Generic selectors
المطابقات الدقيقة فقط
البحث في العنوان
البحث في المحتوى
Post Type Selectors
البحث حسب التصنيف
أحداث جارية
أسماء الله الحسنى
الأذكار
التلون
السيرة النبوية
القصص في القرآن
الكتب
بني آدم والشيطان
بني إسرائيل
تراجم
تربية
تربية
تفسير
جهد الغلبان في تبيان فضائل القرآن
خطب الجمعة
خطو خاتم الأنبياء ما بين اقرأ وإذا جاء
دروس
رمضان 1436هــ - 2015م
سلم الوصول إلى علم الأصول
عقيدة
غير مصنف
كتابات
كلمة التراويح
مسألة الرزق
من قصص كتاب التوابين
من هدي النبوة
مواسم الخير
هذه أخلاقنا

وإن طالت سلامته .. وقت مستقطع

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا. إنه من يهدي الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمد عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ

يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا ۝يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا

ثم أما بعد ،،،

كعب بن زهير الشاعر رأى أبوه أن سبباً من السماء أو حبلٍ من السماء قد انتهى إلى الأرض وأنه قد جهد في أن يتناوله فلم يستطع، فأوّل ذلك بنبيّ يرسل من السماء وأمر ابنيه إن هما أدركا ذلك النبي أن يتّبعاه وأن يدخلا في دينه.

زهير بن أبي سلمى شاعر من شعراء المعلّقات، الشعراء الجاهليين الكبار، رأى في منامه أن حبلاً قد تدلّى من السماء إلى الأرض وهو يحاول أن يمسك به ولا يستطيع فأوّل ذلك الحبل بأنه نبوة ورسالة قال تعالى وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا فهذه النبوة وهذه الرسالة وهذا القرآن هو الحبل الذي يصل بين السماء والأرض فمن تعلّق به فقد نجا، فأوّل ذلك بأنه لا يمكنه أن يمسك بهذا الحبل وبالتالي لن يدرك ذلك النبي، فأمر ابنيه إن أدركاه أن يتّبعاه، فأطاع بجيرٌ وعصى كعب، ولم يعصي فقط وإنما هجا رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان شاعراً كأبيه وهجا المؤمنين، ثم نصر الله سبحانه وتعالى نبيّه ورسوله، ولم يجد كعب مكاناً يذهب ويأوي إليه فاستغاث بمزينة أن يجيروه فأبوا، فلم يجد بدّاً إلا أن يأتي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم مسلماً طائعاً تائباً، فيقول:

 ” وقال كل خليلٌ كنت آمله ” كل شخص بضع فيه ثقتي أن ينصرني أو يحفظني أو يحميني في نائبة أو في شدة ” لا ألهينّك إني عنك مشغول ” لا أحد فارغاً لك، ولا أحد يستطيع أن يفعل لك شيئاً.

 فقلت خلو سبيلي لا أبا لكم فكل ما قدّر الرحمن مفعول

كل ابن أنثى وإن طالت سلامته يوماً على آلةٍ حدباء محمول

نبئتُ أن رسول الله أوعدني ” هذه الأبيات يقولها بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم حينما أتى إليه

نُبّئت أن رسول الله أوعدني والعفو عند رسول الله مأمول

نُبّئت أن رسول الله أوعدني والعفو عند رسول الله مأمول

وقد أتيت رسول الله معتذراً والعذر عند رسول الله مقبول 

هو يقول ” كل ابن أنثى وإن طالت سلامته يوماً على آلةٍ حدباء محمول ” النعش، هو يذكر أن هذا مصير كل إنسان، طال به العمر أو قصر، وهذا هو الوقت المستقطع الذي نريد أن نقتطعه من المسار الذي نسير فيه، وقفة للتذكّر، إلى أين نصير؟ – احنا رايحين فين؟ – وماذا أعدّ المرأ لغد يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ۝ وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ أُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ۝ لَا يَسْتَوِي أَصْحَابُ النَّارِ وَأَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمُ الْفَائِزُونَ فهو يذكر حقيقة عظيمة كلنا يؤمن بها، أولاً لأن الموت ليس من عالم الغيب، الموت من عالم الشهادة، حقائق ما بعد الموت هذا هو الذي من عالم الغيب، هذا هو الإيمان، أما الموت نفسه كموت، فهذه حقيقة معاينة مشاهدة، ليست من الإيمان في قليل ولا كثير، ولذلك نحن ذكرنا قبل ذلك زمان قليلاً، حينما كنّا نتكلم على الخطب ومضامينها ومواضيعها وأن ابن القيم في زاد المعاد؛ الخطباء الذين يكثروا ذكر الموت أو الكلام عنه هذا شيء ليس له علاقة بالدين ولا بالإيمان ولا تبني شيء، لأن أي بني آدم، أياً كانت ملّته، أيّاً كان انتماؤه، أيّاً كانت مرجعيّته، لا أحد يحب الموت، النبي صلى الله عليه وسلم حينما قال ” من أحب لقاء الله أحب الله لقائه، ومن كره لقاء الله كره الله لقائه ” قالت عائشة: يا رسول الله كلنا يكره الموت ” الموت كموت لا أحد يحب الموت، فأنت إذا كلّمت أي بني آدم أنه يموت، يفنى، يبلى، تأكله الدود، كل الناس ستبكي، طبيعي أي شخص ستقول له أنه سيفنى فتنقطع عن اللذائذ والشهوات والحياة التي قد تعلّق بها قلبك، كلنا سنحزن، هذا قاسم مشترك ما بين البشر، ما بين الكائنات، أين الفرق ما بين المؤمن وغير المؤمن، ماذا يؤمن به من حقائق، ماذا بعد الموت.

أين سنذهب؟ وما الذي سيحدث بعد ذلك؟ وماذا سنفعل لهذا اللقاء المرتقب، هذا هو الفرق ما بين الإيمان وعدم الإيمان، فكرة وجود امتداد أكثر للحياة، من المفترض أن الإنسان بيفكّر فيه، أو يشغل به ذهنه، أو يعد له عدّة، قال تعالى وَلَوْ تَرَى إِذْ فَزِعُوا فَلَا فَوْتَ لا يوجد هروب وَأُخِذُوا مِنْ مَكَانٍ قَرِيبٍ۝ وَقَالُوا آمَنَّا بِهِ وَأَنَّى لَهُمُ التَّنَاوُشُ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ التناوش هو التناول، الشخص الذي يمد يده ليأخذ شيء يبعد عنه، لا يستطيع أن يأتي بها وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ كَمَا فُعِلَ بِأَشْيَاعِهِمْ مِنْ قَبْلُ إِنَّهُمْ كَانُوا فِي شَكٍّ مُرِيبٍ وقلنا قبل ذلك وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ هذه فيها اتّجاهين للوراء وللأمام وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ الأشياء التي كانوا متعلقين بها والآن مضطّرين ليس بإرادتهم، غصب عنهم أنهم لابد أن يتركوها ويفارقوها، ويوجد أمامهم شيء كانوا يتمنّوا أن يحصّلوه، أو إيمان يريدوا أن يحصّلوه أو توبة كانوا يريدوا أن يستدركوها، لا يوجد وقت، وضع الحاجز وبين ما وراءه وبين العبد وما يريد أن يستدركه فيما أمامه.

يقول البراء، والحديث في المسند: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يسير في جماعة من أصحابه ثم بصر بجماعة، أناس متجمّعين، فقال: علام اجتمع هؤلاء؟ فقيل: على قبر يحفرونه، يقول البراء ففزع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبادر بين يدي أصحابه مسرعاً.، فهو كان يمشي مع أصحابه بخطوة معيّنة فبدأص يسرع حتى انتهى إلى القبر فجثا عليه – أي جلس على ركبه – .

يقول البراء: فاستقبلته من بين يديه أنظر ماذا يصنع، – أسرعت – وجلست أمامه لكي أراه.

يقول: فبكى رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى بلّ الثرى من دموعه ثم قال: أي إخواني لمثل اليوم فأعدّوا. فالنبي صلى الله عليه وسلم بمجرّد ما رأى هذا الجمع وكان يسير عادي، أسرع فجثا فبكى وطال بكاؤه، حتى بلّ الثرا، التراب الذي يجلس عليه على شفير القبر، حتى بلّ الثرى من دموعه، ثم أقبل علينا وقال: أي إخواني لمثل اليوم فأعدّوا، ولذلك أوصى صلى الله عليه وسلم فقال: كنت نهيتكم عن زيارة القبور، ألا فزوروها فإنها تذكّر الآخرة – ليس الموت – تذكّر الآخرة.

لماذا ” كنت نهيتكم عن زيارة القبور “؟ إذاً أحياناً الناس إذا كانوا على وضع معيّن أو عادات معيّنة أو قدر من الخلل يحدث في شيء يكون من العلاج المطلوب أن تفطمهم عن هذا الشيء أو تبعدهم عنه، عندما تبعدهم عنه وتبدأ تصلح من حالهم أو من شأنهم أو من تفكيرهم، أو تضبط رؤيتهم أو تصلح عاداتهم، بعد ذلك يمكنك أن تردّهم إلى ما كانوا عليه، لأنهم حينئذٍ لا يعودون بالوجه ولا بالفكر الذي كانوا سابقاً عليه، فأحياناً الإنسان عندما يحبّ أن يخلّص نفسه من شيء قد تعلّق به أو قد أفسد عليه أمره، محتاج أن يبعد، محتاج أن ينأى، محتاج أن ينسحب، ويضع نفسه في وضع آخر، أو في حال آخر ريثما يصلح من حاله ومن شأنه، يعني مثلاً شخص موجود وسط مجموعة – شلة معيّنة – ثمّ منّ الله عليه وأراد أن يقبل على الله، وجوده في هذا الوسط وضغط الوسط عليه – وتأسيم الوسط وتريقته عليه – ومحاولة جذبه للعود إلى ما هو عليه لن يستطيع أن يقاومه، فالمفترض ماذا يفعل، هو محتاج أن ينسحب، حتى إذا اكتسب قوةً، اكتسب رسوخاً، اكتسب ثقةً عاد إلى صحبه إن أراد أن يدعوهم إلى ما هو عليه أو يرشدهم، لكي حتى على الأقل يدركوا أن هناك فرق بين هذه الصورة للحياة، وهذه الصورة للحياة، وأنه فعلاً تغيّر، وفعلاً أصبح أفضل، فعلاً واقعيّاً أصبح نموذج أفضل، أحسن خلقاً، وأهدأ بالاً وأسكن قلباً ونفساً.

 ” كنت نهيتكم عن زيارة القبور ” وخلاص ” ألا فزوروها ” لماذا؟ ” فإنها تذكّر الآخرة ” إذاً هذا حثّ على أن الإنسان يتلمّس المواضع التي ستذكّره بهذه الحياة، فلماذا؟ لأن هذه من المفترض أنها تغيّر من منظومة الفكر الموجودة عند الإنسان، ولذلك نحن منذ فترة طويلة إذا قدّر وذهبت إلى المقابر في تشييع جنازة لم تعد هذه الروح موجودة، وصعب عليك أن تستحضرها، كل شيء حولك وكل كلام الناس الذين يقولوه هو حقيقةً يذكّر بالدنيا، الناس وهم واقفون على المقابر، يعني أنا مرة في إحدى الجنائز اضطّريت أن أغيّر مكاني أكثر من مرّة لأني كلما أقف بجوار أحد،، واحد يتكلم أنه عنده فيلا في البرج – والراجل يدفن – ، ثم انتقلت لمكان آخر؛ فلان سايب وفلان ورث من فلان، هذا المكان… والموضوع آخذ شكل العادة أكثر منه فهو واجب اجتماعي معيّن نحن نفعله لمدة خمس عشر دقائق وانتهى، ونبحث عن شخص بذقن لكي يدعو دعوتين، والعزاء ليلاً في دار المناسبات.

فإذا كان هذا الذي هو موجود ليذكّر لقاء الله، لا يؤثّر، إذاً ما الذي سيؤثّر؟ ولذلك قيل: ما رأينا من يقين لا شك فيه أشبه بشك لا يقين فيه من الموت، سيدنا عثمان كان إذا وقف على قبرٍ بكى فاشتدّ بكاؤه، فالناس تعجب، فقيل له: تذكر الجنة والنار ولا تبكي وإذا ذكرت هذا بكيت، هذا غريب، من المفترض أن الأمور الأخرى هذه أعظم تأثيراً ووقعاً.

فقال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: القبر أول منازل الآخرة فإن نجا منه العبد فما بعده أيسر منه، وإن لم ينجُ منه العبد فما بعده أشد منه، ثم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” والله ما رأيت من منظرٍ قط إلا والقبر أفظع منه ” .

إذاً سيدنا عثمان رضي الله عنه عندما يقف عند القبر يبكي، هذا البكاء له خلفيّة وتعليل وتفسير، هم عندما سألوه لماذا هنا تتأثر بهذا الشكل، فوق أشياء من المفترض أن تكون أكثر تأثيراً، هو عنده تعليل، هذا التعليل من أين أتى به؟ أتى به من مشكاة النبوة، ترجمة للذي تعلّمه من رسول الله صلى الله عليه وسلم، هو قال جملتين هاتان الجملتان لم يأتِ بهما من عنده، هو نقلهم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أول شيء قال أن هذا مفتاح الدار الآخرة، أي أن هذا بداية مواجهة الإنسان للحساب، لو اجتاز الاختبار فهذه علامة على أنه قد أصلح فيما قد مضى، فأي أمر يأتي بعد ذلك سيكون مبني على هذا، ولذلك هو هنا هو محلّ الامتحان أو الاختبار الأول والحاسم، ولذلك هو يفزع من هذا لأن هذا ميزان ما وراؤه، والأمر الثاني: أن هذا المنظر، النبي صلى الله عليه وسلم قال أنه أشد وأصعب وأفظع من أي شيء آخر نحن نرى أنها فظيعة.

هذا الكلام ليس جديد علينا ومعلوم لنا جميعاً يقيناً، كيف يوضع في دائرة التأثير أو دائرة التفعيل التذكر وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ۝إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ۝مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ۝وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ تحيد، – يا عم شوف لنا سيرة تانية ايه النكد والغم ده أنت كل شوية – ما معنى كلمة تحيد؟ أن الشخص لا يريد تذكّر هذا، لماذا؟ لأنه سينغّص عليه الذي هو فيه، إذاً الذي أنا فيه أصلاً شيء غير مرضي، طالما هي نغّصت عليّ إذاً هو شيء أنا ليس مقتنع أنها صح، أو ترضي ربنا سبحانه وتعالى أو هذه هي الصورة التي أمرني بها ربنا سبحانه وتعالى، وبالتالي إذا اتفكرت لقاء ربنا أمامي تفسد عليّ الجو الذي أنا فيه – فبلاش – ذَلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ وبعد ذلك، بعد آيات طويلة تتكلم عن هذا ومنازل الناس في الجنة والنار قال إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى عظة وعبرة لمن؟لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ نحن لكي نتأثر بهذه الآيات المذكورة في سورة ق إلام نحتاج؟ ربنا سبحانه وتعالى ذكر حالين أو مرتبتين، واحد لديه قلب أي أن القلب حيّ ومتفاعل بالطبيعة، نتيجة لمداومة طويلة للعلاقة مع الله سبحانه وتعالى، هو بينبض طبيعي، فبمجرد ما ترد عليه التذكرة والآية هو يتفاعل معها بسرعة، فإذا كان شخص مثلنا بعيد قليلاً، قادم من بعيد، ليس له حلّ؟ لا له أيضاً، ماذا يفعل؟ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ ما معنى ألقى السمع؟ أصغى وأنصت، تفكّر وتأمّل، وبعد ذلك وَهُوَ شَهِيدٌ ما معنى شهيد؟ أي يحضر قلبه لأن قلبنا بعيد مشغول بأشياء كثيرة، وربما اعتراه كثير من الران الذي هو محتاج أن يعالج فالإنسان يحاول أن يشهد قلبه – يعني يجيبه معاه – فيصغي فينصت فيتأثّر، لو داوم على هذه الممارسة يكتسب الحياة، إذاً يوجد مرتبتين من كان له قلب، أو شخص يريد أن يصنّع قلب أو يحضر قلب، أو يريد يصلح قلب الذي إذا صلح تصلح حال الإنسان لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ ” ولو أنّا إذا متنا تركنا لكان الموت راحة كل حيٍّ ولكنّا إذا متنا بعثنا ونسأل بعدها عن كل شيءٍ “

أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم

الحمد لله رب العالمين

 ” كل ابن أنثى وإن طالت سلامته ” سيبقى مهما يبقى قال تعالى أَفَرَأَيْتَ إِنْ مَتَّعْنَاهُمْ سِنِينَ أي عدد هم يريدوه ثُمَّ جَاءَهُمْ مَا كَانُوا يُوعَدُونَ۝ مَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يُمَتَّعُونَ إذاً مهما طال عمر الإنسان في هذه الحياة هو لابد أن ينقضي وينتقل من الفاني إلى الباقي، من العالم المحدود للامحدود، الفكرة في الانتقال من الدنيا للآخرة انتقال من حاجة محصورة طويلة أو قصيرة هي حاجة محصورة لحاجة ليس لها منتهى، على فكرة – الانفنتي – هذه بالنسبة لنا شيء خيالي ليس حقيقي، الإنسان بطبيعته وفكره محدود، يكون لديه كل شيء محدود، نحن لا نستطيع أن نتخيّل اللانهائي، لا نستطيع، ولذلك لا يمكن للإنسان أن يدرك عظمة الله، لأن ربنا سبحانه وتعالى هو اللامحدود وما أعدّه الله سبحانه وتعالى لعباده في دار الآخرة لا محدود، نحن عندنا محدود بحدود الزمن، الإنسان لا يعرف أن يتصور شيء بلا زمان وبلا إطار مكاني لا نقدر، لابد من احداثيات زمان ومكان في كل شيء، هذا هو الإنسان، ربنا سبحانه وتعالى يتكلم عن حاجة لا محدودة خارج إطار الزمان، فلا نستطيع أن نتخيّل هذا، شيء لا ينتهي، ولذلك في الدنيا أيّاً كانت الشدائد التي تصيب الإنسان – حتى إذا لم تنتهي – فكرة أنه سيموت هذا نوع من أنواع التخفيف عن آلام الإنسان، أي أنه مصيره ينتهي، سيأتي وقت وينتهي، فتخيّل شخص يعيش حياة لا تنتهي، ولذلك عذاب أهل النار بسرمديّة النار أشدّ من عذابهم بما يعانونه أو يقاسونه من حرّ النار لأنه لن ينتهي، لا يوجد أمل أن ينتهي في أي وقت من الأوقات، هذا أمر في غاية الصعوبة، فهذا في انقطاع الإنسان عن الدنيا.

وكذلك في تبدّل الأحوال في الدنيا، نحن الآن عم نتكلم ” يوماً على آلة حدباء محمول ” معناها أنه في النهاية سيأتي عليه وقت ويخرج منها، وممكن أن تتبدل عليه وهو فيها ” وكل حصنٌ وإن طالت سلامته يوماً سيدخله النكراء والحوب ” أي وضع وأي تجمّع وأي قبيلة أي عائلة في النهاية لابد تعتريها أحوال التبدّل والتغيّر، تحت تصبح فوق، وفوق تصبح تحت.

المعتمد بن عبّاد ملك إشبيلية استغاث به ملوك قرطبة لكي ينجدهم من يحيى بن ذي النون – واحد من ملوك الطوائف – يريد أن يحتلّ قرطبة، وهو يستغلّ ضعفهم السياسي والعسكري، فهم استغاثوا بالرجل المجاور لهم، فأغاثهم وأنجدهم، أتى بجيش كبير فعندما رأوه الآخرين فرّوا، ثم دخل قرطبة، لكي يؤمّن المدينة، وصباح اليوم التالي أمير قرطبة خرج من قصره لكي يشكرهم – ياجماعة متشكرين وجزاكم الله كل خير – فوجد ابن عباد أعجبته المدينة، أعجبته الحدائق الجنّات والقصور – فأنا قاعد – فبثّ جنده في المدينة وحاصر القصر، واستنزلهم منه، وقتل منهم من قتل، وسبى منهم من سبى وسجن أمير قرطبة حتى مات في السجن، فهو ماذا يقول؟ يقول: إن هذه دعوة مظلوم – أمير قرطبة – يقول أن الذي حدث هذا ايه؟ هو يترجم هذا، يقول: أن هذه دعوة مظلوم ثم رفع يديه وقال: اللهم كما انتقمت للمظلومين منّا، فانتقم لنا من الظالمين، عاش ابن عبّاد زمان وأصبح حاكم إشبيلية وقرطبة، وبعد سنوات تبدّلت الأحوال واحتلّت المدينتين واقتيد هو وبناته وأقاربه، ووضعوا في سفينة واترموا في أغماد في المغرب وبقي في أسره إلى أن مات، من أين إلى أين؟ سنحكي يوم، يوم واحد…

اعتماد الرميكية – نعتبرها زوجته، هي كده – تطلّ من شرفة القصر في يوم مثل هذه الأيام – وحل وطين – ورأت نساء بدويّات يحملون جرار على رؤسهم وسائرين حفاة في الوحل والطين، يذهبوا إلى السوق، من تبيع بعض السمن، ومن تبيع بعض اللبن،، فأعجبها المنظر فهي لم تفعل هذا قبل ذلك، فتريد أن تنزل الشارع تمشي بقدميها حافية في الطين، مثل النساء، هذا فلكلور، معاناة الناس، شقاء الناس أصبح فلكلور – الله شيء لذيذ جداً نفسي أعمل كده، حاجة فانتستك جدا – تخيل الطرف يصل بالناس لماذا؟ فهو طبعاً لا يرفض لها طلب، فماذا سيفعل؟ ساحة القصر كلها سيحوّل المسك والكافور والزعفران وأنواع من الطيب سيبشرها تماماً ويملأ بها هذه المساحة كلها، ويأتي بماء الورد، ويعجنها بها بالأيدي، سيأتي بأناس تظل تعجن في هذا إلى أن تصبح مثل الطين بالضبط، وبعد ذلك يأتي بجرار من ذهب، ويربطها بالحرير – عشان الحجة اعتماد وبناتها ووصيفتها يدوسوا برجليهم في التينة زي الحريم التانيين!! – فتخيّل أن البرنسيسة فلانة أو الأميرة فلانة مرّت على الجمعيّة فوجد الحريم يتشاجروا ويشدوا شعور بعض – ياي – هي تريد أن تفعل كده، فسنصنع لها جمعية في القصر ونعمل هذا المنظر لكي تقف هي وتشد شعر فلانة وتضربها لكي تأخذ الفرخة!

نحن وصلنا إلى أي مستوى من الترف ومن الفراغ وعدم الإحساس بمعاناة الناس، فهذه معاناة، النساء اللاتي خرجن، هن ليس خرجوا للاستجمام، يعني لولا شدة الحاجة، لا تخرج امرأة في هذا الوحل والطين وهذا المطر، لكي تذهب إلى السوق تبيع شيئاً، إذا لم تكن محتاجة إليها حاجة ضرورية.

ويأتي عيد وهو في أغمات، وبعد ذلك بناته هؤلاء دخلوا عليه حفاة فعلاً، حفاة فعلاً، لباس رث بالي، رجليهم ليس بها، لا جزمة ولا شبشب، وشعرهم منكوش ولا يملكوا شيئاً مثل – الطرحة – يغزلون لكي يبيعوا هذا الغزل لكي يستطيعوا أن يأكلوا، واحدة منهم تصنع غزل لبيت، فنظرت فوجدت أن هذا شخص شرطي كان يخدم عند أبوها زمان، تخيل واحد واقف على البوابة، والبرنسيسة خارجة يعمل هكذا، والبرنسيسة داخلة يعمل هكذا، وهي عمرها ما نظرت إليه، يدور الزمن، ويأتي وقت أنها تغزل بخمسة قروش لكي تأكل وهذا الرجل هو الذي يعطيها، هل هو تذكّر ماذا فعل في الناس الذي آذاهم أو ظلمهم.

 فيما مضى كنت بالأعياد مسرورا فساءك العيد في أغمات مأسورا

ترى بناتك في الأطمار جائعة – الأطمار هي الثياب البالية – في لبسهنّ رأيت الفقر مستورا

معاشهنّ بعيد العزّ ممتهنٌ يغزلن للناس ما يملكن قطميرا

عندما رآهم بدأ يعيد الذكريات ويرى هذا المنظر ” يغزلن للناس ما يملكن قطميرا ” لا يملكوا شيء، هكذا حقيقة الدنيا.

إذاً الإنسان الذي يرتكن إلى هذا المتاع الزائل هو يرتكن إلى شيء ليس له حقيقة، حقيقة الفهم وحقيقة الإدراك، وحقيقة الذكاء وحقيقة الوعي أن الإنسان يرتكن إلى الركن الركين الذي لا يحول ولا يزول.

آخر مثال وآخر جملة: خالد بن يحيى البرمكي، هذا كان رئيس الوزراء في زمان هارون الرشيد، وكان له من القدر والمكانة وطلاقة التصرّف، حتى إن الرشيد كان يقول له يا أبي، يضعه في منزلة والده، ثم أتى جعفر بن خالد بن يحيى، فجعله وزيراً مكان أبوه وكان جعفر شريك هارون في كل شيء، في كل شيء من الليل إلى النهار، من الليل إلى النهار..

سرٌّ في نفس هارون لم يرد أن يفصح عنه لكن من الليل إلى النهار قتل جعفراً وحبس أبوه وإخوته جميعاً، تخيل أناس كان سلطان الدولة كله في أيديهم، ليلاً، الصبح لم يكن معهم شيء.

فأحد أولاد يحيى بن خالد، قال يا أبتي بعد الأمر والنهي والأموال صرنا إلى ما نحن عليه في السجن والقيد، قال: يا بنيّ دعوة مظلومٍ غفلنا عنها لم يغفل الله سبحانه وتعالى عنها.

يقول رجل من أهل الكوفة، دخل البيت في يوم عيد الأضحى قال: فرأيت عند أمي امرأة، قالت: أتدري من هذه، قال: قلت لا، قالت: هذه أم جعفر،جعفر البرمكي رئيس الوزراء، وهي زوجة يحيى بن خالد رئيس الوزراء الذي قبله، وهي في حالةٍ مهينةٍ وثياب رثّة، فقال لها: أخبرينا عن حاجة من حالتك، قالت: لقد هجم عليّ مثل هذا اليوم – يوم عيد الأضحى تقصد – وعلى رأسي أربعمائة جارية، 400 خادمة لها هي وحدها، وأنا أزعم أن ابني عاقّ لي – ليس قائماً بحقي – بـ400 خادمة ليس قائماً بحقّها، مقصّر معها، تقول وأنا اليوم، وأنا اليوم – يوم عيد الأضحى – يقنعني جلد شاتين، أتخذ أحدهما فراشاً لي.

يقول الرجل: فأعطيتها خمسمائة درهم، فكادت تموت فرحاً، هي ماذا تقول؟ وأنا اليوم ماذا؟ يقنعني، يبقى هي في كل هذا لم تكن راضية، أما الآن يقنعها ويرضيها جلد خروف تفرشه لكي تنام عليه، ولذلك قال صلى الله عليه وسلم ” ليس الغنى عن كثرة العرض ” وإنما الغنى الحقيقي، حاجة بداخل البني آدم وليس خارجه ” وإنما الغنى غنى النفس ” .

إذاً خلاصة ما نريد أن نقول هما جملتان: ” يوماً على آلة حدباء منقول ” أن الإنسان محتاج أن يضع لقاء ربنا سبحانه وتعالى وإعداده للقاء الله نصب عينيه دائماً وأبداً.

الأمر الثاني: أن الدنيا تتقلب بأهلها وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ لا يوجد أمان من تقلب الدنيا إلا بالركون إلى مالكها سبحانه وتعالى والاطمئنان إليه وإلى ما يقدّره وإلى ما يعطيه، قال قَالَ لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ قال صلى الله عليه وسلم ” رحم الله أخي لوطاً لقد كان يأوي إلى ركن شديد ” هو طبيعي طالما معتصم بالله فهو في المكان المكين، والحصن الحصين.

 كل ابن أنثى وإن طالت سلامته يوماً على آلة حدباء محمول

وكل حصنٍ وإن طالت سلامته يوماً سيدخله النكراء والحوب

اللهم ارحمنا فأنت بنا راحم ولا تعذّبنا فأنت علينا قادر والطف بنا يا مولانا فيما جرت به المقادير واختم بلنا بخاتمة السعادة أجمعين

اللهم إنّا نسألك فعل الخيرات وترك المنكرات وحب المساكين، وأن تغفر لنا وترحمنا وتتوب علينا وإذا أردت بقوم فتنة فاقبضنا إليك غير مفتونين

اللهم إنا نسألك حبك وحب من يحبك وحب كل عملٍ يقربنا إلى حبك

اللهم إنا نسألك الثبات في الأمر، والعزيمة على الشكر، اللهم إنا نسألك الثبات في الأمر، والعزيمة على الشكر

اللهم إنا نسألك قلباً سليماً ولساناً ذاكرا، اللهم إنا نسألك قلباً سليماً ولساناً ذاكرا

اللهم خذ بأيدينا إليك أخذ الكرام عليك لا تفضحنا بين خلقك ولا بين يديك

اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلوبنا على دينك

اللهم يا مصرف القلوب صرف قلوبنا إلى طاعتك

اللهم يا وليّ الإسلام وأهله مسّكنا الإسلام حتى نلقاك عليه

 اللهم ارحم في هذه الدنيا غربتنا، وارحم اللهم عند الموت كربتنا، وارحم اللهم في القبور وحشتنا، وارحم اللهم في القيامة ذل مقامنا بين يديك

أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم