الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله ولي الصالحين، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه الطيّبين الطاهرين …
ثم أما بعد ،،،
كنا في الخطبة الماضية نتحدّث عن ميراث رسول الله صلى الله عليه وسلم في التاريخ والمنهاج، وكان الكلام منصبّ حول محورين أساسيين، ثم تعليق وتعقيب، والفكرة التي كان يدور حولها الحديث تتمثل في بيان حقيقة مكانة رسول الله صلى الله عليه وسلم في نفوس وفي قلوب أصحابه رضي الله عنهم، وأنه صلى الله عليه وسلم لم يكن مجرّد معلّمٍ أو مدرّسٍ أو أستاذٍ لهؤلاء الصحب الكرام، وإنما كان لهم بمنزلةٍ لا يقادر قدرها، وليس لها مثيلٌ في علاقات عالم البشر، جعلها رسول الله صلى الله عليه وسلم في دائرة الفرد الواجب أن تكون هذه المحبة، تعلو في قلوب المؤمنين أيّ محبة أخرى، بل ربط صلى الله عليه وسلم كمال الإيمان وتمامه بأن تكون هذه المحبة تربو على كل محبة، قال صلى الله عليه وسلم ” لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده، وولده والناس أجمعين ” فذكرنا أثر هذه العلاقة وأثر هذه المحبّة، مقدار ما كانوا يعظّمون نبيّهم صلى الله عليه وسلم، مقدار محبتهم وتعلّقهم به، وبالتالي أثر هذه المحبة وهذا التعلّق، وهذا الارتباط في حفظهم لمآثره صلى الله عليه وسلم ولكل ما كان يأتي ويذر، ثم ذكرنا أمثلة على ذلك من أمور ربما لا نرى كبير نفعٍ أو فائدة في تسجيلها أو التدقيق فيها، لبيان كيف كانوا يدقّقون في كل كبيرٍ وصغير مما يتعلّق بحياته صلى الله عليه وسلم، وبالتالي إنما نقل لنا هذه الكنوز وهذه المواريث القوم المؤتمنون المحبّون لرسولهم صلى الله عليه وسلم.
واليوم نزيد هذا الأمر بياناً وترسيخاً، لكننا نقدّم بين يديه بكلمة، تتعلق بالباعث على إيراد هذه الكلمات في هذه الخطب، لماذا نتحدّث نحن اليوم عن هذا الميراث العظيم، نحن نتحدّث عن أمور من المفترض أن تكون من قبيل المسلّمات في قلوب أهل الإيمان، علماً وفهماً ويقيناً وممارسة، لكن عدت علينا عوادٍ، أدت إلى أن الأمور اليقينية المسلّمة أصبحت في إطار الشك والتشكيك، أصبحت في إطار الريب والاضطّراب، ولذلك نحن بدأنا هذه الخطب بذكر سراقة، وقوائم فرسه التي صاخت في الرمال، أن الإنسان إن لم يقف على أرضية ثابتة من اليقين ومن الإيمان ومن الثقة، فكيف سيسلك مسلك الاتّباع للدين، إذا كان هو لا يثق فيه، لا يثق في تأصيله، لا يثق في الأشياء التي نقلت له عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنها فعلاً مما ثبت عنه يقيناً وقطعاً وجزماً، لا يصح. أنا إذا لم يوجد عندي يقين في مرجعيّتي لا يمكن أن ألتزمها، ولا عمري أقدّرها أو أعظّمها، لكن ما الذي وصل بنا إلى هذا، وقد تكلّمنا من خطبتين عن ما اعترى صحيح البخاري من ممارسات أحالته عن وضعه ومكانته وقدره وهيئته وحوّلته إلى تميمة وتعويذة، فلما لم يفلح في كونه تميمة، بدل أن نعود به إلى الأصل أن كتاب علم وغهم والتزام وإقامة لسنّة حبيبنا صلى الله عليه وسلم، أحلناه إلى أن صار شيئاً لا قيمة له، بل صار شيئاً مثاراً للطعون، فلماذا؟، فنحن الآن نعيش في بيئة، في إطار، هذه البيئة لها جوّ عام، هذا الجو العام هو الذي ينبئك ما الذي سيحدث في المجتمع الذي تعيش فيه في مستقبل الأيام، ما طبيعة الهواء الذي نتفّسه وبالتالي ما طبيعة المستقبل الذي سنعيشه.
عالم من علماء حاضرة الخلافة الآخرة، كان يناقش شيخاً من شيوخ الأزهر الذين حلّوا في دار الخلافة، في الأيام الأخيرة قبل حدوث الحرب العالمية الأولى وسقوط الخلافة بعد، فهذا العالم وهو يناقش شيخ جامع الأزهر فسأله شيخ جامع الأزهر عن رأيه في المدنية الأوروبيّة المعاصرة وموقف الدولة العثمانية منها، فقال له الشيخ، قال: الدولة العثمانية حُبلى بجنين الإلحاد، وستلد الإلحاد يوماً ما، والدول الأوروبيّة حُبلى بجنين الإسلام، وستلد الإسلام يوماً ما.
النصف الأول حدث فعلاً، ما الذي نريد أن نقوله من هذه الجملة؟ هو ماذا يريد أن يقول؟ ما معنى حُبلى بجنين وستلد؟ معناها أن يوجد – جو – ومقدمات وإرهاصات تحدث تهيئ لأمر.
فهذه الدولة المفترض أنها الآن في مقام الحافظة والحامية للإسلام، مستقرّ خلافة الإسلام، هذه الخلافة هي الشعار الجامع لأمة الإسلام جميعاً، تحفظ الإسلام وأحكامه وحدوده، وتحافظ على المسلمين، هذا هو إطارها العام، فإذا بدأ السوس ينخر في هذا البناء، نحن نرى الهيكل مستقرّ موجود، لكن هو يتحلى فعلاً أو يتّصف فعلاً بأسباب العافية والبقاء أم لا، فمن الممكن أن يكون لديك دولاب الخشب، شكله حسن وأنت تستعمله عادي، لكن السوس بدأ ينخر فيه، فهو يعمل ويعمل بصورة خفيّة، أنا لا أراه، فهل لأجل أنني لا أراه أنه غير موجود، لا لأنني لا أتابع ولا أهتمّ – الدنيا ماشية وخلاص – يبدأ يظهر أثره متى؟ عندما يعمل عمله، ” مثل النمل الأبيض في الباركيه ” فجأة يتحول إلى بودره.
هو كان يعمل ولكننا لم نلاحظه، فهو يقول أن هذه الدولة من الممكن أن يكون الشكل والظاهر والهيئة والصورة العامة والتقاليد المجتمع هي لا زالت تنتسب إلى صورة الدين، لكن في الواقع الذي بداخلنا بدأ يتغيّر، مع هذا التغيّر، ومع الوقت ما الذي سينتج بعد ذلك، ستنتج الصورة المقابلة، فهو يقول هذا.
يقول الدولة العثمانية التي ظاهرها التمسّك والاستمساك هي في الحقيقة حُبلى بجنين، ما معنى جنين، الجنين هو الشيء المستكن الذي هو مختفي في ظلمات الرحم، فمن الممكن أن يكون غير ظاهر لكن بدأت تظهر شيء من الآثار، ثم يخرج إلى الوجود فيظهر ويسود، فهو يقول أن هذا الإطار يحوي في باطنه نقيضه، الثاني كذلك.
وبالتالي: نحن الآن، الجو العام في البيئة التي نعيش فيها إلى أين يوجّه؟ البيئة خصبة لانتشار معاني الإيمان أم لانتشار معاني الإلحاد، ما هو الجو العام؟
الجو العام هذا عبارة عن أمرين: ما هو الجو السائد في المجتمع؟ أي ما أخبار معاييرنا الأخلاقية؟ الوضع السلوكي المجتمعي العام، هو العبرة ليس في أنه موجود أو غير موجودة مائة بالمئة أو صفر بالمئة، لا الصورة السائدة، ولذلك ربنا سبحانه وتعالى قال وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً النبي صلى الله عليه وسلم قام يوماً من نومه فزعاً فقال ” ويلٌ للعرب من شرٍ قد اقترب ” ” ويلٌ للعرب من شرٍ قد اقترب فتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج مثل هذه ” حلقة صغيرة، مثل الجنيه، فهل هذا في هذا الردم العظيم هذا – حلقة صغيرة هكذا – تكون خطر لدرجة أن النبي صلى الله عليه وسلم يقوم من نومه فزعاً، نعم فهي المقدمات تؤدي إلى نتائجها، لأن فتحة صغيرة تبدأ في الاتّساع، فقالت زينب بنت جحش رضي الله عنها زوج رسول الله صلى الله عليه وسلم، قالت يا رسول الله: أنهلك وفينا الصالحون، قال: نعم – لكن متى؟ – إذا كثُر الخبث.
ما هو الوضع السائد؟ ما الصورة العامة التي تعمّ المجتمع؟ هذه هي في النهاية التي سيسود أثرها، والتي يحاسب ربنا سبحانه وتعالى عليها المجتمعات، نحن قلنا قبل أن ربنا سبحانه وتعالى يوم القيامة يحاسب كلاً عن حاله وعن عمله، وكلهم آتيه يوم القيامة فردا، حساب شخصي، لكن في الدنيا، لأننا نحيا حياة اجتماعية فيوجد شيء اسمه مسئولية اجتماعية، كلنا معاً مسئولين عن المجتمع، فالذي يعصي أو يخالف، فهو يخالف، والذي من المفترض أن يسدد ويعالج لا يسدد ولا يعالج.
ولذلك نحن قلنا أن بقاء المجتمعات على مقدار ما فيها من المصلحين، وليس الصالحين، ولذلك قالت ” أنهلك وفينا الصالحون ” ما معنى الصالحون؟ أنه يحاول في نفسه أن يكون صالح، قال: ” نعم ” لماذا؟ لأنه لا يؤدي دوره في الإصلاح، ولذلك ربنا سبحانه وتعالى قال وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ لم يقل صالحون، الفرق بين الصلاح والإصلاح.
قال صلى الله عليه وسلم ” بدأ الإسلام غريباً وسيعود غريباً كما بدأ فطوبى للغرباء ” فلما سُئل عن وصفهم قال ” الذين يُصْلِحون إذا فد الناس ” ليس يَصْلَحون، فالصورة هكذا، الجو العام.
نحن نعاني من النضوب في المعاني الإيمانية، في الرقّة القلبية، في الإخبات إلى الله سبحانه وتعالى، في الإخلاص لله، في التعظيم لله ولرسول الله ولدين الله سبحانه وتعالى، وضع الأخلاق والتراحم والتعاطف، هذا هو الجو العام، هذه المعاني منتشرة فيه أم لا، فهذا هو الجو الذي نتنفّسه، إذا كنّا نتنفّس في الجو العام هذا الهواء النقي النظيف، توقّع أن حالتنا الصحّية ستتحسّن، نتيجة لأن المدخلات مدخلات صالحة، فإن لم يكن؟ هذا هو العنصر الأول والأساس، يوجد عنصر آخر.
القيم التي تبرز في المجتمع والتي تتبنّاها الهيئات الموجّة، إلى أي نتوجّه الناس؟، فهم أمران؛ الوضع العام في المجتمع؛ وضع أكثرية الناس، هذا هو الأمر الأول الذي سينبئ بأوضاع المستقبلن الأمر الثاني: التوجيه.
ابن كثير في البداية والنهاية يشير إلى هذا المعنى ماذا يقول؟ يقول: كانت همّة الوليد – الوليد بن عبدالملك – في البناء. ما الذي يشغله؟ الأمر الأساسي الذي يركّز عليه؛ العمران في البنيان، يقول: وكان الناس كذلك لأن هذا هو الأمر الذي يشغل الموجّه، فالموَجّهين يسلكون نفس المسلك، يقول، فكان الرجل يلقى الرجل فيقول: كم بنيت وكم عمّرت – ايه الأخبار؟ –
يقول: وكانت همّة أخيه سليمان – من أتى بعده – في النساء – هذا هو ما يشغله – وكان الناس كذلك، إذا فهم انتقلوا من شيوع جو الاهتمام بالعمران لشيوع جو الاهتمام بالنساء، فيلقى الرجل الرجل فيقول: كم تزوّجت، وكم عندك من السراري، ويقول: وكانت همّة عمر بن عبدالعزيز – الذي جاء بعد سليمان، وهذا بتسلسل الترتيب الزماني التاريخي – في قراءة القرآن، وفي الصلاة والعبادة وكان الناس كذلك، يلقى الرجل الرجل، فيقول كم وردك، كم تقرأ من القرآن؟، ماذا صليت البارحة؟ يقول: والناس يقولون الناس على دين مليكهم.
فلماذا؟ لأن هذه هي القيم التي تبرز، وأكثر الناس بطبيعتها مقلّدة لا تملك الاستقلالية، فهل هم لأنهم مجبورين على هذا؟ لا هم اختاروا هذا، لا يملكون البناء الذاتي القوي الراسخ الذي يجعلهم قائدين وليسوا مقودين، فيتابع الجو العام السائد، فيقول: الناس تقول: الناس على دين مليكهم؛ فإن كان خمّاراً كثر الخمر، وإن كان متهتّكاً كان الناس كذلك، وإن كان حريصاً شحيحاً كان الناس كذلك – هذا هو الذي سيسود في المجتمع – وإن كان كريماً جوّادً شجاعاً كان الناس كذلك، وإن كان طمّاعاً ظلوماً غشوماً كان الناس كذلك، وإن كان ذا دينٍ وتقى وبرٍّ وإحسان كان الناس كذلك، ثم يقول: وهذا يوجد في بعض البلدان، أو قال: في بعض الأزمان وفي بعض الأشخاص والله أعلم.
يريد أن يقول أن هذا حكم أغلبي ليس قانوناً عاماً دائم أنه لابد أن يكون كذلك، ليس شرطاً، لكن الغالب يكون هكذا، لأن غالب طبيعة الناس مثلما قلنا تجري مع مجريات الأحداث، ومع الذي يسود في المجتمع، مع ما توجّه إليه، ولذلك بديع الزمان – رحمه الله – قال هذه الكلمة لأجل أن يقول ماذا؟ يقول أن هذه المقدمات تؤدي إلى نتائجها.
فنحن الآن إذا أردنا أن نستعيد ما فقدناه، لابد أولاً أن ندرك أننا فقدنا شيئاً، نحن أصلاً فقدنا شيء، وأن هذا الشيء الذي فقدناه شيء عظيم لا ينبغي أن نفقده، وأن معيار السعادة والنجاة والهداية للأمة، أصلاً يوجد شيء اسمه أمة، فنحن افتقدنا هذا المفهوم أصلاً، ربنا سبحانه وتعالى يقول كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ وقال تعالى إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ يخاطب المؤمنين بعدما ذكر مسيرة النبيين في سورة الأنبياء إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ حتى هذا الكلام افتقدناه، مفهوم الأمة مفتقد، هذا التقسيم القطري؛ كل بلد بمفردها، وكل بلد ولاءها على التراب الذي نسمّيه التراب الوطني، هذا ليس في الدين إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ من كانوا وحيث كانوا وأينما كانوا، فأول ما نستعيد أن هناك أمة وهذه الأمة مرتبطة بالإيمان، وأن هذه الأمة كانت حينما كانت حول نبيّها ثم على مقدار ما هي ملتزمة بنهج رسولها صلى الله عليه وسلم كانت كما وعدها ربها تبارك وتعالى وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى هذا خطاب عام، كل البلاد، أيّاً كانت اتّجاهتها، إذا أقبلت إلى الله آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ هذا كلام ربنا سبحانه وتعالى، نحن على مقدار يقيننا به، وعلى مقدار سعينا لتحصيله نحقق موعود الله سبحانه وتعالى، فالمشكلة الأولى هنا، ولذلك مهم جدّاً أن نحلل الظواهر الاجتماعية، فنحن مجتمعنا يتغيّر، فالكبار منّا مدركين أن جيلهم غير جيل الشباب الذي يتعاملوا معه، ولذلك هم لا يستطيعوا أن يتعاملوا، لماذا لا يستطيعوا أن يتعاملوا؟ لأن هناك معايير كثيرة فسدت، يعني مثلاً: أن الصغير يحترم الكبير، قبل هذا كانت الناس تنشّأ على هذا، على التقدير والتوقير والإكرام للكبير، هذا الكلام الآن غير موجود، هذه القيم غير موجودة، وبالتالي لم يصبح لها أي مراعاة تماماً، فإلى أين سيوصّل بعد ذذلك، هذا مجرّد مثال، والأمثلة كثيرة، أشياء كثيرة جدّاً تتغير، فهذا التغيير لن يكون له أثر؟ نحن زمان علّمونا في المدرسة ” إنما الأمم الأخلاق ما بقيت ” حفظناها ولكن بعد ذلك ” فإن همُ ذهبت أخلاقُهم ذهبوا ” لأن هذا المعيار الحاكم للمجتمع، المستوى الأخلاقي في المجتمع، هذا هو الذي يحفظه من التحلل ومن الانهيار. القيم قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ دِينًا قِيَمًا دِينًا قِيَمًا مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ الدين هو القيم والأخلاق، إنما بعثت لأتمم صالح الأخلاق، فإذا انهار هذا، فما الذي سيحفظ المجتمع، ما الشيء الذي يمنع المتعدي من التعدي، ما الشيء الذي يمنع الظالم من الظلم، ما الحاجز الذي يحجزه؟ ما المانع الذي يمنع الإنسان من أن تسيطر عليه الأنانية فيدوس الناس تحت رجليه؟ ما الذي سيوقفه؟ فهل نحن لدينا بدائل، فلنقل – خلاص بلاش الدين والقرآن – فلابد أن يكون هناك بديل معياري وقيمي أيضاً، لابد أن يوجد شيء مثل هذا، فهل نحن لدينا قيم بديلة أصلح؟ – بلاش أصلح – حتى لو تعالج علاج جزئي، فلنضخّها في المجتمع لابد أن يوجد شيء، ما الذي يبثّ في المجتمع؟ أعطي لي أي قيم، – بلاش الدين – أعطيني أي قيم، لابد أن يكون مثل هذا، شيء يحفظ هذا السياج وأن هو يتحلل أو أن يذوب، ولذلك لا تتعجب أن وضعنا يتردى يوم عن يوم، على فكرة كينيا وأوغندا وتانزنيا هذه البلاد التي لا نسمع عنها وموزنبيق، كل بلاد الدنيا تتقدم إلى الأمام ماعدا نحن نرجع إلى الوراء، نحن نرجع إلى الوراء، نحن نرجع إلى الوراء.
يعني الدنيا في السبعينات أحسن من الدنيا في الثمانينات أحسن من الدنيا في التسعينات في كل شيء، نحن نتراجع، نحن نتراجع، لا يوجد هذا في الدنيا، فالناس كلها تتقدم، لن أقول نسير بمعدلات التقدم، نمنع التقهقر.
فهذه هي القضية، البيئة ما الذي نبثّه في البيئة، ما الهواء الذي نتنفسه، ما الذي نريد أن نصل إليه؟ نريد أن نستعيد مرة أخرى أن نضخّ معاني الإيمان، تعظيم ربنا سبحانه وتعالى، الارتباط بالله، الثقو بربنا سبحانه وتعالى، الشكر لنعمة ربنا سبحانه وتعالى علينا بالإيمان، امتثال هذه النعمة سلوكيّاً، التواصي بهذا، كلما يبثّ هذا أكثر ويضخ أكثر، نحن سنتنفّسه ونشمّه ونأكله ونشربه، فتربو أبنداننا على هذا الصلاح والطيب، وإن لم يكن؟
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم
الحمد لله رب العالمين
فإذاً نحن هنا، لأننا المفرض أننا نحاول معاً أن نستعيد هذا، ولكي نستعيده، أول شيء نستعيده التقدير لهذه النعمة، أصلاً، أن ربنا آتانا نعمة عظيمة فلابد أن نشعر بها أولا، ما الذي يجعلك تميّز بين شيء أنت تعتبره شيء ثمين وشيء تعتبره شيء حقير، احساسك أنت بقيمته، ليس مجرّد قيمته في ذاته.
فمثلاً: من الممكن أن أكون معي عدد من الجواهر وانا معتقد أن هذه قطع زجاج، فكيف سأتعامل معها؟ بمنتهى التحقير، فإذا كنت في ضائقة مالية، هل سأقول أأخذ واحدة منها أبيعها – أسوي أموري – لن تفعل شيء – ديه حتة كرستاله مفيهاش حاجة، ديه بتاعت عم عصفور مش هتعمل حاجة – .
إذاً الشيء ليس المشكلة في قيمته في نفسه، بل إدراكي أنا لقيمته، من الممكن أن يكون في يدي كنوز ولكنني لا أشعر بها، فمن الذي يميّز بين الزجاج وبين اللآلئ؟ الشخص الذي يملك الخبرة على التمييز بين هذا وذاك، ولذلك لماذا نحن نحتاج إلى العلماء؟ لأنهم يقولون الفرق بين الدر وما بين البعر، وبالتالي نتمسّك بالدر ونهمل البعر.
فالذي نحتاج إليه أن نتأكد ونثق ونتيقّن أن الذي معنا درّ، وبعد ذلك سننفق منه حينما نحتاجه، فإذا أيقنّا أنه در سننفق منه حينما نحتاجه
التعقيب الذي تكلّمنا عليه الجمعة الماضية، نحن قلنا أن هؤلاء الصحب الكرام ومن بعدهم ممن حفظوا لنا هذه الكنوز لهم علينا حقّ التبجيل والتوقير والإجلال.
فهذا أقل شيء نوفّي به حقّهم علينا وليس العكس، ولذلك نحن شبّهنا الجمعة الماضية بالمهندس سنمّار، أنه بدل أن يجزى الجزاء الوافي على إحسانه في صنعة هذا البناء للنعمان بن امرئ القيس كبير المناذرة، ماذا كان جزاؤه منه؟ أنه ألقاه من فوقه فقتله، فهل هذا جزاء الإحسان، قال تعالى هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ
عمران بن حصين رضي الله عنه يحكي أنه قد غزا قوم – في أطراف المدينة، عملوا غارة على ضواحي المدينة – فأسروا امرأة من الأنصار وأصيبت العضباء – العضباء ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم – فوضعت المرأة في الوثاق – أخذوا المرأة وربطوها – وكان القوم يريحون نعمهم بين يدي بيوتهم – فهم لديهم إبل يرعوها ويبيتوها ليلاً وسط البيوت – ليس بالخارج بأماكن خاصة بعيداً لا وسط البيوت، فانفلتت المرأة من القيد – المرأة فكّت الوثاق وتريد أن تهرب فأين ستذهب؟ ستأخذ أي ناقة وتهرب – فكانت كلما أتت على بعير رغى – رغى: عمل دوشة، فتتركه لأن الناس ستصحوا ويلحقوا بها – حتى أتت على العضباء – ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم – فلم ترغي – لم تحدث صوتاً – يقول عمران: وكانت ناقة منوّخة – أي مذللة – فجلست في عجزها – في آخر الناقة – ثم زجرتها – خبطتها، فالناقة تكون نائمة وضربتها فقامت – فنظروا بها – أي حسّوا بها وحاولوا أن يلحقوها – فلم يدركوها فنذرت إن نجّاها الله تعالى عليها أن تذبحها.
المرأة ربنا منّ عليها ففكت نفسها وركبت الناقة فهي تريد أن تشكر ربنا ماذا تفعل؟ نذرت نذراً لله سبحانه وتعالى أن إذا ربنا نجّاها ووطأت المدينة سليمة ماذا ستفعل؟ تشكر ربنا، ماذا تفعل؟ تذبح الناقة، فوصلت للمدينة فعلاً فأتوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكروا له ذلك، فالنبي صلى الله عليه وسلم ماذا قال، ما الإجابة؟ قال: سبحان الله بئسما جزتها؟ يعني هذا جزاء أنها كانت سبب نجاتها، قال: سبحان الله بئسما جزتها، نذرت إن نجّاها الله عليها أن تذبحها – ما هذا! – ثم قال: لا وفاء لنذرٍ في معصية الله ولا فيما لا يملك ابن آدم.
هي ستنذر ناقتي أنا ليست ملكها ” لا وفاء لنذرٍ في معصية الله ولا فيما لا يملك ابن آدم ” هي لا تملك الناقة الناقة ملكي، ربنا سبحانه وتعالى جعل الناقة سبب في نجاتها، فماذا من المفترض أن تفعل؟ تأتي لها بطعام، أو أي مظهر شكر، هي ستذبحها، هي نيّتها حسنة هي تريد أن تشكر ربنا بان تذبحها، فالنبي صلى الله عليه وسلم يؤكد على أي معنى؟ قال: سبحان الله بئسما جزتها.
وهذا ما تكلّمنا عليه الجمعة الماضية، نحن للأسف كثير منّا هكذا، بئسما جزينا صحابتنا وأئمتنا وصالحينا، لم نشكرهم على ما فعلوه، أهملنا ما أعطوه لنا، وفي نفس الوقت تركنا للطاعن أن يطعن فيهم وعليهم، هذا لا يصلح يا جماعة، لا يصلح.
العز بن عبدالسلام، الملقب بسلطان العلماء، هذا كان إمام وقاضي أهل دمشق في زمان الأيوبيين، ملك دمشق اسمه الصالح إسماعيل هذا ابن عم الصالح أيوب، يعني من المفترض أن يكون جدّه صلاح الدين، هذا الرجل من جده؟ صلاح الدين، صلاح الدين هذا لماذا نعظّمه؟ لماذا نقدّره؟ بسبب أنه حرر ديار الإسلام من الصليبيين، هذا حفيده، ماذا يفعل؟ حفيده قرر أن يقاتل ابن عمه مالك مصر، ولكي يقاتل ابن عمه تحالف مع الصليبيين الذي كان جده يخرجهم!
ولذلك سيدنا إبراهيم حينما قال الله تعالى له إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ ليس مجرّد الأنساب وإنما حفظ العهود والمواثيق، فهو تحالف معهم وسلّم لهم مدينتين لكي يرضيهم وأدخلهم دمشق يشترون السلاح لكي يقاتلوا المسلمين في مصر، وتحالف معه أيضاً ملك حمص، واسمه الملك المنصور – ما تعرفش منصور على من وعلى ايه؟ – وضع غريب جداً
فالعالم لأن كونه عالم صعد على المنبر وأنكر هذا ومنع الناس الذين في دمشق أن يبيعوا السلاح لهؤلاء الناس، وبدل أن كان يدعوا للسلطان ترك الدعاء له ودعا بالدعاء المشهور الذي ندعيه ” اللهم أبرم لهذه الأمة أمر رشد ” هذا أصلاً دعاء العز بن عبدالسلام ” يعز فيه أهل طاعتك ويذل فيه أهل معصيتك ويحكم فيه بكتابك ويؤمر فيه بالمعروف وينهى فيه عن المنكر ” عندما فعل هذا؟ السلطان جرده من مناصبه، وبعد ذلك أخرجه من دمشق إلى أين ذهب؟ ذهب إلى بيت المقدس، فالسلطان قدم ومعه الصليبيين وقادم على مصر فأين سيمر؟ ببيت المقدس، فنزل هناك، فلما نزل هناك أتى بواحد من خواصّه وأعطى له منديله وقال له – باعتبار أن هذا علامة أو إشارة – قال له: اذهب به إلى الشيخ – العز بن عبدالسلام – فادخل عليه وتلطّف به غاية التلطّف واستنزله – حاول أن تقنعه أنه سيرجع لكل – مناصبه وإلى خطابته وإلى إكرامه بل خيراً من ذلك وأزيد – في مقابل ماذا؟ في مقابل أن يعتذر له – فذهب الرجل ونفّذ هذه المهمة، وقال له إذا لم يوافق؟ قال: فاعتقله إلى خيمة إلى جانب خيمتي، فذهب الرجل فكلّمه وعرض عليه هذا الكلام، فبماذا ردّ الشيخ؟ قال: والله يا مسكين ما أرضى أن يقبّل يدي، فضلاً على أن أقبل أنا يده، يا قوم أنتم في واد – أنتم في دنيا – وأنا في واد، – أنتم في عالم وأنا في عالم تاني خالص – الحمد لله الذي عافاني مما ابتلاكم به، فقال: إنه قد قرر إن لم تجبه إلى ما يقول أن أعتقلك، قال: افعلوا ما بدا لكم.
فأخذه ووضعه في خيمة بجوار خيمة السلطان، فالشيخ يقرأ القرآن، فالسلطان جالس مع قادة الصليبيين الذين تحالفوا معه، فقال: أتسمعون إلى هذا الشيخ الذي يقرأ – سامعين الرجل الذي يتلو هذا – فقالوا: نعم، فقال: إن هذا هو أكبر قساوستنا – لابد أن يترجم لأنهم لن يفهموا معنى شيخ بالضبط، فهده هو الشيخ الكبير بتاعنا –
يقول: لما عارضني في تحالفي معكم وتسليمي لكم حصون المسلمين – هو اللي بيقول – حبسته لإنكاره عليّ في ذلك، ونزعت عنه مناصبه، ثم أخرجته من دمشق فجاء إلى بيت المقدس، ثم لما جئت إلى هنا قررت اعتقاله لأجلكم – كل ده عشان خاطركم – .
فماذا قالوا له؟ قالوا: لو كان هذا القس قسيسنا لغسلنا رجليه وشربنا مرقتها، – هذا لو عندنا، احنا لو ده عندنا احنا مش هنتعامل معاه كده خالص، دا عكس كده تماماً ليه –
لأن نادراً حينما تجد شخص عنده هذا القدر من الوفاء والإخلاص، هذا القدر من الاستعداد للتضحية في سبيل دينه ومبدأه وامته – بيقول لو دا عندنا احنا هنعمل معه كدا – .
وهذا فرق كبير بيننا وبينهم اليوم، نحن اليوم من المعظّمين عندنا، نحن نعظّم فرويد مثلاً لا نعرف غيره في علم النفس، من رواد المدرسة السلوكية أو في الاقتصاد أدم سميث مثلاً، أو مثلاً كينز وفي السياسة تشرشل، هذه الأسماء من أين عظّمناها؟ بناءً على تعظيمهم هم لرجالهم فانتقل إلينا تعظيمنا لرجالهم، أما في مقابل هذا، هم لا يعظّموا رجالنا فنحن بالتالي وبالتبع لا نعظّمهم، المشكلة هنا، فهذا هو الفرق بين الصورتين هذا النموذج وهذا النموذج.
فنحن الآن كيف نتعامل مع عظمائنا؟ هل سنتعامل بأسلوب الصالح إسماعيل أم سنتعامل بأسلوب قادة الصليبيين؟ لابد أن نختار أمر من الأمرين، أيهما هو الحق المستحقّ علينا؟
هل هم أحسنوا إلينا فنجازي الإحسان بالإحسان، أم هم أساؤوا إلينا فنجازي الإساءة بالإساءة؟ لابد أن نجيب لكي بعد أن نجيب نأخذ اتّجاه، نسير في طريق، إذاً خلاصة ما قلناه اليوم، أن هناك مقدّمات تؤدي إلى نتائجها، هناك بيئة معيّنة وجو نتنفّسه هذا هو الذي سيقودنا إلى معرفة مستقبلنا غداً وبعده، فإذا أردنا أن نكون في وضع أصلح لابد أن نبثّ في مجتمعنا قيم، ومعاني إيمانية ومبادئ أخلاقية كثيرة بقدر ما نستطيع لأن هذه هي التي تضبط الجو العام، الجو العام والأكسجين الذي نتنفّسه، الذي هو بقاءنا ببقائه.
الشيء الثاني: لابد أن ندرك أن معنا نعم ودرر وقيم عظمى، ونقدّر ونجلّ من أهدى إلينا معروفاً بأن أوصل هذا إلينا، ولا يصلح أقلّ من هذا، لا يصلح أقل من ذلك، لابد أن نحافظ على هذا.
فإذا كان الكلام الذي سمعنا ليس في دائرة القناعة فلابد أن نضعه في دائرة الاختبار، فالمشكلة أننا لابد أن نأخذ موقف من الذي نقرأه أو ما نسمعه إما أن نختبره فنصدّقه، وإما نختبره فنكذّبه، وإما كان عندنا ونحن مؤمنون به ولكن كنّا ناسين فنتذكّره، قال تعالى وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنْتَ مُذَكِّرٌ لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ مهمة الرسل التذكير، فلماذا التذكير؟ نحن قبل أن يأتي الرسل لم نكن نعلم شيء، لا لأن الفطرة بداخلنا تدعونا إلى الله هو يذكّرنا بهذا، الفطرة التي بثّها ربنا فينا، العهد الذي أخذه ربنا علينا ونحن في ظهر آدم عليه السلام، الفطرة التي فطرنا ربنا عليها، هذا هو الشيء المستقر بداخلنا، الأصل في الإنسان الخيرية وليس الشر، ولكن محتاج لأحد يذكّره بهذا الخير، فالشيء الذي نسمعه إما أن نتذكّر به شيء في وجداننا فنستعيده، وإما أنه كلام جديد علينا يحتمل الخطأ والصواب والحق والباطل، لابد أن نختبره ولابد أن يكون لدينا قيم معيارية نختبر به هذا الكلام أصحيح أم خطأ، فإذا كان خطأ نهمله ونردّه على قائله، أما إن كان صحيح، فإن كان صحيح لابد أن نأخذ منه موقف، لأنه إن كان صحيح وذكّرنا به أحد سنقع في دائرة المساءلة أمام رب العالمين سبحانه وتعالى، كنّا ناسين وغافلين وذكّرنا أحد فتذكّرنا ولما تذكّرنا أقبلنا أم أدبرنا، استجبنا أم أعرضنا، قال تعالى وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْئُولُونَ لابد أن يكون هناك موقف، موقف إيجابي سواء كان يمين أو شمال لابد أن يكون هناك موقف، هذا الموقف لابد أن يكون مبني على دراية وعلى رؤية، قال تعالى قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي الشخص الذي يكون متّبع لرسول الله لابد أن يكون على بصيرة، ما هي البصيرة؟ عمق الفهم والدراية، رؤية القلب في مقابلة البصر وهو رؤية العين، العين تدرك المحسوسات، المعناويات والوجدانيّات يدركها القلب كما تدرك العين المحسوسات، ومثلما تتفاوت العيون في قوّة الإبصار، كذلك القلوب تتفاوت في قوّة البصائر، لكنّ البصر ربما لا يعالج والبصيرة دائماً يمكن أن تعالج، يعني أحياناً ضعف الإبصار يقف الطبّ عاجزاً عن معالجة المشكلة، أو التناقص الطبيعي عبر الزمن والاستعمالن لكن البصيرة دائماً يمكن ترقيّتها، دائماً يمكن بناءها، دائماً يمكن تحسينها، بالارتباط بالله واللجوء إلى الله، الاستمداد من الله، المطالعة لكلام الله، يوجد طريق، يوجد طريق. فلابد أن يكون لدينا بصيرة، نتحرك على رؤية واضحة، لأننا إذا لم نفعل، فنحن في دائرة الخطر
اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه
اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه
اللهم يا وليّ الإسلام وأهله مسّكنا الإسلام حتى نلقاك عليه
اللهم يا وليّ الإسلام وأهله مسّكنا الإسلام حتى نلقاك عليه
اللهم اهدنا، اللهم اهدنا، اللهم اهدنا واهدي بنا واهدي لنا واجعلنا سبباً لمن اهتدى
اللهم اجعلنا هداة مهتدين، غير ضالين ولا مضليين، سلماً لأوليائك، حرباً لأعدائك، نحب بحبك، ونعادي بعداوتك من خالفك
اللهم اغفر لنا ذنوبنا واسرافنا في أمرنا، وثبت أقدامنا، وانصرنا على القوم الكافرين.
اللهم ارحمنا برحمة من عندك، اللهم ارحمنا برحمة من عندك، اللهم ارحمنا برحمة من عندك.
اللهم يا مقلّب القلوب ثبت قلوبنا على دينك
اللهم يا مصرّف القلوب صرّف قلوبنا على طاعتك
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم