إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا.
إنه من يهدي الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمد عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ، يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا، يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا
ثم أما بعد:
يوجد شيء اسمه ” الحياة الاجتماعية ” بمعنى أن الإنسان ككائن خلقه الله سبحانه وتعالى هو بأصل تكوينه وبأصل فطرته كائن اجتماعي، أي أن الإنسان لا يمكنه أن يعيش واحداً وحيداً فرداً فريداً، لا يمكنه أن يحيا إلا إذا كان هناك آخرون من جنسه يتعامل معهم يأنس بهم، يكتمل بهم نفسياً ومادياً، ولذلك ذكرنا أن آدم عليه السلام وهو في الجنة وفيها كل ما تتوق إليه نفسه من نعيم ومن متاع استشعر رغم ذلك الوحدة والوحشة فخلق الله له سبحانه وتعالى منه من يؤنس وحشته، ولكي يستقيم هذا الاجتماع الإنساني أنزل الله تبارك وتعالى ديناً، وظيفة الدين أن تصلح به الحياة الإنسانية التي هي حياة اجتماعية وبنية الإنسان وتركيبته التي فطره الله تبارك وتعالى عليها مبنية على أن استقامته وسعادته تقوم على أمر واحد أساس هو مقدار ارتباطه بربنا سبحانه وتعالى، ولذلك ذكرنا كثيراً قوله تبارك وتعالى يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ قلنا أن معنى الفقر: الاحتياج الشديد، ولذلك ربنا سبحانه وتعالى حينما عدد أصناف من يستحقون الإعانة أو الدعم أو الزكاة والصدقة بدأ بالفقراء وثنّى بالمساكين، لأن الفقراء هم أعلى مستوى من مستويات الاحتياج والافتقار، ليس لديهم أي شيء يعتمدوا عليها أما المساكين فعندهم ما يغطي جزء من الاحتياجات الأساسية لهم ولكنهم لا يستطيعوا أن يكملوه أو يغطّوه كله، ولذلك قال تبارك وتعالى أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ عندهم مركب ولكن المركب وعائدها لا يغطي احتياجاتهم.
إذاً الفقر هو حالة العدم التام والاحتياج الشديد، فــ ” أنتم الفقراء إلى الله ” ما معناها؟ معناها أن الناس كل الناس في حالة احتياج نفسي شديد إلى الله تبارك وتعالى ولا يمكنهم أن يصلوا إلى الغنى أو الاستغناء أو يغطّوا افتقارهم إلا بأن يأتيهم المدد من الله تبارك وتعالى، أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ الغنى وصف لله تبارك وتعالى وحده، أما ما عدا الله سبحانه وتعالى فكلهم في دائرة الافتقار والاحتياج.
نحن نشعر بهذا الافتقار ونسعى لدفع هذه الفاقة إما باللجوء إلى الله أو إلى غيره، لكن يبقى الإنسان في النهاية فقير، فإذا لجأ الفقير إلى فقيرٍ مثله لم تندفع حاجته، وهذا الاحتياج مثلما قلنا قبل؛ احتياج نفسي واحتياج مادي.
احتياج نفسي: احتياج الإنسان لقوة عظيمة روحه ترتبط بها، واحتياج مادي: أن الإنسان له رغائب وحاجات يريد أن يحققها، وهناك أشياء يرهب منها ويقلق ويخاف يريد أن يدعّمه أحد ويعطيه ويمدّه بما يحتاج إليه ويحميه ويدفع عنه ما يقلق منه، وليس ذلك إلا لله الذي له الملك وحده وبيده خزائن كل شيء.
فالدين في النهاية سيقيم الرابط بين الإنسان وبين ربنا سبحانه وتعالى وبعد ذلك ربنا سبحانه وتعالى سيبيّن للإنسان ما هي الأخلاق التي تستقيم بها الحياة الاجتماعية
إذاً حياة نفسية شخصية ومدد للروح في العلاقة مع الله، الجزء الفردي، وجزء اجتماعي أسري، وبعد ذلك إطار اجتماعي أوسع؛ إطار الرحم والقرابة، وبعد ذلك إطار اجتماعي واسع إطار المجتمع، وبعد ذلك إطار مجتمعات يتعامل بعضها مع بعض يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى أصل واحد وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ معايير مختلفة للاجتماع، قبائل تنتسب إلى دم أو شعوب تجتمع على أرض أو أي معيار آخر وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ. إذاً حقيقة الدين أن يحقق الاستقرار والسعادة والسلام الاجتماعي.
هل يمكن أن الإنسان ينحي الدين من الحياة؟ إذا كان الناس فقراء إلى الله سبحانه وتعالى، وإذا كان كل إنسان ولد، ولد بفطرته متوجّها إلى الله ” كل مولود يولد على الفطرة ” فلا يمكن أنك تلغي فطرة الارتباط بالإله من حياة الإنسان، ولذلك – مثلما قلنا قبل ذلك – لا يوجد مجتمع إنساني يعيش بدون دين، لكن هذا الدين من الممكن أن يكون حق ومن الممكن ألا يكون،، فكرة ارتباط الإنسان أو بحث الإنسان عن قوّة عظيمة في عالم ما وراء المحسوس يرتبط بها، هذه فكرة مستقرة في الوجدان الإنساني عبر تاريخ الإنسانية سواء أكان يشوّهها في صورة أساطير أو كان يتوجّه وجهة حقيقية.
نحن تكلمنا الجمعة الماضية عن أصل التصور الذي يتصوّره الإنسان عن المرأة وأن فكرة الإنسان عن الأشخاص أو الأشياء أو العلاقات هذه هي التي يبني على أساسها التصرف والسلوك، لا تستطيع أن تفصل بين فكري ومعتقداتي ورؤيتي للحياة وممارستي وسلوكي للحياة، إذا أردت أن تفسّر سلوك شخص، علام سوف يفسّر؟ بناءً على معتقداته وفكره ورؤيته واهتماماته وطموحاته وأولوياته، وإذا أردت أن تفسر تغيّر مجتمع لابد أن ترصد ما الذي تغيّر في فكره ومعتقداته وأخلاقه وآراؤه وترتيبه لأولوياته، ولذلك هل مجتمعنا اليوم هو هو من خمسين ومن ستين سنة، أو هل هو هو من ثلاثمائة أو أربعمائة سنة؟ يعني: لو تخاطبنا مع الجيل الأقدم قليلاً كلهم مجمعين أن هناك تحوّلات كبيرة حدثت والكل يتكلم على ” الله يرحم أيام زمان ” ويسموه ” زمان جميل ” أو لا يسموه زمان جميل لكن في النهاية هناك شعور بأن هناك تحوّلات حدثت وأن الحياة الاجتماعية التي كانت تعيشها الناس أحسن من الحياة الاجتماعية التي نعيشها اليوم رغم أننا كأوضاع مادية أو تغيّر تقني نحن الآن أحسن، أي أن المشتملات التي اشتملت عليها البيوت ووسائل الراحة الموجودة ومستوى الطرف النسبي الموجود أكيد أكثر بكثير من خمسين سنة مضت، لكن هل نحن كبني آدمين، وكعلاقات إنسانية كشعور بالراحة، كشعور بالسعادة، كقدرة على التآلف هل أصبحنا أفضل؟
إذاً ليس هناك علاقة بين ارتقاء الإنسان المادي أو للمجتمع وما بين تحسن المجتمع إنسانياً إنسانياً
المشكلة أن المفهوم المادي الغربي عندما طغى، بم أصبحت الحياة تقاس؟ ما معيار السعادة؟ معيار الماديات الموجودة معك، كم تستخدم من التكنولوجيا، هذا هو مستوى أنك أفضل أو ليس أفضل، ولذلك قلنا أن التقييم أصبح بمقدار ما يتحصل عليه الشخص من أشياء، الأشياء، هل نحن هكذا نسير في اتجاه أن نكون أفضل فعلاً، فما المعايير التي نحكم عليها أننا أحسن أم لا، سعداء أم غير سعداء، من أين نأتي بها؟ اللَّهُ الَّذِي أَنْزَلَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ وَالْمِيزَانَ ربنا سبحانه وتعالى هو الذي يضع الميزان والمعيار الذي تحكم به على الأشياء، المعيار الإلهي.
فتكلمنا في الجمعة الماضية عن المفهوم الذي استقرّ عند أهل الكتاب حول المرأة، وقلنا أن هذا يعود إلى الصورة الأولى التي كانت قبل نزول الإنسان للأرض، ومثلما قلنا أن الإنسان كان في دائرة المتعة أو النعيم الذي سماها ربنا سبحانه وتعالى الجنّة وأن الإنسان فقد هذا النعيم، ونزل إلى الأرض، من المسئول عن هذا الهوي، هم يقولون أنها المرأة أحبولة الشيطان، وبالتالي نحن كيف سننظر لها أو كيف سنتعامل معها، سنتعامل معها بناءً على هذه الحيثية، بناءً على هذه الرؤية، هذا الذي سيفسّر أشياء كثيرة من التي تنبني على هذا، الرؤية هي التي تحكم السلوك، ما الذي ذكره ربنا في القرآن، ربنا سبحانه وتعالى يقول في سورة طه فَقُلْنَا يَا آدَمُ إِنَّ هَذَا عَدُوٌّ لَكَ وَلِزَوْجِكَ عدو لك ولزوجك فَلَا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَىإِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِيهَا وَلَا تَعْرَى وَأَنَّكَ لَا تَظْمَأُ فِيهَا وَلَا تَضْحَى فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ قَالَ يَا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لَا يَبْلَى فَأَكَلَا مِنْهَا فَبَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَنْ تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُلْ لَكُمَا إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُبِينٌ
إذاً ربنا سبحانه وتعالى وجّه الخطاب بالأساس لمن؟ للرجل، وضّح الغاية والمقصود والمحاذير لمن؟ للرجل، إذاً الرجل هو محلّ المسئولية والصدارة بالأساس، والمرأة تابعة للرجل وليس العكس، هو خاطب آدم يَا آدَمُ إِنَّ هَذَا عَدُوٌّ لَكَ وَلِزَوْجِكَ فَلَا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَى وأخبره أن عبء النزول من الجنة كمعاناة حياة ومشاق يقع أيضاً على كاهله وعلى عاتقه فتشقى وقلنا أن الشقاء هنا مادي وليس معنوي، الشقاء المعنوي هو المنافي للإيمان أو للطمأنينة أو للسكينة الداخلية، قال تعالى: فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى وهذا في نفس السياق، بعد الآيات التي ذكرناها قَالَ اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعًا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى إذاً الشقاء المثبت في هذه الآيات ليس هو الشقاء المنفي بعدها هذا شيء وهذا شيء آخر
هناك شيء متعلق بالجانب المعنوي، الجداني للإنسان الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ وما بين الشقاء وهو الكبد الذي ذكره ربنا في القرآن لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي كَبَدٍ يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحًا فَمُلَاقِيهِ إذاً عبء الكدح هذا واقع على الرجل، فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ قَالَ يَا آدَمُ إذاً من الذي كان مخاطب بالأساس لكي يُهز في رؤيته أو في معتقده أو ينسى ما وجهه إليه ربنا سبحانه وتعالى؟ كان الرجل، قال تعالى فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِنْ سَوْآتِهِمَا وَقَالَ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ إِلَّا أَنْ تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ إذاً الذي بينه ربنا سبحانه وتعالى أن الشيطان توجّه إلى الرجل وتوجّه أيضاً إلى المرأة، لكنه توجّه بالأساس للرجل، لذلك في آية ربنا أفرده بالذكر، وفي آية أخرى جمع إليه زوجه.
إذاً من الذي وجه إليه الخطاب من الله؟ من الذي جعله ربنا سبحانه وتعالى في دائرة القوامة؟ والقوامة: هي القيام على الشيء، كما نقول في قوله تعالى اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ ما معنى القيوم؟ القيوم: هو القيّم بنفسه المقيم لغيره، يعني أن ربنا سبحانه وتعالى هو الذي يستغني عن غيره ولا يستغني عنه أحد، وكل أحد مفتقر إليه سبحانه وتعالى.
فحينما يقول تعالى الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ أي هم القائمون على أمر هؤلاء النساء حفظاً ورعاية وحياطةً، أمانة ومسئولية، ولذلك الخطاب لمن وجّه؟ وجّه لآدم المسئول عن نفسه والمسئول عن زوجه، وغواية الشيطان بمن تتعلق؟ تتعلق بالاثنان، لكن على من تضغط بالأساس؟ على الرجل لأنه المسئول، لكن أين المكان الأضع؟ هي المرأة، المشكلة هنا، أن الجزء الأضعف في التأثر بالغواية الشيطانية بأصل الطبيعة هو المرأة، فهذه هي التي من الممكن أن تنهار بسرعة، فإذا انهارت بسرعة من الذي يجب عليه أن يسندها؟ الشخص المطالب بالقيام عليها، فإذا لم يفعل؟ تهوي ويهوي هو معها، فهذه هي المشكلة؛ تأثير الشيطان المباشر على الرجل ربما كان أضعف من تأثيره المباشر على المرأة، لكن تأثير المرأة المباشر على الرجل ربما كان أقوى من تأثير الشيطان المباشر عليه هذه هي المشكلة، أنه هو ضعيف جداً ” الرجل ” من جهة المرأة، لأنها تأتي إليه من الضلع المكسور والجزء الضعيف.
فالرجل في صراع الرجل مع الرجل؛ يتعامل بالقوة والحزم والعزم والشدة، لكن في علاقته مع المرأة، هي تأتي من الاتجاه الذي لا يقدر أن يتماسك منها، فهو الذي يقع؛ ولذلك خطورة تأثير الشيطان على المرأة في كونها كائناً ضعيفاً أنها تملك مداخل الرجل هذه هي المشكلة.
فما المطلوب منه كشخص مسئول؟ ولذلك سنجد دائماً الخطاب في الكتاب وفي السنة فيما يتعلق بعلاقة الرجال والنساء بيخاطب فيه بالأساس الرجل، مثلما ذكرنا في قول النبي صلى الله عليه وسلم قال ” استوصوا بالنساء ” وبعد ذلك ذكر طبيعتهم، ثم ختم بنفس العبارة ” فاستوصوا بالنساء ” إذان من المخاطب؟ كذلك قال في حجة الوداع ” استوصوا بالنساء فإنهنّ عوان عندكم ” أسيرات، وهذا وصف صعب ليس سهلاً، وصف قوي جداً ليس بسيطاً، وصفها بأنها كالأسيرة في يد الرجل تحت سلطانه يحسن أو يسيء ولذلك هم لا يخاطبوا بالأساس في أشياء كثيرة، وسيأتي تفصيل هذا.
إذاً ما الذي يذكره ربنا سبحانه وتعالى؟ هو هذا، ولذلك نحن عنونّا أن هناك فرق أسياسي ما بين الشرع المنزل أو الوحي المنزل أو الدين المنزل وما بين الدين حينما يعتريه التبديل، قصص خلق آدم من أين ستأتي، لابد أن تأتي من الوحي الإلهي، ماذا صنعت أيدي الناس؟ أحدثت تغييراً أو تعديلاً أو تبديلاً في الصورة في مكوناتها فأفسدتها.
إذاً ما الذي أوضحه الله سبحانه وتعالى؟ أن العبء والمسئولية بالأساس على الرجل وأن المرأة كائن في النهاية أضعف وتابع للرجل، وأن الرجل هو المسئول عن نفسه وعن المرأة، أن كلاهما يقع تحت تأثير وغواية الشيطان، ولكن المرأة أسرع استجابةً وأسرع تأثراً، لذلك على الرجل أن يبقى رجلاً إذا أراد أن يحفظ بيته وأن يحفظ مجتمعه، فإذا كان هو يضعف أو ينقاد حينئذٍ يفسد أمره ويفسد أمر المرأة ويفسد أمر الأسرة وبالتالي يفسد أمر المجتمع فَكَيْفَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ ثُمَّ جَاءُوكَ يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنْ أَرَدْنَا إِلَّا إِحْسَانًا وَتَوْفِيقًا
الحمد لله رب العالمين
يقول صلى الله عليه وسلم مبيناً نقطة تكميلية تفصيلية في هذا الإطار، نحن لدينا القرآن هو الذي يرسم الصورة الكلية والمعاني الكبيرة للصورة التي من المفروض على الإنسان أن يفقهها أو يفهمها، أم وظيفة السنّة؟ تفسّر وتشرح وتوضّح وتكمّل نقاط جزئية تفصيلية بها تكتمل الصورة، فالنبي صلى الله عليه وسلم يقول ” لولا بني إسرائيل لم يخنز اللحم ولولا حواء ما خانت أنثى زوجها ” أين هذه من المنظومة؟ ” لولا بني إسرائيل لم يخنز اللحم ” ما معناها؟ هؤلاء القوم منّ عليهم ربنا سبحانه وتعالى بأن أنزل عليهم المنّ والسلوى وهذا من عظيم رحمة ربنا سبحانه وتعالى، بني إسرائيل في التيه هم حقيقةً في دائرة العقوبة، ما الذي جعلهم يتيهون في الصحراء؟ قولهم فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ فهم عوقبوا بهذا التيه في هذه الصحراء، ومع العقوبة، الله سبحانه وتعالى لا يريد أن يهلكهم وإنما يعاقبهم لكي يستصلحهم، فكان ينزل عليهم سبحانه وتعالى السلوى – السمان المشوي جاهز – والمنّ هذا هو مادة صبغية حلوة مثل العسل بحيث أنهم يحلّون بعد الأكل – مفيش حاجة أحلى من كده – هذا وهم معاقبون؟ نعم وهم معاقبون، وقلنا أنهم في النهاية قالوا لَنْ نَصْبِرَ عَلَى طَعَامٍ وَاحِدٍ فَادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُخْرِجْ لَنَا مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ هذه طبيعة غريبة، وقلنا أن ربنا سبحانه وتعالى ينزّل لهم رزق يوم بيومه، فهم يريدوا أن يخزّنوا، أنت ستخزن هل لأنك لا تضمن الله غداً؟ هم نهوا عن الادّخار، وأن ربنا سبحانه وتعالى سينزل لهم كل يوم ما يقتاتون به ويحتاجونه في اليوم من المنّ ومن السلوى، ويوم الجمعة ينزل مضاعف نصيب يومين لأن السبت هذا يوم من المفترض أن ينشغلوا فيه بالعبادة ولن يفعلوا شيئاً آخر، فماذا يفعلون؟ يخزّنون، فعندما يخزنون هذا الطير المشوي.
وهو الآن أكل اليوم أما غداً، فطعام الغد نازل، وما ادّخره لن يفعل به شيئاً، ولكنه شعور الإنسان بأنه يريد أن يركن ويطمئن، – افرض الأشياء التي ينزلها الله قطعت فنكون آخذين حسابنا – ، فالمشكلة أيضاً أن هناك ثقة ضعيفة في ربنا سبحانه وتعالى وفيما وعدنا به، فما الذي ترتب على هذا؟ أن اللحم تعفّن.
فالنبي صلى الله عليه وسلم يقول إذا لم يخالفوا وظلّوا ممتثلين لم يحدث هذا، إذاً كل فساد يحدث سببه فعل إنساني، وهذا الفعل الإنساني ترتب على مخالفة أمر إلهي، ولذلك النبي صلى الله عليه وسلم قال ” ما من نفسٍ تقتل ظلماً إلا كان على ابن آدم الأول كفل منها ” ليه؟ ” لنه أول من سن القتل ” الإنسان بفطرته الطيبة لا يعرف هذا، من أول من أحدث حادثة السوء هذه؟ قابيل حينما قتل أخاه حسداً له، فتوارث بنوآدم هذه السنة، ” من سنّ في الإسلام سنّة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة لا ينقص ذلك من أجورهم شيئاً ومن سنّ في الإسلام سنّة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة لا ينقص ذلك من أوزارهم شيئاً ” كفل: أي نصيب من دمها، لماذا؟ لأنه هو من شقّ هذا الطريق، هو الذي فتح هذا الطريق من الشر والسوء، فكل من سيمشي ورائه سيناله نصيب من هذا، نصيب فتح الباب وشقّ الطريق إلى هذا السوءوالافساد، فكذلك بني إسرائيل لما خالفوا الأمر واكتنزوا أفسدوا اللحم، فأصبح اللحم بعد ذلك يكتنز بهذه الطريقة لابد أن يفسد.
ثم عقّب فقال ” ولولا حوّاء لم تخن أنثى زوجها ” فأين الخيانة هنا؟ قال تعالى إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ آدم مثلما قلنا حمّل هذه الأمانة وحمّل مسئولية نفسه ومسئولية تدعيم امرأته معه، فما دور المرأة أنها تدعّم الزوج في اتّجاه امتثال أمر الله، وتصرف عن اتّباع نزغات الشيطان، فما فعلت هي؟ هي عندما ضعفت أصصبحت داعمة للشيطان عليه، إذاً ما معنى الخيانة؟ أنها لا تقوم بالواجب عليها من النصيحة لرجلها ومن التذكير له بأمر الله ومن حثّه على الاستمرار على طاعة الله، من تحذيره من أن يسلك مسلك الحرام أو الشبهة، من تحذيره أن يدخل على بيته مالاً لا يرضاه الله تبارك وتعالى، فإذا لم تفعل هذا، هذه هي حقيقة الخيانة، نحن لا نفهم من الخيانة إلا خيانة المخدع، وهذه أيضاً نقطة خطيرة، أن تصبح الألفاظ عندنا لها مدلولات معيّنة لا نفهم غيرها.
” لولا حواء لم تخن ” لم يكن هناك رجال آخرين، لم يكن إلا آدم وحواء إذا كان بهذا المفهوم، ولذلك ربنا سبحانه وتعالى حينما يقول ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ كَفَرُوا امْرَأَتَ نُوحٍ وَامْرَأَتَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا خيانة أمانة الرسالة، بدلاً من أن دورهم أن يكون تدعيم الأنبياء كما فعلت خديجة رضي الله عنها، يكون دورهم دور عكسي، دور سلبي، دور تسبيطي، دور هدم وليس بناء، كما دلّت امرأة لوط عليه السلام، دلّت قومها، على أن عنده أضيافاً حسان الوجوه، هم لم يكونوا يعلموا وَجَاءَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ يَسْتَبْشِرُونَ من أين جاءوا؟، ولذلك ربنا سبحانه وتعالى قال إِلَّا امْرَأَتَكَ إِنَّهُ مُصِيبُهَا مَا أَصَابَهُمْ إِنَّ مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ
إذاً ما مفهوم الخيانة، أنها هي عليها أمانة مثلما أنه عليه أمانة، هو الأساس وهي التدعيم والتثبيت، هل ستفعل هذا أم لا، فالنبي صلى الله عليه وسلم يقول إذا لم تكن سلكت مسلك الضعف والاضعاف لم يكن جاءوا بعد ذلك على نفس المسلك والسبيل، ولذلك من علم وفقه البخاري – طبعاً البخاري هذا خلاص – أنه بعد هذا الحديث مباشرةً ذكر حديث استوصوا بالنساء، هو لا يضع الأحاديث هكذا، هو يرتب الأحاديث لأنه يريد أن يوصّل معاني معيّنة، فالنبي صلى الله عليه وسلم قال ” لولا حواء لم تخن أنثى زوجها ” وبعد ذلك البخاري ذكر بعده مباشرة حديث ” استوصوا بالنساء فإن المرأة خلقت من ضلع ” هو يريد أن يقول أن هذا في أصل التركيبة، وفي أصل البنية، وهذا بما أن حواء التي من المفترض أنها أكمل النساء وقعت في هذا، فسيكون طبيعي أن أي أحد من بناتها سيقع في هذا، فماذا عليّ أن أفعل؟ أنتبه وأحذر أن أسقط أو أقع في أثر هذا الضعف.
إذاً المسئولية الأساس تقع على عاتق الرجل، والمرأة لها دور ولها وضع، إذا وضعت في غير وضعها سواء غالينا في أمرها أو انتقصناها منه لابد يحصل فساد وإفساد، ربنا سبحانه وتعالى قال ” إن كل شيء خلقناه بقدر ” كل شيء له ميزان دقيق عند ربنا سبحانه وتعالى إذا تجاوزناه لأعلى أو لأسفل، يمين أو شمال لابد أن يحدث خلل بقدره، بقدر الانحراف عن الصورة، ولذلك النبي صلى الله عليه وسلم قال ” إن الدنيا حلوة خضرة وإن الله مبتليكم بها فناظر كيف تعملون، فاتقوا الدنيا واتقوا النساء فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء ” وقال ” ما تركت بعدي فتنة هي أضرّ على الرجال من النساء ” لكنّ هذه سنفرد لها ذكر خاص ” الفتنة ” وما معنى الفتنة؟ وكيف نتعامل معها؟ والتحذير منها، كيف يدير الرجل الأمر، القضية كلها هنا، أن الرجل هو المنوط به إدارة الأمور، كيف سيدير الرجل أمره وأمر امرأته حتى يصل بنفسه وبها إلى برّ الأمان، هذا هو مفهوم المسئولية التي يضعه الله سبحانه وتعالى على كاهل الرجل والواجب الذي يفرضه على المرأة.
اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه
اللهم خذ بأيدينا إليك أخذ الكرام عليك لا تفضحنا بين خلقك ولا بين يديك
اللهم يا وليّ الإسلام وأهله مسّكنا الإسلام حتى نلقاك عليه، اللهم يا وليّ الإسلام وأهله مسّكنا الإسلام حتى نلقاك عليه، اللهم يا وليّ الإسلام وأهله مسّكنا الإسلام حتى نلقاك عليه
اللهم ارحم في هذه الدنيا غربتنا، وارحم اللهم عند الموت كربتنا، وارحم اللهم في القبور وحشتنا، وارحم اللهم في القيامة ذل مقامنا بين يديك
اللهم اقسم لنا من خشيتك ماتحول به بيننا وبين معصيتك، ومن طاعتك ما تبلغنا به جنتك، ومن اليقين ما تهون به علينا مصائب الدنيا، متعنا اللهم بأسماعنا، وأبصارنا، وقوتنا، أبداً ما أحييتنا، واجعله الوارث منا واجعل ثأرنا على من ظلمنا، وانصرنا على من عادانا، ولا تجعل مصيبتنا في ديننا، ولا تجعل الدنيا أكبر همنا، ولا مبلغ علمنا، ولا تسلط علينا بذنوبنا من لا يخافك فينا ولا يرحمنا، ولا تجعل اللهم إلى النار مصيرنا، واجعل اللهم الجنة هي دارنا
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم