إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا. إنه من يهدي الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمد عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ
يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا
ثم أما بعد،.
يحكي جبير بن نفير رحمه الله فيقول جلسنا إلى المقداد بن الأسود يوماً فمرّ به رجلٌ فقال: طوبى لهاتين العينين اللتين رآتا رسول الله صلى الله عليه وسلم لوددنا أنّا رأينا ما رأيت وشهدنا ما شهدت، يقول جبير؛ فاستغضب، فجعلت أعجب ما قال إلا خيراً ثمّ التفت إليه وقال ما يحمل أحدكم على أن يتمنى محضراً قد غيّبه الله عنه لا يدري كيف كان يكون حاله لو كان فيه والله لقد حضر رسول الله صلى الله عليه وسلم أقوامٌ أكبّهم الله على مناخرهم في النار لم يصدّقوه ولم يجيبوه أولا تحمدون ربّكم أن أخرجكم لا تعرفون إلا ربكم مصدّقين لما جاء به نبيّكم قد كُفيتم البلاء بغيركم، لقد بعث الله نبيّه صلى الله عليه وسلم على أشد حالٍ بعث عليه نبيٌّ من الأنبياء في فترة وجاهلية لا يرون ديناً أفضل من عبادة الأوثان فجاء بفرقانٍ فرق به بين الحق والباطل وفرّق به بين الوالد وولده حتى كان الرجل ليرى والده وولده أو أخاه كافراً وقد فتح الله قفل قلبه للإيمان يعلم أنه إن هلك على ما هو عليه دخل النار فلا تقرُّ عينه وهو يرى أن حبيبه في النار وتلك التي قال الله عز وجل رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا
فهذا الجبير رحمه الله رجل من صلحاء ومن فقهاء التابعين من تلاميذ أبي الدرداء الصحابي رضي الله عنه حريصاً على تتبع آثار رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى معرفة أحواله يغتنم كل فرصةً تسنح له لكي يطّلع على هذه السيرة العظيمة ولكي يتأسى بهذا الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم فهاهو يجلس إلى المقداد رضي الله عنه، رجل من السابقين الأولين من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن المقرّبين لرسول الله صلى الله عليه وسلم ومن أهل الهجرة الذي قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم يوم بدرٍ وهو يقول أشيروا عليّ أيها الناس بعدما رأى قريشاً وقد جمعت وأعدّت، وخرجت بكبريائها وخيلائها تحاد الله ورسوله، قال تعالى واصفاً إياهم وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بَطَرًا وَرِئَاءَ النَّاسِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَاللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ فقال له المقداد: والله لا نقول لك كما قالت بنو إسرائيل لموسى اذهب أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ ولكن اذهب أنت وربك فقاتلا إنا معكما مقاتلون فوالله لنقاتلنّ من بين يديك ومن خلفك وعن يمينك وعن شمالك فسرّ به رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال له خيرا، وقال عليٌّ رضي الله عنه ما كان فينا فارسٌ يوم بدرٍ إلا المقداد ولقد رأيتنا وما فينا إلا نائم إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم تحت شجرة يبكي ويدعو حتى أصبح، هم خرجوا مسرعين في عدد قليل وعدّة قليلة، لم يكن معهم إلا فرسٌ واحد فكان المقداد وحده هو كل سلاح الفرسان لأهل الإيمان في يوم بدر وما كان فينا فارس إلا المقداد، مش فارس يعني هو عنده فروسية،، فارس يعني معاه فرس؛ وإلا كان أكثرهم فرساناً، وإنما فارس يعني هناك راجل وهناك فارس راجل يعني ماشي على رجليه، وفارس يعني واحد راكب فرس، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يميّز في قسمه بين الراجل والفارس لأثره ونكايته فيعطي للراجل سهماً أي من الغنيمة وللفارس ثلاثة أسهم، واحد له واثنين للفرس، واحد للفارس واثنين للفرس.
ولذلك كانوا على هذه الحال وبهذه العدّة يواجهون موقفاً صعباً ولذلك كيف جابه رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا الموقف الصعب، ” ولقد رأيتنا وما فينا إلا نائم إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم تحت شجرة يبكي ويدعو حتى أصبح ” يطلب المدد والعون من ربه تبارك وتعالى.
فهذا المقداد وقد مضى رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى ربه، ومرّت سنون على وفاته صلى الله عليه وسلم يجلس ويتحلّق حوله الناس يسألونه ويتعرفون منه على أحواله صلى الله عليه وسلم فهو يحدّثهم ويقصُّ عليهم ويخبرهم وينبئهم ويعلّمهم، فمرّ به رجل فقال هذه الكلمات، قال: طوبى لهاتين العينين اللتين رأتا رسول الله صلى الله عليه وسلم. فهو قد تنعّم بصحبته وهذا الذي يتكلم وهذا الذي يتمنّى لم يشرف بصحبته صلى الله عليه وسلم فهو يقول: طوبى لهاتين العينين اللتين رأتا رسول الله صلى الله عليه وسلم والله لوددنا أنّا شهدنا ما شهدت، ورأينا ما رأيت. يعني أنّا كنّا صحبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم من حين ما بعثه ربّه ومن حين ما أرسله الله تبارك وتعالى ” فاستغضب المقداد ” – اتنرفز – فيقول جبير: فجعلت أعجب ما قال إلا خيراً، – الراجل ما قالش حاجة وحشة – قال: طوبى لهاتين العينين أي هنيئاً لهما ورزقتا النعيم فهو يدعو له ولا يدعو عليه، ثم هو يتمنى أنه قد صحب رسول الله صلى الله عليه وسلم وهذا أمرٌ لا حرج فيه – هو متنرفز ليه؟ – فقال جبير: فجعلت أعجب ما قال إلا خيراً، ثم قال المقداد وقد التفت إلى الرجل، قال: ما يحمل أحدكم على أن يتمنى محضراً – أي مشهداً – غيّبه الله عنه لا يدري ما كان حاله لو كان فيه.
يبقى إذاً ماذا يريد المقداد أن يقول، يريد المقداد أن يعلّمنا أن يرضى المرء باختيار الله تعالى له وبما قدّره له، وألا يتمنى غير ما اختار له ربّه وقدّر وأن يقدّر الأمور حق تقديرها، هو يريد أن يقول له أنت الآن تنظر إلى هذا الجانب الذي تراه محبباً في هذه الصحبة تراه متعةً ونعيماً ولكنك تغفل عن ما هو أشقّ من ذلك وأشد وأخطر أنك ربما كنت لا توفّق أصلاً لأن تتقبل نور الله أو أن تدخل في دين الله تبارك وتعالى، يقول: لا يدري كيف كان يكون حاله لو كان فيه، يقول: لقد حضر رسول الله صلى الله عليه وسلم أقوام – أي شهدوه وكانوا فيما تتمنى أنت فأكبّهم الله على مناخرهم في النار ليه؟ لم يجيبوه ولم يصدّقوه، إذاً هم رأوه وعايشوه وعلموا أحواله ولذلك قال تعالى وَمَا صَاحِبُكُمْ بِمَجْنُونٍ وقال أَمْ لَمْ يَعْرِفُوا رَسُولَهُمْ فَهُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ فهذا المشهد الذي تتمناه أنت لا تدري كيف كان يكون حالك لو كنت فيه فإلاما يدعو المقداد؟ يدعو إلى تقدير العبد لاختيار الله له إلى شكر العبد لله على نعمته عليه، إلى أن يقدّر الكلمة حقّ قدرها، لا يستخفّ ولا يستهين بأمور لها قدر وفيها امتحان وفيها اختبار ليس بالأمر الهيّن وليس بالأمر البسيط.
ثم يذكّر فيقول: أولا تحمدون الله أن أخرجكم لا تعرفون إلا ربكم. قد نشأتم في ظلال نور الله تبارك وتعالى في نعمة الله السابغة علينا بالإسلام لم تفتنوا هذه الفتنة، ولم تختبروا هذا الاختبار ولم تمتحنوا هذا الامتحان، ” أولا تحمدون الله أن أخرجكم لا تعرفون إلا ربكم مصدقين لما جاء به نبيّكم قد كفيتم البلاء بغيركم ” أي بلاء، اختبار الإيمان والكفر، واختبار إقامة الدين أن هناك أناساً لهم في أعناقنا فضلاً ونعمةً ومنّة لا يمكننا أن نكافأهم عليها إذ تقبّلوا نور الله حينما نزل حملوا نور الله عز وجل حينما أمروا نشروا نور الله تبارك وتعالى في العالمين فنشأنا نحن على آثارهم وقد ورثنا هذا النور وهذا الدين وهذا الإيمان لم نختبر فيه ولم نبتلى، قد كفيتم البلاء بغيركم، ثم يقول: لقد بعث الله النبي صلى الله عليه وسلم على أشدّ – أصعب – حال بعث عليه نبيٌّ من الأنبياء في فترة وجاهلية فترة؛ يعني زمان طويل انقطاع طويل من الرسل ما بين بعثة عيسى عليه السلام ثمّ انطماس نور دينه، وما بين بعثته صلى الله عليه وسلم قروناً متطاولة ضاعت فيها معالم الحقّ والتبست ولذلك قال صلى الله عليه وسلم قال الله تعالى ” وإن الله نظر إلى أهل الأرض فمقتهم عربهم وعجمهم إلا بقايا من أهل الكتاب ” بعض الأفراد هنا وهناك ممن بقوا على نور الله تبارك وتعالى وعلى دينه، لكن أكثر اهل الأرض، أكثر أهل المعمورة التي صارت مخروبة بالشرك وبالالحاد وبالجحود كانوا هكذا؛ في فترة – ده انطماس النور – وبالتالي جاهلية ؛غلبة الجهل والجهل ده حجتين عدم العلم وعدم الحلم، الجهل ده الاثنين يعني الطائش النزق هو جاهل جهول، والذي لا يعلم ويخبط خبط عشواء هو جاهل جهول أيضاً، فالجاهلية تحمل عدم العلم وتحمل عدم العقل والحلم هذا أثر لذاك، في فترة وجاهلية لا يرون ديناً أفضل من عبادة الأوثان، يريد أن يبيّن مقدار الضلال الذي ذهبت فيه عقول العباد أنهم يرون هذا أفضل دينن لا يرون ديناً أفضل من عبادة الأوثان، فجاء أي النبي صلى الله عليه وسلم أرسله الله بفرقان، فرقان أي حد فاصل يفرق ويفصل ما بين الحقّ وما بين الباطل، ما بين النور وما بين الظلمة، ما بين الهداية وما بين الضلال، فارق بين الحق وفرّق بين الوالد وولده، يستجيب الوالد ولا يستجيب الولد، يستجيب الولد ولا يستجيب الوالد فتنفصل العرى وتنقطع بين الوالد وولده، طيب كده وخلاص لأ، المحنة أصعب من كده.
يقول: حتى ليرى أحدهم والده وولده أو أخاه كافراً وقد فتح الله قفل قلبه للإيمان، يعني: هو هذا الشخص ربنا منّ عليه فانفتح قلبه المغلق واستنار بنور الله لكن الأب أو الابن أو الأخ بقي على شركه وكفره يعلم أنه إن هلك على هذه الصورة دخل النار، فلا يطمئن ولا يستقرّ ولا يهدأ ولا يسكن ولا يتنعّم وهو يعلم أن حبيبه في النار، والده أو ولده أو أخوه أو حميمه أو صديقه، يقول وتلك التي قال الله عز وجل رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا كذا قال المقداد وعلّم رضي الله عنه، لقد كنّا قبل أسبوع في حديث الميراث، الميراث الحق وفي حديث موقف العباد من هذا الميراث الحق، مفهوم الميراث حينما ترد هذه الكلمة على أذهاننا لا يتعدى عشر قراريط هنا أو هناك عليهم بيت أو ما علاهمش بيت، أو شقتين، أو شقة ومحلّين، أو 650 ألف جنيه في البنك، أو وديعة دولارية ب100ألف يورو – عشان اليورو أعلى من الدولار يبقى كده أحسن يعني – .
ده مفهوم الميراث حينما ترد هذه الكلمة على أذهاننا لا نعي منها غير ذلك، لكن الله تبارك وتعالى يعلّمنا ويفقّهنا أن هناك وراء هذا الميراث ميراث آخر هو أعظم وأعظم بما لا يقارن، ميراث في الدنيا يقود إلى ميراث في الآخرة، ميراث الدنيا هو الإيمان والكتاب ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ وَرِثُوا الْكِتَابَ وَأَوْرَثْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ الْكِتَابَ وَإِنَّ الَّذِينَ أُورِثُوا الْكِتَابَ مِنْ بَعْدِهِمْ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مُرِيبٍ ده ميراث الكتاب والإيمان هيودي لفين؟ هيودي لميراث الجنّة أُولَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ.
يبقى إذاً هناك ميراث مالي ده اللي احنا بنتصوّره أو نتخيّله وده اللي بيسلب مننا في النهاية، وَإِنَّا لَنَحْنُ نُحْيِي وَنُمِيتُ وَنَحْنُ الْوَارِثُونَ ربنا سبحانه وتعالى الوارث الحقّ يستردُّ هذا من عباده وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَى كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَتَرَكْتُمْ مَا خَوَّلْنَاكُمْ من النعم وَرَاءَ ظُهُورِكُمْ يبقى ده الميراث ده ميراث مستردّ يعود إلى صاحبه الحق تبارك وتعالى وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ
طيب ده ميراث عليه الاختبار والامتحان والابتلاء وهو مسلوب لا محالة، طيب فين الميراث الذي لا يسلب هو ميراث الإيمان وميراث الكتاب لإن ده يبقى في قلب العبد وفي صدره لا يسلب ” يتبع الميّت أهله وماله وعمله فيرجع أهله وماله ويبقى عمله ” هذا الميراث الذي لا يسترد ولا يسلب وعلى حسب موقفي من هذا الميراث على حسب موقفي من ميراث الجنّة في الآخرة ده الميراث.
فالمقداد رضي الله عنه يريد أن يذكّرنا أو يعلّمنا أو ينبّهنا لفضل نعمة هذا الميراث، نحن لم نكدّ على هذا الإيمان، نحن لم نكدّ على هذا الإسلام وإنما ورثناه عن قوم كدّوا فيه وشقوا حتى أورثونا إياه غضّاً طريّاً هيّناً ليّناً سهلاً وكطبيعة أهل الميراث في الغالبن في الغالب لا يقدّرون قيمة الموروث ليه؟ لأن احنا ما تعبناش فيه والشيء الواحد إذا مكنش تعبان فيه يسهل عليه إن هو يضحي به لإنه أصلاً لم يدرك له قيمة ولذلك يبقى طبيعي إن ربنا يقول سبحانه وتعالى فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ وَرِثُوا الْكِتَابَ ورثوا الكتاب وبعدينفَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ وَرِثُوا الْكِتَابَ يَأْخُذُونَ عَرَضَ هَذَا الْأَدْنَى يبقى إذاً هم ورثوا الكتاب فأعرضوا عنه وأخذوا عرض الأدنى اللي هي الدنيا وَيَقُولُونَ سَيُغْفَرُ لَنَا وَإِنْ يَأْتِهِمْ عَرَضٌ مِثْلُهُ يَأْخُذُوهُ أَلَمْ يُؤْخَذْ عَلَيْهِمْ مِيثَاقُ الْكِتَابِ أَنْ لَا يَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ وَدَرَسُوا مَا فِيهِ وَالدَّارُ الْآخِرَةُ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ
يبقى إذاً المشكلة فين؟ هما أقبلوا على الدنيا وأعرضوا عن الآخرة طب هل الكتاب بيقول كده؟ وَالدَّارُ الْآخِرَةُ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ يبقى إذاً الكتاب اللي احنا ورثناه لو كنّا ورثناه فعلاً هيرشدنا لإيه؟ أو يوجّهنا لإيه؟ أو يودينا فين؟ يودينا ناحية الموازين والمعايير الصحيحة وإدراك معنى الميراث الحقيقي والسعي لتحصيله وتحقيقه ولذلك قال بعدها معقّباً سبحانه وتعالى وَالَّذِينَ يُمَسِّكُونَ بِالْكِتَابِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُصْلِحِينَ يبقى إذاً دول ورثوا الكتاب يأخذون عرض هذا الأدنى، ومنهم من يستمسك بالكتاب فيقيم الصلاة وهؤلاء لا يضيع الله أجر أعمالهم لأنهم قد أحسنوا وأصلحوا
ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا يعني ايه اصطفينا؟ ما الاصطفاء ده معنى الاجتباء والاختيار يبقى ده في حد ذاته نعمة، ربنا اصطفانا عشان يورثنا الكتاب فمنهم أول حاجة ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤًا وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ
يبقى إذاً ده مفهوم الميراث الحقّ مفهوم النعمة الكبرى اللي المقداد رضي الله عنه يريد أن يرشدنا إليه إن احنا نحمد ربنا على نعمة الإسلام، نحمد الله سبحانه وتعالى على إن هو رزقنا هذا الميراث من دون كدٍّ ولا تعب، فإذا نظرنا إلى أهل الأرض من حوالينا وإلى ما هم فيه من شرك وإلحادٍ وشكٍّ وضلال حمدنا ربنا سبحانه وتعالى على ما أولانا طب احنا ما بنعملش كده ليه؟ لأن احنا معايرنا تبدّلت، احنا بنبص للناس بمعيار ايه؟ بمعيار التقنية، بمعيار انفتاح الدنيا، بمعيار المادة، فنرى أن هؤلاء الناس اللي هما المفروض ربنا فضّلنا عليهم وأورثنا الدين والنور والإيمان أفضل مننا حالاً طب احنا جبنا ده منين؟ مهو نفس الفكرة، اختلال الموازين ايه سببه؟ طب هو معيار الأفضلية هو معيار ما فتح على العباد من الدنيا حتى لو كانت بتضلّهم وتفتنهم، حتى لو كانت بتزيدهم صدوداً عن سبيل الله حتى لو بتخلّيهم يتكبّروا على الله سبحانه وتعالى الذي وهبهم ويقولون كما قال الأول إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي طب ديه نعمة وديه خير، لَا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْبِلَادِ مَتَاعٌ قَلِيلٌ ثُمَّ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ
أما إذا كنّا بنتكلم عن الدنيا فاحنا اللي خسرناها، ما خسرنهاش لما احنا اشترينا الدين، لأ، خسرناها لما احنا تنكّبنا طريق الدين حينما كنّا على وفق ما أمر الله كنّا أهل الرفعة وأهل الشأن وأهل السيادة وأهل الرقي وأهل الحضارة، الذين كان الناس يجلسون تحت اقدامنا يتعلّمون ويدرسون ما يتعلّق بأمور دينهم ويتعلّق بأمور دنياهم لأنهم عندنا كما علّمنا ربنا أمر واحد أمر واحد، وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً هو أمرٌ واحد حينما يقول تعالى وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ هذا أمر ليه؟ لحفظ الدين زحفظ المؤمنين تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ طيب ما استطاعتم من قوة يبقى أقصى مستوى ممكن أن يصل إليه الإنسان من أسباب القوة والرقي ده عشان ايه؟ مش عشان التبطر والتجبر على عباد الله هو ده الفرق، إن قوة المؤمن غير قوّة غير المؤمن، قوة المؤمن في سبيل الله، في مرضاة الله في إقامة الحقّ والخير والعدل، أما قوة غير المؤمن فهي فيما نعلم وفيما نرى، لم نرث من هذه الحضارة إلا دماراً وفساداً فإذا كان هما احنا شايفنهم ماديّاً أعلى عشان احنا اللي مقصّرين على فكرة مش الدين هو اللي عمل كده، ده بالعكس لَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ كِتَابًا فِيهِ ذِكْرُكُمْ شرفكم ورفعتكم أَفَلَا تَعْقِلُونَ إنا كنّا أذل قومٍ فأعزنا الله بالإسلام فمهما ابتغينا العزة في غيره أزلّنا الله، هكذا هي وهكذا كانت هذه هي النعمة العظمى، نعمة الإسلام وحتى لو كنّا احنا الأدون وحتى لو كنّا احنا الأقل هل يصلح إن احنا نحقّر نعمة ربنا علينا ونرى أنهم أعلى منّا شأناً وأفضل منّا فضلاً ونريد أن نلاحقهم ونتمنى أن نكون مثلهم وهم رزئوا بكفرٍ ورزقنا بإيمان! أليس هذا تحقيراً لنعمة الله، تحقيراً للإيمان تحقيراً للميراث الحق.
ويخشى على من جحد النعمة أو جحد الفضل أو لم يقدّر فضل الله عليه أن يسلبه أن يسلبه، الله سبحانه وتعالى يحفظ هذه النعم على من يشكر وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ والإيمان نعمة والإسلام نعمة والقرآن نعمة، فإذا لم نشكر وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَنَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم
الحمد لله رب العالمين، وبعد نعمة الإسلام نعمة أخرى في الإسلام وهي نعمة السنّة، نعمة السنّة، أنه حين يتفرّ الناس إلى ذات اليمين وإلى ذات الشمال حينما يتنكّبون طريق نبيّهم صلى الله عليه وسلم حينما يحدثون في دينهم بدعاً يخالفون هدي نبيّهم صلى الله عليه وسلم وهدي صحابته وتبقى أنت وأبقى أنا بفضل الله تبارك وتعالى ونعمته على دربه وطريقه وجادته فتلك نعمة بعد نعمة ومنّة بعد منّة وفضل بعد فضل، لقد كان من سنّة الله تبارك وتعالى في أتباع المرسلين أنهم يبغون على بعضهم البعض ويتنكّبون طريق الحق ويفتنون بفتنة الإحداث في دينهم وفتنة الافتتان بدنياهم، ولذلك قال صلى الله عليه وسلم مبيّناً هذه السنّة ” افترقت اليهود على إحدى وسبعين فرقة، وافترقت النصارى على ثنتين وسبعين فرقة، وتفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة قيل: من هم يا رسول الله قال: من كان على مثل ما أنا عليه اليوم وأصحابي، قال: هم الجماعة، قال: هم السواد الأعظم ” وهذا من فضل الله ومنّته، ذكر لهم ثلاث أوصاف الجماعة، أنهم يتجمّعون ويتحدون ويأتلفون على حقّهم، وقد تفرّقنا، يأتلفون على حقّهم وقد تفرّقنا، قال الله تبارك وتعالى وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا فأبينا إلا الاافتراق، وقال تعالى وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ فأبينا إلا الافتراق، وقال إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ فأبينا إلا التشييع أن ننقسم شيعاً وأحزاباً ورسول الله صلى الله عليه وسلم يصف أهل الحق فيقول: هم الجماعة، ويقول: من كان على مثل ما أنا عليه اليوم وأصحابي لا نحيد عنه يمنةً ولا يسرة وقال: هم السواد الأعظم، يعني ايه السواد الأعظم؟ يعني جمهور أهل الإسلام وديه المنّة، وديه المنّة، إن الفرق وإن كانت كثيرة في شعبها إلا أنها قليلة في أعدادها، يعني يتفرّق الناس فرق كتير، يعني هي فرقة أهل الحقّ ديه واحدة والتنيين دول 72، الـ72 دول تحت كل راية منهم أعداد قليلة من الناس يبقى جمهور الناس جمهور الناس في دئرة متابعة رسول الله صلى الله عليه وسلم وهذا من فضل الله ومنّته فهذه منّة بعد منّة ونعمة بعد نعمة.
يقول الحسن البصري – رحمه الله – يقول: السنّة والله الذي لا إله إلا هو بين الغالي والجافي، يعني ايه السنّة بين الغالي والجافي؛ يعني هي الوسط وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا أهل غلوّ وأهل جفاء.
يقول: فاصبروا عليها رحمكم الله فإن أهل السنّة كانوا أقل الناس فيما مضى وأقل الناس فيما بقي الذين لم يذهبوا مع أهل الاتراف في اترافهم ولا مع أهل البدع في بدعهم، وصبروا على سنّتهم حتى لقوا ربهم فكذلك إن شاء الله فكونوا.
بيصف الناس اللي هما أهل السنّة بايه؟ مين أهل السنّة دول الذين لم يذهبوا مع اهل الاتراف؛ أهل السرف وأهل التبذير وأهل التعلّق بالدنيا ونسيان الآخرة في اترافهم، ما راحوش معاهم، حينما اجتذبتهم الدنيا لم يذهبوا معهم وينسوا ربهم، وينسوا آخرتهم ولم يذهبوا مع أهل ابدع، أهل الإحداث في الدين في بدعهم، ولكن تمسّكوا وصبروا على سنّتهم حتى توفّاهم الله عليها وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ يبقى إذاً الحسن البصري بيقول إن السنّة هي ايه؟ السنّة: هي الاستنان بالقدوة صلى الله عليه وسلم في سبيل وأسلوب حياته مش مجرّد كما يظنّ كتير من الناس ممن ابتلينا بهم إن السنّة ديه مجموعة جمل كده أنت تبقى عارف شويّة جمل والناس دول عندهم كذا دول مبتدعة ودول مش عارف ايه.. لأ لأ لأ، بيتكلم السنة ديه منهاج حياة، فقبل ما يتكلم على البدعة اتكلم على الاتراف الأول، وبعدين البدعة، ثانياً، ” لم يذهبوا مع أهل الاتراف ولا مع أهل البدع في بدعهم ” .
يبقى إذاً السنّة إن الواحد يبقى بيتأسى في حياته برسول الله صلى الله عليه وسلم ويقتدي به، ويقتدي بصحابته رضوان الله عليهم، ” من كان على مثل ما أنا عليه اليوم وأصحابي ” يبقى إذاً النعمة والمنّة في هذا الميراث، الميراث الحقّ، ميراث الإيمان، الإسلام القرآن السنّة، طيب موقفنا منها عشان نشكر النعمة ونحفظ الميراث نعمل ايه؟ زي ما احنا المفروض لو جلنا الميراث الدنيوي بنعمل ايه عشان نحافظ عليه بنعمل ايه عشان ما يروحش مننا، الميراث الدنيوي مش بس نحافظ عليه، الميراث الدنيوي لو احنا ما استثمرناهوش نعتبر نفسنا مقصّرين ومضيعين، مش بس نحافظ عليه، يقول لك أصل الفلوس لو حطتها في البنك وبعدين طلّعت الزكاة، أصل أنا ما استثمرتهاش أصل مش عارف لو حصل ايه، أصل التضخم، ما هي هي، هي هي، ده ميراث وده ميراث، احنا ليه هنا بمنهج وهنا بمنهج، هنا بأسلوب وهنا بأسلوب، ايه الأولى من ايه؟ ايه الأحق من ايه؟ فأنا لو ما استثمرتش الميراث ورقّيته ونمّيته يضيع مني، فضلاُ عن إن أنا أبذّر فيه أو أضيّعه، المحافظة على الميراث، ولذلك قلنا من اللي بيضيّع الميراث، قلنا بقى الخطبة اللي فاتت كانت مبنيّة على ايه؟ اللي بيضيّع الميراث مين؟ ايه اللي بيضيّع الميراث؟ الحجب والحرمان، وقلنا الحرمان ده تلت حجات؛ الرق والقتل واختلاف الدين، يبقى اختلاف الدين إن أنا أخرج عن هذا السنن خالص نسأل الله السلامة والعافية، ديه حاجة؛ أخرج عن الطريق، أتّخذ لي ديناً آخر، ألحد في ديني، طب والتانية الرقّ، وقلنا الرقّ ده ايه إن أنا أسترقّ للدنيا وللشيطان، أبقى عبد الشهوة أو الهوى أو الشيطان أو المال الدرهم والدينار والقطيفة والخميصة والنفس الأمارة بالسوء وعبد للهوى وعبد للمأمور، وعبد للأحبار، وعبد للرهبان وعبد للكبراء وعبد للسادة، أبقى عبد لأي حد غير ربنا، كل من يؤثر محبوب وطاعة على طاعة الله يؤخر ربنا يقدّم حد فهو عبد لهذا الشيء أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ يقول صلى الله عليه وسلم: تعس عبد الدينار تعس عبد الدرهم، يقول الله تعالى أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَنْ لَا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ.
يبقى إذاً الرقّ ده إن أنا أكبّل نفسي بهذه القيود فأحرم نفسي من الميراث طب والتالت؛ القتل، إن أنا أقتل الدين وده اصعب يعني ايه أقتل الدين؟ الدين ده ربنا جعله للحياة وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ طب يبقى الدين للحياة واحنا بسلوكنا أو بممارستنا أو بالصورة اللي احنا بنعيش بها الدين نموّته نفقده اي قيمة أو أي تأثير أو أي قدرة على تغيير واقع الحياة سواء كان في ديار الإسلام أو في خارجها.
ولذلك سيدنا عمر شاف واحد عامل إن هو متخشّع، ماشي كده في إخبات وخشوع فعلاه بدرّته، وقال: لا تمت علينا ديننا أماتك الله، يعني ايه ” لا تمت علينا ديننا أماتك الله ” يعني ايه الكلمة ديه يعني ايه ” لا تمت علينا ديننا ” إن هو الدين مش الصورة ديه، لأ؛ ديه صورة الفاعلية والقوة والتغيير والتأثير في واقع الحياة، إظهار التخاشع وإظهار الزهادة والانقطاع والانزواء ده مش دين، وده ظهر في الزمان الأول عمر بن الخطاب هو اللي بيقول، ” لا تمت علينا ديننا أماتك الله ” إذا أنت حبّيت تميت الدين فأنت تستحق أن يميتك الله سبحانه وتعالى وأن يريحنا منك.
الشفاء بنت عبدالله، وروي عن عائشة أيضاً، رأت أناساً يتخاشعون في مشيتهم، قالت: من هؤلاء – هما عاملين كده ليه؟ هما ماشيين كده ليه؟ – قيل: إنهم نسّاك، دول ناس يعني عبّاد، قالت: كان عمر بن الخطاب إذا مشى اسرع وإذا تكلّم أسمع وإذا ضرب أوجع وكان هو الناسك حقّاً، وكان هو الناسك حقّا.
يبقى الحرمان تلت حجات: الخروج عن السنن، استرقاق النفس للأهواء وللشهوات وللمال وللدنيا، وإماتة الدين وإفساد صورته، طب والحجب، قلنا الحجب: إن أنا أحط حد ما بيني وما بين نور الوحي، ما بيني وما بين نور الله، ما بيني وما بين الدين، وما ضلّ من ضلّ في دينه إلا كذلك.
أنا اتّخذت لي شيخ، سواء شيخ طريقة، أو شيخ جماعة، أو أمير في النهاية حد أنا جعلته إمامي المطلق، إمامي المطلق يعني أنا ما بتلقاش غلا منه، ما بسمعش إلا منه ما بخدش الكلام إلا منه ومبفهمش الدين إلا منه، طب افرض إن هو ضلّ افرض إن هو ناقص، أصل ده إنسان، مش هقول ضلّ افرض إن هو ناقص، ما الإنسان،،، مفيش حد معصوم إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم كلٌ يؤخذ من قوله ويردّ إلا صاحب هذا القبر يقول مالك بن انس رحمه الله مينفعش أجعل حد قدوة نهائية إمام نهائي ربما كان صالحاً، لكنه كان في زمانٍ غير زمان، يناسبه اجتهاد دون اجتهاد، وضع دون وضع حال دون حال، فكل شخص محجوب هو بيده يحجب عنه نور الله تبارك وتعالى ويمنع نفسه من الميراث الحق، من إن هو يتعامل مباشرة مع مصدر الميراث اللي هو الكتاب، مع الوحي والنور ما نتّخذش حجب، احنا قلنا إن المحجوب في الميراث المادي هو بيحجب بأمر خارجي أما المحجوب في الدين فهو الذي يحجب نفسه بنفسه، هو الذي يحجز عن نفسه نور الله تبارك وتعالى ولذلك احنا قلنا إن العلماء والهداة والأئمة وظيفتهم ايه؟ إن هما يبصّرونا بالنور، يفهّمونا، يعلّمونا يشرحوا لنا الميراث يوضّحوا لنا الميراث، مش هيحلّوا محل الميراث لأ.
وهي الأزمة هنا احنا ليه بقينا شيع؟ لإن كل حد متخذ له إمام يحتجب به عن نور الله تبارك وتعالى وعمرنا ما هنتجمّع إلا إذا رجعنا للأصل الواحد وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ بِحَبْلِ اللَّهِ، بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا هو حبل واحد واصل ما بين الأرض للسماء لو احنا مش متمسكين كلنا بالحبل ده وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا مش كل شلّة لوحدها، واعتصموا جميعاً بحبل الله ولا تفرّقوا، هي كده حبل الله ده اللي هو ايه؟ اللي هو القرآن، طب لو احنا كل واحد عنده مراجعه فَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ زُبُرًا كتب ومراجع كل واحد عنده مرجعيّاته، كل واحد عنده المنافستو الديني بتاعه عمرنا ما هنجتمع، وعمر أمورنا ما هتنصلح، طول ما احنا كده هنبقى متنازعين وطول ما احنا متنازعين قال تعالى وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ هي كده، هي كده، هو الحجب والحرمان.
الخلاصة: في ميراث عظيم احنا لازم نشكر ربنا عليه إن ربنا وهبنا الإيمان ووهبنا التزام السنّة وهدي رسول الله صلى الله عليه وسلم من دون فعل منّا، احنا ما احدثناش فيه حاجة، احنا ورثناه وأقل نعمة يجب أن تشكر بأن تحفظ وتقدّر، لو احنا ما استثمرناش احنا بنضيّع، وهو حجبٌ وحرمان.
الحرمان تلت حجات، والحجب أن أتخذ حجاباً بيني وبين نور الله تبارك وتعالى فإذا أردنا أن نحفظ هذا الميراث عشان نورث الميراث النهائي مهو احنا في النهاية هدفنا ايه؟ احنا كلنا هدفنا الجنّة هدفنا الجنّة التي يورثها الله تبارك وتعالى للمتّقين تِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي نُورِثُ مِنْ عِبَادِنَا مَنْ كَانَ تَقِيًّا بس، عشان نورثها لو احنا عاوزين نورثها ميراثها موجود اللي الإيمان والكتاب، على مقدار ما أنا أتصل وأستمد واستثمر وأنتفع ربنا هيؤتيني من كنوز الإيمان ومن كنوز القرآن ولا تفتح لأي إنسان، لا تفتح إلا لمن يستحقّ، نسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعلنا ممن يستحقّ أن يرث ميراث الإيمان وممن يستحقّ أن يرث ميراث القرآن، وممن يستحقّ أن يورث الجنان
اللهم بعلمك الغيب وقدرتك على الخلق، أحينا ما علمت الحياة خيراً لنا وتوفنا إذا كانت الوفاة خيراً لنا
اللهم إنا نسألك خشيتك في الغيب والشهادة، ونسألك كلمة الحق في الغضب والرضا، ونسألك القصد في الفقر والغنى ونسألك الرضاء بعد القضاء، ونسألك برد العيش بعد الموت، ونسألك نعيماً لا ينفد وقرة عين لا تنقطع، ونسألك اللهم لذّة النظر إلى وجهك الكريم، والشوق إلى لقائك في غير ضراء مضرّة ولا فتنة مضلّة.
اللهم زيّنا بزينة الإيمان واجعلنا هداةً مهتدين.
اللهم إنا عبيدك بنو عبيدك بنو إمائك، نواصينا بيدك، ماضٍ فينا حكمك، عدلٌ فينا قضاؤك، نسألك اللهم بكل اسم هو لك سميت به نفسك أو أنزلته في كتابك أو علمته أحد من خلقك أو استأثرت به في علم الغيب عندك أن تجعل القرآن العظيم ربيع قلوبنا، أن تجعل القرآن العظيم ربيع قلوبنا، ونور صدورنا وجلاء همومنا وذهاب أحزاننا وغمومنا، اللهم ذكرنا منه ما نسينا وعلمنا منه ما جهلنا وارزقنا تلاوته آناء الليل وأطراف النهار على الوجه الذي يرضيك عنا
اللهم ألبسنا به الحلل اللهم أسكنا به الظلل، اللهم اجعلنا به عند النعماء من الشاكرين وعند الضراء من الصابرين، ولا تجعلنا ممن استهوته الشياطين فشغلته بالدنيا عن الدين، فأصبح من الخاسرين
اللهم اهدنا واهد بنا واهد لنا، واجعلنا سبباً لمن اهتدى، اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عنا، اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عنا، اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عنا
يا حي يا قيّوم برحمتك نستغيث أصلح لنا شأننا كلّه ولا تكلنا إلى أنفسنا أو إلى أحد من خلقك طرفة عين، اللهم ارحم موتانا، اللهم ارحم موتانا، اللهم اشف مرضانا، اللهم اشف مرضانا، اللهم اشف مرضانا
اللهم اغفر لنا وارحمنا وتب علينا، اللهم اغفر لنا وارحمنا وتب علينا، اللهم اغفر لنا وارحمنا وتب علينا إنك أنت التواب الغفور، اللهم اغفر لنا وارحمنا وتب علينا إنك أنت التواب الغفور، اللهم اغفر لنا وارحمنا وتب علينا إنك أنت التواب الغفور.
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم.