إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستهديه ونستغفره، نعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهديه الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمد عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم.
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ
يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا
ثم أما بعد
في صحيح ابن حبان عن أبي موسى الأشعري رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتى أعرابياً فأكرمه فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم أئتنا فآتاه فقال ” سَلْ حَاجَتَكَ ” فقَالَ نَاقَةٌ نَرْكَبُهَا وَأَعْنُزٌ يَحْلِبُهَا أَهْلِي فقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ” أَعَجَزْتُمْ أَنْ تَكُونُوا مِثْلَ عَجُوزِ بَنِي إِسْرَائِيلَ ” قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا عَجُوزُ بَنِي إِسْرَائِيلَ قَالَ ” إِنَّ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ لَمَّا سَارَ بِبَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ مِصْرَ ضَلُّوا الطَّرِيقَ فقَالَ – موسى عليه السلام – مَا هَذَا فقَالَ عُلَمَاؤُهُمْ إِنَّ يُوسُفَ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَمَّا حَضَرَهُ الْمَوْتُ أَخَذَ عَلَيْنَا مَوْثِقًا مِنَ اللَّهِ أَنْ لَا نَخْرُجَ مِنْ مِصْرَ حَتَّى نَنْقُلَ عِظَامَهُ مَعَنَا فقَالَ موسى عليه السلام فَمَنْ يَعْلَمُ مَوْضِعَ قبره؟ قالوا عَجُوزٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ فَبَعَثَ إِلَيْهَا فَأَتَتْهُ فقَالَ دُلِّينِي عَلَى قَبْرِ يُوسُفَ قَالَتْ حَتَّى تُعْطِيَنِي حُكْمِي قَالَ وَمَا حُكْمُكِ قَالَتْ أَكُونُ مَعَكَ فِي الْجَنَّةِ فَكَرِهَ أَنْ يُعْطِيَهَا ذَلِكَ فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ أَنْ أَعْطِهَا حُكْمَهَا فَانْطَلَقَتْ بِهِمْ إِلَى بُحَيْرَةٍ مَوْضِعِ مُسْتَنْقَعِ مَاءٍ فَقَالَتْ أَنْضِبُوا هَذَا الْمَاءَ فَأَنْضَبُوهُ فَقَالَتْ احْتَفِرُوا فَاحْتَفَرُوا فَاسْتَخْرَجُوا عِظَامَ يُوسُفَ فَلَمَّا أَقَلُّوهَا إِلَى الْأَرْضِ وإذا الطريق مثل ضوء النهار “.
لقد كنا في المرة الماضية مع ذكر هلاك فرعون ونجاة موسى عليه السلاة ومن معه من بني إسرائيل، وهذا الحديث الذي أوردنا إنما يصور لنا لحظة من لحظات الكرب والشدة التي مر بها موسى عليه السلام وبني إسرائيل حال خروجه من مصر وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِي إِنَّكُمْ مُتَّبَعُونَ. هم خرجوا في ظلمة الليل يسرعون الخطو فاريين من فرعون على وجل من أن يدركهم لأنه إذا أدركهم فإنه سوف يستأصلهم عن آخرهم ولن يبقي منهم أحداً وهم في هذه اللحظات من الإسراع والخوف والوجل والكرب والشدة إذا بهم يضلون الطريق ليس هناك وقت للتلفت يمنة أو يسرة أو البحث أو السؤال فلما أن ضلوا طريقهم للخروج من مصر إلى ديار الشام تعجب موسى عليه السلام مما حدث فسأل ما هذا علمائهم إِنَّ يُوسُفَ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَمَّا حَضَرَهُ الْمَوْتُ أَخَذَ عَلَيْهم العهد والمْيثاق مِنَ اللَّه أن يحملوا رفاته معهم إذا خرجوا من هذه الديار فلما لم يلتزموا عهده ولم يوفوا بميثاقه الذي واثقهم عليه والعهد الذي أخذه عليهم حينئذٍ أظلم عليهم الطريق وضلوا سبيلهم.
إن الأمة التي لا تستمسك بعهد ربها ولا توفي عهدها مع نبيها فإنها لابد وأن تضل طريقها لا تستطيع ولا تملك أن تخرج من النفق المظلم الذي ولجت فيه ودخلت إليه إلا إذا عادت إلى عهدها مع ربها إلا إذا تمستكت بالميثاق الذي واثقها الله عز وجل عليه إلا إذا وفت بعقدها مع رسولها ومع نبيها صلى الله عليه وسلم فهم لما أخلفوا وعدهم مع يوسف عليه السلام ضلوا طريقهم ولم يهتدوا إلى طريقهم إلا بعدما راجعوا أنفسهم واستخرجوا هذه العظام فحملوها معهم وهذا أول درس يعلمان رسول الله صلى الله عليه وسلم إياه من هذه القصة.. هم لما نكثوا عهدهم لم ينفعهم أن يكون إمامهم أو قائدهم الذي يقودهم هو موسى عليه السلام نفسه إن وجود القائد أو المصلح أو الموجه لا ينفع أمة إذا كانت ناقضة لعهدها ناكثة لمواثيقها مع ربها عز وجل فوجود موسى عليه السلام على رأس بني إسرائيل لم يكن شافعاً لهم إلى أن يهتدوا إلى طريق خروجهم ونجاتهم طالما قد نكثوا عهدهم وميثاقهم.
وإن تعجب فأعجب من يوسف عليه السلام وهو يوصي هذه الوصية في كتب بني إسرائيل أنه كان بين دخولهم إلى أرض مصر مع يعقوب عليه السلام وبين خروجهم من مصر مع موسى عليه السلام أربعة قرون وثلاثون سنة، فبعد هذا القرون المتطاولة يحمل جثمان يوسف عليه السلام ليدفن في أرض فلسطين فالعجب كما قلنا من هذه الوصية التي أوصاهم بها أذا خرجتم من أرض مصر فخذوني معكم لا تتركونني ورائكم وحيدا فريدا غريبا في أرض لا يعبد الله عز وجل مع إنه قد إنتقل عن هذه الدار ومع إنه قد انفصل عن أهلها من الأحياء فلم يعد بينه وبينهم صلة ولا نسب لكنه مع ذلك يريد الا يغادروه ميتا كما كان يحب ألا يغادروه وهو حي فغربة وأي غربة أن يعيش المؤمن في علم يوسف عليه السلام ان يموت المؤمن وأن يدفن بقوم غير مؤمنين وانه كان عليه السلام ينظر من وراء الحجب أن قومه من المؤمنين لن يدوم لهم البقاء في هذه الأرض وانهم وإن قبلوهم زماناا لن يقبلوهم علي مر الدهر وسوف يخرجونهم منها وَإذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُواْ لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللّهُ وَاللّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ لن يدوم بقائهم في هذه الدار طويلا.
فلما سئل موسى عليه السلام عن سبب ذلك أخبره علمائهم بحقيقة عهد وعن حقيقة الموثق فعلماء الأمة حقيق بهم أن يكونوا علي علم وعلى دراية بالمخرج من الأزمة وبسبيل من النجام من كل فتنة هم الذين بنبغي ان يرجع إليهم الناس في الأزمات والشدائد والملمات مما عندهم من علم ومن فهم ومن بصيرة تبصر وترشد العباد فموسى عليه السلام لما سئل كان جوابه عند علمائهم لكنهم مصرون في أمناتهم التي إتمنهم الله عز وجل عليه فكان عليهم وهم العلماء وقد خرجوا من هذه الديار ان يخبروا موسى عليه السلام بهذا العهد وبهذا الميثاق الذي واثقوا عليه يوسف عليه السلام ولا ينتظروا ويتلبسوا حتى تقع الأزمة ويضل الناس الطريق ويحتاج الناس ان يسئلوا حينئذ فيخبروهم ويقولون لهم أنهم قد نقضنا عهدنا وميثاقنا. وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلاَ تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَرَاء ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلاً فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِن بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُوْلَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللاَّعِنُونَ إِلاَّ الَّذِينَ تَابُواْ وَأَصْلَحُواْ وَبَيَّنُواْ فَأُولَئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ ويتوب الله عليهم بعد ما بينوه للناس.
فلما أخبروه سئل عليه السلام عمن عنده علم ذللك المكان وعلم ذلك القير أين هو وإذا فموسى عليه السلام مع معه من الله عز وجل من علم ومع ما أوحى الله عز وجل من وحي يعزوا عنه بعض الأمور وقد تغيب عنه بعض الحقائق حتى هذه الحقيقة التي لا نجاة له ولا حروج له من هذه الديار إلا بها. لكنه يسئل ويسترشد فلما سئل قيل له إن عجوزهم تعلم علم هذا القبر لو لم تكن هذه العجوز قد ورثت هذا العلم وحفظته لضاعوا وضلوا ولأدركهم فرعون.
إن الأمة التي لا تحفظ ميراثها لا تتوارث حقائق دينها سوف تضل وسوف تضيع لا محالة لو لم يبقى هذا العلم متوارثا حتى وصل إلي هذه المرأة لضلوا وضاعوا. فأتت إليه عليه السلام فسئلها عن موضع القبر ونحن كما قلنا في لحظات حرج وشده ليس لدينا كثير وقت لكي نتباحث فنحن في طريق به خطر وشيك فسئلها أن تخبره عن موضع هذا القبر فقالت لن أخبرك حتي تعطيني حكم أي ان لها شرط لبد ان يوفي لها الشرط قبل أن تخبره الخبر قال فما حكمك ماذا تريد قالت أكون معك في الجنة فكره أن يعطيها ذلك لأن هذا ليس أليه إن مهمة الانبياء البلاغ وتبيان إلى حقائق الأمور والإرشاد الناس إلي طريق ربهم تبارك وتعالى لكنهم لا يكتبون لناس أو ان يمنحوهم صكا إلى الجنة أو ان ينحوهم غفرانا من النار.
فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنتَ مُذَكِّرٌ لَّسْتَ عَلَيْهِم بِمُصَيْطِرٍ فالله عز وجل أوحي إليه في هذه اللحظات ان قد أعطي حكم العجوز قد قبل الله عز وجل شرطها. فلما ان اخذت ما تريد قالت انطلقوا اخذتهم الى مكان فلما تبين انه مستنقع فقالت انضبوا هذا الماء جففوه فلما جففوه قالت احتفروا فاحتفروا فأخرجوا عظام يوسف عليه السلام والعظام هاهنا لا يقصد بها الرفات والعظام البالية وانما الجسد فأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ان الله حرم على الأرض ان تأكل أجساد الأنبياء.
أخرجوا جسده وجثمانه كما جاء فى سنن ابى داوود من حديث ابن عمر – رضى الله عنهما – أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما ثقل زاد وزنه قال له تميم الدارى يا رسول الله نصنع لك منبرا يحمل او يجمع عظامك اى يحمل او يجمع بدنك فالعظام انما يراد بها البدن كل البدن فاحتفروا فأستخرجوا جثمان يوسف عليه السلام فلما القوا عظامه الى الأرض بمجرد ان اخرجوها اذا بالطريق مثل ضوء النهار هم كانوا فى ظلمة الليل فلما ان وفوا بعهد نبيهم فلما ان عادوا الى ميثاقه الذى واثقهم عليه تبدل ما كانوا عليه واهتدوا الى طريقهم حتى ان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصف تبدل حالهم بأنهم كأنهم صاروا يسيرون فى ضوء النهار واذا فرسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمنا انا اذا وفينا بعهدنا انا اذا التزمنا ميثاقنا مع ربنا ومع نبينا صلى الله عليه وسلم صار طريقنا مثل ضوء النهار اما اذا جعلنا عهده وراءنا ظهريا سرنا فى طرقنا وخلفنا نبينا وراءنا وخلفنا ميثاقه وعهده خلف ظهورنا فأننا لابد وان نضل طريقنا حتى لو كان موسى عيه السلام بل هو قائدنا وموجهنا قال الله عز وجل الذين يوفون بعهد الله ولا ينقضون الميثاق، والذين يصلون ما امر الله به ان يوصل ويخشون ربهم ويخافون سوء الحساب، والذين صبروا ابتغاء وجه ربهم واقاموا الصلاة وانفقوا مما رقناهم سرا وعلانية ويدرءون بالحسنة السيئة أولئك لهم عقبى الدار.
أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم
الحمد لله رب العالمين.
ثم يعلمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ثانيا ان نكون كهذه العجوز انه صلى الله عليه وسلم لما اتى هذا الاعرابى فأكرم الأعرابى رسول الله صلى الله عليه وسلم وحق عليه ان يكرم رسوله ونبيه صلى الله عليه وسلم ويحسن وفادته لكنه صلى الله عليه وسلم اكرم من كل كريم لابد ان يكافأ هذا المحسن على احسانه فلما اكرمه قال ائتنا ائت الينا حتى نكرمك كما اكرمتنا فلما اتاه قال سل حاجتك ماذا تريد فسأل الرجل ماذا تريد فسأل الرجل ناقة يركبها ومعز شوية معيز عشان يحلبها يشربون البانها وهذا طلب مباح لا حرج فيه ولا ضرر هو لم يطلب شيئا مستنكرا مذموماً، لكنه صلى الله عليه وسلم اراد ان يرشده ويرشدنا الى أن نعلق قلوبنا بمعالى الأمور، هو يعلمنا كيف يكون طموحنا وكيف نحدد سقف مطالبنا هو يريد أن يخبر أن وراء هذه المطالب الصغيرة وإن كانت من المباح، وإن وراء هذه الدنيا غاية أعظم وأعظم ينبغى على المؤمن أن يعلق قلبه بها، وأن يجعل نظره صوبها فقال صلى الله عليه وسلم: أعجزتم أن تكونوا مثل عجوز بنى اسرائيل؟
صلى الله عليه وسلم لكريم خلاله وعظيم خصاله لم يوجه خطابه للرجل مباشرة فيقول له أعجزت أن تكون مثل عجوز بنى اسرائيل بل جعله خطاباً عاماً بصيغة الجمع يخاطب الحضور جميعا هل ضعفت بكم هممكم وقصرت انظاركم عن ان تطلبوا مثلما طلبت هذة المرأة انها لما لجأ اليها موسى عليه السلام فى هذه اللحظة الحرجة طلبت ان ترافقه فى الجنة لم تجد مطلبا يستحق ان يطلب من نبى الا هذا المطلب العظيم فهو صلى الله عليه وسلم يرشدنا ويعلمنا ويوجهنا ان نعلق قلوبنا وافئدتنا بالأمور العلية العظيمة.
فى صحيح مسلم عن ربيعة بن كعب الأسلمى رضى الله عنه انه كان يبيت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فيقول فأتيته بوضوئه وحاجته كى يتوضأ لصلاة الليل فقال يا ربيعة سلنى قال اسألك مرافقتك فى الجنة وهو شاب صغير قال أو غير ذلك قال هو ذاك قال فأعنى على نفسك بكثرة السجود فى المسند من حديث ربيعة بمزيد تفصيل هو يحكى رضى الله عنه فيقول كنت أخدم رسول الله صلى الله عليه وسلم واقوم له فى حوائجه نهارى اجمع يعنى طول النهار يكون فى خدمة رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى اذا صلى العشاء الآخرة هو يخدمه طيلة نهاره حتى إذا صلى العشاء الآخرة جلست على بابه إذا دخَل بيته اقول لعله ان تحدث لرسول الله صلى الله عليه وسلم حاجة ربما يحتاج حاجة في اليل فأكون على بابه إذا ناداني أتيته يقول فإذا دخَل بيته جعل يقول سبحان الله سبحان الله سبحان الله وبحمده حتى أمل فأرجع أو تغلبني عيني، فيبقى منتظرا ويبقى رسول الله صلى الله عليه وسلم يسبح وهو في بيته ويذكر ربه حتى يمل من طول الجلوس ربيعة فيذهب أو ينام وهو منتظر على باب رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول فلما كان ذات يوم قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد رأى قيامي في حوائجه وخدمتي له أراد ان يكافئه صلى الله عليه وسلم قال يا ربيعه سالني حاجتك قلت انظر في امري يا رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم اعلمك ذلك يعني دعني افكر في امري وانظر ماذا أحتاج وماذا أريد وماذا؟؟
فيقول ربيعه ففكرت في نفسي فعرفت ان الدنيا منقطعه زائلة وان لي فيهارزقا يكفيني ويأتي ورأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم من الله عز وجل بالمنزلة التي هو بها قريب حبيب إلى الله عز وجل فقلت أسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم لآخرتي قال فلما جئت قال مافعلت يا ربيعة فكرت فقال ربيعه نعم يا رسول الله أسألك ان تشفع لي عند ربك ان يعتقني من النار فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم من امرك بهذا يا ربيعه هو رأى أنا هذا المطلب الدال على كمال العقل والحكمه والفطنة لابد ان هذا الشاب الصغير لم يهتدي اليه بنفسه وانما راجع فيه أحدا من كبار الصاحبه فأوصاه بهذه الوصيه فقال ربيعه قلت والذي بعثك بالحق ما أمرني بهذا أحد ولكنني تفكرت في نفسي وناظرت في أمري لما قلت لي سلني حاجتك وعلمت انك من الله عز وجل من المنزله التي انت بها وعرفت ان الدنيا منقطعه وزائلة وان لي فيها رزقا سيأتيني فقلت أسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم لآخرتي يقول فصمت رسول الله صلى الله عليه وسلم طويلا ثم قال اني فاعل فأعني على نفسك بكثرة السجود اني فاعل سوف اشفع لك عند الله عز وجل ولكن شفاعتي هذه لا تغني عنك من الله شيئا إذا لم تكن انت حقيقا بان تنال مغفرة الله ومرافقه رسول الله صلى الله عليه وسلم في الجنة فـأعني على نفسك.
فـإذا الآفه والخطر على الإنسان وعلى العبد من نفسه من أهوائها وشهواتها ومجاراته لنفسه في ما لايرضي الله عز وجل قال اني فاعل أنا سوف أوفي لك بالعهد الذي عاهدتك عليه ولكن عليك ان تقوم بالحق الذي عليك فأعني على نفسك بكثرة السجود الطاعة والعباده لله عز وجل تهذب نفس الإنسان وتعينه على ان ينال باذن الله عز وجل مرضاة ربه تبارك وتعالى اتلو أي اتبع ما اوحي اليك من الكتاب واقم الصلاة إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ولذكر الله أكبر والله يعلم ماتصنعون هذه الصلاة إذا أقامها واقم الصلاة إذا اقام العبد الصلاة أي اداها كما يحب الله عز وجل ويرضى فإنها سوف تحجزه عن معاصي الله عز وجل وسوف تقربه من الله عز وجل وتشعره بـعظمته ان الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر وتذكر العبد بل لله عز وجل وتجعله مستشعرا لعظمته وهذا اكبر اثرا وأعظم اجرا من انها تنهى عن الفحشاء والمنكر ان الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ولذكر الله أكبر ولذلك لما قيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم بما في حديث ابي هريره عند ابن حبان وأحمد قيل له يا رسول الله ان فلان يصلي بالليل يصلي قيام تهجد لله عز وجل فإذا أصبح سرق مباينه عظيمه بين هذا الحال وبين هذا الحال فـكان جوابه صلى الله عليه وسلم عجبا من العجب فقال صلى الله عليه وسلم في اعجب تعقيب سينهاه ما تقول هذه الصلاة إذا اداها كما امر الله إذا واظب وحافظ عليها فإنها سوف تحجزه سوف تنهاه سوف تسجره عما يفعل مما لا يرضي الله عز وجل هذه روايه ابن حبان وفي روايه أحمد قال سينهاه مايقول ستنهاه الصلاة سينهاه ماتقول أي الصلاة التي يصلي سينهاه ما يقول أي مايقول في هذه الصلاة من قران يعظم به الله ومن دعاء في ركوعه وفي سجوده يذكره بهذه العظمه وهذا الجلال سينهاه ماتقول أي الصلاة وسينهاه مايقول هو في هذه الصلاة قال الله عز وجل واقم الصلاة لذكري انما تقام الصلاة لكي يبقى العبد ذاكرا لله عز وجل مستشعرا عظمته الذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا انفسهم ذكروا الله أي تذكروا عظمته وعظيم مقامه ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم ومن يغفر الذنوب الا الله ولم يصروا على مافعلوا وهم يعلمون.
اللهم اغفر لنا ذنوبنا واسرافنا في امرنا وثبت اقدامنا، وانصرنا على القوم الكافرين
اللهم انا نسألك فعل الخيرات وترك المنكرات وحب المساكين، وأن تغفر لنا وترحمنا وتتوب علينا، وإذا أردت بقوم فتنة فاقبضنا إليك غير مفتونين.
اللهم انا نسألك حبك وحب من يحبك وحب عمل يقربنا الي حبك.
إقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم.