هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلاً الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ الحمد لله حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه كما يحب ربنا ويرضاه، وأشهد أن لا إله إلا الله لا رب غيره ولا معبود بحق سواه، لا رب غيره ولا معبود بحق سواه، لا رب غيره ولا معبود بحق سواه، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله أشرف عبد وأطهره وأزكاه، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهديه واتبع هداه، ثم أما بعد،
نحن نتحدث عن الرب سبحانه وتعالى وذكرنا أننا نفرع من قضية الرب؛ أمران عظيمان، أما الأول؛ فهو جحد الرب تعالى وأثره، وأما الثاني؛ فهو تربية الله تعالى لعبده، وذكرنا أن الرب من معانيها العظمى؛ أنه المربي؛ يربي عباده بنعمه، ويهيأ لهم أقدارًا تربيهم، وينزل لهم منهجًا يسيرون عليه نحو تربية صحيحة رشيدة سديدة، ونحن اليوم نذكر طرفًا يجمع ما بين الأمرين جميعًا.
نقرأ من مقال قديم، عنوانه ( لماذا أنا ملحد؟ ) كاتبه ولد 1911 في الإسكندرية، شاب تركي، تخرج من الجامعة كلية العلوم في الأستانة 1931، سنة 1932 أخذ دبلومة في الرياضيات من المعهد العالي في موسكو، 1933 أخذ دكتوراه في الرياضيات، درَّس في كلية سانت بطرسبرغ، ثم رجع إلى تركيا، مكث فيها ثلاث سنوات، ثم رجع إلى الإسكندرية مكث فيها ثلاث سنوات، فهو يقول في مقال وهذا المقال كتب سنة 1938 ، عنوان المقال ( لماذا أنا ملحد؟ )، بدأ المقال ببيتين من الشعر لجميل صادق الزهاوي يقول فيهما:
لما جهلت من الطبيعة أمرها وأقمت نفسك في مقام معلل
أثبت ربًا تبتغي حلًا بــــــــــه للمشكلات فكان أكبر مشـــكل
من أولها كده!!! لما جهلت من الطبيعة أمرها، أن الطبيعة هي الخالقة، وأقمت نفسك في مقام معلل، شخص يبحث عن علة للوجود أو سبب لخلق الإنسان، أو سبب لخلق الحياة، فماذا فعل؟ أثبت ربًا تبتغي حلًا به للمشكلات التي يجدها الإنسان في نفسه أو في عقله، فكان والعياذ بالله، من يقصد بكان أكبر مشكل؟ يقصد الرب والعياذ بالله، فكان أكبر مشكل.
يقول: الواقع أنني درجت على تربية دينية، لم تكن أقوم طريق لغرس العقيدة الدينية في نفسي – هذا هو أول أمر يقوله، أن التربية الدينية التي تعرض لها لم تكت صالحة لأن تغرس في قلبه معاني الدين، لماذا؟ – يقول: فقد كان أبي من المتعصبين للإسلام والمسلمين – أبوه ضابط في الجيش التركي، موسوم هنا من ابنه بأنه رجل متعصب – وأمي مسيحية بروتستانتية ذات ميل لحرية الفكر والتفكير – فإذًا أبوه متعصب للإسلام والمسلمين وأمه متحررة الفكر والرؤية – لماذا؟ – ولا عجب في ذلك فقد كانت كريمة البروفيسور وانتهوف الشهير – فأبوها رجل بروفيسور فإذًا النتيجة الطبيعية أن تكون شخصية فيها حرية وفيها تفكير عندها فكر، طب والمسلم هذا إنسان متعصب – يقول: ولكن سوء حظي جعلها تتوفى وأنا في الثانية من سني حياتي، فعشت أيام طفولتي حتى أواخر الحرب العظمى – الحرب العالمية الأولى – مع شقيقتي في الأستانة، وكانتا تلقناني في تعاليم المسيحية وتسيران بي كل يوم أحد إلى الكنيسة، ما أبي فقد انشغل بالحرب وكان متنقلًا بين ميادينها فلم أعرفه أو أتعرف عليه إلا بعد أن وضعت الحرب أوزارها، ودخل الحلفاء الأستانة – يعني هو مواليد 1911 أول مرة يجتمع مع والده اجتماعًا حقيقيًا سنة 1911 يعني كان في الثامنة من عمره، فإذًا كل هذه الفترة خلال ثمان سنين لا يعرف أمه ولا يعرف أبوه، طب أمه ماتت وهو عنده سنتين، جاب منين أنها موصوفة بهذه الصفات، وجاب منين أن أبوه متعصب للإسلام والمسلمين، طيب الإنسان المتعصب ممكن يترك المسلمات المتعصبات اللي مليين الدنيا ويتزوج امرأة مسيحية بروتستانتية ألمانية ليه؟ إذا كان الموضوع واخد حقه معاه بالدرجة العالية دي اللي بتؤدي به إلى التعصب، طب بيعمل كده ليه؟ طيب أبوه متعصب أزاي يترك ابنتيه الكبار يدخلوا في المسيحية ويتركوا دينه الذي يتعصب ويتشدد له، طيب أمه اللي عندها حرية أليست هي من غرست في البنات هذه المعاني فطلعوا على دين أمهم، فإذًا أحيانًا الإنسان يطلق دعاوى، هذه الدعاوى لا يصدقها الواقع لكنها دعاوى وخلاص، هي ألمانية وأبوها راجل بروفيسور، تبقى دي متحررة وعندها حرية، ده مسلم يساوي متعصب، هل الواقع يؤيد هذا ويثبته أم لا؟ طيب فهو كان كل يوم أحد يذهب معهم إلى الكنيسة، يقول: غير أن بعد والدي عني لم يكن ليمنعه عن فرض سيطرته علي من الوجهة الدينية، فقد كلف زوج عمتي وهو أحد الشرفاء العرب أن يقوم بتعليمي من الوجهة الدينية، فكان يأخذني لصلاة الجمعة – كل يوم جمعة يعني كل أسبوع بيروح الجامع، مع إنه كل يوم حد بيروح الكنيسة ومكنش زعلان، بس كل يوم جمعة!! ماهي مش شغلانة ما أنا روحت من شهر مش كل مرة بقى هروح الجمعة!!! – ويجعلني أصوم رمضان وأقوم بصلاة التراويح، وكان هذا كله يثقل كاهلي كطفل لم يشتد عوده بعد – ده لسه يعني الموضوع أصعب من كده بكتير، طيب دلوقتي الأب المفروض إن هو بعيد من الطبيعي – ده مش من التعصب ولا التشدد – من الطبيعي أن يجعل أحد مسؤول أو كفيل عن ابنه إلى أن يعود النبي صلى الله عليه وسلم قال: “كلكم راعِ وكلكم مسؤول عن رعيته” طب الراجل المتعصب ده كان بيعمل إيه؟ بيأخذه الجامع في رمضان وبيخليه يصوم زي العيال وبيحضر صلاة الجمعة، وحفظ القرآن – فيقول أنه حفظ القرآن وجوده وسن عشر سنين، يقول: غير أني خرجت ساخطًا على القرآن لأنه كلفني جهدًا كبيرًا كنت في حاجة إلى صرفه إلى ما هو أحب إلى نفسي، – بيقى هو إذًا حافظ القرآن نصًا، لكن ارتبط بالقرآن وجدانًا؟ لأ ، يبقى إذًا إحنا عندنا أهو من سن عشرة، هو ساخط على القرآن بيكرهه، نتيجة الحفظ، مش أنه حب القرآن، بل أبغض القرآن وأسخطه، لذلك إحنا بنتكلم عن التربية، أسس التربية؛ التربية بالأساس أن أغرس في نفس الصبي أن يحب القرآن، فرع عن حبه لله سبحانه وتعالى مولي النعم، المنزل للقرآن، يعرف قيمة القرآن في الحياة، يعرف أن هذا القرآن هو سبيل السعادة فيتمسك به، أصل هو هيعمل إيه بالحفظ؟! وهل كل إنسان مطالب بالحفظ؟ أصل هو لما هيعقل هو هيحفظ لو عايز يحفظ، ولو مش عايز يحفظ مش مأساة، المهم أن يقرأ ويكون مدرك لقيمة القرآن لكي يهتدي به، لذلك لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم يؤز الصحابة أزًا على حفظ القرآن، لم يكن هذا هو الأسلوب تمامًا، الصحابة كانوا بيتعلموا القرآن إزاي؟ هما عارفين عظمة وقيمة النعمة والمنة اللي هي القرآن، فكانوا بيحفظوا عن النبي صلى الله عليه وسلم خمس آيات أو عشر آيات هما اللي بييجوا ، طب لما يستتموا ما بها من العلم والعمل ويتأثروا بها، ينتقلوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يطلبون المزيد من القرآن، إحنا بنقول على الطفل الصغير إن إحنا عايزين نستثمر طاقة الحفظ اللي عنده لأنه لما يكبر دماغه هتروح زي دمغنا، وأنا كان نفسي أبويا يحفظني القرآن وأنا صغير، فأنا عايز أعوض ده في ابني، فأقوم عامل البرنامج الغريب ده، الذي يؤدي أحيانًا إلى هذه النتائج، ولو لم يصل إلى هذه المرحلة، فهو لا يبني شيئًا، المهم أن أدرك عظمة القرآن والمهم أن أحب القرآن، المهم أن أدرك أثره ومدى احتياجي للقرآن – يقول: وكان ذلك من أسباب التمهيد لثورة نفسية – يعني مش عقلية – على الإسلام وتعاليمه ولكني كنت أجد من المسيحية غير ذلك – طيب هي المسيحية هي اللي فيها اللي بيدور عليه، اللي هو إيه؟ يقول: فقد كانت شقيقتاي –وقد نالتا قسطا كبيرا من التعليم في كلية الأمريكان بالأستانة – الراجل المتعصب بيعلم بناته فين؟!! – لا تثقلان علي بالتعليم الديني المسيحي وكانتا قد درجتا على اعتبار أن كل ما تحتويه التوراة والإنجيل ليس صحيحًا – طيب هو فين الدين؟! العبارة دي معناها إن كل اللي فيهم غلط، هو تقريبًا التركيب غلط، هو قصده إن مش كل حاجة في التوارة والإنجيل صحيحة، طيب ده جميل!! – وكانتا تسخران من المعجزات ويوم القيامة والحساب، وكان لهذا كله أثر في نفسي – يعني هو بيقول إن الدين بتعهم كويس فأنا تأثرت به، الدين بتعهم اللي هو إيه؟ إن التوارة والإنجيل محرفة، وبيسخروا من المعجزات، اللي هي الكرامات، الدين كله كرامات هو مفهوش حاجة تانية أصلًا، وبعدين مفيش آخرة ومفيش يوم الدينونة، طب هو فين الدين؟ طب هو فاضل إيه هما يدينوا به؟ يقول: كانت مكتبة والدي مشحونة بألاف الكتب وكان محرما على الخروج والاختلاط مع الأطفال الذين هم من سني – عامل عليه حظر تجوال لا ينزل ولا يلعب مع من هم في سنه – ولقد عانيت أثر هذا التحريم قي فردية تبعدني عن الجماعة فيما بعد – يعني هو تربى على الانعزال قبعد كده لم يستطع أن يختلط بالمجتمع ولم يستطع أن يحتك مع الناس، وبالتالي شعوره بالعزلة هيولد ويزود الشعور بعدم الانتماء، والشعور بالضغينة تجاه هذا الوسط، هو ممكن يكون لا يريده أن ينزل لأنه يريد أن يحافظ عليه، لكن ربما هذه الأمور تأتي بنتيجة سلبية أو عكسية، فهو لم يكن عنده حل إلا أنه يجلس في الكتبة ويقرأ، يقعد مع أخواته ويقرأ في المكتبة لأن هي دي الحاجة الوحيدة المتاحة، يقول: وأتى والدي إلى الأستانة وقد وضعت الحرب أوزارها، ودخل الحلفاء الأستانة، ولكن لم يبقَ كثيرا حيث غادرها مع مصطفى كمال – أتاتورك يعني – إلى الأناضول ليبدأ مع زعماء الحركة الاستقلالية حركتهم. وظللت أربع سنوات من سنة 1919 إلى 1923 في الأستانة قابعا أتعلم الألمانية والتركية على يد شقيقتي والعربية على يد زوج عمتي – يعني هو كان حافظ القرآن ولا يعلم العربية – وفي هذه الفترة قرأت لداروين أصل الأنواع – كان الراجل المتعصب المتشدد مكتبته بتحتوي على إيه؟ ما هو كان بيقرأ في مكتبة بيته، قرأ أصل الأنواع لداروين وأصل الإنسان لداروين – وخرجت من قرائتهما مؤمنا بالتطور – فإذًا وهو في سن الثانية عشر كان مقتنعًا بنظرية النشوء والارتقاء، فإذًا ما الذي أورثه الإلحاد؟ المكتبة الموجودة في بيت والده الذي يقهره على حفظ القرآن، قدر كبير جدًا جدًا من التناقض في الحياة، يؤدي إلى قدر كبير جدًا من المشاكل، فإذًا أنا قد هيأت له طريق الإلحاد، وعاملته نفسيًا معاملة تقوده إلى هذا السبيل – وانكببت أقرأ في هذه الفترة لديكارت – الله أكبر!!! كلها مكتبة ممتازة – وهوبس وهيوم وكانت، ولكني لم أكن أفهم كل ما أقرأه لهم. وخرجت من هذه الفترة نابذًا نظرية الإرادة الحرة – يعني الإنسان مسير وليس له اختيار – وكان لسبينوزا وأرنست هيكل الأثر الأكبر في ذلك، ثم نبذت عقيدة الخلود – لا يوجد شيء اسمه آخرة ولا يوم قيامة، كل ده طلع بيه منين؟ من مكتبة الوالد، ثم جاءوا لمصر – وهنالك في الإسكندرية خطوت أيام مراهقتي. ولكن كان أبي لا يعترف لي بحق تفكيري ووضع أساس عقيدتي المستقبلة، فكان يفرض على الإسلام والقيام بشعائره فرضًا – لازم يصلي – وأذكر يوما أني ثرت على هذه الحالة وامتنعت عن الصلاة وقلت له: أني لست بمؤمن، أنا داروني أؤمن بالنشوء والارتقاء – أنا أصلًا لا أؤمن بدين وبالتالي لن أصلي، هذه الصلاة فرع عن الإيمان – فكان جوابه على ذلك أن أرسلني إلى القاهرة وألحقني بمدرسة داخلية ليقطع على أسباب المطالعة – من المكتبة بتاعته، طب ما يشيل الكتب من المكتبة، يعني علاج المشكلة بدلًا من أن أناقش شخصًا أو أحاول أستدرك أو أبني في قلبه الإيمان الذي لم أبنه من قبل، ماذا سأفعل؟ هادخله السجن!! طب هذا السجن سوف يحل المشكلة؟!! – كني تحايلت على ذلك بأن كنت أتردد على دار الكتب المصرية وأطالع ما يقع تحت يدي من المؤلفات التركية والألمانية – هذه هي اللغات التي يجيدها – يومي الخميس والجمعة، وهما من أيام العطلة المدرسية. وكنت أشعر وأنا في المدرسة أني في جو أحط مني بكثير. نعم لم تكن سني تتجاوز الرابعة عشر ولكن كانت معلوماتي في الرياضيات والعلوم والتاريخ تؤهلني لأن أكون في أعلى فصول المدارس الثانوية – فهو لما تعامل مع المدرسة الداخلية هذه؛ بدأ يشعر بالاحتقار والازدراء لمن حوله، عقله أرقى منهم بكثير، وبالتالي هو لن يسلم للمعقدات التي يعتقدها هؤلاء الجهلة أو الحمقى من هؤلاء الزملاء أو المدرسين، وبعد ذلك ذهب إلى تركيا سنة 1927 والتحق بكلية العلوم، يقول: وهنالك للمرة الأولى وجدت أناسا يمكنني أن أشاركهم تفكيرهم ويشاركونني – يعني على ما هو عليه من الإلحاد – وفي هذه الفترة أسست (جماعة نشر الإلحاد) بتركيا – لذلك سيدنا عمر كان يقول: اللهم إني أعوذ بك من جلد الفاجر وعجز الثقة، يعني الناس الكويسة المحترمة عندها قدر كبير من التواني والتقصير وعدم الاهتمام بما هم عليه من الحق، طب الناس اللي في الاتجاه الآخر عندهم قدر كبير من القوة، ما الذي يجعله يؤسس جمعية مع طلاب الجامعة أمثاله لكي ينشر هذا الفكر في الوسط التركي، لماذا؟ لأن الإنسان لا يحب أن يشعر بالوحدة أو الوحشة، أنا لما أبقى لوحدي كده، أبقى منبوذ، فلابد أي إنسان عنده فكرة مختلة لابد أن يحاول نشرها لكي يشعر بالأنس ويشعر بعدم الوحشة في ظل المجتمع المنابذ لأفكاره، طبيعي، طيب – وفي هذه الفترة أسست (جماعة نشر الإلحاد) بتركيا وكانت لنا مطبوعات صغيرة كل منها في 64 صفحة، وكان يحرر هذه الرسائل أعضاء الجماعة – اللي هما زملاؤه من الجامعة – تحت إرشاد أحمد بك زكريا أستاذ الرياضيات في الجامعة والسيدة زوجته. وقد وصلت الجماعة في ظرف مدة قصيرة للقمة – القمة دي اللي هي إيه؟ – فكان في عضويتها 800 طالب من طلبة المدارس العليا وأكثر من 200 من طلبة المدارس الثانوية –الإعدادية – يبقى الشريحة التي أوجد لها خطابي مين؟ مش الناس الكبار، مش الناس التي لديها قدر من العقل والخبر والتجربة أو تستطبع أن تحلل، لأ ، الشاب الصغير الذي هو في بداية المراهقة، الذي طبيعته فيها شيء من التمرد، شيء من التمرد على الثقافات الموجودة على الحاجات الموروثة، ويبهره الكلام اللي شكله كبير، هؤلاء من أريد أن أحاول أن أوصل لهم ما أفكر فيه، هؤلاء هم الشريحة المستهدفة، يقول: وبعد هذا فكرنا في الاتصال بجمعية نشر الإلحاد الأمريكية التي يديرها الأستاذ تشارلز سمث، وكان نتيجة ذلك انضمامنا له وتحويل اسم جماعتنا إلى (المجمع الشرقي لنشر الإلحاد) – طيب أنا الآن عندي فكرة ما الذي يجعلني أبحث عن إطار عالمي للفكرة؟ هذا هو التسلسل المنطقي، أنا الآن بدأت أنشر فكرة غريبة، أبتدي أبحث لها عن مدد، أو سند خارجي، أو مصدر يعطيني القوة وتمويل، وأنا أنتسب إلى حاجة أكبر وأعلى وأرقى من مجموعة شباب صغيرين بيحولوا يعملوا حاجة، ده الطبيعي، وبعدين ذهب إلى روسيا لدراسة الرياضيات، يقول: وخرجت من كل بحثي – في الرياضيات – بأن الحقيقة إعتبارية محضة – يعني الحقيقة نسبية ، لا يوجد شيء اسمه الحقيقة المطلقة، لا يوجد شيء اسمه حق أصلًا – وكانت نتيجة هذه الحياة أني خرجت عن الأديان وتخليت عن كل المعتقدات وأمنت بالعلم وحده وبالمنطق العلمي، ولشد ما كنت دهشتي وعجبي أني وجدت نفسي أسعد حالًا وأكثر اطمئنانًا من حالتي حينما كنت أغالب نفسي للاحتفاظ بمعتقد ديني – هو يرى الآن نفسه أحسن، لماذا؟ لأنه كان يرى نفسه يسير تحت ظل ضغوط هو غير مقتنع بها، لما يشعر أن متحرر، سيشعر أنه نفسيًا أحسن – إن الأسباب التي دعتني للتخلي عن الإيمان بالله كثيرة منها ما هو علمي بحت ومنها ما هو فلسفي صرف ومنها ما هو بين بين، ومنها ما يرجع لبيئتي وظروفي، ومنها ما يرجع لأسباب سيكلوجية – على فكرة إحنا اخترنا هذا المقال، لأنه هذا إنسان يعبر عن حالته وتطورها بقلمه، نستطيع أن نفهم هذه النفسية ما الذي يقودها إلى ذلك.
نحن قلنا أن الإنسان بطبيعة الفطرة التي فطره الله عليها، لابد أن يبحث عن الله، لابد أن يؤمن بوجود الله، هذه ليست قضية عقلية، هي لها أسباب نفسية بيئية سيكلوجية يتأثر بها الإنسان.
يقول: وقبل أن أعرض الأسباب لا بد لي من الإستطراد لموضوع إلحادي. فأنا ملحد ونفسي ساكنة لهذا الإلحاد ومرتاحة إليه، فأنا لا أفترق من هذه الناحية عن المؤمن المتصوف في إيمانه – فإذًا هو عنده الإيمان المثالي هو الإيمان الصوفي، هذا هو نموذج الإيمان المثالي لا يعلم غيره، – نعم لقد كان إلحادي بداءة ذي بدء مجرد فكرة تساورني ومع الزمن خضعت لها مشاعري فاستولت عليها وانتهت من كونها فكرة إلى كونها عقيدة – قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَن يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ فإذًا الإنسان لا ينتقل من وضع خيِّر لوضع سيئ خطوة واحدة، ولكن الشيطان يستدرج الإنسان إلى حيث يريد خطوة تلو خطوة، فكرة شكوك ثم قناعة ثم عقيدة كما أسماها، – ونحن نعلم مع رجال الأديان والعقائد أن أصل فكرة الله تطورت عن حالات بدائية، وأنها شقت طريقها لعالم الفكر من حالات وهم وخوف وجهل بأسباب الأشياء الطبيعية – يعني ما سبب إيمان الإنسان بالله؟ أن الإنسان جاهل وخايف ويصدق الأوهام والخرافات، يقول: ونحن نعلم، العلم ده يقيني يعني دي أصبحت حقيقة مقررة، ليس فيها جدل، نعلم مع من؟ مع علماء الأديان والعقائد، يعني علماء الدين، مش علماء الدين اللي هما بينتموا للمذاهب، إنما الذين يدرسون الأديان، انتهوا إلى هذه الحقيقة، فإحنا طبعًا هنسلم لها، لأن العلماء قالوا ذلك، – ومعرفتنا بأصل فكرة الله تذهب بالقدسية التي كنا نخلعها عليها .
طيب إيه الدليل اللي استدل به على هذا الموضوع؟ حاجة اسمها قانون الصدفة الشاملة، نظرية احتمالات يعني، طيب إيه المثال اللي ذكره كدليل على كده؟ يقول: مثل العالم في ذلك مثل مطبعة فيها من كل نوع من حروف الأبجدية مليون حرف وقد أخذت هذه الحركة في الاصطدام فتجتمع وتنتظم ثم تتباعد وتنحل هكذا في دورة لانهائية، فلا شك أنه في دورة من هذه الدورات اللانهائية لابد أن يخرج هذا المقال الذي تلوته الآن – يعني عايز يقول، إن العالم ده زي المطبعة فيه حروف كتير، المطبعة دي هاتفضل تخبط وتطبش من جملة التخبيط ده في صورة من الصور، هتطلع المقال ده، على فكرة هو ده الدليل الوحيد الوحيد العلمي!! اللي ذكره على اللي هو بيقوله، وبعدين هتلف كام لفة فتطلع أصل الأنواع، يقول: وكذا “القرآن” مجموعًا منضدًا مصححًا من نفسه – طب إيه اللي جاب سيرة القرآن دلوقتي؟ رغم كل حاجة، قضية القرآن وعظمة القرآن وبالغة القرآن وما في القرآن من معانٍ، مع إنه ماكنش بيحبه، وكان بيكرهه، إلا أنه أثر، لذلك جاب الصورة المثالية للكتاب الكامل فين؟ في القرآن، أول حاجة ذكر المقال بتاعه باعتبار أنه راجل محصلش، وبعدين أصل الأنواع الكتاب بتاعه اللي هو بيعتقده، وفوق كل ده القرآن منضدًا مصححًا من نفسه، طيب هي المطبعة دي مش فيه حد بيعملها، المطبعة دي مش في عمليات معقدة لإدارتها، المطبعة طب مش محتاجة ورق، المطبعة دي مش محتاجة عمال يشغلوها، ماشي شغالة، هل المطبعة ممكن تقعد تخبط تجيب حروف ورق بعض بشكل عشوائي تطلع أصل الأنواع؟! يعني الكلام ده ينفع، طيب فين النفايات للمحاولات اللانهائية الفاسدة من المطبوعات؟ ما هي كل يعني رقم نهائي من الاحتمالات أخرجت هذا الكتاب، طب فين باقي الحاجات المتكومة، النفايات فين؟!.
يقول بينقل عن أينشتاين: مثلنا إزاء العالم مثل رجل أتى بكتاب قيم لا يعرف عنه شيئًا – واحد جابوله كتاب قيم – فلما أخذ في مطالعته وتدرج من ذلك لدرسه وبان له ما فيه من أوجه التناسق الفكري شعر بأن وراء كلمات الكتاب شيئا غامضا لا يصل لكنهه. هذا الشيء الغامض الذي عجز عن الوصول إليه هو عقل مؤلفه. فإذا ما ترقى به التفكير عرف أن هذه الأثار نتيجة لعقل إنسان عبقري أبدعه. كذلك نحن إزاء العالم، فنحن نشعر بأن وراء نظامه شيئا غامضا لا تصل إلى إدراكه عقولنا، هذا الشيء هو الله – هو ينقل عن أينشتاين بيقول هذا الكلام، وبعد كده هيرد عليه، أينشتاين بيقول إيه؟ بيقول أنت لو جبت كتاب وقرأت فيه، ستدرك أن مؤلف هذا الكتاب المبدع، عقل كبير، وأعظم من كده العالم، فقطعًا وراء هذا العالم صانع عظيم هو الله، إحنا لم نكن نحتاج لكل هذا، إحنا هنجد زمان؛ أعرابي في البادية بيسألوه عن وجود الله، فعايز يقول لهم دي قضية منطقية، فقال: البعرة تدل على البعير – هي مش اختراع، دلوقتي في بعرة في الأرض معناها إن في جمل عدى من هنا، – وأثر السير يدل على المسير – هناك آثار أقدام يبقى فيه حد عدى من هنا – يقول: فسماء ذات أبراج، وأرض ذات فجاج، وبحر له أمواج، ألا يدل ذلك على اللطيف الخبير، عايزين نقول إن الأعرابي هذا أحسن شوية من أينشتاين، لماذا؟ لأنه لم يقل أن يدل على الله فقط، قال أن هذا يدل على صفات عظيمة لله، اللطف والخبرة، بدون فلسفة كتير، وبدون كلام ملوش معنى.
وبعدين عن إسماعيل بيعلق على كلام أينشتاين، يقول عن أينشتاين أنه: عجز عن تصور حالة الاحتمال الخاضعة لقانون الصدفة الشاملة – يعني أينشتاين هو اللي عقله مجبش المطبعة بتاعته!! ويقول: الواقع أن أينشتاين في مثاله انتهى إلى وجود شيء غامض وراء نظام الكتاب عبر عنه بعقل صاحبه (مؤلفه) والواقع أن هذا احتمال محض، لأنه يصح أن يكون خاضعًا لحالة أخرى ونتيجة لغير العقل. ومثلنا عن المطبعة وحروفها وإمكان خروج الكتب خضوعًا لقانون الصدفة الشامل يوضح هذه الحالة – طب هو المثال اللي ذكره ده حقيقة علمية واقعة؟ ولا دي حاجة كده ضربها في دماغه؟ هو دلوقتي عايز يقول إن كلام أينشتاين ده مش مظبوط اللي هو المنطق بيدل عليه إن أي حاجة لابد من وراءها مدبر له حكمة، ده طبيعي، فأبسط حاجة لأعظم حاجة، طب دلوقتي هو بيقول لأ في احتمال تاني، الاحتمال ده جابه منين؟ ما أنا اللي اخترعته، هو الاحتمال ده احتمال علمي؟! احتمال حقيقي؟! ولذلك ده بيفكرنا بأبو بحر الجاحظ، كان بيتكلم عن إبراهيم النظام شيخه، فكان بيقول: شيخنا النظام، يتوهم الشيء توهمًا – يعني يتهيأله حاجة – ثم يجعله أصلًا فيبني عليه، يعني وهو قاعد كده ضرب تمناية أي حاجة فدماغه علت، فدماغه لما علت قال كلامًا، الكلام ده عامله قانون، وبدأ يبني على القانون إن ده علم مع نفسه كده، فالراجل ده أقوى، قال إزاي أينشتاين مأخدش باله من المثال الخطير اللي ذكرته ده كاحتمال.
طيب آخر حاجة بقى،في الخاتمة بيقول إيه؟ يقول: إن الصعوبة التي أرى الكثيرين يواجهونني بها حينما أدعوهم إلى النظر إلى العالم مستقلا عن صلة السبب والنتيجة، وخاضعا لقانون الصدفة الشامل ترد إلى قسمين : _ يعني هو بيكلم الناس متنحة مش مقتنعة باللي هو بيقوله، فهو يعزو ده لإيه؟ – الأول: لأن مفهوم هذا الكلام رياضي صرف – الكلام اللي إحنا قرأناه ده!!، هو ده المقال، لم يقل شيئًا آخر، بيقول إن ده كلام رياضي عالي فمش أي حد يستوعبه،- وليس كل إنسان رياضياً – عنده رياضة كمان مش شبهنا، مش كل واحد متخصص في الرياضة – عنده القدرة على السير في البرهان الرياضي.- اللي هو قاله ده!! – .
الثاني: أنها تعطي العالم مفهومًا جديدًا وتجعلنا ننظر له نظرة جديدة غير التي ألفناها، ومن هنا جاءت صعوبة تصور مفهوماتها لأن التغير الحادث أساسي يتناول أسس التصور نفسه، ولهذه الأسباب وحدها كانت الصعوبة قائمة أمام هذه النظرة الجديدة ومانعة الكثيرين الإيمان بها.
أما أنا شخصيًا فلا أجد هذه الصعوبة إلا شكلية، والزمن وحده قادر على إزالتها. ومن هنا لا أجد بدًا من الثبات على عقيدتي العلمية والدعوة إلى نظريتي القائمة على قانون الصدفة الشامل الذي يعتبر في الوقت نفسه أكبر ضربة للذين يؤمنون بوجود الله.
الكلام ده سنة 1938 ، 23 يوليو 1940 كانت جثة إسماعيل الأدهم هذا تطفو على هذا المتوسط، تارك في جيبه رسالة لرئيس النيابة، يذكر فيها أسباب انتحاره، ماكملش سنتين من كتابة هذا المقال الدال على الإيمان والاسترواح لهذه العقيدة، وأنه سيؤمن بها إيمانًا جازمًا، وأنه سيصبر عليها إلى أن يقتنع الناس، ماذا كتب؟ كتب أنه اختار الانتحار بسبب كراهيته للحياة، وزهده فيها، وأنه يوصي بأن تحرق جثته ولا تدفن في مقابر المسلمين.
هل هو فعلًا لما ترك ربنا سبحانه وتعالى، وترك الإيمان، انتهى لشيء؟ هل فعلًا انتهى للسعادة التي يزعمها؟ هو لما توفي سنة أربعين كان عنده كام سنة؟ 29 سنة ، فهذه هي المحصلة النهائية لهذا الدرب وهذا السبيل، لذلك نحن قلنا أن الإنسان لا يمكنه لا يمكنه، أن يعيش بدون الله سبحانه وتعالى أبدًا، والنقطة الثانية المهمة؛ التربية مهمة جدًا، وتهيئة البيئة الصالحة مهمة جدًا، والاعتناء بالأبناء مهم جدًا، وتربيتهم على الحب لله، وللرسول صلى الله عليه وسلم واستشعار عظمة الله ونعمة الله، وتعظيم وتوقير شخص الرسول؛ الحب، الحب أساس التعظيم، التربية العسكرية لا تجدي نفعًا ولا تصلح شأنًا،
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم،
الحمد لله، هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلاً هذا الشخص نشأ في ظل نور الوحي، هذا الطفل كان يحفظ من كتاب الله، لكنه لم ينتفع بذلك، في مقابل ذلك نذكر طرفًا من حياة رجل، عاش في الفترة في جاهلية جهلاء، وفي شرك مطبق، وهو مع ذلك يبحث عن الله، ويبحث عن الحقيقة؛ زيد بن عمرو بن نفيل بن عم عمر بن الخطاب، استنكر ما عليه قومه من الشرك والوثنية، لم ير ذلك موافقًا لفطرته ولا مرضيًا لعقله، ماذا يصنع؟ خرج إلى الشام وإلى الموصل في العراق يبحث عن الله، ويبحث عن الحق والحقيقة، فذهب إلى عالم من علماء اليهود، فأخبره بما هو يبحث عنه، وأنه يريد أن يدخل في اليهودية، قال: إنك لا تدين بديننا حتى تأخذ بنصيبك من غضب الله، قال: لا أفر إلا من غضب الله، ولا أحمل من غضب الله شيئًا ولا أستطيعه، فهل تنصحني بغير ذلك؟ قال: لا أعلمه إلا أن تكون حنيفًا، دين إبراهيم لم يكن يهوديًا ولا نصرانيًا ولا يعبد إلا الله، فذهب إلى حبر من أحبار النصارى، فذكر له مثل ما ذكر إلى هذا الحبر اليهودي، فقال: إنك لا تدخل في ديننا حاى تأخذ بنصيبك من لعنة الله، قال: إنما أفر من لعنة الله ولا أحمل من لعنة الله شيئًا ولا أستطيعه، أوتدلني على غير ذلك؟ قال: لا أعلمه إلا أن تكون حنيفًا؛ دين إبراهيم لم يكن يهوديًا ولا نصرانيًا ولا يعبد إلا الله، فلما رأى أنهم قد أطبقوا على الثناء على دين إبراهيم عليه السلام، خرج إلى الصحراء فنادى ربه سبحانه وتعالى أنه على دين إبراهيم عليه السلام، ثم ذهب إلى رجل راهب في صومعة، فذكر له غربته، وتركه لدين قومه، وكراهيته لليهودية وللنصرانية، فقال له: يا أخا أهل مكة، إنك تطلب دينًا ليس على وجه الأرض أحد يدين به، إنك تطلب دين أبيك إبراهيم، لم يكن يهوديًا ولا نصرانيًا إنما كان يعبد الله ويسجد لهذا البيت الذي في بلادك، فارجع إلى بلدك إنه قد أطل زمان نبي، فاتبعه فكن على دينه، فرجع إلى مكة، وكان على دين إبراهيم عليه السلام، وكان يرفض ما عليه قومه من شرك ووثنية، هو وحده في ظل هذا المجتمع وفي ظل هذا العالم، هو وحده يبحث عن الله، يطلب الهداية من الله، يقول: اللهم لو أني أعلم أحب الوجوه إلى عبادتك لفعلته، لكني لا أعلمه، ولا يعلم من دين إبراهيم عليه السلام إلا السجود، فكان يأتي عند الكعبة فيسجد، وكان يقول لقومه: الشاة خلقها الله سبحانه وتعالى، وأنزل لها من السماء الماء، وأخرج لها من الأرض الكلأ، ثم تذبحونها على غير اسم الله، وكان يحيي الموؤدة، كانوا هم يقتلون البنات الصغار، فكان يحيي الموؤدة، يقول لأبيها اتركها لي، فيربيها إلى أن تكبر، حتى إذا كبرت، قال: لو شئت رددتها إليك، ولو شئت أبقيتها وتركتها عندي.
وكان يقول: إني خالفت دين قومي، واتبعت ملة إبراهيم وإسماعيل، وما كان وما كانا يعبدان إلا الله، وكانا يصليان إلى هذه القبلة، وإني أنتظر مبعث نبي وما أراني أدركه، ولكني أؤمن به، وأصدقه، وكان يقول لعامر بن ربيعة واحد من أقاربه: إن طالت بك حياة فأدركته فأقرأه مني السلام.
زيد بن عمرو متى توفي؟ قبل بعثة النبي صلى الله عليه وسلم بخمس سنين، السنة التى بنوا فيها الكعبة، يعني هو ممن لقي النبي صلى الله عليه وسلم وجرى بينهما كلام، توفي قبل البعثة بخمس سنوات، فجاء عامر بن ربيعة بعدما أسلم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأقرأه السلام من زيد بن عمرو بن نفيل، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: وعليه السلام، ثم قال: يرحمه الله، ثم قال: لقد رأيته في الجنة يسحب ذيولًا، أي يلبس ثيابًا سابغة يمشي بها في الجنة، فالنبي صلى الله عليه وسلم يخبر أن الله سبحانه وتعالى جعله من أهل الجنة، ليس هذا فحسب، يقول زيد بن حارثة رضي الله عنه: أن رسول الله سئل عن زيد بن عمرو، قال: ذلك يبعث أمة وحده يوم القيامة، وقال صلى الله عليه وسلم في حديث آخر وقد سئل عنه أنه كان يستقبل القبلة، وكان يصلي ويسجد لله، قال: ذلك يأتي أمة وحده بيني وبين عيسى بن مريم، أقامه الله سبحانه وتعالى مقام نبي، كل نبي يأتي يوم القيامة وراءه أمته، النبي صلى الله عليه وسلم يقول هذا يأتي أمة وحده، كما قال تعالى عن إبراهيم عليه السلام: إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتاً لِلّهِ حَنِيفاً وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ أمة وحده، فزيد بن عمرو على ملة إبراهيم عليه السلام، يقول صلى الله عليه وسلم: هذا يأتي أمة وحده، بيني وبين عيسى بن مريم.
ولذلك بدأنا الخطبة بقوله تعالى: هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلاً هذا الشخص في هذه الفترة هو يبحث عن الله، الله سبحانه وتعالى لابد أن يهدي وأن يرشد من يطلبه ومن يبحث عنه، لا يمكن أن الله سبحانه وتعالى يحجز الهداية عن من يطلبها أو يريدها، وأن الإنسان لا يكلف إلا وسعه، هو لم يكن يعلم من الدين إلا أن يعبد إلهًا واحدًا، وأنه يسجد، يضع راحتيه على الأرض، ويضع جبهته على الأرض، ويقول:
أنفي لك عانٍ راغم مهما تجشمني فإني جاشم
هو جاضع لله سبحانه وتعالى، هذا ما يعرفه وما يعلمه من الدين، طب الله سبحانه وتعالى بماذا كافأه؟ هل كافأه بأن تقبل منه الإيمان فقط؟ لا، بل جعله الله تبارك وتعالى أمة، فأين من أين؟! أنظر إلأى هذا النموذج وقارنه بهذا النموذج الآخر، تدرك قدر نعمة الله سبحانه وتعالى، وقدر فضل الله، وقدر تربية الله سبحانه وتعالى للإنسان، والخطر والفساد العريض الناتج عن غن الإنسان أو المجتمع يحيد عن الله، وعن حمى الله سبحانه وتعالى، وعن هداية الله سبحانه وتعالى، وعن الاسترشاد بهذا النور الإلهي، لا يجد العبد السكينة ولا الطمأنينة إلا في جناب الله تبارك وتعالى، هذه هي النعمة حق النعمة، وأن الإنسان إذا حاد عنها لا يكون مصيره إلا ما قد رأينا، هذا الشخص لم يحتمل أن يصبر على هذا الإلحاد سنتين كاملتين فقط، فنحن منة عظمى، نحن في نعمة كبيرة، لابد أن ندرك فضل الله علينا، ولابد أن ندرك من أين يأتى الإنسان، وندرك أن كل إنسان منا عليه مسؤولية تجاه هذه الأمة، خاصة تجاه الشباب وصغار السن، الذين تتخبطهم الريح من كل جانب، لا يعرفون حيلة ولا يهتدون سبيلًا.
في مسؤولية، هذه النعمة تساوي وتقابل مسؤولية، لكي لا يتكرر هذا النموذج، وللأسف هو يتكرر، هذا النموذج يتكرر، فلكي لا يتسع لابد أن تقوم بالواجب الذي أوجبه الله سبحانه وتعالى علينا، نعمة الشكر لما أسدى علينا وأنعم سبحانه وتعالى، لأن النعم إذا لم تشكر فإنها تسلب، النعم إذا لم تشكر فإنها تسلب، وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ وأعظم النعم وأجل النعم، نعمة الهداية، أن يعرف الإنسان أن له ربًا، يدرك أن له بارئًا، يدرك أن له مدبرًا، يدرك أن له دينًا، امتن الله عز جل به عليه.
اللهم أرنا الحق حقًا وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلًا وارزقنا اجتنابه، اللهم أرنا الحق حقًا وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلًا وارزقنا اجتنابه،
اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلوبنا على دينك، اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلوبنا على دينك،
اللهم إنا نسألك علمًا نافعًا، وقلبًا خاشعًا، ويقينًا صادقًا، ولسانًا ذاكرًا، وعملًا صالحًا متقبلًا،
اللهم إنا نعوذ بك من علم لا ينفع، ومن قلب لا يخشع، ومن نفس لا تشبع، ومن دعاء لا يسمع،
اللهم يا ولي الإسلام وأهله مسكنا الإسلام حتى نلقاك عليه، اللهم يا ولي الإسلام وأهله، ومسكنا الإسلام حتى نلقاك عليه، اللهم يا ولي الإسلام وأهله مسكنا الإسلام حتى نلقاك عليه،
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم،