إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا. إنه من يهدي الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمد عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ
يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا
نتساءل أولاً عن رسالة المنبر، لقد تجاوزت كلماتنا هذه الثلاثين بعد المئة من الخطب وهو قدرٌ كبيرٌ من الساعات نسترجع نحن الآن هذه الرسالة، ما هي الرسالة التي ينبغي على المنبر أن يوصلها إلى عباد الله عز وجل المسلمين، إن الرسالة التي ينبغي أن نستهدفها هي استعادة الإيمان في قلوبنا، واستعادة الصلة الحقيقية بربنا تبارك وتعالى واستعادة الثقة منّا في ديننا الذي ارتضاه الله عز وجل لنا.
ما فائدة هذا السؤال؟ إذا نحن لم نعرف لنا رسالة فلابد أن نخبط خبط عشواء، فالمتكلم إذا لم يكن قد حدد بشكل واضح ماذا يريد أن يقول؟، فإنه لن يقول شيئاً مفيداً أو شيئاً مؤثّراً، والمستمع كذلك إذا لم ينتوي بسماعه أن يخرج من خطبته أقرب إلى الله عز وجل فإنه لا ينتفع منها بشيء، وقد تكلمنا قبل ذلك عن خطبة الجمعة، وتكلمنا عن أن هناك حكمة بالغة، ومقصداً عظيماً من كل أمرٍ ومن كل توجيهٍ يوجه الله سبحانه وتعالى إليه عباده، لأن الله سبحانه وتعالى من أسمائه أنه هو الحكيم، فهو لا يقضي قضاءً ولا يأمر أمراً ولا يزجر زجراً، ولا ينهى عن شيءٍ إلا لحكمة بالغة يعلمها سبحانه وتعالى. أطلعنا سبحانه على بعضها بالبيان الواضح المباشر، وأشار إلى بعضها إشارة تحتاج إلى تدبّر وتبصّر، وربما استأثر سبحانه وتعالى بعلم أو بحكمة بعض مراداته فيما يأمر وفيما ينهى، فنردها إلى ثقتنا بحكمته تبارك وتعالى وأنه لا يقضي قضاءً ولا يحكم حكماً، ولا يأمر أمراً إلا لحكمة بالغةٍ، علمها من علمها وجهلها من جهلها، فهذه هي حقيقة الرسالة، أن يستعيد المسلمون إسلامهم وإيمانهم كما أنزله الله تبارك وتعالى وكما عاشه رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحابته الذين رضي الله عنهم وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ
وقد قلنا قبل إن الله سبحانه وتعالى حينما ذكر هؤلاء السابقين من المهاجرين، وهؤلاء السابقين من الأنصار ذكر سبحانه أنه قد رضي عنهم بأوصافهم وأسمائهم وأعيانهم وذواتهم وأشخاصهم، أما نحن من أتى وراء وبعد هؤلاء من زمان التابعين إلى زماننا هذا، فالله سبحانه وتعالى اشترط علينا لكي نشاركهم في نيل هذا الرضا الإلهي شرطين؛ الاتّباع والإحسان، فكأنه قال سبحانه وتعالى وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ رضي الله عنهم ورضوا عنه، وكذلك الذين يتبعونهم على دربهم وسبيلهم وطريقهم بإحسان وإخلاص.
ثم نتساءل عن أحوالنا بإزاء هذه الرسالة، فمنّا من فقد ثقته فيها، أو فقد استشعاره لعظمتها وقيمتها، فهو لا يلتفت إليها كثير التفات ولا يبالي بها كثير مبالاة، لا يستشعر هذه النعمة، قال الله تعالى الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا ولذلك قال يهودي ممن استقرّ في قلوبهم الحسد لأهل الإيمان وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ قال لعمر رضي الله عنه: لو نزلت علينا هذه الآية لاتخذناها عيداً، يستحق وقت تنزيل هذه الآية أن يكون عيداً لأنها نعمة لا تعدلها نعمة؛ أن الله سبحانه وتعالى قد أكمل لنا الدين،،
معنى الكمال: أن الله سبحانه وتعالى قد استوفى فيما أمرنا به وفيما وجّهنا إليه كل ما نحتاجه لتحقيق سعادتنا في معاشنا ومعادنا في دنيانا وفي أخرانا لا نحتاج إلى تكميل نقصٍ قد انتقص من ديننا بأن نكمله بأن نذهب يمنةً أو يسرة، ولذلك قال تعالى واصفاً هذا الإكمال للدين بأنه حقيقة النعمة قال وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي الدين ده نعمة عظيمة من الله سبحانه وتعالى حينما اكتمل فقد تمّ علينا النعمة وقال سبحانه وتعالى وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا فإذا ارتضاه الله تبارك وتعالى لنا كان حقّاً علينا أن نرتضيه نحن لأنفسنا، كيف لا نرضى بما ارتضاه الله عز وجل لنا من نعمة ومن فضلٍ ومن دين، فربما غابت هذه الحقائق أو غاب إدراك هذه النعمة عن كثير منا وللأسف فنحتاج إذاً أن نتذكّر وأن نتذاكر وأن نستعيد إحساسنا واستشعارنا لهذه النعمة، ومنّا من يدرك هذا إدراكاً إجماليّاً لكنه لا يدرك عمق هذه النعمة، ليه؟ لأن إدراكنا للإسلام إدراك إجمالي، كلما ازداد الإنسان علماً بتفاصيل هذه النعمة وتفاصيل هذه الملّة وهذه الشرعة، كل جزئية، كلما ازداد إيماناً ويقيناً ورسوخاً، ومنّا من ربما أدرك ذلك لكنّه لم يتبع ذلك بما يستحقّه من شكر للنعمة ومن امتثال لهذا الأوامر وهذه التوجيهات الإلهية التي توصلنا إلى حيث نرجو وإلى حيث نأمل، قال تعالى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ -فَلَنُحْيِيَنَّهُ-حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ
فله في هذه الحياة الطيبة وله عند الله سبحانه وتعالى الأجر الحسن الذي ينتظره حينما يفيء ويعود إلى ربه تبارك وتعالى، وليس هناك أعظم ولا أجلّ من هذه النعم، وليس لنا ما نحتاجه أو ما نرجوه أو ما نصبوا إليه فوق هذه المنن الإلهية، ماذا يحتاج الإنسان فوق أن يصرف الله عنه الضلال فتنجلىي له الحقائق وتتضح له الأمور، ماذا يحتاج الإنسان فوق أن يصرف الله عنه الشقاء فيحقق السعادة والسكينة والطمأنية التي يرجووالتي يصبو إليها، ماذا يحتاج الإنسان فوق أن الله سبحانه وتعالى يرزقه حياةً طيّبة، ويكفي أن الله سبحانه وتعالى هو الذي يصف هذه الحياة بأنها الحياة الطيّبة أُولَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ إِنَّ فِي هَذَا لَبَلَاغًا لِقَوْمٍ عَابِدِينَ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ
فإذاً ما نأمله وما نرجوه وما نصبوا إليه أن نصل إلى الشعور بعظمة سبحانه وتعالى إلى الشعور برحمة الله إلى الإحساس بنعم الله تبارك وتعالى، أن نترجم هذا لصلة طيّبة حقيقية بربنا تبارك وتعالى وأن نشكر ربنا ونلهج بالثناء عليه لما أمدّنا من نعم، ولما رزقنا من دينٍ، ولما امتنّ علينا من رسولٍ صلى الله عليه وسلم هو القدوة والأسوة الحسنة لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ
لسنا نحتاج وراء ذلك إلى شيء، لكن كل ما نحتاجه أن نتبصّر في هذه الحقائق، أن نتفكّر فيها، أن نتأمل فيها، لكي نشعر قلوبنا هذه المعاني، وهذا هو حقيقة الإيمان الذي نبحث عنه جميعاً، ولنطمئن بعد ذلك أننا إذا منّ الله عز وجل علينا فأدركنا هذه الحقائق، أننا إذا منّ الله عز وجل علينا فارتكنّا إلى ركن الله العظيم، إذا منّ الله عز وجل علينا فنعمنا بظلال رحمة الله سبحانه وتعالى أننا سوف يجلب لنا ذلك كل ما نحتاجه من خير، وسوف يدفع عنّا ذلك كل ما نحذره من شرٍّ، قال الله تعالى مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا إذا أراد الله سبحانه وتعالى أن يرحم عباده أو يرحم عبداً من عباده، فلا يملك عبدٌ كائناً من كان أن يحجز رحمة الله عز وجل عن هذا العبد إذا أذن الله عز وجل لها فيها، وإذا أمسك قال تعالى مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلَا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ العزيز سبحانه وتعالى الذي لا يمانع والذي لا يملك أحدٌ أن يردّ أمره أو يمسك رحمته، وهو الحكيم الذي يضع كل شيء في محلّه، فيعطي هذه الرحمة لمن يستحقّ، وربما يحجبها عمن لا يستحقّ، أو عمن يريد منه سبحانه وتعالى أن يتعظ أو يتذكر فيفيء إلى الله سبحانه وتعالى فيستعيد هذه الرحمة التي بقي عمره وحياته متنعماً بها، وهو لا يشعر أو وهو لا يشكر،
يقول صلى الله عليه وسلم: لا صلاة بحضرة طعام، ولا وهو يدافعه الأخبثان.
هاهنا صلى الله عليه وسلم وهو يوصي ويوجّه، وقبل أن نشرح أو نوضّح هذا النصّ، نودُّ أن نبيّن علّة إيراده؛ لماذا نذكره، إننا قد ذكرنا التعظيم للنعمة والاستشعار للفضل، وقلنا في ثنايا وتضاعيف كلامنا الذي ذكرنا أن الإنسان كلما ازداد بصيرة وكلما ازداد فهما، وكلما ازداد وعياً بتفاصيل هذا الوحي وهذا النور الإلهي وبتفاصيل حكمته، كلما ازداد يقيناً وازداد تعظيماً وازداد ثقةً فنحن نعرض لهذا كمثال لهذا التفصيل الذي يزيد الإنسان يقيناً واعتزازاً واستشعاراً للنعمة التي منّ الله عز وجل علينا بها،
هاهنا يقول صلى الله عليه وسلم موصياً أصحابه رضي الله عنهم يقول: لا صلاة بحضرة طعام، ولا وهو يدافعه الأخبثان.
هاهنا يتحدث صلى الله عليه وسلم عن الصلاة التي هي من نعم الله العظمى والتي هي الصلة التي تصل بين العبد وبين ربه تبارك وتعالى، والتي وصفها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: وجعلت قرّة عيني في الصلاة. وقرّة العين: هي منتهى النعيم، الشيء اللي الإنسان من استمتاعه به وحبّه له إذا وقعت عليه عينه استقرّت فلا يبغي لنظره حولاً عن هذه النعمة أو عن هذه المتعة أو عن هذا الشيء الذي يحبه ويتعلّق به، يعني مفيش حاجة أعلى منه أو أفضل منه يصرف بصره عنها لها،
فحينما يقول صلى الله عليه وسلم: وجعلت قرّة عيني في الصلاة. إن ديه محلّ السعادة الكاملة والطمأنينة له صلى الله عليه وسلم بحيث إذا دخل في الصلاة لا يحبّ أن يخرج منها ولذلك ده اللي بيفسّر أد ايه صلاة النبي صلى الله عليه وسلم كانت صلاةً طويلة، كان لا يطيل في فريضته شفقةً على العباد وهذا من الرحمة التي جبل عليها صلى الله عليه وسلم والتي علّمنا إياها وأمرنا أن نستنّ به فيها، إذا صلى أحدكم بالناس فليخفف وإذا صلى لنفسه فليطوّل ما شاء يبئى إذاً الفريضة محل التخفيف فإن فيهم المريض والضعيف وذا الحاجة. المريض عنده حاله عارضة مش قادر يقف قيام طويل أو يسجد سجود طويل أو يركع ركوع طويل، الضعيف: اللي هو بنيانه الأصلي فيه ضعف، يعني المرض ده شيء عارض، لكن التاني ده حاجة أصلية فيه، وذا الحاجة: الشخص المشغول وراءه أمر يريد أن ينصرف إليه فإذا طالت الصلاة تشوّش عليه فكره عاوز يطلع، فلا هو عارف يصلي ولا هو أدرك حاجته، طيب إذا الشخص صلى مع نفسه خلاص، فليطوّل ما شاء.
طيب احنا بنقرأ إن النبي صلى الله عليه وسلم كان بيصلي فيقترئ قراءة طويلة ويصلي صلاة طويلة، طيب هل يمكننا أن نتأسى به فيها – اللي هو الفعل يعني – إذا لم نشاركه ولو بشيء من إحساسه فيها، يعني النبي صلى الله عليه وسلم بيقول: وجعلت قرّة عيني في الصلاة. يبئى طبيعي، النتيجة المنطقيّة أنه سيدخل الصلاة مش عاوز يطلع، طيب إذا لم تكن الصلاة لنا بهذه المثابة، هتبئه حاجة تقيلة، أنا ما أقدرش أتأسى به في صورة الفعل إذا لم أكن أشاركه ولو بقدرٍ في حقيقة الفعل، وعلى قدر ما أشاركه في حقيقة الإحساس على قدر ما أنا هشاركه في صورة الفعل، لأن لو أنا الإحساس عندي مش موجود، هتبقى الصلاة بالنسبة لي ثقل، دلوقتي هو النبي صلى الله عليه وسلم هل هو بيحمل نفسه على هذا حملاً، يعني بيشقّ على نفسه أو بيأطرها على أنه يطوّل في الصلاة، لأ، ده هو بيدخل في الصلاة مش عاوز يطلع، طب أنا لما بدخل في الصلاة أنا ببئه عايز أنجز، ليه؟ لأن أنا معنديش الإحساس ده، يبئه إذاً ايه اللي أنا بدوّر عليه إن أنا أحاول أن أسلك المسلك الذي يجعلني أشارك ولو بقدرٍ في هذا الشعور والذي سيؤدي بالتبع إني أشارك بنفس القدر الموازي له في الفعل والتاسي والاقتداء، طب بدون ده،، لأن النبي صلى الله عليه وسلم حينما كان يصلي لم يكن يفعل فعلاً يشقّ عليه وإنما يفعل فعلاً يحبه ويطلبه وينتظره، حينما يأتي وقت الأذان يقول لبلال رضي الله عنه يا بلال (أرحنا -أرحنا- بالصلاة) يبئى أنا ما بين الظهر والعصر، ما بين العصر والمغرب أنا بعاني، ومنتظر ومترقّب وقت الصلاة، فبيأمره أو بيدعوه للنداء اللي هو الأذان اللي هيتبعه الصلاة فيقول (أرحنا) يبئه احنا كنّا تعبانين فهنصلي فنرتاح، طب إذا مكنش كده، يبئه اللي احنا بنعمله ده مش هي الصلاة، على فكرة مشكلتنا الأساسية هنا
احنا عندنا إدراك وعندنا معرفة لما ينبغي أن تكون عليه الأمور، المعلوماتية مفهاش خلل، لكن الترجمة أو الإحساس أو الإدراك للحقائق فيه مشكلة، وده اللي بنحاول ندوّر عليه، ولذلك احنا اتكلّمنا كتير عن ايه عن إن ربنا سبحانه وتعالى دائماً بيأمر في القرآن بالتدبّر، التدبّر ده: هو التعمّق في الفهم، هو ده اللي هيورث الثمرة ولذلك النبي صلى الله عليه وسلم قال وذكرناه مراراً (من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين) طب الفقه ده يعني يقرأ فقه السنّة يخلصه، يبئه عارف يسمع أركان الصلاة، شروط الصلاة، شروط وجوب الزكاة، كيفيّة أداء المناسك…
الفقه هو الفَهم يدرك المعاني ويسبر غورها، ولذلك حينما سُئل عليّ رضي الله عنه هل خصّكم رسول الله صلى الله عليه وسلم بشيء، يعني أنتم آل البيت اداكم علم دون بقية الناس قال لكم حجات خاصّة مقلهاش للباقيين، ما كان له أن يفعل صلى الله عليه وسلم لأن هذه أمانة قد ائتمنه الله عز وجل عليها، ولكن ربما ناس بيشيعوا ده أو مثلاً بعضهم بيقول إن النبي صلى الله عليه وسلم أوصى لعليّ بالخلافة مثلاً، فيحتاج إلى أن يُسأل، قال: لا والذي فلق الحبّة وبرأ النسمة إلا فهماً يُؤتاه عبدٌ في كتاب الله وما في هذه الصحيفة -حاطط صحيفة في هدومه-، قال: وما في هذه الصحيفة، قال: العقل وفكاك الأسير وألا يقتل مسلم بكافر، حجات من اللي النبي صلى الله عليه وسلم علّمنا إياها، أحكام الأسرى وجزء من أحكام القصاص، والعقل: إن لو واحد قتل حدّ خطأ العاقلة اللي هما قرايبة اللي هم عصابته يعني يشاركوا في دفع الديّة.
فهو قال: إلا فهما يُؤتاه عبدٌ في كتاب الله، ولذلك النبي صلى الله عليه وسلم حينما أراد أن يشكر ابن عبّاس على فعلٍ فعله أن قرّب للنبي صلى الله عليه وسلم وضوأه في صلاة الليل، فأراد أن يكافئه فقال: اللهم فقهه في الدين وعلّمه التأويل،، فقهه في الدين: أن يفهم عن الله سبحانه وتعالى مراده، طب وعلّمه التأويل أن يفقه معاني كلام الله سبحانه وتعالى، التفسير يعني، فإذاً النعمة العظمى على الإنسان، علامة إن ربنا بيريد بالإنسان خير إن ه يرزقه هذا الفهم، اللي هو الإدراك العميق، الفقه: هو عمق الفهم قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ ايه هي البصيرة؛ البصيرة: أن يرى الإنسان الحقائق بعين قلبه، عمق الفهم والإدراك، إدراك ما وراء ظواهر الأمور، قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي طريقي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ أرشد الناس إلى ربهم سبحانه وتعالى، أذكرهم بفضل ربهم عليهم لكي يفيؤا إليه وهذا التوجيه لابد أن ينبني على بصيرة؛ عمق الفهم لدين الله سبحانه وتعالى ولأحكامه، عشان أعرف أقول ايه، لمين، وامته، وازاي،، عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي ومضمون هذه الدعوة أو هذه الرسالة وَسُبْحَانَ اللَّهِ تعظيم الله سبحانه وتعالى وتنزيهه عن كل نقص وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم
الحمد لله رب العالمين، فهو يوصي صلى الله عليه وسلم وينصح ويوجّه، فهو يقول إذا حضر الطعام فلا صلاة، وإذا كان الإنسان يدافعه بولٌ أو غائط، يعني محتاج يروح الحمّام، فلا صلاة، طب ليه؟ احنا قلنا إن هذه الصلاة، النعمة العظمى الكبرى لابد أن تكون مؤثّرة لأن لها هدف وغاية، قال تعالى اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ الصلاة لها دور ولها وظيفة وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وقال تعالى وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلَاقُو رَبِّهِمْ وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ فهذه الصلاة هل احنا مطلوب مننا نؤديها وخلاص، للأسف احنا بنعمل كده غالباً ببئه أنا عاوز الصلاة ديه أنها واجب وأنا عاوز أبقى خلّصته، يعني آجي أمضي إن أنا صلّيت، أسقط الفريضة، بزيح الواجب عن كاهلي، مش ديه الصلاة، ولذلك احنا مش قادرين إننا نصل بها لمرحلة الإثمار، لذلك قبل ما نؤديها بشكل مرضي، ندرك حقيقتها، وقيمتها عشان نهتم بها كما ينبغي، فهاهنا النبي صلى الله عليه وسلم يريد أن يفرّغ القلب للصلاة عشان الصلاة تؤتي الأكل والثمرة، فدلوقتي لو أنا جعان هبقى مشغول بالأكل، فالأذان أذّن،
ولذلك النبي صلى الله عليه وسلم في حديث ابن عمر قال: إذا حضر عشاء أحدكم وأقيمت الصلاة – يعني الناس بدأت تصلي فلا يعجل عن عشائه حتى يفرغ منه، دلوقتي الأكل موجود ده لمن تتوق نفسه إليه، يعني افرض؛ أنا مش جعان، هو المقصد ايه؟ إن أنا في حاجة بتشغلني هتشوش على تفكيري ولذلك النبي صلى الله عليه وسلم قرن ما بين ده وما بين ايه؟ محتاج إني أنا أروح الحمام، مهو دلوقتي أنا متوضي العشا، لسه هخش الحمام واتوضى تاني، فأنا هخطف الأربعة وبعدين أخش الحمام برحتي، عادي بئه مفيش مشكلة، هقلب أنا العشا، عشان أخش الحمام بمزاج،، ده عكس اللي النبي صلى الله عليه وسلم بيقوله تماماً، سيب الناس في الجامع مفيش مشكلة روح الحمام لو سمحت عشان تعرف لما تطلع من الحمام تصلي، لإن المطلوب ايه؟ إن أنا ايه، أصلي،، طب ما احنا بنصلي،، أنا هصلي العشا عادي أربع ركعات كاملين ، مفيش حاجة هنقّصها يعني، عادي، بس أنا مش هبقى هنا هنا، ده ايه، وبالتالي ايه المطلوب وإن أنا المفروض أهيأ الأسباب له، يبئه ديه من عظمة هذا التوجيه من النبي صلى الله عليه وسلم هو ماذا يريد أن يقول، إن أنا محتاج أعمل تهيئة لهذه العبادة عشان تثمر ثمرتها، طب دلوقتي الناس بتصلي، أنا عايز آكل، محتاج الأكل، خاصّة إن الزمان -وديه نقطة مهمة جدّاً- معرفة العرف أو الحال المقارن للخطاب، لإن في حجات إذا لم يدرك سياقها منقدرش نفهمها، يعني الكلام ده كمان قيل في زمان قلّة وندرة طعام، هو على فكرة الأكل بيبقى قليل، يعني الراجل لو راح يصلي العشا، طبعاً العيال جعنين، هو ومراته هيحطوا الأكل، هو هيروح يصلي العشا ويجي يبئه لحد تاني يوم بايباي مفيش خلاص،، مش احنا!!! نفتح التلاجة ونحط الأكل في المكرويف، برحتي أنا بئه ممكن آكل في أي وقت، أتّصل دلفري يجيب لي أكل،، أنا راجل باشا،، لا هناك مكنش كده، المشكلة هناك هيروح يصلي يجي خلاص كده معلش بئه بكره بئه عشان تاكل، طبعاً هو هيجي ومش هيصلي تاني، خلاص أنا آعد هنا، صلاة مين يا عم الأكل هيخلص.
يبئى لا صلاة بحضرة طعام ليه؟ يبئه أنا أحدث التهيئة، أخلّص احتياجاتي الأساسية وبعد كده أقبل على الصلاة، يبئه ده بيعكس ايه؟ حكمة النبي صلى الله عليه وسلم في تهيئة الظروف للعبادة لأهمية العبادة وأداءها على الشكل اللي يحقق المقصود والثمرة، الحاجة التانية: واقعية الدين وإدراكه، لأن أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ ده تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ من عند ربنا سبحانه وتعالى، طبيعة الإنسان وضعف الإنسان، طالما أنا مشغول محتاج الحمام أو محتاج آكل، أو في حاجة بتشوش تفكيري، إذاً أنا مش هعرف إن أنا أركّز، يبئه إذاً الإنسان لو في ظروف صعبة أو في ضائقة ماليّة كبيرة أو في أزمة اجتماعية أو أسريّة هيبئه صعب أوي إن هو يعرف يركّز، ولذلك ربنا سبحانه وتعالى وهو يتكلم عن أحكام الطلاق في سورة البقرة في نصف الآيات، في مشاكل وطلاق حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ قلنا ديه هنا ليه؟، قلنا قبل كده ديه هنا ليه؟ لأمور منها إن المحافظة على الصلوات هي اللي هتضبط الاجتماعيات، وبالتالي إذا احنا حفظنا على الصلاة، والصلاة تثمر ثمرتها، علاقتنا الاجتماعية ستبقى في إطار رحمة الله سبحانه وتعالى وإطار التقوى، فمنضطرش للخوض في كثير من هذه المشاكل، ويمكن أن تعالج بأبسط الأمور، الحاجة التانية: إن الشواغل ديه هتصرف الإنسان عن الصلاة والحضور فيها، هو محتاج في الضوائق بالذات، هو أحوج ما يكون إلى الصلاة، ولذلك من فقه أبي الدرداء اللي تعلمه من رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: إن من فقه الرجل أن يبدأ بحاجته فيقضيها – في حاجة شغلاه يخلّصها – حتى يقبل على صلاته وقلبه فارغ، مش مشغول بحاجة، يبئه إذاً من الحكمة العظيمة هاهنا، إن الإنسان يصرف الشواغل عشان يحاول يركّز، طيب ….
حديث آخر، عبدالرحمن بن أبي بكرة رحمه الله ورضي عن أبيه، يقول: إن أبابكرة -اللي هو أبوه رضي الله عنه نفيع بن الحارث- كتب لإبنه وكتبت له -كتب إلى ابنه يعني بعت له جواب، وكتبت له يعني: أنا اللي كتبت له الجواب- كتب إلى عبيد الله بن أبي بكرة وهو قاضٍ بسجستان، ابنه عبيد الله اتعيّن قاضي في هذه المدينة، فهو بعت له رسالة عشان ينصحه أو يعظه، فقال له ايه؟ قال: لا تحكم بين اثنين وأنت غضبان فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (لا يحكم أحدٌ بين اثنين وهو غضبان) هذه رواية مسلم، وفي رواية البخاري (لا يقضينّ أحدكم بين اثنين وهو غضبان) وفي رواية المسند (لا يقضي القاضي بين اثنين وهو غضبان) ده نفس التوجيه اللي ورد في الحديث الأول، إن الإنسان إذا كان في حالة من الاستنفار، في حالة من الغضب أو في حالة من الحزن الشديد، في حالة من الضيق، في حالة من الإعياء لا يستطيع أن يقوم بواجبه في الفصل بين الخصوم، مش هيعرف مش هيقدر يحضر ذهنه، مش هيقدر يحصل على الصفاء المطلوب لأداء هذه الواجب، أصل ديه أمانة، واجب عليه تحري الحقّ وتلمّس أسبابه، فلازم يكون هو مهيأ لده فإذا كان هو في حالة من التوتر في حالة من الغضب في حالة من الضيق لا يستطيع أن يقوم بهذا، فنهي عن ذلك حتى يكون في وضع يؤهله لأداء هذه الوظيفة، أو هذه المهمة، يبئه إذاً الإنسان، تكلمنا قبل كده عن اتّخاذ القرار، وتكلمنا عن معناه والأمور التي ينبغي أن تتوافر عشان الواحد يتخذه قراراً، فهاهنا النبي صلى الله عليه وسلم بيوجّه إلى ايه، إلى إن الإنسان ما يحكمش في قضية، ما يفصلش فيها إلا إذا كان في حالة تسمح له بذلك، ولذلك دائماً الإنسان بيقول كلام وبياخد قرارات غالباً في حالات انفعالية، غالباً بيندم عليها، ليه؟ لأنه برده خرج عن هذه الوصايا، خرج عن هذا السنن، خرج عن هذه الهداية النبوية، لم يشكر هذه النعم بامتثالها وطاعة رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها، مهي المشكلة هنا،، فاحنا لازم كل ما نخالف لازم يحصل مشاكل، بس هي الفكرة إن احنا ندرك إن احنا بنخالف فلازم نستقيم على الجادة عشان ربنا يكرمنا، لا نصرّ على اللي احنا عليه،
ولذلك الإمام أبوحنيفة بيقول: لا تستشر من ليس في بيته دقيق، أنا معنديش أكل في البيت فأنت بتستشرني في موضوع،، مش معاك أنا، ولاااا هقول لك أي كلام، يبئه إذاً الدقيق ده عشان أنا دماغي راكزة وأعرف اتكلم، ده أفوى من كده الإمام أبوحنيفة كان بينهى تلامذته عن إن هما يستفتوه وهو ماشي، لأن هو مبيبقاش في حالة الحضور الكامل، يعني حاجة تشغله يبص على حاجة، فكان بينهاهم، محدش يستفتيني في موضوع،، وهو إمام عالم، يعني المسائل حاضرة في دماغه، مش زينا هيقعد يهرش وأنا لسه قارءها، قرأتها فين،، لأ، ده أبوحنيفة الإمام، لذلك مرة واحد سأله سؤال وجوبه وهو ماشي، وبعدين جه في المجلس فبيتكلم في المسألة فقال كلام تاني، فقال له: على فكرة وأنا ماشي انت قلت لي، قال له: ما أنا قلت لك ما تسألنيش وأنا ماشي، (لا تستشر من ليس في بيته دقيق)
يبئه إذاً ايه اللي احنا عاوزين نوصله دلوقتي، يعني اللي احنا قلناه كله ما الهدف منه؟ أول حاجة: إدراك عظمة وقيمة هذه العبادة اللي هي الصلاة وإن احنا محتاجين إلى هذه العبادة أحوج ما نكون، وإن هي عشان تؤدى بشكل صحيح لابد إن الإنسان يهيئ نفسه لهذه العبادة، وده من حكمة الله سبحانه وتعالى ومن حكمة توجيهه، المقصود ثمرة، على فكرة مش مطلوب إن أنا أسقط واجب عشان ربنا هيسألني عنه، الموضوع أكبر من كده بكتير، العبادات ديه إنما أقيمت عشان تحصل السكينة والطمأنينة والتقوى والهداية، العلم عشان الخشية، قال تعالى إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ الصيام عشان التقوى كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ، الذكر عشان الطمأنينة الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ طُوبَى لَهُمْ وَحُسْنُ مَآبٍ في ثمرات، هذه الثمرات لنا، احنا لما بنؤدي العبادة لا نؤديها لمصلحة ربنا عياذاً بالله، ربنا سبحانه وتعالى أمرنا بما يحقق لنا احنا المصلحة والمنفعة والخير والسعادة في الدنيا والآخرة، هذا لأجلنا، (إنكم لن تبلغوا ضرّي فتضرّوني ولن تبلغوا نفعي فتنفعوني) إِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنْكُمْ وَلَا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ وَإِنْ تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ لكم، مش له، ربنا سبحانه وتعالى بيرضى لنا احنا الشكر، لأن هذا الشكر عائدة نعمته وثمرته علينا وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ
إذاً في حكمة كبيرة وراء كل نعمة وكل توجيه، نحاول ندركه لأن إدراكنا له هو ده اللي هيوصّلنا للي احنا بندور عليه، الحاجة التانية عظمة نعمة ربنا علينا بالإسلام اللي تعامل مع طبيعة الإنسان وضعفه قصوره وتقصيره مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا، ولكن يريد ليطهركم ويتمّ نعمته عليكم، ربنا سبحانه وتعالى يريد بالإنسان الخير، يريد بالناس الهداية والرحمة ووفر لهم كل أسباب ده وأعنهم عليه سبحانه وتعالى بكل سبيل، هو اللي وجهنا إن احنا نقول في كل ركعة إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ، هو سبحانه وتعالى اللي وجهنا إن احنا نقول في كل ركعة اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ لأن ده احنا محتاجينه، هو اللي أخبر عن نفسه فقال هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ هو ربنا سبحانه وتعالى، هو سبحانه وتعالى بيفعل ده عشان هو يريد أن يخرجنا من الظلمات إلى النور الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا الملائكة العظام من حملة عرش الرحمن، ومن حوله من الملائكة الله سبحانه وتعالى ألهمهم ووجههم وأمرهم بهذه الكلمات الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا ربنا أمرهم بده عشان يستجيب ولا عشان ما يستجبش، احنا بندعي دعاء، دعاءنا بايظ عشان احنا عندنا مشاكل كتير، احنا بايظين، فربنا سبحانه وتعالى هيئ وأمر من يستجاب دعاءه لأنه ليس فيه نقيصة، لإرادته سبحانه وتعالى أن يستجيب، ألا يستحقّ هذا الربّ أن يحبّ وأن يطاع، ألا يستحقّ هذا الرب أن يشكر فلا يكفر، أن يطاع فلا يعصى، أن يذكر فلا ينسى، وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ رَبَّنَا وَأَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدْتَهُمْ وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ وَقِهِمُ السَّيِّئَاتِ احنا مشكلتنا فين هي في ديه في السيئات وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ
وَقِهِمُ السَّيِّئَاتِ هذه أعظم نعمة، احنا كل المشاكل بتعتنا نتيجة لما عندنا احنا من تقصير في حقّ الله سبحانه وتعالى من معاصي ومن إصرار، ربنا سبحانه وتعالى أمر الملائكة أن هما يدعوا إن ربنا يقينا شرّ ما أذنبنا، (ونعوذ بالله) في أول الخطبة، في كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم (من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا) الشرّ اللي عندنا اللي بيدفعنا للمعصية، والسيئات اللي عملناها اللي جيبه لينا مشاكل بندفع احنا حسابها وفتورتها وَقِهِمُ السَّيِّئَاتِ وَمَنْ تَقِ السَّيِّئَاتِ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمْتَهُ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ
إذاً خلاصة الموضوع إننا محتاجين من إننا نفقه الدين، ندرك شيء من عظمة ربنا سبحانه وتعالى ومن حكمة الله، نتعبد لله كما أمر الله سبحانه وتعالى عشان نحقق الثمرة، وندرك نعمة ربنا سبحانه وتعالى، وأنه رفع عنّا الآصار والأغلال، مفيش علينا ثقل، لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا قال الله تبارك وتعالى هكذا قال رسول الله (قد فعلت)، رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ -تقل- عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا قال الله تبارك وتعالى قد فعلت، رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ قال الله تبارك وتعالى قد فعلت وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلَانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ قال الله تبارك وتعالى قد فعلت، ولذلك كان من أعظم نعم الله أن نزل ملك على رسول الله صلى الله عليه وسلم يوماً ؛فتح بابٌ في السماء لم يفتح إلا في هذا اليوم، نزل ملك لم ينزل إلا في هذا اليوم فقط لكي يبشّر رسول الله صلى الله عليه وسلم بهذه الكلمة (أبشر بنورين أوتيتهما، لم يؤتهما نبيٌّ قبلك؛ فاتحة الكتاب، وخواتيم سورة البقرة، لم تقرأ بحرف منهما إلا أوتيته، يعني مش هتدعي بدعاء من هذا إلا استجاب الله عز وجل لك، ده وعد من الله عز وجل لا يتخلّف، أنه قد استجاب لم يدعوه بهذه الكلمات، اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ الله سبحانه وتعالى قال في حديث قدسي قال(هذا لعبدي ولعبدي ما سأل) ولعبدي ما سأل، وهذه الآية في خواتيم البقرة، قال الله: قد فعلت، بس، هذا الدعاء في الفاتحة، وهذا الدعاء في خواتيم البقرة،
ماذا لو حرصنا نحن على هذا الدعاء ودعوناه لله تبارك وتعالى بصدقٍ وإخلاص، على فكرة غاية في البساطة وَمَاذَا عَلَيْهِمْ يقول الله تبارك وتعالى وَمَاذَا عَلَيْهِمْ يزعلهم في ايه؟ يضايقهم في ايه وَمَاذَا عَلَيْهِمْ لَوْ آمَنُوا بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقَهُمُ اللَّهُ وَكَانَ اللَّهُ بِهِمْ عَلِيمًا إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا يَوْمَئِذٍ يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَعَصَوُا الرَّسُولَ لَوْ تُسَوَّى بِهِمُ الْأَرْضُ وَلَا يَكْتُمُونَ اللَّهَ حَدِيثًا وَمَاذَا عَلَيْهِمْ وَمَاذَا عَلَيْهِمْ لَوْ آمَنُوا بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقَهُمُ اللَّهُ وَكَانَ اللَّهُ بِهِمْ عَلِيمًا إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً أبسط حاجة، أبسط حاجة واحد نحى شوكة عن طريق المسلمين كتب الله عز وجل له بها الجنة، امرأة بغي سقت كلباً في يومٍ صائف في صحراء في شدّة الحر، فغفر الله لها سيئاتها وأوجب لها الجنّة وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا والله يضاعف لم يشاء، فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ ولذلك النبي صلى الله عليه وسلم كان يرفع إصبعه في حجّة الوداع وينكته إلينا ويقول (ألا هل بلّغت، اللهم فاشهد، ألا هل بلّغت، اللهم فاشهد، ألا هل بلّغت، اللهم فاشهد) هنقول ايه فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ هؤلاء دول اللي هما احنا عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا يَوْمَئِذٍ يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَعَصَوُا الرَّسُولَ لَوْ تُسَوَّى بِهِمُ الْأَرْضُ وَلَا يَكْتُمُونَ اللَّهَ حَدِيثًا
اللهم اغفر لنا ذنوبنا واسرافنا في أمرنا ، وثبت أقدامنا ،وانصرنا على القوم الكافرين.
اللهم ارحمنا برحمة من عندك تهدي بها غائبنا، وتجمع بها شتات أمرنا، وتلم بنا شعثنا.
اللهم إنّا نسألك فعل الخيرات وترك المنكرات وحب المساكين،وحب المساكين، وأن تغفر لنا وترحمنا وتتوب علينا وإذا أردت بقوم فتنة فاقبضنا إليك غير مفتونين.
اللهم إنا نسألك حبك وحب من يحبك وحب كل عملٍ يقربنا إلى حبك،
اللهم إنا نسألك علماً نافعاً، وقلباً خاشعاً، ولساناً ذاكراً، ويقيناً صادقاً، وعملاً صالحاً متقبلاً، اللهم إنا نعوذ بك من علمٍ لا ينفع، ومن قلبٍ لا يخشع، ومن دعاءٍ لا يسمع.
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم.