Generic selectors
المطابقات الدقيقة فقط
البحث في العنوان
البحث في المحتوى
Post Type Selectors
البحث حسب التصنيف
أحداث جارية
أسماء الله الحسنى
الأذكار
التلون
السيرة النبوية
القصص في القرآن
الكتب
بني آدم والشيطان
بني إسرائيل
تراجم
تربية
تربية
تفسير
جهد الغلبان في تبيان فضائل القرآن
خطب الجمعة
خطو خاتم الأنبياء ما بين اقرأ وإذا جاء
دروس
رمضان 1436هــ - 2015م
سلم الوصول إلى علم الأصول
عقيدة
غير مصنف
كتابات
كلمة التراويح
مسألة الرزق
من قصص كتاب التوابين
من هدي النبوة
مواسم الخير
هذه أخلاقنا

نعمة الإيمان بأن الله على كل شئ مقيت

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا. إنه من يهدي الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمد عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم.

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ

يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا ۝يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا

ثم أما بعد،.

(أنا عند ظن عبدي بي وأنا معه إذا ذكرني، فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي وإن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منه وإن تقرب إلي شبرا تقربت إليه ذراعا وإن تقرب إلي ذراعا تقربت إليه باعا وأتاني يمشي أتيته هرولة)

نحن بفضل الله تبارك وتعالى في حديث التعرف على الله سبحانه وتعالى وهي نعمة ما أجلها لو أدرك العبد قيمتها ونحن كما قلنا قبل لسنا في الحقيقة في سبيل أن نتعرف على الله ولكننا في الحقيقة في سبيل تقبل نعمة الله علينا بالتعرف، قلنا إن الله تبارك وتعالى هو الذي عرف عباده بنفسه، هو الذي تقرب منهم بهذا التعريف وأراد منهم أن يتقبلوا هذه النعمة وأن يستقبلوا هذا التعريف وأن يدنو بقلوبهم الى ربهم. تحدثنا عن أن الله تعالى تعرف إلينا بأنه هو الشهيد وبأنه هو الرقيب وبأنه هو الحفيظ الكفيل، ولكي يتمم لنا سبحانه حقيقة الحفظ أخبرنا سبحانه أنه هوالمقيت.

المقيت هو الذي يعطي لكل مخلوق مل يقيته. ما يقيتك هو ما يكفل لك البقاء، ما يحفظ لك الحياة، الله سبحانه وتعالى هو الوهاب الذي وهب المعدومات نعمة الوجود ووهب الأموات نعمة الحياة كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنْتُمْ أَمْوَاتًا فَأَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ وهو سبحانه وتعالى المقيت الذي كفل لكل حي بقاء حياته وحفظ على كل مخلوق حياته، قال تعالى مَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً حَسَنَةً يَكُنْ لَهُ نَصِيبٌ مِنْهَا وَمَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً سَيِّئَةً يَكُنْ لَهُ كِفْلٌ مِنْهَا وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقِيتًا وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ.

القوت هو ما تستدام به الحياة فإذا كان الله تبارك وتعالى هو المقيت فإنما بقاء حياة العباد بإقاتة ربهم تبارك وتعالى، جعل الله عز وجل لكل مخلوق أجلا محددا مقدرا، ولكي يستتم كل مخلوق أجله قدر الله تبارك وتعالى له قوتا يستديم به حياته الى الأجل الذي قدره الله له ولكي يكون الله سبحانه وتعالى مقيتا يستلزم هذا كثيرا من أوصاف العظمة له تبارك وتعالى. أصل معنى المقيت في لغة العرب هو إمساك الشئ وحفظه والإقتدار عليه. عندما تقول هذه الكلمة،المقيت، فأنت تستدعي في لسان العرب إمساكا وحفظا وإقتدارا. فهو سبحانه وتعالى يمسك هذه الحياة لكي لا تتفلت ولكي لا يعرض لها الهلاك والفناء، قال تعالى إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولَا وَلَئِنْ زَالَتَا إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا، الله هو الذي يمسك السماوات والأرض أي يحفظها من الزوال سبحانه وتعالى فإن أمسك حفظه فنيت، الفناء لا يحتاج الى فاعل، الإنسان عندما يريد أن يفسد شيئا أو يهلكه أو يفنيه إنما يفعل فعلا إيجابيا لكي يحقق ما يريد من الفساد والإفناء، أما فناء المخلوق وهلاكه فلا يحتاج إلا لأن يمسك المقيت سبحانه وتعاله قوته لقدر من الزمن لا يمكننا تقديره، فإذا أمسك سبحانه وتعالى قوته عن خلقه هلكوا ولا محالة. ونحن نستعمل كلمة القوت في كلمة الرزق الأساسي من الطعام ومن الشراب ولذلك حينما يدعو أو يسأل أو يطلب أو يرجو صلى الله عليه وسلم ربه بأن يقول (اللهم إجعل رزق آل محمد – صلى الله عليه وسلم – قوتا)، ما معنى هذا؟ الرزق هو العطاء الذي يعطيه الله تبارك وتعالى لعباده على كافة أصنافه وأشكاله وصوره، فهو صلى الله عليه وسلم يسأل ربه أن يجعل رزق آله قوتا أي بالقدر الذي يحفظهم ولا يفتنهم.

قال تعالى وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ وَلَكِنْ يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ مَا يَشَاءُ فهو يسأل ربه أن يجعل رزقهم بحيث يكفيهم، فما معنى قوت؟ الذي يستديمون به بقاءهم لعبادة ربهم، ولذلك حينما يقول صلى الله عليه وسلم: (ما ملأ ابن آدم وعاءً شرًا من بطنه بحسب ابن آدم لقيمات يقمن صلبه)؛ هذا هو معنى القوت،( فإن كان لا محالة فاعلًا) لغلبة شهوته إلى الطعام وتلذذه واستمتاعه به ( فلثلث لطعامه وثلث لشرابه وثلث لنفسه) وهذا هو الذي يقتات به الإنسان، النفس والطعام والشراب، أما النفس فلا يخطر للعبد على بال لأنه لا ينشغل به، وهو أحوج شيء إليه.

ما الذي يحتاجه الإنسان لكي يتردد نفسه في جوفه؟ وما الذي يحتاجه الإنسان لكي يصل إليه طعامه، إذن أنا لكي أقول أن ربنا سبحانه وتعالى هو المقيت؛ هذه الكلمة ترجمتها تتطلب إدراك، توافر كثير من الأمور والتوافقات التي قدّرها الله تبارك وتعالى بدقة بالغة لكي تصل للإنسان حبة من طعام، أو يصل إليه نفس، أنت تتكلم عن أشياء من المفترض أنها كونية، وأشياء متعلقة بالأرض، وستظل تقترب تقترب، إلى أشياء متعلقة بجسد الإنسان وكيانه.

فالآن حينما أقول أن الطعام قوت، فهذا الطعام عبارة عن شيء أنا آكله وماذا بعد؟ فالآن أنا – سندوتش الفلافل هذا – هل هو بذاته – بذاته – سأعتبره هو قوت الجسم؟ أم هذا تغذية لكي يتحول إلى قوت يقتات به العبد؟ نحن لدينا الآن من المفترض كل ذرة، كل خلية وكل نسيج وكل شعيرة دموية وكل ” أشياء كثيرة لا نعرفها ” وكل – بالتبع – عندما نكبّر قليلًا، كل عضو من أعضاء الجسم يراد له أن يؤدي وظيفة معينة، يحتاج بذاته إلى قوت، وهذا القوت اسم للشيء الذي من المتفرض أن يصل بقدر دقيق، لا يصلح أن يزيد ولا يصلح أن يقل.

أي مفهوم الرزق، مفهوم الرزق؛ الزيادة فيه تنفع ولا تضر إلا إذا وظفها الإنسان في ما يضر ويفسد ويؤذي، أما القوت لا، لابد أن يكون بقدر الحاجة، لا يصلح أن يزيد ولا يصلح أن يقل، فزيادته ضرر ونقصه ضرر، حسن

فلو تكلمنا عن إقاتة مخلوق واحد من مخلوقات الله، أي: أنا الآن لو أوكل إليّ متابعة أداء الوظائف التي ينبغي أن تؤدى لكي أبقى حيًّا لمدة ثلاث دقائق، فقط، أنا لا أستطيع أن أقيت نفسي، لكن مطلوب مني أن أتابع، أتابع حركة الأجهزة التي تعمل، فقط، سأضعها على مونيتور هكذا، ومطلوب مني أن أتابعها، هل أستطيع أن أفعل ذلك،، بعيدًا عن أن حياتك كلها ستنقطع ولا تستطيع أن تفعل شيئًا، ولو غفلت ثانية أو لحظة ماذا يحدث؟ فأت في النهاية ستتعب أو تكل أو تسرح أو تغفل أو تنام، ماذا يحدث، حسن،، هذا يتعلق بمخلوق واحد؛ إقاتة ربنا سبحانه وتعالى لي أنا كإنسان، حسنٌ، نحن نتكلم عن كم عدد من البشر يحتاجون إلى إقاتة في الثانية الواحدة أو في الجزء من الثانية.

فهل البشر هؤلاء هم كل المخلوقات التي خلقها ربنا وذرأها في هذه الأرض، فهل نحن نتكلم عن الأرض فقط أم على ما نبصر وما لا نبصر؟ فَلَا أُقْسِمُ بِمَا تُبْصِرُونَ ۝ وَمَا لَا تُبْصِرُونَ على ما ندرك أم ما لا ندرك؟ الإنسان كلما ارتقى في المعرفة كلما استشعر الخطر، أي فساد أو فشل بسيط أو نقص في وظائف أي عضو من الأعضاء يؤدي إلى حالة من الانهيار للإنسان، كلما ازداد الإنسان معرفةً كلما استشعر أنه في خطر، وأن كل ما يحدق بك في الحقيقة هو عبارة عن مجموعة من الأخطار.

لكي يحفظ الله عباده، من كل هذه الأخطار ما الذي يقتضيه ذلك، إذن مفهوم الحفظ، ومفهوم الإقاتة هو مفهوم لا يمكن للإنسان أن يحيط به، فهل يستطيع أن يشكره؟ هل يطيق العباد أن يشكروا نعمة الله عليهم؟ أي إننا إذا وقفنا عند هذا الاسم فقط وحاولنا أن نفكر فيه قليلًا هل تستطيع أن تشكر نعمة الله عليك بأن تكفل بإقاتك أيها العبد؟ فهل أستطيع أن أدرك أو أحيط علمًا بمعنى الإقاتة وما تقتضيه وما تستلزمه في خاصة نفسي أنا كإنسان، واحد فقط، كوحدة واحدة، لا أتطرق إلى ما هو أعظم من ذلك من مخلوقات الله سبحانه وتعالى.

الإقاتة تستلزم العناية في كل لحظة، في كل جزء من الثانية، وهذا جزء من معنى القيومية، نسأل الله سبحانه وتعالى أن يمن علينا فنعرض له بالبيان في إطار التعرف على الله تبارك وتعالى، هو الذي يقيم هذه الحياة، وهو الذي يحفظها، وقد قلنا قبل وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا فهذا سيتعلق بكل مخلوق من مخلوقات الله، ما سمي إنسانًا، وما عُدّ حيوانًا، وما كان نباتًا، وما نسميه نحن جمادًا، هو في الحقيقة، نحن قلنا حينما تقرأ في كتاب الله لا يوجد شيء اسمه هكذا، هي مخلوقات أقل من مخلوقات في وظائف نمو أو حركة، لكن لا يوجد شيء اسمه جماد بالمعنى الذي نتصوره، ربنا سبحانه وتعالى يقول وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ وذكرنا قول الله تبارك وتعالى يَاجِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ أي تسبح وَالطَّيْرَ وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ فَوَجَدَا فِيهَا جِدَارًا يُرِيدُ يُرِيدُ والإرداة لا تكون إلا لذو عقل يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ من التعب، ومن الكلل، يريد أن ينهار فيرتاح، فَأَقَامَهُ، إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا بل ربما كانت أكمل منه عقلًا، استشعرت خطورة الأمانة فـقَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ فكل هذه المخلوقات إنما تبقى بإقاتة الرب تبارك وتعالى لها، حسن.

ذهاب الإقاتة؟ كما قلنا لا يكون بالفعل، وإنما فقط بالإمساك، إذا جاء أجل خلق ما، فليس بينه وبين الفناء إلا أن يمسك الله عنه قوته، فإذا أمسك الله عنه قوته هلك وفنى وذهب.

أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم

الحمد لله رب العالمين

بقيت لنا ثلاث نقاط؛ الأولى: إذا تكفل الله بقوت العبد اطمأنّت نفسه، إذا تكفل الله بقوتك اطمأنت نفسك، إنه لن تموت نفس حتى تستكمل أجلها وتستوعب رزقها، إذا بقي لها أجل فقد بقي لها رزق، إذا بقي لها من الأجل لحظة، فقد بقي لها من القوت ما يكل بقاءها لانتهاء أجلها، فالله سبحانه وتعالى هو المتكفل بقوت خلقه، فلا خوف ولا قلق والله هو القيوم الرزاق المقيت سبحانه وتعالى، وقوته سبحانه يشمل كما ذكرنا كل شيء، متى ذكر الله القوت في كتابه؟ في الآية التي تلونا قال الله تبارك وتعالى قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَنْدَادًا ذَلِكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ ۝ وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِنْ فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاءً لِلسَّائِلِينَ هذا معنى القوت الذي نفهمه والذي نفقه بعضه، لكنه قال فيما ذكرنا مَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً حَسَنَةً يَكُنْ لَهُ نَصِيبٌ مِنْهَا وَمَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً سَيِّئَةً يَكُنْ لَهُ كِفْلٌ مِنْهَا ثم عقّب سبحانه وتعالى فقال وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقِيتًا ما علاقة الإقاتة بالشفاعة؟ شخص يسعى أو يتوسط أو يسير في أمر من أمور الخير رجاء أن يتم، وآخر عياذًا بالله مخذول غير موفق، يسعى أو يتوسط أو يتحرك في أمر سوء وإفساد، مَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً حَسَنَةً يَكُنْ لَهُ نَصِيبٌ مِنْهَا وَمَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً سَيِّئَةً يَكُنْ لَهُ كِفْلٌ مِنْهَا وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقِيتًا هذه الشفاعات سواء كانت حسنة أو سيئة لن تتحقق، ولن تؤتي ثمارها، ولن تتم، لن يحدث شيء إلا إذا أعطى الله لهذا الأمر قوته، حتى الأشياء التي نسميها معنوية، لايوجد موضوع يتم أو يسير إلا عندما يعطياها ربنا سبحانه وتعالى القوت الذي يمدها بالحياة، تحدث فتتم.

إذن الإقاتة ستشمل كل شيء، أي شيء قدّرت أن تقع لا تقع إلا بأن يعطيها الله قوتها، وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ أي شيء، أي شيء وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقِيتًا أي شيء تريد أن تفعله، لابد أن تستمد قوتها من الله، تسأل المقيت سبحانه وتعالى أن يعطي هذا الأمر قوته فيكون ويبقى، ليس فقط يكون، ويبقى،، لأنه ربما يكون ثم يسلب، ربما يأتي الشيء الذي تشتاق إليه أو تطلبه من زمان ثم يحجب، الإقاتة ليس أن يأتي فقط، ولكن يظل مستمرًا، مستمر في كل ثانية، في كل لحظة، أنت محتاج إلى المقيت سبحانه وتعالى في كل ثانية في كل أمر، هذه هي النقطة الأولى.

النقطة الثانية أن ربنا سبحانه وتعالى المقيت، أمر عباده ذوو المسئولية أن يقوموا بواجبهم من التسبب في الإقاتة.

يقول طلحة بن مصرف رحمه الله: كنا جلوسًا عند عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما؛ فأتاه كهرمان له – والكهرمان هو مدير المخازن – فقال: أعطيت الرقيق قوتهم. أي الناس الذين يعملون عنده، هل أعطيتهم أكلهم؟ فقال له: لا، قال: فأعطهم قوتهم، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ( كفى بالمرء إثمًا أن يحبس عمن يملك قوته) (كفى بالمرء إثمًا أن يحبس عمن يملك قوته).

وجاءه ( أي عبد الله بن عمرو رضي الله عنه) وهو ببيت المقدس، جاءه مولى له، وقال: إني أريد أن أقيم شهرًا ههنا ببيت المقدس، هو ميراث الصالحين، قال الله تبارك وتعالى وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ فإذا لم نكن صالحين فلا نبكي على ما لم يورثنا الله تبارك وتعالى، من أراد – من أراد – أن يرث ميراث الله عليه أن يكون على وفق ما أراد الله تبارك وتعالى، يقول: إني أريد أن أقيم شهرًا ههنا ببيت المقدس، قال: هل تركت لأهلك ما يقوتهم هذا الشهر؟ قال: لا، قال: ارجع إليهم ما يقوتهم، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (كفى بالمرء إثمًا أن يحبس عمن يملك قوته).

ولذلك حينما يقول صلى الله عليه وسلم أنه رأى في النار امرأة حبست هرة، لماذا؟ لأنها أمسكت عنها قوتها وحبستها لئلا تأكل من قوت الله الذي كفله لها، فلا هي أطعمتها ولا هي تركتها تأكل من قوت الله، من خشاش الأرض.

النقطة الأخيرة: قوت للبدن، وقوت للروح.

قوت البدن: هو الذي يدركه كل إنسان، ويشترك فيه كل إنسان، وأما المؤمن فتحتاج روحه إلى قوتٍ لتحيا، وتحتاج روحه إلى قوت ليبقى، كما يحتاج بدنه سواء بسواء ومثل بمثل، قال تعالى أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا فجعل الله وحيه وهدايته جعلها روحًا تحيل هذا العدم إلى وجود، تجعل الميت حيًا، ثم تكفل لهذا الحي البقاء، فقوت القلب من الإيمان والهداية إنما يوصله إليك ويهبك إياه المقيت سبحانه وتعالى.

إذا أمسك الله قوته عن القلب، كما يمسك قوته عن البدن سواءً بسواء، ولكن الإنسان يستشعر فقدان قوت البدن ولا يستشعر في الغالب فقدان قوت القلب، ربنا ماذا يقول؟ أَمْوَاتٌ غَيْرُ أَحْيَاءٍ وَمَا يَشْعُرُونَ أَمْوَاتٌ غَيْرُ أَحْيَاءٍ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ فَإِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى وَلَا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعَاءَ إِذَا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ وهذا أصعب أمر، الإنسان يكون يفقد حياته، يفقد حياته وهو لا يشعر أنه يفقد حياته، عبر صلى الله عليه وسلم عن هذا المعنى حينما نهى صحابته رضوان الله عليهم عن أن يصلوا الأيام في الصيام، كان يسرد الصوم أيامًا، يعني هو صائم ولن يفطر عند مجيء المغرب، لم يأكل حتى السحور، ولم يتسحر حتى الفجر، وواصل يوم واثنين وثلاثة، فهو يفتقد – يفتقد – إلى قوت البدن الذي به استمرار الحياة، والصحابة لمحبتهم له ورغبتهم في التشبه به حينما رأوه لا يفطر أرادوا أن يقلدوه وأن يتأسوا به فنهاهم، عندما يؤذن المغرب افطروا، ومن أراد منكم أن يواصل – المصر – فليواصل إلى السحر، فلا يواصل يومين، ولكنهم يرونه يفعل ذلك، فماذا قال لهم؟ قال: ( إني لست كهيئتكم، إنني أبيت عند ربي لي مطعم يطعمني وساق يسقيني) هو قلبه في الحقيقة ليس هنا، هو ليس معنا، هو في مكان آخر هو فوق تمامًا، وهناك له زاد يقتاته، هذا الزاد الذي يقتاته يكفيه عن زاد البدن من طعامه وشرابه، وأنتم لن يصلح أن تدخلوا معي في هذه الدائرة، فلن يصلح أن تحاكوني هنا، ولا التأسي، هو يعتذر لهم، أنا لا أمنعكم من خير، ولكنكم لن يصلح أن تدخلوا في هذا المكان، لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَاعَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ لن يصلح، لن يصلح، هذا لن يصلح، ولكن كل إنسان له على قدر إيمانه قدر من هذا القوت، ولذلك حينما جاءت فاطمة رضي الله عنها وقد دفعها زوجها، أن تأتي إلى أبيها لكي تسأله خادمًا، واشتكت إليه شدة ما تجهد، تحتاج إلى من يساعدها في أعمالها، وقد جاءه الله برزق يمكن أن يكفل لها خادمًا، فأبى، فأبى صلى الله عليه وسلم، فذهبت، ثم أتاها وزوجها بليل، وقد أخذ مضاجعهما فجلس بينهما – توسطهما – ثم قال لهما: ( ألا أخبركما بما هو خير لكما من خادم) ماذا يفعلان؟ ( تكبران الله أربعًا وثلاثين، وتسبحان الله ثلاثًا وثلاثين، وتحمدان الله ثلاثًا وثلاثين، هو خيرٌ لكما من خادم): على معنينان:

أن هذا الزاد وهذا القوت هو خيرٌ من كل متاع الدنيا، هذا واحد، والمعنى الثاني: أن هذا القوت الذي تقتاته أبدانهما يعطيهما من القوة ما يمكنهما من القيام بعملهما الذي يقومان به والذي كان سوف يقوم به الخادم، ففاطمة رضي الله عنها حينما تقول هذه الكلمات يعطيها الله تبارك وتعالى من القوت ومن القوة ما يمكنها من العمل الذي كانت تعمله بمشقة، يمكنها أن تعمله من غير مشقة، فسيعطي الروح والقلب قوتًا يزيد قوتها البدنة على قوتها، ويزيد طاقتها على طاقتها، ويعطيها بدنًا تستغني به عن الخادم، ما معنى تستغني به عن الخادم؟ أصبحت خارج دائرة الاحتياج، بماذا؟ بهذه الكلمات؛ بالتكبير والتسبيح والتحميد، وهو قوت الملائكة، هو قوت الملائكة، وهو قوت أهل الجنة، ( يلهمون التسبيح كما تلهمون النفس) قوت الملائكة وقوت أهل الجنة.

إذن كما يسأل العبد ربه تبارك وتعالى قوتًا لقوام جسده، يسأل الله تبارك وتعالى قوتًا لقوام روحه وقلبه، وهذا هو حقيقة الإنسان، هذا هو الجزء الذي كرمه ربنا سبحانه وتعالى، ما الذي يميز الإنسان عن سائر ما خلق الله من الحيوان، قال: فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ أن الله تبارك وتعالى تولى خلق هذا العبد بنفسه، قال مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْعَالِينَ أن تسجد لما خلقت بيدي، فهو إكرام إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ أما هذا المخلوق فقد باشر الرب تبارك وتعالى بعظمته وجلاله خلقه، وبعد ذلك؟ هو الذي تولى بنفسه نفخ روحه فيه، أمرين، فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي ماذا يفعلون؟ فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ فهذه الروح هي التي كرم الله بها هذا العبد، وقوتها كبدنها إنما هو من إقاتة الله تبارك وتعالى.

إذن نحن نحتاج إلى المقيت سبحانه وتعالى في كل طرفة عين وفي كل تنفس نفس، وفي كل حركة وسكنة، أدركنا هذا أو لم ندركه، ما الفرق بين شخص وشخص؟ أن شخص ربنا يمن عليه فيدرك، فلما يدرك يستشعر النعمة، وعندما يستشعر النعمة يشكر موليها تبارك وتعالى ويطلب منه إدامتها، ويوظف ما أقاته الله تبارك وتعالى في ما يرضيه، وأن يتجنب ما يسخطه تبارك وتعالى عليه، فالذي نريد أن نخرج به؛ أن ندرك عظمة النعمة، أن نحمد الله تبارك وتعالى عليها، أن نسأله تبارك وتعالى أن يديم علينا نعمته، وأن نعلم أن الأقوات مكفولة بيد الباري سبحانه وتعالى فلا خوف ولا جزع ولا قلق ولا هلع.

اللهم ارحمنا واغفر لنا، اللهم ارحمنا واغفر لنا، وعافنا وارزقنا، اللهم ارحمنا واغفر لنا، وعافنا وارزقنا.

اللهم خذ بأيدينا إليك أخذ الكرام عليك لا تفضحنا بين خلقك ولا بين يديك

اللهم إنا نسألك علمًا نافعا، وقلبًا خاشعا، ولسانًا ذاكرا، ويقينًا صادقا، ورزقًا طيبًا وعملًا صالحًا متقبلا.

اللهم إنا نعوذ بك من جهد البلاء، ودرك الشقاء، وسوء القضاء، وشماتة الأعداء، وعضال الداء، وخيبة الرجاء.

متعنا اللهم بأسماعنا، وأبصارنا، وقوتنا، أبداً ما أحييتنا، واجعله الوارث منا واجعل ثأرنا على من ظلمنا، وانصرنا على من عادانا، ولا تجعل مصيبتنا في ديننا، ولا تجعل الدنيا أكبر همنا، ولا مبلغ علمنا، ولا تسلط علينا بذنوبنا من لا يخافك فينا ولا يرحمنا، ولا تجعل إلى النار مصيرنا، واجعل اللهم الجنة هي دارنا

اللهم إنا نسألك حبك وحب من يحبك وحب كل عملٍ يقربنا إلى حبك

اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات، وألف بين قلوبهم واهدهم سبل السلام وجنبهم الفتن ما ظهر منها وما بطن، وجنبهم الفواحش ما ظهر منها وما بطن، اللهم اجعلهم قابلين لنعمتك مثنين بها عليك، وأتمها علينا، وأتمها علينا.

اللهم يا مقلّب القلوب ثبت قلوبنا على دينك

اللهم يا مصرّف القلوب صرّف قلوبنا على طاعتك

اللهم يا وليّ الإسلام وأهله مسّكنا الإسلام حتى نلقاك عليه، اللهم يا وليّ الإسلام وأهله مسّكنا الإسلام حتى نلقاك عليه، اللهم يا وليّ الإسلام وأهله مسّكنا الإسلام حتى نلقاك عليه.

أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم