الحمد لله رب العالمين، الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجًا قَيِّمًا لِيُنْذِرَ بَأْسًا شَدِيدًا مِنْ لَدُنْهُ وَيُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا حَسَنًا مَاكِثِينَ فِيهِ أَبَدًا
الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَلَهُ الْحَمْدُ فِي الْآخِرَةِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ الرَّحِيمُ الْغَفُورُ
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم،
كنا في حديث عن رب العالمين، وذكرنا أن معنى هذه الكلمة العظيمة أنه سبحانه وتعالى هو الخالق الواهب المالك لهذا الكون بمن فيه وما فيه، وهو سبحانه وتعالى المدبر القيّوم القائم على كل نفس بما كسبت، الذي يدبّر أمر هذه الخلائق جميعاً وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلَا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ وهو سبحانه وتعالى المربي لعباده بنعمه يغزوهم ويمدّهم بها شيئاً بعد شيء، يرقّيهم بها ويرفعهم وهو سبحانه وتعالى السيّد في هذا الكون الذي كل المخلوقات خاضع لأمره منقاد لإرادته سبحانه وتعالى أَفَغَيْرَ دِينِ اللَّهِ يَبْغُونَ وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ
ثم ذكرنا أننا نقف وقفةً مع الجحود الذي يسمّيه الناس إلحادًا، أن يجحد العباد ربهم، يجحدون فضله وقدرته ورحمته ونعمته، بل يجحدون وجوده ويسندون هذا الكون بما فيه ومن فيه إلى غير شيء خلقاً وإيجاداً وتدبيراً ورزقاً وإحياءً وإماتةً ونفعاً وضرّاً؛ يسندون كل هذا إلى اللا شيء إلى المجهول الذي يعدّونه عدماً،
فنحن نقف وقفةً مع المعتقد.
بدايةً إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد قال فيما رواه أبو هريرة رضي الله عنه في الصحيح وذكرناه كثيرًا لأنه أصلٌ من الأصول العظيمة وعمودٌ من أعمدة الدين، إن فهم حقيقة هذا الدين، وفهم غايته ومقصده ورسالته إنما يتوقّف على فهم مجموعة من الأمور وعديد من المعاني التي تتآلف وتتداخل، فأول هذه المعاني وأعظم هذه المعاني أن الله سبحانه وتعالى قد فطر عباده على معرفته وعلى التوجّه إليه وعلى عبادته،
وقلنا إن معنى الفطرة هو الشيء الذي يولد الإنسان وهو مستقرٌّ في وجدانه منّةً ونعمةً وفضلاً من الله تبارك وتعالى لا يحتاج من الإنسان لا إعمال ذهن ولا إلى تفكّر ولا إلى بحثٍ ولا إلى نظر، والله سبحانه وتعالى إنما يمنُّ بهذه المنن على عباده فيما يفترون إليه وفيما يحتاجون إليه حاجة ضرورية، لا يمكن أن يستغنوا عنه، فهو سبحانه وتعالى يكفيهم مؤنة البحث أو النظر أو التفكّر أو احتمال الضلال، قال صلى الله عليه وسلم “كل مولودٍ” بصيغة العموم المطلق الذي لا يعتريه استثناء، أي شخص، “كل مولود يولد على الفطرة” قال تعالى مفسّرًا أصل الفطرة فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ فجعل الله سبحانه وتعالى هذه الفطرة في صلب وفي أصل خلق الله سبحانه وتعالى الذي برأ عليه العباد، “كل مولود يولد على الفطرة” الفطرة:هي الصورة السويّة بدون تشوّهات نفسيّة، بدون انحرافات وبدون التواءات يولد على الفطرة، ثم يأتي التشويه من قبل البيئة، يأتي التشويه من قبل البيئة المحيطة، فأبواه يهودانه أو ينصّرانه أو يمجّسانه، ثم قال صلى الله عليه وسلم “كما تولد البهيمة بهيمة جمعاء هل تحسّون فيها من جدعاء” الجدعاء: التي تكون أذنها مقطوعة أو أنفها مقطوعة،فما معنى جمعاء: التي تكون مجتمعة الخلق، سويّة يأتي التشويه من قبل الإنسان، فلماذا يشوّه الإنسان، يقول لك: لكي أجعل لها علامة، يوجد ألف شيء يصنع لكي يكون علامة!!! فهو سوف يقطعها لكي تكون علامة، فهو يظنّ وهو يفسد ويشوّه أنه يحسن صنعاً فأبواه يهوّدانه، يهودانه معناها ومآلها إلى انتقاص الرب سبحانه وتعالى وضعف أو ترك تعظيمه، يعني: خلاصة التهويد كمعتقد، لأن (يهودانه) هذه هي ليست مجرّد جملة، هذه الكلمة لها دلالة، سوف توصل إلى أي شيء؟ انتقاص الرب سبحانه وتعالى وترك وضعف تعظيمه،
(أو ينصّرانه) الشرك بالله، رفع المخلوق لكي يكون سميّاً لرب العالمين سبحانه وتعالى، طب يمجّسانه ينسبان التأثير لهذا الكون وفي هذه الحياة إلى غيره تبارك وتعالى،
إذاً الصور الموجودة هذه هي صور التحريف التي تقع في فطرة الإنسان ليس فيها إلغاء وجود الرب، ولذلك قال تعالى قَالَتْ رُسُلُهُمْ أَفِي اللَّهِ شَكٌّ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَدْعُوكُمْ لِيَغْفِرَ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ إذاً أصل مسألة الجحود هذه ليست موجودة، يعني فكرة أن الإنسان يعتقد حقيقةً أنه ليس رب هذه ليست موجودة، ولذلك هي ليست قضيّة عقلية هنناقشها، هذه أزمة نفسيّة محتاجة أن تعالج، لابد أن نعرف هذا من أين يأتي؟ وما الذي يجعل الإنسان يفعل هذا؟ وهذا كيف يعالج؟ ولذلك ذكرنا في المرة الماضية قول الله سبحانه وتعالى وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قلنا هذا أين كان؟ هذا قبل ما نأتي نحن، هذا بعد خلق الله سبحانه وتعالى لخلق آدم عليه السلام، فأخرج من ظهره ذريّته كلهم إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها كأمثال الذر، ونثرهم، ثم ساءلهم جميعاً وأسمعهم جميعاً وخاطبهم جميعاً، قال أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ أَوْ تَقُولُوا إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِنْ بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ لإبطال صورتين من صور الاعتذار: الغفلة: أنني لم أكن منتبه، أو تأثير البيئة في الإضلال، هاتان لا يؤثران في قضية معرفة الإنسان أو احساس الإنسان بوجود الله وبحثه عن الله وحاجته إلى الله لأن هذه شيء في الفطرة،
فما هو دور الشيطان؟ أن يفسد الفطرة وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ نحن قلنا فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ إذاً تغيير خلق الله تغيير أصل بنية الإنسان النفسيّة وتشويهها.
إذا كان هناك إنسان يزعم أنه لا رب أو يجحد رب العالمين سبحانه وتعالى ماذا يحدث بعد ذلك؟ ما الذي يترتب على هذا؟ نريد أن نتخيّل الآن إنسان يعتقد أنه ليس هناك ربنا؟
إذاً ما الذي يترتب على ليس هناك رب؟ نحن نريد أن نفرّق بين نموذجين للبشر: واحد يعتقد بأن له رب هو رب العالمين سبحانه وتعالى، وواحد بيعتقد أنه ليس له رب.
هذا عن هذا في ماذا يفرق في الحياة الفرق قريب ولا بعيد، وأثر الكلام هذا على نفسيّة الإنسان وعلى حياة المجتمع؟ وما الذي يوصل بالإنسان إلى هذا؟
إننا نتحدث عن أمور منافية للفطرة التي فطر الله عليها الإنسان، ولذلك الإمام أبو حنيفة جاءه قومٌ يسمّون السمليّة، هذه طائفة في الهند كانت تعبد الأصنام، وتؤمن بالتناسخ، وتنكر أن العلم تأتي عن طريق الإخبار، يعني قضيّة الرسل والرسالات هذا الكلام غير موجود، العلم لابد أن يكون مردّه الحواس، إذاً هذا الكلام قديم وليس حديثاً، أن إنكار كل ما وراء المحسوس فهم جاءوا لأبي حنيفة باعتبار أنه رجل من عظماء العلماء يريدون أن يناظروه، فقال لهم أعطوني يوم أو يومين لأني مشغول بموضوع، فذهبوا ثم عادوا، فقالوا له: ما الخبر، قال لهم: يوجد موضوع شاغلني جداً وأنا لا أستطيع أن اركّز، قالوا: ما الموضوع؟، قال لهم: يوجد أناس قالوا لي أنه هناك سفينة تعبر البحار وتأتي ببضائع تحملها من مكان ثم تلقيها في مكان وهكذا ذاهبة آيبة، لا لها قائد ولا لها عمّال أو حمّالين، فقالوا له: أنت تفكّر بهذا -أنت بتتكلم بجد أنت تفكر بهذه الأشياء- قال لهم: نعم، قالوا إذاً فليس لك عقل، -احنا جايين لواحد كبير أوي هنناظره ده أنت واضح إن أنت بلاطة خالص ايه اللي أنت بتقوله ده، مركب ايه يا عم- قالوا: أن هذا شيء غير معقول لأنه لابد لهذه المركب من قائد ومن شخص يحمل و شخص يضع، قال لهم: -أنتم مش جي معاكم كده- خير
السماوات والأرض والنجوم والجبال والشجر والدواب والناس والجن كل هؤلاء هكذا، فهم تفكروا -هل أنا المجنون، هل أنا المجنون؟؟
ولذلك مثلما قلنا هذه قضية غير منطقيّة تناقش، قال الله تبارك وتعالى أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ لابد أن يكون هكذا، إما أن نكون نحن بدون موجد، كل هذا الخلق العظيم هذا هكذا، أم نحن أوجدنا أنفسنا، هذا نحن، فالذي أعظم مننا وسابق علينا أَمْ خَلَقُوا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بَلْ لَا يُوقِنُونَ مَا أَشْهَدْتُهُمْ خَلْقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَا خَلْقَ أَنْفُسِهِمْ وَمَا كُنْتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُدًا
فإذاً هذا ليس موضوعاً منطقيّاً سنناقشه، فما الذي يجعل الإنسان أن يفعل هذا؟ ما الذي يوصّل الإنسان لهذا؟ ما الذي يجعل الإنسان يجحد ربنا سبحانه وتعالى؟ وما أثر هذا على الإنسان؟ هننتقل إلى ما وراء المتوسط. مضطرين، وسنضطر نرجع عديد من القرون وراء سريعاً.
سنجد بنيان في روما يسيطر على الحياة الدينية هناك، هذا البنيان المسيطر على الحياة الدينية يحتكر العلم ويحتكر الفهم، ويحتكر التحدث باسم الإله،
ثم جاء هؤلاء فدوّنوا في كتبهم تصورات عن الكون والخلق والإنسان والحياة والأرض….
فما الذي يجعل شخص يفعل هذا، الآن أنا أتكلم في الدين هذه مفهومة، ما علاقة هذا بأصل الخلق ورأس الثور والأرض…… ما الذي يجعل شخص.. ولكن بما إنني رجل دين فأنا أتكلم في كل شيء وأفتي في كل موضوع،
فأنا ممكن أفتي هكذا، أكتب أيضاً!!!! فجاء أناس يبحثون فرأوا أن الأمر خلاف ما نقل إليهم، وماذا بعد؟
هذه هرتقة وهؤلاء كفّار ، وماذا بعد، حرق وقتل لهؤلاء الناس،
فهل هذا وأد هذه الحركة هل هذا الأسلوب سيأد هذا العلم الذي ينمو؟ بالعكس،، يزداد الأمر قوةً ويزداد هؤلاء عناداً وإصراراً على ما هم عليه، ولذلك استمرّت الأبحاث وأصبحت حقائق تتسم باليقين،
إذاً كل ما يناوئها باطل ومع هذا بدأنا نفتّش في أخبار وأحوال هؤلاء وجدنا فساداً عريضاً، مالي وديني وأخلاقي إذاً الدين عقبة في طريق التقدّم، الدين ينابذ ويحارب العلم ويحارب تقدّم الإنسان.
وإذا نحن رجعنا لسفر التكوين، وتكلّمنا على هذا زمان، إذا رجعنا لسفر التكوين ورجعنا لعلاقة الله بالإنسان أو علاقة الرب بالإنسان، الرب يريد الإنسان جاهلاً لا عالماً ولماذا قال له لا تأكل من الشجرة؟ الشجرة هذه في تفسير اليهود ماذا هي، هذا الكلام في التوراة مكتوب، أن هذه شجرة العلم إذاً علاقة الرب بالإنسان ما هي؟ يريده أن يكون عالم أم يريده جاهلاً؟
إذاً الرب الذي يقول اقرأ هاهنا غير الرب الذي هناك الذي يمنع الإنسان من الأكل من الشجرة لأن الشجرة تورثه علم، وما علاقة الشجرة بالعلم، هذا العلم، النبي صلى الله عليه وسلم قال “إنما العلم بالتعلّم” يوجد وسائل للتعلم، أنا الآن أذهب إلى الوكالة بالحضرة آكل قفص من الفاكهة فيكون عندي علم، ما هذه العقول الغريبة، وهل هذا سيكون ديناً؟!
ولذلك طبيعي أن تنفر الناس من الدين، وماذا بعد؟ بعد ما الإنسان تعلّم، قال الرب: هو ذا الإنسان قد أصبح كواحد منّا يعرف الخير من الشر،
قال الرب: هو ذا الإنسان قد أصبح كواحد منّـــا، منّــا من نحن؟! سيدخل معنا في التجمع، فمن نحن؟! الرب واحد، واحد منّا يعرف الخير من الشر، وهذه أصبحت مشكلة.
إذاً الرب لا يريد الإنسان أن يتعلّم أو يعرف فأنا إذا أردت أن أتعلم وأعرف، فلابد أنحي الرب جانباً هذا أول شيء.
وبعد ذلك الدنيا تقدّمت قليلاً، وبدأت على آثار العلم توجد ثورة صناعية، تحوّل الإقطاعيين إلى كبار رجال الأعمال، لأن الدنيا قبل هذا كانت: النبلاء والاقطاعيين؛ سادة وعبيد، وتحوّل العبيد المزارعين إلى عمّال مستغلين، هي هي لم تتغير، مع وجود بعض البرجوازيين، البرجوازيين: هم التجار الذين هم خارج إطار الاقطاعيات، بدأت تنشأ المدن ويأتوا التجار الذين معهم فلوس، فبدأوا رجال الصناعة هم التجار السابقين والاقطاعيين السابقين، وبالتالي بدأ يكون في ظلم وطبقيّة شديدة،
وبعد هذا ما موقف رجالات الدين هم مع الطرف القوي الغني تأيداً أو صمتاً،
إذاً شعور عموم الناس أن الدين ضد العلم وضد العدل أيضاً، ضد العلم وضد العدل، ضد التقدّم وضد التطوّر وضد اتّزان المجتمع، هذه هي الثانية.
وبعد قليل جاء الفكر الشيوعي لكي يناصر الطبقة المطحونة فقال :أن الدين هو الأفيون الذي يخدّروا به الفقراء، وبالتالي لابد أن تلغيه نهائياً وأصلاً لايوجد إله، الإله هذا فكرة وهمية اخترعها الأغنياء لكي يسيطروا على الفقراء، وهكذا الدنيا هناك….
نحن ليس لنا علاقة بهؤلاء نحن هنا -هذه واحد اثنين ثلاثة- أربعة: ترتب على هذا وعلى نبذ الدين ماذا؟ وعلى إلغاء وجود الرب ماذا؟ أن هؤلاء الناس بتتقدّم ماديّاً، تكتسب أسباب القوة، ونحن في المقابل، بدأنا نظهر نحن، نحن في المقابل هل عندنا هذا لا، إذاً الدين يساوي تخلّف، نبذ الدين يساوي تقدّم، أنت تريد أن تكون متقدّم أم متخلّف، لايوجد أحد يريد أن يكون متخلف،، تريد أن تكون متقدم، إذاً الشيء الذي يكبّل رجليك في الأرض ومنعتك من الحركة، القيد والغلّ أين؟ في فكرة الرب وبالتالي في فكرة الدين، ما الحل؟ ضعه جانباً!!!
هؤلاء الناس المتقدّمون أصبح عندهم إنتاجاً صناعياً أين سوف يسوّقونه، وهم يريدون مواداً خاماً من أين سوف يأتون بها؟ سيجلبونها من عند -الغلابة- الذين هم نحن، فكيف سوف يأخذونها؟ بما يأمر به العدل والإحسان والقسطاس!!! الآن أنت تقول ليس هناك رب!! إذاً بالتالي لايوجد أخلاق، يساوي ليس هناك مبادئ، من أين ستأتي المبادئ من أين تأتي الأخلاق ومن أين تأتي القيم؟ إذا لم يوجد الله ولم يوجد دين من أين تأتي؟ وبالتالي سيستخدمون القوة العسكريّة في سلب هؤلاء -الغلابة- مواردهم -عافية كده-.
ونحن لم نستطيع أن نرد ولم نقدر على الصدّ، إذاً هم أفضل مننا هم أقوى مننا لماذا؟ لأنهم تخلّوا عما نتمسك نحن بأهدابه وهنا بدأت الأزمة عندنا نحن.
الذي بعد هذا والذي أسوأ من هذا فتنة انفتاح الدنيا والشهوات، لأن هذا الكلام ترتب عليه مستوى عالي من الرفاهية، مستوى عالي من الانتاج؛ رغبة في مزيد من الاستهلاك، أنا الآن سأكون مشغول بهذه الأشياء، ومشغول بالاستمتاع بها ستشغلني تماماً، فأنا الحياة المادية الدنيوية ستسيطر عليّ،
فأين الآخرة؟ ستذهب بعيداً، فماذا يقول الدين؟ يقول أن الإنسان يتصف بالاعتدال وترك الإسراف، وعليه أنه يضبط زمام النفس بما أحلّ الله ويترك المحرمات، ولو أنا عاوز أسيب حبلها على غاربه فلا أريد أن يقيدني أحد،
أنا أعتبر المنن الإلهية هذه وهذا المنهج الإلهي الذي يضع الإنسان في موضع الرشد والكرامة اعتبرته قيد يقيد رغباتي فأنا أريد أن أنطلق، إذاً تنحى جانباً…
آخر شيء : أنا عندما أسير في هذا الطريق وتنفتح عليّ كل الشهوات وكل المفاتن، هذه المفاتن تحتاج إلى تمويل -الفلوس- لكي أستطيع أن ألهث وراء هذه المستجدّات الترفيهية أو غير الترفيهية، العربيات والموبيلات، وعاوز أستمتع أذهب هنا وأذهب هناك، إذاً أنا لابد أن أطَّحن في هذه الحياة لكي آتي بالفلوس، سأعمل عبد خمس أيام وعندي يومين راحة، الرجال ستعمل والنساء أيضاً عندها رغبات، فالنساء تريد أيضاً أن تعمل، وتبدأ المنافسة ويبدأ الصراع حول هذا، فعندما أدخل أنا في هذه الدوّامة متى سأخلوا بنفسي، متى سأراجع أموري، أنا فعلاً سعيد أم غير سعيد، لقد أصبحت ترس في الماكنة،،، أنا هكذا مرتاح أم غير مرتاح، أنا هكذا حققت ما أريد، أنا شعرت بالسكينة والطمأنينة، هل فعلاً النموذج هذا قدّم لنا السعادة التي نبحث عنها نعم أم لا، ولكي أقول نعم أو لا، لابد أن أجلس ثانية أخلو بنفسي وأفكر، ستأتي أين ومن أين وكيف؟ لن يكون.
إذاً ماذا حدث هذه الدورة أدت في النهاية بما أننا كلنا في قرية واحدة والكبير المسيطر هو الذي يفرض قانونه وثقافته أصبح في النهاية الحياة مادية دنيوية، اللهث وراء الشهوات لامكان للتفكّر في الرب، لا مكان للتفكّر في الآخرة، لا مكان لمراجعة الإنسان لنفسه أو قضاياه الأساسية، لماذا أنا هنا، وربنا سبحانه وتعالى لماذا خلقني، وأنا بعد هذا إلى أين سأذهب، وما الصورة التي إذا كنت عليها سأكون مرتاحاً، وما الصورة التي إذا كنت عليها لن أكون مرتاحاً. من الذي سيجاوب؟ ومن الذي سيقول؟
ولذلك نحن قلنا الحياة بدون الرب هل حياة ممكنة، الحياة بدون ربنا هل هذه الحياة تتطاق، الحياة بدون ربنا هل نحن نقدر أن نعيشها؟ هذا هو السؤال الذي نحتاج أن نبحث له عن إجابة.
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم.
الحمد لله رب العالمين.
إذاً نحن الآن إلى ماذا توصّلنا؟ ما الذي أوصلنا إلى هنا، حسنًا؛ ما الذي جنيناه من هذا؟ هل الإنسان وصل إلى الذي يتمناه، هل الإنسان حقق السعادة التي ينشدها، السؤال الذي سألناه في البداية ونريد أن نجاوب عليه، نجاوب على هذا السؤال فقط.
نموذجين من الناس؛ واحد يؤمن حقيقةً بوجود الرب سبحانه وتعالى، وقلنا أن الرب هذا ليس الخالق، نحن قلنا الجمعة الماضية، أن الرب ليس مجرّد الخالق، لا الرب هذا الذي يدبّر أمر الحياة، الذي يصلح أحوال الناس، الذي يربّي العباد وبينعم عليهم، وبيحسن إليهم، الذي نلجأ له سبحانه وتعالى عندما تأتي مشاكل أو محن أو ضغوط، أنا الآن عندما أكون في ضائقة ماذا أفعل؟ عندما يكون عندي مشاكل فوق طاقتي الشخصية إلى من أذهب، إلى ماذا أستند، إذا لم يكن هناك آخرة ربنا سبحانه وتعالى سيعوضني فيها عن أي نقص أو أي ابتلاء تعرّضت له في الدنيا كيف سأعيش، وهذا التفاوت ما بين الناس الذي يبدو أنه منافي للعدل، هل لا يوجد وقت أو محل أو مكان سيعوّض فيه من كان عنده نقص،
فالآن ما الذي يمنع شخص أن يستبيح دم أو عرض أو مال أي شخص، إذا لم يكن يوجد ربنا سبحانه وتعالى ويوجد منهاج إلهي ويوجد جزاء إلهي لن يكون هناك خُلق طالما لم يوجد دين،
الأخلاق هذه عبارة عن أي شيء؟ عبارة عن مبادئ أساسية سامية مقدّسة متّفق على صحّتها ، من أين؟ أين المعيار والأساس الذي يزن؟ كل شخص سيكون بالنسبة له مثلما كان يقول علماء الاجتماع الغربيين أو معظمهم أن الأخلاق نسبية، ما معنى أن الأخلاق نسبيّة؟ تختلف من فرد لفرد ومن مجتمع لمجتمع، الذي تراه فاسد أراه أنا صالح، شيء طبيعي، إلى ماذا ستحاكمني إذا لم يكن هناك ربنا والنور الإلهي إلى ماذا ستحاكمني؟
الآن شخص سيتزوّج، فلماذا يتزوّج ويتحمّل مسؤلية أولاد، طالما أنه يستطيع أن يقضي وطره وشهواته بدون أي مسئولية،
امرأة زوجها مرض لم يستطع أن ينفق أو لا يستطيع أن يؤدي حقوقها، تصبر عليه لماذا؟ إذا كانت الحياة هكذا، لماذا تصبر عليه؟ إذا لم يكن هناك إله سيكافئها أو هناك آخرة هتلقى فيها جزائها عند الله، لماذا؟،
ولد يبرّ أبوه لماذا؟ أبوه كبر سنّه، لماذا لا يلقيه في أي مكان، لماذا يبرّه إذا لم يكن هناك ربنا أمر بالبرّ، أنا -أرازي- نفسي ليه؟ هي هكذا، هي مآلها هكذا، إذا لم يكن هناك ربنا، كل هذا سيكون مآله هكذا، الموضوع هكذا،، أن الإنسان بدون ربنا لا يستطيع أن يعيش، والمجتمع بدون ربنا ينهار، كل فرد يعيش لنفسه فقط،
ونحن قلنا أنه في ظل المفرمة الحياتية لا أحد عنده ثقة عند أحد ولا أحد يبكي على أحد، خلاص -أنا ومن ورائي الطوفان-.
ما الذي يجعلك تفعل الخير أصلاً إذا لم يكن هناك ربنا سيجازيك على الخير، لماذا أفعله؟ ما أنا أولى بالفلوس، أحسن إلى نفسي أنا، لماذا أحسن إلى الناس.
الفرد الذي صفاته هكذا يصلح لأن ينتمي إلى مجتمع؟!، لماذا أنتمي لمجتمع؟ أناركي أنا، أنا أعيش لنفسي فقط فالحياة تكون هكذا،
إذاً قضية أنه ليس هناك رب، إلغاء وجود رب العالمين سبحانه وتعالى هذه من أخطر ما صنع الشيطان، شيء غاية في الخطورة، وهو الآن يبثُّ في المجتمع بثّاً، هو موجود ولكنّه يُضغَط عليه لكي يزداد، فلماذا يزيد؟، لماذا يزيد؟ ،
هذه من عواقب الصراع السياسي،
الآن الدين هذا دين،، هذا الدين دخل في صراع -عركة- عندما يدخل في صراع، هذا الصراع سيوظّف فيها الدين، لكي أعالج هذا التوظيف ماذا أفعل؟ أجفف الفكرة، ألغي الفكرة لكي أعالج الموضوع من بابه، فإذا عالجت الموضوع من بابه سيعالج فعلاً، هذا ليس حلّاً هذا ليس حلّاً، نحن لابد أن نبحث عن حلول حقيقية للمشاكل، المشكلة والبحث عن حلّ حقيقي لها.
نحن الآن نتحدث في إطار رب العالمين، نريد أن نخرج من الخطبة بأننا نكون بإذن الله أدركنا شيئين مهمين:
الشيء الأول: قيمة هذه الكلمة، ومدى احتياج الإنسان لهذا المعنى.
الإنسان لا يستطيع أن يعيش بدون ربنا، لا إنسان ولا مجتمع، لا فرد ولا أمّة، وأنه على مدى استشعار الإنسان لهذه المعاني، على مقدار ما يعيش في السكينة والسلام هذا أوّلاً،
الشيء الثاني: هذه الفكرة من أين أتت إلينا؟ أتت علينا بتسلسل منطقي مثلما قلنا، إذا لم أعالج أنا المشكلة لن أعالج آثارها، إذا أنا لم أعالج أصل المشكلة، نحن لن نقيس على الغرب لأن هذا وضع وهذا وضع، هذا دين، وذاك دين، هذا توجّه وذاك توجّه، هذه أصول، وتلك أصول.
الشيء الآخر: أن الناس لو استطالة علينا وهزمتنا، ليس معنى أنها هزمتنا أنهم أفضل في المبادئ وفي الأخلاق وفي الثقافة،
هم أخذوا بأسباب معيّنة ونحن لم نأخذ بشيء، نحن ربنا أمرنا بأن نعدّ أسباب القوة ونحن أهملنا وتركنا، أمرنا أن نعتصم بحبل الله، ونحن أهملنا وتركنا، أمرنا أننا لا نتفرّق ولا نكون شيع ونحن أهملنا وتركنا، أصبحنا هكذا،
إذاً العلاج ليس بأننا نترك الباقي من الدين، العلاج أننا نرجع لما تركناه من الدين هذا هو الطبيعي المنطقي.
لأننا قبل هذا لم نكن شيئاً، وإذا نحن تخلّينا عن هويّتنا وأحببنا أن نلتحق بالآخرين لن يدخلونا معهم هم أمّة، ونحن أمّة، هم يعيشون على هذا التناقض، ولذلك عندما سقطت روسيا ماذا فعلوا، هانتجتن عمل صراع الحضارات، هي في النهاية لابد لأمريكا أن تعيش الصراع، هي لا تستطيع أن تعيش شيء آخر، لابد أن يكون هناك عدو، وهذه فكرة الشيطان، دائماً هناك صراع لابد أن يكون عدو؛ لكي أظلّ أنا أحارب العدو وأجمّع شعبي حولي في مواجهة هذا العدو، فلن نكون شيئاً واحد، ليس هناك شيء اسمه إنسانية واحدة، لا يوجد شيء اسمه كده،
الشيء الوحيد الذي يجمع الناس تحت أصل واحد؛ الإسلام يَا أَيُّهَا النَّاسُ لم يقل يا أيها الذين آمنوا يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا لا لتناكروا ولا لتصارعوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ لا يجمع الناس إلا رب الناس سبحانه وتعالى، لأن ربنا سبحانه وتعالى فوق الجميع، ولا يحابي أحداً على أحد وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُمْ بِذُنُوبِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بَشَرٌ مِمَّنْ خَلَقَ يَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ نحن عقولنا نفسها مستلبة، عقولنا تم اختراقها لابد نرجع لكي نصلحها مرة أخرى، هذه هنا، هنا وهنا (أي العقل والقلب ) ، هذه ليست جديدة،
ابن خلدون من زمان في المقدمة قال: أن المغلوب مولع دائماً في تقليد الغالب في زيّه ولباسه وعاداته وهيئته، مع أنه اللباس والعادة والهيئة ليست هذه هي التي جعلته يتغلب عليّ، ولكنني آخذ الأشياء الضعيفة والأشياء البسيطة، وأعتقد أن تسريحة الشعر هذه هي التي جعلته يتقدّم، ليست لها علاقة بتسريحة الشعر.
أسلوب اللباس طريقة الأكل، الوجبات السريعة، لأنني لا أفهم ما هو الشيء، فنبحث عن الشيء الذي ليس له قيمة.
إذاً نحن لابد أن نستعيد الإيمان بأن الله رب العالمين ولذلك عندما نقول ونحن نصلي الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ندرك أن رب العالمين هذه فعلاً تستحقّ الحمد لأن إذا لم يكن ربنا رب العالمين الدنيا تخرب، إذا لم يكن ربنا سبحانه وتعالى فوق الخلق ومسيطر عليهم الدنيا تخرب لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا لفسدتا، فنحن عندما نقول الحمد لله رب العالمين بنقول الحمد لله فعلاً بأن ربنا سبحانه وتعالى هدانا إليه أرشدنا إليه، أعلمنا طريقه وبيّن لنا منهجه، ووجّهنا لطريق السعادة فعلاً إذا نحن أدركناه، هذه نعمة تستحقّ الشكر إذا نحن أدركنا مقدار هذه النعمة.
اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه
اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام وكفى بها نعمة، اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام وكفى بها نعمة
اللهم يا مقلّب القلوب ثبت قلوبنا على دينك، اللهم يا مقلّب القلوب ثبت قلوبنا على دينك
اللهم يا وليّ الإسلام وأهله مسّكنا الإسلام حتى نلقاك عليه، اللهم يا وليّ الإسلام وأهله مسّكنا الإسلام حتى نلقاك عليه
رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم.