Generic selectors
المطابقات الدقيقة فقط
البحث في العنوان
البحث في المحتوى
Post Type Selectors
البحث حسب التصنيف
أحداث جارية
أسماء الله الحسنى
الأذكار
التلون
السيرة النبوية
القصص في القرآن
الكتب
بني آدم والشيطان
بني إسرائيل
تراجم
تربية
تربية
تفسير
جهد الغلبان في تبيان فضائل القرآن
خطب الجمعة
خطو خاتم الأنبياء ما بين اقرأ وإذا جاء
دروس
رمضان 1436هــ - 2015م
سلم الوصول إلى علم الأصول
عقيدة
غير مصنف
كتابات
كلمة التراويح
مسألة الرزق
من قصص كتاب التوابين
من هدي النبوة
مواسم الخير
هذه أخلاقنا

وقفات

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا.

إنه من يهدي الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمد عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ

يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا ۝يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا

ثم أما بعد: أعتذر مسبقاً عن خروج الكلمات ميتة فإنها تخرج في يومناً هذا من روح مختنقة، نبني خطبتنا اليوم على وقفات، الأولى حسنةٌ جميلة

قال المستورد القرشي رضي الله عنه وهو جالس عند عمرو بن العاص رضي الله عنه قال: تقوم الساعة والروم أكثر الناس،فقال له عمرو بن العاص رضي الله عنه: أبصر ما تقول، فقال: أقول ما سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال عمرو رضي الله عنه:  إن كان ما تقول فإن فيهم لخصال أربعة، إنهم لأحلم الناس عند فتنة وأسرعهم إفاقة بعد مصيبة وأوشكهم كرة بعد فرة وخيرهم لمسكين ويتيم وضعيف،وخامسةٌ حسنة جميلة،وأمنعهم من ظلم الملوك.

هذا المستورد رضي الله عنه يخبر خبراً أنه إذا قامت القيامة كانت أمة الروم أكثر أهل الأرض عدداً وأعظم أمم الأرض استقراراً ونفوذاً، فتعجب عمرو رضي الله عنه إذ من الواجب أن تكون أمة الإسلام هي أولى بذلك وأحق به،فقال له المستورد؛ إنني لم آتي بهذا من عند نفسي وإنما حديث سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم، أما وقد صار هذا الكلام حديثاً فلم يبقى إلا التسليم والقبول والإزعان لكننا نتوقف مع تحليل عمرو رضي الله عنه وتعليله، إن هذا الخبر لا يستدعي تحليلاً ولا تعليلاً هو خبر كبقية الأخبار التي أخبر عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم خبرٌ من أمور الغيب المستقبلية أنه إذا قامت القيامة كانت هذه الأمة هي أكثر أهل الأرض عدداً وقوة.

لكن عمرو رضي الله عنه بما وعاه من كتاب الله ومن سنن الله عز وجل  في الخلق علم أن السيادة والرفعة في هذه الدنيا إنما تبنى على سنن وأسباب وقوانين،فنظر إلى واقع هؤلاء فاستخرج منها هذه الخصائص وهذه الصفات التي تكفل لأمة من الأمم أن تكون لها البقاء وأن تكون لها القوة وأن تكون لها السيادة.

ولا يفوتنا في هذا الموقع أن ننوه وأن ننبه على فضل العلم وفهم وفطنة وفقه أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنه إنما يقع في قلوبنا حين يذكر أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلمقوة الإيمان والتضحية والبذل والفداء لدين الله عز وجل وهذا كله صحيح لا مرية فيه لكنه لم يكن الأمر متوقفاً عند مجرد ذلك بل هم في الفهم والفقه لسنن الله عز وجل  في الأمم والمجتمعات ؛فهمهم وفقههم لأمور السياسة والإدارة والحكم والإستراتيجية والدبلوماسية التي بمجرد أن نطالع سيرهم وكيف أداروا هذه المناطق الشاسعة التي فتحوها والتي ورثوا فيها دولاً كدول فارس والروم فغيروا في هياكلها ومؤسساتها في وقت وجيزٍ ليس له مثيل ؛فدل ذلك على مالهم من علمٍ وفطنةٍ وخبرة تعلموها من هدي القرآن ومن رسول الله صلى الله عليه وسلم فها هو عمرو رضي الله عنه يعطينا تحليلاً مسبقاً كان قد حلله لواقع هذه المجتمعات ولواقع هذه الأمم ولذلك من دون أن يفكر أعطانا هذه النقاط،

قال: فإن كان كما تقول فإنهم :لأحلم الناس عند فتنة: إذا وقعت الفتن واضطربت الأمور تعاملوا بالهدوء والتؤدة والتعقل والتبصر،وخططوا لإخماد الفتن وللخروج من هذه المأزق والمضايق، لم يتعاملوا بالفوضوية والعشوائية والتسرع والتعجل الذي هو في أصل طبيعة الإنسان،

ثم ذكر خصيصةً ثانية فقال إنهم أسرع الناس إفاقة بعد مصيبة، هم كغيرهم من الأمم والمجتمعات تصيبهم المصائب والنكبات والكوارث التي تصيب بقية الناس لكنهم يمتازون عن غيرهم أنهم يستطيعون سريعاً أن يستفيقوا من صدمتهم وأن يعيدوا ترتيب أوراقهم وأن يعالجوا ما نزل بهم من كوارث ومن بلايا.

ثم ذكر رضي الله عنه خصيصة ثالثة، قال: أوشكهم كرة بعد فرة :إذا دهمهم عدو لا يكونوا على استعدادٍ على استعداد لمواجهته أو كان أقوى منهم في هذا الوقت أو في هذه اللحظة فإنهم سرعان ما يفيقون فيعيدون الكرة على عدوهم فيستردوا ما فقدوا،

ثم ذكر تكافلهم فيما بينهم قال :إنهم خيرهم لمسكين ويتيم وضعيف، ثم أضاف رضي الله عنه خصلة أخرى قال :وخامسة حسنة جميلة ؛وأمنعهم من ظلم الملوك،

إذن عدم ظلم حكامهم لهم ليس فضيلةً أو منحةً من هؤلاء الحكام وليس شيئاً يمدحون به ويثنى عليهم به وإنما إن هذه الأمم وهذه الشعوب تمنع هؤلاء من أن يستطيلوا ومن أن يظلموا ومن أن يجوروا،فهم لا يقبلون هذا الاستعباد وهذا الاستبداد، ولا يسلمون لطاغيةً مستبد ولا يسلمون أمورهم لمختلٍ يقودهم إلى حيث الردى،بخلاف ما أخبر الله عز وجل  عنهم فقال فَاتَّبَعُوا أَمْرَ فِرْعَوْنَ وَمَا أَمْرُ فِرْعَوْنَ بِرَشِيدٍ۝يَقْدُمُ قَوْمَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ هذا إمامهم يَقْدُمُ قَوْمَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَأَوْرَدَهُمُ النَّارَ وَبِئْسَ الْوِرْدُ الْمَوْرُودُ۝وَأُتْبِعُوا فِي هَذِهِ لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ بِئْسَ الرِّفْدُ الْمَرْفُودُ

فإذن هو يتكلم عن خصائص شعب من الشعوب،صفات أمة من الأمم، هذه الخصائص و الصفات لهذه الأمة هي التي تكفل لهم هذه الكثرة وهذه السيادة ومن هذه الخصائص أنهم يمنعون حكامهم من أن يظلموا،فإذا صارت هذه هي خصيصة أمةٍ وصفة شعبٍ لم يستطع حاكم كائناً من كان أن يستبدّ أو أن يطغى أو أن يسوس هؤلاء بما لا يريدون وبما لا يحبون، هذه هي الأولى.

الثانية: مَا زَادَهُمْ إِلَّا نُفُورًا قال الله عز وجل  وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِنْ جَاءَهُمْ نَذِيرٌ لَيَكُونُنَّ أَهْدَى مِنْ إِحْدَى الْأُمَمِ فَلَمَّا جَاءَهُمْ نَذِيرٌ مَا زَادَهُمْ إِلَّا نُفُورًا ۝اسْتِكْبَارًا فِي الْأَرْضِ وَمَكْرَ السَّيِّئِ وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا سُنَّتَ الْأَوَّلِينَ فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَبْدِيلًا وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَحْوِيلًا اللهسبحانه وتعالى يخبر عن هؤلاء القوم أنهم أخذوا عهوداً ومواثيقاً وأقسموا بالله عز وجل بأيمان مغلظة أنهم إذا منّ الله عز وجل  عليهم بنعمة الرسالة أنهم يكونون على حال من الإيمان والاستقامة أهدى من هذه الأمم الضالة أمم اليهود والنصارى الذين كانوا يرونهم على شرك وضلال وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِنْ جَاءَهُمْ نَذِيرٌ لَيَكُونُنَّ أَهْدَى مِنْ إِحْدَى الْأُمَمِ ثم فَلَمَّا جَاءَهُمْ نَذِيرٌ مَا زَادَهُمْ إِلَّا نُفُورًا ۝اسْتِكْبَارًا العلة فِي الْأَرْضِ وَمَكْرَ السَّيِّئِ وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ

يخبر سبحانه وتعالى عن أقوام طلبوا نعمة ومنّة أو امتن الله عز وجل  عليهم بنعمة ومنّة كان الواجب عليهم أن يشكروا هذه النعمة ويحفظوا هذه المنّة لكنهم فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْكَافِرِينَ

وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آتَانَا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ ۝فَلَمَّا آتَاهُمْ مِنْ فَضْلِهِ بَخِلُوا بِهِ وَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ ۝فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقًا فِي قُلُوبِهِمْ إِلَى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِمَا أَخْلَفُوا اللَّهَ مَا وَعَدُوهُ وَبِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ ۝أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ وَأَنَّ اللَّهَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ يخبر الله عز وجل  عن عبدٍ من العباد أنه طلب من الله عز وجل  أن يوسّع عليه رزقه وأن يعطيه مالاً وفيراً وعاهد ربه  عز وجل  أن يوظّف هذه النعمة وأن يشكر هذه المنّة بأن يوظّف هذا في طاعة الله عز وجل  وفي رضوانه،فينفق في سبيل الله هكذا، وهكذا، وهكذا، فلما امتنّ الله عز وجل  عليه بخلوا به وتولوا وهم معرضون فكانت عاقبتهم، فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقًا فِي قُلُوبِهِمْ إِلَى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِمَا أَخْلَفُوا اللَّهَ مَا وَعَدُوهُ وَبِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ أَلَمْ تَرَ إِلَى الْمَلَإِ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى إِذْ قَالُوا لِنَبِيٍّ لَهُمُ ابْعَثْ لَنَا مَلِكًا نُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ قَالَ هَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ أَلَّا تُقَاتِلُوا قَالُوا وَمَا لَنَا أَلَّا نُقَاتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَقَدْ أُخْرِجْنَا مِنْ دِيَارِنَا وَأَبْنَائِنَا فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ تَوَلَّوْا إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ

قال الله تبارك وتعالى مخاطباً المؤمنين في أعقاب غزوة أحد وهو يعاتبهم على ما وقع منهم أنهم كانوا قبل ذلك يتمنون الشهادة في سبيل الله فلما جاءتهم وَلَقَدْ كُنْتُمْ تَمَنَّوْنَ الْمَوْتَ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَلْقَوْهُ فَقَدْ رَأَيْتُمُوهُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ وقال تعالى وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللَّهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ حَتَّى إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَعَصَيْتُمْ مِنْ بَعْدِ مَا أَرَاكُمْ مَا تُحِبُّونَ مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الْآخِرَةَ ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ وَلَقَدْ عَفَا عَنْكُمْ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إن الله  عز وجل  لا يخلف الميعاد، إذا صدق العبد عهده مع الله،صدق الله  عز وجل  عهده ووعده معه، هو سبحانه وتعالىيقول وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللَّهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ تحصدونهم حصدا، ثم إنما وقع التغيير والتبديل والانحراف منّا ليس هذا نقضاً من الله عز وجل  لعهده وحاشاه سبحانه حَتَّى إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَعَصَيْتُمْ اتجاهات وأحزاب، كلٌ له غاية،كلٌ له غرض، يخبط هذا في هذا، يبحث هذا عن مصلحته، يبحث هذا عن مصلحته، ونسوا جميعاً فضل الله عز وجل  ومنّته، بل نسوا هؤلاء الناس الذين أعطاهم هذه الفرصة الذين ضحّوا بأنفسهم في سبيل هذه الحرية،وأعطاهم مقاليد أمورهم لكي يحفظوا هذا الفضل ويحفظوا هذه الأمانة حَتَّى إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَعَصَيْتُمْ مِنْ بَعْدِ مَا أَرَاكُمْ مَا تُحِبُّونَ مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الْآخِرَةَ ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ مبيشفش، لايراهم،هذا الوصف الذي أخبر الله عز وجل  عنه وقد ذكرناه قبل ذلك على هذه الأعواد أيضاً، أنهم حينما فرّ هؤلاء المشركون من أمامهم اتّبعوهم يجمعون المغانم وخالف عامة الرماة أمر رسول الله فنزلوا يجمعون المغانم،ثم يلتفت خالد رضي الله عنه إلى هؤلاء وقد أخلوا مكانهم على الجبل فيعود بخيله فيدور من ورائهم، يقول الله عز وجل ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْهو قادم هو وجهه في وجوههم وهم يرونه،هو يلتف هكذا، هو لا يلتف من وراء حائط، هذا كله في منطقة مكشوفة ؛يعني المفترض أن يكونوا رأوه وهو يلتف، هو هنا هذا هو، لألأ، هم لا يرونه، هم يرون الغنائم وفقط،هي المغانم هذه فقط اللي ينظرون إليها، لا يرونه، هذا هو، ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ وَلَقَدْ عَفَا عَنْكُمْ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ

الوقفة الثالثة وبيع الحكم حديث حدثه رسول الله صلى الله عليه وسلم تكلمنا عنه هنا مرة أو مرتين،حديث عابس الغفاري رضي الله عنه عند الطبراني في معجمه قول رسول الله صلى الله عليه وسلم بادروا بالأعمال ستاً -أكثروا بالأعمال الصالحة قبل مجيء ست خصال وست ويلات- إمرة السفهاء،كثرة الشرط، بيع الحكم، استخفاف بالدم،قطيعة الرحم، ونشواً يتخذون القرآن مزامير يقدمون أحدهم ليغنيهم وإن كان أقلهم فقهاً يخبر صلى الله عليه وسلم عن تبدل الأحوال في ظلّ منظومة متكاملة من ست عناصر مرتبطة يأخذ بعضها بحجة بعض.

الأولى أن يكون الأمراء سفهاء،الثانية: أن تكثر الشرط، لأنهم لا يمكن لهؤلاء أن يحفظوا وأن يبقوا سلطانهم إلا بهذه القوة التي تحميهم،ثم يدعمون ذلك ببيع الحكم؛ وجود الرشوة والفساد في الجهاز القضائي.

الرابعة:الاستخفاف بالدم، اللا مبالاة بدماء الناس،قطيعة الرحم، ثم ذكر صلى الله عليه وسلمسادسة هي بمثابة العلة لكل هذه الآفات، هي بعد الناس عن كتاب ربهم عز وجل  وليتهم لما بعدوا عنه،بعدوا عنه كليةً لكي يدركوا نقصهم ويدركوا أنهم متنكبون لسبيل ربهم، لأ، هم يتخذون القرآن مزامير، يعني إذن القرآن بين أيديهم يقرأونه ويستمعونه ويطربون لكنهم لا يتدبرون ولا يفقهون وبالتالي لا يتعظون ولا يعملون، ونشواً: جيل ينشأ، يتخذون القرآن مزامير: أصوات؛ أصوات جميلة حسنة يطرب لها وتسر بها آذاننا ولكن لا تعي قلوبنا، كما أخبر صلى الله عليه وسلمعن الخوارج، قال يقرأون القرآن لا يجاوز تراقيهم، مبيعديش دول، هو هنا فقط، لكنه إذا وقع في القلب أثر، يقدمون أحدهم يغنيهم وإن كان أقلهم فقها فإذن أخبر صلى الله عليه وسلم في جملة ما أخبر أن الحكم والقضاء يعتريه ما يعتري غيره من فساد، وهذا هو الأمر الطبيعي، فهؤلاء ناس من الناس ليسوا معصومين يعتريهم ما يعتري غيرهم، الأنبياء فقط هم المعصومون، قال صلى الله عليه وسلم كل ابن آدم خطّاء وخير الخطائين التوابون

لماذا يقرّ الناس بفساد وخلل في كل مكان ماعدا هذا المكان، ثم إن الخلل في هذا المكان لا يلزم منه أن يكون خللاً في أشخاص هؤلاء الناس وإنما،وهو الأخطر والأسوء أن يكون خللاً في القانون الذي يستند إليه هؤلاء الناس،

هو ربما يطبق ما وضع له، يطبقه بحذافيره لا ينحرف عنه ولا يؤول ولا يغير ولا يبدل،لكن لابد أن ننظر في هذا الشيء الذي يستند إليه خاصة إذا كان هؤلاء الذين يكثرون على الكلام عن قضية النزاهة،إذا كان هؤلاء ممن يقرأون كتاب الله عز وجل  وممن يعلمون أنه لا يسوغ في دين الله عز وجل  إلا أن يكون الحاكم للناس والمشرع للناس هو ربّ الناس تبارك وتعالىوأنه لا شرعية لنظام ولا لقانون لا يستمدّ أصوله ولا يرجع إلى حكم الله عز وجل  وإلى كلامه، قال الله عز وجل أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ هذه الكلمات هي التي حذر الله عز وجل منها فقال وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ وقال وَإِنْ كَادُوا لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ لِتَفْتَرِيَ عَلَيْنَا غَيْرَهُ وَإِذًا لَاتَّخَذُوكَ خَلِيلًا ۝وَلَوْلَا أَنْ ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلًا   إذن إذا فعلت   إِذًا لَأَذَقْنَاكَ ضِعْفَ الْحَيَاةِ  عذاب في الدنيا   وَضِعْفَ الْمَمَاتِ ثُمَّ لَا تَجِدُ لَكَ عَلَيْنَا نَصِيرًا وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ ۝ لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ هذا الكلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم وحاشاه وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ ۝ لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ۝ ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ ۝فَمَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ  ألا تقوم بحق الله  عز وجل  عليك ولا تلتزم بأمر الله عز وجل  الذي قال لك فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ حينئذٍ تفقد أصلك الذي تستند إليه، وتفقد أيضاً احترام الناس لك، فتذهب غير مأسوفٍ عليك،

إن أعداء رسول الله صلى الله عليه وسلم كانوا يعادونه نعم، لكنهم كانوا يجلّونه ويحترمونه في قرارة أنفسهم، هم يعادونه لأنه يناقد مصالحهم وأهوائهم وشهواتهم لكنهم كانوا في دخيلة أنفسهم يعترفون له بالفضل والفضيلة.

فأهل الحق حتى إذا عاداهم أعداؤهم لكنهم يعرفون لهم استقامتهم،يعرفون لهم التزامهم بحقّهم،يعرفون لهم أنهم لا يغيّرون ولا يحرفون ولا يبدّلون ولا يطمعون في مطمعٍ من أطماع الدنيا، قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ

لما تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم أم حبيبة رضي الله عنها بنت أبي سفيان، بعدما ارتد زوجها في الحبشة،قيل لأبي سفيان إن محمد قد نكح ابنتك،وكان أبو سفيان إذ ذاك أكبر أعداء رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما قيل له ذلك قال هو الفحل لا يجدع أنفه هو يتكلم عن ألدّ أعدائه هو رجلٌ لا عيب فيه ولا نقص فيه، بل نتشرف نحن إذا نكح ابنتنا وهو عدوه اللدود، قال هو الفحل لا يُجدع أنفه.

أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم

الحمد لله رب العالمين،

الوقفة الرابعة، الآن الآن جاء القتال.

في سنن النسائي عن سلمة بن القيم الكندي، قال :كنت جالساً عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ جاءه رجل فقال :يا رسول الله أزال الناس الخيل ووضعوا السلاح وقالوا لا جهاد، قال: وضعت الحرب أوزارها.

بعدما استقرت الأمور لرسول الله صلى الله عليه وسلم في جزيرة العرب فأقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم بوجهه وقال : كذبوا،الآن الآن جاء القتال،ولا تزال من أمتي أمة يقاتلون على الحق ويزيغ الله عز وجل  قلوب أقوامٍ فيرزقهم منهم حتى تقوم الساعة وحتى يأتي أمر الله والخيل معقودٌ في نواصيها الخير إلى يوم القيامة

هم يتحدثون، أو يتحدث الناس عن ضياع ثورة وذهاب فرصة، وأزعم أن هذا سوء فهم لمعنى الثورة،

الثورة:ليست مجرد حركة على أرض يتحركها أناس نجحوا أو فشلوا، الثورة بالأساس هي تغيير في بنية تغييرٌ في فكر، تغييرٌ في رؤية، إن بقي هذا قائماً فالإصلاح والتغيير آتٍ بإذن الله لا محالة،وإن لم يكن، فلم يكن في البداية ثمَّ ثورة، القضية أن يعيَ الناس حقّهم، لقد تكلمنا منذ قليل عن قول عمرو رضي الله عنه وأمنعهم من ظلم الملوك إذاً هو أسند الأمر إلى الناس، أنهم يعلمون أن لهم حقّاً،يعلمون أن الله عز وجل  قد كرمهم،يعلمون أن دين الله عز وجل  يرفض الاستبداد والاستعباد فهم حريصون على حقهم وعلى ألا يفرطوا في حقّهم وعلى أن يطالبوا بحقهم،

فإذا كانوا كذلك لم يكن لبشر كائناً من كان أن يسلبهم هذا الحق فليس ثم فرصة ضائعة، فإن كان ثمّ فرصة ضائعة،فإذن نحن لم نفعل شيئاً،

القضية الأساس هي أن يدرك الإنسان أن الله عز وجل  في عليائه قد كرمه وجعله عبد لله عز وجل  وحده فيأبى إلا أن يعيش هذه الحياة، فإذا شاء ذلك وأراده استعان بربه وأصرّ على هذا حينئذٍ لا يملك أي إنسان إلا أن يخضع لإرادة الله عز وجل  ولحكمه ولما يريده هؤلاء الناس الذين شاؤوا لنفسهم ألا يكونوا عبادً إلا لله، فإذا لم يكن الأمر كذلك،ولم تكن الرؤية كذلك ولم يدرك الإنسان معنى الإنسانية ولم يدرك الإنسان معنى الكرامة، ولم يدرك الإنسان أن له حقّاً، حينئذٍ لم يكن ثمّ أمر حقيقةً ليس هناك شيء نبكي عليه أو شيء نقول إنه قد فات،

النقطة الأخيرة خمس بخمس قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما رواه الطبراني عن ابن عباس قال،قال رسول الله صلى الله عليه وسلم خمسٌ بخمس، قيل :يا رسول الله وما خمسٌ بخمس، فقالصلى الله عليه وسلم: ما نقض قومٌ العهد إلا سُلط عليهم عدوهم.

مخالفة يعقبها عقوبة، ما نقض قومٌ العهد عهدهم مع الله عز وجل   إلا سُلط عليهم عدوهم،ولم يحكموا بما أنزل الله إلا فشى فيهم الفقر  إذا نحّوا كتاب الله عز وجل  جانباً أصابهم حينئذٍ الفقر والعيّ، وما طففوا المكيال إلا منعوا النبات وأُخذوا بالسنين ولا فشت فيهم الفاحشة إلا فشى فيهم الموت وما منعوا الزكاة إلا حُبس عنهم القطر.

هذه علل خمس لمصائب خمس يخبر عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم وينبه عليها،وبالتالي لا تزول العقبات الخمس إلا إذا زالت الأسباب الخمس.

وعند ابن ماجة والبزار والبيهقي من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال : أقبل علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال يا معشر المهاجرين خمسٌ خصال إذا ابتليتم بهن وأعوذ بالله أن تدركوهن، ما فشت الفاحشة في قومٌ حتى يعلنوا بها إلا فشى فيهم الطاعون والأوجاع التي لم تكن في أسلافهم الذين مضوا، ولن ينقصوا المكيال والميزان إلا أُخذوا بالسنين _قحط_ وشدة المؤونة _شدة ظروف الحياة وضيقها وضنكها_ وجور السلطان عليهم،وما منعوا زكاة أموالهم إلا منعوا القطر من السماء ولولا البهائم لم يمطروا ولم ينقضوا عهد الله وعهد رسوله إلا سلّط عليهم عدواً من غيرهم فأخذ بعض ما في أيديهم،وما لم تحكم أئمتهم بما أنزل الله إلا جعل الله بأسهم بينهم

إننا وللأسف لم نقدر حقّ هذه النعمة التي امتنّ الله عز وجل  علينا بها،هذه الكلمات كلمات رسول الله صلى الله عليه وسلم سطّرها الصحابة، سطّرها العلماء في هذه الكتب التي بين أيدينا منذ قرونٍ طويلة مضت، لكننا للأسف لا نلتفت إليها لا نعتبر بها ونحن مع ذلك مسئولون عنها أمام الله عز وجل  إذ بيّن لنا سبحانه وتعالى كل شيء،بيّن لنا محل الخطر وبيّن لنا المخرج، بيّن لنا أسباب الفتن، وبيّن لنا المأمن منها، فصّل لنا كل شيء وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ

قال أبو ذر رضي الله عنه فيما رواه الطبراني لقد تركنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وما من طائر يحرك جناحيه في السماء إلا أذكرنا منه علماً،

قال صلى الله عليه وسلم تركتكم على البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها بعدي إلا هالك

اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه

اللهم ارفع مقتك وغضبك عنا، ولا تؤاخذنا بما فعلنا ولا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منا، ولا تسلط علينا بذنوبنا من لا يخافك ولا يرحمنا،

اللهم اجعل القرآن العظيم ربيع قلوبنا ونور صدورنا،ذهاب همومنا وجلاء أحزاننا،اللهم ذكرنا منه ما نسينا،وعلمنا منه ما جهلنا وارزقنا تلاوته آناء الليل وأطراف النهار على الوجه الذي يرضيك عنا

اللهم اقسم لنا من خشيتك ماتحول به بيننا وبين معصيتك، ومن طاعتك ما تبلغنا به جنتك، ومن اليقين ما تهون به علينا مصائب الدنيا، متعنا اللهم بأسماعنا،وأبصارنا، وقوتنا، أبداً ما أبقيتنا، واجعله الوارث منا واجعل ثأرنا على من ظلمنا، وانصرنا على من عادانا، ولا تجعل مصيبتنا في ديننا، ولا تجعل الدنيا أكبر همنا، ولا مبلغ علمنا، ولا تسلط علينا بذنوبنا من لا يخافك فينا ولا يرحمنا، ولا تجعل اللهم إلى النار مصيرنا، واجعل اللهم الجنة هي دارنا

اللهم بعلمك الغيب وقدرتك على الخلق، أحينا ما علمت الحياة خيراً لنا وتوفنا إذا كانت الوفاة خيراً لنا

اللهم إنا نسألك خشيتك في الغيب والشهادة، وكلمة الحق في الغضب والرضا،والقصد في الفقر والغنى ونسألك نعيمً لا ينفد،وقرة عينٍ لا تنقطع، ونسألك لذة النظر إلى وجهك الكريم والشوق إلى لقائك في غير ضراء مضرة ولا فتنة مضلة،

اللهم زيّنا بزينة الإيمان وجعنا هداةً مهتدين،اللهم اجعلنا هداة مهتدين، غير ضالين ولا مضليين،اللهم اجعلنا هداة مهتدين، غير ضالين ولا مضليين،

اللهم إنا نسألك حبك وحب من يحبك وحب كل عملٍ يقربنا إلى حبك

أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم