Generic selectors
المطابقات الدقيقة فقط
البحث في العنوان
البحث في المحتوى
Post Type Selectors
البحث حسب التصنيف
أحداث جارية
أسماء الله الحسنى
الأذكار
التلون
السيرة النبوية
القصص في القرآن
الكتب
بني آدم والشيطان
بني إسرائيل
تراجم
تربية
تربية
تفسير
جهد الغلبان في تبيان فضائل القرآن
خطب الجمعة
خطو خاتم الأنبياء ما بين اقرأ وإذا جاء
دروس
رمضان 1436هــ - 2015م
سلم الوصول إلى علم الأصول
عقيدة
غير مصنف
كتابات
كلمة التراويح
مسألة الرزق
من قصص كتاب التوابين
من هدي النبوة
مواسم الخير
هذه أخلاقنا

سبيل غواية الشيطان للإنسان

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ،ونستهديه، ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا ، من يهده الله ، فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ 

يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا ، يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا

ثم أما بعد ….

نتحدث اليوم عن سبيل غواية الشيطان للإنسان وكيف يصل الشيطان إلى أجواء الإنسان، ما المسلك الذي يسلكه لكي يدخل إلى قلب العبد فيفتنه ويصده عن السبيل.

قال تعالى: وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلَا مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ ۝ فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا…. ، وقال تعالى:  فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِنْ سَوْآتِهِمَا وَقَالَ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ إِلَّا أَنْ تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ (۝ وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ.

الله عز وجل يرسم للعبد طريق سعادته ونجاته وفلاحه فيقول لعبده وزوجه أن يسكنا الجنة، والجنة اسم لدار نعيم فالله عز وجل أنزل عبده دارا هي دار متعة ونعيم وأمره أن يأكمل كيف شاء ومتى شاء وأنى شاء رغدا عيشا طيبا كريما بلا مشقة وبلا تعب كما قال الله عز وجل: إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِيهَا وَلَا تَعْرَى ۝ وَأَنَّكَ لَا تَظْمَأُ فِيهَا وَلَا تَضْحَى، كل أوجه الشقاء نفاها الله عز وجل عن عبده الذي أورثه هذه الجنة ثم حذره سبحانه وتعالى من أن يلج إلى طريق معصيت يضره ويؤذيه ويسلب منه النعمة وينزع عنه هذه المنة التي امتن الله عز وجل بها عليه، وهذا هو كل ما يحتاجه الإنسان في حياته أن يبين الله عز وجل له طريق سعادته ويحذره مما يحرمه من هذه النعم التي أنعم الله عز وجل عليه بها إذا أطاع الله عز وجل حصل على نعيم الدنيا والآخرة، وإذا أحرز طريق الغوايا خسر الدنيا والآخرة.

فكيف نجح الشيطان في أن يصد آدم عليه السلام عن هدايته وأن يسلبه النعمة التي امتن الله عز وجل عليه بها.

قال تعالى: فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ  وقد قلنا من قبل أن هذا الفعل يدل على تكرر هذا الأمر، هو إذا أراد أن يغوي الإنسان لا يأتيه مرة أو مرتين بل يكرر غوايته حتى يصل إلى مقصوده.

والوسوسة: هي دخول بخفاء وغلقاء خطرة في قلب العبد كي يتفاعل العبد معها حتى تصل إلى فكرة ثم هم ثم عز وفعل ثم عادة فتستقر في نفس الإنسان ويصاحبها ويلازمها،  قَالَ يَا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لَّا يَبْلَى، هذه الشجرة التي نهاه الله عنها وقد قلنا من قبل أن الله عز وجل أباح لآدم عليه السلام كل شجر الجنة فالأصل الإباحة والأصل السعة والأصل أن الحرام شئ قليل مضيق محدود محصور ليس كما يظن كثير من الناس.

دائرة الحلال هي الدائرة الواسعة ودائرة الحرام هي الدائرة الضيقة ولذلك الله سبحانه وتعالى إذا أراد أن يعد أو أن يحصر حصر الحرام ولم يحصر الحلال لأن هذا هو الضيق المحدود، قال تعالى:قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ وقد تقدم كعنى ذلك.

فالله عز وجل نهاه عن شجرة واحد، والشيطان يريد أن يصور للإنسان أن تلك الشجرة هي التي يحتاج إليها حاجة ضرورية وهي التي فيها سعادته وفيها الخير له.

هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لَّا يَبْلَى وإذا لازم هذا أن الله عز وجل إنما ينهى الإنسان ليس عم ما يضره وغنما ينهاه عن ما يفيده وينفعه، وهذا هو أصل الداء ومكمن الخطر أن الشيطان يصور للإنسان أن الله عز وجل لا يريد به الخير وإنما ينهاه عن ما فيه مصلحته، كأن الله عز وجل –عياذا بالله- يريد أن يضيق على الإنسان ويريد أن يصيبه بالتعاسة والشقاء لا بالسعادة والنعيم، وأن الشيطان في المقابل هو الذي ينصح الإنسان وهو الذي يريد له الخير رغم أن الله عز وجل حذره منه وبين له أن الشيطان له ولزوجه عدو مبين.

والله سبحانه وتعالى حين يذكر عداوة الشيطان فإنه يقول: إِنَّ الشَّيْطَآنَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُّبِينٌ وهو سبحانه يقدم لكما ليبن اختصاص عداوة الشيطان بالإنسان، هو لا يعادي إلا الإنسان، ليس له مهمة إلا عداوة الإنسان، في كل آية في القرآن نجد تقديم (لكما) فالعداوة ليست مطلقة، هو ليس له عدو في هذا الكون إلا هذا الإنسان.

ولذلك الله سبحانه وتعالى حينما خلق الإنسان كما بين النبي صلى الله عليه وسلم في حديث أنس رضي الله عنه الذي رواه مسلم: إن الله عز وجل لما صور آدم في الجنة تركه ما شاء الله أن يتركه – قبل أن ينفخ فيه الروح- فجعل إبليس يطيف به أي يدخل ويخرج يريد أن يعرف ما هذا فلما رآه أجوف علم أنه خلق خلقا لا يتمالك – مخلوق ضعيف- فهو يستطيع أن يسلط عليه فجعل إبرليس يطيف بآدم ويضربه فيجده يحدث صوتا – مثل الفخار- فقال إبليس: لأمر ما خلقت ولئن سلطت علي لأعصينك ولئن سلطت عليك لأهلكنك.

ومن هذا يظهر تصور الشيطان للحياة فهو يتصور الحياة صراعا، بينما آدم في طبيعته ليس عنده الأصل في الحياة العداوة، أما الشيطان فالأصل عنده لأنه عنده الكبر والعجب والغرور والحسد فهو يريد دائما العلو فلذلك ينظر إلى كل مخلوق غيره نظرة العداوة والصراع، فهو قبل أن ينفخ في آدم الروح هو يفكر كيف يكون حاله معه وأنه لابد أن يكون بينه وبينه صراع، ولذلك هو يسعى جاهدا لإضلال الإنسان.

إذا فالمدخل الذي دخل منه الشيطان للإنسان:

أولا: هو أنه صور له أن الله سبحانه وتعالى لا يريد الخير بالإنسان وإنه هو الذي يريد به الخير، ثم هو دخل للإنسان من المدخل الذي يمثل نقطة ضعف الإنسان وهو الحرص على الحياة والحرص على البقاء والحرص على الملك وعلى النعيم فالإنسان يريد طول البقاء ويريد دوام الملك.

فالإنسان داءه في الحرص على الدنيا وفي شئ من الميل إلى شهوات الدنيا ليس هو كالشيطان ديدنه الحسد أو الكبر, وإنما هو طيني فهو دائما يخلد إلى الأرض ومن هنا يدخل الشيطان إلى الإنسان.

قال تعالى:فَأَكَلَا مِنْهَا فَبَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِن وَرَقِ الْجَنَّةِ  وقال عز وجل:  فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمَا سَوْءَاتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِن وَرَقِ الْجَنَّةِ وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَن تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُل لَّكُمَا إِنَّ الشَّيْطَآنَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُّبِينٌ  ،  قَالَا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ.

هذا هو الإنسان فإذا الإنسان داؤه أنه يميل إلى الأرض وإلى شهوات الدنيا وإلى البقاء فيها، فمدخل الشيطان إلى الإنسان مدخل مزدوج التركيز على الشهوات مع شئ من إثارة الشبهات لذلك قال تعالى: وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ أقسم لهما أنه من الناصحين !!!

إن نفس الإنسان تميل إلى شئ من الشهوة وإن الإنسان كما قال الله – عز وجل – ” يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا “ ومن هنا يدخل الشيطان إلى الإنسان لكن الإنسان في طبعه تعظيم لله  – عز وجل – وأنه لا يريد أن يعصي أوامر الله – عز وجل – فلابد أن يضيف الشيطان إلى ذلك شيئاً من الشبهة أو شيئاً من تزيين هذا أو بيان أن هذا هو الحق أو هو الصواب.

 فالإنسان نفسه تميل إلى الشئ لكنه يتردد ويتنازع فيه بسبب ما في نفسه من رفض أو الٍخوف من معصية الله – عز وجل – , فيأتي الشيطان فيثير في نفسه شيئاً من الشبهات أو يزين له هذا بأن هذا شئ جائز أو فلان أفتى به أو أن فلان قال أن هذا مباح , فالإنسان عنده بالأصل ميل فيقتنص هذه الشبهة أو هذه الكلمة حتى لو كان غير مقتنع بها تماماً ولكنه يضم هذا إلى هذا فيلج في هذا المحظور الذي نهاه الله عنه.

ولذلك قال النبي – صلى الله عليه وسلم – ” دَعْ مَا يَرِيبُكَ إِلَى مَا لَا يَرِيبُكَ ” الإنسان المؤمن في طبيعته يرتاب من الأشياء التي في مخالفة أو فيها معصية فهو لا يشعر بالارتياح لها وهو لا يشعر بالثقة فيها ولذلك قال النبي  – صلى الله عليه وسلم – أن الإنسان إذا ارتاب في شئ هل هو مباح أو غير مباح؟ أحله الله أو حرمه؟ فإنه يدع الذي يريبه أي الذي لا يثق فيه إلى الشئ الذي يعلم يقيناً أن الله عزوجل أباحه لذا فإن رسول الله  – صلى الله عليه وسلم – قال أنه إذا التبس على الإنسان شئ وأفتاه الناس بجوازه وهو لا يطمئن إلى هذا فقال ” اسْتَفْتِ قَلْبَكَ وَإِنْ أَفْتَاكَ النَّاسُ وَأَفْتَوْكَ ” يعني هم يفتونك بالجواز لكنك تجد في نفسك حرجاً من هذا الشئ , لا تستشعر الثقة في أنه حلال ولكن توجد الشبهة , فالنبي – صلى الله عليه وسلم – أمر الإنسان أن يدع هذا , ولذلك قال – صلى الله عليه وسلم – : ” الْحَلَالُ بَيِّنٌ وَالْحَرَامُ بَيِّنٌ وَبَيْنَهُمَا مُشَبَّهَاتٌ – تلتبس – لَا يَعْلَمُهَا كَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ فَمَنْ اتَّقَى الْمُشَبَّهَاتِ اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ وَعِرْضِهِ وَمَنْ وَقَعَ فِي الشُّبُهَاتِ وَقَعَ فِي الْحَرَامِ ” فإذا الشيطان مدخله إلى قلب الإنسان كما قلنا أنه أولاً: يشوه صورة الرب في قلب العبد وأن الله عز وجل لا يريد بالإنسان الخير , ثم هو يستغل الشهوات ويثير أيضاً بعض الشبهات في نفس الإنسان.

 نحتاج الآن أن نعرج على هذه القصة – نفس القصة – , نريد أن ننظر إلى هذه القصة كيف وردت في التوارة في سفر التكوين الذي هو كتاب اليهود وهو أيضاً يمثل أساس العهد القديم الذي يسمى عند النصارى الكتب المقدس ,  فهذا النص الذي يوجد في التوارة يعتقده اليهود والنصارى كليهما في شأن قضية خلق آدم ودخوله الجنة, فنجد فيها في الإصحاح الثاني [ أن الله  – عز وجل – أخذ آدم وأدخله في جنة عدن ليعملها ويحفظها ] , هذا أول شئ , فإذن فالله – عز وجل – لم ينزل آدم  الجنة ابتداءاً لكي يتنعم فيها بما أباحه الله – عز وجل – له وإنما ليعمل ويحفظ ( جنيني وغفير ) ثم أباح الله – عز وجل – له أن يأكل من كل شجر الجنة , ثم قال : [ وأما شجرة معرفة الخير والشر فلا تأكل منها لئلا تموت], إذا فإن الشجرة التي نهاه الله – عز وجل – عنها من المفروض عنده أن اسمها شجرة معرفة الخير والشر فهذه الشجرة هي شجرة العلم.

إذا فالله سبحانه وتعالى نهاه عن الأكل من هذه الشجرة لكي يبقى جاهلاً لا يعلم وأن العلم إنما يكتسبه الإنسان بالأكل من الشجرة ليس كما قال النبي – صلى الله عليه وسلم – : ” إنما العلم بالتعلم ” أن الإنسان سيبذل جهداً لكي يتعلم , لا , إنما هو سيتناول ثمرة من شجرة يأكلها ثم يذكر سبحانه وتعالى قصة آدم والأكل من الشجرة: [ فيذكر أن الحية , الحية ! وتفسر أحياناً بأنها الشيطان وكانت أحيل (يعني أكثر المخلوقات حيلة) الحيونات البرية التي خلقها الله – عز وجل – (أو عندهم مكتوب الرب الإله) فقالت للمرأة : أحقاً قال الله – عز وجل – لا تأكلا من كل شجر الجنة فقالت المرأة: من كل ثمر شجر الجنة نأكل أما الشجر التي في وسط الجنة فقال الله لا تأكلا منها ولا تقرباها لئلا تموتا فقالت الحية: لن تموتا بل الله عالم أنكما إن أكلتما من هذه الشجرة انفتحت أعينكما وأصبحتوما كالله عارفين للخير والشر] -نعوذ بالله- فإذا هذه الشجرة قال الله للإنسان عنها أنك إذا أكلت منها فإنك سوف تموت، أيهما أصدق إذا كلام الله كان أصدق أم كلام الحية؟ كلام الحية كان أصدق ! إذا من كتب هذا الكلام الله أم الحية؟! لا يمكن أن يكون الله  – عز وجل – هو الذي كتب هذه الكلمات التي تخبر أن الله – عز وجل – وعد وعداً أو ذكر شيئاً ولم يصدق فيه بل كانت الحية أصدق من الله , وأن الله – عز وجل – نهى العبد عن الأكل من الشجرة التي فيها خيره , فعلاً هذا هو قول الشيطان أن هذه الشجرة فيها العلم وفيها المعرفة.

فأكلا من الشجرة , إن المرأة رأت هذه الشجرة بهجة للعيون وأنها جيدة الأكل فأكلت منها ثم أعطت رجلها أيضاً فأكل معها, فإذا الذي أكل من الشجرة هو حواء, فالغواية كانت للمرأة ولم تكن للرجل , ولكن الله – عز وجل – يقول : ” فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ “ فأصل الوسوسة كانت لآدم ثم لحواء التي توافقت هي وآدم على الأكل من الشجرة , لكن هم جعلوا أن الوسوسة كانت للمرأة وأن المرأة أغوت الرجل فالرجل أكل من الشجرة.

ثم في الجملة التي تليها أن الله سبحانه وتعالى جعل يمشي في الجنة حينما هبت ريح النهار فآدم لما سمع صوت الرب سبحانه وتعالى -وحاشاه سبحانه وتعالى من ذلك- اختبأ هو وزوجه في وسط شجر الجنة لكي لا يراه الله عز وجل لأنه صار عريانا بعد ما أكل من الشجرة فنادى الرب إله آدم قال أين أنت؟! – الله سبحانه وتعالى لا يعلم مكان عبده الجنة أين هو- فسأله أين أنت قال إني سمعتُ صوتك فخشيت لأني عريان فاختبأت فقال الله هل أكلت من الشجرة التي أوصيتك ألا تأكل منها..

فالرب سبحانه وتعالى علم من ذلك أنه قد أكل من الشجرة فسأله عن ذلك فقال المرأة التي جعلتها معي هي التي جعلتني أأكل منها فقال الرب للمرأة ما هذا الذي فعلتي.. قالت الحية هي الذي غرتني.. فالله سبحانه وتعالى أنزل قانون العقوبات عليهم إن الحية تمشي على بطنها وتاكل تراب طول عمرها والعداوة بنها وبين المرأة وإن المرأة يضهر عليها تعب الحمل وإن الراجل ده يعيش في الدنيا يتعب ويشقى .. ثم بعد ذلك ..

الأسوأ بقى من كل ده قال الرب الإله هو ذا الإنسان قد صار كواحد منا عارفا للخير والشر .. واحد منا اللي هو مين؟!! منا .. احنا مين؟!! .. هو ذا الإنسان قد صار كواحد منا عارفا للخير والشر ولعله يمد يده فيأكل من شجرة الحياة فيحيى إلى الأبد .. يعني ربنا سبحانه وتعالى ذكر ان في شجرة واحدة بس.. لا ده هنا في شجرة المعرفة اللي هتؤدي بيه ان يعرف فين مكان شجرة الحياة فيأكل منها فلما يأكل منها يخلد ويحيى إلى الأبد

طيب .. ايه الحل؟!.. فالله عز وجل طرد آدم من الجنة… ليه؟!.. عشان ما ياكلش من شجرة الحياة .. وأقام في شرقي جنة عندن الكرومين .. ده نوع من الملائكة.. ولهيب سيف متقلب.. لحراسة شرقي جنة عدن حيث توجد شجرة الحياة.. كوردون حراسة.. حوالين شجرة الحياة.. طب ما آدم اتطرد من الجنة هو هيرجع تاني؟!!.. لأ..ما هو احتمال يرجع.. ممكن يرجع.. عنده الأوبشن ده متاح..!! هو طلع من الجنة وممكن يرجع تاني فيدخل الجنة فياكل.. ففي حراسة من الملايكة.. وسيوف عشان ايه.. عشان آدم قد يستطيع انه يرجع للجنة..

 إذا قارنا هذه الصورة بما ورد في القرآن .. ما نريد أن نتكلم عنه .. هي قضية واحدة .. ما أثر .. هذه الجمل على معتقدات أصحابها .. كيف يتصور ربه عز وجل!!! ..

الشيطان كلما قلنا.. يصور للإنسان الرب سبحانه وتعالى بصورة الذي يريد بالإنسان الشر.. ولا يريد به الخير.. وأن الشيطان هو الذي يريد بالإنسان الخير.. فهنا في هذه القصة.. الحية كانت صادقة .. والله سبحانه وتعالى لم يكن صادقا!!!.. الله سبحانه وتعالى نهى الإنسان عن الأكل من الشجرة التي فيها خيره.. ليس فيها شره.. ثم لما رأى الإنسان قد علم.. أراد أن يمنعه من الخلود .. فطرده من الجنة لأجل ذلك.. ولذلك لا نعجب إذا سمعنا قائل يقول.. إن الله فقير ونحن أغنياء وقالت اليهود يد الله مغلولة .. هذا طبيعي ..!! إذا كان هذا تصورهم عن الله ..بل يوجد في بعض الكتب أن الله سبحانه وتعالى نفسه.. أكل من الشجرة فخلق الخلق.. فأراد أن لا يأكل الإنسان من الشجرة .. لكي لا يخلق الإنسان عوالم أخرى !!!

فإذا.. الإنسان كما قلنا أساس مشكلته الأساسية .. هو.. تصوره عن الله سبحانه وتعالى .. إذا كان تصوره عن ربنا سبحانه وتعالى تصورا صحيحا.. سيؤدي به هذا إلى محبة الله.. وإلى طاعة الله.. وإلى الثقة بالله سبحانه وتعالى وبما أنزل الله.. إذا فسد هذا التصور.. فإنه سوف يحمل الإنسان على أن يسلك طريقا غير طريق الله سبحانه وتعالى ويستجيب لنزغات الشيطان .. هذا طبيعي.. لإن الإنسان تحركاته فرعا عن أفكاره وتصوراته .. هو يتصور الله سبحانه وتعالى بهذه الصورة.. وذلك أيضا لا نعجب .. إذا قرأنا في كتب اليهود .. أن إسرائيل .. يعقوب عليه السلام.. دخل مع الله سبحانه وتعالى في صراع .. فاستطاع يعقوب أن يلوي ذراع الرب ورائه.. فأراد الله سبحانه وتعالى أن يتخلص منه .. فقال لا اتركك حتى تباركني وتبارك ذريتي.. فأعطاه ذلك .. هذا طبيعي!!..

الله سبحانه وتعالى خلق الخلق.. غير بني إسارئيل هذا الشعب المختار…  فندم على خلقه إياهم فكفر عن هذا بأن جعلهم عبيدا لبني إسارائيل حُمرا يركبونها كما يعبرون هم ..

فإذا كما قلنا .. الخلاصة أن الشيطان يدخل للإنسان من مدخل معين .. إذا استطاع الإنسان أو إذا أدرك هذا المدخل .. وإذا اعتصم بالله سبحانه وتعالى فإن الله عز وجل يحفظه منه .. أما إذا فسد تصوره .. وأصبحت رؤيته عن الله سبحانه وتعالى رؤية فاسدة .. لابد أن يرتب هذا عليه شرا في دنياه وفي آخرته.

وأخيرا.. نحن اليوم نلقى كثيرا من الناس هم من المسلمون وأنت حينما تكلمهم أو هم يكلمونك عن كتاب الله عز وجل وعن حكم الله عز وجل وعن شرعه تجد في نفوس كثير من المسلمين القلق من تطبيق أحكام الله.. القلق من أن يسود كتاب الله عز وجل على هذا الأرض، وهذا مع تنافيه مع قضية الإيمان هو يعكس نفس المشكلة التي ذكرنا هاهنا.

أن الإنسان ثقته بالله عز وجل وثقته بحكم الله عز وجل لسيت بالمحل الذي ينبغي أن تكون فيه، والشيطان يصور له كذلك أنه غذا إلتزم بحكم الله أو إذا إلتزم المجتمع ككل لأحكام الله عز وجل أن هذا سوف يكون شرا ووبالا عليه وأن السعادة هي في تناول الشجرة التي نهى الله عز وجل عنها وأن ترك هذه الشجرة أو ترك طريق معصية الله وإلتزام طاعة الله عز وجل فيه الشقاء وفيه التعاسة وفي الحياة الصعبة وهذا خلاف حكم الله عز وجل وخلاف كلام الله عز وجل وخلاف ما يجب أو ينبغى أن يعتقده المسلم.

فهذا هو من تسويل الشيطان للإنسان، كما قال تعالى: الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُم بِالْفَحْشَاء وَاللّهُ يَعِدُكُم مَّغْفِرَةً مِّنْهُ وَفَضْلاً وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ فهاهنا هذا الذي نسمعه وهذا الذي نردده أحيانا هو هو نفس المدخل الذي يدخل منه الشيطان للإنسان، هو يخوفه من الله ويوهمه أن تنفيذه لأوامر الله فيه شر له وأن إتيانه معصية الله هو الذي سوف يعطيه الخلد والملك الذي لا يبلى.

فهذا إنما هو نزغة من نزغات الشيطان على الإنسان أن يراجع نفسه فيها وأن ينظر في كتاب الله ولذلك قال تعالى: فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللّهِ مِنَ الشَّيْطانِ الرَّجِيمِ، الله سبحانه وتعالى أمرنا حين نقرأ القرآن أن نستعيذ بالله من الشيطان لأنه إذا أعاذنا الله عز وجل من الشيطان انتبهنا وتأثرنا وتفاعلنا واستنارت قلوبنا بمواعظ القرآن فتبين لنا حقيقة الطريق.

فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللّهِ مِنَ الشَّيْطانِ الرَّجِيمِ ، إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ ، إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُم بِهِ مُشْرِكُونَ 

أضف تعليق