ومن كل ميل،  وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ .