إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا.
إنه من يهدي الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمد عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم.
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ
يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا
ثم أما بعد ،،،
حديثنا اليوم يتعلق بحقوق المرأة في الإسلام، نحن نتكلم عن بيت النبوة وكيف تعامل صلى الله عليه وسلم مع النساء وما قدّمه لنا من نموذج في التعامل ونقدّم بين يدي ذلك بكلام عن طبيعة النساء وصفاتهن وما يتميّزن به من بيان ربنا تبارك وتعالى ومن بيان نبيّنا صلى الله عليه وسلم، سوف نقرأ كلمات في بيان هذه المسألة، وهي إنما كتبت ردّاً على إدعاءات تدّعى على الإسلام، أنه يغمط المرأة حقوقها ويفضّل الرجال على النساء، وسوف نقرأ الكلام بنصّه ثم يكون ربما ثمّ تعقيب.
العنوان حقوق المرأة في الإسلام ” لقد كرم الإسلام المرأة تكريما عظيما، كرمها باعتبارها ” أُمّاً ” يجب برها وطاعتها والإحسان إليها، وجعل رضاها من رضا الله تعالى، وأخبر أن الجنة عند قدميها، أي أن أقرب طريق إلى الجنة يكون عن طريقها، وحرم عقوقها وإغضابها ولو بمجرد التأفف، وجعل حقها أعظم من حق الوالد، وأكد العناية بها في حال كبرها وضعفها، وكل ذلك في نصوص عديدة من القرآن والسنة: قوله تعالى: وَوَصَّيْنَا الإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًاوقوله: وَقَضَى رَبُّكَ أَلا تَعْبُدُوا إِلا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلا كَرِيمًا وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا وعند ابن ماجه عَنْ مُعَاوِيَةَ السُّلَمِيِّ رضي الله عنه قَال َ: أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي كُنْتُ أَرَدْتُ الْجِهَادَ مَعَكَ أَبْتَغِي بِذَلِكَ وَجْهَ اللَّهِ وَالدَّارَ الآخِرَةَ: قَالَ: وَيْحَكَ أَحَيَّةٌ أُمُّكَ؟ قُلْتُ: نَعَمْ. قَالَ: ارْجِعْ فَبَرَّهَا. ثُمَّ أَتَيْتُهُ مِنْ الْجَانِبِ الآخَرِ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي كُنْتُ أَرَدْتُ الْجِهَادَ مَعَكَ أَبْتَغِي بِذَلِكَ وَجْهَ اللَّهِ وَالدَّارَ الآخِرَةَ، قَالَ: وَيْحَكَ ! أَحَيَّةٌ أُمُّكَ؟ قُلْتُ: نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ: فَارْجِعْ إِلَيْهَا فَبَرَّهَا. ثُمَّ أَتَيْتُهُ مِنْ أَمَامِهِ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي كُنْتُ أَرَدْتُ الجهادَ مَعَكَ أَبْتَغِي بِذَلِكَ وَجْهَ اللَّهِ وَالدَّارَ الآخِرَةَ، قَالَ: وَيْحَكَ ! أَحَيَّةٌ أُمُّكَ؟ قُلْتُ: نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ: وَيْحَكَ الْزَمْ رِجْلَهَا فَثَمَّ الْجَنَّةُ ” وعند البخاري ومسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: ” جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَنْ أَحَقُّ النَّاسِ بِحُسْنِ صَحَابَتِي؟ قَالَ: أُمُّكَ. قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: ثُمَّ أُمُّكَ. قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: ثُمَّ أُمُّكَ.قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: ثُمَّ أَبُوكَ ” .
وقد جعل الإسلام من حق الأم على ولدها أن ينفق عليها إذا احتاجت إلى النفقة، ما دام قادرا مستطيعاً، ولهذا لم يعرف عن أهل الإسلام طيلة قرون عديدة أن المرأة تُترك في دور العجزة، أو يخرجها ابنها من البيت، أو يمتنع أبناؤها من النفقة عليها، أو تحتاج مع وجودهم إلى العمل لتأكل وتشرب. وكرم الإسلام المرأة زوجةً، فأوصى بها الأزواج خيراً، وأمر بالإحسان في عشرتها، وأخبر أن لها من الحق مثل ما للزوج إلا أنه يزيد عليها درجة، لمسئوليته في الإنفاق والقيام على شئون الأسرة، وبين أن خير المسلمين أفضلُهم تعاملا مع زوجته، وحرم أخذ مالها بغير رضاها، قال تعالى: ” وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ ” وقوله: ” وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ” وقال صلى الله عليه وسلم: ” فاسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرًا ” وقوله صلى الله عليه وسلم: ” خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لأَهْلِهِ وَأَنَا خَيْرُكُمْ لأَهْلِي “
وكرمها بنتا، فحث على تربيتها وتعليمها، وجعل لتربية البنات أجراً عظيماً، قال صلى الله عليه وسلم: ” مَنْ عَالَ جَارِيَتَيْنِ حَتَّى تَبْلُغَا جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَنَا وَهُوَ وَضَمَّ أَصَابِعَهُ ” وروى ابن ماجه عن عُقْبَةَ بْنَ عَامِرٍ رضي الله عنه قال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: ” مَنْ كَانَ لَهُ ثَلاثُ بَنَاتٍ، فَصَبَرَ عَلَيْهِنَّ، وَأَطْعَمَهُنَّ وَسَقَاهُنَّ وَكَسَاهُنَّ مِنْ جِدَتِهِ – أي من قدرته وماله وغناه – كُنَّ لَهُ حِجَابًا مِنْ النَّارِ يَوْمَ الْقِيَامة “
وكرم الإسلام المرأة أختا وعمة وخالة، فأمر بصلة الرحم، وحث على ذلك، وحرم قطيعتها في نصوص كثيرة، قال صلى الله عليه وسلم: ” يَا أَيُّهَا النَّاسُ، أَفْشُوا السَّلامَ، وَأَطْعِمُوا الطَّعَامَ، وَصِلُوا الأَرْحَامَ، وَصَلُّوا بِاللَّيْلِ وَالنَّاسُ نِيَامٌ، تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ بِسَلامٍ ” وروى البخاري عن النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قَالَ: قال اللَّهُ تعالى – عن الرحم – : ” مَنْ وَصَلَكِ وَصَلْتُهُ، وَمَنْ قَطَعَكِ قَطَعْتُهُ ” .
وقد تجتمع هذه الأوجه في المرأة الواحدة، فتكون زوجة وبنتا وأما وأختا وعمة وخالة، فينالها التكريم من هذه الأوجه جميعاً.
وبالجملة، فالإسلام رفع من شأن المرأة، وسوّى بينها وبين الرجل في أكثر الأحكام، فهي مأمورة مثله بالإيمان والطاعة، ومساوية له في جزاء الآخرة، ولها حق التعبير، تنصح وتأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر وتدعو إلى الله، ولها حق التملك، تبيع وتشتري، وترث، وتتصدق وتهب، ولا يجوز لأحد أن يأخذ مالها بغير رضاها، ولها حق الحياة الكريمة، لا يُعتدى عليها، ولا تُظلم. ولها حق التعليم، بل يجب أن تتعلم ما تحتاجه في دينها.
ومن قارن بين حقوق المرأة في الإسلام وما كانت عليه في الجاهلية أو في الحضارات الأخرى علم حقيقة ما قلناه، بل نجزم بأن المرأة لم تكرم تكريما أعظم مما كرمت به في الإسلام. ولا داعي أن نذكر حال المرأة في مجمتع الإغريق أو الفرس أو اليهود، لكن حتى المجتمعات النصرانية كان لها موقف سيء مع المرأة، فقد اجتمع اللاهوتيون في مجمع ماكون ليبحثوا: هل المرأة جسد بحت أم جسد ذو روح؟! وغلب على آرائهم أنها خلْو من الروح الناجية، ولا يستثنى من ذلك إلا مريم عليها السلام. وعقد الفرنسيون مؤتمرا سنة 586م للبحث في شأن المرأة: هل لها روح أم لا؟ وإذا كانت لها روح هي روح حيوانية أم روح إنسانية؟ وأخيرا قرروا أنها إنسان ! ولكنها خلقت لخدمة الرجل فحسب.
وأصدر البرلمان الإنجليزي قرارا في عصر هنري الثامن يحظر على المرأة أن تقرأ العهد الجديد لأنها تعتبر نجسة. والقانون الإنجليزي حتى عام 1805 م كان يبيح للرجل أن يبيع زوجته، وقد حدد ثمن الزوجة بستة بنسات – 66 قرش تقريباً – .
وفي العصر الحديث أصبحت المرأة تطرد من المنزل بعد سن الثامنة عشرة لكي تبدأ في العمل لنيل لقمة العيش، وإذا ما رغبت في البقاء في المنزل فإنها تدفع لوالديها إيجار غرفتها وثمن طعامها وغسيل ملابسها ! فكيف يقارن هذا بالإسلام الذي أمر ببرها والإحسان إليها وإكرامها، والإنفاق عليها؟! وأما تغير هذه الحقوق عبر العصور، فلا تغير فيها من حيث المبدأ والتأصيل النظري، وأما من حيث التطبيق
ولكن الذي لا شك فيه أن العصر الذهبي للإسلام كان المسلمون فيه أكثر تطبيقا لشريعة ربهم، ومن أحكام هذه الشريعة: بر الأم والإحسان إلى الزوجة والبنت والأخت والنساء بصفة عامة. وكلما ضعف التدين كلما حدث الخلل في أداء هذه الحقوق، لكن لا تزال طائفة إلى يوم القيامة تتمسك بدينها، وتطبق شريعة ربها، وهم أولى الناس بتكريم المرأة وإيصال حقوقها إليها.
ورغم ضعف التدين عند كثير من المسلمين اليوم إلا أن المرأة تبقى لها مكانتها ومنزلتها، أمّاً وبنتاً وزوجةً وأختاً، مع التسليم بوجود التقصير أو الظلم أو التهاون في حقوق المرأة عند بعض الناس، وكل مسئول عن نفسه ” ثم انتقل للكلام عن مسألة الإرث
يقول ” كانت المرأة في الحضارات القديمة تحرم من حقها في الإرث حتى لا ينتقل المال بزواج البنت من بيت الأب الى بيت الزوج وكان ينحصر الإرث في الابن الأكبر البالغ القوي القادر على حمل السلاح والدفاع عن القبيلة.
وأما في الإسلام فقد تناولت الشريعة الاسلامية مسائل التوريث بإفاضة وتفصيل وتحديد شمل جميع حالات التوارث وسببه وموانعه وترتيبه.
أعطى الإسلام المرأة الحق في إرث والديها وأقاربها وجعله نصيباً مفروضاً قال تعالى لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا
ويرى فقهاء المسلمين أن هذه الآية تقرر قاعدة عامة في تثبيت شرعية الإرث الذي يحق للجنسين – الرجال والنساء – كما يرون فيه تشريعاً حقوقياً لسنة جديدة لم تكن مألوفة من قبل – لم تكن مألوفة من قبل – وهي توريث المرأة.
وجاء في كتاب الله تعالى في تقرير حق الزوجة وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكُمْ وَلَدٌ فَإِنْ كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُمْ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ وقال في الأم وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ لَا تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعًا فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا وذكر في البنت وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ وذكر بنت الابن والأخت الشقيقة، والإخوة لأب، قوله تعالىوَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلَالَةً أَوِ امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ فَإِنْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ ثم تحدّث عن الانتقادات
يقول ” على الرغم من كل هذه الحقوق المتعددة التي منحتها الشريعة الإسلامية للمرأة في الميادين المختلفة جميعها وعلى الرغم من أن معظم هذه الحقوق لم تنلها ” المرأة العالمية ” – لم تنلها ” المرأة العالمية ” – اليوم في مختلف دول العالم إلا بعد جهود كبيرة ومتتابعة وظلت في أكثرها بشكل مطالب تسعى إلى تنفيذها الأمم المتحدة، فإن بعض المتحاملين على الاسلام، تذرعوا ” بقاعدة الإرث ” عند المسلمين التي تقول: ” لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأنْثَيَيْنِ ” ليوجهوا انتقاداتهم اللاذعة فيقولون: ” إن هذه القاعدة تكرس مبدأ التمييز ضد المرأة وهي تلحق بها الجور والضرر على أعتبار أن الولد يرث ضعف ما ترثه البنت من الأبوين. ومن هذه الانتقادات ما جاء على لسان ” جبريال بير ” إذ قال : ” إن قضية الإرث ونصيب المرأة منه نصف نصيب الرجل لهو بدون شك سبب مهم بالنسبة لدونية المرأة العربية المسلمة ” .
وقد لقي هؤلاء المتحاملين على الإسلام، صدى ليس فقط عند غير المسلمين بل عند بعض الفئات المسلمة الجاهلة جهلاً مطبقاً لأحكام الشريعة والغاية النبيلة التي وضعت من أجلها، فطالبت هي الأخرى بتعديل هذه القاعدة حتى يتساوى نصيب الذكر والأنثى في الميراث.
فلهؤلاء نقول :
إنّ قاعدة ” التنصيف ” هذه ليست قاعدة مطردة وثابتة في جميع أنصبة الإرث التي تتعلق بالنساء فهناك حالات :
يتساوى فيها الذكر مع الأنثى في النصيب من الإرث. فقد تساوى نصيب الأب وهو مذكر، مع نصيب الأم وهي أنثى في ميراث أبنهما. وكذلك يتعادل نصيب الأخ والأخت – من الأم – في الميراث قال تعالى فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ
إن قاعدة التنصيف مفروضة فقط في أنصبة الإرث وليس في مال التركة إذ قد تزيد حصة الإناث على حصة الذكور في مجموع مال التركة. مثلاً: إذا توفي رجل له زوجة وأم وثلاث بنات ومولود ذكر، فإنّ مجموع ما ترثه الإناث فوق ما يرثه الذكر.
إن هذه القاعدة لا تطبق في المال الموهوب، إذ للبنت أن تتساوى مع أخيها في الهبة أي في العطاء الأبوي – أي إذا أعطى رجل لأبنائه عطيّة في حال حياته يسوّي بين الولد والبنت بلا فرق وكذلك الأمر في الوصية –
يقول: الحكمة الشرعية من هذه القاعدة :
إنّ التمييز الحاصل في الميراث بين الذكور والإناث من الأولاد، لا يقصد منه أبداً ” التهوين ” أو التقليل من اعتبارهن كونهن ” إناث ” كما يدعي البعض. لأنّ هذا النصاب قد حدد من وجهة الشرع الإسلامي على أساس المهام بين أعباء الرجل الاقتصادية في الحياة العائلية، وبين أعباء المرأة. لذا يرى رجال الدين الإسلامي – يرى رجال الدين الإسلامي – أن جعل نصيب المرأة في الميراث نصف نصيب الرجل ” ينبغي ألا ينفك عن تحديد مسؤوليات الرجل الشرعية، مادية ومعنوية ومنها إلتزام الإنفاق على المرأة التي هي في ولايته زوجة وبنتاً، أماً أو أختاً، أو قريبة، فالتفاوت في التبعات المالية هو الذي أدى إلى تفاوت في أنصبة الميراث. – أي أنه سيأخذ الضعف وسيحمل كل النفقات وهي لا تنفق شيئاً – والتزام الرجل بها شرعاً بلا منّة هو الذي حدا بالشرع الإسلامي إلى أن يحكم للمرأة نصف نصيب الرجل في الإرث. وأنّنا لو ألقينا نظرة سريعة على وجوه وجوب الإنفاق المكلف بها الرجل شرعاً لأدركنا في نهاية المطاف أنّ المرأة هي الرابحة مادياً، لأنّ الرجل مطلوب منه شرعاً وباختصار :
أن يتكفل أمه وأباه، واخته وأخاه، وأقاربه الأدنى فالأدنى إن كانوا معسرين. والمرأة معفاة من هذا الواجب لقوله تعالى: ” يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلْ مَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ
كذلك لابد من التنويه بأنّ الشرع الإسلامي هو أول – لابد من التنويه بأنّ الشرع الإسلامي هو أول – شرع قرر للمرأة حقها في الإرث منذ 1400سنة ونيف. وقد خطا خطوة كبيرة في مجال القضاء على أشكال التمييز ضد المرأة، إذ منحها من الحقوق المالية أكثر بكثير مما تطمح إليه ” المرأة العالمية ” اليوم في تحقيق ماتصبو اليه في مجال المساواة في الحقوق المالية والاقتصادية والأسرية
وأنّ ما ترثه المرأة المسلمة تدخره – لا تنفق منه – لتتمكن من الإنفاق على نفسها في حال عدم زواجها، أو في حال وفاة الزوج إذا لم يترك لها ما يقوم بأودها. فيكون المال الذي ورثته بمثابة مال أحتياطي – مدّخر – تنفقه عند الضرورة على نفسها أو على أسرتها.
وتجدر الإشارة هنا إلى أنّه إن قدر للمرأة أن تساعد في عملية الإنفاق بسبب ضيق حال الزوج، أو بسبب إعساره، أو بسبب ارتفاع مستوى المعيشة، أو لأي سبب أخر فإنها تقوم بعملها هذا متطوعة ومحتسبة في عملها هذا أجراً وثواباً من الله – أي لا يلزمها أن تنفق عليه – .
جاء في حديث عن أم سلمة أنها قالت: ” يا رسول الله، هل لي في بني أبي سلمة أجر أن أنفق عليهم، ولست بتاركتهم هكذا، ولا هكذا – أي يضيعون – فإنما هم بني.
فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ” لك أجر ما أنفقت عليهم ” .
أن يعول زوجه وأولاده، ويؤمن لهم المسكن والمأكل والمشرب والملبس وسائر مصاريف تكاليف الحياة المعيشية
” كل هذه واجبات الرجل ” أن يؤمن نفقة الزوجة إذا ما طلقت حتى تنتهي مدة عدتها، وقد تمتد فترة النفقة إذا ما كانت حاملاً إلى أن تضع حملها. كما يطلب من الرجل أن يؤمن أجرة الرضاعة إذا أمتنعت الأم عن إرضاع رضيعها. والمرأة معفاة من ذلك.
قال تعالى: وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ وقال تعالى وَإِنْ كُنَّ أُولَاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ وقال تعالى وَإِنْ تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَى
أن يقدم المهر لعروسه قل أو كثر ولا تتكلف المرأة شيئاً قال تعالى وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً
إذن هذه الأعباء المالية الملقاة على عاتق الرجل شرعاً، هي التي أدت الى هذا التفاوت في أنصبة الإرث بينه وبين المرأة.
فليس هناك من غبن أو ظلم – كما يتوهم المغرضون – في قضية الميراث عند المسلمين بتطبيق قاعدة التنصيف. ومقارنة سريعة وبسيطة بين ما يمكن أن تملكه النساء المسلمات عن طريق الإرث وما يمكن أن تحصل عليه النساء غير المسلمات في العالم من أموال معتمدين على ماجاء في تقرير برنامج ” خطة العمل العالمية للنصف الثاني من عقد الأمم المتحدة للمرأة العالمية عام 1980 ” لأدركنا بطلان التعرض لهذه القاعدة يقول التقرير: ” فبينما تمثل المرأة 50% من سكان العالم الراشدين وثلث قوة العمل الرسمية، فإنها تعمل تقريباً ثلثي ساعات العمل – أي هي تعمل أكثر من الرجل – ولا تتلقى إلا عشر الدخل العالمي، وتمتلك أقل من واحد بالمائة من الممتلكات في العالم ” .
بينما مقدار أو نسبة ما تملكه المرأة المسلمة عن طريق الإرث يمثل 33 بالمائة رغم قاعدة التنصيف. فالدعوة إلى تغير ” قاعدة التنصيف ” في قضية الإرث دعوة لا يمكن أن تعطي ثماراً مقنعة للداعين لها، هذافضلاً عن أنها حكم شرعي إلهي لا يقبل التعديل ولا التبديل
يقول: ” جاء على لسان ” أنا بيزنت ” – يريد أن يقول أن هناك أناس مسلمين يشهدوا لهذا النظام بأنه أصلح وأفضل – ” إن قاعدة الإرث في الإسلام للمرأة، أكثر عدلاً وأوسع حرية من ناحية الاستقلال الذي يمنحه إياه القانون المسيحي الإنكليزي. وما سنه الإسلام للمرأة يعتبر قانوناً نموذجاً إذ تكفل بحمايتها في كل ماتملكه عن أقاربها أو زوجها أو أبيها ” .
وأخيراً يقول ” غوستاف لوبون ” ” منح القرآن المرأة حقوقاً إرثية بأحسن مما في قوانيننا الأوروبية. وإن قوانين الميراث التي نص عليها القرآن على جانب كبير من العدل والأنصاف. وأنّ الشريعة الإسلامية منحت الزوجان حقوقاً في المواريث لا نجد مثلها في قوانيننا “
قال الله تبارك وتعالى وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ وقال تعالى وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُصِيبَهُمْ بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ قال الله تبارك وتعالى إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلَالًا بَعِيدًا وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُودًا فَكَيْفَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ ثُمَّ جَاءُوكَ يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنْ أَرَدْنَا إِلَّا إِحْسَانًا وَتَوْفِيقًا
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم
الحمد لله رب العالمين
نحن هكذا عرضنا الكلام الذي قرأناه، وهذا الكلام ليس فيه مطعن ولا مغمز، ولكن به مشكلة كبيرة، يوجد أصل كبير جدّاً مختل في هذا الكلام.
هو الآن عما يتكلم؟ يتكلم عن دعاوى توجّه ضد الإسلام، ودفاع المسلمين عن الإسلام باعتبار أنه بتقرير الواقع والدراسة والبحث لا يميّز بين الرجل والمرأة كما يزعم هؤلاء الزاعمون، إلام سنستند؟ سنستند إلى أمران. الأمر الأول: هذه التفصيلات التي ذكرناها، والأمر الثاني: أنه يا أيها الناس عندما جاء الإسلام من ألف وأربعمائة سنة الدنيا كانت خربة جدّاً، انظر إلى مجتمع الإغريق ومجتمع الرومان ومجتمع الهنود ومجتمع العرب في الجاهلية لتنظر قيمة ما أحدثه الإسلام في إحداثيات الزمان والمكان القديم، هنا يوجد سؤال، هذا الإسلام نريد له تعريف؟ سواء جاء قديماً، حديثاً، سواء 1400 سنة، 1500 سنة، 12 شهر، ما تعريفه؟
نحن الآن نؤمن – نؤمن – أن هناك شيئاً الآن يسمى الدين المنزل، فالإسلام هذا الذي يساوي، الوحي والنور الإلهي أم هو يساوي نتاج نظام فلسفي أو فكر أتى به بعض البشر.
عندما تقول هذا الكلام في إحداثيات 1400 سنة كان شيئاً عظيماً، إذاً هذا في النهاية مادام قييدته بإطار الزمن، إذاً أنت لا تتكلم عن أمر إلهي، فأنت تتكلم عن أمر بشري، وإلا فالوحي الإلهي لا علاقة له بالزمن، الوحي الإلهي خارج إطار التقييم الزماني، لا يشغلنا 1400 أم 1200 أم أول أمس؟! فالقضية الآن عن ماذا نتكلم؟
إذا كنّا نتكلم عن وحي إلهي، ماذا يعني الوحي الإلهي، أي أن الذي أنزل هذه الكلمات هو الله تبارك وتعالى نحن نتكلم عن هذا – القرآن – ما تعريف هذا – القرآن – هذا كلام من، إذا كنّا نتكلم عن أننا عندنا يقين أن هذا هو الكلام الإلهي والوحي الإلهي والنور الإلهي، لا يمكن أن ربنا سبحانه وتعالى يميّز بين عباده، وإلا علام يميّز؟ ربنا سبحانه وتعالى قال وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى مِنْ نُطْفَةٍ إِذَا تُمْنَى وَأَنَّ عَلَيْهِ النَّشْأَةَ الْأُخْرَى ربنا سبحانه وتعالى خلق هذا وهذا، فلماذا سيميّز شخص عن شخص، هل الإسلام إذا كان دين إلهي سيتصوّر فيه الطبقيّة، سيميّز ما بين الناس باعتبار الذكورة والأنوسة، أو باعتبار الأجناس، أي سيميّز العرب عن الفرس عن الديلم عن الترك عن الزنوج عن البربر، الجنس السامي، والجنس الآري، والجنس القوقازي، هذه كلها أشياء بشرية، البشر هم الذين يحاول بعضهم أن يستعلوا على بعض، لكن ربنا سبحانه وتعالى قال يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ هو باعتبار واحد فقط، باعتبار موقفي أنا من الله وموقفي من الإيمان ومدى شكري لنعم ربنا سبحانه وتعالى إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ فكل هذا الكلام حقيقة، لا يصلح أن يقال، أصلاً لم يكن صحيحاً أن يقال.
الآن حينما نتكلم عن الدين، تكلم أي شخص، هؤلاء الناس يهاجمون الإسلام على اعتبار أنه ماذا؟
أول شيء: أن الإسلام ليس منتقضاً ولا في موقف ضعف، وهذا الكلام تكلّمنا عليه قبل ذلك، حينما قلنا أن النبي صلى الله عليه وسلم ومسألة تزوّجه بعدد من النساء، ونحن ندافع ونذكر تفاصيل كل زيجة، قلنا لا، لا… النبوة أسمى من أن تتهم، فنفس الفكرة، علام نتحدث؟
نتكلم على أن هناك وحي إلهي، القضية التي بيني وبين أي شخص، أني أريد أن أثبت له أولاً أن القرآن هو الوحي الإلهي، وأن محمد صلى الله عليه وسلم هو رسول الله حقّاً، فإذا تقبّل هذه الجملة فهو يؤمن إذاً أن هذا القرآن بكلماته وأحرفه، هو كلام الله، هل سيوجّه انتقاد إلى الله؟! هل سيوجّه انتقاد إلى كلمات الله؟! هل سيوجّه انتقاد إلى منهاج الله؟! فإذا لم يؤمن أن هذا كلام الله، فعن ماذا أكلّمه؟ ما الذي جعلني أن أنتقل من هذه النقطة إلى ما بعدها؟ وأنا أبدأ أن أقول له أن ما تعتقد أنه ليس كلاماً إلهياً يوجد به كلام حسن، فافترض أنه آمن أن القرآن به كلام فعلاً فيه نموذج أمثل لإدارة الحياة بدون أن يؤمن أن هناك وحي إلهي، هل هذا هو الذي أراده الله؟ أم أراد منّا أن نحقق عبوديتنا لله عبر امتثال أحكام الله يقيناً منّا بأن ربنا سبحانه وتعالى هو العليم وهو الحكيم وهو اللطيف وهو الخبير، وهو الرؤوف الرحيم.
نحن نستمد من نور ربنا بناءً على ماذا؟ بناءً على معرفتنا بالله، بناءً على تعظيمنا لله، على ثقتنا بربنا سبحانه وتعالى وفي صفات الله وفي حكمة الله البالغة.
فهل يمكن للإنسان البشري المحدود أن يحيط بعلم الله وبحكمته بحيث أنه يستطيع أن يوجد تفسير منطقي لكل جزئية، هو يعلم ما يعلّمه الله تبارك وتعالى، أما أي شيء خارج هذا، فإذا أراد الإنسان أن يطابق علم ربنا وحكمته فكيف سيفعلها؟ فهو يطالب إذاً أن يصير إلهاً، فلن يكون، لن يكون
ولذلك قضية المقارنة بين الإسلام والحضارات المعاصرة للإسلام، هو كلام ليس له معنى، ليس لها علاقة بالقديم والحديث، وفكرة أن الإسلام سبق، الإسلام سبق النظم الغربية المعاصرة – المعاصرة – في إعطاء المرأة حقوقها، إذاً هم وصلوا للصورة المثالية ولكننا جئنا قبلهم؟؟!!
فهل هم فعلاً وصلوا لهذا؟الأمر الثاني: هل هم فعلاً الآن هي الصورة المثلى ولكننا نقول أن الإسلام كان جميلاً،، وهو يقول هنا – وقد خطا خطوة – هذه ما معناها؟ أنهم وصلوا لما هو أرقى ولكننا كنّا قرُبنا من هذا كثيراً.
ما وصل إليه الغربيون الآن، وخرجوا به عن ما كان عليه آباءهم وأجدادهم، من أين أتوا به؟ لابد أن نسأل هذا السؤال؟ من أين أتوا به؟ هو شيء من اثنين، إما أن رجعوا إلى شيء من أصول الفطرة، وهذا أمر من الله، أي: من وضع في نفوس الناس أن الصدق فضيلة وأن الكذب رذيلة، فهذا أمر خرجنا به، ولم نتعلمه، ما الذي وضع في نفوس الناس أن العدل فضيلة وأن الظلم رذيلة؟ هذه فطرة ربنا، هذا أمر ربنا وضعه في نفوس الناس، أصول المبادئ الأخلاقية التي يتوافق عليها الناس، من أين أتت؟ هل هم اكتسبوها أم أن ربنا وضعها في صدورهم، فإذا عادوا إليها، فإلام عادوا؟ عادوا إلى الفطرة الإلهية، لم يأتوا بشيء من الخارج.
الأمر الآخر: ما تلقّوه هم من اتصالهم بالإسلام سواءً في الأندلس أو في الحروب الصليبية، هم عندما جاءوا إلى هنا واصطدموا بالعرب، وأن الكلام الذي كان يقال أن هؤلاء أناس بربر وهمجيين وهم آتين من إيطاليا اكتشفوا أن هؤلاء الناس عبر مائة سنة – قرن كامل – من الصراع أن هؤلاء الناس ليسوا هكذا، هؤلاء الناس عندهم فكر وعندها ثقافة، وعندها حضارة ولذلك هم انكسروا عسكريّاً في النهاية وانسحبوا، لكنهم انسحبوا، ومعهم شيء يفكّروا فيه.
هم بدأوا يعيدوا النظر في حياتهم وفي ثقافتهم وفي أصول حضارتهم وجزء أخذوه باعترافهم من جامعات الإسلام في الأندلس، ولكنهم أخذوا
ونحن حينما اصطدمنا بهم في الحروب الصليبية كنّا نائمين، فهم أيقظونا فقمنا لكي ندافع، وبعدما انتهينا من المدافعة، وبمجرد أن أزلناهم رجعنا إلى ما كنّا عليه، رجعنا إلى الثبات مرة أخرى، ولذلك نحن لم نتغيّر، لكن هم بدأوا يفيقوا، بدأوا يترجموا، بدأوا يغيّروا، وذهبوا فترة وجاءوا إلينا مرة أخرى مع نابليون – أيها الجهلة الحمقى المتخلفين – نحن معنا المطبعة ومعنا التعليم، ونحن سنعلّمكم، فنحن بدأنا: فعلاً صحيح لكي نقوم الآن لابد أن نتابع هؤلاء الذين كانوا بالأمس يستعلّمون منّا، وهذا غير صحيح.
ولذلك نحن لم نقم، فالفرنسيون كم جاءوا 1798 أي 200 سنة وأكثر، ماذا فعلنا في هذا الوقت؟ النهضة الحديثة،، وفك رموز حجر رشيد،، وشامبليون،، والأشياء التي أخذناها في المدرسة هذه، ماذا فعلنا بها بعد ذلك، لم نفعل شيء، لأننا سنتحرك أيضاً بحركة غير سديدة وحركة غير رشيدة.
إذاً نحن نريد فقط نقف عند الجملة، الإسلام أعطى المرأة،، ما هو هذا الإسلام؟ يا جماعة إذا كنّا نعتقد أن هذا من ربنا، أي أنها تساوي الله، فلا يصلح أن أقل الله سبحانه وتعالى لم يظلم هذا المخلوق الذي خلقه ولم يحابي خلقاً على خلق.
لم نكن نحتاج أن نقل كل هذا الكلام، وبعد ذلك المقارنة بين الإسلام وبين اليهودية والنصرانية، هناك سؤال، أليس أن الإسلام واليهودية والنصرانية من عند الله؟ هل يصحّ أن نقول أن اليهودية والنصرانية بها ظلم والإسلام ليس فيه ظلم، فنحن في النهاية سنمايز بين الأقسام المختلفة للنور الإلهي المتنزّل، فلا يكون الكلام منطقي أيضاً.
فأين المشكلة؟ أن هذا الوحي القرآني هو الذي احتفظ بمصداقيته طيلة الوقت، هذه هي الفكرة، لماذا لم تحتفظ الكتب الأخرى بالمصداقية، لابد أن نعرف العلّة، نحن قلنا قبل ذلك، من أين خربت، قال سبحانه وتعالى اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا ما المقصود؟ أي أنهم أعطوا من يسمّوهم رجال دين، سواء كانوا في اليهودية أو النصرانية، أعطوهم حق التقنين، وأن كلماتهم تساوي الكلمات الإلهية، فيصبح هناك مساحة كبيرة للتغيير وللإضافة وللحذف، قال تعالى اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ لماذا قدّم عبادة الأرباب والرهبان على المسيح؟ أليس الأصل ذكر المعبود نفسه وهو المسيح، لماذا قدّم هؤلاء على المسيح؟
عدي بن حاتم رضي الله عنه يحكي عن نفسه أنه أتى إلى رسول الله، وهذه القصة قصصناها زمان أكثر من مرّة، وفي عنقه – في رواية – صليب من ذهب، يقول ووجدته يقرأ هذه الآية اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فقال: إنا لسنا نعبدهم – هذا الكلام خاطئ – فالنبي صلى الله عليه وسلم ماذا قال لهم؟ قالك أليسوا يحلّون لكم ما حرّم الله فتحلّونه، – تتّبعونهم على ذلك – قال: نعم، قال: ويحرّمون عليكم ما أحلّ الله فتحرّمونه – تتبعوهم على ذلك – قال: فتلك عبادتهم، فلماذا سماها ربنا عبادة؟ لأن من الذي سينزّل الوحي والنور؟ ربنا سبحانه وتعالى فإذا شارك البشر في هذا؟ هنا تكون المأساة
يوجد كتاب اسمه التلمود، ما التلمود؟ هو الكتاب الذي تواطأ على كتابته عدد من أحبار اليهود كتفسير للتوراة، فهل مثل كتب التفسير الذي عندنا؟ عندنا يوجد – الطبري، ابن كثير – أي كتاب، هو عبارة عن جهد من المفسّر بناءً على قواعد لغوية وعلى جمع للنصوص القرآنية معاً وعلى إضافة للأحاديث النبوية المفسّرة، من خلال هذا المجموع يشرح أو يقرّب معاني القرآن، حسناً.
هل كتب التفسير كتب معصومة؟ على حسب ما يرجع له، فإذا كان يفسّر النص بنص قرآني، فسيكون التفسير هنا معصوم لأنه يرجع للنص القرآني أو لنص الحديث الصحيح، أو لمعنى لغوي متّفق عليه، أما أي شيء خلاف هذا؟ هو اجتهاد يحتمل الخطأ والصواب.
أما التلمود الذي هو تفسير التوراة فليس كذلك؛ هم يعدّونه كتاباً مقدّساً وأهم من التوراة، ويقولن أن من يحتكر أقوال الحاخامات يستحقّ الموت، وأنه لا خلاص – أي لا نجاة في الآخرة – لمن ترك تعليم التلمود واشتغل بالتوراة فقط، لأن أقوال علماء التلمود أفضل مما جاء في التوراة.
يقول أحد الحاخامات: اعلم أن أقوال الحاخامات أفضل من أقوال الأنبياء، فلماذا؟
نحن قلنا إلام سيرجع ذلك، انظر إلى توصيف الأنبياء وكيف نسبوا لهم كل نقيصة، الشرك، السحر، شرب الخمر، الزنا، كل هذا يقع من عظماء النبيين، هم لا يعظّمون أكثر من داود وسليمان، لماذا؟ لأنهم من أقاموا ملك بني إسرائيل في فلسطين.
داود كان لديه 99 نعجة، وأعجبته نعجة شخص آخر، فأرسله إلى مكان لكي يموت، فكان يضعه في الأمام في المعارك، إلى أن انتهى منه، لكي يتزوّج زوجته، لأنه رآها وهي تستحم، – فهو قليل الأدب – وهذا عادي وهذا لم ينفي عنه وصف النبوة؟؟ ولا وصف التكريم له عندهم.
وسليمان كان يدير هذه المملكة كلها عبر السحر، وكانت زوجة من زوجاته هو يحبّها جداً وكانت وثنيّة، فصنع لها معبد – معبد -؟؟ وثني تعبد فيه الأصنام؟ وهو نبي؟ نعم وهو نبي
فعندما يكون أقوال الحاخامات أفضل من أقوال الأنبياء فيكون شيئاً عادياً، نحن قلنا في البداية، أن ربنا قال للإنسان لا تأكل من الشجرة لكي يظلّ جاهلاً، ربنا لا يريد أن يتعلّم الإنسان أصلاً، لا يريده أن يعرف ولا يفهم.
ويقول بعضهم: إن مخافة الحاخامات هي مخافة الله، ليس حتى ” من ” ، هي عين مخافة الله، وقال بعضهم: إن من يقرأ التوراة بدون التلمود فليس له إله أي: ليس له معرفة بهذا الإله
هذا في النصف الأول، أما النصف الثاني، في إنجيل متى، أن المسيح يقول لبطرس: وأعطيك مفاتيح ملكوت السماوات فكل ما تربطه على الأرض يكون مربوطاً في السماء، وكل ما تحلّه على الأرض يكون محلولاً في السماوات، وقال في متّى أيضاً مخاطباً الرسل – أي الحواريون – الحق أقول لكم كل ما تربطونه على الأرض يكون مربوطاً في السماء، ما معنى ما تربطه وما تحلّه؟ ما تربطه: أي توجبه، وما تحلّه: أي ما تبيحه،، ما تقضي به هنا يقضى به في السماء، أي يأخذ الختم تلقائيّاً في التحليل وفي التحريم… الحقُّ أقول لكم، الحق، أقول لكم كل ما تربطونه على الأرض يكون مربوطاً في السماء.
وفي إنجيل يوحنا، من غفرتم خطاياه تغفر له، ومن أمسكتم خطاياه أمسكت، وهذا كان أصل صكوك الغفران، من أين جاءت صكوك الغفران؟ أن الكنيسة ورثت ما أعطى المسيح لهؤلاء الرسل.
وإذاً نحن عندنا شيء اسمه النور الذي امتنّ به ربنا على الخلق، هذا النور منه ما بقي محفوظاً ومنه ما تدخّلت فيه أيدي البشر، كيف تدخّلت؟ بإعطاء البشر الحق في أن يقولوا كما يقول الله وإلزام ربنا سبحانه وتعالى بتصديق ما يقوله هؤلاء الناس وبالتالي لا يجوز أن يراجعوا، لا يجوز أن يراجعهم أحد.
أما في الإسلام قال تعالى فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ يتكلم عن أولي الأمر وعموم المسلمين، أولي الأمر: هم العلماء والأمراء، إذا اختلفوا مع الناس، أو اختلف الناس بعضهم مع بعض، أو اختلف هؤلاء بعضهم مع بعض ماذا نفعل؟ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ يوجد أصل نرجع له، كلام ربنا سبحانه وتعالى وكلام الرسول صلى الله عليه وسلم الذي لا ينطق عن الهوى، لا يوجد شخص يتنزّل منزلة النبي صلى الله عليه وسلم، إذاً عندما نقول الإسلام ونقرأ إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ فنحن نتكلم عن نور ربنا سبحانه وتعالى ولسنا محتاجين أن نتكلم على أنه يحابي أو لا، أو هو يميل لهذا الطرف في مقابل هذا الطرف، أو احتمال يكون فيه نقص التطوّر.
فنحن نتكلم عن التطوّر، أن الدنيا تطوّرت وتبدّلت الأحوال وشريعة موجودة من 1400 سنة وأكثر، فلا يمكن أن تكون صالحة لمثل هذه المستجدات المعقّدة خاصةً فيما يتعلّق بالاقتصاد، ألسنا نقول ذلك.
فنحن عن ماذا نتكلم، – وعلى فكرة – هذا هو الرب على تصوّر اليهود، فعند اليهود يجوز عليه البداء، ما معنى يجوز عليه البداء؟ أي يفعل شيء وبعد ذلك يكتشف أنها ليست صحيحة أو غير صائبة، أو أنه لم يكن منتبه لها، فيحتاج إلى أن يصححها، هل هذا ربّنا؟ أكيد ليس هذا هو الرب الذي آمنّا به.
فالرب الذي آمنّا به هل فوجئ بأن هناك أشياء لم يكن هناك أشياء يعرفها أو لم يكن يحسب لها؟
فهل قال لنا أن الإسلام هذا تشريع مؤقّت أم إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها؟ إذا كان قد قال أن هذا يصلح أن يستمرّ إلى النهاية وأن الله هو الذي يقول، إذاً كل هذا الكلام الذي قيل كلام غير منضبط.
فكل هذا على أي شيء يبنى، يبنى على أصول إيمانية وحقائق يقينية هي موجودة عندنا، إذا لم توجد عندنا فنحن نحتاج إلى أن نراجع أصول إيماننا أصلاً.
عندما تخاطب أي شخص الآن تقول له جملة واحدة فقط،، أن الخالق العظيم سبحانه وتعالى قد أنزل وحياً وهو القرآن، هذا القرآن بداخله، بداخل القرآن نفسه دلائل صدقه في إثبات إعجاز القرآن، وإلهية القرآن هذه هي القضية الأساس في الإسلام، هذه هي القضية الأولى، فإذا آمن الشخص بأن هذا الكلام كله كلام إلهي وأن ربنا سبحانه وتعالى في داخل القرآن قد تعهّد بأنه يحفظه وقال إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ فكل جزئية فيه وكل حرف فيه يتلقى باليقين والتسليم والثقة والقبول ويسبّح ربنا سبحانه وتعالى عن النقص.
نحن نقول سبحان الله، ما معنى سبحان الله فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ مامعناها؟ سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى ما معناها؟، ما معنى سبّح؟ أنك تقول أن ربنا أعلى سبحانه وتعالى وأعظم من أن ينسب إليه أي نقص من أي وجه من الوجوه وأي خلل مَا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِنْ تَفَاوُتٍ فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَى مِنْ فُطُورٍ ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ ما الذي سيحدث في النهاية يَنْقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خَاسِئًا وَهُوَ حَسِيرٌ
لم نكن محتاجين أن نقرأ كل هذا لو أدركنا هذه الحقيقة، لماذا نحن مهزوزون؟ لأننا نسينا أصلاً ما هو الموضوع، تعريف الإسلام، فعل بشري، جهد بشر، أم وحي إلهي معصوم محفوظ، فينتهي الأمر.
فإذا كان هو وحي إلهي معصوم محفوظ، فكيف سنتعامل معه؟ إذا أدركنا هذه النقطة، فإذا قال لك شخص أن هذا القرآن به كذا؟ فنقول له هذا القرآن منسوب إلى محمد أم منسوب إلى الله.
لو القرآن منسوب إلى محمد يحتمل كل شيء، فهو بشر فعلاً، هو بشر أتى بكلام في ظلّ ظروف معيّنة، مهما كان عقله خارق ورجل ذكي جدّاً، قال تعالى أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ أي حد، أي حد، لو كان إبراهيم أو موسى أو محمد صلى الله عليه وسلم أو نوح أو غيرهم مهما كان فضلهم، الدين ينسب إليهم فهم في النهاية بشر أو الملائكة حتى وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا يكون مختلط، لا يتّسق مع بعض، فيه تناقضات وبه عدم اتّساق، لماذا لا يوجد فيه عدم اتّساق، لماذا ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِلأنه تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ بس هذا كل الموضوع، على مقدار إيماننا بهذا تحل المشكلة، فكل الذي قرأناه هذا – هو كلام حسن ليس سيئ، وكلام صحيح ليس خطأ – لكن لا يجوز أن يقال، لأن المخاطب هل هو مؤمن بالقرآن أم لا؟ مؤمن بالقرآن فأريد أن أذكّره بأن هذا القرآن كلام ربنا، وإذا كان غير مؤمن به، فالمفترض أن أوصله لقضية الإيمان.
لذلك النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن في خطابه مع من يخاطبهميحتاج إلى أن يتطرّق إلى مثل هذه الأمور لماذا؟ لأنه مدرك هو يتكلم عن ماذا، هو يدعو الناس إلى الله قُلْ إِنَّمَا أُنْذِرُكُمْ بِالْوَحْيِ
إذاً ماذا نريد أن نقول؟
قد كرّم الإسلام المرأة، وكرّمها ولم يكرّمها؟؟ فكل المخلوقات مثل بعض، الخلوقات هذه خلقها وأعطى كل الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى خلق كل مخلوق بصفة معيّنة تناسب الوظيفة التي اختارها ربنا وأعطى له القانون والتشريع الذي يناسب هذه الوظيفة، ولا يوجد أحد فوق وأحد بالأسفل.
وفي النهاية وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ ولم يقسّمهم، الإنسان كله هكذا – رجال ونساء – كائن مكرّم، لماذا مكرّم؟ لأن ربنا سبحانه وتعالى اصطفاه بوظيفة وبرسالة، هذا كل الموضوع، وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ لا نحتاج أن نقسّمهم رجال ونساء، وتكريم ربنا لهؤلاء أو لهؤلاء.
إذاً عندما يأتي شخص يتكلم على أن الإسلام به أو ليس به، نسأل سؤال واحد فقط، هذا الشخص المتكّلم مؤمن بهذا القرآن أم غير مؤمن به؟ هو شخص ملحد، ففيم أريد أن أكلّمه؟ في أن للكون إلهاً، هذا أولاً، ثم أن هذا الإله لا يصح أن يترك الناس هكذا.
نحن نتكلّم عن إله عظيم، أرسطو قال أن ربنا خلق الكون وترك كل شخص يفعل ما يريد،، خطأ
قال تعالى مستنكراً على عباده أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ ربنا سبحانه وتعالى أعلى وأعظم من أن ينسب إليه هذا التصوّر أنه ترك الناس هكذا وانتهى.
لا يكون أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ أمران؛ خلقوا لحكمة ويوجد جزاء، لابد من الأمرين معاً خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ أَيَحْسَبُ الْإِنْسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدًى لا يؤمر ولا ينهى ولا يجازى ولا يحاسب أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِنْ مَنِيٍّ يُمْنَى ثُمَّ كَانَ عَلَقَةً فَخَلَقَ فَسَوَّى فَجَعَلَ مِنْهُ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى
اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه
اللهم إنا نسألك الأمن يوم الخوف، اللهم إنا نسألك الأمن يوم الخوف
اللهم إنا نسألك النعيم المقيم الذي لا يحول ولا يزول
اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات وألّف بين قلوبهم واهدهم سبل السلام، وجنّبهم الفواحش ما ظهر منها وما بطن، واجعلهم قابلين لنعمتك وثنين بها عليك.
اللهم يا مقلّب القلوب ثبت قلوبنا على دينك
اللهم يا مصرّف القلوب صرّف قلوبنا على طاعتك
اللهم يا وليّ الإسلام وأهله مسّكنا الإسلام حتى نلقاك عليه
اللهم يا وليّ الإسلام وأهله مسّكنا الإسلام حتى نلقاك عليه
اللهم يا وليّ الإسلام وأهله مسّكنا الإسلام حتى نلقاك عليه
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم