إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستهديه ونستغفره، نعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهديه الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمد عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ
يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ أن اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا
ثم أما بعد،.
كنا مع حديث بني اسرائيل والذي يمكن أن نعنونه ب ” نحن والأمانة وبني إسرائيل ” وكان حديثنا قبل عن الأمانة التي هي الإيمان عن الرسالة التي حملها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتحملتها أمته في إيصال نور الله عز وجل إلى العالمين، وذكرنا كيف تحمل رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه أمانتهم وكيف أدوا رسالتهم.
ثم طفقنا نبحثُ عن علة تراجعنا عن أمانتنا وأداء رسالتنا، فذكرنا أمة بني إسرائيل وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم ” لتتبعن سنن من كان قبلكم شبراً بشبر وزراع بزراع حتى إذا دخلوا جحر ضب دخلتموه، قالوا :يارسول الله اليهود والنصارى، قال: فمن؟ ” فهذا ما أخبر به رسول الله صلى الله عليه وسلم من إتباع سنن هؤلاء السالفين،وكنا في الجمعة الماضية مع ذكر بني إسرائيل والدولة المصرية،وذكرنا أن نقطة البدء في ذكر هذا الخبر هي في دخول يوسف عليه السلام إلى أرض مصر.
ونحن اليوم نتحدث وقد كنا اتفقنا في مرتنا الماضية على أنها خواطر وأمور تجول في النفس يتحدث عنها المرء بصوت مرتفع مسموع ليست على سنن الخطابة المعتادة.
نذكر اليوم كيف هيئ الله عز وجل يوسف عليه السلام لما أراده سبحانه وتعالى من قدرٍ ومن تقدير، أشار إليه يوسف عليه السلام حينما قال: وَقَدْ أَحْسَنَ بِي إذ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ وَجَاءَ بِكُمْ مِنَ الْبَدْوِ مِنْ بَعْدِ أن نَزَغَ الشَّيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي أن رَبِّي لَطِيفٌ لِمَا يَشَاءُ، اللطيف سبحانه وتعالى هو الذي يقدر المقادير ليتوصل لما يشاء ولما يريد سبحانه وتعالى من وجوهٍ خفيةٍ تخفى على أكثر الناس أن لم يكن على كل الناس في بعض الأحيان، فهو سبحانه وتعالى أراد ليوسف عليه السلام وبأبيه وبإخوته شرفاً ورفعةً لكنه لكي ينيله وقومه هذا المكان وهذه المكانة كان لابد من هذه المحن كما ذكرنا تربى يوسف عليه السلام في بيت النبوة حيث التربية على الإيمان وعلى العقيدة الثابتة الراسخة على التعظيم لله عز وجل، وحيث التربية على مكارم الأخلاق وفضائل الأعمال.
وهكذا ينبغي لكل عبدٍ أريد به من الله عز وجل الخير أن يكون أول أمره هو التربيةُ والتهذيبُ وحسنُ الأخلاق التي سوف تؤهله لكي يسير في حياته بعد ذلك على وفق مراد الله عز وجل وبصورة تقيه بفضل الله عز وجل ورحمته من الفتن سواءً منها ما تعلق بالشبهات التي تعصف بالعقول والأذهان، أو مايتعلق بالشهوات التي تَهزُ القلوب وتضعف الجنى.
فكان هذا هو أول أمره عليه السلام، وأول تربية الله عز وجل له، فلا يمكن لشخص أن يتحمل أمانةً أي أمانة خاصةً إذا كانت أمانة سياسة وإدارة شئون الناس إلا إذا كان أصل تعظيمه لله، أصل مراقبته لله عز وجل إحساسه الدائم المستمر أن الله عز وجل مطلعٌ عليهِ في كل خطرة ونفس وأنه موقوف بين يدي الله عز وجل فمسؤول عن النقير والقطمير، إذا لم يكن هذا في أصل البنيةِ وفي صُلبها فلا ترتجي من هذا الشخصِ إذا حُمل أمانة أي أمانة أن يقدم خيراً.
كان عمر رضي الله عنه يكتب إلى عماله، إلى ولاته الذين يوليهم على الأمصار يقول: أن أهم أمركم عندي الصلاة فمن كان مضيع لصلاته فهو لما سواها أضيع. هذا مذكورٌ في موطأ مالك ــ رحمه الله ــ.
أهم الأمور والأعمال وأعظم الأمانات إنا عرضنا الأمانة أمانة الإيمان والتزام مقتضيات هذا الإيمان، أهم الأعمال عنده أقامتهم للصلاة، ثم يعلل فيقول: من كان مضيعاً لصلاته ــ الأمانة التي أئتمنه الله عز وجل عليهاــ فهو لما سواها أضيع. إذا كان يضيع حق الله عز وجل فلا تسل بعد ذلك عن حقوق العباد.
كان هذا هو أول تربية الله عز وجل وأول تهيئته ليوسف عليه السلام.
ثم كان قصر العزيز.. هذه التربية وهذا التهذيب وهذا الرقي هو الذي جعل العزيز أول ما رآه… لقى تقديره ومحبتة في قلبه وَقَالَ الَّذِي اشْتَرَاهُ مِن مِّصْرَ لِامْرَأَتِهِ أَكْرِمِي مَثْوَاهُ عَسَىٰ أن يَنفَعَنَا ثم ارتفع درجة قال أو نَتَّخِذَهُ وَلَدًا رآه بصفته وثيابه وسمته واخلاقه حقيق أن يكون ابنا لوزير مصر الأول، العزيز هو وزير مصر الأول الذي هو شبيه برئيس الوزراء في وقتنا الحاضر فكانت بعد تربية إيمانية تهيئة سياسية هو الآن سيبقى زمانا في قصر وزير مصر الأول، ليس فقط في قصر الوزير الأول بل في ظل حبه وحدبه ورعايتة عَسَىٰ أن يَنفَعَنَا أو نَتَّخِذَهُ وَلَدًا فسوف يعامل إذن بما يستحق من التقريب والإكرام فيهيئه هذا أن يطلع على كيفية إدارة وسياسة الأمور يطالعها عن قرب وفي عمق يطلع أيضا على القصور وأحوالها وعلى طبقة الملأ والمترفين وكيف يحيون وكيف تكون أمورهم في ظاهرها وأيضا في باطنها لكي لا يتهيب هذه الأوساط في يوم من الأيام ثم هو يطلع أيضا على أسس اتخاذ القرار وكيف يكون للنساء وللمحظيات تدخل مباشر في إتخاذ القرارات اطلع على هذا عن قرب وفهمه ووعاه فكان هذا أيضا من تربية الله عزوجل ومن تهيئته له ثم كانت الثالثة وهي السجن حيث يرى ما ينطوى عليه هذا المجتمع من ظلم ويعايش الناس الذين يمكن أن نسميهم قاع المجتمع بما فيهم الظالمين والمظلومين يرى الفقراء ويعايش المساكين والبسطاء ويتحمل حياة شظف وضيق لكى يستشعر دائما معاناه هؤلاء الناس عاش وسطهم زمانا طويلا فهو إذا تبوأ مكانه ومنصبه لم ينس الفقير والمسكين والمظلوم والمستضعف وهذا الذي ذاق مرارة الظلم يحجزه هذا الذوق لهذه المرارة عن أن يظلم عبدا من عباد الله عزوجل لانه ذاق بالأمس مراراة هذا الظلم فهكذا هيئه الله عزوجل لهذا المراحل الثلاثة أن يتبوأ المكانة والمنزلة التى أراد لله عزوجل له وفوق ذلك اعطاه الله عزوجل العلم الذي يحتاجه ومنه علم التعبير الذي كان محورا أساسيا في مسيرة يوسف عليه السلام كَذَٰلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ وَيُعَلِّمُكَ مِن تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ فكانت رؤيا الساقي وكانت رؤيا الملك وكان تعبير يوسف عليه السلام ولولا هذا العلم ما كان الساقي ليطلع على علمه وعلى صدقه ولولا الرؤيا الثانية ما كان الساقي ليتذكر يوسف عليه السلام في سجنه فهذا العلم الذي هيئه الله عزوجل وأمده به هو الذي بوءه هذه المكانه، فهذا هو أول أمر في هذه القضية إذن لكي يكون صالحا لسياسة وإدارة أمور الناس لابد أن يكون بناء الإيمان والاخلاق الفاضلة في قلبه مغروسا في قضية غراساً وأن يكون عالماً بأحوال السياسة وأن يكون مما من يعايش ضعفه الناس هذا هو أول أمر.
الأمر الثاني: كما ذكرنا طبيعة الدولة المصرية في هذا الزمان، يظهر من خلال هذه السياقات سواء من قصة يوسف عليه السلام أو من قصه موسى عليه السلام أن هذه الدولة كانت دوما دولة مركزية فيها أنظمة حكم مستقرة يدين لها الناس وأنها كانت تتسم بسمات ثابتة واخرى متغيرة تعتريها وتتبدل عليها، نظام الحكم في زمان يوسف عليه السلام كان يتسم بسمات كان يتسم بسمات تختلف عن نظام الحكم الفرعوني كما سنذكر بعد ذلك فنحن نلاحظ اهتمام الملك بتعبير الرؤيا وإدراك مضمون هذه الرسالة واحساسه أن لها شأنا وأن لها أثر وحرصه على ذلك وأن هذا الملك كان يضم إلية في حاشيتة أناس مستشرون.. أن يكونوا ذوي علم وذوي فهم ولذلك رجع إليهم حينما لم يدرك تعبير هذه الرؤيا يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي فِي رُؤْيَايَ أن كُنتُمْ لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُونَ إذن هم عنده ذوي علم وذوي فهم وذوي شأن يرجع إليهم ويستشيرهم في ملمه لكنهم لم يكونوا على المستوى الذي وضعوهم فيه ومستوى الثقة التى أولاهم إياها فقالوا قَالُوا أَضْغَاثُ أَحْلَامٍ وَمَا نَحْنُ بِتَأْوِيلِ الْأَحْلَامِ بِعَالِمِينَ.
الأمر الثاني: إنه كان حريصا على أن يسند الأمور إلى من يراه أصلح وأنفع وأقدر على السياسة وعلى الإدارة ولذلك لم يتردد لحظة بعدما اطلع على شأن يوسف عليه السلام على أن يسند له الحكم والوزراة فَلَمَّا كَلَّمَهُ قَالَ إِنَّكَ الْيَوْمَ لَدَيْنَا مَكِينٌ أَمِينٌ ذو مكانة وذو منزلة رفيعة، وانت ايضا محل ثقة ومحل الائتمان، رغم أن يوسف عليه السلام لم يكن من قومهم ولم يكن على ملتهم وكان يجهر بهذا ويعلنه ولا يخفيه إِنِّي تَرَكْتُ مِلَّةَ قَوْمٍ لاَّ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَهُم بِالآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ وَاتَّبَعْتُ مِلَّةَ آبَائِي إبراهيم وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ مَا كَانَ لَنَا أن نُّشْرِكَ بِاللَّهِ مِن شَيْءٍ ذَلِكَ مِن فَضْلِ اللَّهِ عَلَيْنَا وَعَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَشْكُرُونَ يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَأَرْبَابٌ مُّتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ مَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِهِ إِلاَّ أَسْمَاء سَمَّيْتُمُوهَا أَنتُمْ وَآبَاؤُكُم مَّا أَنزَلَ اللَّهُ بِهَا مِن سُلْطَانٍ أن الْحُكْمُ إِلاَّ لِلَّهِ أَمَرَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ
فهو لا يلتفت فى تولية المناصب إلا لصفة واحدة وهى الصلاحية والقدرة على الادارة، لأنه وهذه خصيصة كان حريصاً على مصلحة الناس، كان حريصا على أن يخرج الناس من المحنة التى سوف يقعون فيها وهى محنة الجوع الشديد الذى ربما يهلك النفوس ويستاصلها استئصالاً، وهذا كما سياتى ذكره فى الخطبة القادمة باذن الله يختلف اختلافا تاما عن تركيبة بنية نظام الحكم الفرعونى الذى يقوم على تقسيم الناس إلى شيع واحزاب وعلى أن يوقع بينهم العداوة والبغضاء ويميز بين الناس على أسس يضعها، ولذلك كان يستضعف طائفة منهم يذبح ابنائهم ويستحى نسائهم، فلم يكن هذا النظام على وفق نظام الفرعون بل كان نظاما مغايراً.
فهذا الملك وهذه الامة فى هذا الزمان احسنت استقبال يعقوب وبنيه وأحسنت وفادتهم وعاشوا فى مصر مع يوسف عليه السلام كمن يعيش بقية الناس فى تقدير وفى تبجيل، حتى تغيرت الأمور وتبدلت الأحوال كما سنذكر بإذن الله فَلَمَّا دَخَلُواْ عَلَى يُوسُفَ آوَى إِلَيْهِ أَبَوَيْهِ وَقَالَ ادْخُلُواْ مِصْرَ أن شَاء اللَّهُ آمِنِينَ وَقَالَ ادْخُلُواْ مِصْرَ أن شَاء اللَّهُ آمِنِينَ
دائماً الانسان يقدم ويذكر دائماً مشيئة الله عز وجل لأنه أن لم يشأ الله عز وجل وييسر أى أمر من الأمور فإنه لا يكمل ولا يتم، وهذه الكلمة تشى نوعاً ما بأن دخول مصر قد يكون على مقتضى الأمن وقد لا يكون على مقتضى الامن، أن شاء الله !!! أن شاء الله ربما تكونون فى مصر آمنين، إذ أن هذا ربما كان خلاف الأصل، لأن أبيه إبراهيم عليه السلام حينما دخل مصر لم يكن دخوله مصر على مقتضى الامن.
ويوسف عليه السلام نفسه لقى الظلم ولقى الابتلاء والمحنة والسجن فى هذه الارض كذلك، فلم تكن له محلة أمن، فى صحيح البخارى عن ابو هريرة رضى الله عنه فى ذكر إبراهيم عليه السلام وقول رسول الله عليه وسلم عن إبراهيم عليه السلام وسارة: ذات يوم، إذ اتيا أرضاً لم يسمها النبى صلى الله عليه وسلم فى الحديث، ولكننا ندرك ماهى هذه الارض فى نهاية الحديث، فلما أتى إبراهيم عليه السلام وزوجه إلى هذه الارض وكان بها جبار من الجبابرة، فأخبر هذا الجبار فقيل له أن هاهنا رجل معه امرأة من أحسن الناس، يعنى هو بمجرد دخوله كده البلد اجهزة الاستخبارات سريعاً سريعاً أرسلوا تقرير للحاكم أو للملك إن فى واحد جه ومعاه واحدة شكلها كويس، واحد جه ومعاه واحده شكلها كويس – شئ طبيعى.. واحد ومراته… حاجة عادى يعنى.
فأرسل إليهم بسرعة كده برده، أرسل إلى إبراهيم عليه السلام فقال: من هذه؟ قال: أختى، ثم أتى إليها فكلمها قال إنه ليس على وجه الارض مؤمن غيرى وغيرك وإن هذا قد أرسل إلى فسألنى فأخبرته أنك أختى – يقصد أى فى الإسلام – ، فلا تكذبينى.
لازم تبقى الاقوال متطابقة، هيسالوه وبعد كده هيسألوها لازم يطلع الكلام اللى هو قاله زى الكلام اللى هى قالته وإلا تبقى مصيبة هنروح فى سملح، فلازم يبقى إيه الكلام زى بعضه، هى تقول نفس الكلام.
فأرسل إليها فلما أراد أن يتناولها يقرب منها صرع صرعة شديدة – وفى رواية ثانية فى البخارى أيضاً – حتى ركض برجله يعنى أصلا أصابته حالة تشنج حتى أنه لدرجة أنه بدأ يرفس برجليه، فقال لها ادعى الله لى وسوف أطلقك فدعت الله عز وجل ثم عاود لها المحاولة مرة اخرى فحدث لها ما حدث أو اشد، فقال لها ادعى الله لى وسوف اطلقك فدعت فلما فعلت قال لخدمه ومن معه، قال: إنكم لم تأتونى بإنسان وإنما أتيتمونى بشيطان ثم أطلقها وأخدمها هاجر عليها السلام.
فلما عادت إلى إبراهيم عليه السلام وجدته قائما يصلى فأوما بيده فقالت: رد الله كيد الكافر أو الفاجر فى نحره وأخدم هاجر. فلما قالت: أخدم هاجر علمنا حينئذ أين كان هذا الذى حدث.
ولذلك كان طبيعيا أن يقول ادخلوا مصر أن شاء الله آمنين
يعنى أن شاء الله تعدى بخير، هذا هو وصف هذا النظام.. طيب.
نقط اخرى نذكرها باذن الله فى الخطبة الثانية
اقول قولى هذا واستغفر الله لى ولكم
الحمد لله رب العالمين
اللهم صلى وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين
ذكرنا فى نهاية الخطبة السابقة تقييم ابن خلدون فى مقدمته إلى صور أو نماذج الحكم وأنها صور ثلاثة.
الأول منها سماها ملك طبيعى، ويقصد بهذا الملك الطبيعى أن الحاكم الذى يحكم لا يستند إلى قانون أو تشريع كائناً ما كان وإنما يحكم بأهوائه ونزواته ورغائبه وشهواته.
وأما النظام الآخر فهو ملك سياسي يستند إلى قانون إلى دستور وإلى تشريع يضعه العقلاء من أهل هذه البلدة لتحقيق مصالح الناس الدنيوية على وفق ما يتراءى لهم.
وأما الثالث فهو الحكم المستند إلى الشرع الإلهي وسماه الخلافة الذي يستند إلى وفق الأحكام التي أنزلها الله عز وجل والتي تحقق للعباد المصلحة في الأولى والمصلحة في الآخرة.
فالفرق بين هذا النظام الذي يضعه العقلاء من البشر وبين النظام الذي ينزل إلى الناس من السماء في أمرين أساسيين الأول أن هذا النظام السياسي المحض لا يلتفت إلى قضية الآخرة ولا يدركها ولا يضعها في حسابته المطلقة..
والأمر الثاني أنه أمر يستند إلى عقول البشر وعقول البشر مهما نضجت ومهما اكتملت فهي محدودة قاصرة
لا تدرك تمام الإدراك حقيقة المصالح أو حقيقة المنافع للناس، الله عز وجل يقول وَاللّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ فلابد أن يعتري هذا النظام خلل نتيجة لضعف أفهام الناس إياً ما كانت عقولهم لأنه عقول البشر لا يمكن أن ترقى لكي تكون على مستوى علم الله عز وجل وحكمته وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا فالله عز وجل وصف الإنسان بأصله بصفتان الظلم وهو الميل والهوى والجهل وهو عدم الإدراك للحقائق ولعواقب الأمور فهذا النظام اشتمل على هاتين الآفتين وبما أنه يضعه بشر فلابد أن يكون فيه نوع حيف ونوع هوى ونوع تميز لطبقة عن طبقة باعتبار انتماءات الناس وولاءاتهم..
فيمكننا القول بأن النظام الفرعوني الذي سوف نذكره في الجمعة القادمة بإذن الله هو نموذج للملك الطبيعي الذي لا ستند إلى أي نظام أو إلى أي قانون أما نظام الملك في زمان يوسف عليه السلام هو أقرب إلى النظام الذي فيه نوع تقنين ويستهدف تحقيق مصالح الناس ولكن على وفق ما يتراءى لهؤلاء الذين يحكمون والذين يديرون.
لذلك كانت القضية الأساس في قصة يوسف عليه السلام القضية التي ركز عليها هي قضية الحكم لمن يكن فقال عليه السلام أَأَرْبَابٌ مُّتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ وقال صلى الله عليه وسلم إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلّهِ أَمَرَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ فبين يوسف عليه السلام أن إسناد التشريع إلى الرب سبحانه وتعالى هو جزء من عبادة الإنسان لله تبارك وتعالى هو إدراك من الإنسان لمعنى ربوبية الله أن الله عز وجل هو الرب فهو الخالق وهو المدبر وهو الآمر المطاع وهو السيد الذي يحكم في عباده سبحانه وتعالى ولذلك قال تبارك وتعالى أَلاَ لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ تَبَارَكَ اللّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ قرن سبحانه وتعالى بين الخلق وبين الأمر الذي خلق الخلق هو سبحانه وتعالى الذي يستحق أن يكون له الأمر فإذن سورة يوسف هي سورة تقرير الحكم.. الحكم الشرعي والحكم القدري الكوني قال يوسف عليه السلام أن الْحُكْمُ إِلاَّ لِلّهِ أَمَرَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وقال يعقوب عليه السلام إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَعَلَيْهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ كانت الأولى في باب التقنين والتشريع وكانت الثانية في باب القضاء والقدر يَا بَنِيَّ لاَ تَدْخُلُواْ مِن بَابٍ وَاحِدٍ وَادْخُلُواْ مِنْ أَبْوَابٍ مُّتَفَرِّقَةٍ وَمَا أُغْنِي عَنكُم مِّنَ اللّهِ مِن شَيْءٍ إن الْحُكْمُ إِلاَّ لِلّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَعَلَيْهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ هو ربما خشي عليهم من أن تصيبهم أعين الناس بحسد يؤذيهم فأمرهم أن يدخلوا من أبواب متفرقة ويأتوا إلى المدينة من طرق متباينة ثم ذكر أن هذا لا يعصم الناس من قدر الله عز وجل إذا أراد بهم شيئاً فإن الحكم هنا يقصد بها تقدير الله عز وجل للأمور كيف تكون ولذلك ربطها بالتوكل أنه يعتمد على الله عز وجل ولكنه يأخذ بالأسباب كما علمه الله عز وجل ولكن في النهاية ما قدره الله عز وجل فإنه سوف يتم.
يبقى إذن هذا النظام الذي كان موجوداً في هذا الزمان كان يقوم على الحكم بما يحقق المصالح وكانت رسالة يوسف وحقيقة نبوته أنه يدعو الناس إلى أن يتوبوا أن ينيبوا أن يرجعوا إلى ربهم عز وجل وأن يسندوا حكمهم لله..
ولكن الناس في مصر قبلوا يوسف عليه السلم كمصلح وكسياسي ولكنهم لم يقبلوه كرسول ونبي وَلَقَدْ جَاءكُمْ يُوسُفُ مِن قَبْلُ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا زِلْتُمْ فِي شَكٍّ مِّمَّا جَاءكُم بِهِ حَتَّى إِذَا هَلَكَ قُلْتُمْ لَن يَبْعَثَ اللَّهُ مِن بَعْدِهِ رَسُولًا هم قبلوا يوسف وأكرموه على أن يكون سياسياً ومصلحاً لكن أن يكون ملتزماً بهذا النظام التشريعي الذي يضعونه كَذَلِكَ كِدْنَا لِيُوسُفَ مَا كَانَ لِيَأْخُذَ أَخَاهُ فِي دِينِ الْمَلِكِ إِلاَّ أن يَشَاء اللّهُ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مِّن نَّشَاء وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ هذا مراده منهم فكيف كان فعل يوسف عليه السلام؟
يوسف عليه السلام قبل منهم أن يقبلوه كمصلح واستمر في دعوتهم إلى الإيمان بالله عز وجل فقرن بين أمرين بين أن يتولى ويقبل منصب الإصلاح ويحاول أن يصلح أحوال الناس ويخرجهم من المحنة التي هم فيها وقرن ذلك باستمراره في دعوته لهم بأن يدخلوا في دين الله عز وجل وأن يقبلوا حكم الله عز وجل..
يبقى إذن خلاصة ما ذكرنا أن يوسف عليه السلام هيئه الله عز وجل لهذا الأمر بما يتضمن الصفات المرعية فيمن يتولى هذا المنصب أن القضية الأساس هي قضية عبادة الله عز وجل والتزام شرعه أن يوسف عليه السلام جمع في سيره وفي طريقه بين السعي للإصلاح وبين أن يدعو الناس إلى عبادة الله عز وجل وكان القضية الأساس – كما قلنا – إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ
اللهم أرنا الحق حقاً وأرزقنا إتباعه وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا إجتنابه, اللهم أرنا الحق حقاً وأرزقنا إتباعه وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا إجتنابه.
اللهم هيئ لنا من أمرنا رشداً، اللهم هيئ لنا من أمرنا رشداً، اللهم هيئ لنا من أمرنا رشداً.
اللهم كن لنا ولا تكن علينا، وأعنا ولا تعن علينا، وانصرنا ولا تنصر علينا، وامكر لنا ولا تمكر علينا، واهدنا ويسر الهدى إلينا، وانصر على من بغى علينا، اللهم انصرنا على من بغى علينا.
اللهم أبرم لهذه الأمة أمر رشد يعز فيه أهل طاعتك ويذل فيه أهل معصيتك، يحكم في بكتابك، يؤمر فيه بالمعروف، وينهى فيه عن المنكر
أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم.