Generic selectors
المطابقات الدقيقة فقط
البحث في العنوان
البحث في المحتوى
Post Type Selectors
البحث حسب التصنيف
أحداث جارية
أسماء الله الحسنى
الأذكار
التلون
السيرة النبوية
القصص في القرآن
الكتب
بني آدم والشيطان
بني إسرائيل
تراجم
تربية
تربية
تفسير
جهد الغلبان في تبيان فضائل القرآن
خطب الجمعة
خطو خاتم الأنبياء ما بين اقرأ وإذا جاء
دروس
رمضان 1436هــ - 2015م
سلم الوصول إلى علم الأصول
عقيدة
غير مصنف
كتابات
كلمة التراويح
مسألة الرزق
من قصص كتاب التوابين
من هدي النبوة
مواسم الخير
هذه أخلاقنا

بسم الله ورسول الله

الحمد لله الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله وكفى بالله شهيدا، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له إقرارا به وتوحيدا، وأشهد أن محمد عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما مزيداً …

ثم أما بعد ،،،

عنوان حديثنا: بسم الله ورسول الله صلى الله عليه وسلم .

بسم الله ورسول الله، قد كنا قبل ذلك مع بسم الله والحياة، ولما كنا مع بسم الله والحياة هل كنا غائبين أو غاب عنا رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ حاشا وكلا.

فمع كل بسم الله كان معنا رسول الله صلى الله عليه وسلم تكلمنا عن بسم الله وهي الشفاء وهي الدواء، فرأينا جبريل عليه السلام وهو يعود رسول الله صلى الله عليه وسلم ورأينا رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما يأتيه من يشتكي أنه قد لُدغ، يأتيه من يشتكي أنه يعاني من داء دَويٍ لا يعلم له دواءًا أصابه منذ أسلم، رأينا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يعود مرضى المسلمين ويدعو لهم ويُبَرِك عليهم، ثم ذكرنا بسم الله وهي تحيط بالحياة في منشأ حياة الإنسان في مدخله وفي مخرجه، في حركته في هذه الحياة.

 وإذاً فرسول الله صلى الله عليه وسلم كان معنا كلما ذكرنا اسم الله تبارك وتعالى وحُقَّ له صلى الله عليه وسلم أن يكون معنا في كل حركة وسكنة فهو معلمنا ومرشدنا وموجهنا صلى الله عليه وسلم ، لا معلم لنا إلاه ولا موجه لنا سواه صلى الله عليه وسلم .

 قد سمعنا أو ربما علمنا أن المعلم الأول هو ارسطو وأن المعلم الثاني هو الفارابي، هكذا قد عُلمنا ولا أدري بم استحق هذا الرجل أن يكون معلما أو هل يُقصد بالمعلم الأول الذي لم يكن في البشرية معلم قبله؟ فأين كان آدم عليه السلام ثم الرسل من بعده؟! أما نحن فمعلمنا وموجهنا هو رسول الله صلى الله عليه وسلم وكفى بهذا نعمة ومنة، وكفى بهذا نعمة ومنة، لكننا اليوم مع بسم الله ومواقف مع رسول الله صلى الله عليه وسلم .

يدعوه ربه تبارك وتعالى إليه فيصعد فوق سبع سماوات صلى الله عليه وسلم فيكلمه ربه تبارك وتعالى ويفرض عليه وعلى أمته خمسين صلاة في كل يوم وليلة، ويهبط صلى الله عليه وسلم مسَلما راضيا فيحتبسه موسى عليه السلام فيقول يا محمد: ماذا عهد إليك ربك؟، وما أدراه صلى الله عليه وسلم أن قد عهد إليه ربه بشيء؟ ويكأنه قد استقر في علمه أنه ما ارتفع عبد منزلة إلى الله تبارك وتعالى إلا قابل هذه المنزلة مزيدا من الشكر ومزيدا من العبادة ومزيدا من التقرب لله تبارك وتعالى ، قال: ماذا عهد إليك ربك؟، قال: عهد إليَّ خمسين صلاة في كل يوم وليلة، قال: ارجع إلى ربك فسأله التخفيف فإن أمتك لا تستطيع ذلك، فاسأله أن يخفف عنك وعنها، فالتفت صلى الله عليه وسلم إلى جبريل عليه السلام ويكأنه يستشيره في ذلك أيفعل أم لا يفعل. فنعم المستشير هو صلى الله عليه وسلم ونعم المشير جبريل عليه السلام. كان صلى الله عليه وسلم يستشير في جميع أموره، فهو يلتفت إلى جبريل عليه السلام العالم بما ينبغي في حق الله تبارك وتعالى وما لا ينبغي، أيشير إليه بذلك أم لا، فأشار إليه جبريل أن نعم إن شئت، فعلَىَ إلي ربه تبارك وتعالى فقال: يا رب إن أمتي لا تستطيع ذلك فخفف عنا. فوضع الله عنه – سبحانه وتعالى – عشر صلوات، فعاد هابطا فاحتبسه موسى عليه السلام أيضا ثم أوصاه أن يرجع إلى ربه فيسأله التخفيف فبقي صلى الله عليه وسلم صاعدا إلى ربه محتبسا عند موسى أربع مرات، فلما كان في الخامسة قال له موسى عليه السلام: يا محمد والله لقد راودت بني إسرائيل قومي على ما هو دون ذلك فضعفوا عنه فتركوه، وإن أمتك أضعف أجسادا وقلوبا وأسماعا وأبصارا فارجع إلى ربك تبارك وتعالى فليخفف عنك، فعاد إلى ربه صلى الله عليه وسلم فقال الله تبارك وتعالى يا محمد، قال: لبيك وسعديك، فقال سبحانه إنه لا يبدل القول لدي وإنها في أم الكتاب خمسين والحسنة بعشر أمثالها فهي خمسين في أم الكتاب وهي خمس عليك وعلى امتك، فهبط بها رسول الله صلى الله عليه وسلم فاحتبسه موسى عليه السلام أيضا وقال: يا محمد لقد راودت بني أسرائيل وعالجتهم أشد المعالجة وإن أمتك لا تطيق ذلك، فقال صلى الله عليه وسلم : والله يا موسى قد استحييت من ربي من طول ما قد راجعته، فقال جبريل عليه السلام قال: فاهبط بسم الله.

لما قد استقر الأمر أمره جبريل عليه السلام أن يعود أدراجه إلى الأرض يحمل إلى عباد الله هذه النعمة الإلهية الكبرى التي هي نعمة الصلاة التي هي الصلة بين العبد وبين الرب، قال جبريل عليه السلام: فاهبط بسم الله.

 ثم مضت سنوات وسنوات وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم يقصد مكة معتمرا فاعترضته قريش ومنعته من أن يدخل إلى بيت الله تبارك وتعالى ، ثم جرت الأمور على أن يُمضي بينه وبينهم صلحا، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم عليًا أن يكتب، فقال: اكتب بسم الله الرحمن الرحيم، فقال سهيل بن عمرو المفاوض لرسول الله صلى الله عليه وسلم: إنا لا نعرف الرحمن ولكن اكتب باسمك اللهم كما كنت تكتب، فقال: باسمك اللهم، ثم قال: هذا ما عقد عليه محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم سهيل بن عمرو، فقال سهيل: والله لو علمنا أنك لرسول الله ما صددناك عن البيت وما قاتلناك ولكن اكتب باسمك واسم أبيك، فقال: هذا ما عقد عليه محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم سهيل بن عمرو، وحينئذ تأبى علي من الكتابة وغضب الصحابة أن يمحو رسول الله صلى الله عليه وسلم من الكتاب صفته، فقال صلى الله عليه وسلم أما إني رسول الله – سبحانه وتعالى – وإن كذبتموني، فلما أبى علي أن يمحوها أخذها رسول الله صلى الله عليه وسلم فمحاها بيده، ثم كتب كما أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم . لما جاءه سهيل بن عمرو ورأه رسول الله صلى الله عليه وسلم مقبلا قال: سهل لكم أمركم. ما معنى سهل لكم امركم؟ أنه قد تهيأ وقد تيسر. طيب فهل سهل الأمر حقا وفعلا؟ هل كان ما فعله سهيل بن عمرو من تعنت كان تسهيلا وتيسيرا؟ هل كانت شروط هذه المعاهدة التي كانت مجحفة برسول الله وأصحابه هل كانت تسهيلا وتيسيرا؟ أم لم تكن؟ وما موقفنا نحن من ذلك؟ إنه إذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم سهل لكم أمركم علمنا يقينا أنه لا ينطق عن الهوى وإذًا فقد سهل لنا أمرنا كما أخبر صلى الله عليه وسلم ، فإذا جرت أمورنا على عكس هذا التسهيل وهذا التيسير ماذا يكون الحال وكيف يكون الشأن؟ أنكذب نظرنا ونصدق ما أخبرنا به؟ أم نرى أنه قد أخبر بخلاف الحق أو بخلاف الواقع أو بخلاف الحقيقة؟ كيف يكون الحال؟ وكيف يكون الشأن؟ وماذا نحن صانعون في مثل هذا؟ إذًا قال صلى الله عليه وسلم سهل لكم أمركم ونحن أهل الإيمان إذًا فنحن نسلم ونصدق، طيب فبماذا نفسر ما يبدو أنه ليس تسهيلا وليس تيسيرا؟ إنه صلى الله عليه وسلم يذكر تسهيلا وتيسيرا في أنه أراد أن يمضي أمرا من الصلح ومن المسالمة ليسود الأمن والسلام في جزيرة العرب فيهيأ الأمر لأن يستمع الناس إلى دعوة الحق فيقبلها منهم من يقبل من دون تعصب ومن دون صدود ومن دون منع، وقد تم له ما أراد صلى الله عليه وسلم وسماه الله تبارك وتعالى فتحا مبينا على خلاف ما كان الناس يرون ويظنون، وإذًا فعلى خلاف ما قد يبدو لنا أنه بالفعل قد سَهُل لنا أمرنا ثم ترتب على هذا التسهيل والتيسير ما هو خير وأفضل بعد أمد من الزمان لم يكن طويلا لكننا لم نكن نرى في هذه اللحظات أن أمرنا قد سَهُل بل كنا نراه بخلاف ذلك. ونحن بإزاء هذا إما مؤمن مصدق يتلمس الحكمة مما قال صلى الله عليه وسلم ويتلمس وجه التيسير وهو يعلم أن ثمة تيسيرا لأنه قد أخبر، ومنا من يتجاوز الأمر أو لا يفكر فيه لأنه يخشى على نفسه الشك والاضطراب، ومنا من ربما يتشكك فعلا، لكن جادة الطريق والصواب أن توقن أنه لا يخبر إلا بحق ثم تتلمس وجه السهولة والتيسير والحكمة والمصلحة فيما أشار إليه وفيما وجَّه، ثم يأتينا السؤال ماذا تنقم قريش من الرحمن الرحيم؟ هو يكتب في بداية كتابه بسم الله الرحمن الرحيم، أبت قريش أن تكتب بسم الله قال سهيل باسمك اللهم كما كنت تكتب، وما الفرق؟ وما أنكرت قريش من رحمة الله تبارك وتعالى؟ ليه؟ ايه المشكلة أن اكتب بسم الله الرحمن الرحيم؟ إنما هو التعنت وفقط إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ هكذا قال الله – سبحانه وتعالى – ولذلك قال اكتب كما كنت تكتب هو لا يريد أن يقر أو يقبل شيئا أتاه به رسول الله صلى الله عليه وسلم وهذا هو فيصل التفرقة بين اهل الإيمان وبين غيرهم، هم يقبلون ما جاءهم عن الله وعن رسول الله صلى الله عليه وسلم ويتقبلون هذا الخير وهذه النعمة وهذه الهداية وأما غيرهم فلا يقبلون ولا يسلمون.

ثم يكتب بعد الحديبية رسول الله صلى الله عليه وسلم كتبا إلى الأمراء وإلى الملوك في جزيرة العرب وما حولها فيسطر بسم الله الرحمن الرحيم ومن ذلك كتابه إلى هرقل وقد ذكرناه قبل ذلك تسطره صلى الله عليه وسلم ببسم الله الرحمن الرحيم من محمد بن عبدالله ورسوله إلى هرقل عظيم الروم، سلام على من اتبع الهدى أما بعد فإني أدعوك بدعاية الإسلام أسلم تسلم، أسلم يؤتك الله أجرك مرتين فإن توليت فإن عليك إثم الأريسيين، فيا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ألا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئا ولا يتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون الله فإن تولوا فقل اشهدوا بأنا مسلمون.

أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم…

 الحمد لله رب العالمين, فهكذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم كما ذكرنا وكما أسلفنا في الخطب الماضية, هو يتحرك ببسم الله تبارك وتعالى في كل حركة وسكنة, هو يستظهر ببسم الله تبارك وتعالى في كل فعلاٍ وشأن, في حركته وفي دخوله وفي خروجه وفي كتبه وفي أفعاله وفي صعوده إلى ربه تبارك وتعالى وفي نزوله إلى الأرض, هكذا هو صلى الله عليه وسلم دائماً معتصماً مستمسكاً ببسم الله تبارك وتعالى.

 بقي علينا أن ندرك لماذا أراد صلى الله عليه وسلم أن يكتب بسم الله الرحمن الرحيم؟, وهذا نرجئه إلى الجمعة المقبلة بإذن الله وبقي علينا أن نعود مرة أخرى إلى مكة, رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو الناس إلى ربهم وقد ضجت به قريش, وذهبت إلى أبي طالب مراراً تطلب منه أن ينهى ابن أخيه صلى الله عليه وسلم عن عيب دينهم وسب آلهتهم, وهو يردهم في كل مرة رداً ليناً, ثم أنهم ضجوا من ذلك فأتوه فشددوا عليه وقالوا: إنا نحفظ لك قدرك وشرفك ومكانتك لكننا لا نصبر من ابن أخيك على ما يفعل, فإن لم تنه فإنا عازمون على قتله, فرأى منهم الجدة والصرامة والعزم على ما يقولون, فأتى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: إن قومك قد أتوني وأسمعوني فيك ما لا أحب وقد حملوني من أمري ما لا أطيق, فلا تحملني من أمري وأمرك ما لا تطيقه ولا أطيق, فرأى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن عمه قد ضعف عن نصرته وأنه سوف يسلمه, فقال: والله يا عم لَوْ وُضِعَتِ الشَّمْسُ فِي يَمِينِي وَالْقَمَرُ فِي يَسَارِي على أن أترك هذا الأمر حتى أنفذه أو أهلك ما فعلت, ثم استعبر رسول الله صلى الله عليه وسلم فبكى, استعبر أي أخذته العَبرة, فلما رأى أبو طالب ذلك فقال: يا ابن أخي أفعل ما شئت فوالله لا أسلمك لشيء أبداً, لماذا قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم ما قال؟ هو يريد أن يبين له أن الأمر ليس في طوقه وليس بيده, لو كان الأمر بيده هو صلى الله عليه وسلم لكف عن عمه ما لقي من الضغوط, لكنه لا يستطيع أن يفعل ذلك حتي أنه أخبره بشيء معجز لا يمكن أن يأتي به, يا عم لو أتيت بالشمس وبالقمر ووضعت هذه في يمناي وهذه في يسراي ما استطعت أن أدرك هذا الأمر لأنه أمر من الله, لا يمكنني أن أخون أمانة الله, فأدرك أبو طالب أن الأمر ليس بيده فعزم على أن يستمر في نصرته, فأرادت قريش أن تقتله علانيةً جهاراً وأتت إلى أبي طالب فقالت: إنا ندفع لك الدية مضاعفة ,نديك الدية اتنين بدل واحد, ونأتي برجل من غير قريش, مبيبقاش فيه تار بينا وبين بعض, نأتي برجل من غير قريش فيقتله, فأبى عليهم, فلما رآهم عازمين جمع بني هاشم وبني عبد المطلب المؤمن منهم والكافر وأراد منهم أن يدخلوا شِعب أبي طالب لكي يحموا رسول الله صلى الله عليه وسلم, فلما رأت قريش ذلك قررت وتعاقدت على أن تقاطعهم إقتصادياً وإجتماعياً, لا يكحونهم ولا ينكحون منهم ولا يبعونهم ولا يبتاعون منهم ولا يقبلون منهم صلحاً ولا تأخذهم بهم رأفة حتى يسلموا رسول الله صلى الله عليه وسلم للقتل, وكتبوا بذلك كتاباً وعلقوه في جوف الكعبة.

 ودخلت بنو هاشم وبنو عبد المطلب في شِعب أبي طالب كما قلنا مسلمهم وكافرهم إلا أبو لهب, خرج إلى قريش وقال: أني لست معهم ولا أعينهم بشيء أبداً, ورأى هند بنت عتبة وقال: يا بنت عتبة هل نصرت اللات والعزي؟ وفارقت من فارقها وظهر عليها؟ قالت: نعم جزاك الله خيراً با أبا عتبة !, هو كده مبسوط.

 ثم بقي أهل الإسلام ومن معهم على هذا الحال ثلاث سنين, حتي ضاق بهم الأمر ضيقاً شديداً, وربما هلك من صبيانهم وكبارهم من هلك, وكانوا إذا أرادوا أن يخرجوا فيشتروا شيئاً أو يبيعوه منعتهم قريش وإذا جاء رجلٌ من غير قريش ببضاعة يبعيوها أسرع قريش فاشترتها منهم حتي لا يصل إليهم منها شيء, ولكن لا تعدم في هذا المجتمع من أناس بقيت في قلوبهم رحم ورحمة, لكنهم كانوا قلةً في هذا المجتمع الذي اشتهر بأنه يكرم الحجيج ويحسن إليهم ويخدمهم ويخدم بيت الله, لكنهم حينما أتوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قطعوا أرحامهم وتعاهدوا ألا تأخذهم بهم رأفة ولا رحمة.

 فكان هشام بن عمرو رجل من بني عامر بن لؤي, كان يأتي بالبعير فيوقره طعاماً أي شعيراً, ثم يأتي به إلى فم الشعب ليلاً فيقطع خطامه ثم يضربه في جنبه فيدخل عليهم الشعب, ثم يأتي بالبعير قد أوقره براً فيفعل به مثل ذلك.. وهكذا, فأتي بيوم بثلاثة أحمال من طعام, يعني جاب تلت جمال ووضع عليها الطعام, ثم أرسلها إلى فم الشعب كما كان يفعل فعلمت به قريش, هو كل حبة بيدخل جمل ماشي لكن تلت جمال مرة واحدة كده.., فأتوا إليه فكلموه فقال: لا أعود إلى شيء يخالفكم, خلاص مش هعمل كده تاني, فلما كان بعد قليل أتى بحمل أو حملين فأرسلهم باليل كما كان يفعل, فأتت إليه قريش فناكروه وهموا به, هيعتدوا عليه يعني, فقال أبو سفيان, قال: دعوه هذا رجل يصل رحمه, وقد والله كنا أولى بذلك أن نفعله, وإني والله ما أحببت وما رضيت ما قد فعلتم, وإنه قد تكون العداوة بأجمل من هذا وأحسن, المجتمع برضة فيه ناس لازالت تعرف الحق, ولذلك كان أمثال أبي سفيان في مآل أمرهم أنهم ربما أرشدهم الله إلى خير فاستجابو لأن هذه القلب كان قد بقي فيها بقية من رحمة, بخلاف آخريين لم تأخذهم لا رحمة ولا رحم بهؤلاء.

 فتركوه, ثم جاء حكيم بن حزام, وكانت خديجة رضي الله عنها عمته, فأتى ومعه غلاماً يحمل قمحاً يريد أن يدخل به الشعب, فأوقفه أبو جهل وتعلق به وقال: تحمل طعاماً لبني هاشم !! فوالله لا أتركك وطعامك حتى أفضحك في مكة, الناس كلها تعرف أنك نقضدت التعاقد الذي تعاقدناه سوياً, فقال له أبو البختري بن هشام: قال: رجل كان لعمته عنده طعام, يريد أن يحمل للمرأة طعاماها, أفتمنعه من أن يحمل إليها طعامها؟!!, خلي بين الرجل وطريقه, فأبى أبو جهل, فتعلق به أبو البختري, مسكوا في بعض, ثم أخذ أبو البختري لحي جمل, فك جمل يعني من على الأرض, فضربه فشجه ثم وطأه, يعني وقع فوق منه ومسكوه يضربه ثم وطأه وطئً شديداً, فرآهم حمزة رضي الله عنه, فلما رأوه قد رآهم أنكفوا لئلا ينتقل الخبر إلى رسول الله وإلى أصحابه وإلى بني هاشم فيشمتوا فيهم.

 والمطعم بن عدي أدخل أربع جزائر, يعني أربع جمال إلى الشعب, وقال: إن لهم لقرابة ورحماً وإنهم قد تلفوا, بقالهم تلت سنين, خلاص الناس هتموت, فقال أبو جهل: لا ننكر برك وفضلك, هو راجل له مكانة فهو مش هيقدر يتجاوز معاه, غير حكيم بن حزام ممكن يكون أقل شوية فممكن يمسك فيه, لكن دا مش هيقدر يعمل معاه حاجة, فقال: لا ننكر برك وفضلك ولكن لو أدخلتها ليلاً, مش بالنهار على أعين الناس, لئلا يرى ذلك الصبيان وسفهاء الناس فيتركون ديننا ويتجرئون علينا ويتبعون محمداً, فقال: أني لست على دين محمد ولا أترك دين آبائي ولكن لهؤلاء رحماً فأنا أصلها, وإني والله لا أأمن مما فعلنا أن يعاقبنا الله تبارك وتعالى بظلمنا وإجحافنا, فتركه وسكت.

 ثم أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم عمه أن الله تبارك وتعالى أرسل على هذه الصحيفة دابة الأرض, الأرضة, فنحست ما كان فيها من اسمٍ لله وتركت ما كان فيها من ظلم وقطيعة وجور, وهذا هو شاهدنا فيما نقول, احنا بنقول القصة دي كلها ليه؟ علشان الكلمتين دول, الوثيقة المبنية على الجور والظلم والتعدي, بما صدرت؟ ببسمك اللهم !, طيب حينما صدرت هذه الصحيفة ببسمك اللهم, هل كان هذا لله رضاً؟ يعني حينما ذُكر اسم الله تبارك وتعالى على هذه القطيعة والظلم هل نالت بذلك تأييد الله وبركة الله تبارك وتعالى؟, هي بسم الله دي ليه؟ بسم الله دي مقدمة أنا أضعها بين يدي شيء هو لله عزوجل رضاً, هو لله عزوجل طاعة هو في إطار القبول من الله تبارك وتعالى فأقدم بين ذلك بطلب العون والمدد والتثبيت والتأييد والبركة من الله لما يحب ولما يرضى, فإذا وضعت بين يدي جورٍ وظلمٍ وتعدٍ وقطيعة, هل أصلحت بسم الله أو بسمك اللهم التي وضعت هاهنا هل أصلحت هذا الجور وهذا الظلم وهذه القطيعة؟ ولذلك أراد الله تبارك وتعالى أن يبرأ من الظلم, فمحى اسمه تبارك وتعالى منها وأبقاها خالصةً للظلم والبغي.

 فإذاً الله تبارك وتعالى لا يبارك ظلماً ولا جرماً ولا قطيعةً ولا يرضي عنها, وإن قدمنا نحن بين يدها ببسم الله فإن هذا لا يحيلها عن حقيقتها ولا يغيرها, ولكن الله تبارك وتعالى جعلها آية لنبيه فمحاها من كتاب قريش, فهل يمحهوها الله من كل كتاب؟!, يعني إذا أتى قوم من بعد زمان النبوة ففعلوا مثلما فعلت قريش وكتبت: بسمك اللهم, هل يمحوها الله تبارك وتعالى لكي يعلمنا أنه لا يرضى عن الظلم والجور والقطيعة؟ أم جعلها لنا آية وعلامة أن ندرك أن بسم الله لا يكون عى الظلم وعلى الجور وعلى البغي وعلى القطيعة؟.

 فأتى أبو طالب إلى قريش قال: إن ابن أخي قد ذكر لي أن ربه أخبره, وما يكذب ابن أخي, أن الله تبارك وتعالى قد محى اسمه من هذه الصحيفة فأبقى فيها غدركم وظلمكم وجوركم فإن كان ما يقوله حقاً فراجعوا أمركم واعلموا أنكم قد ظلمتم, وإن كان ما يقوله باطلاً فإني اسلمه لكم تقتلونه أو تفعلون به ما تشاءون, قالو: قد رضينا, دي عبارة مرضية, إنك قد أنصفت.

 فأتوا بالصحيفة فوجودها كما أخبر فماذا صنعوا؟ لم يزدادوا إلا بغياً وعدوناً وظلماً, قالوا: هذا سحر ابن أخيك, فقالوا, الناس اللى جيين معاه: إن أولى بالسحر منا غيرنا, فقال أبو طالب: علام تصرون على ظلمكم وبغيكم وقد علمتم أن الله تبارك وتعالى قد فعل ما فعل بهذه الآية, ثم تعلق بأستار الكعبة ودعى على من ظلمه أو تعدى عليه.

 فلما كان ذلك ورأى بعض هؤلاء الرجال الذين ذكرنا منه أهل الإحسان رأوا ذلك ورأوا هذه الآية سعوا في أن ينقضوا هذه الصحيفة, وكان لهم في ذلك قصة ولكن لا يتسع الوقت لذكر تفاصيل هذه القصة, ربما ذكرناها في وقت آخر.

 فإذاً الله تبارك وتعالى حينما شاء وقدر أن يمحوا هذا الظلم أو يرفع عن كاهل رسول الله صلىى الله عليه وسلم وعن أصحابه وعن من ناصرهم هذا البغي, وقد استمر زماناً, كان سبحانه وتعالى يقدر أن يمنع عنهم هذا الظلم ولا تستطيل عليهم قريش كل هذا, كل هذه الاستطاله, ويبقوا هذا الزمان الطويل في هذا الشِعب, من سنة سبعة لسنة عشرة !, لكن له سبحانه وتعالى حكمة في كل ما يقضي وفي كل ما يقدر.

 ثم لما أذن تبارك وتعالى برفع ذلك, بدأ ذلك سبحانه وتعالى بأن يعلن في عليائه أنه قد برئ من هذه الصحيفة, ثم كان هذا مقدمة لمن سخر من عباد الله ممن كانوا إذاك على الشرك, هي كل الناس اللى اشتركت في نقض الصيحفة كلهم كانوا على دين لم يكونوا على دين رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه وإنما كانوا على دين قريش, لكنه سبحانه وتعالى هيأ هؤلاء وسخرهم لكي ينقضوا هذه الصحيفة, فهو سبحانه وتعالى يؤيد حقه ودينه بمن يشاء, وربنا أيد دينه كما أخبر صلى الله عليه وسلم بأقوام لا خلاق لهم, أي ليس لهم من رحمة الله نصيب, لكنه سبحانة وتعالى يؤيد أمره بما يشاء.

 يبقى خلاصة اللى احنا عايزين نقوله, بسم الله محلها فين؟ بسم الله قدرها ومكانتها؟, ناهيك على إن احنا ممكن في موقف من مواقف السيادة أن يتكلم متكلم فيقول بين يدي كلامه مستفتحاً كلامه ببسم الشعب !, طب على ما أدركناه من معنى بسم الله, أنا لما أقول بسم الشعب دي معناها ايه؟ إذا استفتحت كلامي ببسم الشعب أنا أقصد بها ايه؟ طيب بسم الله احنا فهمنا, هنشيل ربنا ونحط الشعب !.. طب ايه؟ معناها ايه؟ يعني أنا استمد من الشعب !! استعين بالشعب ! أتلمس بركات ورحمات الشعب ! مين الشعب؟!.

 فهذه الكلمة في هذا الموطن بتمثل توجهات عامة, أصل دي مش كلمة بيقولها شخص عادي, الكلمة دي بتمثل توجهات عامة لأمة, فإذا قال بسم الشعب تبقى دي تعني توجهات وتعني دلالة معينة, كلمة ذات خطر عظيم, احنا هنشيل اسم الله ونحط الشعب, وبعدين نخليها اسم الله واسم الشعب, شراكة يعني, وبعدين نخليها بسم الله, حتي لو بسم الله مش موجودة حقيقي, حتي لو مش موجودة في الواقع, بس أنا لو قلت بسم الله يبقى أنا في النهاية على الأقل وضعت شعاراً ربما أحققه أو أمتثله في يوم من الأيام.

 فهذه الكلمات كلمات ذات خطر, هي كلها بتمر علينا, احنا عمرنا ما فكرنا في الكلام دا, أهوا كلام وخلاص, لأ.. بس الكلمات دي كلمات ذات خطر, لأن كلمة بسم الله زي ما قلنا إن أنا بعتمد على الله, بلجأ إلى الله, باستمد من الله, أعلم أن الأمر كله بيد الله, أصل أنا باستمد من ربنا ليه؟ دا فرع عن إيماني بعظمة الله وقدرة الله ورحمة الله تبارك وتعالى لا يتحرك شيء ولا يسكن إلا بأمر الله سبحانه وتعالى, أنه لا يملك القوة إلا الله, لا يملك السلطان إلا الله, لا ييسر الأمور إلا الله, لا يمضي ما نريد إلا الله, لا يصرف عنا السوء إلا الله, لا يجلب لنا الخير إلا الله, حينئذٍ من منطلق هذا الإيمان نحن نستمد من الله, هذه حقيقة التوكل فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ اللجوء إلى الله.

 طيب بسم الله دي اللى لابد أن تكون معانا على طول تبقى بسم الله في ايه؟ في كل ما يرضي الله, في كل ما يحبه تبارك وتعالى, في كل ما كان لله طاعة, لا يمكن ولا يصلح ولا يكون أن تكون بسم الله فيما لا يرضي الله, كيف استعين بالله على ما يسخط الله؟ كيف أطلب المدد من الله على ما لا يرضيه تبارك وتعالى؟.

 يبقى إذاً بسم الله دي المفروض تصلح سلوكي كله لأن أنا مينفعش أقول بسم الله إلا على ما يرضي الله, يبقى المفروض بسم الله دي لو أنا عقلتها تكفني على كل ما يسخط الله, ودا حاجة من اتنينيا إما أركن بسم الله, يا إما أبعاد ما يسخط الله, لكن لو حطيت بسم الله على ما يسخط الله يبقى أنا أصلاً مأدركتش معنى بسم الله, معظمتش معنى بسم الله, مأحسنتش إلى بسم الله, أنا مأدركتهاش, مفهمتهاش أصلاً أو ربما غفلت عنها بالكلية, احنا ربما برضة كتير للأسف بننسى اسم الله, بننسى اسم الله دي معناها ايه؟ معناها إن احنا بنعتمد على الذوات, يعني أنا ممكن أكون بعمل حاجة هي طاعة لله, أنا بعمل حاجة هي طاعة لله, بعملها بقوة الذات ولا بعملها بقوة الله؟ مهما لازم الاتنين, لازم أنا أكون ببسم الله فيما يرضي الله, وببسم الله في الاستعانة بالله, في التوكل على الله, في الاعتماد على الله إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ قلناها كتير إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ وستأتي معنا احنا بتكلم أصلاً على مقدمة الفاتحة, إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ.

 يبقى إذاً صلاح الأمور كلها هو في الكلمة دي: بسم الله, بسم الله علشان تبقى بجد؟ تقتضي حاجتين: الاستعانة بالله على ما يرضي الله, طلب العون من الله فيما يحبه الله ويرضاه, وإلا لم تكن بسم الله, لو احنا شايفين إن احنا قوتنا الذاتية تكفينا واحنا مش محتاجين ربنا فدا موضوع, لو احنا شايفين إن بسم الله دي أصبحت مهينة نحطها في أي حاجة حتى لو كانت في سخط الله يبقى دي حاجة تانية, لكن لو عايزين بسم الله بجد, عايزين نستظل بظل الله بجد, عايزين نحتمي بالله بجد, عايزين السعادة بجد, عايزين الهداية بجد, فهي بسم الله, بس على فكرة, هي بسم الله, بسم الله بين يدي كل حاجة, يبقى أنا معناها إيه؟ إن أنا دلوقتي بحتمي بحمى الله, لو أنا عايزه طب لو مش عايزية؟ خلاص, طب لو أنا عايزية؟.. محتاجة؟ أقف بين يديه, ولذلك اللى احنا تعلمناه من معلمنا صلى الله عليه وسلم أن بسم الله دي في كل حاجة, مكانش بيترك بسم الله في أي أمر, كان جليلاً الأمر أم غير جليل. كان كبيراً الأمر أم كان صغيراً, لآن مفيش حاجة هتتم بدون ربنا حتى لو حاجة صغيرة أو كبيرة كله بيتم بعون الله, كله بيتم بكلمة الله كله بيتم بأمر الله, مفيش حاجة بتتم من غير عون الله وتيسيره وتأييده وتسديده, النبي صلى الله عليه وسلم قال إن الواحد بيستعين بالله على أمره حتى على شسع نعله إذا انقطع, واحد الأبزين بتاع الصندل بتاعه اتقطع يستعين بالله عشان يعمله, قال: فإنه إن لم ييسره الله لم يتيسر, حتى الشيء الصغير لو مكانش ربنا هيسيره مش هيتيسر.

 فإذاً كل اللى احنا عايزين نطلع بيه هي الكلمة دي بسم الله, بسم الله دي لو استقامت استقامت الحياة, ببسم الله تستقيم الحياة.

 اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه, أرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه, اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه, وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه.

 اللهم إنا نسألك رحمة من عندك تهدي بها غائبنا وتجمع بها شتات أمرنا, اللهم ارحمنا برحمة تغنينا بها عن رحمة من سواك, اللهم ارحمنا برحمة تغنينا بها عن رحمة من سواك.

 اللهم إنا نسالك فعل الخيرات وترك المنكرات, وحب المساكين وأن تغفر لنا وترحمنا وتتوب علينا وإذا أردت بقوم فتنة فاقبضنا إليك غير مفتونين.

 اللهم إنا نسالك حبك, اللهم إنا نسالك حبك, اللهم إنا نسالك حبك وحب من يحبك وحب عمل يقربنا إلى حبك.

 أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم.