إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا. إنه من يهدي الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمد عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم.
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ
يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا
ثم أما بعد ،،،
أول أمس حوالي الساعة أربعة وربع على البحر في سيدي جابر عند مستشفى مصطفى كامل، عربية لانوس شفرليه كاتب على العربية على الزجاج من وراء – محدش خيره عليا – .
الجمل التي تكتب في أقفاء التكسيات والميكروباصات والتكاتك والترلات هذه الجمل تعكس ثقافة ورؤية وفكر الشخص الذي كتبها؛ فلسفته في الحياة يكتبها في جملة.
فعندما يكتب شخص ” محدش خيره عليا ” لا الواهب الرب ولا الأم ولا الأب؟ محدش، أي نفسية تلك التي ترى أنه ليس لأحد عليها من فضلٍ مطلقاً، فأنا لو ركبت معاه واختلفت معه على الأجرة هذا أكيد – المشوار كله سيكون غم –
قال الله تبارك وتعالى وَآتَاكُمْ مِنْ كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا ثم قال الله تبارك وتعالى إِنَّ الْإِنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ ولكن كما قال الله تبارك وتعالى إِنَّ الْإِنْسَانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ جحود الإنسان لفضل ربنا سبحانه وتعالى.
نعم ربنا سبحانه وتعالى تغمر العباد أحسوا بذلك أم لم يحسّوا، شعروا بذلك أم لم يشعروا، ومن أعظم هذه النعم وهذه المنن، ما نتكلم عنه دوماً، نعمة الهداية؛ الإسلام، الإيمان، الوحي، القرآن، قال الله تبارك وتعالى لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ وهذه هي النعمة التي لا نفتأ ولا نملّ من التذكير بها، نعمة الهداية والقرآن والوحي والرسالة والإيمان.
ماذا يقدّم الدين والوحي والنور الإلهي، ماذا يقدّم للإنسان، سيقدّم للإنسان محورين أساسيين، المحور الأول هو محور الفهم، الوعي، الإدراك، المحور الثاني: هو محور السلوك والتصرّف السديد والرشيد، فهل نحن نستطيع أن نستغنى عن هذا أو عن هذا، فالإنسان ما الذي يحتاجه في الحياة؟ أول شيء أن يفهم، أن يدرك، ثم أن يمارس أو يتصرّف بناءً على هذه الرؤية السديدة، فأول شيء الفهم، والشيء الآخر هو السلوك الرشيد.
نحن كنّا نتكلم، عن ماذا؟ نتكلم عن محاولة للاستئذان في بيت النبوة، أليس ذلك صحيح، وقلنا قبل أن ندخل هذا البيت لابد أن نكون مدركين طبائع النسوة اللاتي النسوة التي يأوين إلى هذه البيوت، أو إلى هذه الحجر، إذاً أولاً الدين سيقدّم لنا فهم لطبيعة الإنسان ووظيفة الإنسان ورسالة الإنسان، مآل الإنسان ومصيره، وسيشرح بالتفصيل، ما معنى الرجل؟ وما معنى المرأة؟ الطبيعة والتركيبة والنفسية والميول.
وبعد ذلك سيقول لنا كيف نتعامل، فربنا سبحانه وتعالى بوحيه بيّن لنا هذه الأصول، ثم يأتي صلى الله عليه وسلم بسلوكه ومعاملته وممارسته يقول لنا كيف بعدما أدركنا أن نستطيع أن ندير وأن نتعامل، هذا ما يقدّمه الدين، هل نحن بمعزل عن هذا الوحي نستطيع أن نوفّر لأنفسنا المعين الذي يجيب عن هذين السؤالين، الذي يضع هذين المحورين، أن أفهم وأدرك الحقائق، ثم أتعلّم كيف أتعامل معها بالشكل المثالي والرشيد والسديد والصحيح، إذا تعاملنا بهذه الصورة سيكون لدينا قدر من الإدراك لأهمية او وظيفة أو نعمة الإسلام ونعمة الإيمان، فإن لم يكن هذا سنبقى دائماً في دائرة قلّة التقدير وبالتالي في دائرة المشاكل.
هذه المشاكل من أين تأتي؟ تأتي نتيجة عدم فهم الإنسان أو أنه يمارس بشكل خاطئ ليس أمر آخر، إما هذا أو هذا
أول شيء يوجد شيء اسمه الفهم وهناك التفهّم، هذه التاء لغةً يسمّوها تاء التكلّف؛ أن الإنسان يعاني أو يبالغ في تحقيق الشيء، فالنبي صلى الله عليه وسلم قال ” إنما العلم ” هذا العلم ماذا هو؟ المعرفة التي يريد الإنسان أن يحصّلها ” بالتعلّم ” إذاً ما الفرق بين العلم والتعلّم، وقال ” وإنما الحلم بالتحلّم “
العلم هو المعرفة كيف ينال؟ عبر تكلّف أسبابه والصبر عليه، أما الحلم؛ هو سكون الإنسان وأناته واستيعابه؛ من أين يكتسب؟ عبر تكلّفه، ما معنى تكلّفه؟ أي أن الإنسان سيبذل أسباب أو يجاهد نفسه أو يربّيها لكي يصل من حال من غلبة النزق أو الطيش أو سرعة الغضب، إلى حال من الحلم أو السكون أو الهدوء أو القدرة على الاستيعاب، إذاً الفهم أي أنني أستوعب، أما التفهّم: أي أنني أبذل جهد زائد في أنني أدرك وأتبصّر.
شخص يتصرّف بشكل معيّن، أولاً أنا محتاج إلى فهم هذا، أفهم وأحلل هذا السلوك لكي أعرف لماذا يفعل هكذا، أما التفهّم، أي أحاول أضع نفسي مكان الشخص لكي أدرك منطلقاته أو البواعث التي تؤدي إلى أن يتصرّف هكذا، فما الفرق بين الاثنين؟
هذا الفهم: إدراك، أنا استوعبت سلوكه وأستطيع أن أتوقّعه بناءً على هذا، أي بما أن طبيعته هكذا، فيكون غالباً في الموقف الفلاني سيتصرّف بالشكل الفلاني.
أما التفهّم؛ هذا نفسيّة، أي عندما أضع نفسي مكان شخص أبدأ أدرك نفسيّاً لماذا يفعل هكذا، وبالتالي يوضع عندي في محل فيه قدر من قبول الأعذار، استوعبته نفسيّاً، لست متأزماً مما يفعله لأنه هكذا، هو هكذا.
إذاً أول شيء دائرة الفهم والتفهّم، والشيء الآخر: دائرة الممارسة والسلوك، ولذلك الجمعة الماضية ذكرنا أن النبي صلى الله عليه وسلم خاطب الرجال لكي يفهموا ويتفهّموا طبيعة النساء وبالتالي يحسنوا استيعابهم أو التعامل معهم، فقلنا أن النبي صلى الله عليه وسلم وجّه خطابه للرجال ليس للنساء، الخطاب موجّه للرجال، الإدارة ستكون عند من؟، من الذي سيحلّ المشاكل؟ من الذي سيقع على كاهلة عبء إدارة الأمور واستيعابها ليست المرأة، ولذلك الخطاب دائماً لمن كان يوجّه؟ لمن هو من المفترض أنه سيتعامل وسيستوعب وسيدير، فقيل له: ” استوصوا بالنساء ” وقلنا ما معنى استوصوا؟ استوصوا هذه أي يوصي بعضهم بعضاً، فسينتقلوا من درجة أنهم يتقبّلوا الوصية إلى أن يبثّوها، أو بمعنى اقبلوا وصيّتي فيهنّ، مزيد من التشديد والتأكيد، وبعد ذلك، بعد هذه الوصيّة يضع لنا ميزان الفهم، هذه تركيبة لها شكل، هذه التركيبة في أصل البنية فيها قدر من العوج، قلنا هذا الكلام الجمعة الماضية، ” فيها قدر من العوج ” لماذا يقال هذا؟ لكي يدرك الإنسان أو الرجل المخاطب المطالب بالتزام الوصية الطبيعة فيهمها ويتفهّمها، يفهما أي يستوعبها،، يتفهّم؟ أي أن الأمر عندما يكون من أصل الطبيعة فيكون بها قدر كبير من الإعذار للشخص، هو فيه – كرف – ، هو بطبيعته فيه – كرف – وبالتالي عندما يحدث شيء معوج يفهم أن هذا هو الطبيعي، فهذا هو الفهم ثم التفهّم، وبعد ذلك يأتي صلى الله عليه وسلم لكي يعطي تفاصيل الإدارة، التي هي الممارسة والسلوك السديد والرشيد ومعاييره الدقيقة وكيف يتعامل في المواقف المختلفة، ولذلك نحن قلنا أن كل هذا الكلام نضعه في أي الدوائر،، مقدار ما تحمّل صلى الله عليه وسلم من أعباء لكي يقوم بمهمّة النبوة، ولذلك نحن ذكرنا مسألة أن النبي صلى الله عليه وسلم توفّي عن كم امرأة؟ عن تسع من النسوة، وقلنا أن الناس التي عقولها بعيدة، وهؤلاء لا عتب عليهم أصلاً لأنهم غير مسلمين أصلاً، ومهمتهم مهاجمة الإسلام، حاولوا يضعوا هذا في أن هذا صورة من صور الشهوانية والشبق الشديد للنساء، أليس صحيح؟
الآن أريد أن أسأل سؤال؛ إذا كان هناك شخص مسئول عن تسع زوجات هل هذا أمر حسن أم سيئ؟ فالشخص يتزوج امرأة واحدة ويكون مثقلاً، فهم إلام ينظرون؟ ينظروا إلى جانب شخص يقضي وطر من امرأة، هل هذا عقل – بالله عليك – يعني هل هذا عقل شخص يفهم معنى زواج ومسئولية، يعني هل القضية أن شخص في الفراش سيقضي وطر من امرأة – لمدة خمس دقائق – ويذهب؟؟؟ هل هذا على هذه الصورة.
إذاً من يتكلم هكذا هو يرى أن الموضوع هكذا، هو لا يرى من المرأة إلا ذلك، ولا يتصوّر منها إلا ذلك، هذا الكلام غاية في الخطورة، غاية في الخطورة إذا نحن تعقّلناه وفكّرنا فيه ليس بسيطاً، ليس فقط أنه يرمي النبوة، بل هو لا يفهم شيء نهائياً.
ونحن عندما نأتي لنستقبل هذا الكلام أين نستقبله، نستقبله بأن هذا اتّهام ونقلق ونريد نبحث عن معاذير ومخارج للموضوع باعتبار أن هذه مشكلة ونحن نريد أن نعالجها، فهذا خلل مزدوج.
الأول – الذي تكلّمنا عليه قبل – هذا عدم إدراك تماماً لمعنى النبوة ومعنى الرسالة ومعنى الاصطفاء، فلا يمكن للشخص المصطفى من الله سبحانه وتعالى أن يحوي نقصاً بوجه من الوجوه، وأنا إذا جاء في عقلي شيء مثل ذلك، إذاً أنا لم أفهم معنى الرسالة، أو لم أؤمن بالرسول، هذا هو الأمر الأول.
أما الثاني: أنتم كيف ترون الموضوع يا جماعة؟ ترون أن هذه أمانات ومسئوليات على كاهل الرجل وعبء عليه أم نزوات وشهوات، إذا رأوه هكذا فهذه مشكلة أخرى، ولذلك نحن قلنا قبل ذلك قول البحتري
إذا كانت محاسني اللاتي أدلّ بها كانت ذنوبي فقل لي كيف أعتذر.
الأشياء الجميلة التي فعلها، الأعباء التي تحمّلها، الصبر الطويل الذي صبره، عندما نحوّله هو نفسه، هو نفسه يكون نقيصة، يكون عيباً، تحوّل الميزة لعيب، فكيف سنحلّ هذه المشكلة، عما أعتذر، هذه من أعظم الأعباء التي تحمّلها صلى الله عليه وسلم أن يكون حاملاً لهذا القدر العظيم من العبء، فنحن ربنا سبحانه وتعالى بيّن في كتابه أن أقدر رجل وأعقل واحد، لا يستطيع أن يحمل أكثر من أربع نساء مهما كانت إمكانيّاته، لا يستطيع أن يتحمّل أكثر من هذا، هو أقصاه أربعة، لماذا أربعة فقط، لأن إماكنيّاته وقدرته – مهما كان لو كان جبلاً – لا يستطيع أن يتحمّل أكثر من أربع زوجات، أما النبي صلى الله عليه وسلم ربنا سبحانه وتعالى آتاه أن يستطيع أن يتحمّل تسع نسوة معاً، وبالتالي يكون قدوة لأي شخص وضع على كاهله أي قدر من العبء ليس زوجات فقط، غير الزوجات يوجد بنات، وربما نأتي على شيء من ذلك فليس الموضوع بسيط، فكيف تنظر للموضوع، كيف تراه، كيف تفسّره وتترجمه؟
نحن أحياناً نكون بعيدين جدّاً عن محلّ الرؤية والإدراك الصحيح، نرجع للموضوع، الفهم والتفهّم، هناك عوج، هذا العوج أصلي، ماذا سيقتضي أنني يجب أن أستوعبه، أين يظهر هذا العوج؟ في التفكير وفي الكلام، أعوج ما في الضلع أعلاه، الجزء التي في الأعلى، التي فيها محلّ الفكر ومحل الكلام – اللسان يعني – فماذا سنفعل؟ قلنا الذي وصّانا النبي صلى الله عليه وسلم به أو أرشدنا إليه، صورة من صور التوسّط ما بين الإهمال وما بين الحرص على التقويم التام، قال: ” فإن ذهبت تقيمه كسرته ” ، لن تستطيع، لأن الشيء لو أصله معوج، فأنت تريد أن ترجع الشيء لصورته الأصلي، فيه قدر من العوج، فأنت تريد أن تصلحه تماماً، فأنت تريد أن تلغيه، تلغي وجوده، وإن تركته لم يزل أعوج،، سيستمر، فما المطلوب؟ ما الذي نرشد إليه؟ أصل الوسطية التي جاء بها الإسلام في كل شيء، التقويم في حدود، قدر من التغاضي مع قدر من التوجيه، الكبير لابد أن يتوجّه فيه – يوجد أشياء لا يمكن أن يسكت عليها – ويوجد أشياء تتفوت، وليست كل جملة يترد عليها، ليست كل جملة يرد عليها بجملة لن تسير هكذا الدنيا، فأنت إن كنت تبحث عن الاستقامة الكاملة، فسيكون الكسر، قال ” وكسرها طلاقها ” لن تستمر الحياة، هل الإنسان يريد أن يصل إلى هذا الحل وهذه النتيجة، يضع نفسه في هذه الدائرة، هل سيستطيع أن يستغني عن هذه العلاقة، لن يستطيع، إذاً ماذا يفعل فسيدير، من الذي سيدير، المرأة! لا الرجل، كيف سيدير؟ بناءً على الفهم والتفهّم وبناءً على الصورة التي يوجّهنا إليها النبي صلى الله عليه وسلم ويرشدنا إليها وهكذا تستقيم الأمور، وهكذا تتسق الأمور، ونبدأ الفهم، ونعرف ما معنى الدين ونتعامل به في الحياة فعلاً، فربنا سبحانه وتعالى لماذا أنزل الدين؟ لكي تدار به الحياة، كيف ستدار به الحياة إذا كنّا لا نفهمه؟ ولا نعرف تطبيقاته؟! ستأتي مشكلة أخرى، الآن نحن ذكرنا حديث، السنّة التي وردت عن النبي صلى الله عليه وسلم كم مقدارها؟ هي كبيرة وليست قليلة، هل يمكننا استيعابها؟ فأنا الآن سأتكلم وأقل حديث، إن غاب عني أحاديث أخرى كثيرة، إذاً الصورة التي سأقدّمها الآن سيكون بها قدر من النقص على مقدار ما أنا أسقطّ من السنة، أليس ذلك صحيحا؟
فهل هناك شخص لا يعذب عنه من السنة شيء؟ أي هل هناك شخص محيط علماً بكل الأحاديث؟ صعب جدّاً، وبالتالي المشكلة أين ستكون؟ لكي نحقق الصورة الواضحة الكاملة للممارسة، لابد أن نجمع أركان السنة بعضها إلى بعض، ونضمّ بعضها إلى بعض لكي نحقق بها الصورة المعرفيّة التي هي صورة الفهم والتفهّم الكاملة، وبعد ذلك صورة الممارسة، والمشكلة كلها هنا، فأنا سأذكر مثلاً حديث أو مجموعة من الأحاديث، فهل أنا سأستطيع أن أستوعب، لا أستطيع، لأن حجم المعرفة محدود، وحجم الإحاطة محدود جداً، عظماء الصحابة نفسهم ربما كان يعذب عنهم من السنة شيء، أي إذا كان أبوبكر رضي الله عنه، أو عمر رضي الله عنه يعذب عنهم من سنته صلى الله عليه وسلم أشياء فأكيد نحن أولى وأولى، يعني سيدنا أبوبكر الملازم لرسول الله صلى الله عليه وسلم في حلّه وترحاله، قال تعالى إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ ربنا سبحانه وتعالى وصفه بهذا لأنه هو صاحبه الملازم له جاهلية وإسلاماً ومن حين مبعثه صلى الله عليه وسلم إلى توفّاه الله، لو كان شخص يمكن أن لا يغيب عنه أو لا يعذب عنه شيء من السنة فيكون سيدنا أبوبكر رضي الله عنه لأنه ملازم دائماً.
سيدنا أبوبكر في خلافته جاءت الجدة تسأله ميراثها، ففي القرآن منصوص على الأم فالجدة تقوم مقام الأم لو الأم مش موجودة، ليس منصوص على ذلك، فقال لها لا أعلم لك في كتاب الله شيئاً، ولا أعلم لك في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئاً ولكن أسأل الناس، فقام المغيرة بن شعبة رضي الله عنه فشهد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أعطاها السدس، فقال هل معك من شاهد – يوجد شاهد آخر – فقام محمد بن مسلمة رضي الله عنه فشهد بذلك فأعطاها السدس، هذا قضاء يعني من المفترض أنه أمر من الأمور المشهورة وقع وشهده جماعة من الصحابة ليسوا ملازمين للنبي صلى الله عليه وسلم أكثر من أبي بكر، فهم أبعد بكثير، محمد بن مسلمة والمغيرة بن شعبة.
فإذا كان سيدنا أبوبكر غاب عنه مثل هذا القضاء، وهو من هو في قربه وملازمته لرسول الله صلى الله عليه وسلم، إذاً أي شخص آخر من الممكن أن يغيب عنه.
أي شيء سيغيب عننا، سيمثّل نقص في إدراكنا وفي فهمنا وبالتالي، قدر من النقص في المعاملة الرشيدة التي تبتغيها أو التي نطلبها فَكَيْفَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ ثُمَّ جَاءُوكَ يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنْ أَرَدْنَا إِلَّا إِحْسَانًا وَتَوْفِيقًا
الحمد لله رب العالمين
يحكي أبوموسى الأشعري رضي الله عنه أنه قد استأذن على عمر بن الخطاب رضي الله عنه وكان عمر مشغولاً – هو الخليفة – وتعرض عليه أمور فهو يناقشها فهو ليس فارغاً لكي يرد عليه، فهو استأذن مرة والثانية والثالثة، ثم ذهب، فسيدنا عمر عندما انتهى قال: عليّ بأبي موسى، خرج فلم يجدوه،، فأمر بالحبث عنه، فأتوا به.
قال له أنه ذهب، قال: فلماذا؟ قال النبي صلى الله عليه وسلم قال ” إذا استأذن أحدكم ثلاثاً فإن أذن له وإلا رجع ” قال أئتني بشاهد يشهد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ذلك وإلا فعلت وفعلت، فطبعاً هذه مشكلة لأبي موسى.
فلماذا يفعل سيدنا عمر ذلك؟ هل هو لا يصدّقه؟ هل سيدنا أبوموسى رضي الله عنه ليس محل ثقة؟ سيدنا عمر يريد أن يبثّ في الناس معنىً، ولكي يبثّه لابد أن يبثّه في كبار القوم الذين هم القدوات، أن الكلام أو النقل عن النبي صلى الله عليه وسلم غاية في الشدّة ويحتاج إلى قدر عالي من اليقين والاستيثاق، لكي لا يحدث ما حدث بعد ذلك أن الناس تستخفوتخلط أو تفتري أو تتقول، فسيدنا أبوموسى ذهب إلى المسجد – هل أحد سمع النبي صلى الله عليه وسلم قال كذا – فسيدنا أُبي بن كعب جالس وحوله جماعة من الصحابة يتدارسوا القرآن، قال: كلنا سمعه، – هذا أمر مشهور – فقال لهم القصة، فسيدنا أبي بن كعب، قال: والله لا يقوم معك إلا أصغرنا، لكي يعلم عمر أن هذا الذي لا يعلمه أصغر شخص يعرفه، فأمر أبوسعيد الخدري رضي الله عنه – عنده16سنة – اذهب فقول له أن النبي صلى الله عليه وسلم قال هذا.
فسيدنا عمر ماذا قال؟ قال شغلني ذلك عن سنّة رسول الله صلى الله عليه وسلم شغلني عنه السق في الأسواق، فهو عاد بالّائمة على نفسه أنه ربما كان مشغولا بتجارة أو ذهب إلى مكان فالنبي صلى الله عليه وسلم قال هذا الكلام.
سنة الاستئذان هذه، سيدنا أُبي يقول: كلنا سمعه، هذا أمر معروف، كل الناس تعرفها، فسيدنا عمر مع ذلك مع مكانته من رسول الله وقربه لم يكن يعرفها، فما الذي يترتب على ذلك، إذاً سيدنا عمر عندما يحب أن يستأذن على رسول الله فلن يذهب، لن يذهب أبداً، فهو لا يعلم أنها ثلاثة، فسيبقى جالسا 17، 18، فهو لا يعلم، فسيترتب عليها أو ينبني عليها كذا.
فالآن إذا كان أمر مثل هذا مشهور وسيدنا أبي يقول كلنا نعرفها وسيدنا عمر لم يكن يعلمها، إذاً الإحاطة بهذه السنّة العظيمة أمر ليس سهلاً، لأننا نتكلم على رصيد من العلم والمعرفة والمواقف امتدّ لمدة 23 سنة كاملة في إطار من المؤمنين المحبّين الحريصين على نقل كل كبيرة وصغيرة، إذاً ما الذي يتفاضل فيه الناس في العلم؟ أن يعرف أكثر أو يعرف أقل، أما الإحاطة فغير ممكنة، نحن لماذا نقول هذا الكلام؟
لأننا الآن نتكلم عن أننا نريد أن نفهم، فلكي نفهم لابد أن نحاول أن نستوعب قدر الإمكان لأن كل شيء سيسقط مننا ستمثّل نقص في الرؤيا والفهم والإدراك، وبالتالي في الممارسة والسلوك، فهل سنستطيع أن نحيط إحاطة كاملة؟ لا، نسدد ونقارب
هناك أمر آخر مهم؛ أن النقص عندما يكون في دائرة المعرفة يكون أصعب في دائرة الحكم، أي لو في حكم من الأحكام الفقهيّة، في التيمم أو في الوضوء أو أي حاجة، أنا لا أعرفه سيترتّب عليه شيء من الخلل أو شيء من عدم المعرفة للصورة الصحيحة لأداء العبادة، صحيح؟ لكن من رحمة ربنا سبحانه وتعالى أنه لن يؤاخذني عما أجهل إذا أنا أخذت بأسباب المعرفة، لم أكن معرضاً أو غير مهتم، فالنقص في المعرفة في جانب الحكم أسهل من النقص في معرفة في جانب الإدراك، لماذا؟ لماذا؟ لأن جانب الإدراك سيشوّه الصورة التي سأبني عليها، فالنقص في المعرفة في جانب الإيمان ومعرفة ربنا سبحانه وتعالى، معرفة الإنسان وطبيعته، معرفة طبيعة الجنة والنار، طبائع نفوس البشر التي ذكرها ربنا في القرآن، النقص هنا أكبر بكثير من النقص في معرفة الأحكام المتعلّقة بالفقه والممارسة ولذلك لابد أن نهتم هنا أكثر، لابد أن نحرص على الجمع هنا أكثر.
آخر نقطة: نحن الآن نتكلم على المدخل للبيوت وتكلمنا عن أصل خلقة المرأة، فالمرأة ماذا كان اسمها؟ كانت اسمها حواء، والرجل؟ كان اسمه آدم، لماذا هو اسمه آدم، وهي حواء، فما معنى آدم؟ وما معنى حواء؟ ولماذا اختار ربنا سبحانه وتعالى هذه الأسماء؟ ليس شيئاً عشوائي.
آدم هذه أصلها من الأديم وهو التراب الذي على ظهر الأرض، أو الأدمة وهو الميل للسمرة – لون الطين – الذي خلق منه الإنسان، إذاً ربنا سبحانه وتعالى لماذا سمّاه آدم؟ إشارة إلى الأصل وإلى الطبيعة التي قد جاء منها، ونحن ذكرنا الجمعة الماضية أن ربنا سبحانه وتعالى عندما خلق آدم أو أراد أن يخلق آدم، قبض قبضةً من الأرض – التراب – فجاء بنو آدم على قدر الأرض، منهم الأحمر والأبيض والأسود وغير ذلك، ومنهم السهل والحزن وبين ذلك، الخبيث والطيب وبين ذلك.
إذاً يوجد ارتباط كبير بين خلق الإنسان وبين أصل المادة التي خلق منها لمزيد من التفهّم لطبيعة هذا المخلوق، الارتباط ما بين التربة وبين الإنسان المنبثق عنها أو الذي خرج منها، ولذلك نحن قلنا قبل ذلك قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا طبيعة النفس الإنسانية وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا هي بها الاستعداد للفجور والاستعداد للتقوى، فماذا سيفعل الإنسان، يزكي أو يدسّي.
فما معنى التزكية؟ قلنا هي التطهير والتنقية، والتدسية يخبئ، والإنسان الذي أصله من هذه التربة الأرضية، إذاً طبيعته من هذه الطبيعة الأرضية، جبال، كهوف، غيران، وأودية، ووهاد، هناك مائة مكان تخبئ فيها نفسك، طبيعة الإنسان من طبيعة الأرض، إذاً بناء عليه يسهل عليه أن يدسّي أو يخبئ.
ومعنى حواء، حواء إما أنها مؤنث أحوى، قال تعالىفَجَعَلَهُ غُثَاءً أَحْوَى فما معنى أحوى؟ الزرع حينما اشتد نضارته، فأصبح أخضر يميل إلى شيء من السواد، أو أن حواء – فهي النضرة أو – هي الحاوية للحياة أي أنما تنبثّ الحياة من رحم هذه المرأة، الحياة تأتي من داخل هذه المرأة.
إذاً هذه الأسماء تشير إلى حقائق، إذا لم نفهم الأسماء ينقص أيضاً فهمنا للحقائق، ولذلك ربنا سبحانه وتعالى قال وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلَائِكَةِ عندما أراد ربنا سبحانه وتعالى أن يبيّن فضل آدم عليه السلام علّمه الأسماء، أما نحن فكيف نفهمها نحن؟ أن هذه مثل عذراً – كي جي تو، أو كي جي ون، وكراسة بها شوية صور – فهذه هي الأسماء نحن نتخيّلها هكذا،فألف أرنب، باء بطة، تاء تيس، ثم سأل الملائكة فظهر أنهم لا يعرفون، فهذا ليس المقصود.
ما معنىوَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ؟ أي الحقائق والماهيات والخصائص، الخواص، الوظائف، المنافع، الذي نسمّيه في العلم، التعريفات، أساس كل العلوم الذي يتعلّمها الإنسان أو يبني عليها، التعريف، هذا هو التعريف، علّم سيدنا آدم هذه الأسماء، فيسأل الملائكة عن هذه الأسماء وهذه حقائقها، فهم لديهم نقص في العلم فهم لا يعرفون ما هذا؟ فلماذا؟؟ لماذا ربنا سبحانه وتعالى خصّ آدم بالعلم هنا؟ هذه مهمة جداً، أن ربنا سبحانه وتعالى يعلّم كل مخلوق ما يحتاج إليه، العلم هذا ليس ترفاً، ليس شيئاً يأخذه لكي يتكبّر بها، أو يضيف إلى علمه ما ليس يعلم وفقط، لا، ربنا علّم آدم ما يتنافى مع وظيفته، قال إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً يعلّمه الذي يحتاج أن يتعلّمه، والملائكة يعلّمها ما تحتاج إلى أن تتعلّمه، وفي النهاية وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ وفي النهاية وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ وفي النهاية الدعاء وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا هذا العلم هو الشيء الذي كرّم به ربنا سبحانه وتعالى الإنسان لماذا؟ لأن هذا ستمارس به الحياة، ستؤدّى به الوظيفة، يتعلم لكي يعمل، يتعلم لكي يفهم، لكي عندما يفهم يستطيع أن يدرك ويمارس
إذاً خلاصة ما نريد أن نقول: أن ربنا سبحانه وتعالى بنعمة الدين أو بنعمة الإسلام أو بنعمة الإيمان، أو بنعمة القرآن يعطي لنا مفتاحان كبار، مفتاح الفهم والتفهّم، مفتاح الممارسة والإدارة السديدة والرشيدة لكن هذا لن يتمّ إلا عبر استيعاب قدر الإمكان للأشياء التي علّمها لنا ربنا، نستوعبها ونفهمها لكي نستطيع أن نمارس من خلالها، فلن نستطيع أن نحقق الاستيعاب الكلي، لكن نقترب من هذا الاستيعاب قدر الإمكان، وعندما ترد علينا مشكلة، لمن نرجع أو إلى أين، سنرجع لربنا الذي علّمنا لكي يفهّمنا وسنرجع لنبيّنا صلى الله عليه وسلم الذي امتنّ به ربنا علينا لكي يقول لنا كيف نمشي، ندير الأمور بأي شكل، كل شيء النبي صلى الله عليه وسلم قدّم فيها نموذج، كل شيء، ولكن نحن بعيدون فلا نعرف، كل جزئية كبيرة أو صغيرة سنجد بها هدي لرسول الله صلى الله عليه وسلم، ولذلك ماذا قال لنا؟ قال ” تركتكم على البيضاء ” ما معنى البيضاء؟ الطريق المنير، ” ليلها كنهارها ” ليس بها غبش ولا ظلمة ” لا يزيغ عنها بعدي إلا هالك ” واضحة، هي واضحة، فنحن محتاجين معرفة على أساس المعرفة نمارس ممارسة صحيحة، كل هذا موجود عندنا، هذه هي النعمة التي امتنّ ربنا سبحانه وتعالى علينا بها، والنعم إن لم تشكر فهي إذاً تكفر قال تعالى اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرًا شكر النعمة أن الشخص يمارس على أساسها، يتحرك على نورها وبصيرتها اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرًا وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ
اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه
اللهم خذ بأيدينا إليك أخذ الكرام عليك لا تفضحنا بين خلقك ولا بين يديك
اللهم اقسم لنا من خشيتك ماتحول به بيننا وبين معصيتك، ومن طاعتك ما تبلغنا به جنتك، ومن اليقين ما تهون به علينا مصائب الدنيا، متعنا اللهم بأسماعنا، وأبصارنا، وقوتنا، أبداً ما أحييتنا، واجعله الوارث منا واجعل ثأرنا على من ظلمنا، وانصرنا على من عادانا، ولا تجعل مصيبتنا في ديننا، ولا تجعل الدنيا أكبر همنا، ولا مبلغ علمنا، ولا تسلط علينا بذنوبنا من لا يخافك فينا ولا يرحمنا، ولا تجعل اللهم إلى النار مصيرنا، واجعل اللهم الجنة هي دارنا
اللهم يا مقلّب القلوب ثبت قلوبنا على دينك
اللهم يا مصرّف القلوب صرّف قلوبنا على طاعتك
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم