إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا إن من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادى له وأشهد أن لا آله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا ورسوله صلى الله عليه وسلم
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَازَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًاسَدِيدًا يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا
ثم أما بعد, قول يا رب … بعد شكاية طويلة يشتكي فيها المرء مما يعاني ومما يقاسي من أوجه المعاناة والمقاساه الكثيرة التي تشتمل عليها هذه الحياة, وبعدما يجد المرء أنه لا يملك أن يصنع شيئاً وقد سدت في وجهه أبواب السدد لا يملك تقديماً ولا تأخيراً ولا جلباً ولا دفعاً ولا نفعاً ولا ضراً حينما يسقط في يده لا يملك إلا أن يقول يا رب, إلا أن يقول متوجهاً إلى ربه يا رب, رب العالمين.
أما كلمة الرب فهي من العمق ومن السعة بحيث لا يمكنك أن تحيط بها, كل الكلمات الكبيرة وكل المعاني العظيمة هي أعلى وأقوى من أن تطيق أن تعبر عنها بالكلمات, ولذلك كانت هذه الكلمة كلمة الرب, كلمة تحس وتستشعر أكثر منها كلمة يعبر عنها أو يبين حقيقة دلالاتها, ليه؟ لأن الإنسان إنما بث في هذه الحياة وذرأ إلى هذه الأرض وهو يتضمن في باطنه هذه الكلمة, قال الله تبارك وتعالى وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى أخرج ذرية آدم جميعاً من ظهره قبل أن يذرأهم إلى هذه الأرض, أخرجهم كأمثال الذر؛ النمل الصغير ثم سائلهم جميعاً ألست بربكم؟ قالوا جميعاً بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ مشغولين, مأدركناش أَوْ تَقُولُوا إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِنْ بَعْدِهِمْ يعني بالتقليد أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ وَكَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ نذكر بهذا العهد العظيم القديم وَلَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ.
يبقى إذًا دا شيء بثه تعالى في قلب العبد حينما كان ذرًا قبل أن يكون شيئاً مذكرواً, بحيث لا تقبل فيه الغفلة ولا يقبل فيه التقليد لأبٍ أو لمجتمعٍ أو لموروثٍ أو لثقافة, وهو الأصل الذي ابتني عليه كل شيء, ولذلك ذكر الله تبارك وتعالى قولة النبيين وقولة المرسلين لأقوامهم على سبيل التعجيب قَالَتْ رُسُلُهُمْ أَفِي اللَّهِ شَكٌّ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَدْعُوكُمْ لِيَغْفِرَ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُؤَخِّرَكُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى.
فإذًا هذه الكلمة العظيمة لا يمكننا حقيقةً كما قلنا أن نعبر عن معناها, ولذلك كل الأشياء الرئيسية الضرورية جعلها الله تبارك وتعالى كذلك, يعني إذا أردت أن تعبر عن الحب متقدرش تقول حاجة, شيء يُحس لكن متقدرش تعبر بجمل عن معناه توضحه, بل بالعكس لو حولت تعبر عنه تشكلة, فيه حاجات كده لو أنت حولت تفسرها متعرفش, ولذلك لما سُئل صلى الله عليه وسلم عن الروح مكانش فيه إجابة, ليه مكانش فيه إجابة؟ لأن احنا لا يمكننا تصور هذه الحقيقة حتى لو فسرت لنا بألفاظ وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا, ولذلك لما تكلف بعض الكتّاب أن يفسر أو يعبر عن معنى الروح أشكل وألغز ولم يبين ولم يوضح, معنى الرحمة, شيء تستشعره لكن أنت متقدرش تعبر بعبارات توصل أو تقرب معنى الرحمة, وهكذا كل العاني الأساسية التي لا تقوم حياة الإنسان من حيث هو إنسان إلا بها, أصل هو الحب والرحمة مكونات أساسية في نفسية الإنسان طالما بقى إنساناً مهو ممكن يتحول يبقى حاجة تانية, احنا بنتعامل في مجتمعنا أحياناً مع كائنات حية مش كلهم بني آدمين, منهم من يستحق وصف الإنسان ومنهم لأ, دا اسمه كائن حي فيه مواصفات أخدناها في الأحياء, لكن إنسان بمعنى صفات الإنسان ومقومات الإنسان التي ورثها عن آدم عليه السلام مش كل الناس كده, فقوام الإنسان بالحب والرحمة, ضرورة الإنسان إلى الرب سبحانه وتعالى, ولذلك بحث الإنسان عن الله دي حاجة موجودة جواه ميقدرش أن هو يتجاهلها . ميقدرش أن هو يتغافل عنها, ميقدرش الإنسان يعيش من غير ربنا ميقدرش مجتمع يعيش بدون ربنا, دا مش ممكن, لا يمكن لإنسان أو لمجتمع أو لأمة من الناس أن تحيا دون أن تبحث عن الله ودون أن يكون لها صلة بالله, لابد أن تنهار, سواءً ينهار البنيان الشخصي للإنسان أو ينهار بنيان المجتمع .
ولذلك تجد المجتمعات فيها شرك لكن نادراً ما تجد فيها إلحاد, وإذا وجد فيها الإلحاد يبقى إلحاد قانوني زي ما كان عند الشيوعيين, يبقى إلحاد القانون أو إلحاد الدولة اللى بيفرض على الناس, بمجرد ما يرفع صوت الإلحاد عن المجتمعات تعود إلى ما كانت عليه بل إلى أقوى مما كانت عليه ولذلك قال الله تبارك وتعالى مخاطباً الإنسان الذي يشرك بالله, مخاطباً الإنسان الذي يكفر بالله مذكراً إياه بلحظات الضرورة, متي تظهر عبودية الإنسان لله أو إحساسه بمعنى الربوبية على أقصى ما يكون؟ حينما تغلق أمامه كل الأبواب فلا يجد ملجأ يلجأ إليه إلا الله دا اللى ربنا سماه سبحانه وتعالى الضرورة قال أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ فيه حد تاني ينفع نتوجه إليه, يدفع عنا الضر إذا توجهنا إليه قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ, يبقى الحاجات دي موجودة عندنا وبنمارسها بس بننساها, وَإِذَا أَنْعَمْنَا عَلَى الْإِنْسَانِ أَعْرَضَ وَنَأَى بِجَانِبِهِ وَإِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ فَذُو دُعَاءٍ عَرِيضٍ بس دعاء بس فَذُو دُعَاءٍ عَرِيضٍ, يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ وَمَا ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ بِعَزِيزٍ
الرب .. كمعنى, أول حاجة التربية, الإنشاء, والإنماء, يبقى إذاً الرب تساوي واحد: المربي, يربي سبحانه وتعالى عباده بنعمه, يغزوهم بنعمه, يمدهم بنعمه, يغمرهم بمننه, وينميهم ويرقيهم على هذه النعم, التربية دي ترقية متدرجة من مرحلة إلى مرحلة, ولذلك لما نقول فلان ربى ولده, ربى دي تشتمل على إيه؟ تشتمل على إمداد, تشتمل على رعاية, حاجتين : إمداد بيمده بما يحتاجه, أكل وشرب وكساء, ويرعى إنتفاعه بهذه الأشياء وينمي فيه أخلاقاً وعلماً وسلوكاً يرقيه عليه.
يبقى إمداد بأشياء مادية ورعاية بأشياء معنوية, دي التربية, ولذلك قال تعالى وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ يعني إيه ربائب؟ بنت الزوجة اللى الرجل بيربيها, يعني هي والدها توفي أو طلق إمرأته ثم خلف على المرأه زوج آخر فهو يربي هذه الصبية الصغيرة فتسمى ربيبه فلان, هو الذي رباها مادياً ومعنوياً, ولذلك الرابة اللى هي زوجة الأب اللى هي بتربي من لم تلد, تقوم على تنشئته.
يبقى إذاً أول حاجة لما نقول : يا رب, نحن نخاطب المربي, الذي ربانا بنعمه, ثلاثة مراحل, الخلق والإيجاد, ثم الإعداد والإمداد, ثم الهداية والإرشاد, قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى يبقى ربنا سبحانه وتعالى أوجدنا من العَدم ثم أمدنا من العُدم ثم هدانا كيف نستخدم ونوظف وننتفع بما أمدنا به, ولولا هدايته لم ننتفع بما رزقنا, لكن الإنسان في النهاية بينسى, ربنا أمده بأسباب العلم والمعرفة وكيفية استعمال بما آتاه من النعم, ثم نسي ربه ونسب هذا إلى لنفسه, بل كما قال تعالى وَكَانَ الْكَافِرُ عَلَى رَبِّهِ ظَهِيرًا.
يبقى إذاً أنا إذا قلت : يا رب, من أخاطب؟ أخاطب المربي سبحانه وتعالى وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ ثُمَّ إِذَا كَشَفَ الضُّرَّ عَنْكُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِنْكُمْ بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ لِيَكْفُرُوا بِمَا آتَيْنَاهُمْ فَتَمَتَّعُوا فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ.
يبقى إذاً دي أول حاجة إذا أنا قلت يا رب, طيب فيه حاجة تانية؟ فيه الإصلاح, والكفاية, التعهد, والعناية, إذا قلنا فلان دا بيَرب الضيعة بتعته يعني بيصلحها ويقوم على شأنها, يبقى إذاً تربية ربنا سبحانه وتعالى هي تربية الإصلاح تربية الإحسان, تربية الخير, وتربية البر, لكن تربية الإنسان ربما كانت كده وربما كانت كده, ربما كانت لفوق وربما كانت لتحت, يبقى أنا أخاطب المربي سبحانه وتعالى, أخاطب المنان سبحانه وتعالى, أخاطب مصدر النعم سبحانه وتعالى أخاطب المصلح, الكفيل, الحفيظ سبحانه وتعالى .
ثم وراء ذلك أنا أخاطب المالك, مالك الملك سبحانه وتعالى, لما نقول أن فلان دا رب الدار يعني صاحبها, رب السيارة صاحبها, رب المصنع دا صحبة, طب ربة البيت؟ اللى بتصلحه أو بتقوم على تدبير شئونه, ولذلك عبد المطلب قال لأبرهة: أنا رب الأبل, أنا صاحبها أنا مالكها دي بتعتي, فأنا بدور عليها, أنا بسألها وبطلبها, أنا بستردها, قال : أما البيت فللبيت رب يحميه, أنا مش رب البيت, يبقى الرب هو المالك ومن أثر الملك أنه يحفظ وأنه يحمي.
ثم السيادة, العلو والسيادة, ربَّ فلانٌ قومه, يعني عمل إيه؟ ساسهم فانقادوا له ولذلك قال تعالى أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ رب العالمين له الخلق وله الأمر, لأن تربية ربنا لنا سبحانه وتعالى فيه تربية لنا بفعل الله وفيه تربية بمنهاج الله, تربية بفعل الله النعم التي يسقوها سبحانه وتعالى والأقدار التي يقدرها والتوجية التي يوجهه ثم فيه جزء أنا مطالب بيه إن أنا أقيم نفسي على الصورة المثالية اللى ربنا سبحانه وتعالى بينها ورسمها ليا, هو دا الأمر, إن أنا أمشي على وفق الصورة دي, أربي نفسي على وفق التربية التي ارتضاها الله تبارك وتعالى لي, ومن الخلق من يتكفل الله تعالى بتربيته مباشرة, كما ربى موسى عليه السلام وكما ربى إبراهيم عليه السلام وكما ربى محمد صلى الله عليه وسلم.
إبراهيم عليه السلام كان في إطار تربية فاسدة مفسدة, يعني الأب كان موجود مش مكانش موجود بس كانت في حال لو لم يوجد كان أمثل وأفضل, لكن الله تبارك وتعالى هو الذي يربي وَلَقَدْ آتَيْنَا إِبْرَاهِيمَ رُشْدَهُ مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا بِهِ عَالِمِينَ إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا هَذِهِ التَّمَاثِيلُ الَّتِي أَنْتُمْ لَهَا عَاكِفُونَ, وأما موسى عليه السلام فقد ألقته أمه في اليم فلم يكن رعاية أب ولا أم, طيب من الربيب؟ فرعون ! القائم على التربية هيبقى مين؟ لكن من الذي ربى؟ قال تعالى وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي, وأما محمد صلى الله عليه وسلم فقال له ربه أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآوَى وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَى وَوَجَدَكَ عَائِلًا فَأَغْنَى.
يبقى إذاً إذا الإنسان قال يا رب هو بيخاطب مين؟ بيخاطب اللى كل المعاني دي قائمة في حقة كأعظم ما يكون القيام, طيب عشان الإنسان ينتفع بربوبية الرب؟, فيه جزء نعمة عامة ربنا بيديها لكن الناس وكل المخلوقات, تربية عامة لكل المخلوقات, وفيه مستويات أعلى من التربية, مين اللى بيستحقها؟ اللى بيدخل تحتها, اللى بيتعلق بأهدبها, اللى بيسألها واللى بيطلبها واللى بيرجوها, ولذلك فيه ربوبية عامة لكل الخلق وفيه ربوبية خاصة اللى بيديها ربنا سبحانه وتعالى للى بيسألها أو بيطلبها أو بيدخل تحت ظلها من المؤمنين, ولذلك نجد في كلمات المؤمنين وفي كلمات المرسلين دائماً التعلق بالربوبية ولذلك إذا أنا ضاقت عليا الأمور وقلت يا رب أو لقيت حد ضاقت عليه الأمور ومش عارف أعلمه إيه فقلتله قول يا رب المفورض إن قول يا رب دي دلوقتي غير قول يا رب من ربع ساعة أو من تلت ساعة, لأن قول يا رب دي احنا بنقولها لما منلاقيش حاجة نقولها, حقيقةً احنا بنقولها لما منلاقيش حاجة نقولها, لما نكون عايزين نطبطب على حد ومش عارفين نقوله إيه؟ لكن فيه فرق ما بين دي اللى احنا بنقولها كده وما بين لما بنقولها واحنا فعلاً موقنين إن الشخص إذا فعلاً وجهناه إن هو يقول يا رب سيجد كل ما يأمل, سيجد كل ما يطلب, سيدفع عنه كل ما يكره, إذا كان فعلاً بيقول يا رب إذا كان مدرك أصلاً يعني إيه يا رب.
أقول قولي هذا وأستغفر الله …
الحمد لله, الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ طيب يا رب دي متعلقها بمين؟ بكل حاجة, ربنا سبحانه وتعالى هو الرب وكل ما عداه هو مربوب, هو الخالق وكل ما سواه مخلوق سبحانه وتعالى, ولذلك احنا لما نقول فلان دا رب الدار أو رب أي حاجة, دي مجازية ومقيدة و مينفعش غير كده, يعني ربنا هو الرب على الحقيقة وهو الرب على الإطلاق, يعني إيه على الحقيقة؟ هو الرب الحقيقي, لما نقول فلان رب كذا دا بما وهبه الله تبارك وتعالى, ملكية محدودة موهوبة من الله, مستردة عائدة إلى الله وَإِنَّا لَنَحْنُ نُحْيِي وَنُمِيتُ وَنَحْنُ الْوَارِثُونَ كل حاجة ترجع لمالكها الأصلي آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ يبقى إذاً احنا حقيقةً منملكش حاجة لكن من رحمة ربنا إن هو أعطانا ملكية تصرف محدودة لينظر كي نعمل.
طب يعني إيه مقيدة؟ أنا مقدرش أتكلم على أي عبد أقول إن هو رب كده بإطلاق, لأ, رب كذا, رب الشيء دا, المحدود دا, هو كائن محدود بيملك شيء محدود, لكن ربنا سبحانه وتعالى الذي لا يحده حد هو المالك لكل حاجة, هو الرب لكل شيء, فدي ربوبية حقيقية مش مجازية, ومطلقة, لا يحدها حد ولا يقيدها قيد.
امبارح في المنارة بعد صلاة الظهر, أثناء تشييع جنازة, وناس كده واقفين شكلها كويس, وأنا واقف, وبعدين معدية جنازة تانية كده مسرعة لناس ظاهر خالص إن هما فقراء أوي, رثاثة الحال تبدو عليهم, فأنا أجي كده شوية علشان هدوم الناس دي متلمس هدومي, أنا هدومي مش نضيفة أوي يعني بس هي جت كده, هدومهم متلمس هدومي, يعني شيء من الاستنكاف, وبعدين فيه واحد بيدفن وهناك هيرحوا يدفنوا واحد …, رب دا هو رب دا, رب الناس دول هو رب الناس التانين دول, في النهاية ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ في النهاية كلنا هنرجع لربنا, دا مدفون هنا والناس بتدعيله دعوتين, ودا هناك هو في النهاية مرد الأمر واحد, وفي النهاية رب هؤلاء الناس جميعاً هو الله سبحانه وتعالى, فيه حد بيخرج عن ربوبية الله سبحانه وتعالى؟ إبليس, إبليس ! بيقول إيه؟ قَالَ رَبِّ فَأَنْظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ بيقول إيه؟! دا بعد ما أبى أن يطيع أمر الله بيقول إيه؟ قَالَ رَبِّ بينسبه لنفسه ! فَأَنْظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ, ولو ربنا مأنذروش؟ يملك هو حاجة؟! يعني يدي لنفسه يوم زيادة؟! يعرف؟! قَالَ رَبِّ فَأَنْظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ إِلَى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ قَالَ رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَلَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ يبقى إذاً لما طلب الإنذار قال : رب, بس هو ليه قال رب بما أغويتني؟ هو دا الشيطان, هو دلوقتي ربنا إداه نعم, النعم دا توظيفها الغواية؟! يعني هو توظفها للإضلال ولا توظيفها لخير؟! هي النعم دي حاجة مشتركة ممكن تمشي كده وممكن تمشي كده وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ الطريقين, النعمة نفسها دي منة من الله, هو عبر عن النعمة بإيه؟ بإن دي غواية وهو عشان كده بقى هو الشيطان, ولذلك لو حد سلك المسلك دا هيبقى هو شيطان برضة, هي النعمة هيوظفها في الشر وهيعتبر أن ربنا هو اللى أمده كأن ربنا هو اللى وجهه لسكة الشر, يعني النعم اللى ربنا أدهالي بقت دي حاجة أنا أُبتليت بيها وربنا اللى عايز كده وأنا دلوقتي اللى مظلوم ! أنا الغلبان يعني !, هيبقى إبليس.
وفي (ص) قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ طب فبعزتك تكون في حاجة عدلة يعني فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ !, وبعدين فيه ناس أنا مقدرش عليهم لأن لايزال الرب فوق سبحانه وتعالى قال إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ.
يبقى إذاً اللى هيدخلوا في إطار رعاية الرب سبحانه وتعالى قال إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ.
قُلْ لِمَنِ الْأَرْضُ وَمَنْ فِيهَا إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ دا خطاب للكفار سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ قُلْ مَنْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ قُلْ مَنْ بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ يُجِيرُ وَلَا يُجَارُ عَلَيْهِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ فَأَنَّى تُسْحَرُونَ, حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فِي جَهَنَّمَ خَالِدُونَ تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النَّارُ وَهُمْ فِيهَا كَالِحُونَ أَلَمْ تَكُنْ آيَاتِي تُتْلَى عَلَيْكُمْ فَكُنْتُمْ بِهَا تُكَذِّبُونَ قَالُوا رَبَّنَا غَلَبَتْ عَلَيْنَا شِقْوَتُنَا وَكُنَّا قَوْمًا ضَالِّينَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْهَا فَإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظَالِمُونَ قَالَ اخْسَئُوا فِيهَا وَلَا تُكَلِّمُونِ, وَلَوْ تَرَى إِذْ وُقِفُوا عَلَى النَّارِ فَقَالُوا يَا لَيْتَنَا نُرَدُّ وَلَا نُكَذِّبَ بِآيَاتِ رَبِّنَا وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ هو سبحانه وتعالى رب العالمين, الشيطان والإنسان, الكافر والمؤمن, الطائع والعاصي, الإنسان لما يعصي هيروح فين؟ هو رب الطائعين وهو رب العصاه رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ, وَلَمَّا سُقِطَ فِي أَيْدِيهِمْ عبدوا العجل وَرَأَوْا أَنَّهُمْ قَدْ ضَلُّوا قَالُوا لَئِنْ لَمْ يَرْحَمْنَا رَبُّنَا وَيَغْفِرْ لَنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ.
وهو رب الطائعين رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ, هو سبحانه وتعالى رب العلمين, مفيش حد, مفيش كائن كائناً من كان يخرج عن ربوبيته وخضوعه لله تبارك وتعالى, مفيش حد بيخرج عن هيمنة الله, مفيش حد بيخرج عن سلطان الله, مفيش حد بيستغني أبداً عن مدد الله وعن نعمة الله وعن حفظ الله وعن رعاية الله سبحانه وتعالى, هو رب العالمين لكن الإنسان يا بيعيا يا مبيعيش, بيعقل أو مبيعقلش, يَا أَيُّهَا النَّاسُ كل الناس أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ مفيش حد تاني وكلنا فقراء ومحتاجين أشد الحاجة لربنا, وربنا سبحانه وتعالى وحده وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ.
منهم من يدرك فقره فيلجأ إلى ربه ومنهم من يظن في نفسه الغنى فيستغني بنفسه ,كَلَّا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى
معانا نقطين, في هذا موضوع نقطين في غاية الأهمية, الأولنية : الرب هو المربي, لازم نقف وقفة مع التربية, التربية, الحاجة اللى ضاعت في مجتمعنا, أوكلت إلى غير حفيظ, التربية, ربنا هو المربي سبحانه وتعالى, إيه صورة التربية التي أرتضاها لنا سبحانه وتعالى ونوصلها إزاي؟, دا موضوع, موضوع تاني: نزع روح الربوبية من المجتمعات, اللى احنا بنسميه إلحاد, والروح دي ورياحها التي تقبل علينا من سنين وتزداد مع الوقت, بل تبث في المجتمع بثاً, المادية وغياب الروح التي تورث الإلحاد ونسيان الرب سبحانه وتعالى, مهو الإلحاد دا معناه إيه؟ معناه أنو مفيش ربنا, الإلحاد دا يساوي لا إله, مفيش ربنا, مفيش خالق ولو فيه خالق ملوش علاقة بالحياة, لو فيه خالق خلق ثم ترك ودي نظرية أرسطو قديمة, هو خلق الكون وسابو كده, هو بيمشي نفسه مفيش سلطان مهيمن على حياة الخلق, دي نقد وهدم لرب العالمين تماماً.
المسألتين دول : التربية والإلحاد, قضيتين في غاية الخطورة, وهما مرتبطين ببعض, مفيش صلاح لحال إنسان أو حال مجتمع أو حال أمة إلا إذا كان بيتنعم بربوبية ربنا سبحانه وتعالى له, إلا إذا كان بيحفظ حق الربوبية, إلا إذا كان بيتمتع بحماية ورعاية وحفظ ربنا سبحانه وتعالى, لأنه سبحانه وتعالى هو رب العالمين, لذلك احنا قلنا إن دا أول تعريف, الفاتحة دي هي دي أول تعريف للمؤمنين بربنا سبحانه وتعالى, ولذلك كل ركعة من ركعات الصلاة بتفتقر إلى الفاتحة, كل ركعة, مفيش صلاة تصح من غير ما نقرأ هذه الآيات في كل ركعة, يبقى احنا حاجتنا إليها حاجة غاية في الضرورة, غاية في الأهمية لا يمكن أن نستغني عنها طرفة عين ولا تنفس نفس .
يبقى إذاً احنا عايزين لما نطلع إن شاء الله نبقى أحسن مما دخلنا, احنا في أول الخطبة قلنا قول يا رب, عايزين واحنا طالعين من الخطبة نبقى فعلاً بنقول يا رب, فعلاً بنتعلق بالرب, طب إذا فعلنا؟ خلاص, هو أنا لو ارتكنت إلى الرب سبحانه وتعالى تفتكر أنا أعوز حاجة؟ تفتكر أنا أحتاج حاجة؟ تفتكر أنا ينقصني حاجة؟! لأ خالص, لأ تماماً, ولذلك آخر كلمة نختم بيها, الإمام مالك, يقول ابن وهب: سأله رجل عن الدعاء يقول: يا سيدي .. يا سيدي, يعني عايز يدعي ربنا يقول: يا سيدي .. يا سيدي, فالإمام مالك قال إيه؟ قال : يعجبني دعاء الأنبياء ربنا .. ربنا, يعجبني دعاء الأنبياء, إيه دعاء الأنبياء؟ ربنا .. ربنا.
ربنا اغفر لنا ذنوبنا واسرافنا في أمرنا وثبت أقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين .
ربنا هيئ لنا من أمرنا رشداً, ربنا هيئ لنا من أمرنا رشداً, ربنا هيئ لنا من أمرنا رشداً.
ربنا إننا سمعنا منادياً ينادي للإيمان أن آمنوا بربكم فآمنا, ربنا فاغفر لنا ذنوبنا وثبت أقدامنا وتوفنا مع الأبرار, ربنا وآتنا ما وعدتنا على رسلك ولا تخزنا يوم القيامة إنك لا تخلف الميعاد.
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم .