إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا. إنه من يهدي الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمد عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ
يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا
ثم أما بعد ،،،
كنا في الجمعة الماضية في حديثٍ حول صناعة القرآن، كنّا نتكلم في هذه القواعد الدقيقة والمبادئ العظيمة التي سار عليها العلماء في حفظ كنوز سنّة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وذكرنا أن هذه القواعد إنما كانت نتاجاً لتربيةٍ وصناعة قرآنية، نحن حينما نقرأ في هذه الكتب التي اختصّت ببيان هذا المنهج، وهذا الأسلوب وهذه الطريقة نستشفّ منها أنها إنما تتحدّث عن عبقريّة للرجال، وهذه حقيقة موجودة، هذه حقيقة فعليّة لا ننكرها، لكن هذه العبقريّة مما تستمدّ، هل هي نشأت من مجرّد إعمالهم للعقول ورغبتهم الصادقة في حفظ هذه السنّة، أم أن هذه تربية مسبقة وصناعة قرآنية صنعها هؤلاء الرجال، هذا هو ما نتكلم عليه، أن ربنا سبحانه وتعالى بهذه المنّة العظيمة وهي القرآن، صنع أجيالاً، هذه الأجيال صيغت صياغة معيّنة، هذه الصياغة جعلتهم قادرين على معالجة الأمور ومواجهة الأزمات وعلاج ما يستجدّ من المشكلات، أين هذا في القرآن؟ هذا الذي نحاول أن نتلمّسه ونبحث عنه لكن يكبّلنا أننا بيننا وبين القرآن مسافة، وأننا لم نتعامل معه التعامل الذي ينبغي أن يتعامل به المؤمنون مع كلام ربهم سبحانه وتعالى، ولذلك ذكرنا في الجمعة الماضية نقلين نقلناهم، نقصد بهم بيان شيء من قيمة ما معك والأسلوب الذي يتعامل به الإنسان مع القرآن، فذكرنا أستاذ الرياضيات الأمريكي الذي يذكر تجربته مع القرآن وهو ملحد، وأنه كان يقرأ القرآن بالأساس ساعة ما قرأه بقصد التسلية، هو شاعر بالملل فهو يقرأ أي شيء، فهل القرآن سمح له أو أذن له أن يتعامل معه بهذا الأسلوب؟ لا، لا
فهو يقول أن القرآن لم يسمح له ولم يأذن له أن يتعامل معه بصورة من صور قلّة التعظيم أو اللامبالاة، ولذلك نحن نقلنا هذا الكلام لكي نبيّن ما هي الصورة الطبيعية التي من المفترض أن الإنسان عندما يفاجأ بالقرآن يشعر بها، ولكننا لأننا ورثنا القرآن لم نمرّ بهذه التجربة، من الذي يمرّ بها؟ الذي يتعامل مع القرآن بأسلوب التعاطي والتفكّر، هناك كلام يقال، أنا ما موقفي منها؟ وهو ما موقفه مما أنا عليه؟
فإذا أنا كنت أقرأه بأسلوبنا نحن، بقصد الثواب، نحن نفعل ذلك؛ قراءة بقصد الثواب، ما معنى بقصد الثواب؟ أي أنا سأقرأ لكي أأخذ حسنات؟ فما بالنا بالمضمون الموجود في الآيات الذي أنزله الله يخاطبنا به، ما موقفنا منه؟ نمرّ عليه هكذا، نحن ليس منبهين أصلاً في المضامين التي تقال! ولذلك نحن قلنا قبل ذلك أن القرآن يكاد يكون هو النص الوحيد الذي يتعامل معه الناس بهذا الأسلوب، النص الوحيد، النص الإلهي العظيم هو النص الوحيد الذي يتعامل معه بهذه الطريقة، لا أحد منّا يقرأ شيء مهما كان مستوى عمقه أو سطحيّته، هو يقرأ لكي يفهم المكتوب، أو ما المضمون الذي من المفترض أن يصل له، عندما نقرأ الجرنال – لن أقل شيء أعلى من هذا – جرنال نقرأ لكي نفهم ما مضمون المقال، أو الكريكاتير حتى، أو ما الذي سيأتي في التليفزيون اليوم، إذا سألتك بعدما قرأت ماذا قرأت تستطيع أن تقول لي كلام محدد، أنا قرأت كذا، بغض النظر عن موقفي من التصديق أو التكذيب، أنا قرأت كذا.
وقرأت جزء من القرآن، ماذا قرأت؟ قرآن يعني الحمد لله…. الحاجة الوحيدة التي نخرج منها بهذا النتاج، صفر!! فهل هذا هو ما يستحقّه القرآن من تعظيم؟
أم أيمن رضي الله عنها جاءها أبو بكر وعمر رضي الله عنهما، قال أبوبكر لعمر رضي الله عنها: انطلق بنا إلى أم أيمن كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يزورها، فلما رأتهما بكت فقال لها: ما يبكيكِ أوما تعلمين أن ما عند الله خيرٌ لرسوله صلى الله عليه وسلم، قالت: والله ما أبكي ألا أعلم أن ما عند الله خيرٌ لرسوله – أنا أعرف هذا الكلام – ولكنني أبكي لانقطاع الوحي من السماء، فهيّجتهما على البكاء فجعلا يبكيان معها.
أم أيمن لولا القرآن والإيمان ماذا تكون، هي في النهاية مجرد أمة حبشية لا علم، لا وعي، لا فهم، ولا ثقافة، أما مع القرآن والإيمان إلى أين وصلت، وصلت لهذا المستوى من الفقه العميق والادراك العظيم لقيمة القرآن، فهم يقولون لها أن ما عند الله.. قالت: أعلم ذلك – ليس هذه المشكلة – وإنما أبكي أن الوحي قد انقطع من السماء.
فلماذا؟ لأن هذا الوحي ماذا يساوي؟ تخيّل أنت تعيش في مجتمع، تحدث فيه أحداث وتجدّ فيه مستجدّات، هذه اليوميّات ينزل تصويبها وعلاجها وبيانها وإدراك حقائقها وتمييز الصواب فيها من الخطأ، الحق فيها من الباطل من عند ربنا سبحانه وتعالى، مجتمع يسير في إطار الترشيد الإلهي، وإلا فلماذا جعله ربنا سبحانه وتعالى نمودج؟ لأن هذا بُني في إطار هذا الترشيد، فهي كانت تتمنى أن يبقى هذا الترشيد موجود، ولا يوكلنا سبحانه وتعالى إلى عقولنا، أو أذهاننا أو فكرنا أو رؤيتنا، فهيّجتهما على البكاء، بهذه الجملة، بماذا؟ بأنها لفتت انتباههم بهذا المعنى، فجعلا يبكيان معها.
وذكرنا في النقل الثاني، قلنا في كلام هذا الرجل البروفيسير كان يعزو تأثره بالقرآن مع أنه لا يفهم عربي إلى أن هذا مسجّل بداخله من البداية، ولذلك مثّل هذا بالرضيع الذي يحنّ أو يطرب إلى صوت الأم، وهي تكلّمه وهو لا يفهم شيء، هو لا يفهم، ولكنه يسكن عند هذا الصوت، وذكرنا القصة الأخرى التي فيها هذه المرأة اليوغسلافية التي تأثّرت وقالت: وكأن روح القدس ينطق على لسان هذا القارئ، مع أنها لا تفهم شيء، وهذا يسمى سلطان القرآن، نحن من المفترض لدينا أفضل من هذا لأننا نعرف اللغة المخاطبين بها، ولذلك ربنا سبحانه وتعالى امتنّ علينا في غير ما موضع القرآن بأنه أنزله أو جعله قرآناً عربياً لعلكم تعقلون وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا أَعْجَمِيًّا لَقَالُوا لَوْلَا فُصِّلَتْ تصبح عربية لكي تتضح ونفهمها.
القرآن كيف ربّى هؤلاء الناس؟ هذا هو الذي نبحث عنه، سنقف مع حادثة، هذه الحادثة حادثة محوريّة ومصيريّة، لكي نعلم أن هذه التربية وهذه التنشئة وهذه الصياغة كانت مكلّفة ومكلفة للغاية، لم تكن مجّانيّة، آيات من صورة النور يضع فيها سبحانه وتعالى منهجاً للتعامل مع النقل ومع الخبر ومع القيل والقال، كيف نتعامل معه، فكان من الممكن أن تنزل الآيات تبيّن منهج، الحادثة والأزمة تعمّق هذه المعاني في القلوب أعمق بكثير، ولذلك كان من عظمة تعليم ربنا سبحانه وتعالى للمؤمنين أنه يربّيهم عبر الأحداث، الحياة التي يعيشونها، القرآن ينزل يعالج الحياة التي نعيشها، يصوّب مسارات ويصحح أخطاء، وذكرنا مراراً كيف عالج الله سبحانه وتعالى قلوب المؤمنين في أعقاب وقعة أحد وأن هذه كانت من أعظم سور المعالجة التي لا يطيق البشر لها محاكاة وإنما من المفترض ماذا يفعلون؟ يتعلمون من هذا لكي ينسلوا على منواله قال الله تبارك وتعالى إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ الكذب المفترى والمختلق عُصْبَةٌ مِنْكُمْ لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ مَا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ ما خلفية هذه الآيات؟ نزلت هذه الآية بعد حدث، هذا الحدث استمرّ شهر، وما يزيد عليه بقليل، النبي صلى الله عليه وسلم خارج في غزوة من الغزوات، وكلما يخرج في غزوة يجري قرعة بين زوجاته من التي ستخرج؟ فخرج السهم على عائشة رضي الله عنها، فخرجت معه صلى الله عليه وسلم في سنّ حوالي 16 سنة، وهم راجعون وقد اقتربوا من المدينة، فالنبي صلى الله عليه وسلم آذن بالرحيل – سنمشي الآن – نحن ليلاً، فسنتحرّك الآن، السيدة عائشة عندما سمعت هذا النداء خرجت لقضاء الحاجة لأنهم سيسيرون كثيراً فهي ستذهب إلى الحمام لكي لا تحتاج الحمام في السكّة، فهي لن توقفهم، فخرجت خارج المعسكر تماماً، تذهب إلى مكان بعيد لكي يكون مكان مستور.
فخرجت وهي راجعة تقترب من المعسكر، فوضعت يديها فلم تجد العقد الذي كان معها، وكانت – شحتاه – من أسماء اختها رضي الله عنها، فرجعت تبحث عنه، أخذت وقتاً طويلاً إلى أن وجدته، وهي لابد أن تجده لأنه ليس ملكها، فأتت بالعقد، وعندما رجعت لم تجد أحداً ذهبوا،، ففسّرت لماذا ذهبوا، وقبلما نصل إلى هذه النقطة، أريد أن أقف عند العقد نفسه، نحن تكلّمنا قبل تحت عنوان نقطة تحوّل، وكنّا نتكلم عن الغار، موقع الغار من حياة النبي صلى الله عليه وسلم، أحياناً الإنسان يوجد شيء نستطيع أن نعتبره علامة في الحياة، يوجد اقتران بين الإنسان وبين علامة في الحياة، فمثلاً سيدنا يوسف عليه السلام والقميص، هذا القميص معْلَم في حياته وَجَاءُوا عَلَى قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ وَاسْتَبَقَا الْبَابَ وَقَدَّتْ قَمِيصَهُ مِنْ دُبُرٍ وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ أَهْلِهَا إِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ قُبُلٍ فَصَدَقَتْ وَهُوَ مِنَ الْكَاذِبِينَ وَإِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ فَكَذَبَتْ وَهُوَ مِنَ الصَّادِقِينَ فَلَمَّا رَأَى قَمِيصَهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ قَالَ إِنَّهُ مِنْ كَيْدِكُنَّ إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا وَاسْتَغْفِرِي لِذَنْبِكِ إِنَّكِ كُنْتِ مِنَ الْخَاطِئِينَ اذْهَبُوا بِقَمِيصِي هَذَا فَأَلْقُوهُ عَلَى وَجْهِ أَبِي يَأْتِ بَصِيرًا وَأْتُونِي بِأَهْلِكُمْ أَجْمَعِينَ وَلَمَّا فَصَلَتِ الْعِيرُ قَالَ أَبُوهُمْ إِنِّي لَأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ رائحة القميص من بعيد، فَلَمَّا أَنْ جَاءَ الْبَشِيرُ أَلْقَاهُ عَلَى وَجْهِهِ فَارْتَدَّ بَصِيرًا قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ هذا القميص شيء وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَا مُوسَى هو لا يعرف ما هذه؟ أحياناً الإنسان يرزقه ربنا بشيء، أو هو معه شيء وهذا الشيءقيمة كبيرة لكنّه لا يفهم ما هذا، قَالَ هِيَ عَصَايَ أَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا وَأَهُشُّ بِهَا عَلَى غَنَمِي وَلِيَ فِيهَا مَآرِبُ أُخْرَى وهي ليست هكذا تماماً، وهي ليست هكذا تماماً، ظهر أنها شيء آخر تماماً قَالَ أَلْقِهَا يَا مُوسَى فَأَلْقَاهَا فَإِذَا هِيَ حَيَّةٌ تَسْعَى قَالَ خُذْهَا وَلَا تَخَفْ قال تعالى فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُوسَى عند السحرة، وعند الطور وَلَّى مُدْبِرًا وَلَمْ يُعَقِّبْ خاف من عصاه التي كانت في يده يَا مُوسَى أَقْبِلْ وَلَا تَخَفْ إِنَّكَ مِنَ الْآمِنِينَ فَأَلْقَى مُوسَى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سَاجِدِينَ قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ الْعَالَمِينَ رَبِّ مُوسَى وَهَارُونَ قَالَ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ فَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانْفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ وَإِذِ اسْتَسْقَى مُوسَى لِقَوْمِهِ فَقُلْنَا اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْحَجَرَ فَانْفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْنًا هذه العصا معلم أساس في حياة موسى عليه السلام، وذكرنا الغار ” حراء ” ، نقطة التحوّل وبداية إيصال النور الإلهي بقلبه صلى الله عليه وسلم و ” ثور ” نقطة التحوّل من جماعة من المؤمنين لمجتمع قائم على أساس الإيمان، هذا الغار ينقل من مكان لمكان آخر تماماً.
أما السيدة عائشة والعقد ن هذا هو العقد الأول، ويوجد عقد آخر، خرجوا في غزاة أخرى ففقدت العقد، لم تفعل مثل المرة الأولى، قالت للنبي صلى الله عليه وسلم مباشرة، أن العقد ضاع، المرة الأولى لم تقل شيئاً وذهبت تبحث عنه بنفسها، وحدث ما حدث، المرة الثانية، قالت – فاستنوا بقى يا جماعة ندوّر عليه – جالسين في مكان ليس به ماء، وليس معهم هم ماء، فالماء الذي معهم انتهى، والمكان الذي هم فيه ليس به ماء، فيريدوا أن يذهبوا سريعاً، فهي عقدها ضاع، ونحن جالسون نبحث عن العقد، والنبي صلى الله عليه وسلم أرسل اثنين يذهبوا المكان الذي كانوا عليه المرة الماضية الذي ارتحلوا منه لكي يبحثوا عن العقد، فالناس جاءوا إلى سيدنا أبوبكر قالوا له – ياعم شوف بنتك، أقعدتنا هنا وأقعدت النبي صلى الله عليه وسلم ونحن لسنا معنا ماء ولا يوجد بهذا المكان ماء – .
فماذا يفعل سيدنا أبوبكر، فذهب إليها، فوجد النبي صلى الله عليه وسلم نائم على رجلها ومستغرق في النوم، وهي جالسة، فقال: ما صنعت – ايه اللي بتعمليه ده – حبستي رسول الله صلى الله عليه وسلم والناس، وليسوا على ماء وليس معهم ماء، قالت: فقال ما شاء الله أن يقول – بستفها – ويجعل يطعن بيدي في خاصرتي، وتقول أنها لا تستطيع أن تتحرك، لماذا؟ لأن النبي صلى الله عليه وسلم نائم وهي لا تريد أن توقظه، وأبوبكر يضربها، فالنبي صلى الله عليه وسلم لما قام أنزل الله آية التيمم، ماذا يفعلوا إذا لم يوجد ماء.
فقال أسيد بن حضير: ” ما هذه بأول بركتكم يا آل أبي بكر ” هذا العقد في النهاية ما الذي ترتّب عليه؟ تشريع حكم بتخفيف وسعة، ثم فبعثوا البعير التي كانت تركب عليه، فوجدوا العقد تحت البعير.
وهذا المعنى ذكرناه مراراً، أن الشخص أحياناً كثيراً يلفّ في الدنيا يبحث على حاجة، أين تكون هذه الحاجة التي يبحث عنها؟ تحت رجله، أين ذكرنا هذا الكلام؟ في قصة أم إسماعيل عليه السلام، أين كانت تبحث هاجر؟ عند الصفا وعند المروة وما بينهما، أين كانت الماء؟ الماء كانت تحت رجل الرضيع، لم تكن في مكان آخر، لكنها كانت لابد أن تسعى لكي يهبها ربنا الرزق، فأحياناً كثيرة أن ما أبحث عنه هو قريب مني أكثر مما أظنُّ لكني لم أكن منتبه لهذا أو آخذ بالي منه، فنرجع للموضوع.
فالسيدة عائشة تفسّر – فهم ذهبوا – تقول أنها حديثة السنّ ونحيفة ولذلك لا يوجد وزن، فلم يشعروا فلا يوجد ثقل، وقالت أن هذا كان الطبيعي أن النساء، وكان الطعام قليل، وإنما هي علقة من طعام، يعني الطعام أصلاً لقيمات، فالكروسترول والدهون الثلاثية هذه الأشياء غير موجودة، فوزن الهودج – الشيء التي تجلس فيه – بها أو بدونها لن يتغيّر كثيراً، فهم حملوه فتخيّلوا أنها بالداخل، وماذا بعد؟ فهي رجعت فلم تجد أحداً، فماذا ستفعل؟ فجلست في المكان الذ تركوها فيه، المكان الذي كانوا فيه، لماذا؟ لأنهم غالباً سيفقدوها فسيرجعون فيجدوها، فهذا هو الطبيعي، فكيف تصرّفت؟ أنها ستجلس في النقطة التي كنّا مجتمعين عندها، بحيث أنهم حينما يحاولوا أن يجدوها بسهولة يجدوها.
أما نحن لا نفعل ذلك، فنحن نسير لكي نحصّلهم، فهي إن فعلت هذا فلن تحصّلهم وستتيه، وعندما يرجعوا لن يجدوها، فأحياناً الاختراعات الإضافية تحدث مشاكل، فالطبيعي المنطقي أن تجلس في المكان التي فقدوها فيه، قالت: فغلبتني عيناي فنمت، وهذا من رحمة ربنا، أنها الآن في وضع اضطراب وقلق، وهي لا تعلم ماذا سيحدث، وهي في صحراء من الممكن أن يمرّ أي أحد، أو يحدث أي شيء، فمن رحمة ربنا أن ينزّل النوم على الإنسان فيسكن إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعَاسَ أَمَنَةً مِنْهُ في بدر قبل المعركة وفي أحد بعد الاضطّراب، أَمَنَةً نُعَاسًا يَغْشَى طَائِفَةً مِنْكُمْ وَطَائِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ هؤلاء لن يناموا.
فعلام استيقظت؟ على صوت صفوان بن المعطّل رضي الله عنه، هو يمشي وراء الجيش بمسافة، لأجل إذا وقع من أحد شيء، أو فات شخص شيئاً يأتي بها ويحصّلهم، فهو لم يجد شيء، هو وجد زوج النبي صلى الله عليه وسلم نفسه جالس على الأرض، فاسترجع – إنا لله وإنا إليه راجعون – فهي استيقظت على صوت استرجاعه، فهي تقول أنه لم يتكلم معها كلمة، ولا سمعت منه إلا الاسترجاع، فهي سمع هذا الصوت ثم لم يتكلم، فأناخ البعير وذهب وقف بعيداً، فهي وكبت على الناقة وبدأ يتحرك بها بسرعة لكي يلحق بالجيش، فوصل لهم في وقت الظهيرة، هم تحرّكوا قبيل الفجر، وصل لهم الظهر وكانوا نازلين – قاعدين يعني – فلما أقبلوا عليهم، عبدالله بن أُبي رأس النفاق قال كلمته، قال: والله ما نجا منها وما نجت منه، وكأنها النار في الهشيم، وبعد ذلك رجعوا المدينة، هذه الجملة استمرّت تنتشر وتتكاثر لمدّة شهر كامل بعدما رجعوا المدينة، ومن رحمة الله سبحانه وتعالى أنها رجعت مريضة، لا تتحرك من السرير لمدّة شهر، لأنها إذا تحرّكت كانت ستسمع ما يقول الناس، فمن رحمة ربنا بها للمرة الثانية أنها مرضت فلا تشعر بما يتجارى به الناس في المدينة، ولكنها تقول أنها تشعر بشيء غريب، تقول: لا يريبني شيء إلا أنني لا أجد من رسول الله صلى الله عليه وسلم ما كنت أجد منه من اللطف حين أشتكي، التعامل الرقيق جدّاً الذي يتعامل معها عندما كانت تمرض لا تشعر به، هو يدخل يقول السلام عليكم كيف تيكم – عاملة ايه – لا يقل شيء آخر، هي تشعر بهذا ولا تفهم لماذا؟ فتقول لما نقهت – بدأت حالتها الصحّية تتحسن – خرجت مع أم مسطح ” أم مسطح هذه ابنة خالة سيدنا أبوبكر ” إلى المناصح ” مكان بعيد لقضاء الحاجة ” تقول ونحن راجعين عثرت المرأة في مرطها ” العباءة تعثّرت فيها ” فقالت: تعس مسطح – يخرب بيت يا مسطح – ومسطح هذا ابنها، قالت: بئسما قلت – ما الذي تقوليه – أتسبّين رجلاً شهد بدراً، هي دعت عليه، إذاً الدعاء على الشخص بمثابة الطعن فيه، اللعن كالطّعن.
فقالت: يا هنّتاه – أنت لا تشعرين بشيء – أوما سمعت ما قال – أوما تعرفي ماذا قال – قالت: وما قال، فأخبرتها بقائلة الإفك، تقول: فازددت مرضاً على مرضي.
فالنبي صلى الله عليه وسلم دخل عليها – نفس الكلام – قال: كيف تيكم، فاستأذنت أن تعود أو تذهب إلى أبويها، لأنها تريد أن تعرف ما الموضوع، تسأل ماذا يحدث، فسألت أمها فقالت: يا بنيّة هوّني عليك، ماكانت من امرأة قط وضيئة – أي جميلة – عند زوج يحبّها ولها ضرائر إلا أكثرن عليها – أي أن هذا عادي شغل الحريم ولا تضعي هذا في بالك – ، قالت: سبحان الله أوقد قيل ذلك – الناس قالت هذا فعلاً – فجعلت تبكي طيلة ليلها حتى أصبحت، وطول اليوم إلى الليل، ومن الليل إلى النهار، أي ليلتين ويوم كاملين بكاء لا أكل لا نوم، وهي مريضة أصلاً.
فالنبي صلى الله عليه وسلم في هذا اليوم التي ظلّت تبكي فيه طوال النهار، استدعى عليّاً وأسامة بن زيد رضي الله عنهما، يسألهم ماذا أفعل؟
فتخيّل النبي صلى الله عليه وسلم كم مرّ عليه؟ شهر، في هذا الشهر ماذا يحدث؟ الناس في المدينة – هؤلاء هم المؤمنون – يتناقلوا ما بينهم مقالة أخذوها من ألسنة المنافقين، فما مضمون هذه المقالة، تخيّل إذا كان هناك رجل طيّب أو صالح أو محترم – نسأل الله السلامة والعافية – رجل طيّب أو صالح أو محترم في مجتمع، والناس كلها تتناقل أن زوجته..، وهو يسمع، يسمع ويسمع، ولا يتكلم، حتى أنه ليس في وضعه الطبيعي، حتى أنه لا يتكلم معها، ولا يستطيع أن يفعل شيئاً، من هذا الشخص؟ نحن لا نتكلم عن شخص طيّب ولا صالح ولا محترم، نحن نتكلم عن شخص النبوة في وسط المؤمنين من أتباعه ومحبّيه، فالإنسان أحياناً يفقد عقله، ولذلك التربية الإلهية هنا لم تأتي بالسّاهل، الموضوع ليس بسيطاً، ولذلك الكلمات القرآنية كانت غاية في العمق والعظمة وأحياناً التقريع، فأسامة بن زيد أخبره بما يعلم من أهله وما يعلم من ودّه لهم، قال: يا رسول الله هم أهلك ولا نعلم عنهم إلا خيراً، أسامة بن زيد كم كان عمره؟ النبي صلى الله عليه وسلم أرسله أميراً لقتال النور حال وفاته صلى الله عليه وسلم، وكان سنّه 18سنة، فهو في هذا الموقف كان سنّه حوالي 14 أو 15، فالنبي صلى الله عليه وسلم سيستشير شخص عنده 15سنة!! حبّه وابن حبّه – قريب منه – إذاً ليست هي السنّ بمجرده، وسأل عليّاً، فعلي غلب عليه حبه لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وإحساسه بالضيق لما أصابه، قال: يا رسول الله النساء غيرها كثير، وإن تسأل الجارية تصدقك، الجارية: هي خادمتها، فسألها: قالت يا رسول الله لا أعلم عنها إلا خيراً، ولاأنقم عليها إلا أنها جارية حديثة السن – بنت صغيرة – تنام عن عجين أهلها فتأتي التاجن فتأكله، الماعز، الفرخة، البطة، أو أي حاجة من داخل البيت تأكل العجين قبل أن تخبزها، هذا هو الشيء الوحيد التي أرى أنها مشكلة فيها.
فالنبي صلى الله عليه وسلم صعد على المنبر فقال: من يعذرني في رجل يتكلم في أهلي فوالله ما علمت – انتبه أن النبي صلى الله عليه وسلم اضطرّ أن يصعد على المنبر ويجمع الصحابة ويقول لهم حد يسكت من يتكلم – من يعذرني في رجل يتكلم في أهلي فوالله ما علمت على أهلي إلا خيراً، ولقد ذكروا رجلاً ما أعلم عليه إلا خيراً ولا يدخل على أهلي إلا وأنا معه.
هل تتخيلوا أن صاحب المقام العظيم اضطّر أن يقول هذه الكلمات.
فقام سعد بن معاذ، قال: يا رسول الله مرنا بأمرك إن كان من الأوس قتلناه، وإن كان من إخواننا من الخزرج فمرنا بأمرك – شوف هنعمل ايه – فقام سعد بن عبادة، تقول عائشة: وكان قبل ذلك رجلاً صالحاً، ولكن احتملته الحميّة، أن عبدالله بن أُبي من الخزرج، وهؤلاء سيتعدّوا على هؤلاء، فلا يكون.
قال: كذبت لعمرو الله لا تقتله ولا تقدر أن تقتله، فقام أسيد بن حضير – هذا ابن عم سعد بن معاذ – قال: كذبت ولكنك منافق تجادل عن المنافقين – وكل هذا في الجامع – فثار الناس، هؤلاء سيمسكون في هؤلاء، والنبي صلى الله عليه وسلم واقف، فنزل فسكّنهم وسكت، هدّأهم ولزم الصمت.
ثم ذهب إلى امرأته وكانت في بيت أبيها – تبكي كل هذا البكاء – فدخلت عليها امرأة من الأنصار فجعلت تبكي معها – امرأة تحبها فلا تعلم ماذا تفعل فجعلت تبكي وتنوح معها – فجاء النبي صلى الله عليه وسلم – فجاء النبي صلى الله عليه وسلم فدخل وجلس، وقال: يا عائشة قد بلغني عنك كذا وكذا – قال لها ما يقوله الناس – فإن كنت صادقةً وبريئة فسيبرّئك الله، وإن كنت ألممت بذنب فاستغفري الله ثم توبي إليه فإن العبد إذا أذنب ذنباً ثم تاب إلى الله تاب الله عليه، فنظرت إلى أبيها – سيدنا أبوبكر – قالت: يا أبتاه أجب رسول الله – قول له شيئاً – قال: والله ما أدري ما أقول له – ماذا سأقول – فنظرت إلى أمها قالت: يا أماه أجيبي رسول الله – قولي له شيئاً – قالت: والله ما أدري ما أقول – ماذا سأقول –
فهي تقول: وكنت جارية حديثة السن لا أقرأ كثيراً من القرآن، فقلت: أما والله لقد علمت أنكم إنما سمعتم مقالةً فوقعت في قلوبكم، فإن قلت لكم إني بريئة والله يعلم أني بريئة لم تصدّقوني، وإن قلت لكم إني ألممت بذلك والله يعلم أني بريئة منه صدّقتموني، والله ما أنا وأنتم إلا كما قال أبويوسف – حتى لا تتذكر يعقوب من كثرة الهمّ – فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ قالت: ثم اضجعت على فراشي – لا تتكلم – وأنا أعلم أن الله سبحانه وتعالى سوف يبرئني ببراءته – هي لديها يقين في أن ربنا سبحانه وتعالى لن يتركها، ربنا لن يضيّعها، لكن تقول: ولكني كنت أحقر في نفسي من أن ينزل الله عز وجل فيّ قرآناً يتلى – أنا أقل من هذا، ليس لدرجة أن ينزل ربنا قرآن، أنا ليست الشخصية التي تستحقّ أن ربنا ينزل فيّ قرآن – لكن كنت أرجو أن يرى رسول الله صلى الله عليه وسلم رؤيا يبرئني الله عز وجل بها.
وبعد ذلك؟ فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا النبي صلى الله عليه وسلم لم يتحرّك من مكانه ولا خرج من البيت، كلهم كما هم في أماكنهم، فالنبي صلى الله عليه وسلم نزل عليه الوحي ثم أسّر وجهه ضاحكاً، قال يا عائشة أما أنت فقد برأك الله، فقال لها أمها: قومي إلى رسول الله – اشكريه يعني – قالت: والله لا أقوم إليه ولا أشكر إلا الله عز وجل
ثم أنزل الله سبحانه وتعالى هذه الآيات التي سنتلو بإذن الله.
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم
الحمد لله رب العالمين
إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ مَا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ عندما تنظر إلى الموضوع صعب أن تجد فيه أي شيء اسمه خير أو ينسب إلى خير، لكن ربنا سبحانه وتعالى يقول كلام آخر وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلًا وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثًا لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ لأن هذا تعليم وتنقية وتربية تبقى لهؤلاء وتبقى في أمته صلى الله عليه وسلم إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.
وبعد ذلك ماذا نفعل؟ هذا ما نتكلم عليه، التعليم آت ها هو لَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ هذا خبر يتناقل، ماذا نفعل، أول شيء ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْرًا وَقَالُوا هَذَا إِفْكٌ مُبِينٌ ما معنى ظنّوا بأنفسهم خيرا؟ هذه من عظمة الإسلام، ربنا سبحانه وتعالى يعبّر عن الأخ، الأخوة في الإيمان، أنه ينزل بمنزلة النفس، هو وأنت سواء، فَإِذَا دَخَلْتُمْ بُيُوتًا فَسَلِّمُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ – هبه يعني أخش أقول لنفسي السلام عليكم – ربنا سبحانه وتعالى أنزل أهل الأخوة الإيمانية بمنزلة النفس وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا
ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْرًا وَقَالُوا هَذَا إِفْكٌ مُبِينٌ أبو أيوب الأنصاري خالد بن زيد رضي الله عنه قال لامرأته إذا كنت مكان عائشة أكنت تصنعين ما قال الناس، قال: لا والله، قال: فعائشة خيرٌ منك، أبعد ما تكون عن هذا، قالت: وإن كنت أنت مكان صفوان أكنت تفعل ما يقول الناس، قال: لا والله قالت: فصفوان خيرٌ منك.
أبو أيوب لماذا دخل على امرأته يقول لها هذا الكلام؟ هذا يعكس إلى أي حد وصل الموضوع واضطّراب الناس، الرجل لا يعرف، ودخل يثبّت نفسه، يثبّت نفسه إيمانيّاً، فيقول لامرأته، فهو يكلمها وهي تكلمه لكي نصل إلى هذه النتيجة ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْرًا وَقَالُوا هَذَا إِفْكٌ مُبِينٌ وبعد ذلك لَوْلَا جَاءُوا عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَدَاءِ فَأُولَئِكَ عِنْدَ اللَّهِ هُمُ الْكَاذِبُونَ فأول شيء الإنسان يظنّ بأهل الخير الخير، فوجدانيّاً يرفض هذا، والدليل الواقعي البرهاني لابد أن يكون هناك حجة، لا يقبل قول إلا بحجّة وبيّنة وبرهان، يوجد شيء، يوجد شهود على هذا؟ فإن لم يأتوا؟؟
وبعد ذلك وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ لَمَسَّكُمْ فِي مَا أَفَضْتُمْ فِيهِ عَذَابٌ عَظِيمٌ ولكن هي رحمة ربنا سبحانه وتعالى وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ فيكون عذاب في الدنيا وعذاب في الآخرة لَمَسَّكُمْ فِي مَا أَفَضْتُمْ أكثروا فيه من القول عَذَابٌ عَظِيمٌ إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُمْ مَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ فأول شيء ربنا سبحانه وتعالى أحال إلى ما في القلوب، ثم أحال أنه لابد أن يكون هناك حجّة وبرهان تثبت بدليل واقعي، وبعد ذلك بيّن الممارسة الخاطئة أين كانت؟ أين الخلل؟ أسلوبنا في التعامل هذا أصل الأصول، نحن تعاملنا مع الموضوع بشكل خاطئ، فربنا سبحانه وتعالى يصحح طريقة التعامل، قال لنا أولاً ماذا نفعل، ثم قال لنا فيم أخطأنا؛ أفضنا في القول، تلقينا باللسان،، فالإنسان يتلقى بأذنه ثم يمرّ الكلام على العقل ثم إلى القلب ثم يخرج، لكن يتلقّفه بلسانه، هذا مثلما تلعب تنس طاولة، الكلام يأتي هكذا ثم يرجع مباشرةً، بدون أي…، فلماذا هذا التسارع؟ عدم إدراك خطورة الموضوع، وكثيراً من الناس لم يتلقى التربية الكاملة الإيمانية، مازال يستسهل الكلام في أعراض الناس، محتاج إلى التعليم القوي، والتأثير الشديد، لذلك الواقعة أين تأتي؟ تأتي في المحل الأعظم، هذه هي ضريبة النبوة، ضريبة النبوة هو الذي يحملها ليس أحد آخر، لأن هو لابد أن يحملها لكي يكون تاثيرها التأثير الأمثل والكامل، ويتنزّل القرآن يؤثّر تأثيره البالغ، فالنبوة لها ثمن، كل شيء له تكلفة ليست هكذا، فكان من الممكن أن ياتي هذا الأمر في أي شخص، لا ستأتي هنا، رسول الله وأبوبكر وعائشة، ليس رسول الله فقط، وأبوبكر – صديق الأمة وصديق رسول الله – وعائشة المحببة إليه صلى الله عليه وسلم، هم، هي أتت هنا، أتت هنا، في أصعب مكان وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُمْ لا بوعي ولا بعقل ولا بإدراك مَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ فلابد أن الشخص حينما يقول شيء، لابد أن تكون على علم على يقين، على ثقة وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا الاستخفاف والاستهانة، واللامبالاة وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ وَلَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُمْ مَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَتَكَلَّمَ بِهَذَا سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ يَعِظُكُمُ اللَّهُ أَنْ تَعُودُوا لِمِثْلِهِ أَبَدًا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ وَيُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ هذه تربية وهذا تعليم، وهذا اسمه منهج، اسمه أسلوب، نحن ماذا نفعل خطأ بالتفصيل، ما سبب وقوعنا في الأخطاء؟ بالتفصيل، فما العلاج؟ ما الحل؟ ما الصورة المثلى التي من المفترض أن نتّبعها؟ عندما نتعامل مع أي خبر كيف سنتعامل؟ يوجد أصول وهاهي، هذه الأصول تعلّمناها ببساطة؟ لا بتكلفة كبيرة جدّاً جدّاً جدّاً، ولذلك هي عميقة في عمق هؤلاء الصحابة جدّاً جدّاً جدّاً.
ولذلك لما وقع الكذب ومحاولة الافتراء على رسول الله صلى الله عليه وسلم، قام هؤلاء الرجال بإدراك وبمنهج وبرؤية وبحيثيات تربّوا عليها، ربنا علّمها لهم، ربنا سبحانه وتعالى صنع جيلاً، مجتمع، مبني على قواعد معيّنة، رباهم على أشياء، لما تأتي الأزمات أو المشكلات فهم يستطيعوا أن يعالجوها لأنهم تربّوا هكذا، هذه الأشياء تكلّفت كثيراً، لم تتكلف قليلاً، وهذا هو دور القرآن في صناعة الإنسان المؤمن، ولذلك نحن نريد أن نقلل المسافة، المساحة والفجوة بيننا وبينه، هو الذي يكوّن هؤلاء الناس، وهو الذي لديه الحل لكل مشكلة، وأصول كل شيء نبحث عنه، كل شيء نبحث عنه أصوله في القرآن، ومثلما قلبنا قبل ذلك، عظمة القرآن أنه يبني إنسان أولاً ثم يبني نظام، النظام موجود في القرآن، ليس غير موجود، ولكن أين الأصل، الشيء العظيم فعلاً الذي يتميّز به القرآن؟ أنه يصنع إنسان، هذا الإنسان عنده من الكوابح وعنده من التقوى وعنده من الأصول وعنده من الخشية ما تحجزه عن المخالفة والحرام، هذا هو الأساس فلما يأتي له النظام، يتعامل معه التعامل الأمثل، وينتفع به الانتفاع الأمثل، هذه هي قيمة وعظمة القرآن، ولذلك عندما حاول الشخص ان يستخرج أصول هذا المنهج من القرآن وهي غير موجودة، لم تجدها في الكتاب، شعرت فعلاً بالأزمة، فعلاً شعرت بذلك، لماذا شعرت بالأزمة؟ لأنني عمري ما فعلت هذا؟ لأننا نتعامل مع القرآن على أنه تعويذة، هذه هي المشكلة، هذه الأشياء أين في القرآن؟ فتظلّ تفكّر وتبحث يمنة ويسرة، لو كان يوجد صلة عميقة بالقرآن مسبقاً، كانت المشكلة حلّت، وكانت المشكلة وكان سيكون الموضوع أسهل بكثير، للأسف لا.
لكن لابد أن أبحث هنا لأن أصلاً الأصل هنا، إذا قطعنا الصلة بين المنهج العظيم الذي استعمله المحدّثين وما بين القرآن، فنحن لم نفهم بعد أين عظمة القرآن وقيمة الإيمان والإسلام؟ وهذه هي المشكلة.
سنأتي إن شاء الله لذكر الأشياء التي أصّلوها، لكن من أين أتوا بها؟ كيف هم تكوّنوا؟ التكوين القرآني، الصناعة القرآنية للإنسان، لابد أن يستعيد القرآن قدره ومكانته ومنزلته في نفوسنا واقعيّاً وعمليّاً، نحن نؤمن أنه كلام ربنا، لا يوجد أعظم من هذا كلام، وإذا كنّا نؤمن بالله سبحانه وتعالى، بعظمة الصفات الإلهية، أن هذا القرآن كلام من له العلم المطلق، الحكمة المطلقة، الرحمة المطلقة، الخبرة المطلقة، اللطف المطلق، والسعة المطلقة، والحلم المطلق، والرأفة المطلقة، إذا كنّا نؤمن بهذا فعلاً، وأن هذا لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، فلابد كفرع عن تعظيم المتكلم يعظّم الكلام الذي تكلّم به، وكفرع عن شكر النعمة التي ربنا سبحانه وتعالى أولانا إياها
اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه
اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه
اللهم إنّا نسألك فعل الخيرات وترك المنكرات وحب المساكين، وأن تغفر لنا وترحمنا وتتوب علينا وإذا أردت بقوم فتنة فاقبضنا إليك غير مفتونين
اللهم إنا عبيدك بنو عبيدك بنو إمائك، نواصينا بيدك، ماضٍ فينا حكمك، عدلٌ فينا قضاؤك، نسألك اللهم بكل اسم هو لك سميت به نفسك أو أنزلته في كتابك أو علمته أحد من خلقك أو استأثرت به في علم الغيب عندك أن تجعل القرآن العظيم ربيع قلوبنا، ونور صدورنا وجلاء همومنا وذهاب أحزاننا وغمومنا، اللهم ذكرنا منه ما نسينا وعلمنا منه ما جهلنا وارزقنا تلاوته آناء الليل وأطراف النهار على الوجه الذي يرضيك عنا
اللهم البسنا به الحلل، اللهم أسكنّا به الظلل، اللهم ادفع به عنّا النقم، اللهم اجعلنا به عند النعماء من الشاكرين، وعند البلاء من الصابرين، ولا تجعلنا ممن استهوته الشياطين فشغلته بالدنيا عن الدين
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم