إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا.
إنه من يهدي الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمد عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ
يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا
ثم أما بعد ،،،
هيبة الكلام المقدس، كنا في الجمعة الماضية في حديثٍ حول كلماتٍ من كلام الله عز وجل، حديثٍ من ربنا تبارك وتعالى عن ليلة القدر، وإنه لينبغي لكل عبدٍ أراد أن يقبل على كلام الله عز وجل أن يقبل على هذا الكلام بما يستحقّه من الهيبة والتعظيم لأنه كلام رب العالمين سبحانه وتعالى، يتلمّس في قرائته أن يمنّ الله عز وجل عليه بفهمٍ أو بوعيٍ بهذه المعاني القرآنية العظيمة، فإنه إن لم يدخل العبد على كلام الله سبحانه وتعالى هذا المدخل فإنه لا ينتفع منه ولا يخرج منه بكبير طائل، وهكذا كان شأن أهل العلم والإيمان مع القرآن لعل الله عز وجل أن ينفعهم بكلمةٍ أو يمنّ عليهم بهداية أو بإرشادٍ أو بنورٍ أو بتوفيق.
كان الإمام تقي الدين ابن تيمية يحدّث عن نفسه فيقول: ربما طالعت في الآية الواحدة أكثر من مائة تفسير، فهذا الآن رجل من المفترض أنه من العلماء، وإذا كان يوجد شخص يستغني عن أن يراجع كلام أهل العلم أو يتصفّح أقوالهم فمثل هؤلاء الرجال، لكنه هو يحدّث عن نفسه، أنه حينما يريد يسلك مسلك من يريد أن يمنّ الله عز وجل عليه بشيءٍ من العلم أو الفهم في كلام الله يبدأ بأن يطالع، يقول: في الآية الواحدة أكثر من مائة تفسير.
نحن الآن لا نستطيع أن نعُدّ أسماء 30، 40 كتاب، تعُدّ فقط،، أنه سيراجع ويكون لديه هذا القدر من الصبر والدأب، وعادةً الذي سيطالع كلام المفسّرين أو شروح الحديث سيجد أن معظم الكلام عادةً فيه قدر كبير من التكرار، لأن العلماء غالباً ما ينقل خلفهم عن سلفهم في الغالب، ولا يزيد إلا أشياء بسيطة إذا وجدت، وربما تجد الكتاب مطابقاً لكتابٍ آخر قد كُتب في زمان سابق عنه، فيكون عنده هذا القدر من الصبر والدأب والحرص أن يطالع في آية واحدة أكثر من مائة كتاب، وبعد ذلك، يقول: ثم أسأل الله الفهم، يمرّغ وجهه في الرغام ويدعو ربه فيقول: اللهم يا معلّم آدم وإبراهيم علّمني، ويا مفهّم سليمان فهّمني، وبذلك ارتفع قدر من ارتفع.
إذاً هو ماذا يفعل؟ من منطلق تعظيمه لهذا الكلام الإلهي لا يتجرأ على أن ينطق فيه قبل أن يراجع وأن يستوثق وأن ينظر ما جادت به عقول البشر ممن امتنّ الله عز وجل عليهم في فهم كلامه وتفسيره وتأويله، هذا وفقط.
يسجد لربه تبارك وتعالى بعد ذلك سائلاً إياه أن يمنّ عليه وأن يرزقه الفهم لمعاني كلامه، فيقول اللهم يا معلّم آدم وإبراهيم علّمني ويا مفهّم سليمان فهّمني.
أما معلّم آدم فقوله تبارك وتعالى وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا وأما مفهّم سليمان فقوله تبارك وتعالى وَدَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ إِذْ يَحْكُمَانِ فِي الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شَاهِدِينَ فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ وَكُلًّا آتَيْنَا حُكْمًا وَعِلْمًا وأما معلّم إبراهيم فيرجع في ذلك إلى قول مالك بن يخامر رحمه الله يقول: لما حضرت معاذاً الوفاة ” معاذ بن جبل الذي عدّه صلى الله عليه وسلم إماماً للعلماء، يـأتي يوم القيامة أمام العلماء برتوة أي رمية حجر، فيكون في – قدام كده خالص – وبعد ذلك على مسافة العلماء يتبعونه أرسالاً وأتباعاً “
يقول لما حضرت معاذاً الوفاة بكيت فقال: ما يبكيك؟ فقلت: والله ما أبكي على دنيا كنت أصيبها منك، ولكن أبكي على العلم والإيمان الذين كنت أتعلّمهما منك، فقال: إن العلم والإيمان مكانهما من ابتغاهما وجدهما، الذي يريد أن يبحث عن هذا فهذا موجود، ربنا سبحانه وتعالى حفظه لا خطر عليه، إن العلم والإيمان مكانهما لا يذهب بذهابي عنك ” إن العلم والإيمان مكانهما من ابتغاهما وجدهما، التمس العلم عند أربعة؛ عند عويمر أبي الدرداء وعند سلمان الفارسي وعند عبدالله بن مسعود وعند عبدالله بن سلام فإن عجز عنه هؤلاء فسائر أهل الأرض عنه أعجز فعليك حينئذٍ بمعلّم إبراهيم “
ولذلك كان يجمع في دعائه بين تعليم آدم وتعليم إبراهيم وتفهيم سليمان عليهم السلام، فهو يقول له أن ربنا سبحانه وتعالى حفظ العلم وحفظ الإيمان وتكفّل سبحانه وتعالى بهداية كل مريد للهداية وجدت أسبابه الظاهرة أم لم توجد، يريد أن يقول له أنه حتى لو انقطع العلم الذي تبحث عنه فاستهديت بربك وطلبت منه الهداية ودعوته أن يعلّمك كما علّم إبراهيم عليه السلام في زمان فترة وجهالة وضلالة، هو الذي هداه سبحانه وتعالى وأرشده، فهو سبحانه وتعالى قادرٌ على أن يوليك ذلك وأن يمنحك إياه.
وقد تكلّمنا قبل أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصعد إلى غارٍ في بطن جبل يلتمس الهداية إذ لم تكن حيئذٍ موجودة بوضوحها ونصاعتها عند أحدٍ من أهل الأرض فأنزل الله تبارك وتعالى ملكه المعظّم جبريل عليه السلام إلى هذا الغار في بطن هذا الجبل لكي يوصل الهداية إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بل لكي يجعله هادياً مهديّاً إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.
إذاً الشخص الذي هو صادق فعلاً في إرادة الخير لابد أن ينيله الله تبارك وتعالى إياه وجدت أسبابه أو لم توجد.
النقطة الثانية – مهمة جدّاً – بما ترتفع أقدار العباد عند الله؟ يعني يوجد أناس كتب ربنا سبحانه وتعالى لكلماتهم البقاء، وأناس كتب على كلماتهم الفناء، فلماذا كلام من شاء الله أن يبقي كلامه أبقاه؟ ولماذا كلام من أراد الله سبحانه وتعالى أن يذهبه أذهبه؟ إنما مردّ ذلك إلى المقاصد والنيّات.
يعني كلمات هذا الرجل لازالت باقية يستهدي بها الناس رغم أن مرّت ظروف وملابسات كثيرة كانت تقتضي على وفق القوانين الطبيعية أن تذهب هذه الكلمات هباءً وسدىً، لكن ربنا سبحانه وتعالى شاء أن يبعث بعد أزمنة طويلة من يتتبّع هذه الكلمات في أقاصي البلاد وفي أقطار الأرض يجمع ورقة من هاهنا وورقة من هاهنا حتى اجتمعت هذه الكلمات، فلماذا؟ لماذا يسخّر ربنا سبحانه وتعالى أناس لخدمة أناس بعد أزمنة متطاولة.
لأن ربما الشخص يكون فعلاً كان عنده صدق في إرادة هداية الناس حرص على تعليم الناس وتفهيمهم وإرشادهم إلى ربهم تبارك وتعالى، وهذا فيم يظهر؟ يظهر مثلما قلنا في الاجتهاد الكبير في التفهّم واللجوء والضراعة الدائمة إلى الله تبارك وتعالى، الناس لا ترتفع بكثرة معلومات أو قراءات وإنما كما قال بكر بن عبدالله المزني رحمه الله قال: ما سبقكم أبوبكر بكثرة صلاة ولا صيام ولكن بأمرٍ وقر في قلبه، هذا هو ما يكب به ربنا سبحانه وتعالى السبق والرفعة، وذكرنا قبل ذلك قول عبد الله بن المبارك رحمه الله، يقول: ما رأيت أحداً ارتفع مثل مالك في ثناء الناس عليه وتعظيمهم له، الخلفاء فمن دونهم، قال: لم يكن له كثير صلاة ولا صيام إلا أن تكون له سريرة.
عبدالله بن المبارك ماذا يقول؟ يقول أن الناس إنما ترتفع عند الله بأسبابٍ للرفعة، فهو لم يعرّج على العلم، لأن من المفترض أن مالك هذا هو إمام في الفقه وفي الحديث، وعبدالله بن المبارك يتحدث عن الرفعة هل عرّج على الفقه والحديث؟ لم يتكلم عليهما، فالطبيعي أن يرتفع بما لديه من علم وبجلوسه في التحديث في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم أزمانة طويلة، أناس يأتون من الأندلس لكي تسمع موطّأ مالك، وتتلقاه من مالك مباشرةً، فهذا سبب كفيل بالرفعة، لكنه لم يقل ذلك، هو عما يبحث؟ يبحث عن حاله مع ربنا سبحانه وتعالى، يبحث عن عبادته، هذه هي مناط الرفعة، يقول – إني ماكنتش بشوفه يصلي كثير ولا يصوم كثير، يعني العادي،،، العادي بتاعهم طبعاً مش بتعنا – أي بالنسبة إلى وضع الرفعة التي وصل إليها، قال: إلا أن تكون له سريرة، أي يوجد عنده شيء بداخله في علاقته مع ربنا سبحانه وتعالى وإخلاصه لله وصدقه معه هي التي رفعت من قدره ومن شأنه.
فهو يعلم أن هناك معايير معيّنة هذه المعايير هي ما يرتفع بها الناس، ولذلك القضية مش مجرّد معلومات ومعارف وإنما نوايا وأحوال ومشاعر وأحاسيس، هذا الرباط وهذه الصلة بين العبد وبين الله، حرص الإنسان على نفع الناس والإحسان إليهم، وللأسف هذا الكلام ربما يكون غاب جدّاً، فنحن حينما نتعامل مع هؤلاء الأشخاص، أشخاص مثل مالك أو ابن تيمية أو أي شخص، للأسف كيف يتعامل الناس معهم؟ يتعاملون معهم بأي اعتبار، باعتبار أنه الشخص الهيرو، والتركيز دائماً على أن هذا كان لديه حافظة قويّة، وأن هذا مثل الاسكنر يضع يده على الصفحة الشمال لكي عندما يقرأ الصفحة اليمنى…. لا يوجد شيء مثل هذا في الدنيا، وأن القضية كلها هي كثرة قراءات، والقضية ليست هكذا تماماً، وما الذي ترتّب على هذا؟ أن يتحوّل أصحاب المحابر إلى أصحاب مباخر، ما الفرق بين المحابر والمباخر، المحابر أن تأتي ورقة وقلم وتجلس لتتعلم من العالم، سواء مباشرةً أو عن طريق كتابه، أنت تريد أن تتعلم وتستقي، أما أصحاب المباخر، يبخّروا على هذا وعلى مقدار علمه وعلى ما لديه من مدوّنات ومصنّفات، فالعالم موجود لكي يتعلّم منه الناس، وليس لكي يبخّروا عليه، و- على فكرة – هذا للأسف منهج عندنا في كل شيء، نحن دائماً نحب أن نغالي في الأشخاص بصورة في النهاية تؤول أننا لا نستفيد منهم بشيء، وإنما فقط نظلّ أن نتحدّث عليهم، مثل أي أساطير حتى الصحابة، فالصحابة بالنسبة لنا هكذا، الصحابة بالنسبة لنا شخصيّات خارقة ربنا سبحانه وتعالى اصطفاهم لصحبة النبي صلى الله عليه وسلم وهذا كان الزمان الجميل للإسلام، ثم انتهى، فهم ليسوا محل القدوة ولا الأسوء تماماً، وعندما نتكلم عليهم نتكلم من منطلق أن هذا تاريخ الإسلام الجميل، ناهيك عن شخص النبوة نفسه.
فهؤلاء الناس إنما نصبهم الله قدوات، ولكي يكونوا قدوات لابد أن يكون الشخص فاهم لهم، ويعرف كيف كانوا يفكّروا، ويعرف كيف كانوا يعيشون الحياة، وعلام كانت علاقتهم مع ربنا سبحانه وتعالى مبنيّة.
هذا الكلام الذي نقوله كله نريد أن نرجع منه لهيبة الكلام المقدّس، كيف يدخل الإنسان على القرآن لكي يتلمّس منه هداية وهذه الهداية تأتي من الله سبحانه وتعالى، هو الذي سيرشد وهو الذي سيوجّه، القرآن والخير الذي بداخله من الذي يستحقّه؟ هل سيعطيه ربنا لأي أحد، أم لابد أن يكون الشخص في حالة معيّنة لكي يفتح عليه ربنا سبحانه وتعالى من فتوحات هذا القرآن، وهل هي بمجرّد القراءة وإن كانت القراءة ضرورة، لأنه يوجد أسباب ضرورية لابد أن يأخذ الإنسان، لأن العلم في النهاية بالنسبة لنا ليس وحياً، النبي صلى الله عليه وسلم قال: إنما العلم بالتعلّم، يوجد أسباب الشخص يأخذ بها، لكن هل الأسباب هي مجرّد القراءة أم يوجد ما يسبقها.
عبدالله بن المبارك كان يقول – ويا ليت هذه الكلمات، ياليتها كنّا عملنا لها – فأي شخص يتعلم وضع هذه الكلمات نصب عينيه أعتقد أن كثير من أحوالنا تنصلح، ماذا كان يقول؟ يقول أول العلم – طريق هو طريق – أول العلم النيّة، أول العلم النيّة؛ إخلاص الإنسان في قصده أن ربنا سبحانه وتعالى يهديه ويرشده، ينير له الطريق، يمنّ عليه، يفهمه، يجعله ينتفع بهذا العلم، فهذا أول شيء النيّة.
ثم الاستماع، ما معنى الاستماع؟ الاصغاء؛ يحضر قلبه مع أذنه، يصغي بوعي، وبعد ذلك: الفهم، أي أن الكلام الذي أصغى إليه واستوعبه سيبذل جهد في تدبره وتفهّمه لكي يعيه وعياً جيّداً.
ثم الحفظ لكي عندما يحتاج إلى هذا العلم أو يفتقر إليه يجده موجود، ثم العمل، ثم النشر أي تعليم العلم للناس، سيعلّم قبل أن يظهر أثر العلم عليه هو نفسه، فهذا لن يكون له معنى ولا سينفع أحد.
النيّة، الاستماع، الفهم، الحفظ، العمل، النشر، فأثر العلم أن ينتفع الإنسان نفسه به ويظهر أثر هذا عليه، ولذلك كانوا يقولون عن أهل العلم – زمان – كانوا إذا علموا عملوا، فإذا عملوا شغلوا – مشغول بنفسه بإقامة الدين على حياته، حياته هو الشخصية – فإذا شغلوا فقدوا – الناس تبحث عنهم لا يجدوهم – فإذا فقدوا طلبوا، فإذا طلبوا هربوا، هو ليس فارغاً ليس فارغاً
ولذلك معمر بن راشد كان يقول: من طلب العلم لنفسه فالقليل منه يكفي، ومن طلب العلم لحوائج الناس، فحوائج الناس لا تنقضي
من طلب العلم لنفسه، ما معنى لنفسه؟ أي لكي يقيم به الإيمان لديه، لكي ينجيه ربنا، فالقليل منه يكفي، أي بعض الأشياء البسيطة من الممكن أن يرشده بها ربنا سبحانه وتعالى ويهديه.
أما الذي يطلب العلم لكي يكون مفتي، يريد أن يكون مرجعيّة ليرجع له الناس، ويستفتوه لن ينتهي، هو لن ينتهي، ستظلّ تستغرقه هذه الأشياء، وربما ينسى نفسه، والنبي صلى الله عليه وسلم أخبر عن رجل يلقى في النار فتندلق أقتاب بطنه، أي أمعاؤه تخرج خارجه كما يدور الحمار برحاه فيجتمع عليه الناس – أهل النار – يقولون يا فلان ما لك أليس كنت تأمرنا بالمعروف وتنهانا عن المنكر، قال: بلى، كنت آمركم بالمعروف ولا آتيه وأنهاكم عن المنكر وآتيه. فهو أسقط نفسه من الحساب، هو جعل نفسه موجّه للناس واعتقد أنه بمجرّد توجيهه أن هذا كافي في أن يغفر الله له ويرحمه ويهديه بأنه كان معلّم للخير مثلما قال النبي صلى الله عليه وسلم ” كالشمعة التي تضيء للناس وتحرق نفسها ” نحن تكلمنا قبل ذلك في خطبة نقطة مضيئة أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ أن هذا – كلوب وانت طالع – لأن الشمعة في النهاية تحرق نفسها وهذا ليس المطلوب، المطلوب أن يهدي نفسه وللناس من حوله.
نحن كنّا نتكلم عن إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ وعن هذه الكلمات العظيمة وما فيها من إرشاد من الله تبارك وتعالى وقلنا أن ربنا سبحانه وتعالى يتكلم عن ليلة ذات قدر عظيم ومكانة، فبماذا كان لهذه الليلة هذا القدر العظيم والفضل والمكانة لأنها الليلة التي اختارها الله تبارك وتعالى بأن تكون محلّاً لتنزّل النور الإلهي، ربنا سبحانه وتعالى اختار هذه الليلة لكي ينزل فيها القرآن، فإنما فضّلت بفضل القرآن الذي اختارها الله تبارك وتعالى واصطفاها لكي ينزّل فيها كلامه سبحانه وتعالى، ولذلك عظّم سبحانه وتعالى من شأنها وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ إذاً كل هذا فرع عن تعظيم الأصل، هي معظّمه لأنها محل التنزيل، فما بالك بعظمة التنزيل، ثم ذكر سبحانه وتعالى منّته أنه يعيد هذه الليلة على أهل القرآن في كل سنة مرّة.
إذاً الليلة التي ستتلمّسها أو التي من المفترض أن تتلمّسها ما هي؟ هي استعادة، استعادة للحظة التنزيل، إذاً ربنا سبحانه وتعالى يريد أن يمنّ على هؤلاء العباد وعلى هذه الأمة وعلى أهل القرآن بأن يعيد عليهم في كل سنة لحظة تنزيل القرآن فلماذا؟ إذاً ربنا سبحانه وتعالى ختم وحيه ورسالته ببعثته صلى الله عليه وسلم ثم شاء سبحانه وتعالى أن يقبضه إليه وينقله إلى الرفيق الأعلى وشاء سبحانه أن يبقي له هذه الليلة لكي نستعيد بها هذه الروح التي تكلّمنا عليها الأسبوع الماضي، إذاً هذه الليلة لماذا هي موجودة؟ لأننا نستعيد فيها لحظة الاتصال مع ربنا سبحانه وتعالى، لأن هذا الوحي عبارة عن ماذا؟ عبارة عن أن نور ربنا سبحانه وتعالى الذي هو في السماء يشعّه على أهل هذه الأرض كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ أين كنّا نحن؟ الدنيا كانت مظلمة لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ إذاً ربنا سبحانه وتعالى يذكر نعمته علينا بالتنزيل، أين كنّا قبل أن يشعّ علينا هذا النور؟ كنّا في ظلمة لا لا كنّا في ظلمات، طرائق متعددة كُنَّا طَرَائِقَ قِدَدًا الطرق التي تحوي الضلالات كثيرة لماذا؟ لأنها منقسمة على عقول البشر، لأنه من أين أتت هذه الطرق؟ هذه طرق شياطين الإنس والجن وهذه كثيرة، كل فرد بطريقته، يصنع لنفسه برنامج ومسار ورؤية ومنهاج وأسلوب للحياة وفكر وأيدلوجية، كثيرة، كثيرة جدّاً، وهذه الأشياء ما الذي يجمعها؟ أنها ظلمات، وبعد ذلك شاء ربنا في لحظة أرادها سبحانه وتعالى أن يشعّ نوره على الأرض، فعندما يظهر النور ماذا يحدث؟ أو شيء تتكشف الحقائق وتنجلي الظلمات، فهذا النور عما سيسفر؟ سيسفر عن صراط مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ برحمته وبفضله سبحانه وتعالى وبهدايته إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ اللَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وبعد النور وَوَيْلٌ لِلْكَافِرِينَ مِنْ عَذَابٍ شَدِيدٍ لماذا؟ لأن هذا اختيار متعمّد للضلالة، هل للضلالة وفقط، لا لا لا، قال تعالى يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ فهم يريدون أن تعود مظلمة مرة أخرى، فلماذا تعود مظلمة مرة أخرى؟ لأن الظلمة سترة، الظلمة سترة والنور يكشف كل شيء، ولذلك متى تنتشر الشياطين؟ ليلاً وتختفي عند الفجر، لأن الظلمة تستر الشرور وتغطي السوءات، فنحن لابد أن نطفئ النور لكي يستمر كل شخص فيما كان يفعل، فإذا أضاء النور، ربما يتضرر أناس كثيرة، فلماذا تتضرر؟ ففي الحقيقة هذا ليس ضرر عليهم ولكنّ عقولهم المريضة قادتهم أن النور هذا خطر، والظلمة هي السترة، فهل يتمّ هذا، لا وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ هذا قضاء ربنا سبحانه وتعالى ولا رادّ لقضائه عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ
الحمد لله رب العالمين …
إذاً هذه الليلة ماذا تجدد لدينا من عهودٍ ومن مواثيق، قلنا أن ربنا سبحانه وتعالى كان من رحمته أن بعث لهذه الأمة أئمة وعلماءً في كل قرنٍ من الزمان يجددون لها معالم الدين، وجعل لكل عبدٍ مؤمن ليلةً في سنته، ليس كل مائة سنة – بقى – لأن أعمارنا لا تتحمل هذا الكلام، هذا هو التجديد على المستوى العام ومستوى الأمة عموماً، على مستوى الأجيال، كل ثلاثة أجيال أو جيلين ونصف يأتي شيء مثل هذا لكي يعيد تجديد البناء الذي بدأ يتهرّأ لكن نحن في أعمارنا القصيرة، ربنا سبحانه وتعالى جعل لنا ليلة في كل عام لتجديد عهد الإنسان المؤمن مع الله، لتجديد تشبّع النفس الإنسانية بهذا النور الإلهي المتنزل، الذي تكلّمنا عليه المرة الماضية أن الإنسان يستعيد الروح التي ذهبت منه في هذا الأتون المشتعل من المعاصي والمنكرات والشهوات والحياة المادية والطغيان المادي الذي يعيش فيه العالم كله، والصراعات التي بيننا، تأتي لحظة لكي نقف مع أنفسنا، هذه ماذا تفعل؟ ربنا قال بها أمرين: تنزّل الملائكة والروح، وبثّ السلام تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ ربنا سبحانه وتعالى ينزل الملائكة، فبماذا تنزل الملائكة؟ تنزل بالسكينة وتنزل بالطمأنينة هي التي تنزل بالسلام، ربنا سبحانه وتعالى هو السلام ولا سلام إلا من الله، ما معنى السلام؟ شعور الإنسان بالسكون وشعوره بالأمان وشعوره بالهدوء وأنه في علاقته مع نفسه هي علاقة مسالمة لا منازعة ولا محاربة وفي علاقته مع المجتمع من حوله يوجد علاقة مسالمة، لا منازعة ولا محاربة، هذا السلام من أين يأتي؟ من الله، النبي صلى الله عليه وسلم كان كلما انفتل من صلاته يقول ثوبان رضي الله عنه استغفر ثلاثاً ثم قال ” اللهم أنت السلام ومنك السلام، تباركت ذا الجلال والإكرام ” بعد أن ينتهي، الصلاة بماذا تنتهي؟ تنتهي بالتسليم، يسلّم عن يمينه وعن شماله، يرسل السلام إلى هؤلاء ويرسل السلام إلى هؤلاء، ثم يناجي ربه بأنه سبحانه وتعالى هو السلام وأنه لا سلام إلا منه.
عبدالله بن مسعود يقول كنّا إذا صلّينا قلنا ” السلام على الله قبل عباده، السلام على جبريل، السلام على ميكائيل، السلام على فلان، فلما انصرف صلى الله عليه وسلم من صلاته قال: إن الله هو السلام ” لا ينفع أن تقول السلام على الله، الصحابة كانوا يقولوا، إذاً وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ، يعني الصحابة على علمهم ربما تغيب عنهم أشياء فهم أمروا بالسلام فالتشهد به سلام، فهو يسلّم ولم يُقال له ماذا يقول فهو يجتهد، إذاً النبي صلى الله عليه وسلم كان يأتي بالتعليم متتابعاً، يعني هو تركهم لكي يجتهدوا في لفظ السلام، وبعد ذلك يقولوا أشياء، فالنبي صلى الله عليه وسلم قال لهم لا ينفع أن تقولوا هكذا، هم ماذا يقولوا؟ يقولوا: السلام على الله، لأن السلام على الله أي نحن سنرسل له السلام، لن يصلح، فربنا سبحانه وتعالى هو الذي يشعّ السلام على هذه الحياة، لن يسلّم أحداً ربنا، ربنا هو الذي يسلّم الناس، فقال: ” إن الله هو السلام ولكن إذا جلس أحدكم في التشهد فليقل: التحيات ” ما معنى التحيات؟ التحيات أي التعظيم ” التحيات لله، والصلوات ” الدعاء والتضرّع ” والطيّبات ” ليس منه إلا كل طيّب، ولا ينبغي أن نرفع إليه إلا كل طيّب كذلك، وبعد ذلك، ” السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته ” وبعد ذلك ” السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، فإذا قال أحدكم ذلك ” يقول صلى الله عليه وسلم ” فقد سلّم على كل عبدٍ صالحٍ في السماء والأرض ” هذا الكلام الذي نقوله لا نفهم معناه ” الهليغريفي الذي نقوله ” في الصلاة هذا هو، ” فقد سلّم على كل عبدٍ صالحٍ في السماء والأرض “
ولذلك لكي تدرك مدى عظمة هذه الشخصية – خديجة رضي الله عنها – النبي صلى الله عليه وسلم جاءه سيدنا جبريل وهي مقبلة عليه، فقال: ” أبلغ خديجة أن الله سبحانه وتعالى يقرئها السلام ” ربنا سبحانه وتعالى السلام بعث سلام لبني آدم، ربنا سبحانه وتعالى السلام يرسل جبريل عليه السلام بالسلام يسلّم على امرأة من عباده، فهي عندما أخبرها النبي صلى الله عليه وسلم ماذا قالت،، هذا الكلام الصحابة قالوه في المدينة، وهذا الكلام في أوائل الإسلام، فماذا قالت السيدة خديجة؟ قالت: ” إن الله هو السلام وعلى جبريل السلام وعليك السلام ورحمة الله وبركاته ” لم تقل وعلى الله السلام، التنويه الذي نوّهه النبي صلى الله عليه وسلم للصحابة بعد سنوات هي مدركة له بالفطرة من البداية، فهي ردّت وقالت هذا ماذا؟ قالت: ” إن الله هو السلام وعلى جبريل السلام ” لأنه من أوصله أولاً ” وعليك السلام ” سيدنا محمد ” وعليك السلام ورحمة الله وبركاته “
إذاً نحن الآن ماذا نتلمّس؟ نتلمّس استعادة الروح والإيمان وأن ربنا يرزقنا السلام، سيدنا عمر كان إذا رأى البيت يقول سعيد بن المسيب، قال: اللهم أنت السلام ومنك السلام وإليك السلام فحيّنا ربنا بالسلام، أول ما يرى الكعبة وهو قادم للعمرة يقول هذه الكلمات ” اللهم أنت السلام ومنك السلام وإليك السلام فحيّنا ربنا بالسلام ” نحن محتاجين للسلام، أين موجود هذا السلام؟ هذا السلام مقترن بأن السلام سبحانه وتعالى ينزل علينا من سلامه ويقترن بوجود وحفوف الملائكة ” ما اجتمع قومٌ في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم السكينة وغشيتهم الرحمة وحفّتهم الملائكة وذكرهم الله فيمن عنده “
نزلت عليهم السكينة: هذا هو السلام النفسي الداخلي، غشيتهم – غطّتهم – الرحمة، حفّتهم – أحاطت بهم – الملائكة، وفوق كل هذا أثنى الله سبحانه وتعالى عليهم في الملأ الأعلى من الملائكة المقربين.
ما الذي أمرنا به في هذا الوقت؟ النبي صلى الله عليه وسلم قال ” من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدّم من ذنبه، ما معنى إيماناً؟ ربنا سبحانه وتعالى عظّم هذه الليلة بالقرآن، على قدر الإيمان والتعظيم للقرآن، وأخبرنا سبحانه وتعالى أنه يجعل هذه الأرض الضيّقة تتسع وتزدحم بالملائكة، بل إن جبريل عليه السلام نفسه، الذي كان ينزل بالوحي، ربنا سبحانه وتعالى ينزله فيمن ينزل من الملائكة، كأنه يعيد روح القرآن للأرض، ولذلك ربنا أفرده بالذكر وحده، طيب تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ بالسكينة والطمأنينة وجبريل؟ يجدد ذكرى الوحي فعلاً في الأرض بالنزول، ولذلك لابد أن يصاحب هذا السلام، لأن ربنا سبحانه وتعالى لا ينزل منه ولا من عنده إلا السلام في أقداره وأحكامه وآياته ليس منه إلا السلام سبحانه وتعالى، إذاً ” إيماناً ” بهذا وبحفوف الملائكة ووجودهم معنا وقربهم منّا، و ” احتساباً ” للأجر وللسلام.
أنت لماذا تصلي؟ تسأل ربنا أن يسلّمك في الأولى والآخرة، يعتق رقبتك من النار، يغفر لك ما سبق من الجناية، يمحو عنك ما سبق من الخطأ والخطل، عبر سنوات، ربنا سبحانه وتعالى يمنح هؤلاء المؤمنين المحتسبين الطالبين للسلام، يمنحهم السلام والسلامة والأمان في دنياهم وفي أخراهم لمن ينتظر هذا، ولذلك السيدة عائشة قالت يا رسول الله ماذا أقول، قال لها العفو، العفو، ليس شيء آخر، فهذا العفو مرده إلى ماذا؟ قلناه كثيراً، مرده إلى ماذا؟ إلى محبة ربنا للعفو، وهذه الجملة خطيرة غاية في الخطورة.
الآن هؤلاء أناس يصلون، وهؤلاء ليسوا نحن هؤلاء الصحابة، فهم طوال عمرهم يصلون، وفي رمضان يصلون يصلون، وفي ليلة القدر يصلوا يصلوا، فهل يتوسّلوا بالصلاة؟ لا لا يتوسّلون بشيء، ” اللهم إنك عفوٌ تحبُّ، تحبُّ العفو ” لأن هذا شيء ربنا سبحانه وتعالى يحبّه فنسأله أن يغمرنا به، فقط، لا نقول أننا صليّنا أو دعينا لا لا لا نهائي، نحن نسأل ربنا سبحانه وتعالى بمحبّته للبر وللإحسان وللمغفرة فقط ” اللهم إنك عفوٌ تحب العفو فاعف عنّا ” لم يقل لها أن تقول شيء آخر، هاتين الكلمتين فقط، فهذه الكلمات ما الروح التي يقدّموها، ما الإحساس الذي من المفترض أن أحسه وأنا أقول هذه الكلمات؟ أنني فقير أشد ما أكون إلى رحمة الله سبحانه وتعالى، وأن ربنا سبحانه وتعالى يرحم لأنه يحب أن يرحم، ليس لأننا مستحقين للرحمة، ليس لأننا مؤهلين للرحمة، يدخلنا في زمرة الغلابة لأننا غلابة، ليس لأننا نفعل شيء، لا لأننا غلابة، والذي يعتقد أنه يفعل شيء لا يفهم شيء، الذي يعتقد أنه يفعل شيء هو لا يفهم شيء، لأن – على فكرة – حتى إذا فعلنا شيء، فهذا الشيء بتوفيق الله، وبهداية الله، هو ربنا سبحانه وتعالى الذي ييسر مالم ييسره لغيرك، وهو سبحانه وتعالى الذي يمنّ ويتفضّل ويتقبل، وقلنا قبل ذلك في التوبة، هذه التوبة ربنا سبحانه وتعالى الذي يفتح بابها وهو الذي يتقبّلها ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا هم لم يفعلوا شيئاً، هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ وقلنا عن وليس من يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وبعد ذلك وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ فما علاقة وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ بـوَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ – احنا مضيعين خالص – يعني هو عياذاً بالله ليست مغفرة عدم دراية، لا هذه مغفرة مع الإحاطة، ” اللهم لك الحمد على حلمك بعد علمك، ولك الحمد على عفوك بعد قدرتك ” الحلم المبني على العلم، لأن مقتضى العلم أن نهلك وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِنْ دَابَّةٍ نحن كلنا نذهب، لا يتبقى أحد، مِنْ دَابَّةٍ ليس بني آدم، أي أحد يدب على الأرض وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ
– على فكرة – ربنا لا يحاسب أحد على ما يعمله ولا على عشر ما يعمله حتى، لن يبقى أحد، ولكن أين العظمة؟ الحلم بعد العلم، والعفو بعد القدرة.
إذاً الإيمان والاحتساب، الإيمان بهذه الآيات وبهذا التنزّل وبهذه الرحمات وبوجود هذه الملائكة التي لا نراهم يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ نحن لدينا يقين في هذا وهذا اليقين هو الذي يدفعنا إلى طلب السلام، احتساب الأجر من الله سبحانه وتعالى، هذا هو من المفترض الذي نسعى إليه، فمن يحقق هذا أو ربنا يمنّ عليه بهذا، هذا إن شاء الله هو الذي يرزقه ربنا السلام والأمن في الدنيا والآخرة لَهُمْ دَارُ السَّلَامِ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلَامِ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ تَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلَامٌ وَالْمَلَائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ
اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عنا
اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عنا
اللهم إنك عفو كريم تحب العفو فاعف عنا
اللهم إنك عفو كريم حليم عظيم تحب العفو فاعف عنا
اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عنا
اللهم ارحمنا فأنت بنا راحم ولا تعذّبنا فأنت علينا قادر والطف بنا يا مولانا فيما جرت به المقادير واختم بلنا بخاتمة السعادة أجمعين
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم