إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستهديه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمد عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم.
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ
يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ أن اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا
ثم أما بعد ،،،
إِنِّي وَجَدتُّ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ وَأُوتِيَتْ مِن كُلِّ شَيْءٍ وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ وَجَدتُّهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِن دُونِ اللَّهِ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ لَا يَهْتَدُونَ أَلَّا يَسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُخْفُونَ وَمَا تُعْلِنُونَ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ قَالَ سَنَنظُرُ أَصَدَقْتَ أَمْ كُنتَ مِنَ الْكَاذِبِينَ اذْهَب بِّكِتَابِي هَذَا فَأَلْقِهْ إِلَيْهِمْ ثُمَّ تَوَلَّ عَنْهُمْ فَانظُرْ مَاذَا يَرْجِعُونَ قَالَتْ يَا أَيُّهَا المَلَأُ إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتَابٌ كَرِيمٌ إِنَّهُ مِن سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ قَالَتْ يَا أَيُّهَا المَلَأُ أَفْتُونِي فِي أَمْرِي مَا كُنتُ قَاطِعَةً أَمْراً حَتَّى تَشْهَدُونِ قَالُوا نَحْنُ أُوْلُوا قُوَّةٍ وَأُولُوا بَأْسٍ شَدِيدٍ وَالْأَمْرُ إِلَيْكِ فَانظُرِي مَاذَا تَأْمُرِينَ قَالَتْ أن الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ وَإِنِّي مُرْسِلَةٌ إِلَيْهِم بِهَدِيَّةٍ فَنَاظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ فَلَمَّا جَاء سُلَيْمَانَ قَالَ أَتُمِدُّونَنِ بِمَالٍ فَمَا آتَانِيَ اللَّهُ خَيْرٌ مِّمَّا آتَاكُم بَلْ أَنتُم بِهَدِيَّتِكُمْ تَفْرَحُونَ
نحن على موعد مع بني إسرائيل والخروج. وكنا قبل مع بني إسرائيل وقد وطأت أقدامهم أرض مصر مع يعقوب عليه السلام، وذكر ما جرى ليوسف عليه اسلام في أرض مصر ثم يطوى القرآن صفحاً عن تاريخ طويل بين دخولهم وبين خروجهم، فيذكر سبحانه وتعالى كيف تبدلت الأحوال وكيف جاء الفرعون وحكمه الذي كان مغايراً ومختلفاً لنظام ساد في زمان يوسف عليه السلام، وقد أشرنا إلى هذا النظام وتكلمنا عنه بشيء من البيان.
واما النظام الآخر الذي ارتدت إليه الأحوال في هذه البلاد قد وصفه الله عز وجل فقال إن فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعاً يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِّنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَوَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً كان هؤلاء – بنو إسرائيل – في زمان يوسف عليه السلام وما بعده يلقون كل إكرام في هذه البلاد، ثم تبدلت بهم الأحوال فأصبحوا مستضعفين مستباحين يسامون سوء العذاب، ولذلك ذكر الله عز وجل منته عليهم في غير ما موضع من كتابه وَإِذْ نَجَّيْنَاكُم مِّنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوَءَ الْعَذَابِ يُذَبِّحُونَ أَبْنَاءكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءكُمْ وَفِي ذَلِكُم بَلاءٌ مِّن رَّبِّكُمْ عَظِيمٌ فذكر سبحانه وتعالى علوا وتجبراً وتكبراً، وذكر سبحانه وتعالى تفريقاً للكلمة، تشتيتاً للأمة وتقسيم الناس إلى شيع وأحزاب تتصارع وتتناحر بحيث يملك أن يسودهم أو أن يسيطر عليهم طالما ألقى بينهم بذور الفرقة والاختلاف والتطاحن والتشاجر، فبهذا يتمكن من أن يملكهم وأن يسودهم، ولكن ليس بهذا فقط.
لابد لكي يحقق ذلك من أمور ومن أدوات اخرى، كان لابد له أيضا من السحر ولذلك جاءت معجزة موسى عليه السلام مبطلة لهذا فَلَمَّا أَلْقَوْا قَالَ مُوسَىٰ مَا جِئْتُم بِهِ السِّحْرُ أن اللَّـهَ سَيُبْطِلُهُ أن اللَّـهَ لَا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِين وَيُحِقُّ اللَّـهُ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ.
والسحر هو لبس الحق بالباطل السحر هو إظهار الباطل في صورة الحق فَلَمَّا أَلْقَوْا سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ وَاسْتَرْهَبُوهُمْ وَجَاءُوا بِسِحْرٍ عَظِيمٍ
فالله سبحانه وتعالى بين حقيقة السحر وحقيقه فعله وتأثيرة سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ وَاسْتَرْهَبُوهُمْ وكان هذا كما وصفه الله عزوجل سحرا عظيماً، فالسحر لا يقع على حقائق الأشياء فهي لا تتبدل ولا تتغير لما القى هؤلاء السحرة القوا حبالهم وعصيهم وَقَالُوا بِعِزَّةِ فِرْعَوْنَ إِنَّا لَنَحْنُ الغالبون لم تتحول هذه العصي في حقيقتها إلى حيات وثعابين ولذلك كان السحرة أنفسهم يرون هذه الحبال وهذه العصي بحقيقتها كما هي وإنما كان المسحورين في الحقيقية هم هؤلاء الذين يشاهدون ويعايرون هذا الذي يجري وهذا الذي يحدث فهم يرون الأمور بخلاف حقيقتها يرون الأمور فخلاف ما هي عليه ولذلك هم يساسون ويدارون ويتحركون بحسب الرؤيا التى يريها اياهم هؤلاء السحرة الذين سحروا أعين الناس واسترهبوهم بما لهم من قوة وقدرة على التأثير فهم أصبحوا تحت سلطان وتحت رحمة هؤلاء السحرة لانهم يملكون القدرة التأثيرية التى تحيل وتغير حقائق الاشياء وطبائعها التى خلقها الله عزوجل عليها.. هم يملكون بنظر هؤلاء الناس هم يملكون أن يحركوا العصي ويحولوا الحبال إلى حيات تسعى وتتحرك
ولذك لما جاءت الآية والقى موسى عليه السلام عصاه حينئذن سجد هؤلاء السحرة مؤمنين لأنهم رأوا بأعينهم هذه العصى التى هي معجزة الاهية من الله عزوجل الذي خلق هذه الأشياء بهذه الطبائع وهو القادر سبحانه وتعالى وحده على أن يحيل فعلا هذه الحقائق وهذه الطبائع فتحولت العصى فعلا إلى حية تسعى فالله عزوجل الذي وهب هذه الخصائص.. وهب هذه الصفات.. أعطى هذه الطبائع هو وحده الذي يملك أن يغيرها أو يحولها أو يبدلها قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَىٰ إِبْرَاهِيمَ فالله سبحانه وتعالى الذي اعطاها قوة الاحراق هو سبحانه وتعالى وحده الذي يملك إذا شاء.. إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون.. فالله سبحانه وتعالى وحده الذي يملك أن يغير حقائق هذه الأشياء.
وقد كان من قوة سحرهم وتأثيره أن يقول الله عزوجل فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُّوسَىٰ موسى نفسه عليه السلام رسول الله صلى الله عليه وسلم وقع في قلبه نوع تأثير من قوة سحرهم وقُلْنَا لَا تَخَفْ إِنَّكَ أَنتَ الْأَعْلَىٰ وَأَلْقِ مَا فِي يَمِينِكَ تَلْقَفْ مَا صَنَعُوا إِنَّمَا صَنَعُوا كَيْدُ سَاحِرٍ وَلَا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَىٰ كذك قال الله تبارك وتعالى ولا يفلح الساحر حيث أتى، هذا الكيد لابد أن يكون في النهاية فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سَاجِدِينَ قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ الْعَالَمِينَ رَبِّ مُوسَىٰ وَهَارُونَ قَالَ آمَنتُمْ لَهُ قَبْلَ أن آذَنَ لَكُمْ إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ فَلَسَوْفَ تَعْلَمُونَ فإذن إنما ملك هذا الفوعون المسيطر على العباد بما استخدمه من سحر هذا وجه وهذه أداة اساسية من أدوات السيطرة والتأثير على العباد قَالُوا أَرْجِهْ وَأَخَاهُ وَأَرْسِلْ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ يَأْتُوكَ بِكُلِّ سَاحِرٍ عَلِيمٍ هم كثر منتشرون في المدن وفي القرى وفي الكفور وفي النجوع يعيثوا يبثون بما يريد الفرعون أن يبثه فيهم قَالَ آمَنتُمْ لَهُ قَبْلَ أن آذَنَ لَكُمْ إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ فَلَسَوْفَ تَعْلَمُونَ لَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُم مِّنْ خِلَافٍ وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ أَجْمَعِينَ، قَالَ لَئِنِ اتَّخَذْتَ إِلَـٰهًا غَيْرِي لَأَجْعَلَنَّكَ مِنَ الْمَسْجُونِينَ
اذن هو يسيطر على الناس باستعمال سحره، ومن خرج عن هذا النسق أو أراد أن يحيد عن هذا السنن الذى وضعه فحينئذ لا بد له أن يبطش به قَالَ فِرْعَوْنُ وَمَا رَبُّ الْعَالَمِينَ قَالَ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا أن كُنتُم مُّوقِنِينَ قَالَ لِمَنْ حَوْلَهُ أَلا تَسْتَمِعُونَ قَالَ رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبَائِكُمُ الأَوَّلِينَ قَالَ أن رَسُولَكُمُ الَّذِي أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ قَالَ رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَمَا بَيْنَهُمَا أن كُنتُمْ تَعْقِلُونَ
فموسى عليه السلام يتحدث عن ربه عز وجل مبينا عظمته سبحانه وتعالى وأنه المالك لكل شئ، القادر على كل شئ، الخالق سبحانه وتعالى لكل شئ، الواهب سبحانه وتعالى لكل نعمة ولكل فضل، لكن الفرعون لا يملك أن يجيبه أو يناقشه مناقشة موضوعية فى اى جزئية من هذه الجزئيات، ولذلك هو يحيد عن سنن الجواب قَالَ لِمَنْ حَوْلَهُ أَلَا تَسْتَمِعُونَ قَالَ إِنَّ رَسُولَكُمُ الَّذِي أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ فلما أعيته الحيل قَالَ لَئِنِ اتَّخَذْتَ إِلَهًا غَيْرِي لَأَجْعَلَنَّكَ مِنَ الْمَسْجُونِينَ هذا هو المنطق الذى يواجه به حجة موسى النبى صلى الله عليه وسلم.
حينئذ قال له موسى قَالَ أَوَلَوْ جِئْتُكَ بِشَيْءٍ مُّبِينٍ قَالَ فَأْتِ بِهِ أن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ ولكن هؤلاء الناس الذن جمعهم فرعون فى يون الزينة لمى يروا هذه المناظرة وهذا التحدى وهذا الصراع بين موسى عليه السلام وبين السحرة وَقِيلَ لِلنَّاسِ هَلْ أَنتُم مُّجْتَمِعُونَ لَعَلَّنَا نَتَّبِعُ السَّحَرَةَ أن كَانُوا هُمُ الْغَالِبِينَ هؤلاء الناس الذين عاينوا السحرة وهم يسجدون مصرحين بالحقيقة آمَنَّا بِرَبِّ الْعَالَمِينَ رَبِّ مُوسَى وَهَارُونَ ماذا كان موقفهم؟؟!!
كان ينبغى أن يتابعوا السحرة لأنهم هم الذين سيفتون فى هذا الصراع، هم الذين سيحددون، هل موسى ساحر من السحرة إذا غُلب؟؟ أم هل هو نبى مؤيد من الله عز وجل إذا ما غَلب وظهر أمره؟؟
لكنهم لم يفعلوا من ذلك شيئا.. بل بقوا متابعين للفرعون.. لماذا؟؟!! لأن الفرعون يقول قَالَ فِرْعَوْنُ مَا أُرِيكُمْ إِلاَّ مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلاَّ سَبِيلَ الرَّشَادِ مَا أُرِيكُمْ إِلاَّ مَا أَرَى هم لايرون الا مايراه هو، هم لا يرون إلا ما يريد هو لهم فقط أن يروه، أما كل ما لم يأذن لهم أن يروه فهم لم يروه وإن عاينوه بأعينهم وأبصارهم وطالعته أنظارهم، هم لم يروا من هذا الحدث، لم يروا من هذه الاية العظيمة.. لم يروا من هذا السجود.. لم يروا من هذا التسليم والاذعان والايمان الا مايراه هو
مَا أُرِيكُمْ إِلاَّ مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلاَّ سَبِيلَ الرَّشَادِ
ما رآه هو إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ فَلَسَوْفَ تَعْلَمُونَ لأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُم مِّنْ خِلافٍ وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ أَجْمَعِين قَالُوا لا ضَيْرَ إِنَّا إِلَى رَبِّنَا مُنقَلِبُونَ إِنَّا نَطْمَعُ أن يَغْفِرَ لَنَا رَبُّنَا خَطَايَانَا أن كُنَّا أَوَّلَ الْمُؤْمِنِين
إِنَّا آمَنَّا بِرَبِّنَا لِيَغْفِرَ لَنَا خَطَايَانَا وَمَا أَكْرَهْتَنَا عَلَيْهِ مِنَ السِّحْرِ وَاللَّهُ خَيْرٌ وَأَبْقَى إِنَّهُ مَن يَأْتِ رَبَّهُ مُجْرِمًا فَإِنَّ لَهُ جَهَنَّمَ لا يَمُوتُ فِيهَا وَلا يَحْيَى وَمَنْ يَأْتِهِ مُؤْمِنًا قَدْ عَمِلَ الصَّالِحَاتِ فَأُولَئِكَ لَهُمُ الدَّرَجَاتُ الْعُلَى جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ جَزَاء مَن تَزَكَّى
قَالَ آمَنتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ هو يسفه قضية الحق وقضية الحقيقة وقضية الإيمان، وهو يبدى أنه لا يعترض على أن يغير الانسان فكرته أو معتقده أو أن يدين بما شاء، ولكن عليه أن يعترف بسلطان الفرعون، فلابد أن يستأذن إذا أراد أن يدين دينا أو أراد أن يعتقد معتقداً أو يعبد إلهاً، لكنه لم يملك أن يبقى ديموقراطيا إلا بمقدار هذه الكلمات فقال بعد ذلك إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ متى؟؟!! واين؟؟!!
هؤلاء الذين حشرهم منذ وقت يسير من كل المدائن ومن كل القرى ومن كل الكفور ومن كل النجوع، وهذا موسى إنما أتى من أرض مدين بالأمس، فمتى اجتمع هو بهؤلاء فصار هو كبيرهم الذى علمهم السحر؟!
هو لأنه يستخف بهم، لا يبالى بما يقول، لايبالى أن يقول كلاماً مقبولاً معقولاً منطقياً أم لا، لانه قال مَا أُرِيكُمْ إِلاَّ مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلاَّ سَبِيلَ الرَّشَادِ
وَنَادَى فِرْعَوْنُ فِي قَوْمِهِ قَالَ يَا قَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الأَنْهَارُ تَجْرِي مِن تَحْتِي أَفَلا تُبْصِرُونَ أَمْ أَنَا خَيْرٌ مِّنْ هَذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ وَلا يَكَادُ يُبِينُ موسى عليه السلام فَلَوْلا أُلْقِيَ عَلَيْهِ أَسْوِرَةٌ مِّن ذَهَبٍ الذهب هو معيار الافضلية، معيار الحق، معيار الصواب أو جَاءَ مَعَهُ الْمَلائِكَةُ مُقْتَرِنِينَ فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ فَجَعَلْنَاهُمْ سَلَفًا وَمَثَلاً لِلْآخِرِينَ.
أقول قولى هذا واستغفر الله لى ولكم.
الحمد لله وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ استخف مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَى إذن فهم أسرى هذا الذي يقدمه وهذا الذي يعرضه وهذا الذي يعطيه أسرى هذه المنظومة السكنية الثقافية الذي يقدمها وبالتالي إذا كانوا كذلك فهم ليس لهم رؤية أو ثقافة أو تفكير فهم مطاهر خارجية جوفاء ليس لها في الحقيقة عقول ولا قلوب لذلك حينما تزن هؤلاء لا تجد ثقلاً ولا تجد لهم وزناً قد استخفهم بأن فرغهم من مضمونهم ومن إنسانيتهم ومن قيمهم ومن قيمتهم فيستطيع أن يحرك هذه الأوزان الخفيفة التي قد استخفها كيفما شاء تطير هاهنا وهاهنا يوجهها هكذا تتوجه ويوجهها هكذا تتوجه لما قال مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ فقبلوا ذلك كانوا قابلين لأن يستخفهم فلما استخفهم فما أمرهم به وأطاعوه قال الله عز وجل إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ هذه هي علة ذلك لا يمكن لشخص أن يستعبد أناس إلا إذا كان هؤلاء الناس قابلين للاستعباد إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ لا يشغلهم إلا شهواتهم وأهواءهم وبعض الأمور الدنية التي لا تليق بالإنسان الذي كرمه الله عز وجل ولذلك ملكهم وملك أن يسيطر عليهم فاستخفهم فأطاعوه قال تعالى إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ فَلَمَّا آسَفُونَا أغضابونا جميعاً التابع والمتبوع وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ فَلَمَّا آسَفُونَا انْتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ أَجْمَعِينَ فَجَعَلْنَاهُمْ سَلَفًا وَمَثَلًا لِلْآخِرِينَ ثم سلطان الإرهاب يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِّنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ مع أن أمة بني إسرائيل لم تكن لها كبير وزن ولا كبير شأن ولا يخاف جانبها لكنهم يملكون في أصولهم ما يؤرق هذا الفرعون هو يقول مَا عَلِمْتُ لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرِي هو يقول أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى لكنهم هم في دينهم فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْوَاكُمْ هم في دينهم وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ إِلَّا الَّذِي فَطَرَنِي فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ وَجَعَلَهَا كَلِمَةً لا إله إلا الله وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ في ذريته وفي أتباعه لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ فهذه الكلمة هي التي تُؤَرقه لأنها تناقض هذا الأصل الذي بنى عليه ملكه وسلطانه يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ مَا عَلِمْتُ لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرِي فَأَوْقِدْ لِي يَا هَامَانُ عَلَى الطِّينِ فَاجْعَل لِّي صَرْحًا لَّعَلِّي أَطَّلِعُ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ مِنَ الْكَاذِبِينَ يَا هَامَانُ والوزير الأول رئيس الوزراء ابْنِ لِي صَرْحًا لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبَابَ أَسْبَابَ السَّمَاوَاتِ فَأَطَّلِعَ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ كَاذِبًا وَكَذَلِكَ زُيِّنَ لِفِرْعَوْنَ سُوءُ عَمَلِهِ وَصُدَّ عَنِ السَّبِيلِ وَمَا كَيْدُ فِرْعَوْنَ إِلَّا فِي تَبَابٍ هو سوف يأخذ الأموال الموجودة في الخزانة بدلاً من أن يضعها فيما يجب فيما يضعها فيه سوف يصنع بها مسلة أو صرحاً كبيراً يصل به إلى السماء.. كم يتكلف؟ لماذا؟ لأنه كرجل يبحث عن الحقيقة سوف يريد أن يصعد إلى السماء فينظر هل هناك فعلاً إله كما يزعم موسى وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ هو ليس على يقين ولكنه يتوقع أنه ليس هناك فوق السماوات، فلما ضجر قال أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى إذا كان موسى يزعم أن له رباً في السماوات فأنا الأعلى أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى فَأَخَذَهُ اللَّهُ نَكَالَ الْآخِرَةِ وَالْأُولَى أن فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِمَنْ يَخْشَى.
يُذَبِّحُ أَبْنَاءهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ وهذا غاية ما يكون في الوحشية أنه يذبح صغارهم، قال سبحانه وتعالى يُذَبِّحُ صيغة التشديد.. كم هو بالأمر المستنكر أن يأخذ الصغير الرضيع من بين يدي أمه لكي يذبح أمام عينيها هو يذبح الصغار لكي لا يكون لهذه الأمة مستقبل يُذَبِّحُ لم يقل رجالهم يُذَبِّحُ أَبْنَاءهُمْ هو يريد ألا يكون لهؤلاء في مستقبل أيامهم شأنٌ ولا ذكر وَقَالَ الْمَلأُ مِن قَوْمِ فِرْعَونَ أَتَذَرُ مُوسَى وَقَوْمَهُ لِيُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ وَيَذَرَكَ وَآلِهَتَكَ قَالَ سَنُقَتِّلُ أَبْنَاءهُمْ وَنَسْتَحْيِي نِسَاءهُمْ وَإِنَّا فَوْقَهُمْ قَاهِرُونَ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اسْتَعِينُوا بِاللَّهِ وَاصْبِرُوا أن الْأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ قَالُوا أُوذِينَا مِنْ قَبْلِ أن تَأْتِيَنَا وَمِنْ بَعْدِ مَا جِئْتَنَا قَالَ عَسَى رَبُّكُمْ أن يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ هذا هو الأسلوب الذي اتبعه الفرعون لكي لا يخرج موسى من بين ظهرني بني إسرائيل وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أن أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلَا تَخَافِي وَلَا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ فهذا الأسلوب أسلوب التذبيح والتقتيل الذي اتبعه الفرعون لكي لا يخرج موسى من بين ظهراني بني إسرائيل أثبتت الأحداث أنه أسلوب فاشل.. هذا الأسلوب فشل في أن يقضي على موسى مع ذلك كان قضاء الله عز وجل هو السابق وهو الغالب وفرعون نفسه هو الذي تولى تربية موسى فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَنًا لكنه بعد أن ظهر موسى وبعد أن ظهر آياته وقيل للفرعون فِرْعَونَ أَتَذَرُ مُوسَى وَقَوْمَهُ لِيُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ وَيَذَرَكَ وَآلِهَتَكَ لم يكن لديه إلا هذا الحل الأمني هو لا يجيد إلا هو هو لا يحفظ إلا هو قال.. قَالَ سَنُقَتِّلُ ثاني.. سَنُقَتِّلُ أَبْنَاءهُمْ وَنَسْتَحْيِي ما هو خلاص هذا الأسلوب لا يصلح ولا يفيد ولا يقمع حقاً ولا يبطل نوراً لكن هو يحفظ لا يفهم وَآلِهَتَكَ قَالَ سَنُقَتِّلُ أَبْنَاءهُمْ وَنَسْتَحْيِي نِسَاءهُمْ وَإِنَّا فَوْقَهُمْ قَاهِرُونَ هذا هو الأسلوب هذه هي الطريقة ولم يكن لهذا الفرعون أن يسيطر على العباد إلا بما ذكرنا مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ إذن كان في زمان يوسف عليه السلام نظاماً لم يكن مرتبطاً بالإيمان لم يكن مرتبطاً بالله عز وجل لكنه كان أصلح وأنفع وأذكى من هذا النظام لكنهم تحولوا بعد زمن من هذا النظام الأحسن والأفضل إلى هذا النظام الأسوء والأضر..
ما العاصم لنا من أن نتحول من وضعٍ كنا فيه أو وضعٍ كنا ننشده إلى وضعٍ هو أسوء مما كنا عليه..؟ لابد أن نبحث عن الإجابة لهذا السؤال ما الذي يعصم عن هذه التردّيات وعن هذه التحولات التي قد تقود الناس إلى شر وإلى أسوء مما هم عليه أو تعيد لهم شراً وسوءاً كانوا قد حدثوا أنفسهم أو منوا أنفسهم أن يتخلصوا منه وألا يعودوا إليه أبد الدهر.. هذا هو الذي نحتاج أن نبحث له عن إجابة كيف لا نعود إلى النظام الفرعوني بديلاً عن هذا النظام الذي كان سائداً في زمان يوسف عليه السلام..
اللهم أرنا الحق حقاً وأرزقنا إتباعه وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا إجتنابه,
اللهم ولي علينا خيارنا، ولا تولي علينا شرارانا، اللهم ولي علينا خيارنا، ولا تولي علينا شرارانا
اللهم أصلح أحوالنا، اللهم أصلح فساد قلوبنا، اللهم أصلح فساد قلوبنا
اللهم اغفر للمسلمين والمسلميات، والمؤمنين والمؤمنات، وألف بين قلوبهم، واهدهم سبل السلام وجنبهم الفتن ما ظهر منها وما بطن.
اللهم اجعلهم ساكرين لنعمتك، مثنين بها عليك قابليها برحمتك، وأتممها علينا، وأتممها علينا.
اللهم أبرم لنا أمر رشد يعز فيه أهل طاعتك ويذل فيه أهل معصيتك، يؤمر فيه بالمعروف، وينهى فيه عن المنكر
أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم.